أنا البحر


شعر : حافظ إبراهيم
...........................

التعريف بالشاعر :
محمد حافظ إبراهيم , شاعر مصري , ولد من أب مصري وأم تركية سنة 1872م
في ديروط بمحافظة أسيوط في صعيد مصر ,
توفي والده وهو في الرابعة من عمره , فانتقل إلى القاهرة
عمل بالمحاماة ثم تركها والتحق بمدرسة الحربية وتخرج فيها ضابطا
فعين في الحربية ثم انتقل إلى الشرطة
ثم عمل مديرا للقسم الأدبي بدار الكتب المصرية
وقد جمعت أعماله في ديوان يسمى ديوان حافظ
لقب بـ ( شاعر النيل )
وتوفي عام 1932م
...........................................

النص :
1- رجعت لنفســي فاتهمـت حصـاتـي :
و ناديت قومي فاحتسبت حياتي
2- رموني بعقم في الشباب وليتني :
عقمت فلم أجـزع لقـول عداتي
3- أنا البحر في أحشائه الدر كامن :
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
4- أرى لرجال الغرب عزا ومنعةً :
وكم عز أقوام بع ز لغات
5- أرى كل يوم بالجرائد مزلقاً :
من القبر يدنيني بغير أناة
6 - إلى معشر الكتاب والجمع حافل :
بسطت رجائي بعد بسط شكاتي
7 - فإما حياة تبعث الميت في البلى :
وتنبت في تلك الرموس رفاتي
8 - وإما ممات لا قيـامـة بعــده :
ممات لعمري لم يقس بممات
...........................

اللغويات :
رجعت لنفسي : تأملت فيها وجمع نفس : أنفس ونفوس
اتهمت : شككت وظننت.
حصاتي : الحصاة الرأي والعقل.
احتسبت : عددتها عند الله فيما يدخر
رموني : قذفوني – سبوني - اتهموني
عقم : جدب و فقر و عدم قدرة.
ليتني : للرجاء
أجزع : أئن وأتألم
عداتي : أعدائي
أحشائه : باطنه مفردها حشا
الدر : اللؤلؤ والجوهر مفردها درة.
كامن : مختفِ مضادها ظاهر وجمعها كوامن.
الغواص : المراد المتعمق فيها جمعها غواصون
صدفاتي : جواهري والمراد مفرداتي وتراكيبي
عزا : قوة وسلطانا مضادها ضعف وهوان
منعة : قوة مضادها ضعف.
الجرائد : الصحف والمجلات مفردها جريدة.
مزلقا : خطأ أو عيبا جمعها مزالق.
يدنيني : يقربني مضادها يبعدني.
أناة : الأناة التأني مضادها التسرع.
معشر : جماعة جمعها معاشر
الكَتاب : الأدباء مفردها كاتب.
حافل : المراد جمع كثير مضادها قليل.
بسطت : مددت وقدمت أوسعت مضادها قبضت
رجائي : أملي مضادها اليأس
شكاتي : الشكاة الشكوى
تبعث : تحيي
البلى : الموت أو الفناء مضادها الحياة - البقاء
الرموس : القبور مفردها رمس
رفاتي : الرفات ما يتبقي من الإنسان بعد الموت
قيامة : حياة
لعمري : عمري والمراد قسمي.
لم يقس : لا مثيل له.
.................................................. ....

الشرح :
يتحدث الشاعر على لسان اللغة العربية :
( 1 , 2 ) اللغة العربية حزينة تبكي حظها

1 – تأملت في نفسي و في أسباب انهياري , و إهمال أهلي لي
حتى إنني اتهمت نفسي وقدراتي
وناديتهم أن يهتموا بي مرارا ولما يستجيبوا , فكنت صابرة أحتسب حياتي ذخرا فيما عند الله - تعالى -

2 - أتعجب من اتهامي بالعجز وعدم القدرة علي مواكبة العصر , مع أنني في قمة عطائي

( 3 , 4 ) اللغة العربية عطاء متجدد .

