الإمام ابن خُزَيْمة
هو محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر. الحافظ الحجة الفقيه , شيخ الإسلام , إمام الأئمة أبو بكر السلمي النيسابوري الشافعي , صاحب التصانيف.
ولد سنة ثلاث وعشرين ومائتين وعني في حداثته بالحديث والفقه , حتى صار يضرب به المثل في سعة العلم والإتقان.
سمع من إسحاق بن راهويه , ومحمد بن حميد , ولم يحدث عنهما , لكونه كتب عنهما في صغره وقبل فهمه وتبصره , وسمع من محمود بن غيلان , وعتبة بن عبد الله المروزي , وعلي بن حجر , وأحمد بن منيع , وبشر بن معاذ , وأبي كريب , وعبد الجبار بن العلاء , وأحمد بن إبراهيم الدورقي , وأخيه يعقوب , وإسحاق بن شاهين , وعمرو بن علي , وزياد بن أيوب , ومحمد بن مهران الجمال , وأبي سعيد الأشج , ويوسف بن واضح الهاشمي , ومحمد بن بشار , ومحمد بن مثنى , والحسين بن حريث , ومحمد بن عبد الأعلى الصنعاني , ومحمد بن يحيى , وأحمد بن عبدة الضبي , ونصر بن علي , ومحمد بن علي , ومحمد بن عبد الله المخرمي , ويونس بن عبد الأعلى , وأحمد بن عبد الرحمن الوهبي , ويوسف بن موسى , ومحمد بن رافع , ومحمد بن يحيى القطعي , وسلم بن جنادة , ويحيى بن حكيم , وإسماعيل بن بشر بن منصور السليمي والحسن بن محمد الزعفراني , وهارون بن إسحاق الهمداني , وأمم سواهم , ومنهم : إسحاق بن موسى الخطمي , ومحمد بن أبان البلخي.
حدث عنه : البخاري , ومسلم في غير" الصحيحين " , ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم - أحد شيوخه , وأحمد بن المبارك المستملي , وإبراهيم بن أبي طالب , وأبو حامد بن الشرقي , وأبو العباس الدغولي , وأبو علي الحسين بن محمد النيسابوري , وأبو حاتم البستي , وأبو أحمد بن عدي , وأبو عمرو بن حمدان , وإسحاق بن سعد النسوي , وأبو حامد أحمد بن محمد بن بالويه , وأبو بكر أحمد بن مهران المقرئ , وحفيده محمد بن الفضل بن محمد بن خزيمة , ومحمد بن أحمد بن علي بن نصير المعدل , وأبو بكر بن إسحاق الصبغي , وأبو سهل الصعلوكي , والحسين بن علي التميمي حُسَيْنَك .
وبشر بن محمد بن محمد بن ياسين , وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن جعفر الشيباني وأبو الحسين أحمد بن محمد البحيري , والخليل بن أحمد السِّجْزي القاضي , وأبو سعيد محمد بن بشر الكرابيسي , وأبو أحمد محمد بن محمد الكرابيسي الحاكم , وأبو نصر أحمد بن الحسين المرواني , وأبو العباس أحمد بن محمد الصندوقي , وأبو الحسن محمد بن الحسين الآبري , وأبو الوفاء أحمد بن محمد بن حمويه المزكي , وخلق كثير.
قال الحافظ أبو علي النيسابوري : لم أرَ أحدا مثل ابن خزيمة.
قلت : يقول مثل هذا وقد رأى النسائي.
قال أبو أحمد حسينك : سمعت إمام الأئمة أبا بكر يحكي عن علي بن خشرم , عن ابن راهويه : أنه قال : أحفظ سبعين ألف حديث. فقلت لابن خزيمة : كم يحفظ الشيخ ؟ فضربني على رأسي وقال : ما أكثر فضولك ! ثم قال : يا بني ، ما كتبت سوداء في بياض إلا وأنا أعرفه.
