الزوجة الثانية )

من أظرف قصائد الزواج

شعر : د.ناصر الزهراني



____________________________________


أتاني بالنصائح بعض ناسِ = وقالوا أنت مِقدامٌ سياسي

أترضى أن تعيش وأنت شهمٌ = مع امرأةٍ تُقاسي ما تُقاسي ؟

إذا حاضت فأنت تحيض معها = وإن نفست فأنت أخو النفاسِ !

وتقضي الأربعين بشرِّ حالٍ = كَدابِ رأسُه هُشِمت بفاسِ

وإن غَضِبتْ عليك تنامُ فرداً = ومحروما ً وتمعن في التناسي

تزوَّج باثنتينِ ولا تبالي = فنحن أُولوا التجارب والِمراسِ

فقلت لهم معاذ الله إني = أخاف من اعتلالي وارتكاسي

فها أنا ذا بدأت تروق حالي = ويورق عودُها بعد اليباس

فلن أرضى بمشغلةٍ و همٍّ = وأنكادٍ يكون بها انغماسي

لي امرأةٌ وشاب الرأسُ منها = فكيف أزيد حظي بانتكاسي ؟

فصاحوا سنة المختار تُنسى = وتُمحى أين أربابُ الحماسِ؟!

فقلتُ أضعتُم سُنناً عِظاماً = وبعض الواجبات بلا احتراسِ

لماذا سُنَّةُ التعداد كنتم = لها تسعون في عزمٍ و باسِ ؟

وشرع الله في قلبي و روحي = وسُنَّة سيدي منها اقِتباسي

إذا احتاج الفتى لزواجِ أُخرى = فذاك له بلا أدنى التباسِ

ولكن الزواج له شروطٌُ = وعدلُ الزوج مشروطٌٌ أساسي

وإن معاشر النسوان بحرٌ = عظيم الموجِ ليس له مراس

ويكفي ما حملتُ من المعاصي = وآثام تنوء بها الرواسي

فقالوا أنت خوَّافٌ جبانٌ = فشبّوا النار في قلبي وراسي

فخِضتُ غِمار تجرُبةٍ ضروسٍ = بها كان افتتاني وابتئاسي

يحزُّ لهيبها في القلب حزَّاً = أشد عليَّ من حزِّ المواسي

رأيت عجائباً ورأيتُ أمراً = غريبا في الوجودِ بلا قياسِ

وقلتُ أظنُّني عاشرت جِنَّاً = وأحسب أنَّني بين الأناسي

لأتفه تافهٍ وأقلِّ أمرٍ = تُبادر حربُهن بالانبجاس

وكم كنتُ الضحية في مرارٍ = وأجزم بانعدامي و انطماسي

فإحداهن شدَّت شعر رأسي = وأخراهن تسحب من أساسي

وإن عثُر اللسان بذكرِ هذي = لهذي شبَّ مثل الالتماسِ

وتبصرني إذا ما احتجتُ أمراً = من الأخرى يكون بالاختلاس

وكم من ليلةٍ أمسي حزيناً = أنامُ على السطوحِ بلا لباسِ

وكنتُ أنام مُحترماً عزيزاً = فصرتُ أنام ما بين البِساسِ

أُرَضِّعُ نامس الجيران دَمِّي = وأُسقي كلَّ برغوث بكاسي

ويومٌ أدَّعي أنِّي مريضٌ = مصابٌ بالزكامِ وبالعُطاسِ

وإن لم تنفع الأعذار شيئاً = لجئتُ إلى التثاؤب والنعاسِ

وإن فَرَّطْتُّ في التحضير يوماً = عن الوقت المحدد يا تعاسي

وإن لم أرضِ إحداهنَّ ليلاً = فيا ويلي ويا سود المآسي

يطير النوم من عيني وأصحو = لقعقعةِ النوافذ والكراسي

يجيء الأكل لا ملح ٌ عليه = ولا أُسقى ولا يُكوى لباسي

وإن غلط العيال تعيث حذفاً = بأحذيةٍ تمُّرُ بقرب راسي

وتصرخ ما اشتريت لي احتياجي = وذا الفستان ليس على مقاسي

ولو أنى أبوحُ بربعِ حرفٍ = سأحُذفُ بالقدورِ و بالتباسي

تراني مثل إنسانٍ جبانٍِ = رأى أسداً يهمُّ بالافتراسِ

وإن أشرِي لإحدَّاهن فِجلاً = بكت هاتيك يا باغ وقاس

رأيتك حامِلاً كيساً عظيماً = فماذا فيه من ذهبٍ و ماس ؟

تقول تُحبُّني وأرى الهدايا = لغيري تشتريها و المكاسي !

وأحلفُ صادقا ً فتقول أنتم = رجالٌ خادعون وشرُّ ناسِ

فصرت لحالةٍ تُدمي وتُبكي = قلوب المخلصين لِما أُقاسي

وحار الناس في أمري لأني = إذا سألوا عن اسمي قلت ناس

وضاع النحو والإعراب مني = ولخْبطتُّ الرباعي بالخُماسي

وطلَّقتُ البيان مع المعاني = وضيعَّت ُ الطباق مع الجناسِ

أروحُ لأشتري كُتباً فأنسى = وأشري الزيت أو سلك النحاسِ

أسير أدور ُ من حيٍّ لحيٍّ = كأنِّي بعض أصحاب التكاسي

ولا أدري عن الأيامِ شيئاً = ولا كيف انتهى العام الدراسي ؟!

فيومٌ في مخاصمةٍ ويومٌ = نداوي ما اجترحنا أو نواسي

وما نفعت سياسة بوش يوماً = ولا ما كان من هيلاسيلاسي

ومن حلم ابن قيس أخذتُ حلمي = ومكراً من جحا وأبي نواسِ

فلما أن عجزتُ وضاق صدري = وباءت أُمنياتي بالإياس

دعوتُ بعيشة العُزّاب أحلى = من الأنكادِ في ظلِّ المآسي

وجاء الناصحون إليّ أُخرى = وقالوا نحن أرباب المراس

ولا تسأم ولا تبقى حزيناً = فقد جئنا بحلٍ دبلوماسي

تزوَّج حرمةً أُخرى لتحيا = سعيداً ساِلماً من كل باسِ

فصحتُ بهم لئن لم تتركوني = لأنفلتنَّ ضرباً بالمداس