بسم الله الرحمن الرحيم
اخوتى واخوانى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمحوا لى
بان اعرض عليكم
نص ما كتبه الاستاذ عصام العريان
عن الحاج حسن جودة بعد رحيله
رجل اثر في منذ طفولتى وتعلمت منه الكثير والكثير
وفى ذكرى رحيله لا املك الا الدعاء له
بالرحمة والمغفرة وان يجعل اعماله فى ميزان حسناته وان يبارك فى ذريته الى يوم الدين
وان يسكنه فسيح جناته ويجمعنى والمسلمين به فى الفردوس الاعلى وعلى حوض النبى صلى الله عليه وسلم
رجاء ممن زار الصفحة قراء ة الفاتحة على روحه هو وموتانا وموتى المسلمين
اليكم ما كتبه الاستاذ عصام العريان
======
بقلم الدكتور/ عصام العريان
هناك علامات مضيئة في تاريخ الدعوة، ورجال تركوا بصماتهم على من حولهم، وهناك أتقياء أنقياء يمرون ولا يشعر بهم أحد.
من هؤلاء وهؤلاء كان الحاج "حسن جودة عبد الحافظ" (عضو مكتب الإرشاد للإخوان المسلمين).. كان الأستاذ "حسن جودة"، أو الحاج "حسن"- كما عرفه من حوله- أستاذًا للرياضيات بالتربية والتعليم، ونذر نفسه، لا ليعلم الرياضيات فقط، ولكن ليعلم الناس الخير، ويربيهم على الدعوة إلى الله، ويحضهم على قيم الإسلام وسلوكياته، ولم يكتف الحاج "حسن" بالجانب النظري فقط، لكنه أسس وأدار لفترة طويلة (جمعية الدعوة الإسلامية) ببني سويف، وكان أبرز نشاط الجمعية هي (مدراس الدعوة)، التي تفوقت على مستوى المحافظة، بل مستوى الجمهورية كلها، وحازت المركز الأول لسنوات على بني سويف، وحقق تلاميذها مراكز متقدمة على مستوى الجمهورية في الثانوية العامة.
انتقل الحاج "حسن جودة" (عضو مكتب إرشاد الإخوان المسلمين) إلى رحمة الله تعالى فجر الخميس (19 من رمضان 1424هـ= 13 من نوفمبر 2003م) وهو يستعد لصلاة الفجر بالوضوء، ناويًا صيام يوم جديد من شهر الخير والقرآن، رغم السن الكبيرة والأمراض المنهكة التي أثقلت كاهله، ولكنها لم تقعده عن واجبات الدعوة ولا فرائض الإسلام.. كانت آخر مرة التقيته في حفل إفطار الإخوان المسلمين قبل أسبوع بوجهه البشوش وبسمته الحانية، يمشي الهوينا بسبب التعب.
كان الحاج "حسن" من رجال العمل الاجتماعي المبرزين في بني سويف، وكان الناس يلتفون حوله، يستفتونه في شئون دينهم، كما يسألونه العون على شئون دنياهم، ولم يبخل بوقت أو جهد، بل نذر نفسه لله، وللدعوة في سبيل الله.
انتخبت مدينة بني سويف الحاج "حسن" مرتين لعضوية مجلس الشعب، ففاز في الأولى عام 1984م في أول تجربة للإخوان المسلمين بالتنسيق مع حزب الوفد، وتم تزوير الثانية عام 1987م عندما تحالفت (الإخوان) مع حزبي العمل والأحرار، ونقلت وزارة الداخلية عشرات الآلاف من الأصوات التي حصلت عليها القائمة التي يتصدرها الحاج "حسن" إلى حزب الوفد، فكان مقعد القائمة من نصيب مرشح العمال الأخ "يس عبد العليم"، وحرمنا من صحبة الحاج "حسن" تحت قبة البرلمان في دورة (1987م- 1990م)، وقدَّر الله لي ألا أصحبه في هذه الدورة، ولا في التي سبقتها، وإذا كنت حرمت صحبته في البرلمان، فقد أنعم الله علينا بصحبته في الليمان، وبين البرلمان والليمان فروق كبيرة، وبينهما ينتقل الإخوان!
