التشبيه المقلوب
لاحظ البيانيون أنّ عاقد التشبيه قد يحلو له أحياناً
أن يجعل المشبَّهَ في كلامه مشبّهاً به،
ويجعل المشبّه به مُشَبَّهاً،
ليَدُلَّ بصنيعه هذا على أنّ وجود وجْهِ الشّبَه
في المشبَّه أقوى وأظهر من وجوده في المشبَّهِ به.
"التشبيه المقلوب".
أمثلة:
(1) قول البحتري يصف بَرْقَ السحابة بتبسُّم ممدوحه:
*كَأَنَّ سَنَاهَا بِالْعَشِيّ لِصُبْحِهَا
تَبَسُّمُ عِيسَى حِينَ يَلْفِظُ بِالْوَعْدِ
لقد قلب التشبيه ليُشْعِرَ بأنَّه يرى تبسُّم ممدوحه عيسَى أكثر ضياءً من برق السحابة التي استمرّ يتلامع طَوال اللّيل، فتبسُّمه حين يلْفِظُ بالوعد ينبعث منه سَناً معنويٌّ يسُرُّ القلوب سروراً لا يكون حين يتلامع سنا البرق.
(2) قول محمد بن وُهَيْبِ الْحِميَريّ (متشبع من شعراء الدولة العباسية - بصريّ الأصل بغدايُّ النشأة) يمدح الخليفة:
*وَبَدَا الصَّبَاحُ كَأَنَّ غُرَّتَهُ
وَجْهُ الْخَلِيفَةِ حِينَ يُمْتَدَحُ*
قلب التشبيه ليُشْعِر بأنّه يرى وجه الخليفة أكثر إشراقاً وضياءً من غُرَّة الصباح.
(3) قول الشاعر:
*أحِنُّ لَهُمْ وَدُونَهُمُ فَلاَةٌ
كَأَنَّ فَسِيحَهَا صَدْرُ الْحَليم*
فشبّه اتساع الفلاة بصدر الحليم، على طريقة التشبيه المقلوب.