امتحانات السودان 2014 واجابتها النموذجية --- تابع اخبار التعليم في الفيس بوك

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: للقراءة فقط .. يوميات عمر وسارة

  1. #1
    مراقب عام المنتدى
    عضو مجلس الإدارة
    الصورة الرمزية mr.osama
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    الزقازيق
    العمر
    55
    المشاركات
    6,666
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    معدل تقييم المستوى
    7217

    افتراضي للقراءة فقط .. يوميات عمر وسارة


    يوميات عمر وساره
    يوميات جميله وخفيفه الظل حبيت انقلها لكم كاملة للقراءة فقط


    نقلاً عن أجزاء الأستاذة الفاضلة/

    صفيه سعداوى

    مشرفة نون النسوة والمطبخ


    http://www.egyedu.com/vb/showthread.php?t=24707


    الجزء الأول:
    ساره
    كلما تحدثني أمي عن زواج أحد الأقارب أو القريبات وعن الجهاز الكبير الذي رأته عند فرش المنزل الجديد تثور ثائرتي وأصاب بالحموضة من شدة الغيظ, فوالديّ قد أصرا على توفير نصف مرتبي من أجل ذلك الزوج الذي قد يأتي يوما أو لا يأتي.

    ولكن ما دخلي أنا بكل هذا؟ إذا أرادوا أن يزوجوني فليدفعوا هم وليس أنا. لماذا لا يسمح لي بالتصرف بالمرتب كيفما أشاء. أنا مثلا أريد التوفير لشراء سيارة في خلال خمس سنوات. وكبداية أريد أموالا لتعلم القيادة والحصول على الرخصة، وكذلك أريد إكمال دراساتي العليا. أنا أريد نصف المرتب الذي يِؤخذ مني "غصبا واقتدارا". ثم من هذا الذي يستحق أن أحرم من نصف مرتبي بسببه. حاجة تغيظ!

    أنا لن أصرف قرشا برغبتي على شخص لا أعرفه يدخل في حياتي فجأة متوقعا أن أصبح خادمه المطيع, "بلا جواز بلا نيلة!!!"

    عمر
    تحسدني أختي لكوني رجلا أستطيع أن أختار لنفسي وأن أقرر متى أتزوج، في حين أنها كفتاة تضطر لانتظار الفارس المنتظر وليس بيدها حيلة.

    ولكنها لا تدري كم الأعباء الملقاة على كاهلي لكي أفكر في الزواج. بالتأكيد أحلم أن أمسك يوما ما بيد فتاة –هي زوجتي- ونسير على الكورنيش وهي تتسلى بأكل الترمس الذي يزيد بطنها المنتفخ من الحمل انتفاخا.

    ولكن من أين لي بالمال الذي يجعلني أتقدم لخطبة أي فتاة؟ وكذلك فإني لا أريد أي فتاة.. كيف أعرف أن هذه الفتاة التي سأتقدم لها ستكون مريحة في صحبتها؟ فبالرغم من صغر سني واشتياقي إلى متع الزواج المعروفة, فإني أدرك تماما أنه بعد أيام قلائل سيكون ما يهمني أكثر هو طيبة زوجتي وخفة دمها واستمتاعي بحديثها. فأنا أعرف أصدقاء قد تزوجوا وكانوا يتصلون بالشلة قبل مرور الأسبوع الأول على زواجهم, وذلك لأنهم قد شعروا بالملل. ملل!!! وهم مازالوا في بداية البداية, إذاً ماذا سيفعلون بعد عام أو عامين؟ "بلا جواز بلا نيلة!!!"

    ساره
    منذ أسبوع ألمحت لي أمي بأن إحدى صديقاتها لديها ابن يكبرني بثلاث سنوات, يعمل كمهندس كمبيوتر في إحدى الشركات الخاصة. وهي تعرف أنه شاب مؤدب ووسيم وسيزورنا هو وأهله ليشربوا معنا الشاي يوم الخميس القادم.

    كنت أظن أني سأثور ولن أرضى بفكرة الزواج الآن. فأنا أريد أن أبني مستقبلي, فهذا ليس فعلا يقتصر على الرجال فقط, ولكن لا أدري ما الذي أسكتني؟ لعله الفضول لمقابلة شخص يريد الزواج بي. لا أدري.

    اتصلت بصديقتي المقربة وأخبرتها، فضحكت ودعت لي بالتوفيق وأكدت عليّ أن أصلي صلاة الاستخارة, ففعلت بمجرد أن أنهيت مكالمتي معها. وظللت في حالة قلق طوال الأسبوع وكنت أبكي يوميا في التليفون وأنا أحدث صديقتي وأنا أتخيل قصصا مأساوية إذا لم يعجبني العريس وأجبرني والدي على الزواج منه، وكيف سأعيش في بؤس، وكانت صديقتي تضحك مني وتقول إني أستبق الأحداث، وإني "نكدية"، ولكن القلق كان يؤلم قلبي، ومر الأسبوع سريعا. واليوم هو الخميس المنتظر.. وربنا يستر.

    عمر
    منذ شهر أخبرتني أمي عن صديقة معها في العمل عندها فتاة جميلة تصغرني بثلاثة أعوام, وهي تعمل في إحدى الشركات. ووالدها رجل طيب ومحترم. فأخبرتها بأني لا أملك حاليا ما يعينني على مصاريف الزواج، وأن كل ما ادخرته خلال سنين عملي هو سبعة ألاف جنيه. طمأنتني أمي وأخبرتني بأن والدي سيساعدني، وأن هذه هي سنة الحياة. فجدي كذلك قد ساعد أبي عندما تزوج من أمي وعاشا أولى سنوات زواجهما في إحدى الغرف ببيت جدي الواسع إلى أن وسّع الله على أبي واشترى هذه الشقة.

    ولكني لم أكن أريد العيش في بيت والدي, وكان رد أمي أن أمامي الحل في أخذ شقة إيجار جديد. ولما كنت أشعر بالاكتئاب منذ فترة لشعوري بالعجز عن الزواج في وقت قريب, فقد استمعت لحديث أمي المتفائل ووعودها بمساعدة أبي الأسطورية. وتوكلت على الله وصليت الاستخارة. واتفقنا على مقابلة العروس في بيت أهلها يوم الخميس القادم, وكاد التوتر يقتلني, فقد خشيت أن لا تعجبني العروس, وكم سيكون الموقف وقتها محرجا عندما أرفضها بعد أن ذهبنا إلى بيتهم!! ربنا يستر.
    ******************************************
    الخميس المنتظر قد حان وتوتري أصبح لا حدود له وإن كان مصحوبا بلسعة سعادة
    فهي ليست سعادة بالمعنى الكامل، ولكني متحمسة للموقف واهو على رأي "نبيلة السيد": عريس يا اماااي
    ليس من عادتي استخدام الماكياج وفكرت لفترة أن أستخدمه هذه الليلة، ولكني تراجعت, فليرني كما أنا، وإن ماكانش عاجبه يبقى أنا خسارة فيه!! لكني قمت بعمل عدة ماسكات لبشرتي من باب رفع معنوياتي لا أكثر ولا أقل


    تحدثت تليفونيا مع "أنتيمتي" وظلت تنصحني بما أفعله عند اللقاء المرتقب, مثل أن أدخل وعيني معلقة بالسجادة وعلى وجهي يرتسم الحياء، وأن أجلس على طرف المقعد ولا "أنجعص" مثل الأولاد مثلما أفعل دائما ، وكنت أضحك على ما تقوله وأعدها بأن أفعل العكس, فهذا العريس عليه أن يعرفني كما أنا بلا تزويق, فأنا عصبية ولا أطيق تحكمات الرجال و.... و
    كنت أتحدث مع صديقتي كل ساعة ووالدتي لم تحاول تأنيبي على كثرة استخدامي للتليفون كعادتها، حيث يبدو أنها كانت تقدر توتري واحتياجي للمكالمات معها

    وجاء وقت الغذاء ولم أستطع الأكل من شدة التوتر. للحق كنت أحاول أن أبدو طبيعية أمام الجميع وكأن الموضوع لا يهمني، ولكن معدتي الخائنة فضحتني عندما أصبت بالحموضة من شدة التوتر وظللت أشرب في "سفن أب" وأشتم نفسي في سري

    وجاءت الساعة السابعة والنصف مساء وأصبح يفصلني عن لقاء العريس المرتقب دقائق.. ربنا يستر
    ***********
    قال عمـــر:
    جاء الخميس بسرعة معتدلة نسبيا فقد كنت أترقب رؤية العروس التي أخبرتني والدتي أني رأيتها من قبل، ولكني لم أستطع تذكرها، وكذلك كنت خائـ........... قلقا من الموضوع
    كنت أتساءل هل سأرتاح إليها فور رؤيتها؟ هل هي جميلة و"رخمة"، أم تكون خفيفة الدم و... "وحشة"؟
    هل يمكن أن أعجب بها ولا تعجب بي أو العكس؟
    أعصابي مشدودة ولا أستطيع حتى ربط الكرافتة ونحن نستعد للذهاب
    دخل أبي الحبيب حجرتي وربط لي الكرافتة، ورأيت الدموع تلمع في عينيه فقلت له: إيه يا أبو عمر ده أنا لسه رايح أتقدم مش رايح أكتب كتاب ولا أدخل، فرد عليّ بأنه لا يصدق بأن الله قد أكرمه ومد في عمره ليرى ابنه البكري يذهب ليخطب، وأني سأعرف شعوره يوم أن أذهب مع ابني لأخطب له
    ضحكت كثيرا, فأبي يتحدث عن ابني وأنا لم أرَ العروس بعد. خفف حديثي مع أبي قليلا من توتري حيث إنه ظل يحدثني عما يجب أن أبحث عنه في العروس، ثم دعا لي فارتاح قلبي وأكملت ارتداء البذلة


    نزلنا من المنزل وقمت أنا بقيادة سيارة أبي، حيث كان لا يقودها ليلا، وشغلت شريط أم كلثوم ليطرب أبي وكذلك لهدف آخر خبيث وهو أن ينشغل أبي وأمي بسماع "أغدا ألقاك" حتى لا يتحدثا معي لأني لم أكن في حالة تسمح لي بالحديث.. ربنا يستر
    ***********
    جرس الباب
    ترررررررن

    من داخل المنزل.. تقول ســـارة في سـرّها:
    أنا مش عايزة أشوف عرسان
    .. ودخلتْ إلى غرفتها
    ومن خارج المنزل.. يقول عمــر في سـرّه:
    يا رب الأرض تنشق وتبلعني.. أنا إيه اللي خلاني أفكر في الجواز؟


    الجـزء الثانـي
    يدخل عمرمطأطئ الرأس ويسلّم على حمى وحماة المستقبل و
    ............
    دعونا من التفاصيل ولنقفز للحظة الحاسمة مع دخول سارة
    ****************
    قـالت ســارة:
    دخلتُ الصالون وقد تعلقت عيناي بالسجادة وحاولت استجماع شجاعتي لأبدو طبيعية إلا أني كنت في أسوأ حالات خجلي الذى لم أعهده من قبل. لمحت لون بذلته البيج وحذائه البني، ثم قادتني أمي فسلمت على والديه ورفعت رأسي لأحييه وأخييييرا رأيته

    أول ما لفت نظري كان عينيه وابتسامته، أو بالأحرى مشروع ابتسامة.. يبدو أنه كان غارقا في الخجل هو الآخر فلم يكن يعرف هل يبتسم أم يبدو جادا، أما عيناه........ فكانتا صافيتين! وكان نظره لا يستقر على شيء حتى أني ظننت أنه ربما يكون أحول
    وكادت الفكرة تجعلني أضحك, وفجأة احمر وجهه و... و....... وكان وسيما حتى في خجله هذا, فابتسمت وجلست ولاحظت أنه يتمتم بشيء ما، أو لعله يبلع ريقه فقد مد يده بعد ذلك وتناول كأس العصير ليشرب منه
    *******************
    قــال عمــر:
    جلست على كرسي منفرد في الصالون، بينما احتل والداي الكنبة، وجلس والد العروس على الكرسي المجاور لجهة أبي, بينما ذهبت والدتها لغرفة داخلية ثم خرجت تتبعها سارة
    ..............
    ورأيتها جميلة
    وكأني رأيت هذا الجمال من قبل وأعرفه, وذهب عني توتري في لحظة وانشرح قلبي لها. لا أقول إنه حب من أول نظرة، ولكن شيئا ما جعلني أشعر أني لن أتركها لأحد غيري. لم أستطع منع نفسي من التمتمة بـالحمد لله، ونظرت إليها فظننت أنها تغالب ضحكة تكاد تخرج منها فعاد إليّ توتري لظني أنها رأت شيئا بي يثير الضحك، إلا أنها ابتسمت وجلست فحمدت الله ثانية وتناولت كوب العصير من أمامي فقد جف ريقى
    *********************
    قـالت ســارة:
    بدأ والدي يحدّث عمر عن عمله وعن الشركة التي يعمل بها وظهر أن أبي يعرف أحد المهندسين بتلك الشركة،حيث كانوا زملاء دراسة وأوصى أبي عمر بأن يسلم له على صديقه القديم ويذكره بصاحبه عامر عبد المحسن

    وتحدث عمي مع أبي عن وضع شركات القطاع الخاص, بينما بدأت طنط في الحديث معي عن عملي وعن طبيعة دراستي ولاحظت أثناء ذلك أن عمر يسترق النظر إليّ كل دقيقة فتملكتني بجاحة غريبة ونظرت له في عينيه بينما كان ينظر إليّ, وظننت للحظة أن روحه ستخرج من فمه , فقد فوجئ بعينيّ في عينيه فثبت وجهه وتحرك فمه وكأنه سيقول شيئا ما إلا أنه لم يصدر أي صوت ولم ينقذه سوى أن وجه له أبي سؤالا عن شيء ما في شركته فالتفت إليه، وشعرت أنه بالكاد استرجع روحه التي تدلى نصفها من فمه وانفجرت في ضحكة في داخلي وأحسست بأنه ظريف ولكنه خجول أكثر من اللازم
    **************************
    قــال عمــر:
    حاولت أن أفتح أي موضوع مع سارة إلا أن عقلي ;قفش وانعقد لساني
    ووجدت أمي تفتح مواضيع عديدة مع سارة وشعرت بغبائي لعدم تذكري لأي من هذه الموضوعات أو محاولتي لالتقاط خيط الكلام من أمي. وظللت أرقبها وهي تتحدث مع أمي، نصف عقلي يتابع حديث أبي وعمي ونصفه الآخر منشغل بـسارة نفسها.. حتى إني لا أكاد أعي ما تتحدث عنه مع أمي

    كانت لها ضحكة جميلة كما أن بروفيل وجهها الذي أستطيع أن أراه فقط من مكاني بدا جذابا و....... فجأة رفعت عينيها نحوي وضبطتني وأنا أنظر إليها, حاولت أن أتحدث وأبدأ أي حوار معها إلا أن الكلام لم يخرج من فمي. شعرت بأن منظري مضحكا, إلا أنها عادت للكلام مع أمي وقد احمر وجهها
    –يبدو أنها شعرت بالخجل–
    ووجه إليّ والدها سؤالا ما فالتفت إليه، إلا أني كنت أريد الحديث معها فأنا لم آتِ لكي أخطب عمي
    ***************************
    قـالت ســارة:
    يبدو أن والدته أرادت جرّه إلى الحديث فقالت له: دي سارة طلعت بتقرا الجرنال اللي طالع جديد وعاجبك يا عمر، بس ماجابتش العدد بتاع الأسبوع ده، ماتقول لها كان مكتوب فيه إيه

    فنظرت إليه وفتح فمه إلا أنه أصدر أصواتا هذه المرة وسألني عمن أتابع مقالاتهم في الجريدة، فأخبرته وبدأ حديثه واكتشفت أنه متحدث جيد بل و رغاي أحيانا، فقد ظل يخبرني عن تفاصيل كل مقال ويعلق عليه ويسألني عن تعليقي، ثم يعيد ما قاله بطريقة أخرى ثم يتذكر شيئا آخر قرأه فيتحدث عنه، وانتهزت أنا فرصة حديثه لأستطلعه بشكل مفصل

    كان نحيفا ويبدو أنه متوسط الطول وهو جالس ولكن..... أعجبني شكل يديه فقد كانتا كيدي عازف بيانو, أصابع طويلة وأظافر قصيرة، وكانت رموشه طويلة وعيناه بنيتين و...... وبدأت أثرثر معه أنا الأخرى
    **********************
    قــال عمــر:
    عطفت عليّ ماما أخيرا وألقت إليّ بطرف خيط لأدخل في حديثها مع سارة. سألتني عن جريدة أقرأها وكذلك سارة، وأنها لم تقرأ العدد الأخير منها, فانتهزت الفرصة وظللت أحكي لها عن المقالات وكل شيء تذكرته، فقد كانت تلك فرصتي لأنظر لها ;براحتي كان كل شيء بها جميلا، صوتها وجلستها ويداها الصغيرتان وعيناها الضاحكتان دائما وتعليقاتها التي أثارت ضحكي كثيرا
    كان حوارنا بعيدا تماما عن الرومانسية ولكن نص العمى ولا العمى كله على الأقل انحلت عقدة لسانينا وعيوننا
    *************************
    قــالت ســارة:
    كانت الجلسة مجرد جلسة تعارف بالطبع إلا أن أبي وعمي قد انسجما تماما. وبدا على الجميع السعادة، ونظر لي عمر وهو خارج وقال لي بصوت هادئ ظل يرن في أذني: أشوفك قريب يا سارة
    **********************
    قــال عمــر:
    نزلت أصفر وأغني وركبت السيارة وأنا في قمة النشوة.. سألتني أمي عن رأيي, فقال لها أبي إن عليها أن تترك لي فرصة للتفكير والاستخارة. أما أنا فلم أرد ولكني توقفت عند أول بائع جرائد وجدته ونزلت لأشتري عددين من الجريدة التي نقرأها أنا وسارة



    الجزء الثالث
    قـالت ســارة:
    تفكير...تفكير....وقلق شدييييييييد

    دخلت غرفتي بعد ذهاب عمر وأهله وغيرت ثيابي وخبأت نفسي تحت الأغطية حتى لا تأتي أمي وتسألني عن رأيي
    لا أنكر أن شيئا ما تحرك في قلبي, بل إن صوته المنخفض وهو يقول: أشوفك قريب يا سارة قد دغدغ أحاسيسي
    أريد أن أقول إنه يعجبني وإني موافقة ولكن ما أدراني برأيه هو؟ وكذلك ما أدراني بأن مشاعري هذه ليست لحظية؟
    ربما عمر هذا ليس جيدا كما يبدو.. إنه ليس طويلا كما كنت أرغب.. صحيح أنه أطول مني ولكن

    ....

    هل يمكنني أن أقضي باقي عمري مع "عمر"؟ هل هو المقدر لي أم لا؟
    يا رب ارحمني من الصداع.. غدا أصلي صلاة استخارة مرة أخرى, وربنا يقدم ما فيه الخير


    قــال عمــر:
    نمت مباشرة بعد عودتي من عند بيت سارة, فكرت في صوت ضحكتها قبل نومي مباشرة إلا أن التوتر الذي أصابني طوال اليوم جعلني مرهقا ونمت فورا

    في اليوم التالي استيقظت وصليت الفجر والاستخارة ونمت ساعة قبل الذهاب إلى عملي.. لم أرَ مناما أو أي شيء وإن كنت لا أعتقد في موضوع المنام, ما يهم أني أشعر بارتياح عام للموضوع.. في العمل تذكرت أني لم أحصل على رقم تليفون سارة, أردت محادثتها.. سآخذ رقمها من أمي ولكن هل يصح أن أتصل بها ونحن حتى لم نقرأ الفاتحة بعد؟ سأتحدث مع أمي في هذا الموضوع عند رجوعي للمنزل
    أثناء فترة الراحة تذكرت أني بقراري الزواج من سارة أحكم على نفسي بالعيش معها للأبد


    إنها جميلة ويبدو أنها طيبة، ولكن هل يمكن أن يكون بها عيوب خفية لا أستطيع تحملها؟ كنت سأجعل أبي يتصل اليوم بأهلها لتحديد موعد قراءة الفاتحة ولكني أحتاج أن أعرفها أكثر, ربما تكون بخيلة أو... سليطة اللسان... لا.. لا يبدو أنها قد تنطق يوما بكلمة سيئة
    أصابني الصداع من كثرة التفكير وشعرت بأن أذنيّ قد سخنتا بشدة.. يارب اهدِني

    **************************************
    قــالت ســارة:
    يبدو أن هذا الموضوع سيجعلني أستهلك كميات كبيرة من الـ"سفن أب", فالحموضة لا تريد أن تذهب.. أفكر طوال الوقت في الموضوع
    هل أقبل؟

    هل أرفض؟
    ولماذا أرفض؟ هل سيقبلني عمر؟؟.. أم؟
    قد يكون به عيوب شديدة القبح وهو يخفيها بهذا المظهر الجميل..ربما يكون من الذين يضربون النساء، ولكن لا... يبدو أنه محترم، ووالده كذلك رجل محترم وخلوق.. لا يمكن أن يكون كذلك.. هل يمكن أن يكون "بصباص" ولكنه خجول؟ ربما يمثل؟
    آآآآآآآه الحموضة هتقتلني.. مش عارفة أقول إيه لماما لما تسألني عن رأيي

    خايفة أوافق وبعدين عمر مايردش يبقى شكلي وحش وكمان خايفه أوافق وبعدين عمر يطلع شخص سيئ.. إن أهلي متحمسون له وبهذا إذا ظهر أنه شرير سأقول لهم إنهم هم الذين وافقوا عليه من البدايةيا ترى عمر وأهله هيتكلموا إمتى؟
    ************************************************ قــال عمــر:
    وصلت البيت وأنا منهك ولم تكن لدي شهية للطعام فذهبت للنوم
    استيقظت بعد المغرب فصليت وجلست مع والدي في الصالة.. أخفض أبي صوت قناة الجزيرة التي لا يتابع غيرها هي وقناة العربية للأخبار.. التفت لي وسألني عن حالي فحمدت الله، ودار بيننا هذا الحوار


    بابا: نويت على إيه إن شاء الله؟

    أنا: مش عارف, كنت متحمس بس دلوقتي قلقان

    بابا: طبيعى جدا.. إنت مش استخرت؟

    أنا: مرتين

    بابا: وحاسس بإيه؟

    أنا: مش عارف

    ضحك أبي وقال: عادي برضه.. أنا ساعة ما اتقدمت لأمك عقلي شتّ من التفكير

    تدخلت أمي: ماتصدقهوش ده حفي عشان أنا أوافق

    أكّد أبي كلامها ضاحكا وقال: شوف يابني البنت كويسة وأهلها طيبين وإن كنت خايف من حاجات ممكن تظهر في المستقبل, فإنت استخرت وإذا كان الموضوع خير هيمشي وإن ماكانش الأمور هتخلص لوحدها.. شوف إنت مبدئيا حاسس بإيه تجاهها؟

    أنا: هي عاجباني وأنا مرتاح لها بس

    بابا: من غير بس, شعورك المبدئي كويس, احنا نقرا الفاتحة مع الناس وبعدها تشوفها وتتكلم معاها عند أهلها كام مرة، ولو زاد ارتياحك ليها نكمل ونعمل الخطوبة اللي برضه هتكون فترة اختبار بينكم, وإن ماحصلش توفيق يبقى كل اللي يجيبه ربنا كويس, ولا رأيك إيه؟
    أراحني كلام أبي ووافقت عليه


    بابا: يبقى اتصل بقى بـ"عمار" واسأله إمتى هنعرف رأيهم؟

    أنا: رأيهم؟ أنا حسبتك هتحدد ميعاد الفاتحة

    ضحك أبي وقال: ليه هو إنت مادام وافقت يبقى العروسة وافقت؟

    عرفت بعد اتصال أبي بأهل سارة أنهم طلبوا أسبوعا لإبداء رأيهم وعاد إليّ توتري, فأنا قد أبديت رأيي المبدئي في اليوم التالي مباشرة, لماذا تحتاج هي إلى أسبوع؟ أهي محتارة لهذه الدرجة؟ ألم تعجب بي كما أعجبت بها؟

    حاولت أمي طمأنتي بالحديث عن أن الفتيات يأخذن وقتا أطول من الرجال في إبداء رأيهن وأن أهلها يجب أن يسألوا عني، فسألتها غاضبا: ألا يجب أن أسأل عنها وعن أهلها أنا الآخر؟
    ردت أمي بأنها تعرف أهلها جيدا وإذا أردت يمكنني أن أتحرى عنها هي بنفسي


    فسألتها: كيف؟

    فقالت روح ليها الشغل.. وتركتني أمي لحيرتي وقلقي ..
    ********************************************

    قــالت ســارة:
    اتصل أهل عمر ليعرفوا رأينا وتنفست أنا الصعداء؛ فمعنى اتصالهم أن عمر وافق عليّ ويريد أن يعرف رأيي.. انزاح من على قلبي هم ثقيل.. كنت مرعوبة من فكرة أني أعجبت به وهو قد لا يعجب بي, على الرغم من كلمته:أشوفك قريب يا سارة

    بعد جلسة طويلة مع أمي قررت الموافقة على قراءة الفاتحة لكي أستطيع أن أراه عدة مرات قبل أن أوافق على الخطوبة.. ولكن أبي قرر تأجيل إخبارهم بقراري إلى أن يذهب إلى عمل عمر ويسأل عنه.. وسمعت من أمي خطة أبي لمعرفة كل شيء عن عمر من زملائه ورؤسائه في العمل, بل وجيرانه كذلك, فأبي رجل طيب وهادئ ولم أتوقع أن يتحول إلى المحقق "كولومبو" من أجلي

    قارب الأسبوع على نهايته وأشعر (قليلا) بأني أريد أن أرى عمر
    ***********************************
    الجـزء الرابـع
    قـالت ســارة:
    تحرى كولمبو (أبي سابقا) عن عمر فوجد أن سيرته ممتازة بين
    جميع معارفه ومن ثم اتصل أبي بعمي وأخبره عن موافقته
    واتفقا على قراءة الفاتحة يوم الإثنين القادم، وظل أبي يتحدث
    مع عمي على التليفون قرابة نصف الساعة حيث إن كليهما يهتم
    بمشاهدة القنوات الإخبارية وكانا يتناقشان حول برنامج ما
    يبدو أن علاقة أبي بعمي ستتوطد قبل أن تتوطد معرفتي بـعمر
    أخبرني أبي بعد إنهاء المكالمة أن عمي وطنط وعمر يسلمون عليّ
    شعرت بالاشتياق لرؤية عمر مرة أخرى, إلا أنه –بالطبع- لن
    يكون بيننا أي اتصال قبل قراءة الفاتحة

    ***********
    قـال عمــر:
    لم أحاول التحري عن سارة لأني أولا ارتحت لها، وثانيا أمي
    تعرفها وتعرف والدتها، وثالثا أنا ماعرفش ازاي أتحرى عن حد
    ولكني -للحق- فكرت أن أذهب لأراها وهي خارجة من عملها فقد
    شعرت بأني بحاجة لأن أراها
    شيء ما جعل قلقي يزول من جهة موافقتها عليّ أم لا.. فأنا
    أظن أني تركت لديها انطباعا جيدا

    وجاء الخميس موعد رد عائلة سارة علينا وجلست بجوار أبي
    وهو يرد على تليفون عمي. ظلا يتحدثان في بداية المكالمة عن
    برنامج سياسي ما وأنا جالس على الشوك في انتظار الجواب.
    وأخيرا سمعت أبي يضحك ويحمد الله ويقول له عن سعادته
    بالنسب المرتقب بيننا, فالتقطت أنفاسي وخرجت إلى البلكونة
    كنت أشعر شعورا غريبا وكأن كل شيء يبرق أمامي
    أحسست أني أريد أن أحضن العالم كله وأقبله. كنت أعرف أني
    سأبدأ مشروع حياة وأني سأكافح من أجل تجهيز نفسي إلا أن
    هذا الشعور الغامر بالسعادة أنساني أي قلق

    وسألت نفسي: كم سأنتظر لأقف مثل هذه الوقفة مع سارة في
    بلكونة منزلنا؟

    ***********
    قــالت ســارة:
    هل يُعقل أن أحب شخصا رأيته لمرة واحدة؟
    أم أن هذا الشعور بقبوله الشديد ناتج عن صلاة الاستخارة؟
    هل الله يعطيني إشارة بأن عمر لي وأنا له؟
    أنتظر يوم قراءة الفاتحة بسعادة شديدة. ولم أعد أعاني من
    الحموضة
    الحمد لله
    ***********
    يوم قراءة الفاتحة
    قــال عمــر:
    جاء الإثنين الغالي
    احترت في الهدية التي يجب أن أقدمها لـسارة

    أخبرتني أمي بأنه يمكن أن أشتري لها خاتما لقراءة الفاتحة

    وأخبرتني أنها يمكن أن تنزل وتختاره لي ولكني أخبرتها أني

    سأشتريه بنفسي

    ذهبت إلى الصائغ ولم أكن أعرف مقاس إصبع سارة إلا أني

    حاولت التخمين قياسا على حجم يديها

    كنت أريد خاتما مميزا

    فكرت بأن يكون خاتما ذا فص مثل خواتم الزواج التي أراها في

    الأفلام الأجنبية, إلا أني وجدت خاتما عليه فراشة تبدو وكأنها

    حقيقية, لا أدري لماذا ذكرتني الفراشة بسارة, فدعوت دعاء

    الاستخارة واشتريت الخاتم

    يا رب يعجبها

    ***********
    قــالت ســارة:
    لا أدري ماذا يجب عليّ أن أرتدي في قراءة الفاتحة. هذه المرة
    كنت أريد أن أبدو متألقة
    بعد تفكير ومحادثات مع صديقتي ومع ماما ومع المرآة اخترت
    طقماً لبني اللون ووضعت بروشا على هيئة فراشة يشبك
    الطرحة مع البلوزة

    يا ترى عمر بيحب اللون اللبني؟

    يا رب.. يا رب.. يا رب خلّيني فرحانة النهارده
    ***********
    قــال عمــر:
    أحضرت علبة شيكولاتة ونحن في طريقنا إلى بيت سارة

    في هذه المرة كان معي أولاد عمي في سيارتنا وكذلك أختي.

    بينما كان أبي وأمي في سيارة عمي وزوجته يلحقون بنا

    في هذه المرة ظل أولاد عمي يثرثرون معي وظللنا نضحك طوال

    الطريق ونحن نسمع ليلة من عمري لـعمرو دياب

    عندما دخلت منزل سارة هذه المرة كنت أكثر راحة

    كان المنزل مزدحما نسبيا عن المرة السابقة حيث حضرت خالة

    سارة وزوجها وأعمامها الثلاثة

    عندما دخلت كانت سارة تكلم أحد أعمامها في ممر يطل على

    الصالون, التفتت ورأتني وأنا أتجه صوب الصالون فابتسمت لي

    وابتسمت لها

    كانت ترتدي طقما لبني اللون يجعلها تبدو جميلة كالسماء.

    واتسعت ابتسامتي حينما لاحظت أنها تضع بروشا على شكل

    فراشة

    ***********
    قــالت ســارة:
    دخل عمر هذه المرة فجأة فقد ظننت أن أبي يفتح الباب لزوج

    خالتي الذي وقف على السلم ليدخن سيجارة, حيث إن أمي لا

    تسمح بالتدخين داخل المنزل, وكان أبي واقفا على الباب يتحدث

    مع زوج خالتي وصديقه في نفس الوقت حتى يهون عليه وقفة

    السلم. ولكني استدرت لأجد عمر أمامي يبتسم ويحمل علبة

    شيكولاتة.. لقد زادت معزته في قلبي لما أتى لي بالشيكولاتة

    بعد أن قدمنا الجاتوه والحاجة الساقعة, تحدث أبي مع عمي

    وتعرف الجميع على بعضهم البعض وسألني عمر عن حالي

    كان الجو مزدحما هذه المرة, ولكن عمر كان هادئا ومازالت لديه

    عادة اختلاس النظر إليّ

    في وسط كل هذا وجدت أبي وعمي يقولان: نقرا الفاتحة بقى

    رفع الجميع أيديهم ليقرءوا الفاتحة ونظرت تجاه عمر فوجدته

    بالطبع ينظر لي وقرأنا الفاتحة وأعيننا متشابكة.. وشعرت

    وكأني خارج كل زحام الصالون وكأن جسدي كله قد تخدّر

    ***********
    قــال عمــر:
    قرأتُ الفاتحة وسارة تجلس في عيوني

    تجرأت هذه المرة ونظرت إليها بثبات أثناء قراءة الفاتحة, ولم

    تبتعد عني بعينيها

    أخرجتُ الخاتم وقدمته لـسارة التي ضحكت وقالت والدتها: إنت

    كنت عارف إن سارة هتلبس بروش على شكل فراشة ولا إيه؟

    ولكني لم أكن أعرف, أنا حتى لم أعرف رقم تليفونها وخفت أن

    يظن عمي أني اتصلت بها من ورائه فأنكرت على الفور

    فضحكت سارة وضحك الجميع.... وشاركتهم الضحك

    **********
    قــالت ســارة:
    لم أصدق نفسي عندما رأيت الخاتم, فقد كان جميلا جدا. فأنا

    أحب الفراشات بشدة

    لقد أتى لي عمر بشيكولاتة وفراشة من ذهب


    يبدو أني سأحب هذا الفتى
    ***********
    الجــزء الخـامس
    كلمني ع التليفون



    قــالت ســارة:
    لا أصدق أنه قد تمت قراءة فاتحتي بالرغم من أني قرأتها معهم وإن كنت لم أعِ منها سوى "الحمد لله".. كنت أنظر إلى خاتم الفراشة على يدي باستغراب. لقد امتلكت عدة خواتم ولكني لم أشعر بهذه المعاني التي أحملها من قبل



    أشعر أن عمر وضع علامة عليّ تشير إلى أني أصبحت له ولكن... لكن عمر لا يحمل أي علامة تشير إلى أنه أصبح لي.. ربما أقوم بعمل علامة في وجهه عندما يزورنا في المرة القادمة!! أم أنه قد يعتبر ذلك فظاظة مني


    يا ربي لا أستطيع أن أكون جادة حتى عند التفكير في مستقبلي. لكني لم أرَه سوى مرتين


    وادبست ووافقت على قراءة الفاتحة


    كل هذا بسبب حماس أبي له وألفته السريعة مع والدهآه ياعمر..... قلبي بيرفرف لما بافكر فيه، وبالرغم من ذلك فمازلت أشعر بالقلق بسبب موافقتنا السريعة, إلا أن أمي أخبرتني أن الفاتحة مجرد "ربط كلام" ليتسنى لي لقاء عمر عدة مرات حتى أوافق على إتمام الخطوبة


    أنتظر مكالمة عمر على التليفون ولا أدري كيف سأبدأ أي حوار معه؟
    *************
    قــال عمــر:
    الغريب أني لا أشعر بشيء مختلف لكوني أصبحت (قاري فاتحة) لم أتعرف على سارة بشكل عميق, وإن كنت أشعر بشيء لا أستطيع وصفه يثير البهجة في قلبي كلما مرت على بالي، وما أكثر المرات التي تمر فيها على بالي، بل إنها بالأحرى تسكن حاليا في بالي


    المفترض أني سأتصل بها لتتوطد معرفتنا قبل إعلان الخطوبة وهذا ما يثير توتري فأنا في العادة "دمي خفيف" وكثير الكلام ولكن أخاف أن يجعلني التوتر أخرس كما حدث في لقائنا الأول. أخاف أن أبدو سخيفا وثقيل الظل. فالبنات لا تحب ثقيلي الظل
    كيف أستطيع أن أظهر جمال شخصيتي الرائعة في حديثي معها

    " افتح عليّ يا رب"
    *************
    قــالت ســارة:
    المفروض إنه يتصل بالتليفون على البيت, لأننا لسه ماعرفناش موبايلات بعض.. الواحد محرج شوية, مش علشان هاكلمه, فأنا بعون الله أكلم الأسد بس وهو في القفص طبعا المشكلة هي وجود بابا. كيف سأحدث "راجل" في وجود بابا؟
    هو صحيح راجل طيب..لكن... المشكلة الحقيقية هي كيف سأتحدث مع عمر؟
    لا أريده حديثا عاديا, أريد أن أستخرج منه كل أسرار شخصيته وأعرف عيوبه وأريده أن يعرفني جيدا, فهو لم يعرف سوى سارة الهادئة الخجول
    سأتصل بإحدى صديقاتي المخطوبات لعلها تفيدني في اختيار موضوعات للحوار
    ووقعت القرعة على" فاطمة", المخطوبة الأزلية منذ كنا في الصف الأول الجامعي وحتى الآن, وقد انفجرت فاطمة في الضحك عندما عرفت طلبي منها وقالت لي ساخرة: عايزة تعرفي كل ده من أول مكالمة؟ يا بنتي إنتي يادوبك في مرحلة النحنحة.. إنتي وهو هتتنحنحوا على بعض! قدامك شوية حلوين عقبال ما تعدي مرحلة وش القفص, ده أنا يا اللي مخطوبة بقالي سنين لسه باشوف العجب من "حسن", يا بنتي إنتي دخلت مشوار المليون خطوة وإنت يادوبك في أول خطوة
    طبعا ارتفعت معنوياتي جدا بعد مكالمة فاطمة

    *************
    قــال عمــر:
    رجعت من الشغل واتغديت ونمت وصحيت والمفروض أكلم سارة, اتصلت بالرقم وأنا بادعي إنها هي اللي ترد، وبالطبع ردت والدتها..أنا عارف حظي.. فسلمت عليها وسألت عن عمي وسألتني هي عن والدي ووالدتي
    ثم سادت لحظة صمت محرجة
    حيث تنتظر هي أن أطلب الحديث مع سارة، بينما أنتظر أنا أن تتفضل هي من نفسها بندائها. تنحنحت مرتين وأخذت نفسا عميقا و... قبل أن أنطق, قالت هي:" طيب هناديلك سارة "تألمت أذناي حينما انطلق صوت موسيقى الانتظار المزعج والمفاجئ ثم انتهت الموسيقى وسمعت خروشة ثم صوت سارة

    سارة: السلام عليكم
    أنا:وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    سارة: ازيك يا عمر
    أنا: الحمد لله... ازيك إنت؟
    سارة:الحمد لله, وبابا وماما عاملين إيه؟
    أنا: الحمد لله
    سارة: وإخواتك؟
    أنا: الحمدلله
    سارة: إنت بتختم الصلاة يا عمر؟

    أنا (بدهشة): لأ.. ليه؟
    سارة: أصلك مابتقولش غير الحمد لله, فحسبتك بتسبح بعد الصلاة ولا حاجة
    فهمت الدعابة وضحكت بشدة, وبدأت أسألها هي الأخرى عن أحوالها وعن عملها وكذلك تحدثت هي و... استمرت المكالمة 66 دقيقة

    والحق أني لم أرد إنهاء المكالمة, إلا أني لاحظت أن والدتها دخلت إليها ووجهت إليها الكلام, فخشيت أن أسبب لها الحرج وأخبرتها بأني سأحدثها غدا. وبالطبع كانت المكالمة وكأنها مع واحد صاحبي وبخاصة أنها لا تكف عن السخرية وإطلاق النكات, مما جعلني أبادلها الضحكوبالتالي لم تكن المكالمة رومانسية على الإطلاق, ولكنى استطعت أن أستجمع شجاعتي وأن أقول لها: هتوحشيني قوي لحد بكره.. وقفلت الخط سريعا وكأن والدتها ستجذبني من ملابسي من خلال السماعة
    *************
    قــالت ســارة:
    لم أتخيل أن تسير المكالمة مع "عمر" على هذا النحو
    كنت أغسل المواعين في المطبخ, بينما أفكر أنه لو اتصل الآن سيكون شيئا شاعريا جدا أن أتلقى أول مكالمة من خطيبي وأنا أقف على الحوض
    وبالفعل اتصل عمر أثناء غسيلي للبراد.. بدا محرجا في بداية الحديث ولكني كسرت الجليد وضاحكته, واتضح لي بعد ذلك أثناء المكالمة أنه "واد دمه خفيف", وبالطبع هذا ليس تقليلا من شأنه, فهو يبدو رجلا حتى في هزاره
    وبعد تبادل الحديث وتبادل أرقام الموبايلات.. حيث أخبرتني أمي قبل المكالمة بأنه يمكنني تبادل أرقام الموبايل معه.. بعد كل هذه الثرثرة أنهى مكالمته بجملة تختلف عن جو الشقاوة الذي ساد المحادثة وقال لي برقة إنه سيفتقدني
    يا ربي دايما ينهي كلامه بجملة تخلي قلبي يتهز.. يبدو أنها صارت عادة لديه... وقاطعت أمي تأملاتي الرومانسية بعد المكالمة –وكم تعددت مقاطعتها لي أثناء المكالمة!– وقالت لي: إيه كل الضحك ده يا سارة؟ هو إنت بتكلمي" فاطمة" ولاّ "مروة"؟ مش تعقلي شوية
    ظننتها في البداية ستتحدث عن طول وقت المكالمة ولكنها أحرجتني بحديثها عن كثرة ضحكي, هل يمكن أن يظن عمر أني أضحك أكثر من اللازم؟ لكنه كان يضحك هو الآخريووووووه هو كل شوية قلق

    *************
    رن.. رن.. رن... وفرحني

    قــالت ســارة:
    في العادة تعبر الأغاني عن المشاعر, ولكن هذه المرة عبّر إعلان خطوط تليفون عن مشاعري


    "رن.. رن.. رن.. رن.. وفرحني"


    يشدو بها كاظم الساهر وأنشز أنا بها طوال اليوم مع رنات عمر الكثيرة على الموبايل أمس, بعد أن انتهيت من أولى مكالماتي معه أرسل لي رسالة بها دعاء جميل:" اللهم لي أحبة أتذكرهم كلما نبض الفؤاد وحن، وأدعو لهم كلما دنا ليل الظلام وجن.. إلهي ظلل أحبتي بالغيوم وأبعد عنهم كدر الدنيا والهموم..أدخلنا الله جميعا من باب الريان وأعتق رقابنا من النار"رسالة دينية وإن كانت تبدأ بـ"أحبة"، واخدين بالكم؟


    أما اليوم فقد رن عليّ 8 مرات حتى الآن, أما بالنسبة لي فقد رننت له مرة واحدة... لا أدري لماذا... "تُـقل" كما يقال
    للحق أشعر بالخجل من أن أرن عليه كثيرا. ولكني فرحانة أوي برناته.. بالطبع أنا في عملي وزميلاتي يلاحظن أني أبتسم بلا داع مرات عديدة



    أبتسم عندما أتذكره


    وأبتسم عندما يرن


    وأبتسم عندما لا يرن


    "باين عليَ اتجننت"


    آآآآآه لو تدوم سعادتي هذه للأبد


    وصلتني رسالة جديدة من عمر, جعلتني لا أتمالك نفسي من الضحك و (اضطررت) بعدها أن أرن عليه مرتين
    كانت الرسالة تقول:"كده مش حلو.. لا رنة.. ولا ألو.. ولا علينا تسألوا... طب حتى رنة واقفلوا" فكرت أن أرسل له رسالة حتى لا يظن أني بخيلة ولا أريد أن أضيع رصيدي


    احترت هل أرسل له رسالة دينية أم رسالة ضاحكة. في النهاية قررت الرد على رسالته كالتالي:
    قلت للطير المسافر وصل سلامي للغاليين.... قال لي سواق أهلك أنا؟

    *************
    قــال عمــر:
    بعد أن اضطررت لإنهاء حديثي مع سارة قمت بحفظ رقم تليفونها المحمول على تليفوني على الفور


    أحببت أن أظهر لها اهتمامي! ومشاعر أخرى بالطبع, فأرسلت لها رسالة تحمل دعاء "للأحبة".. لم تقم بالرن عليّ فظننت أنها لم تقرأ الرسالة بعد


    في اليوم التالي قمت بالرن عليها مرات عديدة ولكنها لم تجبني سوى برنة واحدة.. بصراحة غضبت


    "هي مش معبراني ليه؟"


    كان هذا السؤال ينغزني وكأنه شوكة
    سألني زميلي في العمل عن سر تجهمي, لم أخبره بالسبب... لا أعتقد أنه يصح أن أتحدث عن مشاكلي مع خطيبتي مع أحد
    ...... ولكن
    مع منتصف اليوم لم أستطع أن أتحمل تجاهلها, فكرت أن أحدثها على الموبايل ولكن كرامتي "نقحت" عليّ. لم أجد سوى أحمد..صديقي الحميم والذي خطب منذ عدة أشهر لأتحدث معه.

