المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نبذة عن تاريخ التعليم الفنى في مصر :-



عمرو الحكيم
07-03-2010, 10:19 PM
نظراً لتزايد أهمية التعليم في مصر واعتباره أمراً حيوياً لا يقل في أهميته عن الاستراتيجية العسكرية فإن الاهتمام بالتعليم وتطويره يعتبر من الجوانب الهامة للأمن القومي ومن المعلوم أن عادات الشعوب سواء الإيجابية أو السلبية هي نتاج للنظام التعليمي الخاص بها سواء كان مباشراً أو غير مباشراً .. وغالباً ما يكون طريق أي نظام تعليمي لأي شعب مفروشاً بالنوايا الحسنة .. حيث سعي الرواد لتحديث التعليم وتطويره في مصر منذ القدم فكان التعليم المهني من أهم مسببات النهضة لقدماء المصريين .

أنواع التعليم المهني في مصر القديمة

* التعليم المهني الخاص بالقصور الملكية: حيث كان الفن المصري في جانب كبير منه ملكياً يخضع لنظام الحكم الفرعوني والسلطة الروحية للفرعون فأنشأت الورش الفنية لخدمة متطلبات القصر الملكي في شتى فروع الصناعة وكان يوجد بها أمهر الصناع في كل مجال كما كان يوجد بها نوعاً من التدريب والتعليم الفني والمهني لأبناء العاملين بالقصر الملكي .

* تعليم مهني خاص بالمعابد : من الصعب أن نجد حضارة يتم فيها هذا التوافق بين الكهنة الذين يحمون العقيدة وبين الذين يتولون التعبير عنها تعبيراً تشكيلياً حيث وجد كل من الكاهن والفنان يعملان جنباً إلى جنب في فريق واحد للحفاظ على تقاليد هذا الفن وكان يلحق بهذه المعابد دار للمحفوظات تحوى مخطوطات ومراجع بعضها خاص بالصناعات والفنون ومدى ارتباطها بنواحي الدين والعبادة كما كان يوجد نوعاً من التعليم والتدريب لإعداد الكاهن الفنان لخدمة متطلبات المعبد في شتى فروع الفن والصناعة .

- كما وجدت ورش فنية خاصة مجمعة في أحياء سكنية محدودة وكان نظام التعليم المهني بها مرتبطاً بنظام التوريث الحرفي .

- وكان هناك أيضاً نوعاً من التعليم المهني الرياضي العسكري .

- والتعليم المهني الخاص بكتبه الدواوين الرسمية .

- ولم يكن هناك تعليم زراعي مدرسي ولكن بلغ من اهتمام الدولة بالنشاط الزراعي أن الفراعنة كان يأمرون فرسانهم بالذهاب للجنوب يحملون شتلات زراعية وعندما يجدون ارض زراعية اهملها اصحابها بدون زراعتها كانوا يزرعون الشتلات التي معهم بها ويعاقبون صاحبها عقابا شديدا بلغ هذا العقاب في عهد فرعون لحد الأعدام.

- ثم جاء الاحتلال الروماني لمصر والذي اعتمد على الاستغلال للشعب المصري والتخريب الثقافي والذي سبب اضمحلال التعليم حتى جاء السيد المسيح .

* دخول المسيحية مصر ومنذ سنوات المسيحية الأولى في مصر اضطهد الرومان رجال الدين وأقباط مصر وأرهقوهم بالضرائب وقتلوهم ولكن بسبب قوة العقيدة للمصرين والتمسك بالدين ساد التعليم الصبغة الدينية لما كان يلاقياه القساوسة من احترام الناس ونظافة المظهر وبلاغة القول وإحساس المتعلمين بأن دراسة العلوم الدينية طريق جميل للراحة الروحية والنفسية أكثر من الصناعات المهنية الشاقة ويشابه ذلك التعلق بالوظائف الحكومية في الوقت الحاضر .

وبعد دخول الإسلام مصر : ظل التعليم معتمداً على التعليم الديني وخصوصاً علوم الفقه والحديث وكتاتيب تحفيظ القرآن وتعليم القراءة والكتابة والحساب ثم توسع التعليم الديني بعد إنشاء الأزهر الشريف ولكنه ظل قاصراً على علوم الدين والبعد عن العلوم الدنيوية لاعتقاد القائمين على التعليم بعدم أهميته وقام السنة بمصر بإحراق المكتبات الخاصة بالشيعة وتسبب ذلك في فقد الكثير من الكتب النفيسة و العلوم القديمة التي لا علاقة لها بالمذهب الشيعي .