لقد ألقي القبض على الحاج "حسن" مع عدد من كبار الإخوان وشبابهم في القضية الشهيرة بـ (حزب الوسط) عام 1996م، بعد أن تمت محاكمتنا عسكريًّا، وحُكم علينا بخمس سنوات عام 1995م، وحُوكم الحاج وإخوانه عسكريًّا، وحُكم عليه بـ 3 سنوات، قضاها كاملة خلف القضبان صابرًا محتسبًا رغم كبر السن ووهن العظم وقائمة الأمراض.
كان دائمًا بشوشًا مبتسمًا، يعيش مع القرآن، ولا يختلف عن خدمة إخوانه، ويشارك- رغم السن والمرض- في تحمل الأعباء والمسئوليات، وخرج من السجن إلى ساحة العمل والجهاد، لم يتوانَ أو يتخلف أو يتراجع، فعاد إلى ممارسة مسئوليته في مكتب الإرشاد ممثلاً لشمال الصعيد.
عرفت بيت الحاج "حسن"- رحمه لله- بيتًا للإسلام والدعوة، فكان الرجل قدوة بين الإخوان؛ حيث بدأ بعشيرته الأقربين، وربى أولاده وبناته السبعة على طاعة الله ودعوة الإسلام، وساعده على ذلك زوجٌ وفية مخلصة، نسأل الله أن يرزقهم جميعًا الصبر والسلوان، وأن ينعم عليهم بالرضا والعرفان، وأن يلهمهم حسن العزاء.
كانت الحاجة "أم حسام" تزوره في سجنه رغم سنها وتعبها، ومشقات الطريق، وسخافة الإجراءات، فكانت زيارتها رحمة لنا جميعًا بدعواتها وتثبيتها للأخوات؛ حيث كانت أمًّا للجميع، وكانت بسمتها الراضية تبعث الأمل في قلوب الأخوات والإخوان.. انتظم أولاده وأحفاده في ركب الدعوة، فأعطى القدوة والمثال لرجل الدعوة الذي لا يشغله شأن عن شأن، بل يعطي كل ذي حق حقه.
لقد ربى الحاج "حسن" جيلاً طوال هذه السنوات، استطاع أن يحمل أعباء الدعوة بصدق وإخلاص، ولا أظن أن في بني سويف أحدًا لم يترك الحاج "حسن" بصمته عليه.
إننا نتعلم من الراحل الكريم دروسًا عالية في طريق الدعوة إلى الله تعالى:
- لقد كان رجلَ عملٍ، يحبه كل من يلقاه، ويؤثر بِسَمْتِهِ وطريقته في كل من عايشه أو احتك به، يحب الخدمة العامة لكل الناس.
- لقد كان رجلَ عملٍ اجتماعي من الطراز الأول، يؤمن بتقديم الإسلام في صورة عملية إلى الناس، و"جمعية الدعوة" خير شاهد على ذلك.
- لقد كان محبوبًا بين الناس، يعطونه ثقتهم، ويمنحونه أصواتهم، لما يسريه إليهم من خدمات، قد لا يكون خطيبًا مفوهًا أو برلمانيًّا قديرًا، ولكنه حاز ثقة الناس بعطائه وإخلاصه، ولا نزكيه على الله.
- لقد كان مربيًا مؤثرًا، ناجحًا في محيطه الدعوي، تاركًا بصماته على من حوله.
- لقد كان أبًا رحيمًا وزوجًا مخلصًا، ورب أسرة صالحة، عاشت- ولا تزال- للدعوة وعمل الخير.
- لقد كان معلمًا لأجيال، قضى حياته الوظيفية مدرسًا وموجهًا، وربط حياته الدعوية بين وظيفته وبين دعوته.
انتقل الحاج "حسن جودة" إلى رحمة الله تعالى عن عمر ناهز الـ 75 عامًا، عاش معظمها في رحاب الدعوة..
نسأل الله أن يتقبله في الصالحين، وأن يجزيه جزيل الثواب، وأن يجعله من أهل الجنة، وأن يغفر له الزلات والهفوات والسيئات.
وعاجل بشرى المؤمن أن يلقى ربه في رمضان؛ حيث ترحب به الملائكة من باب "الريان".. وهو يلقى ربه بعد عام من انتقال مرشدنا الراحل "مصطفى مشهور" إلى رحاب الله، وبينهما صلة الدعوة وصلة الأرحام.
رحم الله الحاج "حسن جودة"، ورحم أمواتنا وأموات المسلمين، ونسأل الله تعالى أن يحسن خاتمتنا جميعًا، وأن يثبتنا على طريق الدعوة حتى نلقاه.
المفضلات