قال أبو علي الحافظ : كان ابن خزيمة يحفظ الفقهيات من حديثه كما يحفظ القارئ السورة.
أخبرنا أبو علي الحسن بن علي , أخبرنا عبد الله بن عمر , أخبرنا أبو الوقت , أخبرنا شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن صالح , حدثنا أبي , حدثنا أبو حاتم بن حبان التميمي قال : ما رأيت على وجه الأرض من يحفظ صناعة السنن , ويحفظ ألفاظها الصحاح , وزياداتها , حتى كأن السنن كلها بين عينيه إلا محمد بن إسحاق بن خزيمة فقط.
قال أبو الحسن الدارقطني : كان ابن خزيمة إماما ثبتا , معدوم النظير.
حكى أبو بشر القطان قال : رأى جار لابن خزيمة -من أهل العلم- كأن لوحا عليه صورة نبينا -صلى الله عليه وسلم- وابن خزيمة يصقُلُه. فقال المعبر : هذا رجل يحيي سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام أبو العباس بن سريج -وذُكر له ابن خزيمة- فقال : يستخرج النكت من حديث رسول الله بالمنقاش.
وقد كان هذا الإمام جهبذا بصيرا بالرجال , فقال -فيما رواه عنه أبو بكر محمد بن جعفر- شيخ الحاكم : لست أحتج بشهر بن حوشب , ولا بحريز بن عثمان لمذهبه ولا بعبد الله بن عمر , ولا ببقية , ولا بمقاتل بن حيان , ولا بأشعث بن سوار , ولا بعلي بن جدعان لسوء حفظه , ولا بعاصم بن عبيد الله , ولا بابن عقيل , ولا بيزيد بن أبي زياد , ولا بمجالد , ولا بحجاج بن أرطاة إذا قال : عن , ولا بأبي حذيفة النهدي , ولا بجعفر بن برقان , ولا بأبي معشر نجيح , ولا بعمر بن أبي سلمة , ولا بقابوس بن أبي ظبيان. ثم سمى خلقا دون هؤلاء في العدالة ؛ فإن المذكورين احتج بهم غير واحد.
وقال أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري : سمعت ابن خزيمة يقول : ليس لأحد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قول إذا صح الخبر.
قال الحاكم : سمعت محمد بن صالح بن هانئ , سمعت ابن خزيمة يقول : من لم يُقرَّ بأن الله على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته فهو كافر حلال الدم , وكان ماله فَيْئا.
قلت : من أقرَّ بذلك تصديقا لكتاب الله , ولأحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- , وآمن به مفوضا معناه إلى الله ورسوله , ولم يخض في التأويل ولا عمق , فهو المسلم المتبع , ومن أنكر ذلك , فلم يدر بثبوت ذلك في الكتاب والسنة فهو مقصِّر , والله يعفو عنه , إذ لم يوجب الله على كل مسلم حفظ ما ورد في ذلك , ومن أنكر ذلك بعد العلم , وقفا غير سبيل السلف الصالح , وتمعقل على النص , فأمره إلى الله , نعوذ بالله من الضلال والهوى.
وكلام ابن خزيمة هذا -وإن كان حقا- فهو فَج , لا تحتمله نفوس كثير من متأخري العلماء.
قال أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه : سمعتُ ابن خزيمة يقول : القرآن كلام الله تعالى , ومن قال إنه مخلوق. فهو كافر , يستتاب , فإن تاب وإلا قُتل , ولا يُدفن في مقابر المسلمين.
ولابن خزيمة عظمة في النفوس , وجلالة في القلوب لعلمه ودينه , واتباعه السنة.
وكتابه في " التوحيد " مجلد كبير , وقد تأوَّل في ذلك حديث الصورة فليعذر من تأول بعض الصفات. وأما السلف فما خاضوا في التأويل ؛ بل آمنوا وكفوا , وفوضوا علم ذلك إلى الله ورسوله , ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده -مع صحة إيمانه , وتوخيه لاتباع الحق- أهدرناه , وبدعناه , لقل من يسلم من الأئمة معنا. رحم الله الجميع بمنه وكرمه.
