التعريف بالشاعر :
...................................
إلياس فرحات:
(1893-1976)
ولد الشاعر اللبناني المهجري الكبير إلياس فرحات في نوفمبر سنة 1893 بقرية " كفر شيما " بجبل لبنان والتحق بالمدرسة الأولية ليتعلم، ولكن لم يستمر بها طويلاً إذ خرج بعدها إلى الكفاح من أجل الرزق. وفى فترات فراغه كان يقول الشعر العامي، ومن الشعر العامي تدرَّج إلى الشعر العربي، وبهذه البضاعة البسيطة من العِلْم نزح من لبنان إلى البرازيل سعياً وراء الرزق، وذلك عام 1915 وهو لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره. وكان في جعبته يوم هِجْرَتِهِ خصلة شَعْر من فتاة أحبها، لكنها زُفَّتْ إلى غيره بسلطان الأهل والمال. وقال فيها:
خصلة الشعر التي أهديتنيها
عندما البين دعاني بالنفير
لَم أزل أتلو سطور الحب فيها
وسأتلوها إلى اليوم الأخير
وعاش إلياس في مهجره حياة كفاح ومشقة، فكان يصنع الأطعمة الشرقية ويتجر فيها، فلم يصادف رواجاً وأخيراً حمل الكشة (وهى صندوق من الزنك) على ظهره، وأخذ يطوف بالقرى يبيع مساطر التجار لحسابهم، وظل لمدة عشرين عاماً في هذا الكفاح المرير، يجوع ويعرى ويعيش في غرفة حقيرة، وهو لا يملك إلا ثوباً بسيطاً. وفى سنة 1918 حلَّت به النكبة الكبرى باحتراق طرف ثوبه واتفق أصحابه على شراء بدلة له بالأجل ليستطيع الانتقال بين مختلف ولايات البرازيل، باعتباره ممثلاً لمجلة الدليل في العاصمة. ولكن لازمه سوء حظه فاحترق كُمّ ردائه الجديد، الذي أحرقته شرارة من مدخنة القطار قبل المحطة الأولى وبعث لأصحابه أبيات شعر يقول فيها:
كأنّ الهواء مع النار لَمَّا
رآني لبست الجديد اتفق
فجاء بها من دخان القطار
ونثرها فوقـه فاحتـرق
فقلت أعاتب ربى مشيراً
إلى الحرق وهو كباب النفق
إلهي، تضن علىّ بثوب
وتكسو الغصون ثياب الورق
ولو كنت غصناً لجددته
حتى إذا ما الربيع انطلق
ولكن أرى دون تجديده
شقاء الأسى وسيول العرق
وقد تزوج إلياس فرحات عام 1921، وبعد عشرين عاماً من المشقة صلحت أحواله بعد كل هذا الشقاء والجوع والعرى والحرمان. وفى عام 1959 زار مصر بعد الوحدة بين مصر وسوريا، وتغنى بالعروبة والوحدة. وقال متأثراً: " ما فارقت هذه البلاد قط، فقد حملتها معي إلى المهجر ". وقد قال في مولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم:
غمر الأرض بأنوار النبوة
كوكب لم تدرك الشمس علوه
بينما الكون ظلام دامس
فتحت في مكة للنور كوة
وهو يعتز بعروبته فيقول:
إنّـا وإن تكن الشآم ديارنا
فقلوبنا للعُـرْب بالإجْمَـال
نهوى العراق ورافديه وما على
أرض الجزيرة من حصى ورمال
وإذا ذكرت لنا الكنانة خلتنا
نروى بسائغ نيلها السلسال
ثم ظل إلياس فرحات يتغنى بالحب والحرية والعروبة والتسامح حتى رحل عن الحياة في عام 1976 في مهجره بالبرازيل.
نقلا عن موقع الشعر
.................................................. .....................
قصيدة ( حبيبي تعال )
حبيبي تعالَ تجد منزلك
معداً كما كان من قبل ُ لك
تعال فما احتل َ قلبي سِواك
وغيرُك في خاطري ماسلك
تعال فهذا بساط ُ الربيع
يوشي بأزهاره مخملك
تعال أنظر النيرات اللواتي
تعرين لما لبسن الحلك
فلولاك لم تبد ُ هذي النجوم
ولولاك مادار هذا الفلك
حبيبي تعال أدن ُ مني فكم
حسدت ُ النسيم الذي قبلك
تعال ارفع اليأس عن مدنف ٍ
إذا لم تبادر إليه هلك
تعال اشهد ِ النزع نزع الذي
سوى دمعة ِ الوجد لم يسألك
تعال ابك ِ صَباً يولّي ولولا
وداع ُ الحياة لما استعجلك
أموت على رشفة ٍ من لماك
فيا أكرم الناس ِ ما أبخلك
.....................................
قصيدة ( عروس الروض )
قصيدة من قصائد شاعر المهجر - إلياس فرحات-
وقد نظمها على الطريقة الأندلسية أيام عز الأندلس ومجده .
عروس الروض
يا عروس الروض يا ذات الجناح يا حمامه
سافري مصحوبة عند الصباح بالسلامة
واحملي شوق محب ذا جراح وهيامه
سافري من قبل يشتد الهجير بالنزوحِ
واسبحي مابين أمواج الأثير مثل روحي
وإذا لاح لك الروض النظير فاستريحي
خبريها أن قلب المستهام زاد وجدا
واسأليها كيف ذيّاك الغرام صار صدا
فغرامي لم يعد فيها غرام بل تعدى
ذكريها بأويقات اللقاء والتصابي
يوم كنا كل صبح ومساء باقتراب
عل بالتذكار لي بعض الشفاء من عذابي
فإذا ما أظهرت عطفا ولينا واشتياقا
فاجعلي ما بيننا عهدا وثيقا واتفاقا
واسأليها رأيها في أي حين نتلاقى
وإذا أبدت جفاء وصدودا واعتسافا
فاتركيها إنها في ذا الوجود ستكافا
سوف يأتيها زمان فتريد فتجافا
رفرفي في رونق الأفق الجميل وتغني
وانشدي محبوبتي عند الأصيل وتأني
فهي إن تسألك عن صب عليل كان عني
فإذا ما أقبل الفصل المخيف برعوده
ما الذي يبقى من الغصن الوريف غير عوده
إن للحسن ربيع وخريف في وجوده
المفضلات