    وأحمد يعمل معي في نفس الشركة ولكن في قسم آخر.. رننت عليه, ففهم أني أريده وتقابلنا في كافيتيريا الشركة كالعادة
    وجدني مغتاظا فقال: "أهلا... مش بدري على فردة الشراب المقلوبة دي"



    أخبرته بالموضوع فضحك وأجابني: مشكلتك يا عمر إنك أبيض يا ورد... بس هي مش مشكلة قوي يعني.... باين إن سارة كمان أبيض يا ورد زيك.... إنت عمال ترن ترن على البنت عشان دي أول مرة تعرف بنات وعايز تحس إنك بترن وبيترن عليك, وسارة غالبا مش متعودة على الكلام ده ومحرجة ترن عليك كتير...... ياسلااااام
    نزل عليّ كلام أحمد كالبلسم وغضبت من نفسي لأني غضبت من سارة.. وكان أحمد نعم العون حتى إنه بعث لي رسالة لعلاج هذه الحالة..كما قال ، وقمت أنا بإرسالها لسارة وعدت للتحليق فوق السحاب عندما ردت عليَ سارة هذه المرة برنتين ورسالة دمها خفيف

    ************
    قــالت ســارة:
    أربع رسائل في يوم واحد.... كتير برضه! الواد ده ماشي بموبايل خط ولاّ بيزنس ولا إيه؟
    هو صحيح إني فرحانة جدا بكل هذا الاهتمام ...لكن هي دي المشكلة.. أنا باخاف لما بافرح قوي.. باشعر إن فيه حاجة غلط
    ماسورة الرسائل اللي انفجرت دي مش مطمناني
    أخاف أن يكون عمر حالما أكثر من اللازم.. قد يبدو كلامي غريبا ولكني أحب الرجل الراسي أريد رجلا يساندني على أرض الواقع.. لا أحب الرجال المغرقين في الرومانسية

    *************
    قــال عمــر:
    لم يتهمني يوما أحد بالرومانسية, ولكني مع سارة أخاف أن يكون هذا عيبا


    لست قاسي القلب بالطبع ولكني لا أجد أن الكلام الرومانسي الكثير يعني شيئا. أشعر أني أحبها وغالبا ما سيزداد هذا الحب مع الأيام ولكني لا أحب كلمة "أحبك" التي تتكرر كثيرا بين الأولاد والبنات. ولكني أخاف أن يجعل ذلك سارة تكرهني ولذا قررت أن أكون رومانسيا معها في رسائل الموبايل


    أرسلت لها كل رسائل الحب التي وجدتها ذلك اليوم, وكانت أربع رسائل


    ....... أربع رسائل في يوم واحد


    "كتير.. مش كده


    أدركت هذا عندما وصلت للمنزل مساء. قد تراني سارة الآن "مدلوقا". ولكن.. لا هي لا تفكر بهذه الطريقة
    أو... ربما هي تفكر بهذه الطريقة
    لاحول ولا قوة إلا بالله... كنت قد قررت أن أتصرف بمثالية في هذه العلاقة ولكن ها أنا وقد بدأت بخطأ.... أفففف

    *********
    الجـزء السادس
    قالت ساره:
    مكالمة أخرى مع عمر على تليفون البيت ، هذه المرة اتصل أثناء مشاهدتي لمسلسل الرعب الأجنبي الذي أتابعه بشغف , ما علينا سأشاهده في الإعادة ، وجدته طبيعياً ... أعني ليس حالما غارقا في الرومانسية كما أوحت لي الرسائل .. ارتاح قلبي لذلك , فأنا لا أحب الرجال معسولي اللسان .. حدثته عن مشاكل في عملي ، وأسداني بعض النصائح المفيدة بجانب بعض النصائح غير المفيدة ـ "ولكني لم أخبره بذلك بالطبع "ـ إلا أنني ذهلت وزاد إعجابي به عندما حدثني حول الاحتلال في العراق ، ووضع الانتخابات الفلسطينية .. إنه يعرف ما يتحدث عنه وله أراء خاصة رائعة ، ولا يدعي معرفته بكل شيء , مثل الذين يتحدثون وكأنهم كانوا مع بوش لحظة إعلان الحرب ، أعجبتني سعة اطلاعه ، وإن كنت أحبطت قليلاً عندما عرفت أنه لا يهتم بالكرة , وأنا التي كنت أحلم بأن أذهب أخيراً للإستاد لأشاهد المباريات من هناك بعد زواجي ، إلا أني ـ "للحق "ـ احترمته ، فأنا لا أتخيله يجلس مثلي أمام التليفزيون يكيل السباب للاعبي الفريق المنافس والحكم الظالم دائماً ، في وسط الحديث تطرقتُ إلى موضوع الرسائل .. فسكت قليلاً ثم قال بلهجة شديدة الرقة والعذوبة : زودتهاشويه ... مش كده؟ ولم أتمالك نفسي من الضحك ، أحياناً ينتاب الشخص نوبة غباء يندم عليها كثيراً فيما بعد ... وكانت هذه إحدى نوبات غبائي ، كيف يكون هذا هو رد فعلي على هذه الرقة ؟ .. بالتأكيد سيظن أني بليدة المشاعر ، ارتبك قليلاً بعد ضحكتي الغبية ثم تجنب الحديث عن رسائله وشكرني على رسالتي ، وأثنى على خفة دمي الذي كان يغلي في هذه اللحظة من شدة غيظي من نفسي ومن ردود فعلي الغبية ،" أنا حاجي لكم بكرة شوية يا ساره "، قالها عمر لي في التليفون فرديت باستغراب : ليه ؟ ، وطبعاً كان رد غريب جداً فقلت له بسرعة :" تشرف طبعاً "، وقفلت التليفون وأنا سعيدة جداً إني حاشوف عمر بكرة لأول مرة من قراءة الفاتحة ، الظاهر انه واحشني لا الحقيقة مش الظاهر أنا فعلا نفسي أشوفه .
    *******************
    قال عمر:
    رد فعل ساره غريب جداً يا ترى هي مش عاوزه تشوفني فعلاً علشان كده اتخضت ؟ ممكن تكون حست إنها اتسرعت في الخطوبة مثلاً ، طب إيه المطب ده ؟ دي هي واحشاني فعلاً حايبقى شكلي إيه لو قابلتني ببرود ؟ بس هي كانت طول المكالمة سعيدة ، أوِوف .. البنات دي عاوزه خريطة علشان الواحد يفهمهم .. أحسن أصلى ركعتين وأنام علشان عندي شغل بدري .
    **************
    قالت ساره :
    عملت ماسك زبادي بالعسل قبل ما أنام مع إن بشرتي مش محتاجه بس استعداد نفسي للقاء عمر المنتظر ، ماما دخلت لقتنى ملزقه كده قالت لي مالك يا ساره قلت لها :" أصل عمر جاي بكرة يا ماما "، خرجتْ من الأوده وهى بتقول لا حول الله يا رب ، غسلت وشى من الماسك وغمضت عيني وطفيت النور بس ما جاليش نوم خالص .. إيه القلق ده ؟ أحاسيس ملخبطه جداً ، جوايا فرحانة إني حاشوفه وفى نفس الوقت سؤال بيزنّ في عقلي : خلاص هو ده الإنسان اللي حاكمل معاه حياتي كلها لحد ما اعجّز زى ماما وبابا ؟ ده أنا تقريبا ما اعرفوش !! بس هو مؤدب وطيب ، ماهو كلهم بيكونوا كده في الأول !!! على رأى صديقاتي ذوات الخبرة في الارتباط ، حطيت المخدة على دماغي علشان اهرب من التفكير وأنام .
    *************
    قال عمر:
    ياااااه ده أنا تقريبا مانمتش خالص وحاسس بصداع رهيب وعندي شغل بعد نص ساعة ، آدي اللي خدناه من الخطوبة ، ما أنا كنت حر نفسي وأخر رواقه ، كل القلق ده ولسه قراءة فاتحة ، أمال لما أخلف 5 ولا 6 عيال ح اعمل إيه ؟ أكيد حاكون مت من زمان .
    ***********
    قالت ساره:
    قمت من النوم ، بعد ما صحيت ييجي ميت مرة وعندي حموضة كبيرة شربت سفن أب على الريق وطبعاً كانت فاتتني صلاة الفجر من النوم المتقطع ، اتوضيت وصليت شعرت بهدوء واستعدت فرحتي بلقاء عمر النهارده ،" يا رب فرّحني النهارده يا رب "..
    ************
    قال عمر:
    تالت فنجان قهوة باشربه والصداع ابتدى يروح شوية ، آه لو ساره تديني حتى رنة تعرفني إنها عاوزه تشوفني هي كمان ، فضلت ماسك الموبايل وسرحان لحد ما فوقت على صوت زميلي بيقول : يا بختك يا عم تلاقى العروسة صبّحت عليك ييجي ميت مره .. تيجي مراتي تشوف عمرها ما بتتصل بيا الا لو كارثة حصلت ده أنا حاطط لها تون سرينة إسعاف .. ههههههه ، رميت الموبايل وقلت الصيت ولا الغنى !! يالا بقى يا ساره ربنا يهديكي .
    *************
    قالت ساره:
    الوقت بيعدي بسرعة كده ليه ؟ الساعة 4 وعمر جاى الساعة 8طب حالبس إيه ؟ وحنقعد فين ؟ مش معقول نقعد لوحدنا في الصالون حرام طبعاً وكمان أنا أتكسف جداً لا أكيد كل العيله حاتقعد على قلبنا ، طب حانتكلم في إيه ؟ التليفون بيسهّل الموضوع لكن وجها لوجه دي صعبة شوية ، ياااه إيه القلق ده كله ؟ ماما بتبص لي من بعيد و عينيها بتضحك عليا وبتقول في سرها البنت إتجننت ، قمت استحميت واسترخيت شوية وقعدت أنشف شعري بالسشوار وأعمله كذا تسريحة ، مع انه مش حايشوفه لأني حاكون لابسة الحجاب طبعاً ، بس عاوزه أحس انى جميلة النهارده ونفسي أشوف ده في عينيه .
    ************
    يقول عمر :
    يا ترى حاجيب إيه معايا وأنا رايح ؟ أخد شيكولاتة ؟ ولا أبقى رومانسي واخد ورد ، طب أنا نفسي أشترى هدية لـساره تفكرنا دايماً باليوم ده أشترى لها إيه ؟ قعدت أفكر وأنا في العربية وراجع من شغلي لحد ما لقيت محل هدايا ، دخلت و جبت بوكيه ورد أنيق ودورت على هدية ساره احترت شوية وبعدين لقيت دبدوب ضخم أبيض حاضن قلب أحمر ، كان ضخم جداً وغالى جداً كمان !!! لكن تخيلت فرحتها بيه ، يا رب يعجبك يا ساره ..
    ************
    قالت ساره :
    ارتديت عباءة مغربي جميلة مطرّزة بالقصب ، أهداها لي خالي من الخليج ، لم أرتدي تايير أو ما شابه ، مش عارفة ليه ، يمكن كنت عاوزه أحس أنى لا أستقبل ضيف غريب بل من أهل البيت ، وضعت ماكياج خفيف جداً مجرد انه يظهر وجهي نضر لا أكثر ، ولفّيت الطرحة بطريقة جديده زادتني أناقة ونظرت في المرايه ووجدت بريق جميل في عيني لم أره من قبل ، يا رب اسعد كل البنات زيي ، وأفقت من سرحاني على صوت جرس الباب وصوت أمي بيقول : .. "عمر جه يا ساره" .
    ************

    الجـزء السابع
    قالت ساره :
    ازيك يا ساره .. "ياه ما شاء الله" ، قالها عمر بتلقائية كبيرة وهو يسلم على ، جعلت إخوتي يبتسمون وأنا وجهي احمر من الخجل ، وفوجئت أن يمدحني هكذا أمام الجميع !! لكني كنت سعيدة جداً بهذه الجرأة أو التلقائية لا أدرى ! ومددت يدي أسلم عليه وأكيد لاحظ ارتعاش يدي وارتباكي ياااه ، فعلاً التليفون أرحم من اللخبطة دي .
    ************
    قال عمر:
    بجد فوجئت بجمال ساره اليوم ، وجهها نضر ، وملامحها تنطق بالجاذبية ، والجمال رغم أنها لا تضع ماكياج والحمد لله .. لم استطع أن أخفي سعادتي عندما رأيت وجهها مرة ثانية ، والمرة دي أشعر إنها ملكي ، فازدادت جمالاً في عيني .. لكن أكيد والدتها وأخواتها بيقولوا على مدلوق جداً ، لأ .. امسك نفسك شوية يا سي عمر ما تكسفناش .
    ************
    قالت ساره :
    الله عمر بجد رقيق جداً جايب ورد معاه كنت خايفه يجيب فاكهة بقى وبطيخة والفيلم ده ، ونظرت إلى الهدية الكبيرة في ورقها اللامع وفرحت انه فكر يشترى لي هدية ، ده يدل انه إنسان كريم ورقيق ، .. الحمد لله ، يا رب تفضل كده يا عمر ، يا ترى حانقعد فين ؟ أكيد مش لوحدنا طبعاً طيب أقعد في الكرسي اللي جنبه ولا بعيد ، طب بابا موجود ازاي أقعد جنب عمر في وجود بابا ؟ ، يا سلام على الهنا .. بابا حسم الحدوتة وقال : "تعالى أقعد جنبي هنا يا عمر" .
    ************
    قال عمر:
    يا سلام على الهنا ، حأقعد جنب حمايا العزيز أهي دي فيها ساعتين قناة الجزيرة وساعتين عن مستوى الزمالك المنحدر ، وبعدها أكيد حاكون استأذنت وروّحت .. يا خساره الورد والهدية ، الحمد لله ساره قعدت في الكرسي المقابل لنا أنا وعمى ، لا أدرى هل حمايا لاحظ انى أختلس النظرات إلى وجهها ؟ بجد وجهها يحمل ملامح طفولية تنم عن الشقاوة وخفة الدم ، وأيضاً جاذبية كبيرة تجعلك لا تمل النظر لها .. وكنت غير منتبه إلى كلام حمايا المطول غصب عنى وأرد فقط بـ : طبعاً طبعاً يا عمي .. فعلاً فعلاً يا عمي .. أيوه فعلاً يا ساره ، وانتبهت إلى خطأي واحمر وجهي من الخجل ، ولاحظ عمى هذا وضحك وقال لي : "ده أنت مش معايا أنا يا سيدي" ، طب لما أسيبكم تتكلموا شوية وأقوم أتكلم في التليفون .
    **************
    قالت ساره:
    ضحكت جداً على عمر ، وفرحت بصراحة إن بابا قام ، وقعدت جنب عمر ولاحظت سعادته بهذا وقال لي مباشرةً : "ازيك يا ساره افتقدتك جداً من المرة اللي فاتت" ، ياااه .. كلمة الافتقاد دي كبيرة أوي أحلى بكتير من وحشتيني .. كان نفسي أقول له وأنا كمان لكن اتكسفت جداً .. أول مرة أحس انى بنوتة بقى وباتكسف .. دول كانوا مسميني في العيله الكابتن من كتر تهريجي ، الظاهر انى حاكتشف ساره جديدة خالص ما عرفتهاش قبل كده .
    ***************
    قال عمر :
    أنا جبت لك هدية يا ساره يا رب تعجبك .. بتحبي الدباديب ؟
    فوجئت إن ساره نطت من مكانها ، وحضنت الدبدوب وقبلته ونيمته في حضنها وقالت بسعاد طفولية : "الله ده تحفة يا عمر بجد يجنن" .
    فرحت جداً برد فعلها الطفولي الجميل ، ورغم إن الجميع كانوا حولنا الا انى كنت لا أشعر الا بي وبها فقط ، يا رب ما تتغيريش يا ساره وتفضلي لذيذة كده على طول .. مش عارف ليه ساعتها كنت عاوز أقول لكل العالم إن هذه الطفلة الجميلة طفلتي أنا
    *************
    قالت ساره :
    إيه الجنان ده ؟ أكيد حايقول عليا عيّله دلوقتي ، طب ماهو اللي غلطان كان لازم يجيب دبدوب يعني ؟ ده أنا باموت فيهم .. يووووووه هو أنا لازم أفضل محتارة على طول ؟ لازم يتعود على زى ما أنا !! بس كل صديقاتي قالوا لي أتقلي واعملي فيها الراسية العاقلة .. وماما بتبص لي من بعيد نفسها تقتلني !! بس عمر فيه في عينيه نظرة حنان جميلة بتخليني أطلّع كل اللي جوايا بدون أي تصنّع وده اللي مخليني معجبه بيه .
    **************
    يقول عمر :
    ياااه أنا نسيت كل الموجودين ، ونسيت الوقت معقول بقى لنا ساعتين بنتكلم ؟ أنا نسيت انى ضيف ولازم ما أقعدش كتير أوي كده !!! بجد كلام ساره لذيذ جداً وحبل الكلام بيننا ممتد إلى مالا نهاية ، بدون أي تكلف ولاحظت إنها قارئة جيدة ، مش روشة طحن زى بقية البنات ومخها أبيض ، ودي حاجة عاجباني فيها جداً بتحسسني انى قاعد مع ألف بنت : صديقة وأخت وزميلة وطفلة وأنثى وقريبة ووووو حبيبة .
    **************
    قالت ساره :
    عمر مشي من شوية ، وبجد أنا مرتاحة جداً دلوقتي ، حسيت انى سعيدة لأننا على درجة كبيرة من التفاهم ، أو على الأقل فيه ناس باحس انى مخنوقة منهم بسرعة لكن مع عمر لأ ، دايماً باحس انى على طبيعتي وعاوزه أقول له كل اللي جوايا بدون زواق ، ومش محتاجه أتكلف أي حاجه علشان أعجبه ومتهيألى دي حاجة كبيرة ووو ... قطع تفكيري صوت أختي :" أبيه عمر على التليفون ".. هوّ لحق وصل ، نطيت رفعت السماعة وأنا طايره من الفرح :" الو أيوه يا عمر أنت وصلت
    عمر : لا باتكلم من عند البقال ، أيوه وصلت طبعاً أنا كنت سايق على 120 علشان أوصل بسرعة وأكمل كلامي معاكي ، دي ماما اتخضت وأنا باجري على اودتي علشان أكلمك .
    أنا : ممممممم .
    عمر : ساكتة ليه ؟
    أنا : مش عارفة أقول إيه ؟ أنا بجد فرحانه وقلقانه ومبسوطه وخايفه ووو ...
    عمر : إيه الكوكتيل الجامد ده ؟ طب فرحانه ومبسوطه علشان أنا شبه أحمد السقا ماشي .. لكن .....
    أنا : يا عم قول يا باسط أحمد السقا ههههههههههه .
    عمر : كده يا ساره الله يسامحك ، طب أديني ضحكتك يا ستي قولي لي خايفه من إيه ؟
    أنا : خايفه إننا بنقرب لبعض بسرعه أوى ، وأنا ماليش تجارب قبل كده .. فخايفه أكون فرحانه بس بفكرة الحب والارتباط ، ومش قادره أقيّم الموضوع صح واطلع غلطانه في الأخر .
    عمر : ما تخافيش من أي حاجة في الدنيا طول ما أنا جنبك" يا غاليه" .
    أنا : ياااه يا عمر بجد أنت اللي غالي .." في سري طبعاً" .
    عمر: ساره سامعاني ؟
    أنا : أيوه .
    عمر : بصي يا ستي انتي بتعدي الشارع وفيه عربيات؟
    أنا : طبعاً.
    عمر : بتدخلي مبنى ما دخلتهوش قبل كده علشان تخلصي مصلحة ليكي ؟
    أنا : أكيد .
    عمر : بتركبي تاكسي لوحدك ؟
    أنا : أيوه أيوه .. إيه الأسئلة العجيبة دي كلها؟
    عمر : طب ليه مش خايفه وانتي بتعدي الشارع عربية تخبطك لا قدر الله ، يبقى نبطل نعدي شوارع أحسن .. ولا وانتي داخلة مبنى غريب يحصل لكحاجة ولا في التاكسي تتخطفي مثلاً ؟ ياساره لو خفنا من كل حاجة عمرنا ما ح نعمل حاجة أبداً ، وبعدين احنا واخدين الطريق الشرعي أمام الله وأمام الناس ونيتنا احنا الاتنين إننا نرضي الله في الحلال ، يبقى الخوف والفشل حاييجوا منين ؟
    أنا : أنا خايفه من اختلاف الشخصيات ياعمر يكون سبب الفشل .
    عمر : بصي يا ساره ، أكبر غلط كل البنات بترتكبه إنها تتجوز واحد بشخصيه معينه ، وتحلم إنها تخلق منه شخصية مختلفة 180 درجة ، مفروض إننا نحب الإنسان بمميزاته وعيوبه .. ونتقبله كما هو ونحبه زى ما هوّ .
    أنا : مش بيقولوا مراية الحب عامية ؟
    عمر : دي مراية الحب مفتّحة ولها عشر عيون ، بقى أنا مش حاشوف الإنسان اللي باحبه ؟ أمال حاشوف مين يعنى ؟ يعنى أنا دلوقتي مش شايفك؟
    أنا : ياااااااه أول مره .. يعنى أنت بتحبني يا عمر ؟؟؟؟ .." بردو في سري" .
    عمر : ساره انتي فين ؟
    أنا : أنا سامعاك .. أنت عارف ياعمر اكتر حاجة بتعجبني فيك إيه ؟
    عمر : غير انى شبه احمد السقا ؟
    أنا : ههههه برضه مصمم ؟ ماشى يا سيدي .. لا بجد باحس انى باكلم حد من صديقاتي مش خطيبي ، يعني حاسة إن الصداقة بيننا بتكبر كل يوم ودي حاجة مفرحاني جداً .
    عمر : على فكرة ده نفس إحساسي أنا كمان .. عارفة يا ساره مهم جداً إن الأزواج يكونوا أصدقاء ، ده بيخلي التفاهم بينهم كبير جداً .
    أنا : أنت عارف يا عمر الزواج عامل زى بيت من 3 ادوار ، الدور الأول الإعجاب والانبهار والرغبة الشديدة ، والدور التاني الحب ، والدور التالت الصداقة .. فلو غبار الزمن والتعود والمشاكل طمس الدورين الأول والتاني لا يمكن حايوصل للتالت أبداً .
    عمر : أنا بجد لقيت كنز لما لقيتك يا ساره .. انتي بجد مليتي عليا الدنيا ، أنا حاسس انى مش محتاج حد تاني من الدنيا .. الحمد لله يا رب .
    أنا : ربنا يخليك ليا ياعمر .
    عمر : أنا ليا عندك طلب يا ساره ، يا ريت نخلى حفلة خطوبتنا والشبكة نكتب فيها الكتاب كمان إيه رأيك ؟
    أنا : كتب كتاب!!!! بسرعة كده .
    عمر : بصي يا ساره ما تتخضيش .. خدي وقتك وفكري .. بس أنا مش عاوز أغضب ربنا في حاجة ، جوايا كلام كتير مش قادر أقوله ليكي .. ونفسي نخرج لوحدنا نشوف العالم مع بعض بعيونا احنا بس ، ونخلق ذكريات خاصة بينا احنا الاتنين .. وما تفتكريش انى كده باقيّدك أو بالزمك بحاجة لا يوم ما تحبي تبعديني من حياتك حابعد بدون قيود .
    أنا : أيوه بس .
    عمر : بصي يا ساره ربنا هو اللي جمعنا ، وأعطانا نعمة كبيرة إننا قرّبنا لبعض بفضله وحده ، فمش معقول إننا نشكر النعمة دي بأننا نعمل معصية .. صدقيني لو أرضيناه حايرضينا .. بصي فكري براحتك وردي عليا .. معلش طولت عليكي أنا بجد أسف الوقت معاكي بيعدي من غير ما أحس .. حاسيبك ترتاحي دلوقتي .. خلي بالك من نفسك .
    أنا : تصبح على خير .
    عمر : "تصبحي على خير يا ملاكي ".
    ************
    الجـزء الثامن
    يوم شراء الشبكه
    قالت ساره :
    يا رب اليوم ده يعدّي على خير !! امبارح زارنا عمر ووالده ووالدته وكانت زياره جميله ، أهل عمر فرحانين بيّا جداً ، وقعدوا مع ماما وبابا وهات يا كلام .. وأنا وعمر انتهزناها فرصه طبعاً ، وأخدنا جنب بعيد و اديناها رغي وتهريج ، لحد ما لقينا صوت الكلام بين الآباء انخفض ، والوجوه اتوترت شويه ، وواضح إن فيه مشكله في الجو ، وكل اللي سمعناه أنا وعمر شويه كلمات زي : لا لا ده قليل أوى !.. و : لا ده كده حرام !.. وحاجات زي كده ، حاولنا نفهم فيه إيه مافيش فايده ، لحد ما والد عمر ووالدته استأذنوا فجأه بدون سابق إنذار !! وعمر حصّلهم بسرعه ، وأنا واقفه فاتحه بقّي ومش فاهمه حاجه خالص ، سألت ماما عن اللي حصل ماردتش عليا ، وسمعتها بتقول وهى ماشيه : ابتدينا بقى النكد ده إيه وجع القلب ده ، ما شاء الله ربنا يستر .
    ************
    قال عمر:
    "أنا مش فاهم حاجه خالص ، أقدر أعرف فيه إيه "؟ قلتها لأمي وأبي وإحنا في العربيه ، اعتراضاً منى على نزولهم المفاجىء من بيت ساره ، ردت على ماما وقالت لي : مش عاجبهم يا سيدي إننا نجيب شبكه بـ 7 تلاف جنيه ، قال عاوزين شبكه بـ 10 تلاف .. قال هو حد لاقي عرسان في الزمن ده ؟ ، رد عليها بابا : انتي كبّرتي الموضوع وقلبتيه فصال ، وأحرجتينا مع الناس ليه كده ؟ حسيت بخجل وارتباك كبير .. يا خبر ابيض دلوقتي ساره تقول علينا إيه ؟ قلتها في سرّي ولم استطع نطق كلمه ، لأني لا أجرؤ حتى على الاعتراض ، لأنهم هم من سيدفعون ثمن الشبكه .. أه يا ربى ، لو كان المال مالي كنت جبت لها كنوز الدنيا ، يا ترى يا ساره بتفكري في إيه دلوقتي ؟؟؟
    **************
    قالت ساره:
    النهارده رايحين نشتري الشبكه .. ربنا يستر .. البدايه لا تبشّر بخير ، أنا عن نفسي مش مشكله عندي الشبكه ، وأصلاً لا أحب الذهب وأفضل عليه الفضه لكن المشكله الحقيقيه إن يكون الناس دي بخلاء .. دي تبقى كارثه ، طب وعمر رد فعله حايكون إيه ؟ يا ترى حيفضل ساكت ؟ وحايوافق على كلام أهله بدون اعتراض ؟ أفقت من أفكاري وماما بتفتح لي باب العربيه وبتصرخ فيّ وتقولّي :" يالاّ يا بنتي محل الجواهرجي أهه والناس مستنيانا جوه ".
    ***************
    قال عمر:
    ياااه .. أول مرّه أبقى خايف وأنا باشوف ساره ، أنا بجد خايف أحسن تحصل مشكله وأنا مش في إيدي حاجه أصلاً ، مديت إيدي وسلّمت على الجميع .. ساره شكلها لم تنم جيداً .. وواضح على وجهها الإرهاق وفي عينيها نظره تساؤل وانتظار ، ولاحظت علامات تحفز وعصبيه على وجه حمايا وحماتي ومثلهم على وجه أبي وأمي .. دي الحرب العالميه التالته حاتقوم ،" ربنا يستر .. ياااااااارب" .
    ***************
    قالت ساره:
    أنا مش عاوزه دهب ولا مشاكل .. أنا عاوزه الموقف ده يعدّي واروّح وخلاص ده الجواز ده كله توتر وحواديت ، حمايا قال لي : اختاري يا عروسه اللي يعجبك .. وأنا أصلاً مش باعرف اقدّر قيمه الدهب كويس وخصوصاً انه نار الأيام دي ، مددت يدي على طقم دهب ابيض على شكل ضفيره ، وفيه فصوص كثيره وقلت حلو ده .. امتعضت حماتي وقالت : لالالا .. الدهب الأبيض مصنعيته غاليه أوي والفصوص بتخسر لما تحبّي تبيعيه ، بصيت لـعمر لقيته ساكت تماماً .. اتضايقت بس قلت عندها حق أشوف حاجه تانيه ، اختارت لي ماما طقم آخر وقبل ما ألمسه حماتي العزيزه قالت : لالالا ده شكله تقيل وغالي جداً احنا ما اتفقناش على كده .. وعمر لا ينطق بكلمه ، اتضايقت جداً .. كان نفسي يقول لها سيبيها تختار اللي هيّ عاوزاه لكنه صامت تماماً ، همّت ماما بالكلام لكن بابا منعها كي لا يزيد الجو اشتعالاً ، وقال لي اختاري حاجه تانيه يا ساره ، اخترت واحد تاني لم يعجبنى لكن علشان أخلص وخلاص ، وبعد معرفه ثمنه اعترضَت وقالت : لا برضه غالي ، إنت رأيك إيه يا عمر ؟ قلتها له وكلّي ترقّب لما سيقول .. رد عليّ وهو يتحاشى النظر إلي : اللي تتفقوا عليه أنا موافق عليه ، ياااه هو ده اللي ربنا قدّرك عليه ؟ "أمال إمتى حاتدافع عني "؟ قلتها في سرى وكي لا أبكي أو انفجر في وجهه قلت لحماتي : اختاري" انتي يا طنط اللي يعجبك "، وبالفعل اختارت طقم يناسب المبلغ المقدس تماماً ، ووافقت ماما تحت ضغط نظرات بابا الناريه .. ولم أنظر إلى الطقم ، وتركتهم يكتبون الفاتوره ، وجلست في صالون بعيد في المحل ، وأنا أقاوم البكاء والانفجار من موقف عمر السلبي في أول احتكاك حقيقي ، ورأيته قادم يبتسم ويقول لي :" مبروك عليكي الشبكه يا عروسه "، ردّيت عليه والكلمات تخرج من فمي مثل الرصاص : مبروك عليك إنت ،" أنا مش عاوزاها ولا عاوزاك "!!!!
    في اليــوم التــالي
    *************
    قالت ساره :
    لم أردّ على مكالمات عمر المستمره ، وجعلت الموبايل سايلنت ، وجلست في غرفتي أبكى باستمرار من موقف عمر السلبي ، هل سأتزوج رجل بدون شخصيه ؟ هل حماتي العزيزه هي من ستتحكم في حياتي ؟ ومن يجبرني على هذا ؟ هل هذا موقف عارض ام أن هذه هي الحياه المنتظره معه ؟ يا رب أنا في حيره دلّني ماذا أفعل .. ومسحت دموعي عندما نادت عليّ ماما :" يا ساره .. عمر هنا تعالى بسرعه" .
    ******************
    يقول عمر:
    جلست في الصالون في انتظار ساره وأنا لا أجد كلام أقوله لها .. شكلي بجد وحش جداً ، هي عندها حق .. لكن لمّا في أول مشكله بيننا تقول لي أنا مش عاوزاك ازاي الحياه حاتستمر بعد كده ؟؟ كان ممكن تعاتبني أو حتى تتخانق معايا بيني وبينها لكن تبيعني كده على طول ؟ كده برضه يا ساره تتخلى عنى علشان الفلوس ؟
    **************
    قالت ساره :
    دخلت على عمر وسلمت عليه في فتور ، وطلبت من ماما وبابا إنهم يتركوني أتحدث معه بدون مقاطعه ، علشان ماما كانت ناويه تطلّع كل غضبها فيه ، دخلتُ الصالون بدون ولا كلمه وتوقعت أن يعتذر لي عمّا حدث ، فوجئت به يقول لي بغضب :
    "انتي مش بتردّي على تليفوناتي ليه وكمان تقوليلي أنا مش عاوزاك ، كل ده علشان الفلوس يا سارهفوجئت برد فعله الغاضب .. هوّ كمان اللي زعلان ؟!.. ده بدل ما يصالحني ؟ فلوس إيه اللي بتتكلم عليها ياعمر ؟.. إنت حتى مش حاسس أنا زعلانه من إيه ؟.. أنا زعلانه لأني كنت راسمه لك صوره جميله في خيالي وفجأه لقيت واحد تاني أنا ما اعرفوش ، إنسان مش بيدافع عني في وقت أنا محتاجالك فيه ، لقيتك خايف تقول ولا كلمه ولو حتى انك تراضيني والسلام .. وكل ده وتقولّي فلوس ؟
    رد بغضب أشد وعصبيه مخيفه :
    برضه ده مش مبرّر انك تقولي انك مش عاوزه الشبكه ومش عاوزاني .
    فوجئت بغضبه الشديد وعصبيته الكبيره وأحسست بخوف منه لأول مره ، ولم أجد ما أقوله فانفجرت في بكاء مرير ، فوجدته يخفض من صوته وتلين ملامحه وتتحول إلى رقه شديده وحنان كبير وكأنه أب يخاطب طفلته الصغيره الباكيه :
    أنا أسف جداً يا ساره .. أرجوكي ما تبكيش .. دموعك غاليه عليّ جداً .. خلاص بقى أنا غلطان .. أرجوكي كفايه أنا مش قادر استحمل .. أنا فعلاً جرحتك ووضعتك في موقف محرج بس والله غصب عني .. أرجوكي ياساره عاقبيني بأي عقاب الا انك تبكي أنا ضعيف جداً أمام دموعك .. "خلاص بقى أنا آسف آسف آسف .. مليون آسف ".
    هدئت قليلاً من كلماته الرقيقه وإحساسه بالذنب وشعرت بحنانه الكبير الذي احاطنى بدفئه وقلت له بصوت متقطع :
    كان ممكن يا عمر تنبهني قبل ما نشتري حاجه بالموقف ، وأنا عمري ما كنت حاحرجك واختار حاجه غاليه ابداً ، لكن لما الاقيك حتى مش بتتكلم ده فعلاً صعب عليا .. أنا طول عمري راسمه في خيالي صوره للرجل انه حنان واحتواء وقوة شخصيه ، أنا ممكن أتنازل عن أي ماديات لكن الصفات دي لا يمكن اقدر .
    رد عمر وقال :
    أنا أسف جداً .. بس بجد ما تظلمِنيش .. أنا عمر شخصيتي ما كانت ضعيفه وعمر والدتي ما اتحكمت فيا ابداً .. أنا كمان فوجئت بموقفها وعاتبتها عليه في البيت ، لكن أنا مافيش في إيدي حاجه هم من سيشترون ، وأخجل أن اطلب المزيد وأخجل أيضاً أن أحرج أمي أمام الناس .. لكن أوعدك ألف وعد إننا سنتشارك ونتفق على كل خطوه أنا وانتي بس ، قبل تدخل الأهل ، وعمري ما حاتخلى عنك ولا أزعلك ابداً ابداً ، خلاص اتفقنا ؟
    ابتسمت من رقته وصراحته وقلت من بين دموعي :
    خلاص اتفقنا وأنا أسفه أنا كمان لو كنت جرحتك .
    نظر عمر إلى عينيّ مباشره وقال :
    لما قلتيلي أنا مش عاوزاك حسّيت إن الدنيا خلاص انتهت ، واني مش معقول حاعيش من غيرك ؟ واني مش قادر أفكرولا أتكلم ولا أنام .. ارجوكي ياساره أوعي تقوليها تاني ولا حتى وانتي زعلانه .. وان كان على الشبكه يا ستي أنا لو كانت دي فلوسي كنت جبت لك جواهر الدنيا كلها ورميتها تحت ايديكي ، ولا انى أشوف دموعك الغاليه دي تاني .
    أنا : خلاص يا عمر أنا بجد مقدره موقفك ، ومافيش مشكله خلاص .
    عمـر : لا يا ستي فيه مشكله ومشكله كبيره كمان .
    أنا : إييييييييييييييييه تاااااااااااني ؟؟؟؟؟؟؟؟
    عمـر : المشكله دلوقتي يا ستي إني لاحظت انك بتبقي زي القمر بعد البكاء فأنا حاضطر ـ غصب عني والله ـ إني أنكد عليكي يومياً .. حالياً وبعد ما نتجوز ، ويمكن نوصل للقسم علشان أشوف عنيكي الجميله دي بالصفاء والجمال ده .

