الإمام عبد الله بن المبارك
هو عبد الله بن المبارك ابن واضح الإمام شيخ الإسلام، عالم زمانه ، وأمير الأتقياء في وقته أبو عبد الرحمن الحنظلي ، مولاهم التركي ، ثم المروزي ، الحافظ ، الغازي ، أحد الأعلام ، وكانت أمه خوارزمية .
مولده في سنة ثمان عشرة ومائة.
طلب العلم وهو ابن عشرين سنة . فأقدم شيخ لقيه : هو الربيع بن أنس الخراساني ، تحيل ودخل إليه إلى السجن ، فسمع منه نحوا من أربعين حديثا ، ثم ارتحل في سنة إحدى وأربعين ومائة ، وأخذ عن بقايا التابعين ، وأكثر من الترحال والتطواف إلى أن مات في طلب العلم ، وفي الغزو ، وفي التجارة ، والإنفاق على الإخوان في الله ، وتجهيزهم معه إلى الحج .
سمع من : سليمان التيمي ، وعاصم الأحول ، وحميد الطويل ، وهشام بن عروة ، والجريري ، وإسماعيل بن أبي خالد ، والأعمش ، وبريد بن عبد الله بن أبي بردة ، وخالد الحذاء ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وعبد الله بن عون ، وموسى بن عقبة ، وأجلح الكندي ، وحسين المعلم ، وحنظلة السدوسي ، وحيوة بن شريح المصري ، وكهمس ، والأوزاعي ، وأبي حنيفة ، وابن جريج ، ومعمر ، والثوري ، وشعبة ، وابن أبي ذئب ، ويونس الأيلي ، والحمادَين ، ومالك ، والليث ، وابن لهيعة ، وهشيم ، وإسماعيل بن عياش ، وابن عيينة ، وبقية بن الوليد ، وخلق كثير . وصنف التصانيف النافعة الكثيرة .
حدث عنه : معمر ، والثوري ، وأبو إسحاق الفزاري ، وطائفة من شيوخه ، وبقية ، وابن وهب ، وابن مهدي ، وطائفة من أقرانه ، وأبو داود ، وعبد الرزاق بن همام ، والقطان ، وعفان ، وابن معين ، وحبان بن موسى ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، ويحيى بن آدم ، وأبو أسامة ، وأبو سلمة المنقري ، ومسلم بن إبراهيم ، وعبدان ، والحسن بن الربيع البوراني ، وأحمد بن منيع ، وعلي بن حجر ، والحسن بن عيسى بن ماسرجس ، والحسين بن الحسن المروزي ، والحسن بن عرفة ، وإبراهيم بن مجشِّر ، ويعقوب الدورقي ، وأمم يتعذر إحصاؤهم ، ويشق استقصاؤهم . وحديثه حجة بالإجماع ، وهو في المسانيد والأصول . ويقع لنا حديثه عاليا . وبيني وبينه بالإجازة العالية ستة أنفس .
قال أحمد بن سنان القطان : بلغني أن ابن المبارك أتى حماد بن زيد ، فنظر إليه ، فأعجبه سمْته فقال : من أين أنت ؟ قال : من أهل خراسان ، من مرو . قال : تعرف رجلا يقال له : عبد الله بن المبارك ؟ قال : نعم . قال : ما فعل ؟ قال : هو الذي يخاطبك ، قال : فسلم عليه ، ورحب به .
قال أحمد العجلي : ابن المبارك ثقة ثبت في الحديث ، رجل صالح يقول الشعر ، وكان جامعا للعلم .
قال العباس بن مصعب : جمع عبد الله الحديث ، والفقه ، والعربية ، وأيام الناس ، والشجاعة ، والسخاء ، والتجارة ، والمحبة عند الفرق .
قال محمد بن عبد الوهاب الفراء : ما أخرجت خراسان مثل هؤلاء الثلاثة : ابن المبارك ، والنضر بن شميل ، ويحيى بن يحيى .
وقال محمد بن المثنى : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : ما رأت عيناي مثل أربعة : ما رأيت أحفظ للحديث من الثوري ، ولا أشد تقشفا من شعبة ، ولا أعقل من مالك ، ولا أنصح للأمة من ابن المبارك .
وقال محمد بن أعين : سمعت عبد الرحمن بن مهدي ، واجتمع إليه أصحاب الحديث ، فقالوا له : جالست الثوري ، وسمعت منه ، ومن ابن المبارك ، فأيهما أرجح ؟ قال : لو أن سفيان جهد على أن يكون يوما مثل عبد الله لم يقدر .
وقال أحمد بن يحيى بن الجارود : قال علي بن المديني : عبد الله بن المبارك أوسع علما من عبد الرحمن بن مهدي ، ويحيى بن آدم .
قال أبو سلمة التبوذكي : سمعت سلام بن أبي مطيع يقول : ما خلف ابن المبارك بالمشرق مثله .
وفاته : قال عبدان بن عثمان : مات ابن المبارك في شهر رمضان سنة إحدى وثمانين ومائة .
قال حسن بن الربيع : قال لي ابن المبارك قبل أن يموت : أنا بن ثلاث وستين سنة .
المفضلات