سرعة البداهة

.....................


" سرعة البداهة في الرجل موهبة من الله عز وجل يمنحها من يشاء
وخاصة إذا سخِّرت في الخير .
ومن مواقف سرعة البداهة ما ذكره أهل الأدب أن أحد الشعراء دخل على الأمير المهلّبي في العراق ، وكان المهلّبي الوزير مهيبا غضُوبًا عبوسا ، فدخل عليه الشاعر وقت المساء ، وأراد أن يقول : كيف أمسيت أيها الأمير ؟
فغلط الشاعر من الرهبة وخوف الموقف
فقال: كيف أصبحت أيها الأمير ؟
فقال : أهذا مساء أو صباح ؟!
فأطرق الشاعر قليلا ، ثم رفع رأسه وقال :


صبحته عند المساء فقال لي : ماذا الصباح ؟ وظن ذاك مزاحا

فأجبته : إشراق وجهك غرّني : حتى توهمت المســــاء صباحا


كتاب " مجالس الأدب " للشيخ د. عائض القرني

.................................................. ............


قال السيوطي في البغية:
ودخل الفضل بن العباس يوما على كافور الإخشيدي وأبو إسحاق
( وهو النجيرمي الشاعر النحوي) عنده،

فقال له: أدام الله أيامِ سيدنا، بخفض كلمة ( الأيام ) أي بجرها،
فضحك كافور،
فقال أبو إسحاق:
لا غَرْوَ أَن لَحَنَ الدَّاعِي لِسَيِّدِنَا : وَغَصَّ مِنْ هَيْبَةٍ بِالرِّيقِ وَالبَهَرِ
فَمِثْلُ سَيِّدِنَا حَالَتْ مَهَابَتُهُ : بَيْنَ البَلِيغِ وَبَيْنَ القَوْلِ بِالحَصَرِ
فَإِن يَكُنْ خَفَضَ الأَيَّامَ عَنْ دَهَشٍ : مِنْ شِدَّةِ الخَوْفِ لا مِن قِلَّةِ البَصَرِ
فَقَد تَفَاءَلْتُ مِنْ هَذَا لِسَيِّدِنَا : وَالفَأْلُ مَأْثُرَةٌ عَنْ سَيِّدِ البَشَرِ
بِأَنَّ أَيَّامَهُ خَفْضٌ بِلا نَصَبٍ : وَأَنَّ دَوْلَتَهُ صَفْوٌ بِلا كَدَرِ


.................................................


مدح أبو تمام الخليفة العباسي أحمد بن المعتصم بقصيدة
فلما بلغ إلى قوله :

إقدام عمرو في سماحة حاتم : في حلم أحنف في ذكاء إياس
قال له الكندي بجرأة وثبات : الأمير فوق من وصفت
فقال أبو تمام :
لا تنكروا ضربي له من دونه : مثلا شرودا في الندى والباس
فالله قد ضرب الأقل لنوره : مثلا من المشكاة والنبراس


فسكت الكندي وأعجبت الفئة الحاضرة فطنة أبي تمام وأصالة رأيه وجودة فكره وسرعة خاطره فأكرمه الخليفة وأجزل له العطاء .


.................................................. ..