قلم نشوى الحوفى ٢٠/ ١١/ ٢٠٠٩لله ما أعطى ولله ما أخذ، انتهت المباراة التى حاروا فى توصيفها تارة بالفاصلة، وأخرى بالحاسمة.. مذكرين إيانا بسنوات انتظار الثأر عقب نكسة يونيو ١٩٦٧. انتهت وإن كان يطيب للأخوة الجزائريين التهنئة، فمبارك عليهم النصر، وعوضنا على الله كمصريين فى فرح كنا نتمناه، ونصر تُقنا لتحقيقه عسى أن يعوضنا خسارتنا فى حياتنا اليومية، والله يعوض الحكومة هى الأخرى فى ذلك النصر الذى كانت ستضيفه إلى قائمة إنجازاتها، على أساس أنه قد تحقق فى عهدها،
ولكن السؤال الذى يفرض نفسه الآن هل ستضيف الحكومة النظيفة هزيمة المنتخب إلى قائمة إخفاقاتها؟ أم ستتجاهل التعامل مع الموضوع وكأنه لم يكن، ويخص أناسا غيرنا. على أية حال عوضنا على الله. وعلى الحكومة أيضاً.
أذكر، منذ نحو ثلاث سنوات، وأثناء حضورى لإعلان تقرير التنمية البشرية الذى يصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، وكان بحضور رئيس الوزراء دكتور أحمد نظيف - إنه انتهز كلمته عن الدعم وإساءة استخدام الناس له، كى يتحدث عن حالة الانتماء التى سيطرت على المصريين عقب الفوز بكأس الأمم الإفريقية فى العام ٢٠٠٦، منحت الفرصة يومها للحديث وسألت رئيس الوزراء عن الخطة التى وضعها مع زملائه فى الوزارة لاستغلال تلك الحالة التى عمت الشعب؟
هل قرروا مثلاً إعلان مشروع قومى يجمعه؟ هل قرروا تعمير الصحراء ليأكل من نتاجها المصريون والعالم؟ هل قرروا محو أمية نصف الشعب المنتعش بحالة الانتماء؟ أم أنه اكتفى بالتلويح بالعلم للمنتخب كما ظهر فى لقطات التلفزيون التى بثتها له عقب المباراة النهائية فى ذات الوقت الذى كان فيه خبر غرق الباخرة السلام و١٤٠٠ مصرى قد انتشر؟ يومها لم يمنحنى رئيس الوزراء سوى سعة الصدر على سؤالى وسط الحضور، ولكنه لم يمنحنى إجابة شافية.
عادت ذكرى تلك الواقعة إلى ذهنى وأنا أرى جموع المصريين يحدوهم الأمل فيبتسمون لبعضهم البعض فى الشوارع، يرفعون أعلام مصر من نوافذ البيوت والسيارات، يدعون على قلب رجل واحد أن يكون النصر لمصر فى التأهل لمباريات كأس العالم. شاهدت نساءً ترقص على نغمات الأغنيات الوطنية، وشبابا يردد اسم مصر بمناسبة ومن دون، وأطفالا يرسمون على وجوههم علم مصر بألوانه وينشدون «يا حبيبتى يا مصر».
نعم حان الوقت أن يكون عوضنا على الحكومة، أن تمنحنا مشروعاً قوميا نفرغ فيه عطشنا وجوعنا للوطن وللانتماء له، كما منحناها الصبر والرضا على خططها الخمسية والعشرية والعشرينية وكل خطط الدنيا التى أتت بها من دون جدوى، أن تجمعنا وهذا حقنا وتعلن تعمير الصحراء بسواعد العاطلين فى المقاهى. أن وأن وأن.. هناك الكثير لتعوضنا الحكومة به.
أما المصريون فدعوتى لهم ألا يفقدوا روح الإيمان بالوطن، والانتماء لعلمه، والذوبان عشقاً فى اسمه. أرجوكم لا تخفضوا أعلامكم، ولا تحنوا رؤوسكم... بل زيدوا إيمانكم بمصر واجعلوها دوماً أمام أعينكم. انهضوا به وعزوه، اجعلوه فى مقدمة الأمم كما كان دوماً فهو وبحق وطن يستحق.
المفضلات