لن أبكي

.........................
فدوى طوقان
.........................


على أبواب يافا يا أحبائي
وفي فوضى حطام الدور
بين الردمِ والشوكِ
وقفتُ وقلتُ للعينين :


قفا نبكِ


على أطلال من رحلوا وفاتوها
تنادي من بناها الدار
وتنعى من بناها الدار
وأنّ القلبُ منسحقاً


وقال القلب : ما فعلتْ
بكِ الأيام يا دارُ ؟


وأين القاطنون هنا
وهل جاءتك بعد النأي ،
هل جاءتك أخبارُ ؟


هنا كانوا
هنا حلموا
هنا رسموا
مشاريع الغدِ الآتي
فأين الحلم والآتي؟
وأين همو ؟


ولم ينطق حطام الدار
ولم ينطق هناك سوى غيابهمو
وصمت الصَّمتِ ، والهجران


وكان هناك جمعُ البوم والأشباح
غريب الوجه واليد واللسان


وكان و كان


يحوّم في حواشيها
يمدُّ أصوله فيها
وكان الآمر الناهي
وكان.. وكان..


وغصّ القلب بالأحزان
أحبائي


مسحتُ عن الجفون
ضبابة الدمعِ الرماديهْ


لألقاكم وفي عينيَّ نور الحب والإيمان
بكم، بالأرض ، بالإنسان


فواخجلي لو أني جئت ألقاكم –
وجفني راعشٌ مبلول
وقلبي يائسٌ مخذول


وها أنا يا أحبائي هنا معكم


لأقبس منكمو جمره
لآخذ يا مصابيح الدجى
من زيتكم قطره
لمصباحي ؛


وها أنا يا أحبائي


إلى يدكم أمدُّ يدي
وعند رؤوسكم ألقي هنا رأسي
وأرفع جبهتي معكم إِلى الشمسِ


وها أنتم كصخر جبالنا قوَّه
كزهر بلادنا الحلوه




فكيف الجرح يسحقني ؟
وكيف اليأس يسحقني ؟
وكيف أمامكم أبكي ؟


يميناً ، بعد هذا اليوم لن أبكي !