ماذا تفعل لو وجدت لصا يحطم زجاج النافذة ويقتحم غرفة نومك و في يده علم مصر ؟!! سؤال فشل في الاجابة عنه معظم سكان العمارة 6 شارع ابن مالك بالجيزة
مواطن سرقت شقته و حارس عقار يصف عملية السرقة
لذا قرروا بالاجماع اغلاق مساكنهم ومكاتبهم, والرحيل من العمارة, التي تعرضت في اليومين الأخيرين لأكبر عدد من محاولات الاقتحام والسرقة. وصار من يتسلقها فوق اجهزة التكييف والدش صاعدا حتي السطوح, مغوارا محاطا بالتشجيع, مؤيدا باهتمام الفضائيات وهتاف الجماهير, وقد يبدو للبعض بطلا يستحق شقة من المحافظ, وله ان يتوقع استقبال( الفاتحين) من رئيس مجلس الوزاراء!!.
نادر كمال جعفر محام بالنقض وعضو المنظمة العربية لحقوق الانسان يستقر منذ 15 عاما بالدور الاول من العمارة(6 ) الملاصقة لعمارة السفارة الاسرائيلية علي كوبري الجامعة, يقول: تم اقتحام شقتي وكسر زجاج غرفة المكتب المطل علي الشارع, رغم وجود6 مدرعات عسكرية ومئات المتظاهرين والعساكر تحت البلكونة مباشرة, كل الادراج والدواليب المغلقة كسرت والخزنة فتحوها وسرقوا ما فيها, حتي الاقلام والمقتنيات الثمينة التي كانت فوق المكتب سرقوها, وتركوا الشقة في حالة خراب كامل, لدرجة اني امضيت يوما كاملا مع النجارين والعمال
نحاول اصلاح ما تم تحطيمه.
ويكمل الاستاذ نادر بدهشة اكبر من احباطه: منذ أسبوعين سألوا مصطفي كامل كيف انزل العلم الاسرائيلي, فوصف لهم رحلة الصعود علي اجهزة الدش والتكييف في عمارتنا أولا, وكانت الخطوة الاولي في الرحلة هي بلكونة شقتي طبعا!.
الغريب أنهم في المرة الأخيرة سرقوا كل ما خف وزنه وغلي ثمنه واخذوا معهم( علم مصر) الذي كنت اضعه خلف مقعد مكتبي, بحجم كبير ونوعية فاخرة وكان هدية من محافظ القاهرة السابق في احدي المناسبات, وكنت اعتز به جدا, لكنهم الحمد لله اخذوا كل شئ وتركوا لي قاعدة العلم النيكل اللامعة ربما تفيد في شئ!.
شريف محمد حارس العقار يروي قصصا اخري مدهشة عن مكتب التصدير والاستيراد( كوميت) الملاصق لشقة المحامي وقد تم اقتحامه وسرقة مبلغ مالي ضخم من خزانته وقت الاحداث, بينما تعرض جراج العمارة لهجوم مماثل في نفس التوقيت, يقول: سرقوا من احدي السيارات الجيب جهاز كومبيوتر مرتفع الثمن, وبعض السيارات التي فشلوا في اخراجها من اماكنها سرقوا مفاتيحها, معظم الشقق الآن مقفولة وخالية, السكان طفشوا و الشرطة العسكرية كل ساعة تمسك بلطجية وحرامية شقق في العمارة
والعماير اللي حوالينا...
صاحب مكتب في العمارة رفض ذكر اسمه حفاظا علي مصالحه مع عملائه: قال انه فقد عدة آلاف من الجنيهات ولم ينته بعد من حصر المستندات والعقود التي قد تكون سرقت
او اتلفت بسبب اقتحام الشقة اثناء المظاهرات, والاشتباكات, ورغم ذلك لم يستطع لا هو ولا غيره إبلاغ الشرطة واثبات الحالة في محضر رسمي, لاحتراق مديرية امن الجيزة والارتباك الشديد الذي ما زال يخيم علي الشارع والمنطقة. رائحة الغاز المسيل للدموع لا تزال تعبئ مدخل تلك العمارة الشاهقة المطلة علي كوبري الجامعة بالدقي,6 أ شارع ابن مالك, وصارت ثكنة عسكرية, عشرات من جنود القوات المسلحة يفترشون مدخلها ويجلسون فوق السلالم ويبيتون علي السطوح يوميا, علي السلالم صعدت ليلا ومعي حارس العقار ينبهني للزجاج المتكسر والحطام المتناثر في كل مكان, الضوء علي السلم خافت جدا بأوامر من الشرطة العسكرية يبدو انها بهدف التأمين, ورغم ذلك جمعت من تحت قدمي عشرات الاوراق التي تحمل شعار السفارة الاسرائيلية, كالتي تطايرت في الهواء فوق رؤوس الناس وامام كاميرات التصوير, يوم اعلنوا عن اقتحام السفارة, السطوح يطل علي منطقة عريضة من الدقي ومنظر رائع للنيل والجيزة, قريبا جدا من هنا يسكن السفير التركي وتقع سفارة السعوديه والامارات العربية وروسيا.
فوق الدور الخامس عشر, سطوح العمارة 6 هناك سلم حديدي للطوارئ يصل ما بينها وبين العمارة التوأم 6 شارع ابن مالك, حيث تستقر مكاتب السفارة الاسرائيلية في الدور السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر معا
قبل سبعة أشهر كانت6 أ شارع ابن مالك, هي العمارة الأكثر أمنا في الجيزة وربما في مصر كلها, حيث أعلي درجات الحراسة وبؤرة اهتمام الحي والمحافظ والداخلية, فلا يستطيع غريب أو متطفل أن يمر عن قرب أو يدخل من البوابة, دون أن يستوقفه شخص مهيب ويسأله عن بياناته الشخصية وسبب الزيارة العزيزة.
مؤخرا انقلب الحال وصارت العمارة وسكانها فجأة في مرمي النيران, كل شقق العمارة والعمارات القريبة صارت( كمنط) للصوص و البلطجية والمسجلين خطر.
احيانا يبدأ السيناريو بهتاف( الجيش والشعب ايد واحدة)
ثم يصعد البعض فوق المدرعة القريبة من بلكونة في الدور الاول من العمارة, في زحام المتظاهرين و ضوضاء الهتاف والتصفيق الحار, قد يقتحم احدهم شقة او مكتبا محطما زجاج النافذة ويسرق كل ما تطوله يده ويخرج من الشقة لسلم العمارة, يستقل المصعد الكهربائي, الذي تظهر عليه الآن علامات عنف واعتداء واضح, حتي يصل للسطوح ومنه لمكاتب السفارة عبر سلم الطوارئ الواصل ما بين العمارتين, الشرط الاساسي كي تتم المهمة بنجاح ان يصعد العمارة حاملا العلم المصري ويخرج وفي يديه
ولو قطعة ممزقة من العلم الإسرائيلي.
المصدر : جريدة الأهرام المصريه
المفضلات