3 - أنا كالبحر المملوء باللؤلؤ والجوهر , عطائي متجدد و مستمر فليسألوا عني خبيرا بي ماهرا في بلاغتي وجمالي

4 – عزة الأقوام تتوالد من عزة لغاتها واعتزازهم بها
فأرى أهل الغرب كم يعتزون بلغاتهم ويهتمون بها

( 5 , 6 , 7 , 8 ) شكوى واستنجاد .

5 – تنادي العربية أبناءها : لا تتركوني , وأدركوني قبل أن تحين وفاتي واندثاري من الأخطاء التي أراها بالصحف كل يوم

6 – أتقدم بشكواي ومظلمتي إلى الكتاب , وهم كثيرون , ولي فيهم وفي جهودهم أمل كبير , فأرجوهم الاهتمام بي والمحافظة علي


7 , 8 - إن المسألة أصبحت بالنسبة لي بين أمرين لا ثالث لهما ؛إما حياة كريمة أحيا فيها بين أبناء يعرفون قدري ويعملون علي عزتي ورفعتي , و إما موت لا حياة بعده.

..................................

مظاهر الجمال :
- رجعت لنفسي ـ احتسبت حياتي : تعبيران يوضحان فكرة الصراع النفسي والألم الذي تعانيه اللغة العربية
من جراء إهمال أهلها لها
وفيه تصوير للغة بإنسان يراجع نفسه ويفكر – وبإنسان يحتسب حياته عند الله – تعالى -
- رموني بعقم : صور اللغة بالمرأة التي لا تلد.
- بعقم ـ عقمت : ترادف يدل على تأكيد أسفه على اللغة وسوء ما رميت به من اتهامات.
- في الشباب : صور اللغة إنسانا في طور الشباب , وهي مرحلة القوة والفتوة ,
الأمر الذي يبطل ما تتهم به اللغة من ضعف وعدم قدرة
- عداتي : جاءت جمعا للكثرة .
- لم أجزع : صور اللغة بإنسان يجزع ويتألم
-أنا البحر في أحشائه الدر كامن : تشبيه جميل للغة في اتساعها وكنوزها بالبحر
مما يدل على عظمتها وتجددها.
وفيه تصوير لمفرداتها وتراكيبها بالجواهر واللآلئ
- فهل سألوا الغواص عن صدفاتي : استفهام غرضه الفخر - أو غرضه التعجب والاستنكار
وفيه تصوير لمعاني اللغة وتراكيبها بالأصداف القيمة .
- أري لرجال الغرب عزا ومنعة : صور اللغة إنسانا يرى
وفيه تصوير لعز الغرب وقوته بشيء مادي يرى .
- كم عز : كم للمبالغة و الكثرة
- أقوام : جاءت جمعا للشمول والعموم والكثرة .
– مزلقا : نكرة للعموم والشمول.
- من القبر يدنيني : صور اللغة بإنسان يموت وكثرة الأخطاء وسوء الاستخدام بشيء مميت.
- يدينني : استخدام المضارع يفيد التجدد والاستمرار
– عزا ، منعة : ترادف يقوي المعني ويؤكده.
- بسطت رجائي بعد بسط شكاتي : صور اللغة بإنسان يرجو الاهتمام به , ويشكو من الإهمال له
وفيه أيضا مقابلة بين الرجاء والشكاية تؤكد المعنى وتقوية.
- تبعث الميت في البلى : صور اللغة بميت من الإهمال
- وتنبت في تلك الرموس رفاتي : صور الرفات بنبات ينمو .
- حياة ، ممات : بينهما تضاد يبرز المعني ويؤكده.
- ممات ، قيامة : بينهما تضاد يبرز المعني ويؤكده .
- إما حياة – وإما مات : مقابلة بين صورتي اللغة في الحياة والموت , تبرز معنى الصواب والخطأ في استعمالها
- ممات لعمري لم يقس بممات : تعبير مؤكد بالقسم ( لعمري ) يدل علي يأس اللغة من سوء حالها
وفيه تصوير للغة بإنسان يقسم.