    أنا : يا خبر إيه ده كله ؟
    لا إنت أسهل تقول لي أعيّط إمتى وأنا أعيّط من غير نكد ولا أقسام .
    عمـر : لسه فيه مشكله كمان .
    أنا : يا رب استر إيه كمان ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    عمـر : بصي بقى يا ستي ، أنا اتخذت قرار لا رجعه فيه ولا جدال ولا حتى استعطافات .. إن حفله خطوبتنا تكون بعد اسبوعين ، علشان تلبسي دبلتي للأبد ، وأقول لكل الناس القمر ده ملكي أنا .. واكتب على قلبي لوحه مكتوب فيها قلب مسكون بأجمل "ملاك للأبد .. قلتي إيه يا حبيبتي
    أنا :
    موافقه يا سي السيد .
    ************

    الجـزء التاسع
    قالت ساره :
    آدي آخرة اللي يسمع كلام العيال .. معقول نلحق نجهّز كل حاجه في الكام يوم دول ؟ الله يسامحك يا ساره ، هذه كانت عينه صغيره من القذائف التي تنهال على رأسي كل دقيقه من أمي وأبي ، بعد ما أقنعتهم بكل وسائل الزنّ والإلحاح المعروفه عند البنات ، أن تكون حفله خطوبتنا أنا وعمر بعد اسبوعين .. يعنى أكسر كلام " سي السيد " ؟ وبعد صاعقة المفاجأه التي هبطت على رأس أمي وأبي من الميعاد المفاجيء " ألعيالي " على حد وصفهم ، وبعد الرجاء المتواصل من جانبي ، وافقوا على مضض على أن تكون الحفله في بيتنا " على الضيق " تجمع الأسرتين فقط .. وأعجبني الحل ده جداً ، لأني أصلاً لا أحب حفلات الخطوبه في الأماكن العامه ، لأن العروسين لا يكونوا يربطهم شيء وفي بداية التعارف .. يبقى ليه نفرّج الدنيا كلها علينا ؟.. مش يمكن ما يحصلش نصيب ؟؟؟
    ***********
    قال عمر:
    الخطوبه في البيت ؟.. ليه بقى إن شاء الله هو احنا عندنا كام عمر ؟.. ما ينفعش الكلام ده أبداً ، هذه كانت عينه صغيره من القنابل التي كانت تلقيها أمي على أذني عندما علمت بموضوع حفله الخطوبه المنزليه .. ولما كنت لا أريد أن تتكرر مأساة الشبكه مره أخرى ، أخبرت أمي إني أنا وساره متفقين على هذا ، ولا داعي أبداً أن تفتح هذا الموضوع معهم .. وبعد إلحاح كبير جداً وافقت على مضض ، مشيره إلى إني من دلوقتي حامشي ورا كلام " الست هانم " ، طبعاً عملت نفسي مش سامع ولا عارف مين هيّ " الست هانم " المذكوره .
    *********
    قالت ساره :
    بجد أنا مجنونه إني وافقت عمر .. طب هو حايشتري بدله في نص ساعه ، طب وأنا حاعمل إيه في الفستان ؟ ده حدوته كبيره جداً ، وللأسف لم أجد في الجاهز شيء يناسبني ، بعدما تطوعت صديقه مقاتله لي أن تلف معي على المحلات .. وبعد 3 أيام متواصله من اللف المتواصل ، وبعد ما أصابنا كساح وشلل رباعي من كتر المشي ، توصلنا إلى نتيجه رائعه ، مفادها أن كل ملابس السواريهات الآن مصممه للسباحه وليس للحفلات ، ما شاء الله كله عريان جداً جداً ، وكأن الطبيعي جداً إن البنات تلبس الكوارث دي !!!.. وكل ما كنت أسأل على شىء يصلح للمحجبات ، كانت البائعه تخرج لي شىء ملائم تماماً لماما أو لحماتي العزيزه ، لكن شيء شبابي محتشم لاااا يمكن .. ليييييه مااااعرفش ؟
    ************
    قال عمر :
    والله وبقيت عريس يا واد يا عمر ، قالها صديقي وأنا أقيس البدله الفاخره التي اشتريتها بتحويشة العمر ، وجدناها في المحل الذي أتعامل معه دوماً .. بس لسه الكرافته .. قال البائع إنها موجوده في الدور التاني من المحل .. ياااه لسه حاطلع ؟.. ده مافيش اسانسير ، الظاهر الجواز ده كله ارهاااااااق .
    **********
    قالت ساره :
    خلاص بقى كفايه عياط ، موتّي نفسك يا بنتي ، خلاص فصّلي الفستان ويا رب صاحبة الأتيلييه ترضى تخلّصه بسرعه ، قالتها لي ماما بعد ساعتين من البكاء المتواصل ، وأنا احكي لها رحلتي الفاشله اليوميه بين المحلات ، وقد تورمت أصابع قدمي وأصبحت في حجم الكوره الشراب .. وأكيد صديقتي حاتقطع علاقتها بيا بعد العذاب اللي وريتهولها ، والكساح الذي أصابها .. لا و حاتفرس لأني اتصلت بـعمر لقيته صاحي من النوم تعبان ، علشان نزل اشترى البدله في نص ساعه زي ما توقعت ، لا صحيح بجد الرجاله دول بيتعبوا .
    **************
    قال عمر:
    أنا مش عارف ساره مكبّره موضوع الفستان ليه ؟.. ما أي حاجه وخلاص .. صحيح البنات دول فاضيين ورايقين أوي .. وبعدين حاتفصله أخيراً ، وما رضيتش تقولّي لونه إيه علشان المفاجأه ، ربنا يستر ويليق على البدله أحسن يبقى شكلنا آخر بيئه ، بجد البنات دول عليهم تقاليع عجب .
    **********
    قالت ساره:
    أمامي ألف مجله أختار منها الموديل ، وفي الآخر رميت كل المجلات وأخرجت قلم وورقه ، وقعدت أرسم مليون تصميم وكلهم طلعوا وحشين جداً .. يا ربي ليه البنات على طول تعبانين في كل حاجه من الصغيره للكبيره ؟ أنا حاسيب صاحبة الأتيلييه تختار حاجه مناسبه ليا وخلاص .. هو يعني فرح الأميره ديانا ؟؟ قلتها في سري ، وهي تجلس أمامي من " عشر ساعات " تنتظر اختياري النهائي وهي حاتطقّ مني ، وبعد طول عذاب " اختارَنا " الموديل أنا وهي وتنفستْ الصعداء وهى تكاد تطردني من المحل ، وتقول بابتسامه طهقانه : والفرح إمتى إن شاء الله يا عروسه ؟ رديت وأنا أكاد اجري من أمامها من رد فعلها المتوقع : بعد عشر أيام ، وكان الرد : اييييييه مووووش مممكن أبداًاًاًاً .
    ***********
    يقول عمر:
    حاضطر أسيب ذقني ما احلقهاش اليومين دول ، ولا شعري كمان حسب تعليمات الكوافير ، واستحمل التريقه من أصحابي والعيله عندنا ، يالاّ اهو الواحد لازم يضحّي ويتعب علشان يتجوّز .
    *********

    قالت ساره :
    خلّصت كل أنواع الماسكات ، والسنفره ، والكريمات المعروفه والمجهوله ، وأي واحده كانت بتقترح عليّا وصفه للبشره أو الايدين أجربها فوراً .. وأصبحت غرفتي مطبخ به أعاجيب الدنيا السبعتاشر من قشر خوخ .. بياض بيض .. جلسرين وليمون .. زبادي وعسل ، وأي شىء أجده في التلاجه عند ماما انقض عليه فوراً واجري عليه تجاربي الجهنميه ، أنا عاوزه اعرف كل البنات بيتعذبوا العذاب ده ولاّ أنا بس اللي لاسعه ؟ بس كله يهون علشان خاطر عيونك يا عمر .
    **************
    ترتيبات يوم الخطوبه
    قالت ساره :
    أكاد افتح عيوني بالعافيه ، وأغالب النوم بقوه وأنا جالسه عند الكوافيره ، امبارح سهرت في الأتيلييه علشان أخلّص الفستان .. وكانت خناقه كبيره بيني وبين عمر على الموبايل ، لما لقاني الساعه 11 لسه مارجعتش البيت ، رغم إن ماما كانت معايا ، وبابا وصلنا بالعربيه الساعه 12 ونصف بعد ما خلص الفستان أخيييييييراً ، ورغم كده عمر كان بيتخانق بمعدل كل ربع ساعه .. ويقولّي خلاص اللي خلص من الفستان كفايه ومش مهم الباقي وكفايه تأخير ، يعنى أخده بكم آه وكم لأ ؟ يالاّ أهو تغيير برضه ، طب أنا ذنبي إيه في كل الدوشه دي ؟ هو زعلان منى ليه ؟ وعلشان اليوم ما يقلبش نكد ، أرسلت له رساله قبل ما أروح للكوافير قلتله :" أنا أسفه على تأخير امبارح .. أنا نفسي أكون جميله علشان أليق بيك النهارده" ، وطبعاً اتصل بي فوراً وكان في منتهى الرقه ، آه من عقل الرجاله ..
    ************
    يقول عمر:
    رساله ساره الجميله امتصت كل غضبي .. فعلاً ساره ذكيه جداً وبتعرف إمتى توقف المشكله بيني وبينها ، أنا مش مصدق إن النهارده حابقى عريس بجد !!.. أصحابي كل شويه يكلموني و يبعتولي مسجات ملخصها كلها :" بكره تندم يا جميل "، معقول الجواز يبقى خنقه وجحيم زي ما بيقولوا ؟ لا أعتقد .. لأن أنا وساره متوافقين في الشخصيه وطريقه التفكير و .. والمشاعر كمان .. يبقى الفشل حاييجي منين ؟ قمت توضئت وصليت ركعتين قضاء حاجه ، أن يوفقنا الله أنا وساره طول العمر .
    ***********
    قالت ساره
    :
    أنا بجد خلاص حانفجر .. من 4 ساعات وأنا عند الكوافيره ولا أفعل شىء .. المحل فيه 7 عرايس غيري !!.. بجد كأننا في سيرك ، الحراره عاليه جداً .. والعرايس كلهم متوترين وخايفين يتأخروا عن ميعادهم ، وكلهم بيتحايلوا على الكوافيره علشان تخلّصهم كلهم مع بعض .. ازاي ماعرفش ، عملتْ لي ماسك أول ما جيت الصبح وعملت شعري رغم إني حاغطيه !!.. يعني باختصار لسه ما عملتش حاجه خالص والساعه 4 وعمر حاييجى الساعه 7 ، كلمني عمر وسألني : عملتي إيه ؟ قلت له : ولا حاجه خالص .. وصوتي مخنوق بالبكاء ، قال لي : ولا يهمك انتي قمر من غير حاجه .. طيب أكلتي حاجه يا ساره ؟ رديت باستغراب : أكل ؟!.. يعنى إيه الكلمه الغريبه دي؟
    *************
    يقول عمر:
    ساره عامله زي الأطفال .. لازم حد يتحايل عليها علشان تاكل ، اتصلتْ بمطعم بيتزا وأعطيته عنوان الكوافيره كي يرسل لها طعام .. ورأتني أمي وأنا أرتب هذا وكادت أن تنطق بعصبيه جمله بها : ... ست الحسن ... كالمعتاد ، ولأول مره أرى في عينيها نظره تشبه الغيره ، وبدل أن أعاتبها وتقلب نكد كالعاده أخذتها في حضني وقلتلها : عارفه يا ماما أنا باحب ساره ليه ؟.. علشان نسخه منك .. بس انتي الأصل يا جميل والباقي تقليد ، فوجئت بضحكتها الصافيه وهي تضمنى لها وتدعو لي بالسعاده مع ساره ، ياااااخبر .. ماما بتغير عليّ ؟؟؟
    *************
    قالت ساره
    :
    بيتزا للأنسه ساره .. العريس باعتهالك ، دوت الجمله في مركز التجميل كالرصاصه ، وصاحبَتها همسات وضحكات مكتومه من بقيه العرايس معناها : شايفه عريسها بيحبها ازاي ؟ غرقت في الخجل من نظرات الجميع .. وفتحتها وأنا أتذوق أغلى وألذ بيتزا أكلتها في حياتي ، بجد .. من يقولون إن الحب أهم ما في الحياه .. لا يعرفون شيئاً ، أهم ما فيها هو الحنان .

    ************
    الجـزء العاشر
    قال عمر
    :
    الساعة 6 وأنا عند الكوافير الرجالي .. خلاص خلّصت كل شىء .. واديتها جل على شعري والبرفان الجامد جداً ولبست البدلة وكله تمام ، إيه الشياكه دي يا واد يا عمر ؟ صديقي ذهب يزيّن العربية ، وسيأتي بعد نصف ساعة كي نأخذ ساره من الكوافير الساعة 7 تماماً ، مش عاوز أتأخر عليها أحسن تزعل مني .
    *************
    قالت ساره
    :
    "يا ستي أنا ميعادي كمان ساعة ولسه ما عملتش حاجة خالص" ، قلتها للكوافيره وأنا أكاد أبكي .. ردت عليّ ببرود كبير معتادة عليه : لسه 3 عرايس وبعدين انتي !! ما تقلقيش يا عروسه ، يالهوي .. 3 عرايس ؟!!!!!!!!!!!.. ده أنا حاخلص الساعة 12 إن شاء الله !! وصوت الموبايل لا يتوقف عن الرنين من عمر وماما ، الكل بيستعجلني وكأن الذنب ذنبي .. ارتديت الفستان ومن عصبيتي جزء صغير منه اتقطع من الذيل ؟.. آه فعلاً هذا ما ينقصني الآن ، انطلقت صديقتي تبحث في المحلات المجاورة عن ابره وخيط بلون الفستان ، كأنها تبحث عن ابره في كوم قش .. وأخيراً جاءت وحاولنا محاولات مستميتة ألا يظهر هذا العيب .. يا رب استر يا رب .
    *************
    قال عمر
    :
    الساعة 8 ونصف ، وأنا واقف أمام مركز التجميل أنا وأصدقائي ، وبعض من أهل ساره ، همّ بيعملوا إيه جوه بالضبط ؟ ولاحظت وجود عدة سيارات مزينة وعرسان مثلي والجميع منتظر الفرج وكأننا في كرنفال ، وكل ما تخرج عروسه من الكوافير الجميع يجري عليها .. ثم يفوز واحد بها ويتنفس الصعداء والباقي يعودون يجرون أذيال الخيبة !!! وساره لا ترد على الموبايل ابداً .
    **************
    قالت ساره
    :
    أخيراً حنّت على الكوافيره وبدأتْ في تجهيزي ، والغريب إني لم استغرق معها نصف ساعة والساعة أصبحت 9 ونصف .. ونظرت إلى وجهي في المرآة بعد كل هذا التعب .. وجدت الفستان أنيق للغاية .. ووجهي لم أره بهذا الصفاء من قبل خلاص بقيت عروسة ؟؟ يا رب أعجب عمر وكل الناس .. بس عمر أهم من كل الدنيا طبعاً .
    **************
    قال عمر
    :
    تسمّرت من مكاني عندما رأيت ساره تخرج من مركز التجميل .. ونسيت الانتظار الطويل ، والمكالمات الغاضبة من أهلي وأهلها على كل هذا التأخير ، نسيت الدنيا كلها ، عندما رأيتها تتألق في فستان رائع من اللون الأزرق الصافي المشغول برقة بخيوط فضيه خلابه .. ووجهها لم أرْ أجمل منه في حياتي ، وكأن كل نساء الدنيا تجمعت في امرأه واحده ، جريت عليها وهمست لها : "بحبك يا ساره ."
    *************
    حفلـة الخطوبـة
    قالت ساره
    :
    جالسة أنا بجوار عمر وأشعر بمشاعر غريبة كلها متناقضة ، فرحة وخوف وقلق وترقب ، أول مرة أكون محط أنظار الجميع لدرجة التحديق في كل تفاصيل مظهري ، هو شعور جميل ولكنه يدعو للقلق .. ولكن لا يهم ، المهم إني أعجبت عمر وانه سعيد بي جداً ، وحماني من نظرات الغضب التي هاجمتني عتاباً لي على تأخيري ، المنزل مزيّن بزينات وأضواء رقيقة .. متى زينوه هكذا ؟ وأفراد الأسرتين موجودين والجميع سعيد والزغاريد لا تتوقف ، ماعدا حماتي العزيزة بالطبع ، قبّلتني ببرود ولامتني على تأخري ، ولاحظت إنها طوال الوقت تهمس في أذن ماما بكلمات غريبة ، آه لا أريد ما يعكر صفوي الآن فلتقل ما تريد ، أنا وعمر معا والدنيا كلها ملكنا وحدنا .
    ************
    يقول عمر
    :
    ساره فاتنة هذه الليله ، كم أحب هذه البنت الجميلة الشقية التي دخلت حياتي فجأة بدون سابق إنذار فقلبتها رأساً على عقب .. وفي أسابيع قليله أصبحت تملك مفاتيح القلب ، وتطرق أبواب الروح ، وتتسلل إلى أركان عقلي فتحتله كما يتسرب الماء الصافي إلى الأرض الجافة فيرويها ، أصبحتْ أهم إنسانه لي في هذه الدنيا ، هل سنعيش معاً سوياً للأبد ؟ آه كم أتمنى هذا ، وهل ممكن أن يتحول هذا الحب إلى مشاعر الملل والرتابة في الزواج ؟ وكيف يقرر الإنسان فجأة أن يكمّل حياته كلها مع إنسان واحد لم يعرفه الا منذ أيام قليلة ؟ انه أمر صعب لو كان بيد الإنسان ، من المؤكد أن مباركة الله للزواج هي ما تيسر هذا ، وانه سبحانه وتعالى هو من يؤلف بين القلوب فيجعل الغريب حبيباً .
    **************
    قالت ساره
    :
    الحمد لله انى أصريت على تأجيل كتب الكتاب لفتره .. لا أتخيّل أن يعقد قراني اليوم على إنسان لم أره سوى من أسابيع قليله ، صحيح إني أحببت عمر ومقتنعة به ، ولكن لا أستطيع حالياً تقبل فكرة الارتباط الأبدي بهذه السرعه ، الموسيقى تنساب بقوة والزغاريد تحيط بنا من كل مكان .. شعوري لا أعرف كيف أصفه ، فعلا البنت لا تكتمل وترتوي الا في وجود رجل يحبها ، حانت لحظة شرب الشربات .. يا رب عمر لا يسكب على فستاني منه كما أسمع كثيراً ، الحمد لله سقاني بسلام .. حان دوري لأسقيه أنا الأخرى ، أخ وقعت قطرات على قميصه الناصع ورمقني بغضب شديد وصرخ فيّ : "مش تخلّي بالك يا ساره" ؟
    *************
    يقول عمر
    :
    أخخخ .. ماذا فعلت ؟ الجو تكهرب فجأة من صرختي الغاضبة في ساره والجميع صمت ونظر لـساره التي تكاد تبكي من شدة الخجل والإحراج ، لماذا تهوّرت هكذا ؟ أكيد ساره حاتزعل وعندها حق ، أنا أسف يا ساره .. بجد آسف ، ساره لا ترد عليّ ، وتتظاهر بالتشاغل مع صديقاتها اللاتي أدركن الموقف وتجمعن حولها يضحكون كي يخففوا عنها الإحراج ، لازم أبطل العصبية والتهور .. أصبح لي شريك في حياتي الآن قد لا يتقبل كل تصرفاتي ، خلاص يا ساره أنا أسف بقى .
    *****************
    قالت ساره
    :
    أنا آسف يا ساره !!؟ يا سلام بعد ما أهنتني أمام الناس ؟ لماذا لم تمسك أعصابك أمام هذا الخطأ الغير مقصود ؟ هل هذا هو طبعك ؟ لا يمكن أن أتحمله ولابد أن تكون خلافتنا بيننا وحدنا ، لا أن يكون الجميع طرف بها .. بجد يا عمر لن أتنازل عن هذا أبداً ، قلت هذا كله لـعمر وأنا ارسم ابتسامة زائفة أمام الناس كي لا يلاحظوا الخناقة الدائرة بيننا ، وبادرني عمر بالاعتذار وعدم تكرار هذا .. وأخذت وقت كي أظهر طبيعيه .. وحان وقت ارتداء الشبكة وأصريت أن تلبسني إياها والدة عمر .. من ناحية هو لم يصبح زوجي ، ومن ناحية أخرى أنا لسه زعلانه منه .
    **************
    يقول عمر
    :
    يا سلام ماما هيّ اللي حاتلبّس ساره الشبكة ؟ إيه الهنا ده ؟ يالا يبقى القميص والشبكة ، طب مين حايلبّسني الدبلة بتاعتي ؟.. البوّاب ؟ ألبست ماما ساره الطقم الذهبي ، ثم أوقفْتها بإشارة من يدي ، وأخذت دبلة ساره واقتربت منها ورجوتها وهمست لها : علشان خاطري يا ساره أنا نفسي أظل أتذكر هذه اللحظة وأنا أضع اسمي حول أصبعك للأبد .. أرجوكي علشان خاطري .. لن ألمس يدك أساساً .." ألف مبروك يا حبيبتي" .
    ************
    قالت ساره
    :
    حبيبتي ؟ أول مرة أسمعها منك يا عمر ، .... والله أنت اللي .... الله الدبلة شكلها جميل جداً في أصبعي .. أجمل من أي خاتم امتلكته في حياتي .. وكفاية إن عليها اسم عمر كي تكون أغلى دبلة في الوجود ، ألبسته بدوري دبلته المحفور عليها اسمي ونحن نطير سوياً في دنيا خاصة بنا .. ونسمع موسيقى تعزفها قلوبنا ونخطو خطواتنا الأولى نحو دنيانا الجديدة ، دنيا محفور على بابها .. إسمينا فقط ...
    ساره و
    عمر
    ************
    الجـزء الحادي عشر ( قبل الأخير )
    قالت ساره
    :
    استقرت حياتي أنا وعمر بعد الخطوبة الرسمية ، وشعرنا سوياً باستقرار نفسي كبير ، أصبح لكل منا شريك يستريح على شاطئه ويلقي على كتفه همومه .. أصبحت لا أخجل من وجود رجل في حياتي .. أكلمه على الملأ أمام أبي وأخوتي وأتحدث عن آراءه وأفكاره وأستشهد بها بدون خجل ، وهل يخجل المحامى عندما يستشهد بمواد القانون ؟.. وان كان الأمر لا يخلو من المشاحنات والخلافات البسيطة ، التي تزداد بعصبية عمر التي تشتعل سريعاً وتخبو سريعاً ، ولكني أخاف كثيراً من هذه العصبية والتسرع في رد الفعل الخاطئ له في أحيان كثيره .. ومما يزيد عصبيته عنادي الطفولي الذي هو من أبرز عيوبي للأسف .
    *************
    قال عمر
    :
    شعور جميل أن يكون لك صديق وحبيب في حياتك ، تتبادل معه الأخبار والأوجاع والضحكات ، أشعر أنني قبل معرفتي بـساره لم أكن موجودا في هذه الحياه ، أشعر معها وكأنني طفل صغير يعود سريعاً في نهاية يومه ليقص على أمه كل ما حدث له في يومه .. أحب ردودها التلقائية وضحكاتها البريئة وخوفها الطفولي عندما يرتفع صوتي في عصبية ، ولا أطيق غضبها مني وأبادر دوما بمصالحتها ، كم أحب وجودك معي يا ساره .
    *****************
    قالت ساره
    :
    لاحظت أن أكثر أوقات خلافنا أنا وعمر ، هي عند عودتي من عملي في الرابعة .. ولو اتصل بي ووجدني نائمة ، أو رددت عليه في تعب يختلق أي مشكلة تافهة ويغضب عليها ، هل يغار عمر من عملي ؟ أم من انشغالي عنه لمدة ساعات في اليوم ؟؟ رغم أني أحادثه من عملي تليفونياً ، وأصلاً عملي من الثامنة حتى الرابعة زي ناس كثيرين جداً ، أمّال لو كنت طبيبة وأبات في المستشفي كان عمل إيه ؟.. أكيد كان انتحر ، راودتني شكوك حول الموضوع ده واشتكيت لأمي فقالت لي : طبيعة الرجل دوماً أنانية ، لا يريد أن يشغلك عنه أحد أخر حتى لو كان عملك ونجاحك .. استحملي يا بنتي ولا تفتحي معه هذا الموضوع حتى يفتحه هو ، ولم أنتظر طويلاً حتى جاء يوم وكلمني في التليفون بعد عملي كالمعتاد ، وكنت حاموت وأنام ساعة فكنت أرد عليه سريعاً فلاحظ ذلك وقال لي مباشرةً :
    ساره انتي الشغل ده مهم عندك أوي ؟
    قلت :
    يعني إيه مهم يا عمر ؟.. هوّ يعني فستان أخده ولا اسيبه ؟.. ده شغلي ونجاحي .. وبعدين قصدك إيه ؟
    رد عليّ بحدة :
    قصدي انك ياريت تسيبيه بعد الزواج وياريت من دلوقتي .
    رددت عليه بذهول :
    بتقول إيه يا عمر ليه ده كله ؟ هوّ شغلي مضايقك في إيه بس ؟
    قال عمر :
    أنا ما أحبش مراتي تشتغل وترجع البيت الساعة خمسة وتتبهدل في المواصلات .. علشان إيه ده كله ؟
    قلت له في صوت عال بعض الشيء :
    طيّب ما قلتش ده ليه قبل الخطوبة ؟ واتقدمت ليّ ليه أصلاً وأنت عارف إني باشتغل ؟
    فوجئ عمر من رد فعلي الهجومي وكأنه كان يتوقع الطاعة المطلقة :
    يعني لو كنت قلت لك ده قبل الخطوبة كنتي ما وافقتيش عليا ؟
    رددت بعناد وبتسرع : طبعاً .
    صمت عمر وتألم من ردي القاسي ولم يرد ، حاولت تهدئة الجو قبل أن تثور ثائرته وقلت له :
    يا عمر من فضلك افهمني .. ليه دايماً الرجل أول ما يشوف بنت وتعجبه ، يعجبه نشاطها ونجاحها في العمل وطموحها وثقافتها ويتقرب لها من الجانب ده .. ولمّا خلاص تصبح ملكه يسعى جاهداً أن يجعلها صورة من جدته لا تخرج ولا تعمل ولا تبدى أي آراء الا من خلاله ؟.. ثم بعد هذا يشتكى من تغيرها بعد الزواج .
    رد عمر
    : أنا مش عاوز أخليكي زي جدتي ولا حاجه .. أنا بس مش عاوزك تشتغلي .. فيها حاجة دي ؟
    فقلت أنا :
    كان مفروض تكون صريح معايا أول ما اتقابلنا وتقول لي الكلام ده وأنا اللي أقرر حياتي حاتكون ازاي معاك وإما أوافق أو ارفض .. لكن أنت كده بتضعني أمام الأمر الواقع .
    رد بعصبية كبيرة : يعنى أنا خدعتك يا ساره ؟.. قصدك كده ؟
    حاولت تهدئته فقلت له :
    يا سيدي ولا خدعتني ولا حاجة .. طب إنت إيه اللي مضايقك من شغلي ؟
    قال : تقدري تقوليلي لما نتجوّز حاتراعى البيت ازاي وانتي بترجعي المغرب .. ولما نخلّف حاتسيبي البيبي فين الوقت ده كله ؟
    رددت عليه :
    هوّ أنا أول إنسانه في الكون بتشتغل ؟.. أكيد كل دي حياة ملايين السيدات مش أنا بس ؟
    قال بضيق : أهو أنا باتضايق من عنادك ده يا
    ساره .
    استفزتني الكلمة فقلت :
    ده مش عند .. ده حق ليّ إني أكون ناجحه .. المفروض وجودنا في حياة بعض يخلّينا احنا الاتنين ناجحين ، مش واحد ينجح والتاني يكون مجرد ظل باهت للآخر وخلاص .
    قال بعصبية :
    يعنى انتي مش عاوزه تسمعي كلامي ؟
    رددت بعناد كبير :
    اسمع كلامك لما يكون فيه منطق .. لكن لما يكون تحكّم وخلاص وفرض رأي أنا آسفة .. مش حاقدر أسيب شغلي بدون مبررات كافية .
    قال :
    ده أخر كلام عندك ؟
    أحسست إن كلمته دي بداية مشكلة كبيرة ومع ذلك رددت بعناد كبير :
    أيوه .
    وانتهت المناقشة بقوله : خلاص انتي اللي اخترتي يا ساره .

    بعـد أيـّـام
    قالت ساره
    :
    أول مرة نتخاصم أنا وعمر من يوم ما اتخطبنا .. اتخانقنا كتير لكن كنا بنتصالح سريعاً .. والحق يقال كان هو دائماً من يبادر بصلحي ، حتى لو كنت أنا المخطئة ، إحساس البعد سيء جداً .. شعرت إن أيام الخصام القصيرة مرت كأنها شهور طويلة ، لم يحادثني في التليفون ولم يرسل لي رسالة ولا حتى رنّة من الموبايل .. وأنا كرامتي منعتني أن أبدأ أنا بالحديث ، لماذا يضغط عليّ بهذا الأسلوب كي يرغمني على التنازل عن مستقبلي .. وهل هذا آخر تنازل أم أن سلسلة التنازلات لن تنتهي ؟ أنا لا أعرف وجه تصميمه على تركي العمل .. وهل وأنا تعديت الخامسة والعشرين آخذ مصروفي من أبي مثل الأطفال ؟.. ومتى انضج وأتعلم الاستقلالية إذن ؟.. في سن الستين ؟ يبدو أن الرجل يريد من زوجته أن تكون تابعاُ له بلا أي شخصية ، كده يا عمر هنت عليك ؟
    *******************
    قال عمر
    :
    كده يا ساره هنت عليكي ؟ لم تفكر أن تتصل بي ولا مرة حتى ولو من باب الاطمئنان عليّ ، أنا الذي عوّدتها على هذا الأسلوب .. في كل مرة نختلف أبادر أنا بمصالحتها حتى لو كانت هي المخطئة .. أنا بجد دلعتها كتير وممكن تظن إنها متحكمة فيّ بهذا الأسلوب أو إن شخصيتي ضعيفة ، لا أنا مش حاسأل عليها المرة دي مع إني حاتجنن وأسمع صوتها .. بس هيّ لازم تسمع كلامي وتطيعني بلا نقاش !!.. وبرضه مش حاتصل .
    ****************
    قالت ساره
    :
    درجة حرارتي ارتفعت من الأنفلونزا ، واشعر بصداع رهيب ألزمني الفراش ، يبدو إن هذا مرض نفسي زي ما بيقولوا .. ووجدتها حجة مقنعة كي ابكي براحتي وأتحجج بالصداع ، لاحظت أمي إن عمر لا يتصل ولا يأتي منذ أسبوع ، فسألتني عن السبب فتحججت بحجج واهية ، فقالت لي : اسألي عنه انتي يا ساره .. الراجل بيحب دائماً إن يشعر باهتمام كبير مثل الطفل تماماً .. فرفضت بشدة .. ففهمتْ أن هناك مشكلة ولم تلح عليّ في معرفة الأسباب .. وخرجت من غرفتي وتركتني أنام ، وبعد قليل سمعت صوتها يتحدث في التليفون مع حماتي العزيزة وتجتهد أن تجعل الحديث عادياً جداً ، وختمته بخبر هام جداً من أجله كان كل هذا الاتصال وهو :" إن ساره عيانه جداً جداً ".. ونايمه يا عيني في السرير درجة حرارتها 60 ، تابعت الحديث وابتسمت من حنيّة أمي ورقّتها ، تريد أن تصالحنا أنا وعمر بدون أن تتطفل أو تتدخّل ، يا حبيبتي يا ماما ، بس لو عمر ما اتصلش برضه بعد ما يعرف انى تعبانه .. يبقى ..... معقول ؟.. معقول يا عمر ؟
    **************
    قال عمر
    :
    ساره تعبانه ؟.. يا حبيبتي يا ساره ؟ علشان كده ما اتصلتش بيا وأنا ظلمتها ، لازم أروح لها حالاً .. أهو المرض جه حجه كويسه علشان أروح بسبب مقنع أصلي خلاص بجد مش قادر على البعد والخصام الرهيب ده .
    **************
    قالت ساره
    :
    كده يا عمر ولا حتى رسالة ؟ قلتها لنفسي وأنا لا أنزل عيني من على الموبايل وكأنني أخاف لو أبعدت عيني عنه لن اسمعه لو رن ، منتظرة اتصال عمر الذي لا يأتي .. يبدو انه فعلاً قاسي ، ويرغمني بكل الطرق أن أتنازل عن كل شىء حتى يضغط عليّ وأنا مريضة ، لا يمكن أكلمه بعد اليوم .. ولا اعتقد إني سأكمل الخطوبة أصلاً .. بجد مش عاوزاه و .... صوت ماما يرن في أذني :
    "عمر جه يا ساره ."
    ************
    الجـزء الثاني عشر والأخير
    قال عمر
    :
    نسيتُ كل خلافي مع ساره وزعلي منها عندما رأيتها وهي متعبة ، محمرة العينين مرهقة كأنها لم تنم من سنين .. وهتفت بها في قلق كبير أول ما رأيتها : ألف سلامة عليكي .. إن شا الله أنا وانتي لأ .
    ردّت عليّ : بعد الشر عنك يا عمر أنا الحمد لله بخير .
    همستُ بالكلمات في صوت خفيض : أول ما عرفت انك تعبانه جيت جري .. خلي بالك من نفسك يا ساره انتي دلوقتي مش بتاعتك لوحدك .. لا بتاعتي أنا كمان .
    ساره : ........!؟
    أنا :
    انتي زعلانه مني ؟
    ساره :
    ........!؟
    أنا : خلاص بقى حقك عليا .. أنا فعلا اخدت الموضوع بعصبية شوية بس أنا خايف عليكي مش اكتر .
    ساره : كان ممكن نتناقش في الموضوع بهدوء ، ومن غير ما حد يفرض سيطرته ولا يحاول يلغي شخصية الطرف التاني .
    أنا : طيب لو قلت لك علشان خاطري فكري في موضوع الشغل ده تاني .. تقولي إيه ؟
    ساره : أقول خاطرك غالي عليّ جداً .. واني بالأسلوب ده فعلا ممكن أفكر في حل وسط .. مثلا إني بعد الزواج أدور على شغل مواعيده بدري عن كده .. في حضانة مثلاً .. علشان البيت والبيبي .. موافق ؟
    أنا : موافق جداً .. و حانسميه إيه ؟
    ساره : مين ؟
    أنا : البيبي ؟
    ساره : ........!؟

    ****************
    قالت ساره
    :
    الأيام تمر سريعة جداً ، لا أصدق إن مر على خطوبتنا 4 أشهر أنا وعمر ، وخاصة عندما بدأنا في المأساة المسماة جهاز العروسه .. أو الشوار زي ما فيه ناس بيسموه .. وكلا الاسمين اسم على مسمى ، فسموه جهاز لأنه بيجهز على كل طاقتك المادية والجسدية والمعنوية .. والشوار لأنك بتدخلي في مشاورات وخناقات رهيبة بتنتهي غالباً بحروب ، لا أدري لماذا كل هذه التعقيدات التي يضعونها في طريق تجهيز عش الزوجية ؟!!.. وخاصة مستلزمات العروسة المسماة ظلماً وافتراءاً : الرفايع .. على اعتبار إنها أشياء بسيطة لا تذكر من رفعها !!.. وهي في الأصل تقايل مش رفايع ، بجد العروسة مطلوب منها جبال من الأشياء ، التي أكاد أجزم إن ربعها فقط الذي يستخدم في الواقع ، والباقي يرص فقط في النيش والدواليب لزوم المنظرة فقط ، الآن فقط عرفت لماذا كان أبي وأمي يصرّون أن أدّخر نصف مرتبي لجهازي ، قال وأنا كنت زعلانه .. ياريتهم ادخروه كله علشان المليون طلب اللي ورايا .
    *************
    قال عمر
    :
    يا بخت العروسة !!!.. إيه الظلم الرهيب اللي واقع على العريس ده ؟ مطلوب منه يشترى أو يؤجر شقة ، ويجهزها على الأقل 3 غرف ده غير الأجهزة الكهربائية والفرح والشبكة ... الخ الخ الخ .. ليه ده كله ؟ ما أنا كنت سلطان زماني .. والعروسة تجيب شوية رفايع وتقول إنها جهّزت ؟.. والله حرام ، ساره رفضت رفض تام أن نسكن مع أبي وأمي ، وبصراحة معاها حق .. كيف نشعر أنا وهي أن لنا مملكتنا المستقلة وعشّنا الدافيء ، لكن الشقق الإيجار الجديد إيجارها نااااااااااار ، والتمليك طبعاً من عاشر المستحيلات ، ربنا يستر ونلاقى شقة إيجارها معقول وتكون مناسبه ، الحمد لله إن ساره ما وافقتش على ترك الشغل ، كان زماننا كل أول شهر وافقين على باب الحسين أو السيده ، طبعا مفهوم بنعمل إيه .
    ******************
    قالت ساره
    :
    إيه لزوم إن الواحد يجيب من كل حاجة نسختين .. واحد للاستعمال والتانيه منظرة ؟ يعنى طقم صيني للاستعمال ، وسرفيس ماركة غالية جداً يبقى محنط في النيش ؟!!.. ومعالق للاستعمال ، وأخرى في حقيبة دبلوماسية براقة سعرها فلكي .." هددتني أمي لو لمستها حاتبلغ عني البوليس "، وأغلب الظن إن الحاجات دي سأستعملها لما خطيب بنتي كمان 30 سنة ييجي يزورنا !!!.. ده غير ألف طقم مثل ، طقم للشربات ، وطقم للتورته ، وأخر للكاكاو ، وأخر للأيس كريم ، وأخر للخشاف .. مش عارفة خشاف إيه ده ؟ مش ممكن المنظره دي كلها .. ويقولوا البنات بيعنّسوا ليه ؟ أكيد من قائمة المتفجرات التي تنفجر في وجه أي اثنين بيفكروا مجرد تفكير في الارتباط الحلال .. رغم إن أمي أخبرتني ، إنها في زواجها كانت لا تملك أياً من الأجهزة الكهربائية غير البوتاجاز ، ومن عملها هي وأبي احضروا الغسالة العادية ، ثم الثلاجة ، ولم يفكروا في التليفزيون الا بعد سنين رغم إنهما هما الاثنين من عائلات محترمة ، ولكن كانت النظرة للزواج عملية و بسيطة ، ولا وجه للمقارنات الفارغة بين أي بيت والآخر ، وأنا رأيي عندما يبني الاثنين عشهما سيكون من المستحيل أن يفرّطوا فيه أبداً .. لكن الآن نرى حالات طلاق بعد شهور ، لأن العروسين وجدوا منزلاً جاهز من كل شىء ، حتى التكييف والدش ، ولم يتعبوا فيه لحظة ، فلماذا يتحملوا كي يظل هذا المنزل قائماً ؟؟
    **************
    قال عمر
    :
    ياااااسلااااااام ، معارض الموبيليا في مصر معمولة علشان العريس الّلي في الخمسين ربيعاً ، الحجرة الواحدة المعقولة محتاجه انى أوفر مرتبي لمدة عشر شهور متواصلة على الأقل بدون أكل ولا شرب ولو أمكن بدون ما أنام ، لا حل إذن الا أن ننفذ الحجرات عند نجار شاطر .. وبالطبع أبي هو من سيدفع .. طيب ومن أهله لا يستطيعون مساعدته كيف يتزوج ؟.. وكيف يقي نفسه من الوقوع في الخطأ وفي دائرة الحرام ؟ معادلة مستحيلة الحل وتزداد تعقيدا بطلبات الأهل المغالى فيها ، ورغم انى مهندس وخريج إحدى كليات القمة ، واعمل عشر ساعات يومياً ومع ذلك لا استطيع تزويج نفسي ، واضح إن زماننا هذا ليس لنا .
    ******************
    قالت ساره
    :
    لا يمكن اشتري مفرش للسرير ليوم الزفاف ب 700 ج ، من أجل يوم واحد الناس يتفرجوا عليه وخلاص يترمي ، بجد ربنا يحاسبنا على هذا التبذير وحانُسأل عليه يوم القيامه ، ولأول مرة انتصر في معركتي مع أمي وأصررت على عدم شراؤه ، واستبداله بمفرش بسيط جداً بمائة وخمسين جنيه فقط ، ولم استجب لتهديدات أمي إن حماتي لن يفوتها هذا و..و..و ، فلتقل ما تريد .. هذا منزلي أنا وليس أي احد ، ولو تركت نفسي خائفة من تعليقات كل الناس لن أتزوج الا بعد أن ابلغ من العمر أرذله !!.. وبرضه لن أرضي أحد ، قارنت بين مجلة نسائية قديمة اشتريتها من سور الأزبكيه ، يرجع تاريخها لأواخر الستينات زمن تحقيق الأحلام وبين مجلة حديثة نسائية برضه .. وجدت في القديمة باب كامل اسمه المنزل السعيد ، وكله أفكار عمليه رائعه عن فرش المنزل وتجميله بأبسط التكاليف ، وكيفيه الاستغناء عن أشياء كثيره لا لزوم لها .. وبجد الصور في غاية الرقه والعمليه والبساطه .. والمجله الحديثه تتحدث عن الفورفورجيه في غرفة النوم ، وكيفية تلميع الباركيه ، ومزايا التكييف السبليت عن الشباك في منزل العروسين ، يبدو إنهم يتحدثون عن عرائس من القمر وعرسان من المريخ .
    ***************
    يـوم الـزفـاف
    وأخيراً جاء اليوم المنتظر ، اليوم الذي تتوقف فيه عقارب الساعة وتبدأ دورة جديدة غامضة ، اليوم الذي تصمت فيه الكلمات وتتحدث القلوب وتتوحد ، اليوم الذي يشهد فيه الله " وهو خير شاهداً " على ارتباط شابين رباطاً وثيقاً وميثاقاً غليظاً كما أسماه القرآن الكريم ، يوم الزفاف ، كل ما كان محرماً يصبح حلالاً بكلمة الله ، كل ما كان مجهولاً غامضاً يصبح سهل المنال ، يوم تتغير وجوه الأحبة ونفارق وجوهاً عاشرناها سنوات طوال ونعشق وجوهاً أخرى ، ونسكن منازل جديدة غامضة لا نعرف ماذا ينتظرنا بها السعادة ام الشقاء ، الفتاة التي طالما خجلت من وجود أخيها أو أبيها معها في منزلها ، تصبح زوجة وأنثى مكتملة الأنوثة لها رجل لا تخجل معه من شيء ، تشاركه أفراحه ، وأحزانه ، وكلماته ، وغضبه ، وحنانه ، ومشاعره ، وتهدهده كطفلها البكر وتربت على كتفه إذا غضب ويلقي على صدرها كل همومه وأسراره ، ومع هذه الأسرار والأحلام ينمو البيت الصغير وتكبر جدرانه وتمتد جذوره في ارض الواقع ، ليصبح هذا البيت القلعة الحصينة ، التي يرفض الزوجان المساس بها من أي غريب .. ويصبح البيت الجديد أحب مكان على الأرض يأوي الحبيبين .
    أفكار كثيرة تدور اليوم في عقل العروسين " ساره وعمر " بلا تفرقة اليوم لأنهما أصبحا كياناً واحداً .
    ساره
    جالسة تضيء جمالاً بفستانها الأبيض الملائكي ، الذي يحمل كل أسرار العذارى وغموض الأنثى ودلالها .
    وعمر المكتمل الأناقة في بدلته السوداء ، والذي يشعر باكتمال رجولته لأنه أخيراً سيكتمل وجوده في هذا العالم ، باقترانه بنصف روحه وأنثى حياته
    ساره .
    وقلوب الجميع خاشعة من فرط السعادة ، والدعاء لله أن يكلل هذا الارتباط ببركته ورضاه سبحانه وتعالى .
    وأذان الجميع متعلقة بشفاة " المأذون " الذي يتلو آيات المودة والرحمة ويقول خطبة الزواج ويتوقف عند آية : " وأخذنا منكم ميثاقاً غليظاً " .. ليوصي بها عمر أن الرجل يأخذ زوجته أميرة من منزل أهلها ، ويعقد معهم ميثاقاً غليظاً بألا يجعلها أسيرة في منزله .. فلا ينسى هذا العهد أبداً ويوصيه بأخلاق الرسول مع زوجاته ، ثم يوصي ساره أن تجعل زوجها قرّة عينها ، ووطنها الذي لا ترضى عنه بديلاً ، وتلمع العيون سعادة وخشوعاً عندما يعلن المأذون إنهما الآن زوجين أمام الله وأمام العالم ، وتبكي ساره فيقترب منها عمر ويلمس يدها لأول مرّة ويقبّلها ويوعدها ألا تبكي ابداً مادام هو حياً على هذه الأرض ، فتبتسم وترتعش من لمسة يد زوجها الحبيب وتقول : "فلنعقد الآن قراننا بنفسنا" .. وتهمس له : زوّجتك نفسي على سنة الله ورسوله وعلى الصداق المسمّى بيننا ، فيهمس لها : وأنا قبلت زواجك يا زوجتي ، وحبيبتي وسكني وداري وجنّتي ... وقرّة قلبي .
    ********************
    "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" صدق الله العظيم

