دعاء أعرابي

قال ابن عبد ربه :

ونحن قائلونِ بعَون اللّه وتوفيقه في كلام الأعراب خاصَةً إذ كان أَشرفَ الكلام حَسَباً، وأكثرَه رَوْنقاً، وأحسنَه دِيباجاً، وأَقلَهُ كلْفَة، وأَوْضَحَه طريقة، وإذ كان مَدَارُ الكلام كلِّه عليه، ومنتسب إليه .


قال عمرُ بن عبد العزيز رَضي الله عنه:

"ما قَوْم أَشْبَه بالسلف من الأعراب لولا جَفَاء فيهم. "

وقال غَيْلان:

" إذا أَردتَ أن تَسْمع الدُّعاء فاسمع دُعاء الأعراب."

قال أبو حاتم:

أَمْلَى علينا أَعرابي يقال له مرثد هذا الدعاء :
" اللهم اغْفِر لي والجلْدُ بارد، والنَّفْس رابطة، واللَسان مُنْطَلِق، والصُحف مَنْشورة، والأقلام جارية، وَالتوبة مَقْبولة، والأنْفُس مُريحة، والتَضرع مَرْجُو،

قبل أَزّ العُروق، وحَشَكِ النًفْس، وعلز الصَّدر، وتَزَيُّل الأوْصال، ونُصول الشَعَر،وتَحيًّف التُّراب.


وقبل ألّا أقدرَ على استغفارك حين يَفْنى الأجَل، ويَنْقَطع العَمَل،
أَعِنِّي على الموت وكُرْبَته، وعلى القَبْر وغُمَّته، وعلى الميزان وخِفّته وعلىِ الصِّراط وزَلَّته، وعلى يوم القيامة ورَوْعته،


اغفِر لي مَغْفرة واسعة، لا تُغادر ذَنْباً، ولا تَدَع كَرْباً،
اغْفِر لي جميع ما افْتَرَضْتَ عليَّ ولم أُؤده إليك،
اغفر لي جميعَ ما تُبْتُ إليك منه ثم عدْتُ فيه.


يا رب، تظاهرَتْ عليّ منك النِّعم، وتداركتْ عندك منّي الذنوب،
فلك الحمد على النِّعم التي تظاهرَتْ، وأستغفرك للذنوب التي تَدَاركت،
وأَمْسيتَ عن عذابي غَنِيّا، وأصبحتُ إلىِ رحمتك فقيراً؟
اللهم إنِّي أسألك نَجَاح الأمَل عند انقطاع الأجل،
اللهم اجعل خيْرَ عَمَلي ما وَلي أجَلي،
اللهم اجعلني من الذين إذا أعطيتَهم شَكَرِوا، وإذا ابتليتَهم صبروا، إذا هم ذكّرتهم ذكروا،


واجعل لي قلباً توَّاباً أواباًً، لا فاجراَ ولا مُرْتاباً،
اجعلني من الذين إذا أحسنوا ازدادوا، وإذا أساءوا استغفروا،


اللهمِ لا تُحَقِّق عليَّ العَذاب، ولا تَقْطَع بي الأسباب،
واحفظني في كل ما تًحِيط به شفَقتي، وتأتي من ورِائه سُبْحَتي،
وتَعْجِز عنه قُوَّتيِ،


أَدْعوك دُعاء خَفيفٍ عمله، مُتَظاهرةٍ ذُنوبهُ، ضنينٍ على نفسِه، دُعاءَ مَن بدنه ضعَيف، ومُنَّته عاجزة، قد انتهت عُدَّته، وخَلُقَت جِدَّته، وتمَّ ظِمْؤهُ.

اللهم لا تُخَيِّبني وأنا أَرْجوك، ولا تُعَذِّبني وأنا أدعوك،
والحمدُ للّه على طُول النَّسيئة، وحُسن التِّباعة، وتَشنُج العُروق، وإساغة الرِّيق، وتأخّر الشَّدائد،


والحمدُ لله على حلْمه بعد عِلْمه، وعلى عَفْوه بعد قُدْرَته،
والحمد للهّ الذي لا يُودي قتيلُه، ولا يَخيب سُؤلُه، ولا يرَدّ رسولُه،


اللهم إنّي أَعوذ بك من الفقر إلّا إليك، ومن الذُل إلّا لك،
وأعوذ بك أن أقول زُوراً، أو أغشى فُجوراً، أو أكون بك مَغْروراً،
أعوذ بك من شماتة الأعداء، وعُضال الداء، وخَيْبة الرَّجاء، وزَوال النَّعمِة، وفجاءة النِّقمة . "


العقد الفريد لابن عبد ربه