وكان التعليم المهني في ذلك الوقت يعتمد على نظام التوريث وعدم السماح بدخول أي فرد جديد في حرفه من الحرف مع عدم تعليم أحد بأسرار صناعتهم إلا أبنائهم وذلك دون الاهتمام بالقرأة والكتابة أو تسجيل هذه الصناعات وطرقها في سجلات كمراجع بل استمر تناقلها بالتعليم المباشر من جيل إلى جيل حتى جاء الاحتلال العثماني لمصر .. وقام السلطان سليم الأول باحتكار الصناع المهرة وإرسالهم إلى القسطنطينية وتعجيز من رفض الجلاء منهم بقطع يده .. وحرمان البلاد من خبراتهم ومهارتهم مما افقدنا الكثير من أسرار هذه الصناعات بسبب جهل أغلب الصناع بالقراءة والكتابة والخوف من انتقال سر الصنعة إلى المنافسين ..

وفي أثناء ذلك الوقت في أوربا قام عصر النهضة الذي وجد به نظام تعليمي منظم استطاع أن يخرج بأوربا من الظلمات إلى النور حيث كان الطالب يتعلم في المدرسة الابتدائية القراءة والكتابة والحساب واللاتينية والهندسة والموسيقي . كما وجد أيضاً للتعليم المهني في ورش ومراسم الفنانين والمعماريين الأوربيين الكبار . تؤهل الدارس بها للالتحاق بنقابة خاصة للحرف والفنون وتسجيل أسمه في سجلات الممارسين الرسمية بالمدينة التي يعمل بها ولا نغفل ظهور الطباعة في أوربا والتي سببت بدء إشعاع النور بها وأصبح الكتاب ميسوراً لكل من يطلبه ، بينما لم يعرف الشرق الطباعة إلا عندما جاءته الحملة الفرنسية .

ودخل الفرنسيون مصر ومعهم ماكينتان للطباعة بعد أن كانت الطباعة في مصر والعالم العربي قاصرة على النساخين والكتابة اليدوية وكما كان لهذه الحملة عيوب كثيرة إلا أنها أتاحت للمصرين التعرف على الحضارة الغربية ورؤية أشياء لم يألفوها من قبل .

عصر النهضة التعليمي الأول:-

جاء عهد محمد علي وجاءت معه أحلامه في التوسع وأماله في بناء إمبراطورية عظيمة توازي وتنافس الامبراطورية العثمانية ومن هنا كان اهتمامه بفتح المدارس المختلفة وجلب العلماء والفنيين من الخارج وإرسال البعثات للخارج أيضاً وصاحب ذلك اهتمامه بالتعليم والكتاب المدرسي والتراجم كما حدث في العصر العباسي .. كوسيلة لإنشاء جيلاً جديداً من شباب الأمة لقيادة عجلة التنمية والنهوض بمختلف نواحي الحياة في مصر الاقتصادية والصناعية والعسكرية والزراعية والكيمياء والطب وصاحب ذلك تعليم مهني لكل هذه التخصصات وكلف محمد علي في عام 1836 عدداً من خبراء التعليم بتنظيم المدارس في مصر .

وقد حصل أبناء مصر في عهد محمد علي على فرص تعليمية لم يسبق لهم الحصول على مثلها من قبل ولكن أدت سياسة محمد علي التوسعية إلى التأمر الخارجي عليه وبالتالي على مصر وعندما بدأت مصر في عهد محمد علي تنمو وتزدهر ظهر للعالم بأن هذه الدولة الفتية الجديدة سوف تستقطب الدول التي تحكمها الدولة العثمانية وتضيع بذلك أطماع الدول الاستعمارية ومصالحها وتم تضيق الخناق عليه حتى نتج عن ذلك

الاحتلال البريطاني لمصر عام 1882م وقد تناول المحتل نظامنا التعليمي بالتعديل والتغيير بما يتفق مع سياستهم المعتمدة على تجهيل الشعوب , وكان من الطبيعي أن يقوم الاحتلال بجانب الاحتلال العسكري بالاحتلال الاقتصادي والسياسي والثقافي وإيجاد نوع من التعليم يجنح إلى الاستكانة والخنوع وأن يكون اقتصاداً متخلفاً ويقاوم أي حركة للتطور واقتصر التعليم آنذاك على أعداد متعلمين لا هم لهم إلا الالتحاق بعمل حكومي وقامت بأضعاف أي نوع من أنواع التعليم الفني العسكري والصناعي والزراعي والتجاري التي أنشئت في عهد محمد علي مع تخفيض ميزانيات التعليم وكذلك فرض مصروفات على التعليم أدت إلى انحصار التعليم في فئة قليلة من القادرين على تحمل تكلفته كما قام الاحتلال بمحاربة اللغة العربية لترسيخ ثقافته وتمكين الثقافة الغربية من التغلغل في نفوس الشعب المصري.

