اللغة العربية .. المجني عليها

الغيور علي اللغة العربية في بلادنا يحزن لما آلت إليه هذه اللغة من ضعف وهوان علي ألسنة الناطقين والكاتبين بها من العرب وبخاصة المصريين وقد ساهم الجميع.. التعليم والإعلام والثقافة في إضعاف اللغة العربية وتغريبها في بلادنا حتي أصبحت الأخطاء اللغوية. كتابة ونطقا. نحوا وصرفا بالغة الشناعة وصادمة لكل من يعتز بها ويعشقها.

ومما يؤسف له أن اللغة العربية لم تضعف علي ألسنة وكتابات المتعلمين فقط بل امتد الضعف أيضا إلي الكثيرين من الكتاب والصحفيين والمثقفين وحاملي شهادات الدكتوراه.

لقد لعب التعليم الدور الأساسي في ضعف اللغة العربية وضعف كل المواد الدراسية الأخري. والكل يدرك أحوال التعليم المصري الآن ابتداء من مرحلة التعليم الأساسي مروراً بالمرحلة الثانوية وانتهاء بالمرحلة الجامعية فالمدرسة لم يعد لها وجود حيث إن المدرس والتلميذ غائبان عنها ويلتقيان سويا في الدروس الخصوصية التي تحقق للطرفين غرضهما.. المدرس للحصول علي الموارد المالية وللتلميذ للحصول علي المعلومات التي توفر له فرص النجاح في المواد الدراسية وليس النجاح في التعليم ناهيك عن المناهج التعليمية وطرق التدريس - إن وجدت - العقيمة القائمة علي الحفظ والتلقين وليس الفهم والاستيعاب والتعليم الجامعي ليس أفضل حالاً مما سبقه حيث أصبحت الدروس الخصوصية هي الوسيلة الناجعة للنجاح.

ساهم الإعلام المصري المرئي والمسموع والمقروء في تغريب اللغة العربية والاستهانة بها ونظرة إلي شاشة التليفزيون المصري الرسمي نجد أنه يطلق اسماءً أجنبية علي كثير من برامجه وكأن اللغة العربية لا تفي بالمعني والمقصود كما أن المذيعين والمذيعات يرددون العديد من المفردات والكلمات الأجنبية خلال البرامج والحوارات المختلفة اعتقاداً منهم أن ذلك يعزز من مكانتهم الإعلامية والثقافية وكأن الشاهد علي دراية تامة بتلك الكلمات الأجنبية وقديما علمونا في كلية الإعلام أنه إذا تحدث ضيف البرنامج بلفظ أجنبي سارع بترجمته أو علي الأقل أطلب من ضيفك ترجمته للعربية فهل اختلفت دراسة الإعلام هذه الأيام؟ وما ينطبق علي التليفزيون نجده في الاذاعة المصرية التي تخففت من وقارها بعض الشيء عدا إذاعة "القرآن الكريم" التي تعد حائط الصد الأخير للحفاظ علي اللغة العربية في الإعلام المصري.

لعبت الصحافة دورا ملموسا في تغريب اللغة العربية وإهانتها وذلك عن طريق العديد من الأخطاء التي تقع فيها ومنها علي سبيل المثال وليس الحصر.. غياب المراجع اللغوي الكفء الذي يكتشف الخطأ بحاسته قبل علمه - تجاهل الأخطاء اللغوية في الإعلانات وعدم تصحيحها أو التوجيه بذلك - نشر الكثير من الإعلانات باللغات الأجنبية للجمهور العربي.. وإن كان ذلك من حق المعلن فمن حق القاريء العربي معرفة ما ينشر في صحافته العربية باللغات الأخري.

غابت الثقافة الجادة بمفهومها الشامل عن القاريء العربي الذي يعد من أقل شعوب العالم قراءة واطلاعا واشترك الاثنان.. الثفافة والقاريء في تهميش اللغة العربية.. فقد عجزت الثقافة عن تقديم الجيد والشيق للقاريء باسعار في متناول يده ولولا نشاط "مكتبة الأسرة" لفقد القاريء صلته بالقراءة والمعرفة والقاريء اتجه إلي التقاط المعرفة والمعلومات من الشبكة العنكبوتية وتعامل معها بلغة عربية ركيكة وبلغة "غريبة" أحيانا هي عربية بحروف انجليزية مدخلاً الأرقام الحسابية بديلاً لبعض الحروف غير الموجودة في اللغة الانجليزية.

لقد حزنت أشد الحزن عندما قرأت مقالة صغيرة لحامل دكتوراة حيث وجدت فيها أكثر من أربعة أخطاء لغوية وليست مطبعية وتساءلت مع نفسي: كيف يكون حال طالب الثانوية العامة؟

لقد بات الخطر يهدد اللغة العربية.. فهل يتنبه القائمون علي أمرها لهذا الخطر وهل يدركونه وهل أعدوا العدة لمواجهته؟ لا أعتقد.


__________________
حملة نصرة لغتنا العربية الجميلة لغة القرآن ..... عماد عبد الوهاب
هذا المقال بقلم رمزي الطويل
المصدر : جريدة الجمهورية 22/3/2010 م