قال الحاكم : فضائل إمام الأئمة ابن خزيمة عندي مجموعة في أوراق كثيرة , ومصنفاته تزيد على مائة وأربعين كتابا سوى المسائل , والمسائل المصنفة أكثر من مائة جزء. قال : وله فقه حديث بريرة في ثلاثة أجزاء.
قال حمد بن عبد الله المعدل : سمعت عبد الله بن خالد الأصبهاني يقول : سئل عبد الرحمن بن أبي حاتم عن أبي بكر بن خزيمة فقال : ويحكم ! هو يُسأل عنا ولا نُسأل عنه ! هو إمام يُقتدى به.
قال الإمام أبو بكر محمد بن علي الشاشي : حضرت ابن خزيمة , فقال له أبو بكر النقاش المقرئ : بلغني أنه لما وقع بين المزني وابن عبد الحكم , قيل للمزني : إنه يرد على الشافعي. فقال المزني : لا يمكنه إلا بمحمد بن إسحاق النيسابوري. فقال أبو بكر : كذا كان.
وعن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن المضارب قال : رأيت ابن خزيمة في النوم , فقلت : جزاك الله عن الإسلام خيرا , فقال : كذا قال لي جبريل في السماء.
قال الحاكم : حدثني أبو بكر محمد بن حمدون وجماعة من مشايخنا -إلا أن ابن حمدون كان من أعرفهم بهذه الواقعة- , قال : لما بلغ أبو بكر بن خزيمة من السن والرئاسة والتفرد بهما ما بلغ , كان له أصحاب صاروا في حياته أنجم الدنيا , مثل أبي علي محمد بن عبد الوهاب الثقفي , وهو أول من حمل علوم الشافعي ودقائق ابن سريج إلى خراسان , ومثل أبي بكر أحمد بن إسحاق -يعني الصبغي- خليفة ابن خزيمة في الفتوى , وأحسن الجماعة تصنيفا , وأحسنهم سياسة في مجالس السلاطين , وأبي بكر بن أبي عثمان , وهو آدبهم , وأكثرهم جمعا للعلوم , وأكثرهم رحلة , وشيخ المطوعة والمجاهدين , وأبي محمد يحيى بن منصور , وكان من أكابر البيوتات , وأعرفهم بمذهب ابن خزيمة وأصلحهم للقضاء.
قال : فلما ورد منصور بن يحيى الطوسي نيسابور , وكان يكثر الاختلاف إلى ابن خزيمة للسماع منه , وهو معتزلي , وعاين ما عاين من الأربعة الذين سميناهم حسدهم , واجتمع مع أبي عبد الرحمن الواعظ القدري بباب معمر في أمورهم غير مرة فقالا : هذا إمام لا يسرع في الكلام , وينهى أصحابه عن التنازع في الكلام وتعليمه , وقد نبغ له أصحاب يخالفونه وهو لا يدري , فإنهم على مذهب الكلابية فاستحكم طمعهما في إيقاع الوحشة بين هؤلاء الأئمة.
قال الحاكم : سمعت الإمام أبا بكر أحمد بن إسحاق يقول : كان من قضاء الله -تعالى- أن الحاكم أبا سعيد لما توفي أظهر ابن خزيمة الشماتة بوفاته , هو وجماعة من أصحابه -جهلا منهم- فسألوه أن يتخذ ضيافة , وكان لابن خزيمة بساتين نزهة. قال : فأكرهت أنا من بين الجماعة على الخروج في الجملة إليها.