  2. #2
    مراقب عام المنتدى
    عضو مجلس الإدارة
    الصورة الرمزية mr.osama
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    الزقازيق
    العمر
    55
    المشاركات
    6,666
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    معدل تقييم المستوى
    7217

    افتراضي

    يوميات عمر وساره( سنه اولى زواج)

    الحلقة الاولى (يوم الزفاف)
    أخيرا أصبحت فى شقتى – عشى الصغير احساس جميل ان يكون للبنت بيت خاص اختارت فيه كل ركن وكل جزء على ذوقها الخاص تفعل فيه ما تريد وتشعر بالفعل انها ملكة متوجة – اخيرا انتهت الترتيبات والمشاوير والسهر والخناقات من اجل فرش هذا العش الرائع الصغير – اخيرا انتهى ضجيج الفرح وتفحص المعازيم فى كأنى هابطة من المريخ وكل واحدة من عواجيز الفرح تمصمص شفايفها وتقول ( مش كانت بنتى احسن ؟ ) – تعبت جدا من حمل الفستان الثقيل والحذاء الضيق – سبحان الله هو كل احذية العرايس بتكون ضيقة ليه ؟ واخيرا اخيرا ح اكون لوحدى – ايه ده صوت عمر بيقول ( مدام عمر اجمع عندى بالخطوة السريعة ) !!! مدام ؟ انا يا بيه ؟؟
    - ايه يا ستى سرحانة فى ايه ده كله ؟؟؟ هو علشان مفيش حد فى جمالك النهاردة يبقى خلاص ؟ لا يا هانم انا لما انده عليكى تيجى قبل ما انده مفهوم ؟ وبعدين فين القطة علشان ادبحهالك ؟
    -انت عاوز تاكل قطط النهاردة ولا ايه ؟ لو دبحتها ح اطبخهالك فورا !!!
    - تطبخيها ؟!! بنات اخر زمن يعنى مش خايفة منى ؟
    - لا مش خايفة فرحانة جدا وانت ؟
    - انا أسعد انسان فى الدنيا .... اول مرة بنتكلم انا وانتى من غير الف محرم وعزول فى بيتنا الجميل بجد البيت رائع ذوقك طلع يجنن يا سارة لما كل حاجة اتفرشت واجمل ما فيه ان حبيبتى فيه – لا لا مفيش كسوف خالص خلصنا الحدوتة دى – شوفى انا باقول علشان ربنا يكرمنا فى حياتنا نصلى انا وانتى ركعتين نبدأفيهم حياتنا علشان ربنا يبارك لنا كل خطوة ماشى ؟
    - ماشى يا حبييبى ........
    - حبيبى؟!! لا يا ستى قومى غيرى هدومك واتوضى احسن كده مش مصليين خالص !!قمت ودخلت حجرة النوم ولا أدرى عندما دخلتها لماذا ارتجفت ؟؟ الله يسامح كل البنات اللى رعبونا لما اتجوزوا ليه يعنى هى حرب ؟ انا مش ح افكر فى حاجة علشان ما اديهاش عياط من اولها ...

    يا خبر ايه كل الجيبونات اللى فى الفستان دى انا كنت شايلة حديد زى المصارعين مش فستان ... لازم يعذبوا البنات فى كل شىء والله حرام الغلب ده ... غيرت الفستان باعجوبة وارتديت عباءة جميلة مطرزة ولم أجرؤ ان ارتدى الطقم الذى اوصتنى أمى ان أرتديه... العالم دى بتهرج أكيد !!!

    وتوضئت فى حمام غرفة النوم وأزلت ماكياج الفرح وأسدلت شعرى ليراه عمر لأول مرة وخرجت له لأجده غير البدلة وارتدى البيجاما التى أوصانى العالم كله ان أهديها له وكأن الجوازة ستفشل لو لم تهدى العروس عريسها بيجاما يوم الزفاف وسيكتب الخبر فى الصفحة الاولى وجدته ينظر لى نظرة كلها اعجاب وحب واستقبلنى مهللا ( انا عرفت دلوقت ليه الحجاب فرض لو كنتى بتخرجى بشعرك الجميل ده كانت حصلت مظاهرة .. يالا يا ستى نصلى أحسن كده مش ح ينفع خالص !! )
    وصليت وراء زوجى لأول مرة واحسست احساس رائع ان زوجى الامام وان الله شاهد علينا ونحن نبتهل بين يديه ان يرزقنا السعادة والتوفيق ودعا عمر دعاء طويل وأمنت عليه وانا أدعو من قلبى ان يحقق الله كل كلمة فيه وان يكون زوجى الحبيب حبيبا طوال العمر والا يفرقنا الا الموت والا يدخل الشيطان بيننا ابدا ..

    وانهينا الصلاة وجلسنا واحتضن عمر يدى فى يده لأول مرة فارتجفت وظهر على ارتباكى وصاحبنى خوفى واسترجعت كل الحكايات المفزعة التى سمعتها من أغلب البنات وواضح ان خوفى كان ظاهر على وكأن عمرقرأ أفكارى فوجدته يحنو على ويقول :ايه يا سارة الرعب ده كله .. ايه يا حبيبتى هى حرب؟ ما تخافيش من اى حاجة خالص وسيبك من الاوهام دى وحواديت البنات الفارغة ... لو كانت الارتباط مفزع كده ما كانش الاسلام سمى الليلة دى ليلة البناء - يعنى الزوجين بيبنوا حياتهم فى الليلة دى- وكان سماها ليلة الحرب العالمية مش كده ويا ستى علشان تطمنى انا عاوز اتكلم معاكى واستمتع ان انا وانتى لوحدنا لأول مرة وبعدين كل حاجة تيجى على مهلها ماشى يا قمر ؟
    أحسست بجبل أزيح من فوق صدرى وشكرت تفهم عمر ورقته المتناهية وتحدثنا طويلا طويلا كأن طوال عمرى لم أتحدث وكان أعذب حديث شعرت به فى حياتى أتكلم مع زوجى حبيبى وفتحت له قلبى وسقط حاجز الخجل منى وفتحت قلبى وأخرجت كنز المشاعر التى كنت أخبؤها من يوم ان تشكلت أنثى الى اليوم وأعطيتها الى الرجل الذى ارتبطت به ووقتها عرفت عظمة الاسلام فى تحريم العلاقات المحرمة والصحوبية والا كيف تشعر الفتاة بهذا الشلال من المشاعر الفياضة البكر لو كانت ألقت مشاعرها لهذا وذاك ووصلت الى زوجها وهى مليئة بمرارات التجارب الفاشلة ؟؟؟ ... وشيئا فشيئا سقطت الرهبة و الحواجز بيننا وتحدثت القلوب والعيون و....................... سكتت شهرزاد عن الكلام المباح.................


    استيقظت من نومى

    وانا لا أدرى اين انا وأخذت أتفحص المكان بدقة وانا أبحث عن حجرتى القديمة فلا أجدها ووجدت عمر نائم على السرير فانتفضت وكدت اصرخ فى وجهه ثم تذكرت كل شىء وأخذت أضحك فى سرى وانا أتذكر أمى وهى تقول لى ( انتى يا سارة لما بتصحى من النوم ممكن تطلبى البوليس للى قدامك عقبال ما تعرفى انتى فين ؟)
    عندها حق لازم اتخلص من العادة دى مش كل يوم ح أصحى الراجل مفزوع كده .. وأفقت لأجد ان جرس التليفون يرن من فترة وخرجت على أطراف أصابعى حتى لا أوقظ عمر ... ووجدتها ماما كما توقعت (الحمد لله انها لم تكن حماتى!!! )

    - صباح الخير يا ست العرايس صباحية مباركة .
    - صباح النور يا حبيبتى .
    - انا ما نمتش خالص قلقانة عليكى .....
    - انا الحمد لله كويسة ( اه لو الامهات تبطل القلق ده )
    - !!!!..... طيب يا سارة احنا ح نيجى لك بعد الضهر شوية
    - تنورى يا ماما ....
    طبعا ماما أحبطت من ردى خلاص فعلا حاسة ان لى حياة مستقلة وانى لست فى حاجة انى أقول كل شىء لماما وبعدين عاوزة ماما تتعود على الوضع ده علشان ما يحصلش مشاكل بعد كده
    ووضعت السماعة لأجد التليفون يرن مرة أخرى( واضح ان تليفونا هو الوحيد فى مصر!!! ) لأجد مكالمة مشابهة من حماتى وانهم برضه ح ييجوا بعد الضهر ( والدعوة عامة وحتبقى لمة !!! )

    استيقظ عمر وهو يبتسم ويقول ( صباح الفل يا حبيبتى اهو ده الصباح ولا بلاش .. بجد ملكة حتى وانتى صاحية من النوم )
    ابتسمت له وقلت أسد نفسه بسرعة فأخبرته ان كل العالم ح ييجى لنا بعد الضهر يعنى بعد ساعة تقريبا
    ووجدته يقول : يا ستى يشرفوا بس بجد مفروض ان الأهل يسيبوا العرايس شوية ياخدوا على الوضع الجديد وعلى الحيالحياة الجديدة مش هجوم كده من أولها ماهم لسه سايبنا من كام ساعة ... حيكون حصل لنا ايه يعنى ؟ وبعدين انا ما نمتش طول الليل من شخيرك يا سارة !!!
    - شخيرى ؟ وكان ردى ان قذفته بكل مخدات الأنترية ولقنته درسا لا ينساه فى احترام حرمه المصون اللى هى أنا!!!
    - يا ساتر يا رب ده انتى شرانية الواحد ما يعرفش يهزر معاكى شوية ؟
    - لا يا سيدى ما عندناش رجالة يهزروا ... يالا تعالى نشوف ح نقدم للجماعة ايه ؟؟
    ودخلنا المطبخ وأعددنا ما سنقدمه للضيوف واعدنا ترتيب المنزل علشان الناس اللى ح تيجى تتفرج على الفرش الجديد وغيرت ملابسى وارتديت طقم جديد وحذاء بكعب عالى لأول مرة وربنا يستر واعرف امشى فيه ..... وخلاص بقى ح اعيش فى دور المدام ... ووجدت الباب بيرن ووجدت الاسرتين سوا مش عارفة ازاى ؟!!!!
    ووجدتنى مفروض على أستقبل حوالى 18 فرد مرة واحدة ليه كده بس ؟ ما علينا المشكلة الأزلية ان الناس اللى بتيجى بتتفرج على كل الشقة حتى المطبخ يعنى مفروض ان اول ما الناس يشربوا حاجة أغسل الكاسات فورا علشان الفرجة تبقى كاملة .....
    وهكذا وجدتنى تحولت الى نحلة مكوكية اشيل وأحط وأغسل وأفرج الزباين أقصد الضيوف على الشقة حتة حتة ومش عارفة ليه العروسة بتفتح النيش والدواليب وكل الفرش وكل الأطقم لكل واحد ييجى ؟؟؟؟؟؟؟؟ فعلا حرب مفروض الضيوف ييجوا يقعدوا فى الصالون فترة بسيطة ويلقوا نظرة سريعة على الفرش ويباركوا ويمشوا وخلاص وبلاش التفتيش الذاتى ده ... لكن تقول ايه الواحد كان اتجوز فى الصين أحسن !!!!
    وأخيرا أخيرا مشيوا وانا اكاد أبكى من التعايه الشغلانة دى ؟ ده بيت ابويا ما كانش زحمة كدة ؟؟؟؟ الناس دى ح تمشى امتى انا تعبت وسارة ياعينى ما قعدتش لحظة ولما جيت أشيل معاها الصوانى ماما قالت لى ( يعنى عمرك ما ساعدتنى يا عمر ؟!! ) الحمد لله ان سارة كانت فى المطبخ مش ناقصين نكد !!!!

    لأنى اصلا لسه تعبانة من مجهود الفرح حرام الظلم ده ..... ووجدت ماما تميل على وهى ماشية وتقول لى خلى بالك من نفسك يا سارة وماتتعبيش نفسك ( مش عارفة ازاى ؟)وعلى فكرة خالك وخالتك واولادهم جايين لكم بعد العصر شوية .......... وعمة عمر وجوزها واولادها جايين بالليل !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!حراااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااام
    سارة
    يااااااااااه دى فعلا حرب ايه كل المهنئين دول انا حاسة انى كنت عانس مثلا ومصر كلها مش مصدقة انى اتجوزت فجايين يتأكدوا بنفسهم أحسن تطلع اشاعة !! ضيوف ضيوف ضيوف ....طول النهار والليل ومفروض أكون طول الوقت مستعدة ولابسة لبس فى منتهى الشياكة وكعب عالى حتى لو لطعونا ساعتين تلاتة مش مهم كعادة المصريين يقولوا لك (حنعدى عليك اخر النهار!!!) الكلمة دى بتثير جنونى يعنى الساعة كام ؟ وطبعا لازم البيت يبقى مفيش فيه ذرة تراب او طبق فى الحوض طوال اليوم علشان حملة التفتيش الذاتية وتكون النتيجة اننا مش عارفين نخرج ولا نتفسح ولا حتى الواحد يقعد على راحته حاجة تفلق !!!

    عمر
    هو الجواز ح يطلع مقلب ولا ايه يا رجالة؟؟؟؟؟ انا حاسس انى فى الصين الشعبية رجالة وستات والكارثة فى الاطفال اللى مش بيحلى لهم أكل الشيكولاتة ومسح ايديهم الا فى الصالون اللى الواحد دافع فيه دم قلبه .. واللى يفرس أكتر موضوع الهدايا ده كل واحد جت له هدية مش عاجباه ييجى ويديهالنا وطبعا احنا كمان مش محتاجينها وقليل جدا الهدايا النقدية .. ده الواحد بقى على الحديدة من مصاريف الجواز والفرح وقلنا ح تفرج من نقوط الفرح يقوموا يدوها هدايا مالهاش لازمة ؟ ده الواحد كده مش ح يعرف يعمل منظر فى شهر العسل ولا ايه و مش ح اعرف أفسح سارة فى مكان كويس ؟ شكلها كده ح ترسى على شقة خالى فى اسكندرية مع سلفة ابوية لا ترد .... وربنا يستروما تحصلش مشاكل !!!!!!!!
    سارة
    نقعت رجلى فى ماء وملح من كتر الوقوف وأخذت قرص مسكن وانا أعانى من علامات كساح مبكر... ونزعت فيشة التليفون كى لا يتصل أحد اخر ويتحفنى بالخبر الميمون (انه جاى فى السكة!) وأغمضت عينى وجدت عمر يضع يده على جبينى ويقول لى :- ( سلامتك يا حبيبتى من التعب ... معلش انا ح اريحك حالا .. يالا قومى رتبى الشنط ح نسافر حالا !!! )رددت كالملسوعة : ايه أقوم ؟!!وكمان نسافر حرام عليك انا ح اموت خلااااااااااص انا مش ح اتحرك ابدا من هنا.- يا حبيبتى مفيش حل تانى انا خلاص ح اتجنن من كتر الدوشة لازم نهرب من هنا ونستمتع بشهر العسل انتى ناسية اننا ح نرجع شغلنا بعد أسبوع ؟
    - طيب والفلوس يا عمر ؟-ولا يهمك يا حبيبتى جوزك اتصرف جيب السبع ما يخلاش (قصدى جيب والده !!)-طيب والناس اللى عمالة تيجى دى حيتجى ما تلاقيناش ؟-احسن ... يبقوا يقعدوا مع البواب ... والله ده انا مسافر مخصوص علشان اهرب منهم ونكون انا وانتى بس فى الدنيا .
    - طيب مش أستأذن ماما وبابا الأول ؟- فنظر الى عمر بغضب هائل وقال لى ( قومى دلوقت يا سارة حضرى الشنط حالا حنسافر بعد ساعة ....قبل ما أفقد أعصابى !!!) فانتفضت من أمامه لأحضر الشنط فورا وانا لا أعرف ماذا أغضبه الى هذا الحد علشان قلت أستأذن بابا طيب ما انا لسه مش واخده على دور المدام ده .. واضح انى متجوزة أسد وانا مش واخدة بالى !!!!
    - وفى السيارة أخدت بالى انى أول مرة أركب مع عمر لوحدنا كان احساس رائع والاجمل انى تركته هو يقود الدفة ويوجهنا الى حيث يشاء .............احساس جميل بالقاء المسئولية على الرجل وانتى تنعمى بالراحة والاطمئنان سبحان الله حتى القوامة للرجل التى تغضب منها النساء ما أجملها من احساس ... وأغمضت عينى ونمت
    واستيقظت لأجد نسيم الاسكندرية الرائع وعمر يوقظنى كطفلة صغيرة ويقول لى قومى بقى يا عروسة ... وصلنا شقة خالى اللى حكيت لك عنها ....... ) وصعدنا الشقة ووجدتها صغيرة لكن مشرقة وجميلة وأخذ عمر يفرجنى على جميع الغرف وخرجنا البلكونة لنستمتع بمنظر البحر الرائع ولكنى وجدت فتاة جميلة وجذابة ذات شعر حريرى وقوام ممشوق فى مثل سنى تقريبا فى البلكونة المجاورة لنا تماما صاحت عندما رأت عمر وقالت بدلال كبير:
    ( حمدالله على السلامة يا عمر مش كنت تقول لى انك جاى ؟ .كده انا زعلانة منك!!!!)
    ثم انتبهت أخيرا الى الحشرة الموجودة بجواره اللى هى انا وقالت بتساؤل ممزوج بغضب ( مين دى يا عمر ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!! )



    وقفت ارتجف
    من الغضب والدهشة والحيرة من هذه التى جاءت لتهدم أحلامى فى السعادة وتحادث حبيبى بكل هذا الدلال والذى يحمل فى طياته الكثير من الذكريات المشتركة بينهما ..... من اولها كده ياربى ؟ !
    لا اقدر حتى على المواجهة اشعر ان كلامى سيكون صراخا وانا لا أحب ان تسمع الانسة المبجلة الملاصقة لنا انى اتشاجر معه بسببها فهى هكذا ستشعر بانتصار .... نظرت لعمر نظرة نارية تحمل غضب العمر كله وتركته ودخلت لحجرة النوم ووجهى مشتعل من الغضب وأخذت اغرز اظافرى فى الوسادة حتى كادت ان تتمزق من ضغط يدى وانا أغالب الدموع بشدة .. فتبعنى عمر ووضع يده برقة على كتفى وقال لى بكل براءة ( مالك يا سارة فيه حاجة؟!! )
    فنظرت اليه نظرة نارية وأزحت يده من على كتفى وصرخت فيه ( وكمان بتسأل مالك ؟ انا اللى عاوزة اعرف مين الهانم دى وازاى تكلمك بالدلع ده كله ؟ وايه اللى كان بينك وبينها او يمكن لحد دلوقت كمان !!)
    رد باستنكار ( لحد دلوقت ؟ حاسبى يا سارة انتى كده بتغلطى! )
    - طب يا سيدى ما تزعلش ايه اللى كان بينك وبينها .. يالا احكى لى انا نفسى اشوف فيلم رومانسى من زمان .... واوعى تقولى مفيش حاجة من فضلك انا مش طفلة قدامك!!!
    - رد برفق كأنه خائف على ان اموت من فرط ثورتى :طيب ممكن تهدى نفسك علشان نعرف نتفاهم ؟-
    رددت وانا ارتجف : مش ح اهدى الا لما تقول لى كان فيه حاجة ولا لأ ؟

    - صمت طويلا قبل ان يجيب بصوت لا يسمع ايوة كان فيه !!!!!!!
    انهرت عندما سمعت هذه الكلمة الكريهة وتمنيت ساعتها لو كان كذب على او انكر او فبرك لى اى حكاية وانا كى ارضى غرورى الانثوى سأبتلعها لكن ان يعترف امامى هكذا ... ولم استطع ان اواصل التفكير أكثر فانهارت دموعى بلا توقف .... وأخذنى عمر بين أحضانه وهو يهدهدنى كطفل صغير يرفض النوم ... وقال لى :الحمد لله انا عرفت دلوقت حاجتين انك مجنونة وعرفت انك بتحبينى جدا والا ايه لازمة الجنان اللى انتى عاملاه ده ؟
    وهممت ان أرد ولكن أغلق فمى بيده وهو يقول : بصى ياسارة لغة الصراخ دى مش ح توصل لحاجة ابدا انا ح أقول لك على كل حاجة بس لما تهدى الاول خلاص ؟
    - مسحت دموعى كالاطفال وانا اقول اتفضل احكى بس اياك تكدب !!!
    - مسح دموعى برفق وقال لى يا حبيبتى ما كنت كذبت من الاول وخلصت من الفيلم ده وضحكت عليكى وخلاص ... بصى يا ستى انتى عارفة ان دى شقة خالى من زمان جدا ومن واحنا اطفال واحنا بنيجى نصيف هنا وساعات نقضى بالشهرين هنا وانتى شايفة ان الشقق لازقة فى بعض وطبيعى جدا ح يكون لينا علاقة بالجيران وشيرين يا ستى بنت الدكتور محمود جارنا خريجة ألسن وخريجة مدارس لغات وبنت مثقفة ودماغ و جميلة زى ما انتى شفتى ..
    - من فضلك بلاش الغزل ده قدامى انتوا متفقين على ولا ايه ؟
    - لا ياحبيبتى ده انتى حبى وعمرى كله والله ... المهم انا ياستى حسيت فى فترة من الفترات انى ميال لها وهى كمان بادلتنى نفس الشعور بس عمرى ما حسيت انه حب مكتمل كل ما كنت اجى اخد خطوة ارجع خطوتين حتى انى لم اصارحها ابدا بحبى لأنى ما تأكدتش ابدا من مشاعرى تجاهها ولم تشعرنى هى ابدا بالاستقرار
    - لا ادرى لماذا وقتها بعدت الغيرة الحارقة قليلا وشعرت انى احادث صديقا يقص على مشكلة وليس زوجى وسألته : ليه كانت ايه المشكلة بينكم ؟
    - المشكلة كانت جرأتها الشديدة وانها دائما مقتحمة وتكلم اى شاب او رجل بمنتهى البساطة والود ولو ما كنتش عارف اخلاقها وتربيتها واسرتها لشكيت فى اخلاقها .... ولكن تكوينى كرجل شرقى متدين ماقدرتش انى اقبل وضع زى ده وكلمتها عدة مرات ولكن بلا فائدة فثقافتها وطريقة دراستها وتربيتها المميزة تجعلها شديدة الثقة بنفسها حتى لا ترى ان حاجز الحياء فى الفتاة له مبرر ... وهكذا أخذت قرار نهائى بالابتعاد وخاصة انى لم اكلمها فى شىء صريح عن مشاعرى وابتعدت عن هذه الشقة لمدة عامين حتى لا اراها .. ودخلتها فقط فى شهر العسل اللى حبيبتى عاوزة تقلبه غم !!
    - هدئت دموعى وانا أشعر بحرارة صدق كلامه لأنه لم يكن مضطر ان يخبرنى كل هذه التفاصيل لو لم يكن صادقا : طيب يعنى حبيتها بجد ؟
    - أجاب بسرعة : لا والله بجد كان مجرد انجذاب مش حب والا كنت اتغاضيت عن عيوبها وخطبتها .... انا ما حبتش فى حياتى الا مجنونة واحدة عمالة تعيط زى الاطفال !!
    - امال بتكلمك كده ليه زى ماتكون مراتك وقفشتك مع واحدة تانية ؟
    يا بنتى ماهى اسلوبها كده أعملها ايه يعنى ؟ خلاص بقى يا سارة هو احنا نخلص من الضيوف تطلع لنا الست هانم دى ؟ سبحان الله ده انا سمعت عن شهر العسل ده حواديت الف ليلة وليلة ... واضح انك اخدت مقلب يا واد يا عمر يا ريتك كنت اتجوزت شيرين !!!
    - شيرين ؟! طيب روح لها بقى يا أخويا خليها تنفعك!!!

    وأخذت أدفعه خارج الحجرة وأغلقت الباب على نفسى من الداخل وانا أشعر ان جبل قد أزيح من على صدرى وانى ضخمت الموضوع بغباء قبل ان اعرف الحقيقة ... كم هى قاسية الغيرة وكم أعشق هذا الرجل الاسمر بجنون !!
    - افتحى يا سارة الله يهديكى ... يا بنتى افتحى انا تعبت ... طيب علشان خاطرى ... ده الضيوف أهون يا شيخة ... يا مجنونة افتحى ... طيب يا سارة خلاص براحتك انا ح انزل شوية بس خلى بالك الاودة اللى انتى فيها دى كان دايما فيها فار !!!... باى يا حبيبتى بقى !!

    - وطبعا فتحت الباب كالملسوعة وانا اصرخ فاااااااااار وأجرى كى ألحق عمر قبل ان يتركنى مع الفاروحدى نقضى شهر العسل سويا !! وخطوت خطوة واحدة .. وجدت نفسى بين ذراعيه وهو يضحك ولم أستطع الهرب ولا الكلام.............وووووووسكتت شهرزاد عن الكلام المباح ...............


    الحمد لله انى لم اتزوج واحدة مجنونة

    تخنقنى بغيرتها وخناقها وعصبيتها .... فعلا الثقافة والقراءة بتفرق جدا فى عقلية البنت .... لو كانت سارة واحدة دماغها فاضية من بتوع الموضة والاغانى وخلاص كانت قلبت دماغى على حكاية شيرين وقلبت بوزها 6 سنين وكل ما ح نشوف واحدة حلوة ح تبص لى زى المخبرين فى قسم البوليس ما بيصطادوا مجرم وهاتك يا تحقيق .... بجد لو كانت عملت كده ما كنتش ح احكى لها حاجة ابدا بعد كده واريح دماغى وخلاص ... ربنا يهديكى يا سارة وتفضلى عاقلة كده !!!

    منظر البحر ساحر والاحلى انى مع حبيبى ولا اخاف ان يرانى أحد بل بالعكس اتمنى ان يعرف جميع الموجودين على الشاطىء انى عروسة فى شهر العسل من فرط سعادتى واحساسى بالراحة .. مر على أجمل اسبوع فى حياتى كله فسح وخروج وسهر وحب فى حب ...مش عاوزة ابعد عن عمر ولا ثانية ....

    فعلا لازم يسموه شهر عسل قصدى اسبوع عسل بس يا خسارة ده اخر يوم ونعود الى القاهرة غدا ... نظرت الى عمر فوجدته شارد يفكر ... ياترى بتفكر فى مين يا عمر ؟ فى شيرين ؟ مش معقول كفاية تفاهة بقى يا سارة واياك تفتحى الموضوع ده ابدا ... انا ما صدقت انى كسبت نقطة وخليته يثق فى كصديقة عاقلة قبل ما اكون زوجة غيورة بس بجد كنت ح اموت من الغيرة ... بس يعنى لو صرخت وبوذت وخاصمته ح اخليه ينسى اى واحدة ومايبصش لواحدة غيرى مش ممكن طبعا ده ح يبعد عنى اكتر .... لا ياسى عمر ده انا ح اكون قدامك ووراك وجنبك وفى كل مكان حتى تحت جلدك ... ده انا عاملة لك حتة خطة الليلة دى مش ح تخليك تفتكر لا شيرين ولا سعدية وتحلف ان مفيش فى الدنيا بنت غيرى .... بس استنى على !!!!!

    المصاريف خرمت خالص يا واد يا عمر !!! وباين علينا ح نقعد قدام المرسى ابو العباس نكمل الاسبوع ... فطار وغدا وعشاء برة البيت ده غير الفسح !! ماشاء الله على الشحاتة المتوقعة ..الحمد لله ان العربية فيها بنزين ترجعنا مصر بكرة ان شاء الله وراجع جرى على بيت السيد الوالد طبعا علشان منحة ابوية تانية حاجة تكسف بجد .... بس الحقيقة كان اسبوع يجنن كان نفسى يبقى شهر دول العزاب دول غلابة ياعم!!! قال ويقول لك محلاها عيشة الحرية !!! ده قصر ديل يا باشا

    - ايه يا سى عمر انا ح اموت من الجوع وانت اخر طناش ايه خير ؟ انت ح تصوم الستة البيض من النهاردة ؟

    - يا ساتر يارب مش انا لسه يا بنتى مفطرك من 8 ساعات !!! ده انتى ح تاكلينا لما نروح !!

    - ياباى على الغلاسة .. يابنى ح اموت من الجوع والناس اللى جنبنا دول ما بطلوش اكل من ساعة ما وصلوا وحتى الست صعبت عليها لما لقيتنا مدينها ترمس ولب من ساعة ماجينا قامت عزمت على بطبق محشى وانت بتصلى العصر ... بس انا عملت فيها العروسة الشيك وقلت لها ميرسى يا طنط ... يا خسارة المحشى !!!
    - محشى ؟!! ياريتك جبت لنا طبقين ... دى الفلوس اللى معانا يادوب تأكلنا كشرى واحتمال مفيش عشاء كمان ... لازم يخلوا العرايس يطبخوا فى شهر العسل علشان العرسان ما تشحتش يا حبيبتى .
    - طيب ح نموت من الجوع ولا ايه النظام ؟ فهمنى علشان اروح الحق طنط بتاعة المحشى بسرعة دول دخلوا فى المسقعة !!!
    - لا يا ستى اخر وجبة ح ناكلها هنا وأمرى الى الله ح نروح ناكل فى مطعم قريب من البيت وبعدين بالليل فيه ناس قرايبنا هنا ابنهم عمل حادثة وح اضطر اروح أشوفه شوية ... تحبى تيجى معايا ولا بتخافى من المستشفيات ؟

    - لا باخاف روح انت ... وبعدين عاوزة أحضر الشنط وانام بدرى النهاردة معلش يا عمر لو جيت ولقيتنى نايمة ما تصحنيش علشان خاطرى ...

    - ياسلام ؟ لا والله ؟ كده يا سارة ... وتسيبينى أسهر لوحدى ؟

    - معلش يا عمر بجد تعبانة وعاوزة انام بدرى الظاهر ح اخد دور برد ... ما تزعلش علشان خاطرى ...

    - لا يا حبيبتى خلاص ... انا عاوزك ترتاحى ... بس افتكريها !!!

    -اخيرا عمر مشى وراح المشوار بتاعه قدامى حوالى 3 ساعات علشان أرتب أجمل ليلة ح يعيشها فى عمره ... رتبت الشنط بسرعة جدا وكلمت حلوانى مشهور فى اسكندرية لأؤكد حجز تورتة حجزتها من امس على شكل قلب احمر ومكتوب عليها اسمينا انا وعمر وعليها كلمة ( الى حبيبى ....أحبك !)

    ثم أخرجت صندوق المفاجات الذى كنت محضراه من القاهرة والذى رفضت ان يطلع عليه احد حتى امى ... وأخرجت منه مجموعة من الشموع الحمراء والوردية ووزعتها فى جميع انحاء المنزل ... لن أوقدها الا عندما يأتى حبيبى ...
    ومجموعة من الورود المجففة جميلة الشكل نثرتها على الارضية بشكل أسهم تشير الى غرفة نومنا ... وثم مجموعة من البطاقات الوردية والملونة التى كتبت عليها عبارات غرامية اليه ووزعتها فى كل المنزل بشكل مرتب ومتسلسل ...

    ثم دخلت الحمام وأخذت شاور سريع ... ثم ملأت البانيو بماء ساخن ورغاوى صابون منعشة لعمر عندما يأتى ونثرت فوق المياة مجموعة من القلوب الحمراء الطافية .. وكتبت على مراية الحمام بالروج بخط صغير ( كان أجمل اسبوع عسل فى العالم يا حبيبى ...)
    ثم دخلت الى حجرة النوم ورتبتها ورشيت معطر جو لم استخدمه من قبل ولم انسى الشموع طبعا ... ثم ارتديت طقم جديد ساحر كنت أخفيه ... ورشيت عطررائع وجلست أضع الماكياج بدقة شديدة وكأنى سأتزوج مرة أخرى هذه الليلة ....هكذا سينسى اى امراة اخرى سواى وليس بالنكد ... يارب ارضى عنا ..

    عمر يركن سيارته تحت المنزل الحمد لله اننا فى الدور الخامس امامى وقت لبقية الخطة ... وضعت التورتة فى الصالة وحولها الشموع ليراها اول ما يدخل .... ورتبت البطاقات وأغلقت انوار الشقة كلها وتركت باب الشقة مفتوح قليلا ودخلت أختبىء فى غرفتى ...
    ايه يا سارة ده انتى نمتى وسبتى الباب مفتوح ؟ ربنا يستر ... ايه ا لنور مقطوع ولا ايه ؟ سارة انتى فين ؟ ايه ده ايه ده انا مش مصدق عينى ... مش ممكن ... الله الله لا يمكن انا اكيد فى حلم ... سارة انتى فين ؟ ايه التورتة الرهيبة دى ؟ يااااااااااااااه ده انا حاسس انى ملك .... ساااااااااارة ...
    وايه الكروت اللى على الارض دى ؟
    اول واحد مكتوب فيه( ... لو كنت بتدور على اتبع الاسهم !!) ااه ده فيه اسهم بالورود على الارض كمان ايه الرقة دى ؟ ... واللى بعده مكتوب عليه ( حد يمشى ورا الاسهم برضه ؟ امشى ورا قلبك يا حبيبى وانت تلاقينى ..!! )
    ودخلت الحمام وجدته مجهز لملك او امير بجد بحبك يا سارة ... انتى فين يا حبيبتى ... اكيد هنا فى اودتنا وكمان كارت على باب الحجرة مكتوب عليه ( انا باعشق احلى رجل فى الدنيا ... هو انت ) ...
    وفتحت الحجرة لأجد سارة تنتظرنى فى أجمل صورة ممكن ان اتخيلها .. أميرة نائمة وسط الشموع والورود ... هل ممكن ان ترضى زوجة رجلها وتسعده بهذا الشكل الا زوجتى الرائعة .... وسكت شهريار هذه المرة عن الكلام المباح !!!!!!!!!!!!!!!!

    -(انا بس عاوز أعرف اشتريتى كل الحاجات دى امتى ولحقتى ترتبى كل ده ازاى ؟)

    قالها لى عمر ونحن فى السيارة عائدين الى القاهرة .. قالها وهو يشعر بالفخر الرجولى ان زوجته اعدت له ليلة من الف ليلة من اجله هو فقط ...

    -رديت عليه بدلال وانا أغالب النوم بشدة : ( ده سر المهنة يا سيدى ... المهم تكون سعيد وراضى عنى !)
    -(ربنا يخليكى لى يا حبيبتى .. ويارب تفضلى كده على طول .. وانا كمان محضر لك مفاجأة ... ماما اتصلت وقالت انها عازمانا على الغداء دلوقتى حالا اول ما نوصل !!!)
    ياااااااااااسلااام على المفاجأت الحلوة !! ايه الهنا ده بداية تفرح بصحيح !! ده وقته ياربى ؟ الواحد يستعد لوصلة حرق دم محترمة !!. ... رددت هذا فى سرى بالطبع ويبدو ان علامات خيبة الأمل كانت ظاهرة على وجهى فسألنى عمر : ( مالك يا سارة ؟ انتى مش مبسوطة ولا ايه من المفاجأة ؟)
    - رددت بسرعة : (لأ ازاى ده انا ح اطير من الفرحة دى طنط وحشتنى جدا .. بس كنت قولى علشان البس طقم حلو اروح بيه !!!)
    - انتى كده قمر وبعدين ماما مش بتهتم بالحاجات دى خالص !!

