ملف مرفق 14420



هو المختارُ " صلى الله عليه وسلم "
شعر د.عبد الرحمن العشماوي


مـن نبـع هديـك تستقـي الأنـوار :
وإلـى ضيائـك تنتـمـي الأقـمـار

رب العبـاد حبـاك أعظـم نعـمـة :
ديـنـا يـعـزُّ بـعـزَّه الأخـيــار

حُفظت بك الأخـلاق بعـد ضياعهـا :
وتسامقـت فـي روضهـا الأشجـار

وبُعثـت للثقلـيـن بعـثـة سـيـدٍ :
صدقـتْ بــه وبديـنـه الأخـبـار

أصغت اليـك الجـن وانبهـرت بمـا :
تتلـو، وعَـمَّ قلوبـهـا استبـشـار

يا خير من وطيءَ الثـرى وتشرفـت :
بمسـيـره الكثـبـان والأحـجــار

يا من تتـوق إلـى محاسـن وجهـه :
شمـسٌ ويفْـرَحُ أن يـراه نـهـار

بأبي وأمـي أنـتَ ، حيـن تشرَّفـت:
بـك هجـرة وتـشـرَّفَ الأنـصـار

أنْشَـأْتَ مدرسـة النبـوة فاستقـى :
مـن علمهـا ويقينـهـا الأبــرار

هـي للعلـوم قديمـهـا وحديثـهـا :
ولمنهـج الديـن الحنـيـف مـنـار

لله درك مــرشــدا ومـعـلـمـا :
شَرُفَـتْ بــه وبعلـمـه الآثــار

ربَّيْـتَ فيهـا مـن رجالـك ثـلَّـةً :
بالحـقِّ طافـوا فـي البـلاد وداروا

قـوم إذا دعـت المطامـع أغلـقـوا :
فمها، وإن دعـت المكـارم طـاروا

إن واجهـوا ظلمـاً رمـوه بعدلهـم :
وإِذا رأوا ليـل الـضـلال أنــاروا

قـد كنـت قرآنـاً يسيـر أمامـهـم :
وبـك اقتـدوا فأضـاءت الأفـكـار

عمروا القلوب كما عَمَرْت، فما مضوا :
إلا وأفـئـدة الـعـبـاد عَـمَــار

لو أطلـق الكـونُ الفسيـحُ لسانـه :
لسـرتْ إليـك بمـدحـه الأشـعـار

لو قيل : مَنْ خيرُ العبـادِ ، لـردَّدتْ :
أصواتُ مَنْ سمعوا: هـو المختـارُ

لِمَ لا تكون ؟ وأنـتَ أفضـلُ مرسـلٍ :
وأعزُّ من رسموا الطريـق وسـاروا

ما أنـت إلا الشمـس يمـلأ نورُهـا :
آفاقَنـا ، مهـمـا أُثـيـرَ غـبـار

مـا أنـت إلا أحمـد المحمـود فـي :
كـل الأمـور ، بـذاك يشهـد غـار

والكعبـة الغـرَّاءُ تشـهـد مثلـمـا :
شهـد المقـامُ وركنـهـا والــدَّار

يا خير من صلى وصام وخيـر مـن:
قـاد الحجيـج وخيـر مـن يَشْتَـارُ

سقطـت مكانـة شاتـم ، وجـزاؤه:
إن لـم يتـب ممـا جـنـاه الـنـار

لكأننـي بخطـاه تـأكـل بعضـهـا :
وهنـاً ، وقـد ثَقُلَـتْ بـهـا الأوزار

مـا نـال منـك منافـق أو كـافـر :
بـل منـه نالـت ذلــة وصَـغَـار

حلّقت في الأفـق البعيـد، فـلا يـدٌ :
وصلـت إليـك ، ولا فـمٌ مـهـذار

وسكنت في الفردوس سُكْنَى من بـه :
وبـديـنـه يتـكـفَّـل الـقـهَّـار

أعـلاك ربــك هـمـة ومكـانـة:
فلـك السمـو وللحـسـود بـوار

إنــا ليؤلمـنـا تـطـاول كـافـر:
مـلأت مشـارب نفـسـه الأقــذار

ويزيـدنـا ألـمـاً تـخـاذل أمــةٍ :
يشكـو اندحـار غثائهـا الملـيـار

وقفت على باب الخضـوع، أمامهـا :
وهـن القلـوب، وخلفهـا الكـفـار

يـا ليتهـا صانـت محـارم دارهـا :
مـن قبـل أن يتحـرك الإعـصـار

يا خير من وطيء الثرى، في عصرنا :
جيـش الرذيلـة والهـوى جــرَّار

في عصرنا احتدم المحيط ولـم يـزل :
متخبِّطـاً فــي مـوجـه البـحَّـار

جمحتْ عقول الناسِ، طاشَ بها الهوى :
ومـن الهـوى تتسـرَّب الأخـطـار

أنت البشيـر لهـم، وأنـت نذيرهـم :
نعـم البـشـارةُ مـنـك والإنــذار

لكنهـم بهـوى النفـوس تشـربـوا :
فأصابهـم غَبَـشُ الظنـونِ وحـاروا

صبغوا الحضـارةَ بالرذيلـةِ فالْتقـى :
بالذئـبِ فيهـا الثَّعْـلـبُ المَـكَّـارُ

ما (دانمركُ) القوم، ما ( نرويجهـم)؟ :
يُصغـي الرُّعـاةُ وتفهـم الأبـقـار

ما بالهـم سكتـوا علـى سفهائهـم :
حتـى تمـادى الشـرُّ والأشــرار

عجبـاً لهـذا الحقـد يجـري مثلمـا :
يجري صديدٌ في القلـوب وقََـارُ

يا عصرَ إلحاد العقـولِ، لقـد جـرى :
بـك فـي طريـق الموبقـاتِ قطـار

قََرُبَت خُطاك مـن النهايـة، فانتبـهْ :
فلربَّـمـا تتـحـطَّـم الأســـوار

إنـي أقـول ، وللـدمـوع حكـايـةٌ :
عـن مثلهـا تتـحـدَّث الأمـطـار

إنَّــا لنعـلـم أنَّ قَــدْرَ نبـيِّـنـا :
أسمـى ، وأنَّ الشانئـيـنَ صِـغَـارُ

لكـنـه ألــم المـحـب يـزيــده :
شرفـاً، وفيـه لمـن يُحـب فخـار

يُشقي غُفـاةَ القـومِ مـوتُ قلوبهـم :
ويـذوق طعـمَ الـرَّاحَـةِ الأغْـيـارُ