نقد الشعر
..................
الخنساء ونقدها حسان بن ثابت :
اجتمعت الخنساء ( تماضر بنت عمرو بن الشريد ) مع حسان بن ثابت وأبي بصير ( الأعشى ميمون بن قيس ) تحت القبة الحمراء بسوق عكاظ – وهي قبة كانت تضرب للشعراء بالسوق يتبارون فيها – أمام النابغة الذبياني لينقض شعرهم
فأنشد حسان قوله :
لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى:
وأسيافنا يقطرن من نجدة دمـا
ولدنا بني العنقاء وابن محرق:
فأكرم بنا خالاً وأكرم بنا ابنمـا
فقالت الخنساء : ضعفت افتخارك وأبرزته
في ثمانية مواضع .
قال : وكيف ؟
قالت : قلت ( لنا الجفنات )
والجفنات ما دون العشر ، فقللت العدد ،
ولو قلت (الجفان ) لكان أكثر.
وقلت : ( الغر ) والغرة البياض في الجبهة ،
ولو قلت ( البيض ) لكان أكثر اتساعاً.
وقلت: (يلمعن ) واللمع شيء يأتي بعد الشيء ،
ولو قلت ( يشرقن ) لكان أكثر ،
لأن الإشراق أدوم من اللمعان
وقلت: ( بالضحى )
ولو قلت ( بالدجى )
لكان أبلغ في المديح لأن الضيف بالليل أكثر طروقاً.
وقلت: ( أسيافنا ) والأسياف جمع قلة دون العشر ،
ولو قلت ( سيوفنا ) لكان أكثر .
وقلت: ( يقطرن ) فدللت على قلة القتل ،
ولو قلت ( يجرين ) لكان أكثر ، لانسياب الدم .
وقلت ( دماً ) والدماء أكثر من الدم .
وافتخرت بمن ولدت ولم تفتخر بمن ولدوك !!!!
فلما أنشدت الخنساء قال لها النابغة :
لولا أن أبا بصير أنشدني قبلك لقلت أنك أشعر العرب .
............................................
قال مسعود بن بشر الأزدي:
قلت بمكة لابن مناذر: من أشعر الناس؟
قال: من إذا شبب لعب، وإذا جد جد.
قلت: مثل من؟ قال: مثل جرير حيث يقول:
إنَّ الذين غدوا بقلبكَ غادروا :
وشلاً بعينكَ لا يزالُ معينا
غيضنَ من عبراتهنَّ، وقلنَ لي:
ماذا لقيتَ من الهوى، ولقينا
ثم قال حين جد:
إن الذي حرمَ الخلافةَ تغلباً :
جعلَ الخلافةَ والنبوةَ فينا
هذا ابنُ عمي في دمشقَ خليفةٌ :
لو شئتُ ساقكمُ إلي قطينا
فيروى عن الوليد أنه قال:
لو قال جرير: لو شاء لفعلت، ولكن جعلني شرطياً له.
* المذاكرة في ألقاب الشعراء
للنشابي الإربلي
........................................
وسعى بنا واش فقالوا إنها :
لهي التي تشقى بها وتكابد
فجحدتهم ليكون غيرك ظنهم :
إني ليعجبني المحب الجاحد
للعباس بن الأحنف
إن لهذين البيتين نكتة لطيفة تؤيد تأكيد انسجامهما وعذوبة ألفاظهما
وهي أنه رفع للرشيد موت العباس وإبراهيم الموصلي المعروف بالنديم والكسائي وهشيمة الخمارة
في يوم واحد فأمر المأمون أن يصلى عليهم
فخرج فصفوا بين يديه
فقال : من الأول ؟
فقالوا : إبراهيم الموصلي
فقال: أخروه وقدموا العباس بن الأحنف
فقدم وصلى عليه
فلما فرغ وانصرف دنا منه هاشم بن عبد الله الخزاعي
فقال : يا سيدي كيف آثرت العباس بالتقديم على من حضر؟
فقال : بقوله وسعى بنا واش ... البيتين
ثم قال: أتحفظهما؟
فقلت : نعم
فقال : أليس من قال هذا الشعر أولى بالتقديم ؟
فقلت : بلى والله يا سيدي .
* خزانة الأدب
لابن حجة الحموي
المفضلات