    واخيرا وصلنا لبيت حماتى العامر وبعد الترحيب الرهيب بعمر كأنه راجع من الحجاز حالا على جمل ...ثم بعد ساعة سلمت على بفتور : ( اهلا ياسارة .. أخبارك ايه . .. وشك نور على الجهاز أوى ...!! ) ثم رمقتنى بنظرة متفحصة من فوق لتحت وقالت بامتعاض انتى مش جايبة هدوم حلوة فى الجهاز ولا ايه يا سارة ؟ !)
    - ذبت من الخجل من قذيفتها القوية وقلت فى سرى ( مش بتاخد بالها خالص خالص!! الله يسامحك يا عمر !! )
    وهممت ان أرد ولكن أنقذنى عمر بسرعة ورد عليها : ( دى سارة عندها هدوم تجنن ياماما .. بس احنا جايين من السفر عليكى على طول وكنت عاملها مفاجأة ليها !!)
    لم يعجبها بالطبع دفاع عمر عنى فردت بفتور (طيب يا سيدى السفرة جاهزة .. اوعى تكون نسيت أكل أمك خلاص !!)
    وجلسنا نأكل وهى منهمكة فى الحديث مع عمر بشوق شديد وتحكى له كل ماحدث فى الأسبوع اليتيم الذى قضيناه بعيدا عنها وكأنه كان عاما كامل ...وكل فترة طويلة تتذكر ان فيه شىء معاهم على السفرة فتلقى لى كلمة او كلمتين ثم تواصل حديثها الدافىء مع حبيبها الاوحد ابنها الوحيد الحبيب...

    دعوت الله فى سرى ان تنتهى هذه العزومة سريعا كى أصل شقتى وأفرغ حقائبى وأناااااااااااااااااام لأنى تقريبا لم أنم أمس مع السفر وارهاقه ... وبينما انا فى أفكارى رن موبيلى ووجدتها أمى وطرت الى البلكونة لأرد عليها
    - الو يا ست العرايس نموسيتك كحلى ... انا مش عاوزة أكلمك من الصبح علشان ما أقلقكوش يا حبيبتى ... يا ترى ح ترجعوا امتى ؟
    - رددت ببراءة : لا ما احنا وصلنا من ساعتين يا ماما ما تقلقيش ...
    - طيب يا حبيبتى أسيبك ترتبى شنطك وترتاحى شوية وأكلمك بعدين ....
    - لا يا ماما انا مش فى شقتى ... انا عند حماتى !!!
    - حماتك ؟ يا سلام جاية جرى من اسكندرية عليها !!!ولا حتى هان عليكى تعدى على امك ولو خمس دقايق ؟! متشكرة يا سارة ... ربنا يخليهالك ماهو خلاص الجواز بينسى الأهل ... الف شكر يا بنتى مع السلامة
    - استنى بس يا ماما ... يا ماما ... يا ماما ياربى أعمل ايه فى الحدوتة دى ..هو عمر السبب فى المشكلة دى كان لازم يقول لى من امبارح أقوم امهد لماما علشان ما تزعلش منى كده ...

    فاجأنى عمر من خلفى وهو يهمس لى ( ايه شهرزاد قاعدة لوحدها ليه ؟ ... وحشتينى - رددت بعنف : (بلا شهرزاد بلا نيلة !! انت عملت لى مشكلة كبيرة مع ماما يا سيدى )
    - ( مشكلة !!! ليه يا بنتى هو انا شفتها اصلا ؟)
    - (زعلت يا سيدى لما قلت لها اننا هنا وافتكرتنى نسيتها وبافضل اجى بيتكم هنا قبل ما اروح اسلم عليها ... كان مفروض تقول لى من امبارح يا عمر أقوم اعرف اتصرف !!)
    - (يا سارة ما انا قلت لك انى انا نفسى اتفاجأت وماما كلمتنى الصبح قبل ما نسافر مباشرة ... وبعدين يا ستى ولا تزعلى نروح لها دلوقتى ونصالحها حالا ... هو انا عندى كام ام سارة ؟)
    - رميت نفسى فى حضنه وانا اهتف ( ربنا يخليك لى يا حبيبى )وطبعا دخلت حماتى علينا وهتفت با ستنكار ( خلاص مش قادرين على فراق بعض ؟!! طيب الظاهر ان انا اللى عزول واطلع منها )
    فضممت امى الى صدرى هى الاخرى وانا اقول لها ( ده انتى الخير والبركة يا حبيبتى ) وانا اهمس فى سرى يا ربى على صغر عقل الستات والغيرة اللى تنقط ... لأ والهنا ان امى كمان بتغير زى ما تكون مراتى التانية ... وحماتى غيرانة علشان رحنا لماما وهى لأ ... ما شاء الله عليك يا واد يا عمر كلها كام شهر جواز وتحجز جناح فى السراية الصفرا عدل ....

    طيب يا طنط معلش احنا مضطرين نمشى علشان لسه ح نعدى على ماما نسلم عليها ) قلتها ببساطة وندمت عليها من رد فعلا حماتى الغاضب (تمشوا هو انا لحقت أقعد معاكم ... هو انتو جايين تقضية واجب وخلاص ؟ الظاهر ان انا فارضة نفسى عليكم ... طيب يالا ماتعطلوش نفسكم !! ) نظر لى عمر بغضب وكأنه يقول لى فتحتى بقك انتى ليه ؟ : وأخذ يهدأ من أمه ويبرر لها انه لابد ان ينام بدرى لأن بكرة وراه أشياء كثيرة الخ الخ الخ
    وأخيييييييييرا جدا انتهت الزيارة واستعدينا للمعركة الثانية فى بيت ماما...

    وفى السيارة قال لى عمر بهدوء : ( بصى يا سارة ما تزعليش من ماما وانا كمان مش ح ازعل من والدتك لو عملت حاجة ... كل واحدة فيهم فجأة فلذة كبدها اتخطف منها من انسان غريب فلازم فترة يعاملوا فيها الغريب ده بحذر ويمكن غلاسة لحد ما يبدأوا يحبوه فعلا ويتأقلموا على الوضع الجديد ولازم نكون احنا الشباب أعقل وصدرنا اوسع ... بس اوعى تعرضى نفسك لماما يعنى اى حاجة خلينى انا أقولها وكأنها فكرتى انا علشان تتقبلها ونفس الشىء مع والدتك علشان نقلل الخساير بقدر المستطاع .. ماشى يا قمر ؟ )
    - ( خلاص يا حبيبى اتفقنا ) وفى سرى قلت ده الجواز ده عاوز نفس طويييييييييييييييييل ودماغ كبيرة جدا ربنا يستر !!!

    انا ذنبى ايه فى الحرب دى


    ياربى كان مالى انا ومال الجواز وشغل الحموات ده !! ياربى ساعتين من لوى البوز من حماتى المصونة وتبريرات طويلة عريضة من سارة ومنى حتى مليت فى الاخر أمال لو كنا قتلنا قتيل كانت ماما وحماتى عملوا فينا ايه ؟ بجد كنت مفروس من حماتى وسارة عمالة تراضيها وتصالحها وكنت ح اعمل مشكلة بس قلت ياواد مش من اولها كده اعقل ربنا يهديك ... يارب الواحد يفضل محتفظ بأعصابه على طول وما يعملش مصايب ...

    فكرت فى كل هذا وانا أقود السيارة الى منزلنا انا وسارة وانا أقاوم النوم باستماتة بعد الحرب العالمية التاسعة اللى كنا فيها ... والتفت الى سارة وجدتها قد نامت بالفعل من شدة الارهاق الجسدى والعصبى ... وصلنا البيت ولم أشأ ان اوقظ سارة الا لما أفرغ الحقائب من السيارة اولا ... وأوصلتها الى الاسانسير ثم أيقظت سارة بهدوء وكعادتها اتنفضت وصرخت( انت مين ؟ وانت خاطفنى ولا ايه ؟ يااااعوماااااااااار ) وقبل ان تكمل استغاثتها الدولية برجال المطافى وتفرج علينا الشارع ويفتكرونى خاطفها حطيت ايدى على فمها وانتظرت ان تتعرف على والحمد لله أخيرا فاقت وعرفتنى وسألتنى سؤال أغرب من الخيال(ايه ده عمر؟ ايه اللى جابنا فى الحتة المقطوعة دى ؟ )!!!!--

    -انا ح اموت من التعب لو رسموا لى مخدة على الحيطة ح انام فورا !!! عاوزة انام حالا علشان بكرة الجمعة وبعده السبت حنرجع على شغلنا انا وانت يعنى بكرة يوم كله شغل وتجهيز أكل للأسبوع كله وتوضيب الشقة وأكيد ح نتعب بكرة أوى ...
    - ح نتعب ؟ ايه الكلمة الغريبة دى ؟ وانا مالى أنا ؟

    - مالك ازاى ؟ مش احنا اتفقنا نتشارك فى كل حاجة ؟
    - ياسلام اتفقنا أخرط لك البصل وأمسح الأرض ايه يا بنتى الأوهام دى ؟
    -أوهام ياسلام هو لما تساعدنى تبقى عايش فى الوهم ؟ امال أنا حبيبتك ازاى ؟
    - يا ستى حبيبتى وروحى كمان لكن اللى انتى بتقوليه ده انا ما أقدرش عليه أبدا ولا يمكن ح يحصل وده اخر كلام عندى فى الموضوع ده..
    - كده يا عمر ؟
    - ايوة كده وياريت ننام بقى قبل ما نتخانق ...
    -هو احنا لسه ماتخانقناش؟ ... طيب تصبح على خير
    - ......

    ياااااااااسلام على رواقة الرجالة بعد الغداء أخبرنى انه نازل يقابل أصحابه وبعدين ح يعدى على والدته وحيتأخر ولما أخبرته انى ح اعمل أكل الاسبوع نظر لى باستغراب وقال لى طيب مع السلاااااااامة !!! بجد انا زعلانة منه طيب يا عمر لما ترجع !!!
    لازم سارة تتعود ان كلامى يتنفذ ولما اقول مش ح اساعد يبقى خلاص ... لازم تتعود على كده ويبقى هو ده نظام الحياة بيننا ح تزعل شوية فى الأول وبعدين خلاص ح تتعود .... مع انى مش هاين على زعلها ... طيب أكلمها على الموبيل بعد شوية ... لا اجمد بقى يا عمر لو اتعودت انك تساعدها فى كل حاجة حيبقى حق مكتسب ولو ما عملتوش حنروح النيابة !!!لا وعلى ايه تزعل شوية وخلاص ...

    طيب انا مفروض أعمل ايه دلوقتى بالظبط ؟ أنا الاول أرتب الشقة لأن التراب من قفلتها أسبوع يترسم عليه خرايط ولسه ح افضى الشنط وأغسل الهدوم اللى كانت معانا فى اسكندرية وبعدين أطبخ كذا صنف أشيلهم فى الفريزر علشان يكفوا الاسبوع كله ...

    يارب يخليكى لينا يا ماما كنتى شايلة الهم ده كله عنى وانا كنت اتنح قدام التليفزيون ولا أرغى فى التليفون وخلاص ... والاهم ان معلوماتى عن الطبيخ محتاجة مترجم يفك رموزها الهيروغليفية ربنا يستر!!
    طيب انا أحط اللحمة تتسلق الاول علشان بتاخد وقت وبعدين أشغل الغسالة ... بس لازم البس جوانتى علشان ريحة البصل علشان عمر لما ييجى ولا ليه خليه يشم البصل مش هو اللى سابنى فى الحرب دى يستحمل بقى !!!...

    هى اللحمة شكلها غريب كده ليه ؟ ... طيب مش مهم أعمل ايه تانى؟ مسقعة ؟ ياسلام ده انا باموت فيها بس عمرى ما شفت ماما بتعملها ازاى؟ هى فيها باذنجان وحاجات تانية غريبة !!!..............يامااااااااما الحقينى وجريت كلمتها على التليفون وقعدت تهزأ فى الاول انها ياما قالت لى اتعلم ومفيش فايدة الخ الخ الخ المهم انها قالت لى الطريقة مع استخدام الفاظ غريبة ( تعملى اللحمة ع الصاج الاول !!! ) اجيب منين صاج دلوقتى ياماما ؟ وطبعا يصحب هذا وابل من التريقة والدعاء لعمر بالصبر على ما ابتلاه !!!

    وطالت المكالمة ساعتين وماما تشرح لى كأن كلامها كله طبيعى ومفهوم وانا من كتر التريقة اللى خدتها لم أسأل على أشياء كثيرة وقلت أعتمد على خيالى الخاص !!!!
    وتوكلت على الله وبدأت المعركة الحقيقية أضرب الطماطم لا أسلق المكرونة الاول ..............
    طيب أقطع البطاطس شرايح ولا قطع انا باقول مثلثات وخلاص !!! ايه حدوتة الملوخية دى لازم أقعد أخرطها ساعتين لا حأهريها فى الكبة وخلاص بس مش عارفة تكورت كورة صلبة فى قاع الحلة كده ليه ؟
    صينية البطاطس وضعتها فى الفرن مباشرة بس حاسة انى نسيت حاجة فيها هى ليه ما لسه صلبة رغم ان بقى لها ساعة ونصف فى الفرن والقاع اتحرق ومع ذلك لسه ناشفة .....ياربى ايه الوقعة دى كان مالى انا مانا كنت اميرة زمانى واخر رواقة ... خلاص اللى اتعمل اتعمل طيب لو عمر اتكلم ؟؟؟؟؟؟؟...

    ييييييييييييييييه انا نسيت الغسيل طلعت البلكونة أنشره وقعدت أفتكر ايه بيتنشر الاول وايه اللى ورا ؟ طيب ايه من رجله وايه من قفاه ؟ ايه الفيلم ده دول الستات دول ناس رايقة ما كله ح ينشف وخلاص ولاحظت وجود سيدة أروبة فى البلكونة تراقبنى كى ترى العروس الميمونى اللى هى انا ح تنشر ازاى ؟ ولا همنى من نظراتها وعملت كرنفال من الهدوم ابيض على احمر على اخضر واديله المهم ينشفوا وخلاص !!!

    ورجعت للكارثة الموجودة فى المطبخ وتذوقت ما طبخته وصرخت ياللهول على رأى يوسف وهبى!!! طيب والحل وفتحت الفريزر لأجد ماما حبيبتى وكأنها عرفة المصيبة اللى ح أعملها واضعة كمية كبيرة من أكياس الهامبورجر والدجاج النصف مقلى والطبخات السريعة الحمد لله كنت ح أطلق وانا لسه فى شهر العسل !!

    يااااخبر ده عمر بيرن على الموبيل اذن هو فى الطريق وطبعا ملابسى لا توصف من القنابل اللى كنت باعملها فى المطبخ كرنفال من البصل والثوم والزيت ...لميت الكوارث اللى عملتها ووضعتها فى الثلاجة وجريت على الحمام وأزلت اثار العدوان وغيرت ملابسى... أمال هم بييجوا فى التليفزيون بيطبخوا وكأنهم رايحين سهرة ليه ؟

    ودخل عمر وبسرعة أظهرت البوز المتين على غلاسته معايا قبل ما ينزل وانتظرت ان يأتى يصالحنى كالمعتاد ولا فائدة .... ثم لاحظت انه متعب ويتنفس بصعوبة فجريت عليه انا وقلت له ( مالك يا حبيبى ... انت تعبان ؟) وأخذت أمسح له عرقه وأسقيه الماء وأنا أكاد أبكى ( وأقول له انشاالله انا وانت لا يا حبيبى ) وانا ممسكة يده الضعيفة وفجأة ... اشتدت قبضته على وجذبنى له وضحك بقوة وقال
    ( لما انتى بتموتى فى كده ما تكشريش ابدا فى وشى اتفقنا ؟)


    استيقظت منتفضة على رنين المنبه المزعج

    واعلانه الساعة السادسة والنصف صباحا وشعرت بألم فى كل جسدى فأنا لم أنم سوى ساعتين بعد صلاة الفجر التى صليناها انا وعمر ...

    واليوم هو أول يوم نعود فيه للعمل وطبعا عمر ولا على باله فعمله قريب من منزلنا الجديد تقريبا ربع ساعة بالسيارة اما انا فيبعد حوالى ساعة وربع فى أفضل الظروف ولم أكن أشعر بهذا قبلا بل كان قريب من منزل ابى وأمى أما الان فلازم ألف الكرة الارضية علشان أوصل عملى ...

    والأسوأ أن عمر لن يستطيع توصيلى لأن جهة عملى وجهة عمله مختلفتان تماما فلو وصلنى اولا... سيصل هوعمله بعد اذان الظهر وسيرفدوه باذن الله ونشحت على باب السيدة بعد أسبوع على الاكثر !!! اذن لا مفر من حرب المواصلات الرهيبة أن أخوضها وحدى ولا أستطيع حتى الشكوى لأن عمر من البداية غير موافق على عملى ولكنى أصريت فلا أستطيع حتى التنفس بكلمة واحدة ...

    الحمد لله انا لا أفطر يعنى ح ألبس بسررررعة جدا وأجرى لألحق بالميكروباص الشيك جدا لعلى أصل فى موعدى فى اول يوم مش ضرورى كرامتى تتبعتر من المدير وانا عروسة كده !!!

    ارتديت ملابسى على عجل وأخرت ايقاظ عمر الى اخر لحظة كى ينام قليلا ... وبعد اتمام ملابسى وارتدائى الطرحة والشنطة كمان اقتربت منه وقبلته فى جبينه وهمست له ( صباح الخير يا حبيبى ... اصحى بقى كفاية كسل !!)
    - صباح الفل يا حبيبتى ... ايه ده انتى لبستى بسرعة كده ؟ كان نفسى أوصلك بس بعون الله لما نلف القاهرة كل يوم حنترفد انا وانتى جماعة !!
    - ولا يهمك يا حبيبى انا قدها وقدود ... على فكرة حتوحشنى لحد ما أرجع .. يالا مع السلامة أحسن كده اتأخرت !!
    - وانتى أكتر يا حبيبتى بس امتى لحقتى تحضرى الفطار؟ انتى صحيتى امتى على كده ؟
    - فطار ؟!!! ايه الكلمة الغريبة دى ؟ ما انت عارف انى مش بافطر يا حبيبى ؟!! وبعدين مفيش وقت خالص !!
    - فرد بعناد : بس أنا بقى بافطر وخصوصا قبل ما اروح الشغل لازم أفطر فطار متين علشان مش باكل برة وبأفضل عليه لحد ماأرجع.... والدتى كانت معودانى على كده !!
    - رديت فى سرى وانا أنظر للساعة ( الله يسامحك يا حماتى اى حاجة حلوة تبقى من ناحيتك على طول !!) طيب والفطار المتين ده يبقى ايه يا سيدى؟

    - عادى زى كل الناس بيض مسلوق أو عجة وطبق فول بالزبدة ولانشون وجبنة وزيتون وزبادى وطبق خضار كبير خيار وطماطم وخس متقطعين شرايح رفيعة خالص وطبعا كوباية حليب وبعدها شاى وخلاص !!!
    - يا خبر أبيض ده لو كل الناس بتفطر كده ممكن تحصل مجاعة فى البلد .. وبعدين اللى انت بتقوله ده عاوزله ساعة على الأقل وانا متأخرة يا عمر !!

    - رد بعناد أكبر : ما أنا قلت الشغل مش ح ييجى منه غير وجع القلب .. يعنى انتى عاوزانى أنزل من غير فطار يا سارة !!

    - (لا ازاى أترفد انا فى داهية ...علشان تفطر الفطار المتين يا سيدى !!!) قلتها فى سرى طبعا وأنا أكاد أبكى وانا متجهة الى المطبخ لأعداد وليمة الفطار لسى السيد !!

    توجهت الى المطبخ وأنا أجرى مثل البهلوان أضع البيض على النار وأقطع الخيار وأخرج الجبنة من الثلاجة وأسخن الفول وووووووووو ... مش ممكن كل ده حياكله ابدا !!!

    ده انا طول عمرى بأتريق على المسلسلات التى تجعل جميع الأسرة صباحا يجتمعون على مائدة الافطار وعليها عشرة أصناف على الأقل وكان يستفزنى جدا طبق البيض المسلوق الموضوع به 40 بيضة والشاى لابد ان يكون مقدم فى طقم كامل البراد والسكرية وخلافه يعنى لازم الزوجة علشان تعمل الهيصة دى كلها تبتدى تحضر الفطار من اذان الفجر تقريبا او ما تنامش أسهل وخلاص علشان الباشا يفطر الفطار المتين !!!!

    أخيييييرا انتهيت ووضعت الاطباق على السفرة وكان الباشا بيقرأ الجريدة بمنتهى الرواقة وصببت الشاى فصرخ وانا أصبه (لا يا سارة انا قلت لك الحليب الاول وبعدين الشاى !!!)
    فنظرت الى ساعة يدى وجدتها الثامنة الا ثلث فكدت أبكى فلم أرد ان ابدأ اليوم بخناقة فرديت عليه من تحت أسنانى ( معلش يا عمر فيه شاى تانى كتير ... انا نازلة بقى أصلى اتأخرت جدا جدا )
    - طيب يا حبيبتى افطرى الاول !!!
    - حبيبتك ؟!!! طيب باااااااااااى ونزلت من العمارة وانا أجرى تقريبا وأكيد البواب قال يا عينى دى العروسة الجديدة الظاهر واخدة علقة على الصبح وهربت من العريس !!!
    مشيت مسافة طويلة حتى موقف الميكروباص لأن الميزانية لا تسمح بتاكسى بالطبع !! وانتظرت طويلا حتى وجدت مكان فاضى وركبت وسرحت فى الطريق وانا افكر ان هذه هى البداية الجادة للزواج لابد فيها من تعب وارهاق ومسئولية كبيرة ........الله يكون فى عونك يا ماما طول عمرها بتشتغل وعمرها ما أشعرتنا بأى تقصير ...

    انا كان مالى ومال الحدوتة دى ما كنت مريحة دماغى ولا فطار متين لا مواصلات ولا بهدلة !! بس ايه البديل ؟ الوحدة ؟ الصمت ؟ الفراغ والاكتئاب ؟ العنوسة بكلمة أشمل ؟ لا طبعا مهما بذلنا من جهد فى دائرة الزواج أفضل بكثير جدا من الراحة خارجه ... ربنا يخليك لى يا عمر وتفطر كل يوم !!!بس ربنا يستر من المدير وغلاسته !!!

    أهلاااااااااااا يا سى عمر .... ايه يا عم جاى فى ميعادك تمام ... الف مبروك يا عريس ايوة كده وشك نور على الجواز !!! يالا يا سى عمر احكى لنا كل حاجة بالتفصيل !! ولا أقول لك بلاش انت ايه رأيك الجواز حلو ولا زى ما بنسمع من الرجالة ؟
    يا سيدى الله يبارك فيك والله الجواز ده أكبر نعمة للرجل واللى يقول غير كده يبقى جاحد للنعمة بصراحة !!
    ياعم ياعم طيب يا سيدى ربنا يسعدك لما نشوف رأيك ايه بعد سنتين !!
    - الف مبروك يا عروسة ناموسيتك كحلى متأخر ساعة بحالها طبعا يا ستى مين قدك ده انتى حتى شكلك ما نمتيش كويس.. طبعا يا ست العرايس ربنا يسعدك ...
    يالا بقى احكى لنا كل حاجة بالتفصيل الممل .... الا صحيح يا سارة العريس لازم يحضر الفطار لعروسته بنفسه ؟
    - ايوة طبعا لازم يحضر لها فطار متين كل يوم !!!!!!

    وطبعا استدعانى المدير وأخذت كم لا بأس به من الكلام البارد على تأخيرى وتلميح على ان لو كان الجواز حيغيرنى يبقى أقعد فى بيتنا أسهل أقشر بصل !!!

    يا حبيبتى يا سارة وحشتينى الكام ساعة دول ... لما أبعت لها رسالة علشان تعرف انى بافكر فيها ( يا ترى يا قمر بتفكر فى زى ما بافكر فيك ؟؟) فردت على الفور ( انا كمان بافكر فيك يا حبيبى وقلقانة عليك من طن الأكل المتين اللى أكلته الصبح ... ربنا يستر وما تا كلنيش وانا نايمة !!!)
    وأخيرا انتهى اليوم الساعة الثالثة وعمر ينتهى من عمله فى الخامسة ياااااااارب ألحق أوصل بسرعة وأحضر الغداء .... ورجعت فى نفس رحلة العذاب الصباحية فى المواصلات ولكن مع الحر والرطوبة ما شاء الله ما أقدرش أوصف شعورى ...

    وصلت بيتى الساعة 4 وتلت تقريبا يعنى ساعة وعمر جاى وانا أكاد أقع من التعب وقلة النوم طيب ياربى ح الحق اخد حمام من الحر الفظيع ده ولا أجهز الغداء ولا أرتب البيت فسيادته لم يرفع حتى أطباق معركة الفطار الصباحية ... لم أعرف ماذا أفعل فوقفت فى منتصف الصالة وصرخت ( تعاااااالى لى يااااااااااامامااااااااااااا )!!!!!!! أخذت أجرى فى الشقة كالهاربة من حكم قضائى وانا أحاول جاهدة ان انهى تنظيف الشقة وتجهيز الغداء وتغيير ملا بسى ومفروض كمان اتزين وأقابله بابتسامة كبيرة ... طيب بجد ازاى وامتى ؟ ازاى تجتمع رواقة شهرزاد مع واحدة بتشتغل 8 ساعات ويتحرق دمها بمعدل كل ربع ساعة وبترجع بيتها محشورة فى المواصلات زى قفص الطماطم ؟ طيب هو كمان ذنبه ايه يرجع يلاقينى مكشرة وتعبانة ومتوترة ؟ ماهى أكيد ح تقلب بخناقة .... طيب اعمل ايه ياربى ؟

    خلاص يبقى الاهم فالمهم ....انا أهم حاجة أعملها دلوقتى انى أغير هدومى العجيبة دى والبس طقم جميل بسرعة وأضع ماكياج خفيف واى حاجة تانية تتأجل !!! كانت دايما والدتى تقولى ان الرجل لا يحب ان يضيع الاوقات الجميلة !!! يعنى لو دخل البيت ولاقاكى عاملة وليمة طعام رهيبة موت ...بس شعرك مضروب فى الخلاط وريحتك بصل وهدومك مبقعة ومش طايقة حد يكلمك غالبا حيتصل بالبوليس او يطفش من سكات !!! لكن لو جه ولاقاكى زى القمر ومشتاقة ليه والاكل يا حبيبى النهاردة فول وبيض حيبقى على قلبه زى العسل !!!

    خلاص ح أجرب واشوف وبالفعل هديت نفسى تماما ووضعت الاكل فى الفرن كى يسخن وعملت الارزسريعا وشربت كوب شاى بمنتهى الرواقة ولاااااااكأن فى حااااجة خااااالص ثم دخلت الحمام وأخذت شاور سريع وارتديت طقم رائع ووضعت ماكياج وتعطرت وبدأت فى ترتيب المنزل و بعد 5 دقائق جاء عمر وكنت لا ازال أزيل اثار الفطار المتين !!! ولم افعل شىء اخر !!

    ودخل عمر فجريت عليه واحتضنته وقلت له وحشتنى يا حبيبى !!!
    - فرد على وقد سر من استقبالى الدافىء: وانتى كمان يا حبيبتى .... ايه الجمال ده معقول انتى راجعة من الشغل من شوية ؟ اوعى تكون زوغت يا جميل !!
    - لا ما زوغتش بس انا زعلانة منك ما تكلمنيش لو سمحت !!!
    - ليه بس عملت ايه ؟
    - كده تبعت لى رسالة واحدة وما تكلمنيش غير مرتين بس ؟؟؟؟ لا يا سيدى انا ما ينفعنيش القسوة دى !!
    - فرد بسعادة من كلامى ولهفتى عليه : والله لو على ما كنت نزلت من البيت وسيبتك ده انتى وحشتينى جدا ..... ايه ده ....هو لسه الفطار مكانه معقول ؟

    - برطمت فى سرى و هو يعنى انا اللى فطرت وسبته؟!! يعنى الفليبينية اللى هى انا ح تقطع نفسها ؟ وكدت أرد بعصبية ولكنى وجدت انها ح تقلب بغم فرددت بدلال : ما حبيبى هو اللى فطر وسابه والله انا كنت لسه ح أشيله ليك بس علشان ما اتعبكش خاااااااااالص !!!
    - هو صحيح انا متعود انى ما أعملش حاجة فى البيت خالص قبل الجواز بس علشان خاطرك ح أشيله المرة دى بس ما تتعوديش على كده !!

    - وفيها ايه لما أتعود ؟ هو حرام لما حبيبى يدلعنى ويريحنى ؟ ده انت كده تثبت لى انك بتحبنى بجد ومش عاوز حبيبتك تتعب ...
    - رد بنفاذ صبر : يا ستى هو الحب عندك انى أكنس وأغسل الحلل ؟
    - وانت الحب عندك انك ترتاح وترمى كل الحمل على أكتافى انا ... يعنى ازاى أكون باحب انسان وألاقيه تعبان جدا وماأحاولش انى أساعده بأبسط مساعدة ؟

    - يا حبيبتى انا بارجع تعبان وعاوز ارتاح ومش معقول أشتغل جوة البيت كمان !!!
    - يا حبيبى يعنى انت بتشتغل أكثر من الرسول عليه الصلاة والسلام اللى كان قائد أمة بحالها ؟
    - عليه الصلاة والسلام لا طبعا وانا اجى جنبه ايه ؟
    - طيب يا سيدى الرسول عليه الصلاة والسلام كان بيعمل عمل أهل البيت طول ماهو موجود معهم يعنى بيساعدهم شوفت بقى يا سى السيد ؟

    - وأحب ان ينهى الحوار عندما وجد نفسه سينهزم وقال بنفاذ صبر : طيب طيب يا سارة سيبينى أغير هدومى علشان اكل وأنام شوية !!
    - وأحسست ان الموضوع ح يقلب بحرب وانا لسه فى بداية حدوتة جوزك على ما تعوديه !! فابتسمت وقلت له برقة : طيب يا حبيبى قدامك 3 دقايق تغير فيهم هدومك علشان أكتر من كده حتوحشنى ويمكن أبلغ البوليس ولا حاجة !!
    - فابتسم لى بغرور ولم يرد !! يا عينى على عقل الرجالة !!

    وحضرت الأكل سريعا وانا أدعى فى سرى ان يعجبه وان كنت أشك فى هذا بس ربنا يستر !! والحمد لله الهامبورجر موجود برضه علشان الجيران ما يسمعوش صوتنا ويقولوا العروسة الجديدة بتنضرب علقة سخنة !!

    وجلسنا سويا حول الاكل وحاولت حماية نفسى سريعا من العلقة المتوقعة فقلت له : - دى أول أكلة يا حبيبى أعملها لك بايدى وانا عارفة انى لسه باتعلم الطبيخ بس كفاية انى عملتها لأحلى راجل فى الدنيا علشان تبقى تجنن مش كده ؟

    - ربنا يخليكى لى يا حبيبتى انا مش قد الدلع ده كله ... ثم تذوق صينية البطاطس وكله أمل فى الحياة وفى ثوانى ظهرت على وجهه ملامح واحد يبحث عن رقم بوليس النجدة !!

    - ورديت بمنتهى الاستهبال : ايه يا حبيبى رأيك ايه ؟
    - فرد باحراج من مقدمة الدلع الجامدة تسلم ايدك يا حبيبتى !!! بس هى مختلفة شوية عن اللى انا متعود عليها
    - فرديت ببراءة الاطفال : ميرسى يا حبيبى بالهنا والشفا !!

    ياسلام يا واد يا عمر اول مرة أشوف البطاطس ليها طعم السبانخ المخلوطة بالذرة !! والرز شبه كورة القدم خماسية الاضلاع !!... أكلتين كمان من دول وييجى لى كساح !! بس معقول أزعلها وهى عمالة تدلع فى كده ؟؟؟؟؟ ياااااالا ما احنا ياما أكلنا أكل حلو اديها هامبورجر واعمل نفسك من طنطا !!
    الحمد لله عدت على خير ... طيب لما أشوف ح يشيل معايا الاطباق ولا ح يستندل كالمعتاد ...
    - عمر ممكن تشيل معايا الاطباق لو سمحت ؟
    - يوووه يا سارة كفاية طلبات أرجوكى ....
    - فرديت بمسكنة : طيب اسفة ... انى ضايقتك.... !! ومشيت بانكسار مفتعل وانا أحمل الاطباق فماهى الا لحظة واحدة وقام طبعا وقال لى : خليكى انتى يا حبيبتى انا حاشيلهم ....وانتى ارتاحى !!
    - ضحكت فى سرى من طيبته وأكملت خطتى بعد ما فرغ من الاطباق وقلت بدلال كبير :
    طيب يا حبييى ادخل انت نام شوية وانا ح أغسل الاطباق هو انا كنت عاوزة اتكلم معاك شوية قبل ما تنام بس مش مهم انا ح أغسل الاطباق لوووووووحدى وانت ادخل ارتاح ... بس تعرف انت واحشنى وكنت عاوزة اتكلم معاك واحكى لك على اللى حصل كله النهاردة ... بس يوم تانى بقى !!
    - لا يا سارة يا حبيبتى سيبى الاطباق مش مهم وتعالى نقعد مع بعض شوية ...
    - أسيبها ؟ لا يمكن ابدا ابدا ابدا !!!
    - طيب يا حبيبتى انا ح أساعدك وأغسلهم معاكى ما تهونيش على !!
    - انت أحلى زوج فى الدنيا دى كلها ... وبجد وحشتنى !!!



    أخيرا جه يوم الجمعة .. يوم الاجازة ..

    مفيش صحيان بدرى ولا جرى على الشغل ... يا حبيبتى يا سارة نايمة زى الملاك ... تعبت جدا الاسبو ع ده ... بس اكيد ح تتعود وحيبقى الموضوع أسهل عليها وانا كمان بقيت أساعدها شوية بس علشان بس بحبها .... فرصة والدنيا لسه هادية أقوم اقعد لوحدى شوية واقرأ الجرايد على رواقة واشرب كوباية شاى موزونة ومش ضرورى فطار النهاردة !!!

    الله الشقة شكلها جميل اوى الصبح .......الشمس داخلة من الشبابيك والستائر الحرير معطيه نعومة ورقة للبيت .........كل البيت ده بتاعى انا ؟! ده انا طول عمرى لى اودة واحدة فى بيت والدى وكنت باعتبرها مملكتى الخاصة وناقص اكتب عليها ممنوع الاقتراب او التصوير !!! فجأة الاقى لى شقة كاملة جميلة زى دى وانا راجل البيت ؟؟! احساس رائع باكتمال الرجولة يارب يديمه علينا ..........

    وجلست أقرا الجرائد فى روقان وهدوء حتى مر الوقت وباقى ساعة على صلاة الجمعة .... فرصة أقرأ سورة الكهف قبل ان انشغل فى اى حاجة تانية .......

    اول مرة اصحى براحتى من اسبوووووع كامل مش مفزوعة من صوت المنبة الجبار .... صحيح الستات مفروض يقعدوا فى البيت بس علشان يناموا براحتهم !!! ايه ده عمر فين ؟ الراجل طفش ولا ايه ؟ باضحك جدا لما اشوف فى التليفزيون واحدة صاحية من النوم وقبل ما تفتح عينيها تتحسس مكان نوم جوزها كأنها بتدور على فردة شراب مثلا ! طيب ما تفتح عينيها أسهل وح تكتشف ان المذكور فلسع من بدرى !!!

    تلاقيه طلع نام فى الصالة ولا بيتكلم فى التليفون ..........لا مفيش وقت دى صلاة الجمعة قربت .... واقتربت لأشاهد منظر جميل طالما حلمت به قبل زواجى ....... وجدت عمر يجلس تحت شباك الصالة وممسكا بالمصحف ويقرأ فى خشوع بصوت رخيم وتجويد سليم حتى انه لم يشعر بوجودى ..........اقتربت لأجلس بجواره استمع اليه ولكنى وجدت نفسى لا شعوريا أجلس تحت أقدامه فليس الرجل الغنى او الوسيم هو من تعشقه المرأة ....... ولكنه الرجل الذى يخشى الله .........

    جلست تحت أقدامه أستمع لسورة الكهف وكأنى أسمعها لأول مرة ... سعدت من صوته الرخيم وخشوعه وأحاط بنا هدوء واطمئنان وكأن الملائكة يباركون اجتماعنا..... وانا اختلس النظر لوجهه وهو يقرأ لأستمتع بملامحه الخاشعة وأشكر الله على نعمته التى انعمها على ... حتى انتهى من القراءة وجذبنى من يدى لأجلس بجواره وسألنى :
    - ليه يا حبيبتى قعدتى على الأرض ؟ ده انتى تقعدى جوه عينى !!
    - لا يا حبيبى حسيت انك كبير اوى وانت فى حالة الخشوع دى ما قدرتش أقعد جنبك ........

    - ياااه انتى مكبرة الموضوع ربنا بس يتقبل .... وانتى متعودة على قراءة سورة الكهف كل جمعة ؟
    - بصراحة ساعات ساعات مش دايما ....

    - لا يا حبيبتى ان شاء الله نقراها دايما سوا ..... وبعدين خليكى شطورة واسمعى كلام عمو عمر علشان اديكى الهدية اللى جبتهالك امبارح !!

    - نطيت بسرعة : ايه ده هدية ؟ كده وساكت من امبارح يا غلس !!
    - أصلهم مش هدية واحدة دول اتنين !!
    - كمان ؟ كفاية غلاسة بقى ... يالا مش قادرة استنى !!
    - رد بمكر ذو مغزى : طيب تدفعى كام ؟
    - فهمت مقصده وقلت له : مش عاوزة منك حاجة !!
    - طيب خلاص خلاص انا باضحك معاكى شوفى يا ستى دول أهم هديتين حتاخديهم فى حياتك ........ اول واحدة اتفضلى يا ستى تاتاتاتاتاتاتاتاتا.....

    - وفتحت لفة الهدية البراقة ثم صرخت بخيبة امل : يااااااااااااااسلام حصالة !!!!!!!!!!! لا والله وجاى على نفسك كده ليه ؟ ودى أحط فيها مصروف البيت ولا أحوش لبنتك اللى فى خامسة ابتدائى ؟!!!
    - ياساتر يارب ... استنى شوية ... ايه ده مدفع رشاش ؟ استنى لما افهمك حتعملى بيها ايه ؟
    - اتفضل يا عم الموفر !!!
    - وتجاوز عن التريقة ورد بصبر : دى يا ستى انا وانتى ح نحوش فيها كل يوم اى مبلغ ان شا الله جنية واحد اى فلوس والسلام ونيجى اخر الاسبوع يوم الجمعة نفتح الحصالة ونتصدق بالمبلغ ده وبكده نكون كل يوم بنطلع صدقة حتى لو كانت بسيطة ...وممنوع انه يعدى يوم من غير اى صدقة حتى لو مش حناكل اليوم ده ......وبكد حنلاقى بركة فى دخلنا غير عادية .........فهمتى يا حبيبتى ؟
    - رديت بانبهار وسعادة بالغة : ياخبر ايه الفكرة الروعة دى ؟ جبتها منين دى ؟

    - يعنى موافقة ؟ طيب نيجى للهدية التانية شوفى يا حبيبة قلبى ده مصحف مجزء ل30 جزء ....... حتيجى على الدرجين بتوع البوفيه وترمى كل الكوارث اللى فيهم وتفضيهم خالص وتحطى أجزاء المصحف فى الدرج اليمين وكل يوم انا وانتى كل واحد منا ياخد جزء محدد ويقراه ولما يخلصه سواء فى يوم او كذا يوم يحطه فى الدرج الشمال وياخد جزء جديد وهكذا لحد ما الدرج الشمال يتملى خالص نعرف ان انا وانتى ختمنا المصحف مرة ....وبعد كده نرجعه تانى للدرج اليمين وهكذا على طول ....... ايه رايك ؟
    - بجد مش عارفة أرد وأقول ايه غير انى أشكر ربنا انه أهدانى بيك .....

    - بصى يا سارة الحب مش بيستمر بين الزوجين بالكلام الحلو ولا بالفلوس ولا حتى بالأولاد لكن بيستمر بطاعة ربنا وبركته لهم ... واحنا عاوزين بيتنا ده بيت طائع لله علشان ربنا يبارك لنا فى حياتنا واولادنا اللى جايين ان شاء الله
    - ربنا يكرمك ويخليك لى يارب وتفضل كده على طول ...
    - ياااااااااااه ده انا كده ح اتأخر على الصلاة يالا بقى مع السلامة ......على فكرة ح اخرج مع اصحابى شوية بعد الصلاة وح ارجع على الغداء .
    - طيب ما تنساش تدعى لى .......مع السلامة !!!وخرج حبيبى وانا اودعه وأشكر الله على ان أهدانى هذا الزوج .... ثم توضئت وصليت الظهر وجلست أقرأ سورة الكهف ووعدت نفسى الا أقطعها ابدا فى اى يوم جمعة ....

