السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
هذه خمسة أحاديث مع شرحها من
كتاب المسجد وبيت المسلم لفضيلة الشيخ أبو بكر الجزائري
متمنيين لنا ولكم الفائدة والأجر إن شاء الله.
الحديث الأول
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:أمرني ربي بتسع: الإخلاص في السر والعلانية ، والعدلِ في الرضا والغضَب ، والقصدُ في الغنى والفقر ، وان أعفو عمن ضلمني ، واصلَ من قطعني ، وأعطي من حرمني ، وان يكون نطقي ذكراً ، وصمتي فكراً ، ونظري عبْرةً.( اخرجه ابن الأثير في جامع الأصول والقرطبي في تفسيره وللفظ فه).
الشرح: قوله بتسع أي مسائل: الأولى الإخلاص أي إخلاص العبادة لله تعالى بحيث لايشرك فيها أحداً وسواءً كانت مما يعمل سراً أو علناً، والثانية العدل وهو ضد الجور فلا يجور ولا يحيف في قوله أو حكمه وسواء كان في حال الرضا أو حال الغضب، والثالثة القصد وهو عدم الإسراف وسواء كان في حال الغنى أو الفقر، والرابعة العفو عمن ظلمه بعدم مؤاخذته، والخامسة وصل من يقطعه فلا يجازيه بقطعه كما قطعه بل يصله، إعطاؤه من حَرمه فلم يعطيه فلا يعامله بما عامله به بل يعطيه متى احتاج إلى عطائه، وهذه الست اشتملت على مكارم الأخلاق.
السابعة هو أن يكون نطقه إذا نطق ذكراً لله تعالى، وصمته إذا صمت فكراً أي فيما يرضي الله تعالى ومايو صل إليه من زيادة الإيمان وصالح الأعمال، وأن يكون نظره إذا نظر عبرة يعبر بها إلى ماهو خير وصلاح وفلاح.
الحديث الثاني
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى : أنا الرحمن وهذه الرّحم شققتُ لها إسماً من إسمي فمن وصلها وصلته ، ومن قطعها قطعته( رواه أحمد وأبو داود والترمذي. وقال لما سأل عما يُدخل الجنة من الأعمال ويباعد عن النار: تعبد الله ولا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل رحمك. متفق عليه.
الشرح: قوله تعالى: أنا الرحمن هذا إخبار عن نفسه تعالى بأن إسمه الرحمن وفي القرآن الكريم يقول جل جلاله هو الرحمن الرحيم الآية، ويوضح هذا رواية البخاري وهي: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال: نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت بلى: قال فذلك لك، فهنيئاً لمن وصل رحمه ولم يقطعها.
ووصل الرحم يكون بالآتي: 1- كف الأذى 2- إكرامهم واحترامهم 3- إسداء الخير والمعروف إليهم.
وقطع الرحم يكون بالآتي: 1- أذيتهم باللسان أو اليد - إهانتهم وعدم احترامهم 3- منع المعروف والخير عنهم.
الحديث الثالث
قول النبي صلى الله عليه وسلم: ما من مولود يولد إلا نخسهُ الشيطان فيستهل صارخاً من نخسه الشيطان إلا ابن مريم وأمه. ثم قال أبو هريرة اقرءوا إن شئتم{ واني اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم}.رواه مسلم.
الشرح: قوله صلى الله عليه وسلم مامن مولود: هذا اللفظ يدل على العموم فلا يخرج من المواليد مولود قط إلا ما استثنى. ومعنى نخسه غرز في جنبه أو بطنه بعود ونحوه. والشيطان هو إبليس أو أحد ذريته. وقوله ابن مريم وأمه يعني عيسى وأمه مريم، استجابة الله دعوة حنة إذ قالت: { واني اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم}.كما قال أبو هريرة وإن شئتم اقرءوا { واني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم}.
الحديث الرابع
قول الرسول صلى الله عليه وسلم : مثل الذي يذكر ربه ، والذي لايذكره مثل الحي والميت. رواه البخاري وروى مسلم: مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لايذكر الله فيه مثل الحي والميت.
الشرح: المثل: الصفة أي صفة الذي يذكر ربه والذي لايذكره صفة الحي والميت أي الذاكر حي والتارك للذكر ميت وبيان ذلك أن الذكر يكون بالقلب واللسان، فمن ذكر ربه دل ذكره على حياته ، لإن الإدراك والفهم والوعي تكون بالقلب والنطق والإعراب والبيان تكون باللسان ومن لايذكر ربه دل عدم ذكره على موت قلبه وتوقف حركة لسانه وبذلك فهو ميت، وسر هذه الظاهرة أن الله تعالى خلق للإنسان هذه الكائنات لتقوم عليها حياته، وخلقه هو لعبادته، وعبادة الله تعالى وإن كانت طاعته بفعل أمره وترك نهيه ، فإنها تدور على حقيقة الذكر والشكر.
وقوله صلى الله عليه وسلم : مثل البيت الذي يذكر الله فيه.... الخ . دال على مادل عليه الحديث قبله ، وهو أن البيت الخالي من ذكر الله تعالى صاحبه ميت ، إذ لو كان حياً لذكر الله تعالى بعبادته ، كما أن البيت الذي يذكر الله تعالى فيه صاحبه حي ودليل حياته ذكر الله تعالى بعبادته التي تدور على الذكر والشكر.
الحديث الخامس
قوله صلى الله عليه وسلم : أنا على حوضي انتظر من يردُ علي فيؤخذ بناس من دوني فأقول أمتي فيقول لاتدري مشوْ على القهقرى قال ابن أبي مُليكةِ اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن رواه البخاري.
الشرح :قوله صلى الله عليه وسلم أنا على حوضي هذا في عرصات القيامة إذا شرَّف الله وأكرم رسوله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأن أعطاه الكوثر في الجنة وأعطاه الحوض في ساحة فصل القضاء , وماؤه من نهر الكوثر وقوله انتظر من يرد علي أي من أمته صلى الله عليه وسلم ليشرب شربة لايظمأ بعدها أبداً حتى يدخل الجنة ويشرب من الكوثر وعيونها وقوله صلى الله عليه وسلم فيؤخذ بناس أي بأناس من دوني أي قريبين مني فأقول أمتي أي هؤلاء مني أي على ديني ومن أمتي . فيقول: لاتدري أي أنك لاتدري مااحدثوا بعدك إنهم مشوا على القهقرى أي رجعوا إلى الكفر والشرك بعد أن دخلوا في الإسلام. وهنا قال ابن أبي مُليكة وهو أحد التابعين وهو الذي قال أدركت ثلاثين صاحبياً ما منهم أحد إلا ويخشى على نفسه النفاق رضي الله عنهم وأرضاهم قال داعيا لله تعالى سائلاً إياه مستعيذاً به أن نرجع على أعقابنا كافرين أو نفتن في ديننا والعياذ بالله تعالى.
لعل الله أن ينفعنا وإياكم بما فيها.
ولاتنسونا من خالص دعائكم....
المفضلات