بلاد الشام .. للدكتور عبد الرجمن العشماوي
بلاد الشام
شعر : د. عبدالرحمن بن صالح العشماوي
.........................................
إذا قيل : المحبةُ والوئامُ :
تلألأَ في خيال المجد شامُ
ولاحتْ في أصالتها دمشقٌ :
ورفرفَ فوق غوطتها الحمامُ
بلاد بارك الرحمنُ فيها :
وغرّد في مغانيها السّلام
يمدّ الفجر راحتهُ إليها :
مُعطّرةً ، وفي فمه ابتسامُ
وينسج من خيوط النور ثوباً :
لغوطتها يُوشحه الغرامُ
فلا تسأل عن الحسناء لمّا :
يفيضُ على ملامحها انسجامُ
لها وجهٌ صباحيّ جميلٌ :
مُحالٌ أن يُخبئه الظلامُ
دمشقُ أصالةٍ في مقلتيها :
حديثٌ لا يصوره الكلامُ
تظلّ دمشق نبراسَ المعالي :
وإنْ طال السُّرى ، وجفا المنامُ
تهبُّ رياحها شرقاً وغرباً :
بما يرضى به القومُ الكرام
وتعصف ريحها بدعاةِ وهمٍ :
تمادوا في غوايتهم وهاموا
إذا ذكرت بلاد الشام طابتْ :
بها كلماتنا ، وسما المقامُ
لأنّ الشام للكرماء رمزٌ :
وإنْ أزرى بموقفها اللّئامُ
كأنّ الجامع الأموي فيها :
عظيمُ القومِ ، بايعهُ العظامُ
ويبرزُ " قاسيون " كشيخِ قومٍ :
يحدّثهم وفي يده حسامُ
لقد طال اغترابُ الشام عنّا :
وغيّب وجهها الصافي القتامُ
رمتها الطائفية منذ جاءت :
بقسوتها وأدمتها السّهامُ
بلادُ الشامِ مازالت تعاني :
ومازالت بحسرتها تُضامُ
سلوا عنها " حماةً " فهي تبكي :
وإنْ ضحكتْ وأسكتها اللجامُ
وإنّ ترابها مازال يشكو :
وفي ذرّاتهِ دمها الحرامُ
نشازٌ أن تكون الشامُ داراً :
لطائفةٍ سجيتها انتقامُ
يباعدها عن الإسلام وهمٌ :
وينخرُ في عقيدتها السَّقامُ
وفي محرابِ درعةَ ما يُرينا :
شواهدَ من جرائمها ، تُقامُ
أيا أكنافَ بيت القدسِ إنّي :
أرى غيثاً يجود به الغمامُ
لقد آن الآوان لكسر قيدٍ :
فهبّي من قيودك يا شآمُ
لقد كان اختطافك باب ذلٍّ :
ومثلك بالمذلةِ لا يُسامُ