وحدثني أبو أحمد الحسين بن علي التميمي : أن الضيافة كانت في جمادى الأولى سنة تسع وثلاث مائة , وكانت لم يعهد مثلها , عملها ابن خزيمة , فأحضر جملة من الأغنام والحملان , وأعدال السكر , والفرش , والآلات , والطباخين , ثم إنه تقدم إلى جماعة المحدثين من الشيوخ والشباب , فاجتمعوا بجَنْزَرُوذ وركبوا منها , وتقدمهم أبو بكر يخترق الأسواق سوقا سوقا , يسألهم أن يجيبوه , ويقول لهم : سألت من يرجع إلى الفتوة والمحبة لي أن يلزم جماعتنا اليوم. فكانوا يجيئون فوجا فوجا حتى لم يبق كبير أحد في البلد -يعني نيسابور- والطباخون يطبخون , وجماعة من الخبازين يخبزون , حتى حمل أيضا جميع ما وجدوا في البلد من الخبز والشواء على الجمال والبغال والحمير , والإمام -رحمه الله- قائم يجري أمور الضيافة على أحسن ما يكون , حتى شهد من حضر أنه لم يشهد مثلها.
فحدثني أبو بكر أحمد بن يحيى المتكلم قال : لما انصرفنا من الضيافة اجتمعنا عند بعض أهل العلم , وجرى ذكر كلام الله : أقديم هو لم يزل , أو نثبت عند إخباره تعالى أنه متكلم به ؟ فوقع بيننا في ذلك خوض , قال جماعة منا : كلام البارئ قديم لم يزل.
وقال جماعة : كلامه قديم غير أنه لا يثبت إلا بإخباره وبكلامه. فبكرت إلى أبي علي الثقفي , وأخبرته بما جرى فقال : من أنكر أنه لم يزل فقد اعتقد أنه محدث. وانتشرت هذه المسألة في البلد , وذهب منصور الطوسي في جماعة إلى ابن خزيمة , وأخبروه بذلك حتى قال منصور : ألم أقل للشيخ : إن هؤلاء يعتقدون مذهب الكلابية ؟ وهذا مذهبهم. قال : فجمع ابن خزيمة أصحابه وقال : ألم أنهكم غير مرة عن الخوض في الكلام ؟ ولم يزدهم على هذا ذلك اليوم.
قال الحاكم : وحدثني عبد الله بن إسحاق الأنماطي المتكلم قال : لم يزل الطوسي بأبي بكر بن خزيمة حتى جرأه على أصحابه , وكان أبو بكر بن إسحاق وأبو بكر بن أبي عثمان يردان على أبي بكر ما يمليه , ويحضران مجلس أبي علي الثقفي , فيقرءون ذلك على الملأ , حتى استحكمت الوحشة.
سمعت أبا سعد عبد الرحمن بن أحمد المقرئ , سمعت ابن خزيمة يقول : القرآن كلام الله ووحيه وتنزيله غير مخلوق , ومن قال : شيء منه مخلوق. أو يقول : إن القرآن محدث , فهو جهمي , ومن نظر في كتبي , بان له أن الكلابية -لعنهم الله- كذبة فيما يحكون عني بما هو خلاف أصلي وديانتي , قد عرف أهل الشرق والغرب أنه لم يصنف أحد في التوحيد والقدر وأصول العلم مثل تصنيفي , وقد صح عندي أن هؤلاء -الثقفي , والصبغي , ويحيى بن منصور- كذبة , قد كذبوا علي في حياتي , فمحرم على كل مقتبس علم أن يقبل منهم شيئا يحكونه عني , وابن أبي عثمان أكذبهم عندي , وأقولهم علي ما لم أقله.
قلت : ما هؤلاء بكذبة ؛ بل أئمة أثبات , وإنما الشيخ تكلم على حسب ما نقل له عنهم. فقبح الله من ينقل البهتان , ومن يمشي بالنميمة.
