في السعودية .. البعض يبحث عن الثراء في ماكينات الخياطة !!
أمام بريق المال تخبو جذوة العقول وتصبح رمادا ينتظر ريحا يذروه وهذا ما حدث في معظم المناطق السعودية خلال اليومين الماضيين .
تعرض السعوديون أبناء البلاد ، والمقيمون أيضا من شتى الجنسيات العربية والأجنبية لعملية نصب بارعة جعلتهم يحملون أو يبحثون عن " ماكينة خياطة ماركة سنجر " القديمة ليشتروها أو يبيعونها بآلاف الريالات طمعا في الحصول على الزئبق الأحمر المخفي في إبرتها العتيقة !
وخلال الأيام الماضية علا الذهول وجوه الأجهزة الرقابية بالمملكة وهم يحاولون ثني الناس عن الانجرار وراء شائعة سرت كالنار في مخزن قش قال صاحبها إن هناك تجارا يبحثون عن تلك الماكينات القديمة ليستخرجوا منها الزئبق لتسخير الجن لفتح الكنوز السفلية من خلاله وبعد أن كان سعر الماكينة لا يزيد على 100 ريال ( تقريبا 150 جنيها مصريا ) ارتفع ليتجاوز سقف الـ 50 والـ 150 ألف في بعض المناطق ، و تحولت شوارع في بعض المدن إلى مزادات لبيع الماكينة و تسبب ذلك في ازدحام مروري كبير ، كما أن بعض المغتربين أرسلوا الى أهلهم في بلادهم يطلبون منهم البحث عن ماكينة الخياطة وإرسالها بأسرع ما يمكنهم ممنين أنفسهم بمكسب خيالي !
الذين انجرفوا وراء الشائعة لا يجمعهم سوى البحث عن الربح السريع بأية وسيلة فيما تختلف أعمارهم وجنسياتهم ومشاربهم ، وما زاد من تصديقهم للشائعة ما قيل أن من دلائل احتواء الماكينة على هذا العنصر أنها تستطيع عند تدويرها أن تقطع إرسال الجوال ( الموبايل ) فاندفع كثيرون إلى البحث عنها حتى من خلال مكبات النفايات والمستودعات المهجورة للحصول عليها خصوصا أن عملية اختبار المكينة لا تحتاج إلا لجوال ووجود علامة الأسد على المكينة وأن تكون ألمانية أو بريطانية الصنع ومن المكائن القديمة وقبل دفع الثمن يقوم المشتري بتجربة الماكينة فان انقطع إرسال الجوال أخذها وإلا قام وتركها !!
المكاتب والمراكز الدينية في المملكة حذرت الناس من الانخداع بما يقال كما قالت إن الحديث حول مادة الزئبق الأحمر وربطها بملوك الجن يعد من أعمال الكهانة المنهي عنها شرعا.
ولم تبدأ الضجة تتجه إلى الخمود إلا بعد أن أصدرت أجهزة معنية بالأمر تحذيرا قويا وحثت الجميع على إعمال عقولهم وعدم تصديق الأوهام وبعدها بقليل بدأت الأسواق تشهد انحسارا في أعداد الراغبين بشراء الماكينة حتى أن بعض ملاكها عرضوا بيعها بألف ريال فقط فلم يجدوا مشترين .
حتى الآن لم تعرف أسباب الشائعة ولا من وراءها ويعتقد البعض أنها لا تتجاوز لعبة قام بها أحد التجّار لتصريف ما لديه من خردة أكل عليها الدهر وشرب وذلك بترويج إشاعة وجود مادة الزئبق الأحمر وأن إحدى شركات الطيران تقوم بشرائه بمبالغ خيالية.
أما الشركة المصنعة للماكينة فأكدت على لسان مديرها العام في أفريقيا والشرق الأوسط روجيه زمبقة حقيقة انتشار الإشاعة في شمال المملكة والأردن، مؤكدا أن الشركة اتخذت خطوات عملية لمواجهتها تمثلت بإبلاغ السلطات الأردنية التي تبحث وراء شخص يعتقد أنه المطلق الأول للإشاعة بهدف بيع مخزون من مكائن الخياطة القديمة لديه. فيما قال نائب مدير عام شركة الصبان لمكائن الخياطة، وهي الوكيل المعتمد لمنتجات "سنجر" في المملكة، إن آلة الخياطة التي جددت الإشاعة شبابها "مصـنوعة من الكوست آيرون، وهو الحديد المصهور مع رمل الزهر" نافيا وجود أية مواد مشــعة أو فعالة في صناعتها وأن الآلة بوضعها الراهن لا ينبغي أن يتجاوز سعرها 30 دولارا، معتبرا أن ما تردد خلال الأيام الماضية إشاعات ليس لها أساس من الصحة وربما ارتبطت بمخططات تسعى لإنشاء سوق سوداء تعتمد على الخداع".
ولا تعدو قصة الزئبق الأحمر سوى مادة خصبة للحديث عن النصابين رغم أنه موجود بشكل علمي فالكتب والمصادر العلمية تقول انه عبارة عن مسحوق أو بودرة حمراء معدنية تستخدم في عمليات الانشطار النووي، وتحمل هذه البودرة مادة مشعة تباع بملايين الدولارات في السوق السوداء بعد تهريبها من المعامل والمفاعلات النووية على أيدي المافيا العالمية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
لكن البعض بات يروج للمادة على أنها غذاء للجن يساهم في إطالة عمرهم ، ويمنحهم قوة لذا يطلبونه من البشر كشرط لفتح الكنوز التي يحرسونها أو لإحضار أية أموال تطلب منهم ومع الوقت تحول التخريف إلى مهنة يعتبرها البعض مربحة إذ أن الباحثين عن المال السريع يلغون عقولهم غالبا .
على كلِ تبقى أجزاء القصة ناقصة فيما يتعلق بانقطاع تغطية شبكة الاتصال التليفوني عند مرور الجوال أو الهاتف المتحرك أمام إبرة الماكينة فلم يبرر أحد سر ما يحدث رغم أن ذلك كان المبرر الوحيد لدى من اشتروا الوهم في تصديق الشائعة .
![]()
المفضلات