    ثم اخرجت محتويات درجين البوفيه ورصيت بالدرج الايمن كل الاجزاء وبدأت بأول جزء وسجلت تاريخ هذه الختمة فى ورقة صغيرة كى نعلم متى سننتهى منها ......... ثم جلست أقرأ القران لفترة طويلة.......

    ثم قمت لتحضير الغداء والذى كان لحسن الحظ معونة انسانية من ماما بعد ما حكيت لها ماساتى مع الاكل وان ممكن اتطلق وانا فى شهر العسل من الكوارث اللى باعملها .....فالظاهر خافت انى ارجعلهم وهم ما صدقوا يخلصوا منى !!!! فطبخت لى كام صنف تحفة ...ربنا يخليكى لى يا مشرفانى !!!

    أريد ان يكون هذا اليوم جميلا لأكافىء عمر على هداياه الرائعة ......... اعددت الغداء وجملت السفرة بورود ورششت معطر جوهادىء وبدلت ملابسى لأرتدى عباءة ناعمة وتركت شعرى منسدلا على كتفى وتعطرت وطلبت عمر فأخبرنى انه مع أصحابه ....طيب وبعدين ؟

    رنيت عليه ثانية فلم يرد ..... ارسلت له رسالة ( تعالى بقى يا عمر .. انت اتأخرت اوى ) برضه لم يرد
    أرسلت رسالة ثانية ( يا سيدى كفاية تقل .....بجد وحشتنا !!)
    لم يرد !!!!!!
    فأرسلت له الضربة القاضية ( خلاص يا حبيبى ....خليك براحتك بس شهرزاد كان نفسها تشوفك اوى .....خلاص بقى تدخل تنام أحسن !!!)
    وطبعا كما توقعت جاء بعد دقائق معدودة ..........وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح تااااااااااااااااااااااانى !!!!

    معقوووول مر شهرين على زواجى انا وعمر !؟

    مروا بسرعة جدا حياة جديدة فى كل شىء فى المسئولية والمشاركة والمشاعر فى كل شىء ...... حتى اصدقائى اللى كنت بارغى معاهم بالساعات فى التليفون اصبحت لا اراهم الا نادرا ولو تكلمنا فى التليفون يكون حديث سريع لألحق كل الأشغال اللى ورايا ........

    وشقتى الجديدة أصبحت مملكتى بجد وبعد ما كنت أنظف حجرتى فى بيت ماما بالعافية وبعد استدعاء البوليس أصبحت لا أطيق ان ارى منزلى غير مرتب وأتخانق مع عمر لو رمى ملابسه او كتبه كالمعتاد رغم ان كتبى واشيائى الخاصة زمان كانت محتاجة خريطة للوصول لها !!! لكنه هو الحب الذى يجمعك بمكان تشعرين انه ملكك وحدك تكونين فيه على راحتك وتفعلين ما تشاءين .......

    حتى ان منزل والدى اضطررت ان ابيت فيه ليلة عندما مرضت أمى .بجد لم أستطع النوم مش عارفة ازاى مش هو نفسه السرير اللى نمت عليه اكثر من عشرين سنة ؟ احساس لا يعلم تفسيره الا الله الذى يريد لنا ان نعمر بيوتا وبيوتا حتى نعمر الارض جميعا .........

    وانا وعمر ومتفاهمين جدا لكن لا يخلو الأمر من غلاسة وتحكم فى أشياء تافهة كى يثبت لنفسه انه سى السيد ولاأعلق عليها وأجعلها تمر كى لا تصبح كارثة ..شىء واحد هو ما يحيرنى ويضايقنى فعلا – باستثناء حماتى طبعا !! - وهو مصاريف البيت لا أعرف ماذا يمكن ان يفعل شابين يعملان عمل شاق يوميا كى يوفرا مصاريف الايجار والاكل والدواء والخروج والمجاملات الخ الخ الخ ... ؟

    طبعا يحتاجان معجزة من السماء كى تحل لهم لغز الاسعار ...وأصبحت بعد ان كنت أصرف مرتبى على العطور والكريمات والمجلات ...أصبحت أبحث 10 ساعات قبل ان اشترى زيت الطعام كى أعرف اى نوع أوفر ؟ وأصبحت أفاصل مع اى بائع رغم انى كنت باقول لماما دايما ان ده تصرف بيئة !!! وأصبحت أحمل هم اى مناسبة غير معمول حسابها مثل فرح او خلافه نضطر اسفين ان نجامل اصحاب المناسبة فيه لأن ده معناه ان بقية الشهر ح نقضيه تونة وجبنة !!!

    ولكن ليس هذا ما يضايقنى فقط ولكن تصرف عمر الغريب تجاه مصروف البيت هو ما يضايقنى جدا ......... وهو انه لا يخصص مبلغ معين لمصروف البيت وانا اساعده فيه ونصرف منه سويا لا هو يدفع الايجار وبعض الاشياء الاخرى وانا عندما أقبض مرتبى أسارع لأنفقه كله تقريبا على خزين المنزل من سكر وزيت وخضار ولحوم وخلافه وهو متقبل ده عادى وبدون مشاكل ....حتى انى طلبت منه مرة مبلغ كى أشترى شىء للمنزل فرد على ببساطة ( ما انتى معاكى فلوس يا سارة !! هى خلصت ؟)
    طبعا اتضايقت جدا من رد فعله ده :هل المفروض ان أنهى مرتبى كاملا ثم بعد هذا هو يساعد !!! الغريب فى الأمر انه غير بخيل ابدا بل بالعكس لا ينفق على نفسه تقريبا الا الضرورى جدا ولكن ما يضايقنى انه معتبر مساعدتى فى المنزل امر مفروغ منه وفرض على .....وتحملت هذا الامر رغم ضيقى منه انا احب ان أصرف على منزلى ولكن بارادتى وليس فرضا على حتى جاء يوما رجعت من العمل وانتظرته بعد الغداء وقلت له :

    - شفت يا عمر النهاردة بعد الشغل نزلت انا وواحدة صاحبتى المحلات اللى جنب شغلى كانت عاوزة تشترى شوية حاجات .....
    - طيب يا حبيبتى وايه المشكلة ؟
    - لا أبدا لقيت شنطة تحفة نازلة فى التخفيض من 70 جنية الى 50 بس واشتريتها على طول ...تتصور دى جلد طبيعى !!
    - - فرد بعصبية :اشتريتيها ؟ وما قلتيش لى ليه قبل ما تشتريها ؟ فاستغربت من رد فعله وقلت : عادى يعنى يا عمر يعنى ح اطلبك أقول لك على حاجة هايفة كده ؟ - 50 جنية حاجة هايفة ؟
    - يعنى انت زعلان من المبلغ ولا من انى ما قلتش لك ؟

    - الاتنين ....كان لازم تستأذنى منى الاول !!!
    - فصرخت فيه : عمر انت بتقول ايه دى فلوسى ....انا ما خدتش منك حاجة علشان الزعل ده كله !!!
    - فصرخ فى بعنف : فلوسك يعنى ايه فلوسك ؟ يعنى أخرس انا ولا ايه ؟
    - انا ماقلتش كده . . بس ازاى يعنى استأذن قبل ما اصرف اى حاجة انت بتهرج ؟
    - انا ياستى معقد نفسيا خلاص؟ مش باحب ان مراتى تمسك فلوس وتزعق فى وتقول فلوسى ومالكش دعوة والكلام ده ....
    - ياسلام واشمعنى الكلام ده مش بيتقال لما باجيب حاجة للبيت ليه مش بتقولى استأذنى ؟ ولا علشان دى حاجة لى انا ؟

    - دى ضروريات للبيت مش ممكن نستغنى عنها ....انما الشنطة بتاعتك دلع !!
    - والله ادلع نفسى مش مشكلة ....وبعدين الضروريات دى مسئوليتك انت وانا ان كنت باساعد فى البيت ده مش فرض على !!

    - والله انا قلت من ايام الخطوبة تسيبى الشغل علشان وجع الدماغ ده وانتى ما سمعتيش الكلام واللى كنت خايف منه حصل .....بقيتى بتعلى صوتك على وتقولى فلوسى انا !!!

    - هو انت يا تحبسنى فى البيت يا تتحكم فى كل مليم ؟ ده انت فعلا معقد على كده !!

    - وانتفض من مكانه والغضب يتطاير من عينيه وأمسك ذراعى بعنف وصرخ فى : انا معقد ؟!!!......طيب انا ح اوريكى العقد اللى بجد من بكرة مفيش شغل ولما أشوف كلامى ح يمشى ولا لأ ؟
    - ارتعبت من نبرته المخيفة وضغطه الرهيب على ذراعى والقسوة التى يتحدث بها فارتجفت وانهمرت دموعى بلا توقف .........

    - فلانت نبرته قليلا وزفر بقوة وقال : طيب بتعيطى ليه دلوقتى مانتى كمان زعقتى وجننتينى ...........................
    - كده ياسارة توصلى حاجة هايفة لحد كده ؟ خلاص بقى حقك على ما تزعليش .-
    - فرددت من بين دموعى : لا مش حاجة هايفة ده ربنا قال ذمة مالية منفصلة للمرأة تيجى انت وتقولى استأذن ؟
    - والله انا عارف ده بس مش قادر أطبقه ماأقدرش استحمل ان مراتى تقولى دى فلوسى وانت مالكش لازمة طيب اعمل ايه ؟
    - مااعرفش والله تعمل ايه ؟- طيب انتى شايفة انى بخيل ولا باصرف على نفسى حاجة ولا انتى بتطلبى منى حاجة ومش باجيبها ؟

    - فرددت وانا امسح دموعى : لأ .....امال ايه الفيلم ده طيب ؟

    - انا يا ستى ما بحبش الست اللى بتعمل كده ....وبعدين انا مش عاوزك تدفعى حاجة فى البيت تانى علشان مش كل شوية تقولى باساعدك باساعدك !!
    - بقى انا باعمل كده الله يسامحك ..... وبعدين هو انتى يعنى أحسن من الرسول عليه الصلاة والسلام اللى كان بيتاجر للسيدة خديجة فى مالها وهى زوجته ولا يخجل من ان يعلن ان ده مال زوجته وفين ؟ فى قريش عز التعصب والجهل ؟
    - ياستى انا مااقدرش اوصل للمنزلة دى .......ولو الموضوع ده ح يجيب مشاكل ح اقعدك من الشغل فعلا

    - من فضلك يا عمر ما تكبرش الموضوع كده ....انا فعلا زعلانة منك جدا ومستغربة تفكيرك جدا

    - حقك على انى انفعلت عليكى انتى عارفة قد ايه بحبك ........لكن مش ح اقبل ابدا انى اكون على الرف او حاجة تحصل فى بيتى من غير موافقتى حتى ولو حاجة هايفة قلتى ايه ؟


    مرت أيام وانا وعمر متخاصمين .....

    يعنى بنتكلم فى الضروريات بس .... لكن من جوايا انا زعلانة منه جدا ....من عصبيته وموقفه الغريب وتفكير الأغرب ....المشكلة انى متأكدة انه مش بخيل ولا طمعان فى .. بس مش قادرة أفسر تفكيره لحد دلوقت ..تحكم والسلام ؟ ولا خوف من الفلوس انها تقوينى فأبعد عنه ؟!! وكأن اللى رابط أى زوجة بزوجها هى انه بيصرف عليها فقط ... ولو هى معاها فلوس حتقدر تعيش من غيره وتسيبه بسهولة !! بجد حاجة تجنن !! طيب وستات البيوت بيتطلقوا ليه لما هى الحكاية كده .....مش معقول التفكير المقلوب ده ؟!

    عمر حاول يصالحنى لكنى لم أستطع ابدا ...لأنى حاسة ان الصورة اللى كانت فى خيالى اتهزت لأن موضوع الفلوس بين الزوجين ده حساس جدا ودايما الزوجة بتكون راسمة لزوجها وحبيبها صورة الفارس النبيل الذى لا يتكلم قط فى المال لأن ده شىء بينقص من قدره كرجل ودائما تدور فى عقلى عبارة الافلام الشهيرة ( انا برضه أمد ايدى لفلوس واحدة ست ؟؟؟!!!!) فأصبح الأمر مقترن بالرجولة فى نظرى .......

    ولكن ظروف المعيشة البشعة الان غيرت من شكل الصورة وجعلت الرجل مضطرا لعمل زوجته ومساعدتها له والزوجة ايضا تقبلت هذا و تسعد عندما تفعله ....ولكن للأسف لم يتخل الرجل عن الصورة القديمة فى خياله بأنه صاحب المال والآمر الناهى الأوحد .....فأصبح يعذب زوجته بحملين حمل المشاركة وحمل التحكم !!!

    سارة وحشة أوى وهى زعلانة ....صحيح هى لم تقصر فى أى حق من حقوقى فى البيت وأجد طعامى وملابسى وكل شىء مرتب وترد على عندما أسألها عن أى شىء ....ولكن روحها المرحة الدافئة والحيوية التى تنطق من عينيها والتى تجعلنى أذوب فيها اختفت !! وحل محلها لوح زجاج بارد لا يعبر عن أى شىء ....حاولت مصالحتها بلا جدوى .... ياربى أعمل ايه ؟ بس أنا كمان مش قادر أنفذ اللى هى عاوزاه !! يعنى ايه أكون قاعد فى البيت ألاقيها داخلة وشارية غسالة مثلا وتقولى وانت مالك دى فلوسى أقعد كمل الشاى اللى بتشربه وخليك فى حالك !!
    معقول أستحمل كده ولو كنت فوت فى حكاية الشنطة كان حيبقى ده العادى ...انا مش طمعان فى فلوسها ابدا لكنى مضطر لمساعدتها فى البيت علشان ما نزورش السيدة انا وهى كل يوم جمعة !!!

    بس أعمل ايه تحت هدومى الكاجوال لسه فيه صديرى جدى الصعيدى مش قادر اتقبل الموضوع خالص .... بس هى كمان معذورة وشكلى وحش قدامها ..برضه انا انفعلت بصورة غبية !! ومش قادر أعيش من غير دفء عينيها وحنيتها ...طيب ما هى مش عاوزة تصالحنى أعمل ايه ؟؟ ....شغل التفانين يا واد يا عمر دى سارة حبيبتك !!!!!!

    ذهبت الى عملى كالمعتاد وانا ماليش نفس لأى حاجة فى الدنيا وطبعا كان باين على وشى جدا فكل واحدة ظريفة تيجى تسألنى بحشرية ( ايه ابتدينا نكد الجواز ولا ايه ؟؟؟ قلنا كده قالوا اطلعوا من البلد !!!) انا مش عارفة كل واحد ما بيحطش لسانه جوة بقه ليه ؟ ياسااااتر !!!
    خلاص الساعة 2 كلها ساعة واروح ....موبيلى بيرن ..... ايه ده ؟ ده عمر خير ؟
    - الو ايوة يا عمر ؟
    - فرد بصوت أقلقنى :ايوة يا سارة ازيك يا حبيبتى انتى كويسة ؟
    - الحمد لله فيه ايه ياعمر ؟
    - مفيش حاجة بس ح اعدى عليكى بعد ساعة استأذنت من شغلى بدرى وح اجيلك استنينى .....
    - ايه يا بنى فيه ايه انت رعبتنى كده ؟

    - فرد بغموض :.....لما اجى ح تعرفى !! مع السلامة !!

    عمر عمر عمر ....................!!
    يارب سترك يارب دى اول مرة يعملها أكيد بابا تعب وهو مش عاوز يقول لى .....ولا ماما ؟!! لا بجد حرام كده ...حاولت الاتصال به الف مرة بلا جدوى لا يرد مما أكد شكى بأن مصيبة قد حصلت يارب استر يارب !!!

    وأخييييييييييييييييييييييرا جاء بعد ما أصبحت على وشك الانهيار ... ولكنى وجدته فى قمة الشياكة مرتديا القميص المفضل عندى وكمان البرفان اللى باموت فيه !! ايه ده ؟ طبعا لو كانت والدته هى اللى تعبانة كان جه بالبيجاما !!! لا وكمان رايق وعمال يسلم على زمايلى ويوصيهم على !! لا بجد لو ما قالش فيه ايه ح اخبطه بحاجة فى دماغه حالا !!
    وأخيرا سلم على بحرارة وهمس فى أذنى ( وحشتينى ) وأخذنى وانصرفنا وزميلاتى لسان حالهن يقول ( جتنا نيلة فى حظنا الهباب ) !!

    وفى السيارة كان ح يغمى على من شدة القلق وسألته :
    - ( أبوس ايدك قولى فيه ايه انا خلاص ح اموت ....... ماما ولا بابا اللى تعبانين ؟)
    - فرد بلهجة المحقق كونان اطمنى هم بخير انا واخدك لمشوار مهم جدا وما تسأليش على أى حاجة دلوقتى لحد ما نوصل !!!
    فخف قلقى قليلا وان لم يختفى تماما ...ولكنى راقبت ملامح الغموض المرسومة على وجهه وهى ممزوجة بوسامته الظاهرة اليوم ....فلاحظ انى أراقبه فسألنى (ايه وحشتك ؟)فلم أرد ومديت البوذ المتين وأغمضت عينى ولكنى رأيت صورته مازالت مرسومة بداخلها !!
    ياه الظاهر انى نمت شوية ........ايه ده انا فين ؟ فى الجنة ؟ وأفقت لأجد القاهرة كلها تحت قدمى فى منظر خلاب وجو رائع ونسيم يداعب المشاعر ... وعمر ينظر لى بحنان ويقول لى : صح النوم يالا انزلى بسرعة....

    - ايه ده احنا فين ؟
    - فى المقطم يا حبيبتى مش كان نفسك تشوفيه من زمان ؟

    - هو ده المشوار المهم ؟ ؟ ح نعمل ايه هنا ؟
    - هشششششششش كفاية أسئلة وتعالى .....
    ومشيت وراءه وانا أبعد يده التى تحاول الامساك بيدى والبوز مازال موجودا ..
    ودخلنا الى كافيتريا لم أرى فى جمالها من قبل كل حوائطا مستبدلة بزجاج دائرى كى ترى القاهرة من كل أركانها وكل الأضواء استبدلت بشموع تعطى الجو رومانسية وسحر ....... واخذنى الى طاولة بعيدة وجلسنا وانا لا استطيع النطق بعد ما رأيته ونظر الى عينى مباشرة وقال لى ثانية :- وحشتينى ....

    بحبك ....
    - .............
    - مش عاوزة تردى على ؟ طيب انا اسف ....

    .- خلاص يا عمر انا مش زعلانة انا نسيت الموضوع خلاص .......

    واضح جدا بدليل البرود اللى بتعاملينى بيه ياريتك خاصمتينى لكن انتى استعملتى اسلوب ذكى جدا ما قصرتيش فى اى حاجة ولما اكلمك بتردى عادى لكن انتى فى دنيا وانا فى دنيا تانية .... ودى حاجة ممكن تموتنى ... فين سارة حبيبتى ؟
    - ايوة حبيبتك اوى ....بدليل انك مش عاوزنى أشترى لنفسى حاجة ولازم أرفع صباعى وأستأذن قبل ما أشترى حاجة ....!!!

    يا حبيبتى انا نفسى أجيب لك كنوز الدنيا وأحطهم تحت رجليكى .بس انتى عارفة الظروف .....وانا مش عاوز اتحكم فيكى ولا حاجة .....دى حاجة نفسية جوايا بتخلينى عاوز أعرف كل حاجة بتعمليها وتحسسينى انك مش بتعملى حاجة الا لما أعرفها الاول .......

    - بس دى حاجة تخنق
    بصى يا سارة انا بخيل ؟
    - لا
    عينى زايغة
    - لا
    - بأعامل أهلك وحش ؟
    - لا
    - باعاملك انتى وحش قدام الناس او حتى بيننا ؟
    - لا
    - مش عارف ربنا كويس ؟
    -لا و الحمد لله

    - طيب يا ستى اعتبرى موضوع الفلوس ده عيب فى وخدينى على قد عقلى فيه وريحينى وانا اوعدك انى عمرى ما ح احرمك من حاجة ابدا بس عرفينى الاول .......اتفقنا ؟

    - فانكسفت جدا من انى أريده كاملا بلا عيوب من تكبيرى الموضوع بالشكل ده ورددت عليه : اتفقنا ياحبيبى !!

    الله أكبر أول مرة تنطقيها من أسبوع أيوة كده خلى الشمس تطلع يا شيخة !!

    - خلاص بقى يا بنى فرجت علينا الناس .....
    - طيب غمضى عينك انا جيب لك هدية بس ما تتعوديش على كده أحسن ح نشحت بالشكل ده !! اتفضلى يا ستى .....

    - الله ايه الصندل الجميل ده

    - ده يا ستى علشان يليق على الشنطة اللى اشتريتيها ...بس زى ما اتفقنا ح تعرفينى الاول على اى حاجة خلاص يا حبيبتى ؟
    - فرددت بكسوف .....خلاص يا شهريار .....

    - فرد بلهفة :شهريار؟!!! الله أكبر!!! ....سارة انتى لازمك الغدا هنا أوى لا ممكن نروح دلوقتى ؟




    على زواجنا 6 اشهر تقريبا..

    الحمد لله مروا على خير ... لكن لا اعرف ما هذا الاحساس الذى اشعر به .....احساس بالاعتياد والتعود والركود لا رغبة لدى كى افعل شىء جديد بمعنى اخر ما اشعر به هو الملل ...الملل من كل شىء فى حياتى الجديدة ....

    هذا لا يعنى انى لم اعد احب سارة بل بالعكس اشعر انى احبها اكثر من زمان بعد ما عاشرتها وعرفت رقة طبعها واستحمالها لتقلبات طباعى وصبرها على ظروفنا المادية الصعبة ...ولكن احساسى من ناحيتها تبدل هذا التوهج الذى كنت أشعر به فى مشاعرى تجاها فتر !! كنت عندما أسمع صوتها فى التليفون يدق قلبى وتشعر كل خلية من خلاياى بالسعادة ...ولكن الان مكالماتنا التليفونية عندما نبتعد عن بعض سريعة قصيرة لابلاغ امر هام او طلب ضرورى ان اشتريه !!

    لم اعد متلهف للقائها مثل زمان وكيف أتلهف وانا أراها طوال اليوم أمامى ؟؟!!!
    أصبح حديثنا اليومى أقل من زمان عندما كنا نتحدث طوال الليل حتى نفاجىء بخيوط الفجر تداعب وجوهنا بدون ان نشعر ؟؟ والان ملل ملل ملل .....

    ولكنى لا اتصور حياتى لحظة بدونها ... وأشعر انها صديقتى التى أعود سريعا لأقص عليها كل ما حدث فى يومى فهى تمتاز بصفة لا توجد عند 95 % من بنات حواء وهى فن الاستماع بدون لوم ولا تريقة ....حتى لو كانت متأكدة انى مخطىء فهى تلفت نظرى بهدوء بعد فترة من الحديث كى لا تشعرنى بخطأى مثل الطفل الصغير وتمسك اللى الخرزانة زى الاطفال !! ولا تقول الجملة الخالدة التى تقود اى رجل للجنون ( ماهو لو كنت سمعت كلامى ما كانش حصل كل ده !!!)

    طيب لماذا أشعر بكل هذا الملل ؟ ؟ ولماذا فتر احساسى بها كحبيبة وفتاة أحلامى ؟ أعرف انى أظلمها معى عندما ترانى أقل تلهفا عليها وأرد عليها أحيانا فى اقتضاب ....أرى اللوم فى عينيها بدون أن تصرح بشىء ولا تلومنى فى شىء .ولكن أعمل ايه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    مش عارفة عمر متغير من ناحيتى ليه ؟ انا بأحاول أرضيه بكل الطرق ولا أهمل فى منظرى أبدا ....وكل طلباته أوامر ...طيب حصل ايه هو صحيح مش بيتخانق معايا بس مش عمر بتاع زمان .......أشعر انه زهقان من كل حاجة فى الدنيا حتى منى ........طيب أعمل ايه ؟ وكل يوم أسأله السؤالين الخالدين ( فيه حاجة يا عمر ؟ ) ( وزعلان منى فى حاجة يا عمر ؟ ) والاجابة واحدة لاااااااااااااااااااااااااااأ !!

    طيب أرجعه ازاى زى الاول وأرجع أحاديثنا الطويييييييييييييييلة تانى ازاى ؟ هو ده بقى الملل الزوجى اللى بيقولوا عليه ؟ وده الخرس الزوجى اللى بيصيب الازواج وأعراضه سرحان وبحلقة فى السقف ..والرد على أى سؤال باشارة مبهمة لا تعنى شىء والفرجة على ماتشات الكورة حنى لو كان فريق جزر القمر هو اللى بيلعب !!!!

    مرة قرأت ان تحريك بحيرة الزواج من الركود مسئولية الزوجة ....يعنى جت على دى ومش حتكون مسئوليتها ؟ ماهى كل حاجة على دماغها لوحدها .......
    طيب تعمل ايه الزوجة تعمل أراجوز علشان ترضى زوجها ؟ بجد حرام كل حاجة عليها ....يا اما يقولوا دى منكدة عليه عيشته ومزهقاه فى الدنيا .....خلاص هو حر بقى مش عاوز يتكلم هو حر ..... بس انا مش عاجبانى الحياة بالشكل ده .وانا كمان ح يتنقل لى احساس البرود ده ..ودى عيشة بقى ؟ طيب حاحاول أفكر فى طريقة ........وراك وراك يا عمر ح تروح منى فين

    - ايه يا سارة انتى مش رايحة الشغل النهاردة ولا ايه ؟

    - تصنعت الاعياء وانا ارد عليه :لا تعبانة شوية واخدت النهاردة أجازة يا حبيبى ..

    - الف سلامة عليكى تحبى نروح لدكتور ؟

    لا دكتور ايه ؟ ده الظاهر شوية برد ح انام شوية واخد كوباية ليمون وابقى كويسة ان شاء الله ....وانا قلت لماما تبعت لى الشغالة بتاعتها تساعدنى أصلى مش قادرة اعمل حاجة خالص .......

    - ما تقلقنيش عليكى يا حبيبتى .تحبى أخد اجازة انا كمان؟

    لا يا حبيبى ....انا ح ابقى كويسة ما تتعبش نفسك مع الف سلامة ....كح كح كح

    وتركنى وهو قلقان على بجد .....اه لو لم أكن أعلم انه يحبنى أكثر من اى انسان فى الكون كنت قتلت نفسى !! لكن هو الاعتياد على الشىء الذى يفقدك بهجته والسعادة به وهل معقول ان الانسان يظل يشعر بالساعة التى يرتديها كل ثانية وكل دقيقة ؟ كان سيصاب حتما بالجنون والانهيار العصبى ...انه لا يشعر بها الا عندما ينظر لها بعد فترة من تركه لها وانا سأجعل عمر يرانى من جديد ....

    فى التاسعة صباحا جاءت الشغالة وكان ورانا انا وهى شغل كثير جدا .كنت أريد تغيير نظام البيت كله حتى يشعر عمر انه فى عالم جديد ولكن الموضوع ليس سهلا ولكن علشان عيون عمر كله يهون ....
    غيرت مكان الصالون ونقلته مكان الانتريه ليكون بجوار البلكونة بجوار الهواء الطلق ..مش مهم الضيف يتهووا المهم احنا .... وغيرت مكان التليفزيون ووضعت اتنين من كراسى الانتريه متلاصقين بعد ان كانوا كل واحد فى اتجاه كى نجلس عليهم انا وعمر ....

    طبعا السفرة لم أجروء على تحريكها لأنها تحتاج بلدوزر بشرى يحركها أكيد اللى بيعملوا الفرش دول من كوكب المريخ او فاكرين ان العريس هرقليز والعروسة زينة !!! لكنى غيرت الفضيات الموجودة فى النيش بأخرى لامعة واضفت لها تحف صغيرة كانت مركونة .....و أخرجت مفرش سفرة جديد لم أستخدمه من قبل وفرشته ووضعت فازة كبيرة بها ورود اكثر اشراقا ..... .

    وحجرة نومنا غيرت ترتيب كل جزء بها .... السرير مكان الدولاب والتسريحة مكان الشوفنيرة وفرشت مفرش يوم الدخلة الذى لم أستخدمه الا لأيام معدودة وعلقت صورة زفافنا الكبيرة التى رفض عمر تعليقها فى الصالون .ووعدنى بتعليقها فى غرفتنا وطبعا نسى او كسل !! الحمد لله الشغالة موجودة تعيش حياتها هى وتعلقها على راحتها ....وأيضا مجموعة من صورنا ايام شهر العسل وضعتها فى برواز ووضعتها على الكومدينو ليراها قبل النوم .الله الله أعطت الغرفة شكل رائع .....أكيد ح يعجب عمر !!

    وأخيرا حجرة عمر التى يعمل بها مشاريعه الهندسية .... لم أرد ان أغير من طابعها الرجالى .... فكان يحتفظ فيها بسريره القديم ايام العزوبية ودولابه الصغير قبل ان يتزوج والان يضع به اوراقه وكتبه .... وده طبعا لأننا لم نملك وقت الجهاز ان نشترى حجرة معيشة او حجرة اطفال جديدة فكان هذا هو الحل ....

    .....طيب اعمل فيها ايه ؟ بعد ان قمنا بتنظيفها فكرت فى فكرة جديدة وهى ان أغير كل الصور العائلية التى يضعها فى براويز على مكتبه بصور أعز أصدقائه الشباب وأخرجت الالبوم سريعا وأخرجت صور أفضل 5 أصدقاء له ووضعتها بشكل بارز له وطبعا سيدهش من هذاويقول مراتى اتجننت !!! ..... لأن الزوجة بعد زواجها بتحاول بشتى الطرق ان تبعد زوجها عن اصدقائه القدامى كى تظل وحدها معه ولا تعرف انها بهذا بتخنقه ليهرب منها ويذهب لهم اكثر من الاول !!!!

    خلاص أخيييييييييرا انهينا المعركة الحربية وأصبحت الشقة مختلفة تماما وازدادت جمالا ...ومشيت الشغالة وهى أكيد بتدعى على وعلى جنانى الرسمى !!

    وبعد ان انهيت كل شىء فى الشقة ارتديت ملابسى ونزلت بسرعة للكوافيرة اللى فى نفس الشارع والتى قلت زياراتى لها للاسف توفيرا للنفقات واصبحت اعمل شعرى فى البيت وخلاص !! وقبل ان أدخل لها اشتريت جريدتنا المفضلة انا وعمر والتى كنا نقرأها ايام الخطوبة ونتناقش فى كل مقالاتها ولغبائى لم أعد أشتريها بعد الزواج ....له حق يزهق منى طيب ح نجيب كلام نتكلمه منين ؟ لازم أحداث جديدة نتكلم فيها علشان أجذب انتباهه لى !!

    وطلبت من الكوافيرة ان تقص شعرى قصة جديدة وهو ما كنت ارفضه دوما تمسكا منى بشعرى الطويل وتسريحتى التقليدية ....فقصت لى قصة جديدة جعلت خصلات شعرى متدرجة ومحيطة بوجهى فأظهرت استدراته وزادتنى جمالا واقترحت على تلوين بعض الخصلات به فخفت ورفضت... ثم بعد الحاح منها وافقت وتركتها تعمل وانا اقرأ فى الجريدة واذا بعمر يتصل بى على الموبيل ياخبر كده المفاجأة حتبوظ لو سمع دوشة الكوافيرة !!!!

    فجريت على الحمام واغلقت بابه على باحكام ورديت عليه متصنعة الاعياء وطلبت منه ان يحضر أكل معاه لأنى مش قادرة اعمل حاجة خااااااااااااالص !!! والحمد لله لم يلاحظ شىء بل بالعكس ازداد قلقا على وندما انه سابنى وانا تعبانة !!!

    ورجعت للكوافيرة وجدتها بتصرخ لأن الصبغة مازالت على شعرى.... .بس الحمد لله ربنا ستر ولم يطلع اللون بنفسجى !!! بل بالعكس فى صورته النهائية كانت النتيجة مبهرة لم أعرف نفسى بجد فى المراة .....الله يكون فى عونك يا عم عمر !!

    ورجعت البيت وانا أشعر انى امرأة جديدة وبيتى هو الاخر جديد وأشعر بانتعاش جميل .......وارتديت طقم كنت أرتديه ايام الخطوبة !! وتزينت و أدرت مسيقى ناعمة فى انحاء المنزل جلست فى انتظاره وكما توقعت جاء قبل ميعاده بنصف ساعة واول ما فتح الباب ورأى التغيير المدمر عاد خطوتين للخلف واتلخبط وكاد يرجع ويصرخ فى العمارة
    ( شقتى اتسرقت يا جدعااااااااان )

    ثم دخل وظل صامتا للحظات وهو يقلب نظره بين الفرش وبينى وهو لا ينطق الا كلمة واحدة ايه ده ايه ده ؟!! )

    - ثم اخيرا نظر الى باعجاب كبير جدا وقال ( يعنى مش تعبانة ولا حاجة .... طيب القمر دى مراتى ولا حد تانى يا مدام !! )

    - وأضاءت ملامح وجهه بالسعادة والحب وهو يهمس لى يا مجنونة كل ده عملتيه علشانى انا ؟ )

    - طبعا انت حبيبى ونفسى أشوفك سعيد معايا ....ان شاالله اهد الدنيا علشان تكون راضى عنى

    ربنا يخليكى لى طووووووول العمر !!!



    ياسلاااام ياسى عمر والله وبقيت زوج خلاص

    وبتخاف على كل مليم يحتاجه البيت !! فين ايام الفسح والانطلاق والمصاريف بدون حساب ؟ وكان دايما والدى يقول لى لما تتحمل المسئولية ح تتغير وتعقل !! ولم أكن أصدقه خلاص خلصت الايام دى وخصوصا مع الاسعار التى لا ترحم ...أصبحت لا أفكر الا فى ما يحتاجه المنزل والضروريات مثل الطبيب والميكانيكى والسباك وخلافه ممن يهجمون على جيوبى فيجعلونها بيضاء لامعة من غير سوء !!

    بس برضه احساس غريب انى لما أشترى شىء جديد للمنزل انا وسارة بأشعر بالسعادة على عكس ما كنت متخيل !! كنت اتصوروانا عازب ان لو مر اسبوع لم أخرج فيه مع أصحابى فى فسحة محترمة ممكن يحصل لى حاجة فى عقلى !!

    لكن دلوقتى بأجد لذة كبيرة أن أضيف شىء للبيت حتى لو كان بسيط جدا فأشعر بجد انى وقتها رجل البيت !! وخروجى مع أصحابى أصبح فى أبسط الاماكن التى لا تكلف الكثير وطبعا أسمع تريقة للصبح انى باوفر علشان أشترى الجرنان وبطيخة للمدام وانا راجع !!! امال اللى عندهم أطفال بيعملوا ايه ؟ ربنا يستر !!

    يارب يا سميع يا مجيب حقق لى أملى ... ارزقنى كما رزقت زكريا .... هب لى ذرية صالحة ..اجعلنى أما !! ناجيت الله كثيرا بعد صلاة العشاء ان يحقق لى أملى ويهب لى جنينا أسعد به ويملأ على دنياى انا وزوجى ...

    لا أعرف كيف اجتاحنى احساس الأمومة من أول ما تزوجت ... كنت وأنا بنت احساسى بالأطفال مختلف !! لم يكن عندى صبر طويل مع الاطفال ....أحب الطفل وهو يلعب ويضحك وأول ما يبكى تنقطع الصلة بينى وبينه وارميه لأمه فورا !!

    ماذا حدث ؟ سبحان الله القدير أحن لشىء لم أره !! ونفسى تهفو لأن تجاور دقات قلبه جسدى وأضمه بين ضلوعى !! كيف حدث هذا الانقلاب ؟ يارب يارب هبه لى هبة مباركة من عندك ...قد لا أكون أهلا لهذه الهدية ولكنك أهلا لهذا العطاء يا سميع يا مجيب ....

    أكاد أجن من شدة وطأة هذا الشعور والحنين القاتل لأن أكون أما والغريب أن عمر لا يساوره هذا الاحساس مثلى ؟!!! بل يحمل خوف من مصاريف الاطفال ومسئوليتهم الكبيرة ؟!! رغم انه حنون جدا على الأطفال يمكن أكثر منى !! كيف هذا ؟ يمكن انه يذكر ذلك كى لا يجرح مشاعرى او انه فعلا لا يشتاق مثلى هذا الاشتياق الجنونى ؟ لا أعرف ....يارب ..يارب

    وما يجرحنى بشده ويزيد عندى الاحساس انى تأخرت فى الحمل هو سؤال الناس الدائم لى (هاااا ...مفيش حاجة حلوة جاية فى الطريق ؟) أول ما أسمع كلمة هاااا الكريهة أتجنن !! خلاص السؤال ده أصبحت أهرب منه من الجميع وكأن الموضوع بيدى وأنا التى لا أريد !! اه لو كل الناس تكون فى حالها.....

    حتى مكالمات التليفون من خالاتى او أقارب عمر تكاد كلمة هاااا تحل محل ألو !! هو أنا باتدخل فى خصوصيات الناس بهذا الشكل ؟ يمكن لو لم تكن الاسئلة تحيطنى فى كل مكان لم يكن الاحساس عندى تضخم فى هذا الشكل ........وبعدين هو الحمل بيستخبى ازاى يعنى ؟! ماهو أكيد لما ح يحصل كل الناس ح تعرف ولا ح أخرج و أسيب بطنى فى البيت ؟ !!!!!

    وحماتى ماشاء الله عليها لها دور كبيييييير جدا !!! تحيطنى بكمية من العبارات الجارحة التى لا تتوقف وكأننا متزوجين من عشرة سنين وليس 8 أشهر ؟ معقول العقل ده ؟ طول ما احنا بنزورها وخصوصا فى غياب عمر تحيطنى بعبارات من نوعية عينى عليك يا عمر بتموت فى الاطفال !!)...... ( دى فلانة ماشاء الله حملت من يوم الدخلة !!) ...... ( ما بتفكريش تروحى لدكتور يا سارة ؟ ) ولم أكن أرد أو أحكى لعمر كى لا يغضبها منها ولكن من داخلى كانت تجرحنى فى انوثتى دون مراعاة لشعورى وكأنها تسعد بهذا ...
    ...
    وفى اخر هذه المكالمات القاسية أجهشت فى البكاء حتى استيقظ عمر وانتفض لما رانى منهارة بهذا الشكل وسألنى عما بى وهو يقرأ على رأسى ايات من القران كى أهدأ ... فلم أحتمل ان أخفى أكثر من ذلك وحكيت له عما حدث .... فسمعنى وهو يكاد يغلى من الغضب ولكنه كظم غيظه ورد على بحنان :
    - حقك على يا حبيبتى نيابة عن ماما ...

    - طيب ليه تقول لى الكلام ده .هى دى حاجة فى ايدى ؟ ولا أنا يعنى اللى مانعة الحمل ؟
    - معلش يا سارة ما انتى عارفة ماما بتحبنى قد ايه ونفسها تشوف اولادى ...

    فصرخت فيه : يعنى انا اللى مش نفسى ؟ لا حول ولا قوة الا بالله ده انا مفيش واحدة قالت لى على نصيحة حريمى الا وعملتها ...ومفيش فاكهة او اكل قالوا عليه بيساعد على الحمل الا واكلته وطول الليل بادعى ربنا اعمل اي بس ؟

    - ايه يا بنتى الجنان ده كله ؟ هو احنا بقى لنا مية سنة متجوزين ؟ ليه كل ده ؟

    يا بنتى دول ناس فاضية ما تسأليش فيهم هم الناس كده يسألوا البنت اول ما تدخل الجامعة ( مفيش عريس ولا ايه!! ) ولما تتخطب ( هااا الجواز امتى عاوزين نفرح بيكم !!) وأول ما يجوزوا ( مفيش بيبى فى السكة ؟!! ) ولما تجيبى البيبى ( يالا بقى همتك هاتى له أخ يلعب معاه !! ) ولما تجيبى الطفل التانى ويتأكدوا تماما انك غرقتى فى المشاكل يسيبوكى غرقانة وما يسألوش عنك تانى !! بالذمة تعملى اعتبار لناس حشرية كده؟

    - بس أنا خلاص تعبت بجد تعبت .... عمر انا عاوزة أروح لدكتور أرجوك يا عمر....

    - يا بنتى احنا سعداء مع بعض والحمد لله مستعجلة ليه على المسئولية ؟

    - ففاض بى الكيل وصرخت فيه : يووووووه يا عمر أرجوك حس بى وتعال نكشف عند الدكتور أنا وانت ....