قال الحاكم : وسمعت محمد بن أحمد بن بالويه , سمعت ابن خزيمة يقول : من زعم بعض هؤلاء الجهلة : أن الله لا يكرر الكلام , فلا هم يفهمون كتاب الله. إن الله قد أخبر في مواضع أنه خلق آدم , وكرر ذكر موسى , وحمد نفسه في مواضع , وكرر فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ولم أتوهم أن مسلما يتوهم أن الله لا يتكلم بشيء مرتين , وهذا قول من زعم أن كلام الله مخلوق , ويتوهم أنه لا يجوز أن يقول : خلق الله شيئا واحدا مرتين.
قال الحاكم : سمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق يقول : لما وقع من أمرنا ما وقع , وجد أبو عبد الرحمن ومنصور الطوسي الفرصة في تقرير مذهبهم , واغتنم أبو القاسم , وأبو بكر بن علي , والبردعي السعي في فساد الحال , انتصب أبو عمرو الحيري للتوسط فيما بين الجماعة , وقرر لأبي بكر بن خزيمة اعترافنا له بالتقدم , وبين له غرض المخالفين في فساد الحال , إلى أن وافقه على أن نجتمع عنده , فدخلت أنا , وأبو علي , وأبو بكر بن أبي عثمان , فقال له أبو علي الثقفي : ما الذي انكرت أيها الأستاذ من مذاهبنا حتى نرجع عنه ؟ قال : ميلكم إلى مذهب الكلابية , فقد كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب على أصحابه مثل الحارث وغيره.
حتى طال الخطاب بينه وبين أبي علي في هذا الباب , فقلت : قد جمعت أنا أصول مذاهبنا في طبق , فأخرجت إليه الطبق , فأخذه وما زال يتأمله وينظر فيه , ثم قال : لست أرى هاهنا شيئا لا أقول به. فسألته أن يكتب عليه خطه أن ذلك مذهبه , فكتب آخر تلك الأحرف , فقلت لأبي عمرو الحيري : احتفظ أنت بهذا الخط حتى ينقطع الكلام , ولا يتهم واحد منا بالزيادة فيه. ثم تفرقنا , فما كان بأسرع من أن قصده أبو فلان وفلان وقالا : إن الأستاذ لم يتأمل ما كتب في ذلك الخط , وقد غدروا بك وغيروا صورة الحال.
فقبل منهم , فبعث إلى أبي عمرو الحيري لاسترجاع خطه منه , فامتنع عليه أبو عمرو , ولم يرده حتى مات ابن خزيمة , وقد أوصيت أن يدفن معي , فأحاجه بين يدي الله -تعالى- فيه وهو : القرآن كلام الله تعالى , وصفة من صفات ذاته , ليس شيء من كلامه مخلوق , ولا مفعول , ولا محدث , فمن زعم أن شيئا منه مخلوق أو محدث , أو زعم أن الكلام من صفة الفعل , فهو جهمي ضال مبتدع , وأقول : لم يزل الله متكلما , والكلام له صفة ذات , ومن زعم أن الله لم يتكلم إلا مرة , ولم يتكلم إلا ما تكلم به , ثم انقضى كلامه , كفر بالله , وأنه ينزل تعالى إلى سماء الدنيا فيقول : هل من داع فأجيبه .
فمن زعم أن علمه تنزل أوامره ضلّ , ويكلم عباده بلا كيف الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى لا كما قالت الجهمية إنه على الملك احتوى , ولا استولى. وإن الله يخاطب عباده عودا وبدءا , ويعيد عليهم قصصه وأمره ونهيه , ومن زعم غير ذلك , فهو ضال مبتدع. وساق سائر الاعتقاد.
قلت : كان أبو بكر الصبغي هذا عالم وقته , وكبير الشافعية بنيسابور , حمل عنه الحاكم علما كثيرا.
ولابن خزيمة ترجمة طويلة في " تاريخ نيسابور " تكون بضعا وعشرين ورقة , من ذلك وصيته , وقصيدتان رُثِيَ بهما.
وضبط وفاته في ثاني ذي القعدة سنة إحدى عشرة وثلاث مائة عاش تسعا وثمانين سنة.
المفضلات