عصر النهضة التعليمي الثاني :-

وبعد ذلك تغير وجه الحياة في مصر عقب ثورة ( يوليو 1952 ) ، وصاحب ذلك تغير أيضاً في التعليم حيث أخذت حكومة الثورة تولى التعليم رعايتها أيماناً منها بأن التعليم أساس كل نهضة وتقدم ..كما أكدت على حتمية ديموقراطية التعليم وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية للشعب وأصبح التعليم أداه للتغير الاجتماعي ووسيلة لتحقيق أهداف واحتياجات قومية ووفرت كافة الإمكانات اللازمة للنهوض به وأقامت مؤسسة للأبنية التعليمية لتنشأ 850 مدرسة في 3 سنوات وتطور التعليم المهني في عهد الثورة تطوراً كبيراً حيث تم أنشاء المدارس الفنية الإعدادية والثانوية وتم تجهيزها بأحدث العدد والآلات وأوفدت للبعثات للخارج واهتمت حكومة الثورة بربط التعليم بخطط التنمية وقطاعات الإنتاج المختلفة ، وأنشئت المعاهد العليا الفنية أمام خريجي المدارس الثانوية الفنية لاستكمال تعليمهم حتى يأخذ التعليم مكانه اللائق في مجتمع به نهضة صناعية كبري .

عصر النهضة التعليمية المعاصر:-

جاء عهد السيد الرئيس محمد حسنى مبارك رئيس جمهورية مصر العربية وزاد الاهتمام بالتعليم زيادة هائلة .. وأنشأت مراكز التطوير والبحث العلمي والتكنولوجي ومراكز المعلومات المختلفة ومراكز لتطوير المناهج وطرق التدريس و زاد التوسع في إنشاء كليات التربية لإعداد المعلمين والتوسع في إنشاء الجامعات والكليات الأهلية والخاصة والمدارس المختلفة التي زادت في فترة تولى سيادته إلى أكثر من ضعف عددها منذ عهد محمد علي إلى أخر عهد الرئيس الراحل أنور السادات كما زادت بصفة خاصة المدارس الفنية إلى أضعاف عددها قبل تولى سيادته السلطة .

وقامت الثورة المعلوماتية التي بدأت بتأكيد السيد الرئيس على تحديث الدولة وبناء دولة عصرية تتمتع بقدرات التعامل مع التحديات والمتغيرات العالمية وتحفظ للأجيال الجديدة مقومات الحياة. كما أكد السيد الرئيس على الإسراع بتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإدارية من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات المناسبة وإعداد جيل متميز من الشباب للعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات وكما تم إنشاء شبكة للدراسات والبحوث المصرية والتي تهدف إلى تنمية الموارد وحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية, كما وضعت لها قاعدة مركزية على شبكة الإنترنت كما قامت السيدة سوزان مبارك قرينة السيد الرئيس بإنشاء مكتبة الأسرة ومشروع القراءة للجميع وهي تجربة مصرية خالصة ساهمت في إعادة طبع ملايين النسخ والكتب من أعظم كتب الأدب والعلوم وتوفيرها بسعر يناسب الشباب في منظومة تعليمية هامة يقام لها مهرجان كل عام هو بمثابة عيد المثقفين و شباب وأطفال مصر كما أدخل الحاسب الآلي في مناهج التعليم وزودت المدارس بوسائل تكنولوجيا التعليم الحديث مثل الكمبيوتر والإنترنت وأجهزة العرض بأنواعها وجميع الوسائط المساعدة .. ومشروع كمبيوتر لكل معلم وكل طالب وكل بيت مما يؤهل الجميع للدخول والتعامل مع الثورة التكنولوجية الحديثة ومازالت المسيرة مستمرة.

