الكرة الذهبية و"لا ماسيا" تثبتان خطأ مبدأ "شراء اللاعب ولا تربيته"!


بغض النظر عن هوية الفائز بكرة الفيفا الذهبية مساء العاشر من يناير، فإن الاحتفالات ستنطلق في نادي برشلونة، الذي ضمن الحفاظ على الجائزة للعام الثاني على التوالي بعدما تضمنت القائمة النهائية أسماء ثلاثة من لاعبيه.

ولم يتنافس ثلاثة لاعبين من ناد واحد لنيل لقب الكرة الذهبية منذ عام 1989 حينما اقتصرت القائمة النهائية على لاعبي نادي ميلان فرانكو باريزي، وفرانك ريكارد، وماركو فان باستن الذي توج باللقب حينها.

فخر برشلونة سيتضاعف لأن الجائزة ستذهب لواحد من منتجات مدرسة ناشئيه المعروفة باسم "لا ماسيا"، والتي تخرج فيها الثلاثي المتنافس ليونيل ميسي، وشابي هرنانديز، وأندريس إنيستا.

ميسي التحق بالمدرسة الشهيرة منذ أن كان في الـ12 من عمره ووصل للفريق الأول ليبهر العالم ويحصل على الجائزة في 2009.

أما شابي وإنيستا فتدرجا في صفوف "لا ماسيا" حتى أصبحا من أهم أعمدة منتخب إسبانيا الفائز بكأس العالم الصيف الماضي، ممثلين المدرسة العريقة في الماتادور بجوار سبعة أخرين أبرزهم جيرار بيكي وكارليس بويول.

"إنها مسؤولية ضخمة. ولكنه تحد رائع في الوقت نفسه" وفقا لجويرمو أمور، المدير الرياضي لقطاع الشباب في برشلونة، وأحد أهم لاعبي الفريق في التسعينات.

وتابع في حديث عن "لا ماسيا" نشره الموقع الرسمي لبرشلونة: "هنا نعمل من أجل المستقبل، ونرمي البذور رويدا رويدا لنحصدها فيما بعد".

ما هي "لا ماسيا"؟
"لا ماسيا" تقع على مقربة من استاد "نو كامب" معقل برشلونة وتتكون من مبنى حجري قديم يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1702 حينما كان مجرد مزرعة، ثم تم استخدامه كورشة لتوفير مواد البناء للعمال الذين يشيدون الملعب الشهير.



تحولت "لا ماسيا" إلى مبنى إداري قبل أن يتم الاستقرار عليها عام 1971 كمدرسة للكرة، يقطن بها اللاعبون ويتدربون، ما يعني أن المغتربين يقضون فيها ما يقرب من عشرة أشهر في السنة بعيدا عن ذويهم.

وفيما يلجأ المنافسون على الصعيدين المحلي والأوروبي، وخاصة الغريم التقليدي ريال مدريد، إلى شراء النجوم الجاهزين من أوروبا وأمريكا اللاتينية، فإن فلسفة برشلونة تختلف معهم ومع مثل عربي شهير مؤداه أن "شراء اللاعبين خير من تربيتهم".

ووفقا لتقرير صادر عن وكالة أنباء "أسوشييتد برس"، فإن "لا ماسيا" تضم حاليا نحو 200 لاعب بينهم نحو 60 لاعبا بنظام الإقامة الكاملة داخل المدرسة، تترواح أعمارهم بين 7 و18 عاما ويتم تقسيمهم إلى عدد من المراحل السنية.

ويوضح أمور "كل الصغار يحتاجون إلى فرص كي يثبتوا أنفسهم. مع تساوي كل ظروف التدريب، فإن ناشئ النادي لديه فرصة أفضل للتألق من اللاعب القادم من خارجه".

وأمور نفسه يعد مثالا حيا على هذه الفلسفة، كونه أحد لاعبي برشلونة المؤثرين والذي لعب عشرة أعوام في الفريق الأول عقب تخرجه في "لا ماسيا".

جوسيب جوارديولا المدير الفني الحالي لبرشلونة أيضا أحد أهم خريجي المدرسة عبر التاريخ، إذ التحق بها وهو في الـ13 من عمره، وأمضى بها ست سنوات قبل أن يتم تصعيده للفريق الأول حينما بلغ الـ20 من عمره.

وقبل إتمام عامه الأربعين، كان جوارديولا مديرا فنيا لبرشلونة بعدما بدأ مدربا في فريق الاحتياط، ملهما الفريق لتحقيق ست بطولات منها الليجا ودوري أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية، ويظل ولائه للمدرسة مستمرا، إذ يعطي فرصا مستمرة لخريجيها للعب مع الفريق الأول

ويعمل جميع اللاعبين المدرجين في قوائم المدرسة وفقا لنفس البرنامج التدريبي، والذي يعتمد على الاستحواذ على الكرة لأطول فترة ممكنة، وتبادل المراكز، والتمرير السريع، إضافة إلى تنمية جميع المهارات الفردية للاعبين بصفة عامة، حتى يصلحون فيما بعد لتمثيل البلوجرانا.


وكان يوهان كرويف أول من اقترح استخدام "لا ماسيا" مقرا لمدرسة الكرة في نهاية السبعينات، ووضع لها خطة مستقبلية استوحاها من أكاديمية أياكس أمستردام العريقة، والتي تعد من أفضل مدارس تكوين الناشئين في العالم.

وكان هولندي آخر هو لويس فان جال من طور الفكرة، وحث القائمين عليها لتوحيد أسلوب التدريب حتى لا يجد الفريق الأول صعوبة في دمج الخريجين مع القوام الأساسي.

ويدرك القائمون على "لا ماسيا" أن هذا التوجه يحتاج وقتا طويلا وتنمية مستمرة لحصد نتائجه لأنه، بحسب كلمات أمور، فإن "تكوين لاعبين مثل شابي وإنيستا يحتاج إلى عشر سنوات".

أما جوارديولا فيؤكد أن العمل لا يكتمل بالتخرج في المدرسة، ولكن من خلال الفريق الأول أيضا "لأن الثلاثي لم يكن على مستوى الكرة الذهبية عند انضمامه للفريق الأول، ولكن واصل التطور هناك".

ولا يستطيع جميع تلاميذ "لا ماسيا" شق طريقهم نحو الفريق الأول لبرشلونة، إذ توضح إحصائية أن نحو 10% فقط يصلون إلى هذا الهدف، فيما يستطيع ما بين 30 و40% استكمال مشوارهم في أندية أخرى، ولا يتمكن الباقون من احتمال المنافسة.

ومن بين مشاهير الخريجين حاليا خارج برشلونة ميكايل أرتيتا، وبيبي رينا، وسيسك فابريجاس، الذي يحارب برشلونة لاستعادته الآن بعدما وصل إلى مرتبة قائد أرسنال الإنجليزي.

إلا أن نسبة 10% كافية جدا للفريق الأول إذا كانت من عينة الثلاثي المتنافس على لقب الأفضل في العالم.

"العاشر من يناير سيكون حفلة لأجل برشلونة" .. هكذا يلخصها شابي.