    - وكأنى طعنته فى رجولته فرد بغضب : وانا كمان !! ليه انا كويس ومعنديش مشكلة أروح ليه بقى

    ياسلام يا باشمهندش سبت ايه للناس العادية ايه علاقة ده بالخلفة ؟

    - فرد بعصبية : سارة انا مش عاوز وجع دماغ ده اخر كلام عندى عاوزة تروحى للدكتور انتى حرة لكن انا لأ لأ لأ



    ايه يا مدام سارة انتى بتدلعى علينا ولا ايه ؟

    - ليه يا دكتورة ؟

    حمل ايه اللى اتأخر ؟ انتى متجوزة يدوب من كام شهر !! ليه الاستعجال ده يا بنتى؟

    - فردت أمى نيابة عنى لما رأت احمرار وجهى ....... ماانتى عارفة زن الناس يا دكتورة خلوها تقلق !!

    - بصى يا سارة التحاليل اللى قدامى بتقول انك سليمة مية فى المية ولكن القلق اللى انتى فيه ده ممكن يخلوكى فعلا تتأخرى فى الحمل ....أهدى واطمنى وسيبى كل حاجة بأمر الله

    - فرددت بخجل :طيب يعنى يا دكتورة مفيش حاجة تعجل الحمل شوية ؟

    انا مش عاوزة ألخبط الهرمونات عندك وأتعبك بجد ... وبعدين زوجك ما عملش التحاليل ليه ؟

    - رافض طبعا كالمعتاد مش كده ؟! كل الرجالة فى الموضوع ده زى بعض الوزير زى الغفير قليل اوى اللى بيرضى يكشف وبعد ما تكون مراته اتبهدلت !! ربنا يهدي!!

    - طيب يا دكتورة أعمل ايه ؟ انا خلاص ح اتجنن !!

    - هو انتى لو مفلسة وطلبتى من ناس فلوس صدقة وقالوا انهم ح يدوها لك واتأخروا عليكى .... ح تروحى تخبطى على بابهم كل يوم بالحاح ؟

    - لا طبعا !!

    - بس انتى بتطلبى من ربنا يا سارة مش من الناس .. ألزمى بابه ولن يردك أبدا[/green]
    وخرجت من عند الدكتورة وأنا فى قمة الارتياح أرتحت جدا نفسيا ان ليس بى عيب يمنع الانجاب ..اللهم لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. يكفينى هذا الشعور كى أهدأ .... ولن يقلقنى أحد بعد الان ولو سألنى أحد سأجيبه ( لا تسألنى أنا اسأل الله !!)

    لن أقلق أو اتوتر كى لا يؤثر على نفسيتى كما قالت الدكتورة ...طيب وموقف عمر المتخاذل معى ؟ ماذا أفعل معه ؟ أتشاجر ؟أخاصمه ؟ ؟ لا لا لن أفعل كل هذا كى لا أغضب الله وأنا فى أمس الحاجة لرضاه ..... ولا أريد أن أعصى الله بغضب عمر منى لأن ما عند الله لايؤخذ بمعصيته ........ وأفقت من سرحانى على صوت أمى تقول لى :

    - ما تزعليش يا سارة من عمر ....هم كل الرجالة بياخدوا المواضيع دى بحساسية ....

    - ففاجأها ردى : لا ياماما أزعل ليه يعنى هو ده اللى ح يعجل اللى ربنا كاتبه ؟ ... وبعدين انا ماأقدرش أزعل منه أبدا

    - فردت بغيظ : طيب يا ستى ربنا يخليه ليكى انا الحق على !!
    وجاء عمر ليأخذنى من عند ماما وفى السيارة كان يتوقع منى البوز المتين وانى أتخانق أو حتى أبكى وقصصت عليه ما قالته الدكتورة بكل بساطة وبدون لوم . فصمت طويلا وخجل من نفسه وقال لىانا اسف يا سارة ....

    - انا مش عارف انا سبتك ليه تروحى للدكتورة مع ماما ؟ بجد انا غلطان حقك على -
    - انا فعلا زعلت منك لكن قدرت انك واخد الموضوع بحساسية فخلاص يا سيدى ولا يهمك

    - ربنا يخليكى لى يا عمرى ويكملك بعقلك .. وأقول لك حاجة حتى لو خلفنا مش ح أحب ابننا أكتر منك !!


    ومرت الأيام التالية وأنا هادئة تماما
    وأدعو الله ليلا ونهارا وبتضرع وتذلل ولكن باطمئنان ويقين داخلى انه لن يردنى أبدا ولن يتركنى خالية الوفاض ....ولكن أعصابى أبعدها تماما عن التوترواكثرت كثيرا من الصدقات خلاف صدقات حصالتنا الاسبوعية انا وعمر !!

    وحماتى العزيزة واصلت بالطبع حملاتها الشرسة ضدى وأنا لا أرد ولا أعيرها اهتمام .....حتى فاض بى الكيل من أسئلتها النارية والمستفزة فرددت عليها ذات مرة بهدوء وأدب حتى أغلق هذا الباب نهائيا :

    - واضح يا طنط ان الموضوع ده قالقك أوى وأنا عارفة ان ده من كتر حبك لى !! بس انا بصراحة مش باحب أتكلم في خصوصياتى ..... ده حتى ماما مش بتتكلم فيه خالص تتصورى يا طنط ؟
    - .........
    -
    والغريب ان عمر كان جالس فى هذا الحوار ولم يغضب منى كما توقعت !! بل بالعكس ابتسم وغمز لى بعينه وتظاهر انه يقرأ الجريدة كى لا تقتله أمه !!


    وعند مرور خمسة أيام لم أطق الانتظار وبدون أن أخبر أحد اشتريت اختبار حمل منزلى و قرأت تعليماته علامة حمراء واحدة لايوجد حمل وعلامتان اى يوجد حمل ..... وأجريته ومرت الثوانى بطييييييييييئة وانا أغمض عينى كى لا أرى !! وأخييرا امتد اللون الاحمر ببطء ليرسم علامتين ... علامتين ؟ يعنى انا انا ؟ حااااامل ؟
    وخرجت من الحمام وهبطت بكامل هيئتى فى سجدة شكر طويلة وبللت دموعى الشاكرة وجهى ولهج صوتى بالدعاء وكل خلية منى ترتعد من فرط السعادة والشكر بهبة الله الغالية التى أودعها جسدى .... كيف أشكر هذه النعمة ؟ وكيف أصونها ؟ وكيف أخبر عمر وماذا تكون ردة فعله ؟ وكيف أخبر الجميع ؟ أشعر انى أريد أن أصرخ فى الشارع وأوقف المارة وأخبرهم انى حااااااااااااامل !!!!!!




    مشاعر كثيرة متضاربة تجتاحنى .....

    فرح وسعادة عارمة وخوف وقلق وتوتر وضوضاء جميلة تجتاح كل مشاعرى ....لا أعرف ماذا أفعل ؟ كيف سأخبر عمر ؟ وهل سيفرح ؟ أكاد أطير من السعادة وارقص من النشوة وأخذت أجرى فى انحاء الشقة من فرط سعادتى أريد ان افتح كل الشبابيك والابواب لأصرخ فى الجميع ان الله أعطانى رزقا واسعا وجعلنى أنثى مكتملة الانوثة ...... هبطت بقوة على الكرسى من كثرة حركاتى الجنونية كما أفعل دائما وأنا ألهث من السعادة ...وتذكرت انى لست وحدى الان بل يوجد من يشاركنى جسدى ويقتسم خلاياى وأنفاسى معى ولابد من احترامه واعطاءه حقه بالكف عن هذه الحركات الصبيانية وهمست له ( عفوا يا صغيرى سأصبح اما حنونا لك من الان !!)

    وأمسكت التليفون وطلبت أمى ولم تكد تسمع صوتى وهو يرقص من الفرحة وقبل ان اقول شىء صرخت هى
    ( انتى حامل يا سارة مش كده ؟ )

    - فرددت وانا أضحك ( ايه ده هى لحقت الجزيرة ذاعتها ؟ عرفتى منين يا جميل ؟ )

    الف الف مبروك هو انتى فاكرة انى مش بأحسب معاكى باليوم ولا ايه ؟ بس ما كنتش بأحب اوترك فى حاجة مالكيش يد فيها ..الف الف مبروك يا حبيبتى ....

    - الله يبارك فيكى يا ماما.....

    - بس خلى بالك من نفسك وبلاش حركات الجنان بتاعتك والجرى والتنطيط ده خلاص اعقلى ياسارة ح تبقى أم

    - فهمست فى سرى انها لو رأت ماتش الجرى بتاعى من لحظات لماتت فورا ( طبعا طبعا ياماما ما تقلقيش .....)
    - وخلى بالك من أكلك وحركاتك ونومك ......الخ الخ الخ

    وأخذت أمى تسرد وابلا من النصائح فى شتى المجالات ..... حتى نمت منها على السماعة !! ان شاء الله لما أخلف ح أهرى ابنى نصايح علشان أخلص تارى !! ولكن للحق بعض النصائح النسائية الخاصة لم أكن أعلم عنها شيئا ....... ده انا كنت ح أبهدل الدنيا ربنا يخليكى لى ياماما !!


    وأجريت مكالمة مماثلة مع حماتى لأنها كانت زعلانة من اخر مرة أخبرتها بذوق الا تتدخل فى شئونى الخاصة وللحق هى طارت من الفرحة وأسلوبها معى كان أسلوب أم بحق وأشعرتنى بحنانها لأول مرة !!


    وأنهيت المكالمة وأخذت أحضر الغداء وفكرت فى طريقة أخبر عمر بها ....فكرت طويلا وأخيرا وجدتها .................
    وجاء عمر واستقبلته بشكل طبيعى جدا وأنا أكاد أنطق له بالسر فى كل لحظة .....ولكنى تماسكت وأعددت الغداء فى هدووووووووء وجلسنا عادى جدااااااااا وبدأ يأكل ولاحظ انى وضعت طبق وملعقة وشوكة اضافيين !! وسألنى فى دهشة :
    - انتى مزودة طبق ثالث ليه ؟ فيه حد جاى ؟

    - فرددت فى غموض : ايوة !!

    - طيب مش تقولى يا بنتى وسايبانى اكل كده !!

    - لا مش مشكلة ماهو مش غريب !!

    - مين ماما ولا بابا ولا حد من أخواتك ؟

    - فرددت بهدوء يفرس : لأ !!

    - فرد وقد نفذ صبره : هو احنا فى رمضان ولا حاجة ؟ ايه الفوازير دى ؟ طيب نستنى ولا ناكل انا ح اموت من الجوع !!

    فرددت وانا أبتسم ابتسامة أودعتها كل أنوثتى : لا ياحبيبى كل انت بالهنا والشفا ماهو مش معقول أسيبك تستنى 9 شهور !!

    فنظر الى بدهشة وعدم فهم فى البداية ....ثم نظر الى بعدم تصديق ...وأخيييييرا نطق وهو غير مصدق : سارة انتى ...انتى ..... حامل ؟

    - فهززت رأسى بالايجاب وأنا أتوقع رد فعله ان يقفز من الفرح ويحملنى وووو..
    ولكنى فوجئت بآخر رد فعل كنت أتوقعه على الاطلاق !!.... رأيت دموع فى عينيه لأول مرة فى حياتى !! أول مرة اراه يبكى !! دموع غزيرة شاكرة مبتهلة ....لا أستطيع تصديق هذا أبدا !!.. كنت أعتقد ان الموضوع لا يشغله مثلى ولكن واضح انه كان يخفى انفعالاته كى لا يزيد همى !! يا حبيبى يا عمر !!

    فقمت من مكانى واحتضنت رأسه وأخذت أمسح دموعه وأنا أقبل رأسه وأبكى انا الاخرى وأخيرا تمالك نفسه وابتسم وقال لى

    خلاص بقى ايه الغم ده !! الف مبروك يا حبيبتى .....كده برضه مش تقولى لى من اول ما دخلت ولا تكلمينى على الموبيل يا قلبك يا شيخة !!

    - فضحكت وانا أسأله يعنى فرحان يا حبيبى ؟
    بجد احساسى لا يوصف ...ياه ده انا كنت قلقان بشكل وكنت أدعو الله ليلا ونهارا
    بس كنت مش بارضى أقول لك علشان ما أزودش توترك ....يالا ياسارة قومى اتوضى ح نصلى صلاة شكر جماعة على الهبة العظيمة اللى ربنا وهبها لنا ...

    وصلينا أنا وهو وأخذ يدعو وأنا أؤمن على دعاؤه وأنا أرتجف فى داخلى من دعاءه العميق المبلل بدموعه الشاكرة المبتهلة وهو يشكر الله على عطاؤه الكريم ويصفنا فى الدعاء انا وهو لأول مرة بالأب والأم وليس بالزوج والزوجة !! ويسأل الله ان يحفظ لنا وليدنا ويشب فى طاعة الله ولا يمسه الشيطان أبدا ........

    وفرغنا من الصلاة وجلسنا انا وهو على الأرض على سجادة الصلاة وكأننا لا نريد ان نخرج من روحانية الصلاة والدعاء ورأيت عمر يتأملنى بحب وهويهمس لى :

    - الف مبروك يا حبيبة قلبى لو تعرفى غلاوتك زادت عندى ازاى ؟

    - ياسيدى يا سيدى على الحنية !! ايه الهنا اللى انا فيه ده ؟

    - لا والله صحيح دلوقتى انا حاسس ان انا وانتى بقينا عيلة بجد .....بس لازم ياسارة نشكر النعمة الكبيرة دى حاولى تحافظى على نفسك وبلاش الجرى والتنطيط ده يامدام مفهوم

    - يييييييييييييه انا سمعت الفيلم ده من ماما من شوية .....وايه كمان ؟
    - بصى يا قمر ........فيه حاجة مطلوبة منك طول فترة الحمل تعمليها علشان ابننا ان شاء الله يكون زى ما بنتمنى .......

    - ايه هى ؟
    عاوزك يا ستى ما تسمعيش ابنى غير قرآن طول فترة الحمل ..... انا قرأت كتير ان ده بيؤثر جدا على نفسية الجنين وبيخليه بعد كده متعلق جدا بالقران .....عاوزك طول مانتى فاضية تقرأى قرأن وبصوت مسموع علشان يشعر بيه ويتأثر بيه ...عاوزك تختمى المصحف كل شهر لو قدرتى .......اتفقنا ؟

    - بهرنى طلبه فأجبت بدون تردد : اتفقنا ..

    - وفيه حاجة كمان الحصالة بتاعتنا الخاصة بالصدقات من النهاردة سنضع للأستاذ فيها نصيب يومى مش برضه راجل ولا ايه ؟
    اه راجل طبع ده حاليا فى حجم الزيتونة هو فيه حد قده .....ماشى ياسيدى فيه حاجة تانى ؟
    - لا خلاص قومى بقى علشان أفسحك بالمناسبة السعيدة دى وأشترى لك هدية حلوة ... ولا ح تعملى لنا فيها حامل ودايخة والحوارات دى

    لا ياعم ده حامل مين انت بتصدق حألبس فى ثوانى بس انت ماتغيرش رأيك ...حتودينى فين يا ابو العيال ؟
    المكان اللى تشاورى عليه يا أم عتريس ... بس الأول انا كنت ندرت ان لما ربنا يكرمنا بابننا ان اول مكان نروحه انا وانتى وهو يبقى للجامع موافقة نروح نصلى ركعتين ونطلع مبلغ صدقة لله ؟

    - طبعا موافقة جدا جدا جدا جدا .........




    مر أكثر من شهرين على الحمل ...
    احساس لا يوصف لا يضاهيه احساس اخر ...كنا ونحن صغار نفرح ببعض حبات الفول عندما نزرعها بأيدينا ونراقبها بالساعات وهى تكبر شيئا فشيئا ونغضب عندما يتخلص منها أحد الكبار كالمعتاد وكأنه قتل جزء منا ....الان هذا الاحساس اشعر به ولكن بداخل جسدى نبضا صغيرا ينمو خلية خلية بداخلى ...يتنفس من أنفاسى ويقاسمنى الطعام..... ويفرح معى ويحزن معى .....رغم انى لا أشعر بحركته بعد ولا بطنى انتفخت لكن أشعر به فى كل لحظة كيانا داخل كيانى ...

    رغم ما أعانيه من تعب وارهاق كبير جدا من دوار مستمر ورغبة دائمة فى النوم الذى لا ينتهى ورؤية الطعام كالعدو اللدود وما يصاحب هذا من خناقات مع عمر وماما لى كى آكل رغما عن أنفى (لأنى بقيت اتنين دلوقتى مش واحد !!) لكن أشعر انى أصبحت انسانة مختلفة فى كل شىء ........مزاجى مختلف ...أتوتر بسهولة شديدة ..أقلق سريعا ...وللأسف أصبحت عصبية لدرجة لم أكن أتخيلها ....

    لم أربط بين هذه التغيرات وبين الحمل الا عندما رأتنى صديقتى فى العمل أسبب مشكلة لا داعى لها من عصبيتى الزائدة ...فأخبرتنى أن كثير من النساء يؤثر عليهم الحمل مثلى ...وقرأت فى هذا الموضوع لأجد بعض حالات تتغير مزاجاتهم وشخصياتهم تماما فى فترة الحمل .ماشاء الله انا أولد من هنا وأروح السراية الصفرا عدل !!

    سارة أصبحت عصبية جدا الأيام دى .. .لا تطيق كلمة حتى ولو هزار وتقلب الموضوع خناقة وحدوتة . ...وأنا مقدر تغيرها من الحمل ولا أحاول أن أعقد الموضوع ...وأصدقائى يؤكدون لى أن هذا شىء عادى ويقصون لى حواديت على الجنان الأصلى اللى شافوه على يد زوجاتهم فى فترة الحمل !!......لكن بجد تعبت ووحشتنى سارة حبيبتى الوديعة التى تغفر لى كل أخطائى وأتمتع بأنوثتها ورقتها ...لكنى أعذرها فهذه ليست طباعها الأصلية ولابد أن أتحملها فهى تحمل ابنى الذى أتمناه من الله وربنا يهديها قبل ما أتجنن أنا !!!

    أنا بجد زهقت من كتر النصايح اللى بأسمعها ليل ونهار من جميع البشر لازم تاكلى كذا ..ولازم تنامى بالطريقة دى.... ولازم تمشى كده ..ولازم ولازم ولازم ....وكأن الحامل دى انسانة فاقدة العقل ومستنية بنات الصين يقولوا لها تعمل ايه ....

    وأكبر مشكلة بتواجهنى فى الحمل هى شغلى .....انا كنت قادرة أوفق بالعافية بين الشغل والبيت لكن دلوقتى بجد تعبت ..... صحتى ضعفت من الحمل وهى أصلا ضعيفة والمشوار المحترم الذى آخذه كل يوم يكاد يميتنى من كثرة المطبات التى أشعر أنها تسحب روحى معها ولكن ماذا أفعل ؟ أنا عمر لا نستطيع أن نستغنى عن عملى فى الوقت الحاضر من الناحية المادية ...وحتى لو استطعنا أنا لا أتخيل نفسى ربة منزل أصحى الظهر وأرغى فى التليفون فى آخر وصفات الطبيخ وأخبار العيال أشعر بالأختناق من مجرد الفكرة .... .ولا أريد أن أفكر فيها .لكنى فى نفس الوقت خايفة على البيبى وحاسة بالذنب مما أعرضه له ...يارب ساعدنى !!

    غريبة أول مرة أدخل البيت ولا تستقبلنى سارة كالمعتاد ....سارة ....سارة انتى فين يا حبيبتى ؟
    جاءنى صوتها ضعيفا من حجرة النوم فطرت عليها وأنا أرتجف من الخوف فوجدتها مازالت بملابس الخروج ..شاحبة لون وجهها يحاكى وجوه الموتى ..وجريت عليها وأنا أصرخ :

    - مالك يا سارة فيه ايه ؟
    - فردت بضعف :الحمد لله أنا كويسة ما تقلقش يا عمر

    كويسة ؟ ايه يا بنتى ده انتى بتموتى !! .ايه الى حصل ردى على بسرعة ؟ ولا أقول حأجيب ليكى مسكن وعصير تشربيه الأول وارفعى رجليكى على المخدات دى علشان تفوقى شوية

    أخذت الدواء و شربت العصير وشعرت أنى أفضل حالا مما كنت عليه فشكرت عمر وقلت له : أنا كويسة ما تقلقش

    الف سلامة عليكى يا حبيبتى ايه اللى حصل ؟

    - مفيش حاجة وأنا راجعة من الشغل وراكبة المواصلات السواق عمل حادثة وخبط فى عربية كانت قدامه وعمل اهتزاز عنيف فى عربيتنا طبعا .. لدرجة اننا وقعنا من على الكراسى وبعدها حسيت انى دخت جدا وحسيت بمغص جامد جدا والم حاد فى ظهرى من الوقعة .....لكن الحمد لله انا كويسة دلوقتى والبركة فى ربنا وبعدين فيك ..

    - سمعنى عمر وأنا أحكى الموضوع بمنتهى البساطة وهو يغلى من الغيظ فرد بعصبية : يعنى ايه كويسة كنتى ح تموتى انتى واللى فى بطنك وتقولى كويسة ؟

    فرددت باستفزاز : يعنى انت خايف على الى فى بطنى مش على انا ؟

    - والله من حقى انى أخاف وأنا شايفك بتستهترى بيه كده ده ابنى برضه !!

    فجننت من رده وصرخت : باستهتر ؟ هو انا كنت رايحة السينما ولا النادى ؟ مش الشغل ؟ وبعدين مرتبى ده بأعمل بيه ايه ؟ باشترى بيه ماكياج وبرفانات ولا كله على البيت وبأساعدك فى مصاريفه ؟ وفى الاخر تقول لى بتستهترى ؟

    فصرخ في بجنون : هو انتى كل ما تتكلمى تقولى لى انا بأصرف وبأساعدك؟ طيب ايه رأيك بقى ده اخر يوم ليكى فى الشغل قلتى ايه...

    فرددت بعند هائل لا أعرف من أين أتانى : قلت لأ !!

    فجن من ردى وأصبح انسان آخر : لأ !! يعنى مش بتسمعى كلامى ؟!! طيب يا سارة لما أشوف كلامى ح يتنفذ ولا لأ ؟ اختارى دلوقتى حالا ياسارة ياأنا يا الشغل !!

    فتملكنى الشيطان تماما وأعمانى الغضب وأنا أنفجر فيه بطريقة لم يسمعها منى من قبل : الشغل يا عمر !! ايه رأيك بقى ؟ انا خلاص زهقت من أوامرك وتحكماتك فى كأنك اشتريتنى ......زهقت من حياتى كلها ومش قادرة أستحمل أكثر من كده .....ونفسى أسيب البيت ده اللى أنا حاسة انى جارية فيه مش انسانة بتحترم طموحها ومستقبلها وأرجع بيت أهلى اللى كنت ملكة فيه .....

    فرد عمر بذهوووول : ايييييييييييييه بتبيعينى يا سارة ؟ وكمان عاوزة تسيبى البيت ؟ على العموم انتى حرة بس افتكرى انتى اللى بعتينى وانا مش ح اشتريكى ...

    فلم أستطع الانتظار أكثر من هذا وأحسست ان كرامتى ذبحت فقمت ارتديت طرحتى وخطفت حقيبة يدى وجريت على باب الشقة وعمر ينظر لى بذهول ولكنه صامت لا ينادى على فألقيت عليه نظرة أخيرة وتركت بيتى وأغلقت وراءى الباب بعنف !!




    لا أعرف حتى الآن كيف وصلت بيت والدى

    أكيد كان كل الشارع بيتفرج على !!وسواق التاكسى اللى ركبت معاه كان رجل عجوز وطيب أخذ يهدأ فى وهو يرانى أبكى بحرقة دون أن يعلم بما حدث.... ولكن واضح أن شكلى كان فى منتهى التعب والبهدلة .... .كده برضه يا عمر أهون عليك أسيب البيت وحتى لا يكلف نفسه أن يبقينى أو يتحايل على... .الله يسامحك !! واضح ان الحب اللى كان بيقول لى عليه كله كلام فى كلام .... خلاص أنا كمان لى أهل ياخدوا لى حقى علشان يعرف قيمتى !!

    حتى الآن لا أستطيع تصديق ما حدث سارة تسيب البيت ؟ وليه ده كله ؟ انا مش شايف انى غلطت فى حاجة!! هى اللى قعدت تصرخ زى المجانين وتذلنى كل دقيقة انها بتساعدنى فى البيت دى حاجة خلاص تجنن مش قادر استحمل الذل ده بعد كده لا وكمان تبيعنى وتختار الشغل وتسيب البيت وفاكرانى حاجرى وراها لا خليها ولما تعرف قيمة بيتها وزوجها ح ترجع لوحدها وغصب عنها كمان !!

    عندما وصلت لباب بيت والدى أحسست أنى أفقت من نوبة الجنون التى كانت تتملكنى وكأن انسانة أخرى هى التى كانت تتحدث وتصرخ . أحسست أنى هدأت وأفقت وترددت هل أضرب الجرس أم لا !! معقول طيب أرجع ؟ وحيبقى شكلى ايه امام عمر ؟ طيب ازاى ح أحكى لماما وبابا وأخواتى والدنيا كلها مشاكلى مع عمر بهذه البساطة ؟ بس هو باعنى وغروره منعه انه حتى ينده على !! وانهمرت دموعى ثانية عندما تذكرت هذا ورننت الجرس ....وصرخت أمى عندما رأتنى فى هذا الحال المرعب شاحبة منهكة عيناى مصبوغة بلون الدم ووجهى متورم من كثرة البكاء

    ايه يا سارة يا حبيبتى مالك ؟ فيه حاجة حصلت للبيبى؟

    فقلت فى سرى هو كل الناس بتسأل على البيبى وانا اتحرق ؟ ولم أستطع الرد ودخلت البيت وارتميت على أقرب كرسى وجاء أبى واحتضننى وهو يقرأ على رأسى آيات من القرآن ويهدهدنى كالطفلة الصغيرة .....اه لو يعامل كل رجل زوجته كأنها ابنته لعاشت النساء فى الجنة !! وكأنه علم ما بى بدون أن يسأل فأمر أمى أن تأخذنى غرفتى القديمة لأستريح ....هكذا بدون أن يسألنى سؤال واحد بعكس أمى التى انهالت على أسئلة من ساعة ما دخلت الشقة .....
    ودخلت غرفتى القديمة وأحسست بغربة أول ما دخلتها وللحظة شعرت ببرودة شملتنى واشتقت لدفء شقتى .......كيف أشعر هكذا وهذه هى غرفتى التى ضمتنى لأكثر من عشرين عاما سبحان الله !! وأفقت على صراخ أمى لى :
    - ياسارة وقعتى قلبى قولى ايه اللى حصل ؟ انتى اتخانقتى انتى وعمر ؟

    - ايوة يا ماما وسبت له البيت !!




    فدقت على صدرها بجزع وقالت لى : ليه كده يا بنتى ؟ !! هو فيه واحدة عاقلة تعمل كده ؟ طيب انا متجوزة أبوكى من 25 سنة عمرك شفتينى سبت له البيت ومشيت ؟ هو ده اللى انا عملتهولك ؟

    - فوجئت بموقف أمى المهاجم وكنت أتخيل أنها ستصب جام غضبها على عمر واضطررت أن أحكى لها كل شىء وانتظرت رد فعلها فسكتت طويلا وردت على بهدوء :

    - عاوزة رأيى انتوا الاتنين غلطانين وانتى غلطانة اكتر !!

    فرددت بغضب : ليه بقى يبقى انا عاملة حادثة وبأموت وييجى يزعق لى ويهددنى كمان !!

    اهدى يا سارة يا حبيبتى انا ح أقول لك انتى غلطانة ليه اولا علشان سيبتى بيتك وثانيا لأنك من أول الحمل وانتى عصبية جدا ومش بتطيقى كلمة واحدة فكبرتى الموضوع بدون داعى انا عارفة ان ده غصب عنك بس لازم تهدى شوية وكمان انك كل شوية تقولى له باساعدك باساعدك ودى حاجة تجرح كرامة أى راجل فعند معاكى هو كمان !!

    ياسلام يعنى طلعت انا اللى غلطانة وعمر باشا هو الغلبان المظلوم !

    لا يا ستى هو كمان غلطان انه عند معاكى وانه سابك تنزلى وانتى زعلانة كده بس انا مش عاوزة أتدخل علشان ما أكبرش الموضوع اقعدى ارتاحى شوية وبعدين ارجعى بيتك علشان الموضوع ما يكبرش ....

    فنظرت لها بذهول : ايه أرجع بيتى كمان ؟!! انتى اللى بتقولى كده ياماما ؟!! يعنى عاوزانى أرجعله وكرامتى تتبهدل أكتر من كده ؟ طيب أروح فين يا ربى انتو كمان مش عاوزنى فى بيت أبويا ؟!!

    فنظرت الى أمى باشفاق وكأنها تنظر الى مجنونة وقالت لى بحنان : طيب يا حببيتى ارتاحى شوية وربنا يحلها من عنده ان شاء الله

    - وارتميت فى حضنها وبكيت مرة أخرى ..........

    البيت وحش أوى من غير سارة !! .....أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ليه كل ده ؟ طيب أتصل بيها ؟ لا مش ممكن دى جرحتنى وباعتنى فى لحظة !! وكل شوية تمن على انها بتساعدنى !! أنا مش عارف ايه اللى جرى بس ..... طيب أروح لها بيت والدها ؟ لا ده كده تبقى هى اللى غلطت فى وأهانتنى وكمان أروح أصالحها ؟ ده أنا ماأقدرش أبص فى عينيها تانى !! خلاص هى اللى سابت البيت يبقى هى اللى ترجع له لوحدها !!

    استيقظت من نومى المتقطع لأشعر أنى لم أنم....... وانما كنت أحارب من أحلامى المزعجة التى رأيتها... . وأول ما استيقظت نظرت على الموبيل لأرى هل عمر اتصل بى أم لا ؟ وحزنت عندما لم يحاول الاتصال ولا أرسل حتى رسالة اعتذار!! ما أصعب أن يجرح الرجل كرامة حبيبته والاصعب انتظارها حتى يرد لها كرامتها !!
    ماذا أفعل الآن ؟ ماذا لو لم يأتى عمر لصلحى ؟ هل سأعود وحدى ؟! لا يمكن ...... أخيرا عرفت ماما لم تكن تترك البيت مهما زعلت مع والدى كى لا تضع نفسها فى موقفى المحرج !!
    وخرجت الى الصالة لأجد جميع أفراد أسرتى ينظرون الى باشفاق وخجلت من موقفى وحاول أبى التسرية عنى ومداعبتى ولكنى سمعت صوت أمى عاليا تتحدث تلفونيا فى الصالون فدخلت عليها كالسهم وظننتها تتشاجر مع عمر وياليتها فعلت فقد وجدتها تتحدث مع حماتى !!
    ياللكارثة انقلب الموضوع لحرائق بالطبع !! واضح ان حماتى تسدد كلمات نارية لأمى وانها كالمعتاد تلقى اللوم على !! كده يا عمر لحقت قلت لها ؟!! طيب ما انا كمان قلت لماما اشمعنى هو يعنى اللى حيطلع عاقل ؟ وأخيرا ألقت أمى السماعة بعنف وهى تغلى من الغضب وتقول :

    انا غلطانة اللى كلمتها علشان تهدى الموضوع دى عاوزة تخرب البيت وخلاص .قال وبتقول عليكى انك متدلعة ومش مهتمة ببيتك ولا جوزك !! قال وانا اللى كنت بأقول لك اخزى الشيطان وارجعى بيتك طيب لو البيه ابنها ماجاش يصالحك ويبوس على راسك كمان عمره ما حيشوفك تانى وحيشوف شغله معايا انا !!

    - هو عمر اللى اشتكى لها منى ولا انتى اللى قلتى لها ياماما ؟

    - لا يا ستى انا اللى قلت لها .......هو ما قالش حاجة !!

    فرددت بندم وانا اغالب البكاء : ربنا يخليكى ياماما !!



    - ليه يا ماما


    بس تقولى لأم سارة الكلام ده كله ؟ هو أنا عمرى اشتكيت لك منها ؟


    هو انت من ساعة ما اتجوزت وانت بتحكى لى على حاجة خالص ؟ بقى مراتك تغضب وتسييب البيت وأنا ماأعرفش ؟ وكمان زعلان انى رديت عليهم؟


    - ياماما حضرتك كده كبرتى الموضوع وانتى عارفة سارة قد ايه محترمة وبنت ناس بس هى الحمل اللى تاعب أعصابها شوية ...


    فردت بغضب بالغ من دفاعى عن سارة أنا اللى كبرت الموضوع ؟! والمحترمة بنت الناس اللى سابت بيتها وراحت اشتكتك للناس ما كبرتش الموضوع ؟!



    فلم أستطع الرد عليها وقلت فى سرى (كده يا سارة تصغرينى قدام الكل ؟) : ياماما حقك على بس حضرتك كده خلتينا احنا كمان غلطانين ....وانا دلوقتى مش عارف أعمل ايه ؟


    - فردت بعنف :روح صالح ست الحسن والجمال بتاعتك !! وأغلقت السماعة فى وجهى !!


    لا اله الا الله أعمل ايه أنا دلوقتى فى المصيبة دى ؟!! العيلتين وقعوا فى بعض كل ده من دلعك يا ست سارة !! بس ماما خلتنى لازم أعتذر لها عن كلامها اللى قالته ..كمان لازم ما أوطيش لها علشان تعرف انها هى اللى غلطانة واحاسبها انها طلعت أسرارنا للناس !! طيب أروح ولا ما أروحش ؟


    انا لم أنم لحظة من ساعة ما سابت البيت امبارح !! وكأنها أخذت الحياة معها وتركت البيت قبرا خلاص أنا أعمل كلام ماما ده حجة انى أصالحها (رب ضارة نافعة !) بس برضه حأعرفها أنا مين !!


    كده يا عمر أهون عليك ؟ تسيبنى يوم وليلة كاملين من غير ما تسأل على ولو بالتليفون ؟ وكلام حماتى اللى يحرق الدم !! بس بجد أنا اللى غلطانة أهو دلوقتى حماتى مش طايقانى وماما مش طايقة عمر !!
    انا فعلا اللى غلطانة جدا انى سبت بيتى !! ياما مرت علينا أنا وعمر خناقات أصعب من دى وكنت بأخاصمه شوية وكان دايما هو اللى بيصالحنى حتى لو انا اللى غلطانة !! كويس كده الرمية اللى انا مرمياها دى ؟ طيب لو ركبه العند زيادة حأعمل ايه ؟
    أنا عرفت ليه دلوقتى ليه طاعة الزوج ربنا وصى عليها لدرجة الا تسجد المرأة لمخلوق بعد الله الا لزوجها !! سبحان الله ربنا عمل كده علشان يصون كرامة المرأة وليس الرجل وحده !! بأن يجعلها مصانة فى بيتها ولا تكون ضيفة ثقيلة على الناس وتنشر أسرارها للجميع !! والله أشعر انى عريت نفسى أمام الكل وزوجى هو الوحيد سترى وعزى وكرامتى !!



    حتى الأهل حبهم من النوع المدمر الذى يبحث عن كرامة البنت وليس عن بقاء بيتها ....وأنا كان ممكن أشعر عمر انه غلطان بألف وسيلة وأنا فى بيتى بدون الجنان اللى عملته ده !! هو يعنى البنت قبل الجواز بتسيب بيت والدها لما تزعل ؟ يارب سامحنى لن أفعلها أبدا مهما حدث !!
    واخذت أستغفر الله كثيرا وأدعوه أن يحل هذا الوضع المعقد ... .حتى جاءت اجابة دعائى أسرع مما توقعت !! جاءنى نداء أختى الصغيرة الى مثل نشرة الاخبار :



    أبيه عمر جه يا أبلة سارة وحاطط برفان كتير أوى !!


    فقفزت من السرير وأنا أشعر أن كل جزء فى جسدى يرقص ....يا حبيبى يا عمر ماقدرش على بعدى ....أحمدك يارب !! وغيرت ملابسى بسرعة وغسلت وجهى الذابل من كثرة الدموع وخرجت بسرعة قبل أن تتشاجر معه أمى !!
    خفق قلبى بقوة

    عندما رأيت سارة تدخل الصالون كما كنت أفعل حين أراها أيام الخطوبة !! يا حبيبتى يا سارة واضح انها لم تنم مثلى ووجهها متعب جدا ...لن أغضبك أبدا يا حبيبتى وقطعت حبل أفكارى لأسترد وعيى ولأقول للجميع ما نويت عليه أنا جاى النهاردة علشان أعتذر عن الكلام اللى قالته والدتى ليكم .....وأنا باعتذر بالنيابة عنها لأنى لا أقبل المساس بكرامة سارة لأن كرامتها من كرامتى .... بس أنا جاى علشان كده ..وبعد اذنكم استأذن لأن عندى مشوار مهم !! )

    قفز قلبى بين ضلوعى من الرعب أ لن يصالحنى عمر ؟ طيب وبعدين !!هل سيمشى حقا ؟!! وهمت والدتى أن تلقى عليه مدفعية من العيار الثقيل وما أن فتحت فمها حتى عرف أبى نيتها وعلم أنها ستشعل الوضع فقاطعها بصوت حازم]

    ( ايه يا حاجة مش هتجيبى حاجة للباشمهندس يشربها ولا ايه ؟ )

    ونظر لأمى نظرة نارية جعلها تنسحب فى صمت......
    ثم استأذن هو الآخر ليجرى مكالمة تليفونية طويييييييييييلة !!ربنا يخليك لى يابابا !!
    ونظرت الى عمر من طرف خفى بشوق : آه كم أعشق هذا الرجل ! وكم كبر فى نظرى عندما اعتذر عن كلام والدته السخيف ....أنا فعلا غلطانة غلطانة غلطانة !!
    وأخيرا تكلم عمر ونظر الى بعتاب كبير لم أره من قبل :

    :كويس كده ان الناس بتتفرج علينا ؟ وانتى اشتكتينى للجميع وأنا لم أحكى حتى لأمى ؟!!
    - ..............
    - أنا فعلا غلطان انى زعقت وكبرت الموضوع بس انتى بعتينى وسبتى البيت وانا مش ح انسى ده أبدا !!

    أنا غلطانة فعلا بس أنا متعودة منك أنك تحتوينى وتطبطب على فجأة لقيتك بتهاجمنى وانا ميتة من التعب أتجننت أعمل ايه ؟ ووالدتك كمان قالت كلام رهيب !
    فرد بعصبية :

    - خلاص أنا اعتذرت عن كلامها أعمل ايه تانى ؟ بس لازم تعرفى انى مش ح اسمح بالوضع ده تانى .....لو عاوزة تزعلى منى ابقى اقفلى على نفسك أودة النوم واعتبرى نفسك سبتى البيت مش نفرج علينا الناس كده ؟!

    - فرددت بخجل وقد بدأت دموعى تنساب : خلاص انا كمان غلطت يا عمر!

    فلانت ملامحه برقة وقال لى بحنان :

    طيب ايه لازمة الدموع دى دلوقتى؟ ما تعيطيش علشان ما تتعبيش يا سارة ! وبعدين كده أهون عليكى وتسيبينى لوحدى!!

    فهممت أن أعاتبه ثانية فدخل والدى وهو يبتسم ابتسامة حنون وكأنه سمعنا وقال لى

    يالا يا سارة من غير مطرود قومى البسى هدومك علشان تروحى مع جوزك يا حبيبتى .....ومش عاوزين نشوفكم هنا الا مع بعض مفهوم

    وأخيرا دخلت بيتى وكأنى تركته من عشر سنين !! شعور رائع بالدفء غمرنى عندما أحاطتنى
    أركانه .....كم كنت غريبة خارجه!! لن أتركه ثانية ان شاء الله ...والتفت الى عمر وأنا أتوقع خناقة طويلة أو أوامر لا حصر لها لأنه لم ينطق بكلمة فى السيارة طوال الطريق وشكله ينذر بعاصفة لا حدود لها ....ونظرت له صامتة أنتظر ما سيقوله

    ..وانتظرت طويلا حتى رفع رأسه لى أخيرا وقال لى جملة واحدة بحزم رهيب

    (أنا مش ح أسمح باللى حصل ده انه يتكرر تانى ! ولو مش عاوزة تسمعى كلامى بعد كده فى أى موضوع يبقى مفيش لازمة نكمل مع بعض !!)