الطفرة التعليمية المنشودة في القرن (ال21) بمصر:-

ولكن تحتاج مصر إلى ثورة تعليمية حقيقية وذلك لتطوير التعليم .. وهذه الثورة يمكن أن تقوم في عهد من يهتم بالعلم ويقدر العلماء كما هو في هذا العهد عهد سيادة الرئيس محمد حسنى مبارك وربما ساهمت هذه الثورة للتعليم في تحقيق حلم سيادة الرئيس الذي كافح من أجله على مدي أكثر من عشرين عاماً وهو التنمية في جميع مجالات المجتمع ووضع مصر ضمن مصاف الدول الصناعية الكبرى وذلك من خلال الاستفادة من الموارد البشرية وربط التعليم بالاقتصاد حيث كان رجال الاقتصاد في الماضي لا يعترفون بدور التعليم كعامل أساسي في التنمية الاقتصادية وكذلك رجال التعليم ولفترة طويلة يعتقدون بأن الهدف الأساسي للتعليم هو تنمية العقل وإكساب التلاميذ القيم الاجتماعية فقط وصاحب ذلك أن التعليم خدمة تقدم إلى أفراد المجتمع في عزله عن العملية الاقتصادية وذلك بحجة صعوبة قياس العائد الاقتصادي من التعليم وخوف رجال التعليم من صبغ التعليم بصفة اقتصادية تجعله يبعد عن أهدافه ويصبح مؤسسة اقتصادية هدفها الربح المادي , ولقد تغير هذا المفهوم بعد الحرب العالمية الثانية وربطت الكثير من الدول التعليم بالاقتصاد ومن ثم اختلفت النظرة القديمة .. ونظر إلى التعليم على أنه نوع من الاستثمار وكان على مصر أن تأخذ بهذا الأسلوب وتنفيذه بطريقة تناسب اتجاهاتها وميول أفرادها للوصول به إلى الأسلوب الأمثل للتطبيق وقد سعي السادة وزراء التعليم السابقون سعياً دؤوباً لتطوير التعليم وتحديثه ومحاولة القضاء على سلبيات بعض التجارب السابقة والحالية وإدخال أحدث النظم التكنولوجية في التعليم وتطوير المناهج والاستعانة بخبراء التربية والتعليم ولكن ومع هذا لم نستطيع إلى الآن إيجاد نظام تعليمي مستقر فما زال هناك تفضيل لنوع من التعليم على حساب نوع أخر مع إيمان بأن الذين يقومون بعملية التطوير بوجوب وجود تنوع إيجابي في التعليم ووجود نظام تعليمي يراعي الفروق الفردية ويقدم لأبناء الوطن ما يناسبهم ويوجه ميولهم مع عدم الاعتماد على نظام تعليمي مقتبس الأجزاء من نظم تعليمية بالدول الكبرى , حيث أن محاولة تطبيق هذه االنظم على أولادنا في مصر لن ينتج عنها إلا المزيد من التجارب اللانهائية التي لن تؤدي إلى تطوير فعلي للتعليم . ولهذا فقد اصبح من حقنا أن يكون لنا نظامنا التعليمي الرائد النابع من احتياجاتنا وعاداتنا .. وبدون أن يكون مقتبساً من الخارج كما هو بل متطوراً ومراعياً لجميع الأبعاد الخاصة بالمجتمع المصري.
كتبه عمرو الحكيم

خالد سعد
15-03-2010, 12:26 AM
معلومات رائعه
بارك الله فيك
You can see links before reply (You can see links before reply)

عمرو الحكيم
15-03-2010, 08:03 PM
معلومات رائعه
بارك الله فيك
You can see links before reply (You can see links before reply)

شكرا اخى الاستاذ خالد سعد على مشاركتكم الطيبة
اخوكم / عمرو الحكيم

أبوبكر أحمد العملة
16-03-2010, 01:32 AM
جزاك الله خيراً

طرح متميز من خبير بالتعليم الفنى ببوابة التعليم المصرى ...

يحتاج الى القراءة المتأنية أكثر من مرة ....

شكراً على الموضوع المتميز


مع خالص تقديرى لشخصكم الكريم
ابوبكر احمد العملة
عضو فريق مجتمع المعرفة بالمنتدى الكريم

عمرو الحكيم
16-03-2010, 11:53 AM
جزاك الله خيراً

طرح متميز من خبير بالتعليم الفنى ببوابة التعليم المصرى ...

يحتاج الى القراءة المتأنية أكثر من مرة ....

شكراً على الموضوع المتميز


مع خالص تقديرى لشخصكم الكريم
ابوبكر احمد العملة
عضو فريق مجتمع المعرفة بالمنتدى الكريم
والله ربنا يكرم اصلك الطيب فأن امثالك اخى ابو بكر من فرسان التعليم هم الذين يمدونا بالطاقة للاستمرارية بتشجيعهم لامثالى وامثالكم من الناشطين تعليميا قد لا اسمي نفسي خبير تعليم ولكنى ناشط تعليميا
وربنا يجعلنى ديما عند حسن ظنكم بى ونقدر نقدم شئ لتطوير التعليم تطوير حقيقي
شكر على مرورك الطيب وعلى تشجيعك اخى ابو بكر