    ثم تركنى ودخل غرفته الصغيرة التى تحتوى على سريره القديم وهو شاب ولم يدخل غرفة نومنا !!وذهلت من عبارته لقاسية وارتجفت من القلق لم أتخيله غاضبا الى هذا الحد !! لقد اعتدت منه على الغضب ثم الصفاء السريع ثم يبادر هو لصلحى حتى لو كنت مخطئة !! لقد اعتدت على حنانه حتى تماديت فى عنادى والآن أدفع الثمن !!


    لم أجرؤ ان أدخل وراءه وأناقشه وتركته ليهدأ ....... ودخلت غرفة نومى وحاولت النوم قليلا ولم أستطع فالغرفة بدونه كأنها غرفة فى الاسكيمو !! عرفت الآن لماذا جعل الله الهجر فى المضاجع وسيلة لتأديب الزوجة !!

    ومرت أيام ونحن على هذا الحال لا يكلمنى الا كلمات معدودة ولا ينظر الى عينى وهو يحادثنى آه ما أقساه من عقاب !! وحاولت مرارا أن أفتح معه الموضوع لأشعره أنى أخطأت وانى كنت متوترة من الحمل وانى لن أفشى أسرارنا ثانية أبدا.. بلا جدوى !! كان لا يسمع ويجعلنى أصمت بحزم واضح !! حاولت اثناءه عن النوم فى غرفة أخرى بلا فائدة !! وكان يعود يجدنى متزينة ومتعطرة ولكن كأنى ألبس طاقية الاخفاء !! ماذا أفعل ياربى ؟

    ومازاد المشكلة ان ماما زعلانة منى انى رجعت منزلى دون أن أجعلها ترد لى حقى وتقتل لى عمر وأمه !! وطبعا حماتى لا تتصل أبدا وشعرت انها هى الأخرى زعلانة من عمر ومنى طبعا !! يعنى احنا كده كلنا عاوزين مجلس الأمن يصالحنا مع بعض !!

    لابد أن تعلم سارة انى لا أقبل ان تستهين بى ولابد أن تسمع كلامى !! الظاهر انى دلعتها كتير وهى اتعودت على كده !! لابد من وقفة حتى تستقيم الأمور !! بس كده انا حاسس انى بأقسو عليها جدا !! لا والله لا يمكن تكون قسوة فالرسول صلى الله عليه وسلم اعتزل زوجاته فى المسجد عندما أثقلوا عليه فى أمور الغيرة والاختلافات الصغيرة حتى عادوا الى سابق عهدهم ....بس هى صعبانة على جدا ووحشانى جدا جدا ....لا اجمد ياعمر باشا وكمل دور سى السيد واستحمل النوم على السرير السفارى الجبارذو المرتبة الفولاذية لحد ما ربنا يسهل !!!

    طيب الشغل وأخدت أجازة منه ! وكلام وبأحاول أكلمه ! أعمل ايه تانى ؟! الظاهر انى غلطت لما صالحته خلاص هو حر انا عملت اللى على ....... عاوز يزعل براحته بقى !!

    بس هو حبيبى برضه وبافتكر لما بأكون أنا زعلانة منه بيعمل ايه علشان يصالحنى ....يبقى انا ماأتعبش نفسى شوية علشان أصالح حبيب عمرى؟ امال أتعب نفسى علشان مين ؟ طيب أعمل ايه ؟ واخذت أفكر وانا ألعب على الكومبيوتر لقطع الوقت حتى يأتى عمر ....

    ووقعت عينى على الطابعة وأنا ألعب... وفكرت أن أكتب له جواب اعتذار وأشرح فيه مشاعرى له ....ولكنى وجدت فكرة أفضل....

    أخذت أكتب كلمة أنا آسفة بكل اللغات التى أعرفها : آسفة بالعربى وسورى بالانجليزى وباردون بالفرنساوى و ايوووة حقك علينا يا جدع بالاسكندرانى ومعلهش بالصعيدى !!

    وأخذت أطبع من هذه العبارات الكثير وطبعا لم أنسى أن أكتب عبارات جميلة مثل (والله العظيم باحبك !) ( ما كنتش أعرف انك قاسى كده!! ) (طيب أهون عليك؟)

    وكتبت لوحتين كبيرتين علقت واحدة على باب حجرة نومه الصغيرة التى أكرهها وكتبت عليها ممنوع الدخول !!! والاخرى على باب غرفة نومنا معا وكتبت عليها الاتجاه اجبارى !

    وأخذت أعلق كل هذه الأوراق فى كل مكان .....أكيد حيقول على مجنونة لما يشوف المهرجان ده كله........ بس يمكن الجنان يصلح الشرخ اللى حصل بيننا !!

    وانتظرت عمر طويلا حتى جاء أخيرا وطبعا ذهل من دار النشر اللى أنا عاملاها فى البيت !! ونظر الى وابتسم ابتسامة عريضة لم أرها من أيام طويلة !! فجريت اليه وتعلقت برقبته كالطفلة الصغيرة وهمست فى أذنه ( مش ح اعمل كده تانى ...أنا ماأقدرش أعيش وانت زعلان منى كده !!) وطبعا ضمنى اليه وقد زال كل غضبه وجلسنا وقال أخيرا وهو يبتسم

    - انتى حتفضلى مجنونة كده على طول ؟ كل ده عملتيه علشان تصالحينى ؟ تعبتى نفسك يابنتى !!

    - يعنى انت مش زعلان منى مش كده ؟

    - أنا مقدرش أزعل منك خلاص ...بس لسه فيه نقطة صغيرة ....موضوع الشغل ده انا مش ح أرجع فى كلامى فيه .أنا لا يمكن أعرضك للخطر انتى وابنى تانى ...انتو الاتنين أغلى حاجة عندى اتفقنا ؟

    - وهممت بالاعتراض ولكنى لم أستطع وقلت على مضض: حاضر بس أنا ما اتعودتش على قعدة البيت يا عمر بجد ح أموت من الملل وبعدين حنلاحق على مصاريفنا منين يا حبيبى ؟

    - بصى أنا فكرت فى حل يريحنا كلنا .. بس ادعى ربنا انه يحصل ......فيه واحد عندنا فى الشركة كل شغله انه يرد على العملاء من خلال الايميلات وانه يجرى أبحاث على النت ليحصل على أفضل عروض للشركة من خلال مقارنة مواقع الشركات الثانية بشركتنا .....يعنى كل شغله على الانترنت وكتير ماكانش بييجى ويبعت التقارير دى من البيت .......لأنه بيؤدى المطلوب منه وخلاص لأن وجوده فى الشركة غير ضرورى.....فهو الأيام دى جاى له عقد عمل فى الخليج وبيفكر جديا انه يوافق عليه .....فلو ده حصل ح أحاول أقنع المدير انه يسلم الشغل ده ليكى تعمليه من البيت ......وح أقنعه انك ولا بيل جيتس فى زمانه ......هو صحيح راتبها أقل من مرتبك القديم ......بس ح تترحمى من بهدلة المواصلات ....قولتى ايه ؟ أقول له ولا انتى مش موافقة ؟

    فرددت بفرح كبير : مش موافقة ؟ دى وظيفة تجنن !! بس يارب صاحبك يسافر والمدير بتاعك يوافق....بس مين ح يعلمنى الحواديت دى كلها انا بأعرف أشتغل على الكومبيوتر والنت كويس بس ما أعرفش العملاء والمنافسين والأفلام دى ؟ مين اللى ح يعلمنى ؟

    انا ياحبيبة قلبى ..........



    بدت صالة منزلنا المتواضع مثل ساحة القتال ........

    ولكنه قتال من نوع خاص هذه المرة !! بدأ بنظرات نارية من حماتى لى .... وأعقبها مصمصة للشفتين مدعمة بأسلحة دمار شامل من كلمات موجهة لى تحرق الدم ...لأن عمر صالحنى ولم يستمع اليها !! وعلى الجانب الآخر من الجبهة كانت أمى تحمل الراية وتوجه مدافعها الرشاشة الى عمر هذه المرة لأنه تجرأ وأغضب القطة الوديعة مغمضة العينين اللى هى أنا !!

    وكدت أبكى فى لحظات كثيرة .......وكاد عمر ينفعل فى أوقات أكثر ولكننا أخذنا عهد على أنفسنا قبل أن نعزم الأسرتين على العشاء ...أننا نبتغى رضا الله من رضاهم وسنستحمل أى كلمة أو غضب من أحد الطرفين حتى نمتص شحنة الانفعال التى تسكن الصدور وتعود الأمور الى طبيعتها الأولى .....

    وكنت عندما أرى الأمور ستشتعل بين ماما وحماتى أبادر عن الحديث عن البيبى وكيف أن الحمل متعب جدا وأنى أنام كثيرا جدا ولا أطيق الأكل .......ولكن للأسف كان هذا يأتى بنتيجة عكسية بالطبع مع حماتى لأنى باتدلع على ابنها ....فيغمزنى عمر عندما ينقلب وجه أمه من كلامى وكأنه يقول لى ( جيتى تكحليها عميتيها !!)

    ياااااااساتر أخيرا عدت السهرة على خير.. دى ولا مفاوضات اسرائيل !! بس كنا يعنى حنعمل ايه ؟ حنسيبهم زعلانين مننا ؟ المهم انهم نزلوا هاديين وأفضل من الأول ...بعد ما فرغوا كل شحنة النكد والعتاب علينا أنا وسارة .....بس الحمد لله انهم كده راضيين عننا علشان ربنا يرضى عننا ..وأحلى حاجة عجبتنى موقف الرجال (والدى وحمايا ) من الحدوتة أخذوا ركن وقعدوا يلعبوا طاولة وكل واحد ساب مراته تفرغ قنابلها علينا حتى ترتاح !! واضح ان القنابل دى كانت بتنزل على دماغهم هم فحبوا يرتاحوا شوية من النكد !!

    ياااااااااااه ده انا نمت كتير اوى .....السهرة امبارح امتصت كل طاقتى فى الاحتمال هم نزلوا من هنا ونمت فورا بدون مقدمات ..... واضح ان عمر نزل الشغل من غير ما يصحينى وتخلى عن فطاره المتين !! موضوع الحمل ده جه على حساب عمر وهو كمان حنين جدا وخايف على انى أتعب نفسى فى اى حاجة وانا طبعا ما صدقت !! سايقة الدلع على الآخر بأستغل الفرصة لآخر نقطة ....أف دى ريحتها مش حلوة شيلها بسرعة ..... لا مش قادرة أطبخ النهاردة هات أكل معاك ..... سوق بالراحة علشان البيبى .....مزاجى مش رايق عاوزة أخرج حالا ....نفسى فى أم الخلول دلوقتى !!

    والغريبة انه مش متضايق ومحسسنى انى ح أخلف صلاح الدين الأيوبى ولا قطز !! وعاطفته ناحيتى أصبحت أعمق وأهدأ بيتكلم عنى وكأنى لست فرد واحد بل عائلته كلها .....اللهم اجمعنا سويا على حبك ولا تفرقنا أبدا .....

    ساعة ما سارة سابت الشغل والمصاريف بقت نار ولسه المدير لم يعطى رأى نهائى فى موضوع وظيفة الرد على العملاء من خلال النت ولسه متخوف من الفكرة .....يارب يوافق علشان يحل أزمتنا دى يارب ....... .وخلاص تعبت من فكرة الاقتراض من والدى ....أمتى بقى أقدر أعتمد على نفسى وما أحتاجش لحد تانى ؟ يارب افتح لنا أبواب رزقك الحلال وأغننا من حلالك .......

    رأيت فكرة مشروع ممتاز على النت ....يطلبون تصميم هندسى لمدينة ألعاب ترفيهية تعليمية للأطفال .....وصاحب أفضل تصميم سيأخذ مكافأة سخية وأيضا سيعين المستشار الهندسى للشركة وهى شركة مقاولات متعددة الجنسيات وراتبها أضعاف ما يتقاضاه عمر

    ......عرضت عليه الفكرة فعجبته جدا وأمضى ساعات على موقع الشركة وهو متحمس جدا لاقترابه من حلمه بالخروج من دوامة عمله الروتينى الى دائرة الابداع التى يتمناها وكان مميز جدا بها فى كليته ولا تتيحها له شركته .....وكان يقضى الساعات يشرح لى أفكار المشروع وأحلامه لو أخذوه هو فى هذه الوظيفة الرائعة وكيف ستتحول حياتنا الى شىء آخر .....

    وفجأة وجدته فقد حماسه وانكسر ... ولا يتحدث فى الموضوع ولا يدخل الى موقع الشركة وعندما سألته عما حدث ...أجابنى باحباط :

    - خلاص يا سارة واضح ان الموضوع ده مش لينا .....

    - ليه يابنى التشاؤم ده ؟ ايه اللى حصل ده انت كنت متحمس جدا

    لما حسبتها لقيت انهم عاوزين تأمين لدخول المشروع حوالى 5 آلاف جنية وكمان انا ح أحتاج معدات تصميم وأدوات ومراجع بمبلغ كبير حنجيب ده كله منين ؟

    - ياسيدى ربنا يحلها من عنده بس بلاش الاحباط ده كله ......

    - فرد بيأس واستسلام : وبعدين ياستى يعنى هم ح يسيبوا كل الناس اللى متقدمين وياخدونى انا ؟ يعنى أنا أزيد ايه عنهم ؟

    - فرددت بحماس : انت تزيد عنهم انك عبقرى وحساس وبتشوف الاشياء بمنظور خاص بيك وانت بنفسك ياما قلت لى ان زمايلك ومديرك نفسك قالوا ان تصميماتك عبقرية بس محتاجة تمويل كبير .......وبعدين هو اى واحد من الناس الكبار ابتدأ حياته ازاى ؟ ماهو أكيد كان صغير زيك كده بس عنده ثقة فى موهبته فكبر بيها ...انت مش عارف قيمة نفسك يا باشمهندس ولا ايه ؟

    - فانتقل الحماس اليه شيئا فشيئا ورد وقال :ياستى ربنا يكرمك بس انا حآجى ايه جنب كل الناس اللى حتقدم دى ؟ مش معقول ح ياخدونى انا !!

    أهى هى دى محبطات الأعمال اللى الرسول عليه الصلاة والسلام استعاذ منها .....ياسيدى اعمل اللى عليك واجتهد والتوفيق على الله وليس عليك ....وبعدين نسيت سلاح ساحر اسمه الدعاء ؟ يخليك تهزم اى حد قدامك وتنتصر عليه كمان .

    - فانتقل اليه الحماس والثقة بنفسه وتلون صوته بالأمل ولمعت عيناه وهو يقول يعنى انتى شايفة كده ؟
    فرددت بثقة فى الله : ما تخافش ربنا ح يحلها من عنده !!-

    وفى الصباح بعد ما ذهب عمر على عمله ذهبت فى مشوار سرى الى الجواهرجى وبعت كل شبكتى وذهبى قبل أن أتزوج ولم أترك الا دبلة زواجى لأن عليها اسم عمر ! يارب المبلغ ده يكفى المشروع أكيد عمر حيرفض فى البداية بس حاأحاول أقنعه بس يارب ما يعملهاش مشكلة !!

    وفى طريق عودتى أخذت جزء بسيط من المبلغ واشتريت به لحم ودجاج وخضار وفاكهة يعوضنا عن حياة القحط التى نعيشها منذ تركت عملى ....سأعد لعمر وليمة اليوم !!

    وعندما دخل عمر البيت وشم رائحة اللحم الشهى ظن انه أخطأ العنوان لأنه ترك البيت وليس به الا معلبات !! ثم عندما تأكد من العنوان صرخ مثل طرزان وقال: فى بيتنا لحمة يارجالة !!جبتى منين الممنوعات دى يا مدام ؟

    فبلعت ريقى وانا اتمتم بالمعوذتين فى سرى وأخذته لغرفة النوم ليغير ملابسه أولا وهمست له : مش ح أقول لك الا لما تقول لى مبروك الأول ....

    - فرد باستخفاف : مبروك يا ستى انتى حامل تانى ولا ايه ؟!

    - يا غلاستك ! لا ياسيدى ح أدخل مشروع كبير اوى مكسبه مضمون جدا

    فرد بغضب : عاوزة تشتغلى تانى ياسارة ؟

    - فرددت بدلال : لا ياسيدى انت اللى حتشتغل عندى !!

    فعقد جبينه وتململ : سارة انا تعبان ومش رايق للحواديت دى قولى فيه ايه !

    - فبلعت ريقى بصعوبة :طيب أنا ح أقول لك بس اهدأ كده وفكر الأول قبل ما ترد.....بص ياحبيبى انا بعت كل دهبى علشان أوفرلك الفلوس اللى انت محتاجها للمشروع بتاعك.......

    - فصرخ بعنف وقد تطايرت كلمات الغضب منه : اييييييييييه ؟!! عملتى ايه ؟ ازاى تعملى كده قبل ما تستأذنينى ؟ انتى بتهرجى ؟

    فوضعت يدى على فمه واستحلفته ان يتركنى أشرح له : هو انا عمرى عملت حاجة من غير ما أستأذنك يا عمر ؟ بس دى ما كنتش حتوافق أبدا ! بس كان لازم واحد فينا يتحرك قبل ما الفرصة تضيع مننا .......وانا ياسيدى مش لازمنى الذهب ده فى حاجة دلوقتى وبكرة لما ربنا يفرجها عليك تجيب لى الماظ بداله يا سيدى .......

    - فرد بعصبية : برضه كان لازم تستأذنينى الأول....

    - حقك على .. أنا آسفة ...بس انا كمان عاوزة حياتنا تتغير وعاوزاك تكبر .......وياسيدى لو كنا جينا من برة مرة لقينا الشقة اتسرقت وفيها كل ذهبى كنا ح نعمل ايه يعنى ؟ مش ح نستعوض الله وخلاص ؟ اعتبره اتسرق ولا ضاع وخلاص.....

    - فرد بعناد : بس انا كرامتى ما تسمحش انى آخد فلوس من واحدة ست !!

    فحككت رأسى علامة التفكير : ياااااااربى انا شفت الفيلم ده فين قبل كده ؟؟!! فى أى سينما ؟! ست مين يا بنى ؟ ده أنا مراتك والخير اللى حييجى لك ح ييجى لى أنا كمان وبعدين ماهى السيدة خديجة كانت بتساند الرسول عليه الصلاة والسلام بمالها....انت يعنى أحسن منه ؟!

    - فهدأ ولان لمنطقى وقال بانكسار : لا طبعا ....بس دى تضحية كبيرة منك ياسارة وأخاف أخذلك .....

    - ولا تضحية ولا حاجة هو احنا لما نبنى حياتنا نبقى بنضحى ؟ وبعدين أنا مؤمنة بموهبتك جدا جدا جدا وعندى يقين ان ربنا ح يكرمك بس انت يالا أبدأ وبلاش كسل.......

    -فأشرق وجهه بالأمل والحب معا وهو يضمنى اليه ويقول : جميلك ده طوق فى رقبتى ..... ربنا يقدرنى ويوفقنى علشان خاطرك انتى يا حبيبتى .................

    أخيرا استلمت عملى الجديد .....

    بعد طول الحاح من عمر على مديره وبعد ان وافق المدير مقابل تخفيض جزء من الراتب لأنى لن أحضر وسأعمل من البيت ..... لكن مش مهم ....عندما أحسب تكاليف المواصلات والشاى والقهوة الخ الخ التى كنت أصرفها فى عملى القديم أجد انى انا الكسبانة .......ولكن العمل ليس سهلا كما كنت أتخيل فهو يتطلب يقظة دائمة ولباقة كبيرة فى طريقة الكتابة والتعامل مع العملاء ....

    وكنت أظن انى سأستيقظ كما يحلو لى وأعمل وقت ما أريد ...ولكنى أيميلى الذى صنعته خصيصا للعمل مفتوح دائما على ايميل مدير المشروع ليرسل لى الأوامر كل لحظة .....وكان فى البداية يكتب لى فى كلمات مختصرة ماذا أفعل ( أرسلى فاكس العمرانية ولا تنسى كذا وذكريهم بكذا وموعد كذا ) وبعد مرور شهر واحد فقط أصبح يخاطبنى بالكلمات فقط ( فاكس العمرانية ) ثم ينهى المحادثة !! خايفة بعد مرور شهر كمان يرسل لى رموز ( ظ ) يعنى عملاء السلام !! و (ق ) يعنى عملاء المريخ !!

    لكنى سعيدة جدا بهذا العمل وقادرة على القيام بأعمال منزلى فى نفس الوقت فأكون بأسلق اللحمة وأنا بابعت الفاكسات وبأقشر البطاطس وأنا بأرسل بالعروض للعملاء !! وكمان خفف قليلا من ضغط المصروفات علينا .......وخصوصا أن عمر حالته النفسية والمزاجية صعبة جدا بسبب المشروع الذى يصممه !!

    (أنا اللى جبت ده كله لنفسى !!) تدور هذه العبارة دائما فى بالى وأنا أعمل فى التصميم الخاص بالمسابقة ...لماذا أدخلت نفسى فى هذه المشكلة ؟ ماذا لو لم ينجح التصميم ؟ أكون ضيعت ذهب سارة وتحويشة العمربلا جدوى ؟

    هذه الفكرة عندما أصل لها أكاد أصاب بالجنون وتجعلنى فى غاية العصبية والمسكينة سارة تقابل كل نوبات غضبى وعصبيتى الرهيبة بالهدوء والاحتمال ولا تكاد تمل من التشجيع ولا يتوقف أملها أبدا ......آه لو أرى الدنيا بنظرتها الطفولية المتفائلة سأفعل المستحيل ....ولكن علمى بظروف التعاملات التجارية تجعلنى أشك فى انهم سيختارونى أنا وسيأخذون أحد الأسماء اللامعة مسبقا .......

    عندما أصل لهذه النقطة أكاد أبكى مثل الأطفال وأترك كل العمل وأنزوى وحدى .....ولكن ملاكى الحارس تأتينى لتمسح عنى كل الاكتئاب واليأس وتبث فى روح جديدة خلاقة تجعلنى أعمل من جديد ... علمت الآن لماذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستعيذ من عجز الرجال !! وكنت أتعجب من علاقتها ببقية الدعاء ...ان هذا العجز أصعب من كل شىء ....يارب لا تخذلنى ولا تكلنى الى نفسى طرفة عين .....أنت وكيلى يارب وأعلم انك لن تضيعنى ......

    أنا اللى جبت ده كله لنفسى !!) أتذكر هذه العبارة كلما هم عمر بالقاء كوب شاى فى وجهى اذا دخلت عليه وهو يعمل ! أو وصوته يهدر كالرعد عندما يجد الملح ناقص فى الطعام بعض الشىء !!
    فأغلى من داخلى ولكنى لا استطيع أن أظهر غضبى منه بل بالعكس أهدئه وأضحك معه بأن المرة القادمة ينبهنى قبل أن تنفجر القنابل فى صوته كى أغلق الشبابيك أولا !! فيهدأ ويعتذر عن توتره الرهيب ....ولكنى أخشى عليه من كل هذا ..... وأعلم ان الرجال لا يستطيعون التركيز فى أكثر من شىء عكس النساء .......ولكنى أحيانا أستسلم لليأس أنا الأخرى ولكنى لا أشعره به أبدا بل أشعره انه أفضل مهندس فى العالم وتصميمه ح يكسر الدنيا ......

    والمشكلة انى أحمل كل هذا الجبل من المسئولية وحدى فلم نخبر أى من الأسرتين بهذا الموضوع كى لا يضغطون على أعصاب عمر ويتهمونه بتبديد مدخراتى !! وحتى أمى لاحظت انى لا أرتدى سوى دبلة زواجى فسألتنى عدة مرات عن ذهبى فكنت أرد بمزاح ( هو لسه فيه حد ياماما بيلبس دهب ؟! ده بقى مش ستايل خالص !!) وكانت تبتلع اجاباتى مضطرة وتنظر لى نظرة ذات مغزى وكأنها تعلم كل شىء ........يارب كن معنا نحن ضعاف وانت قوتنا ...نحن خائفون وانت ملاذنا ........نحن صغار وانت وكيلنا ....... --

    - سارة .. سارة... سارة الحقى يا سارة تعالى بسرعة !!

    - قمت من مكانى منتفضة على صوت عمر المدوى والذى يرقص من الفرح وأنا أتساءل : خير خير ....فيه ايه يا حبيبى؟

    - كلمت سكرتير الشركة الجديدة لأطمئن على الأحوال فبشرنى انهم نظرا لضخامة المشروع سيأخذون أفضل ثلاثة تصاميم وليس تصميم واحد !!

    فرقصت من الفرحة وانا أصرخ : بجد ؟!! الحمد لله .....الحمد لله كده فرصتك بقت كبيرة أوى ياعمر .... يالا شد حيلك وبلاش كسل

    فقال بصوت ينفجر حماسة :أيوة فعلا مفيش وقت خلاص .....والله ياسارة مش عارف من غيرك كنت ح أكمل ازاى .....لو كنت لوحدى كان زمانى يئست وسبت الموضوع كله .....ربنا يخليكى لى .....انتى استحملتينى كتير اوى

    فرددت بفخر : بس خليك فاكرها !! يابنى انت مستهين بناس ربنا وكيلهم ؟ ازاى يعنى ؟ وبعدين انت بجد عبقرى وبكرة تقول سارة قالت ........

    - فهمس لى بنظرة ذات معنى : بجد ؟ يعنى انتى شايفة كده ؟

    ففهمت ماذا يقصد وقلت له بلهجة آمرة : يالا يا سيدى مفيش وقت للدلع عاوزاك تشتغل زى النار ...يالا انت لسه قاعد ؟ ايه الرجالة اللى ما بتسمعش الكلام دى ؟ ولا عاوزنى أزعق لك قدام ابنك ؟
    - فوضع يدى على بطنى المنتفخة وكأنه يشرك ابننا فى الحديث معه :والله انتوا الاتنين وش الخير على وانا حأعمل المستحيل علشان أسعدكم ...

    وتركنى وانصرف لعمله وتلمست بطنى كأنى ألمس صغيرى وأعتذر له أنى أنشغلت عنه....وأخذت أناجيه وأحكى له عن كل ما يشغلنى و كل ماأشعر به تجاهه كما أفعل دائما وكيف لا وهو يشاركنى نبضى ؟ ....ترى يا صغيرى ماذا سيكتب لنا الله ؟ هل سنحقق نجاحا كأسرة ونحقق احلامنا ؟ أم..................... ؟


    دخلت فى شهرى التاسع

    أصعب شهور الحمل على الاطلاق وأخبرنا الطبيب أنى حامل فى ذكر ........ انتفخ جسدى وتورمت قدماى وأصبحت أسير بصعوبة من ثقل الجنين .......سبحان الله هل لابد من كل هذا العذاب كى تشعر الأم بغلو أبنها؟

    أعتقد هذا هو السبب أتخيل لولم يكن هناك حمل وتعب رهيب وتذهبت الأم الى المستشفى وبعملية بسيطة مثل اللوز مثلا تستيقظ لتجد ابنها بجوارها أكيد لن يعجبها وستصرخ فى الطبيب ( ايه ده ؟ ماله أسمر كده ؟ لا شوف لى واحد مقلم !! ) لكن عندما ينمو بجوار قلبها يوما بعد يوم ويشاركها الأنفاس والطعام والنبض والنوم وكل شىء.....أكيد لو خيروها بينه وبين عيونها لاختارته .....

    ويارب صبرنى على هذا الجهد فلا أكاد آكل أى شىء الا وشعرت بنار داخل جوفى تحتاج المطافى من ضغط البيبى على المعدة..... ولا أستطيع النوم على ظهرى الا وشعرت بأنفاسى تكاد تختنق من ضغطه على الرئتين .......ولا أستطيع المشى الا وأشعر ان قدماى المنتفختان تئن من ضغط الباشا عليهما !! طيب أروح فين يارب من هذا الاحتلال لكل جسدى ؟ ولكنه أجمل احتلال ......

    أووووووووووف أخيرا سلمت المشروع والنتيجة بعد أيام .....أشعر مثل طلاب الثانوية العامة الذين ينتظرون نتيجة الفيزياء !! يارب يعدى الأيام دى على خير . أنا متفائل أن لجنة التحكيم من الأجانب الذين لا مصالح ولا مجاملات لهم فى هذا البلد .........فقط الجودة والاتقان هما اللذان سيحددان النتيجة ........ياااااه لو اختاروا مشروعى أنا سأفعل المعجزات .... سأتصدق بمال كثير و أعمل صدقة جارية لينا لكنا .....وسأعوض سارة كل ذهبها الذى باعته وأكثر كمان وسأشترى لها هدية رائعة على صبرها معى .......وبعد الولادة سآخذها هى والبيبى فى رحلة فى جنوب سيناء لأعوضها الضغط الذى عاشته معى ونعيش شهر عسل جديد ....وسأشترى هدايا لأبى وأمى ...طيب وشركتى القديمة هل سأستقيل منها أم آخذ أجازة فقط حتى تستقر الأمور ؟ يااااه معقول كل حياتى تتغير بهذا الشكل ؟ يارب كن معى ولا تخذلنى أمام أهلى وأمام نفسى يارب يارب .....

    هل مفروض الأم تكون وجدت كنز سليمان قبل أن تشترى لوازم المولود ؟ ما هذا الغلاء الفاحش ؟ معقول ببرونة من ماركة معينة تتجاوز ثمنها 50 جنية ؟ وأقل بطانية ب70 جنية ؟ وأنا كنت فاكرة الجمعية اللى عملتها من مرتبى ( وطبعا قبضتها الأول!! ) ستكفى وتفيض !!لا وأنا كنت متخيلة أن الأشياء التى أشتريتها طوال الحمل للبيبى هى الأساس وباقى أشياء لا تذكر .........

    .......ولكن أتضح انى كنت أشترى تبع اعلانات التليفزيون !!.......شاور علشان حمام البيبى .......لوشن مرطب لبشرته الرقيقة ....أيس كاب لشعره .....والحمد لله أنى اشتريت كام فانلة وسالوبيتين علشان الواحد يقول الحق ....كنت أظن انى أشتريت أغلب الأشياء حتى كلمتنى أمى فى التليفون وسألتنى عما اشتريته للمولود فرديت بمنتهى الثقة :

    - خلاص ياماما .....كله تمام فاضل حاجات بسيطة أوى !

    - ربنا يقومك بالسلامة يا حبيبتى .....طيب اشتريتى 12 فانلة نص كم و12 بكم ؟

    فرددت باستغراب : ليه يا ماما ؟ أنا جبت 3 كت بس !!

    - فردت بجزع : تلاتة ! ده طول النهار حيغير هدومه ....وكمان كت
    يا مفترية فى البرد ده ؟ طيب جبتى الشايات ؟

    - فصرخت : مين يا فندم ؟ يعنى ايه الكلمة دى ؟ بتوع ايه أنا لو أعرف أقول على طول يابيه ؟

    - فردت بتأفف : دول بيتلبسوا تحت الهدوم علشان يدفوا صدره يا ستى .....طيب جبتى البافتات ؟ وقبل ما تسألى دول علشان لو رجع بعد الرضاعة ولا حاجة .؟

    وأحسست بدوار شديد وخوف من التوبيخ الذى سأسمعه حالا فألقيت باجابتى وبعدت السماعة عن أذنى كى لا أسمع : لا أن شاء الله مش ح يرجع ياماما ..وبعدين ممكن أستعمل كلينكس ولا حاجة !!

    - ........................ (محذوف للرقابة )

    فخفت على أمى من الذبحة المتوقعة التى ستصيبها من ردودى : فقلت لها ياماما هو أنا عندى عشر عيال ح أعرف الكلام الغريب ده منين؟ قولى لى أشترى ايه وأنا أكتبه وأجيبه يالا قولى ....

    - فأخذت أمى ترص قائمة طويلة عريضة بها ألف طلب وطلب وكأنى سألد حضانة وليس طفلا واحدا ....... وأنا أكاد أبكى من كل هذه الكوارث .....ياترى لو بعت أودة السفرة سيكفى ثمنها ؟ والغريب أنها لم تذكر اللوشن المرطب ولا الآيس كاب اللذين أشتريتهم بالفعل !!

    - فحاولت أن أنهى المكالمة بانتصار على أمى أنها نسيت شيئا هاما جدا وقلت بمنتهى الثقة والفخر : نسيتى ياماما أهم حاجة أنا بقى ما نسيتهمش واشتريتهم فعلا .....اللوشن والآيس كاب !!

    - فبدأت أعراض الذبحة تظهر عليها وقالت لى بصوت واهن

    اقفلى يا سارة السكة قبل ما أقفل فى وشك أنا !!

    استيقظت من نوم متقطع بعد العصر بقليل وخرجت لأكمل ختمة القرآن التى بدأتها كى لا تفاجئنى الولادة قبل أن أنهيها .....لأجد منظر غريب طار له قلبى ..............

    وجدت عمر نائما على كنبة الصالة بكامل ملابسه حتى بالحذاء ؟ ويخفى وجهه بين يديه باحكام ..والظلام يحيط به من كل جانب فأضأت الأنوار وتلمست جبينه لأجده غارقا فى عرقه وليس نائما كما ظننت .....ولكنه شارد النظرات لا يريد أن ينظر الى ....فجذبت وجهه الى وصرخت فى جزع :

    - عمر انت تعبان ؟ مالك فيه ايه ؟ أنت كويس ؟!

    -..................

    - ياعمر رد على أرجوك فيه ايه أنا أول مرة أشوفك كده فيه أيه ؟

    - فرد بصوت واهن لا يكاد يسمع :نتيجة المشروع ظهرت ..........

    - ففهمت كل شىء بدون أن يكمل وفهمت أنهم لم يختاروا مشروعه فسقط قلبى فى قدمى ومادت الدنيا بى ........ ولكنى تماسكت ولم أنفجر فى البكاء كما كنت أتمنى ....وأجتهدت أن أخرج صوتى طبيعى وأنا أكمل اجابته : وما اختاروش مشروعك مش كده ؟ طيب وفيها أيه ؟ ماهو الاحتمال ده كنا متوقعينه برضه ؟ أيه المشكلة ؟

    -- فرد على عمر وكأنه كهل عجوز يحمل الدنيا فوق كتفيه : ايه المشكلة ؟ ايه البساطة دى ؟ المشكلة أننا خسرنا كل حاجة .....انتى خسرتى كل ذهبك وانا خسرت ثقتى فى نفسى وشكلى أمام الكل وخسرتك معايا كل حاجة .......

    فرددت بمرح : الكل مين يا بنى ؟ أنا بس اللى عارفة الموضوع ده ....وبعدين تفتكر شكلك ح يتهز قدامى من محاولة خسرتها ؟! ده انت الدنيا ومافيها يا حبيبى وفداك دهب العلم كله .......

    - فلم يستطع النظر الى عينى وأشاح وجهه عنى كى لا أرى دموع عينيه

    أرجوكى يا سارة انتى بتزودى احساسى بالذنب بكلامك ده .......أنا خذلتك وضيعت كل حاجة ........وربنا يقدرنى وأعوضك ..أنا آسف آسف آسف ........

    فأخذت أقرأ آيات القرآن على جبينه كى يهدأ .....وأنا أطلب من الله القوة والعون كى لا أنهار مثله .....من يقول على المرأة أنها أضعف من الرجل ؟! انها مطلوب منها أن تكون زوجته وحبيبته وأخته وصديقته وأمه أيضا .....فهدانى الله لفكرة ممكن أن تهدئه قليلا فقلت له :

    - ياريت كل الخسارة تكون فى الفلوس ....تخيل لو أنك حصل لك حاجة حنعمل ايه أنا وابنك فى الدنيا ؟ ربنا يخليك لنا ألف سنة ....أنت لسه بكامل صحتك وفى عز شبابك وتستطيع فعل المعجزات تخيل لو فقدت هذه الصحة وكسبت المشروع ؟ أيهم سيسعدك أكثر ؟

    فهدأ قليلا لكلامى ولكنه رد بألم وقال لى أنا آسف ياسارة ....ولكنك لا تعرفين أحساس الرجل عندما يشعر أنه صغير فى عين من يحب .....كان نفسى أفرحك والله

    فرددت بمكروبحزن مفتعل : طيب يا عمر أنا ما كنتش عاوزة أقول لك بس خلاص بقى ..الحقيقة الدكتور قال لى أن البيبى ممكن تكون فيه تشوهات .........

    - فنسى كل شىء وصرخ بلهفة : ايه بتقولى ايه ؟؟ لا اله الا الله

    فضحكت لنجاح خطتى وقلت له : ضحكت عليك الولد كويس وزى العفريت ومطلع عينى يا سيدى .....شفت بقى ان المشروع ممكن يتعوض وفيه حاجات تانية لا يمكن تتعوض ؟

    فرد بايمان : الحمد لله .......فعلا الشيطان ينسينا النعم الكثيرة التى ننعم بها ويذكرنا فقط بما فقدنا ....ربنا يخليكى لى انتى ويحيى......

    - فرددت باستغراب : مينيحيى ده يا باشا ؟

    ايه رأيك فى الاسم ده ؟ ؟
    مش عارف الاسم ده جه على بالى
    وحسيت ان ابننا لازم يكون اسمه يحيى
    ايه رايك يا حبيبتى؟؟

    - خلاص موافقة يا أبويحيى ................


    استيقظت من نومى وأنا أعانى من الام

    متفرقة فى كل جسدى تقريبا لم أنم طوال الليل ..ظللت أتقلب ولم أستطع النوم الا لدقائق معدودة كما هو حالى من عدة أيام وأبكى فى كل حركة من ثقل جسدى حتى انى كل يوم اتمنى ان ألد فى نفس اليوم لأتخلص من هذا العذاب ...
    .سبحان الله وكأن التعب يزداد فى الأيام الأخيرة كى تتغلب الأم على خوفها من الولادة وتتمناها أن تحدث .......آه أكاد أموت من الرعب عندما أتخيل هذه الساعات وأقرأ دوما سورة الزلزلة وبعض آيات الرعد وفاطر التى تساعد على تيسير الولادة كما قالوا لى ....

    ولا ترحمنى أى واحدة من قريباتى عندما أخبرها بخوفى من الولادة بل تقص على قصص مرعبة عن أنها كادت تموت والأخرى التى تمزقت من الألم لساعات طويلة .....والثالثة التى كادت تقتل الطبيب والممرضات ..... ايه يا جماعة الرعب ده ؟ طيب أعمل ايه يعنى أفضل حامل على طول ولا أعمل ايه ؟.......... ايه ده عمر بيصرخ كده ليه ؟

    - سارة سارة سارة .........تعالى بسرعة !!

    - هرولت اليه ولكن بسرعة السلحفاة طبعا وانا اهتف : مالك يا عمر خير ؟

    - أنا مش مصدق نفسى يا سارة بجد مش مصدق .......

    - ايه يا عمر فيه أيه أنا ولدت وأنا مش واخدة بالى ؟

    - فأجاب وقلبه يكاد يتوقف من الفرحة : لا فاكرة الشركة اللى صممت لها المشروع ؟ ولم يختاروه ؟

    - فرددت بتململ وأنا أخشى من فتح هذا الموضوع : مالها ؟ عاوزين ايه ؟

    - اتصلوا بى وقالوا ان فيه مقابلة النهاردة الساعة 6 مساء لأصحاب التصميمات المتميزة اللى ما فازتش لأختيار مهندسين للتعيين فى الشركة بمرتب كبير .....

    - فنسيت تعبى وارهاقى وهتفت : بجد ؟ الحمد لله ...ودى فيها مميزات أحسن من شركتك ؟

    انتى بتهرجى مفيش مقارنة طبعا دى ضعف الراتب وأكثر... وكمان بالدولار والأهم من كده ان نظام الترقية فيها زى كل الشركات متعددة الجنسيات بالمجهود مش بالأقدمية زى عندنا..... يعنى ممكن فى خلال شهور أكون مدير تنفيذى مثلا ...بجد مش مصدق نفسى ... أدعى لى يا وش الخير ....

    - ربنا يكرمك ويوفقك .....ان الله لايضيع أجر من أحسن عملا .......ان شاء الله حيختاروك ده رزق احمد مش وشى أنا ...يالا قوم صلى ركعتين قضاء حاجة لله قبل ما تروح واتكل على الله ......ربنا وكيلك ومش ح يضيعك أبدا .......

    وانصرف ليصلى ويستعد للخروج وأنا أدعو الله له ..... وفجأة شعرت بضربة ألم حادة تشمل جسدى كله وتتركز فى منطقة الرحم وكاد توازنى أن يختل من شدة الألم المفاجىء واستمر دقائق مرت على كساعات ثم اختفى تدريجيا وأنا لا أكاد أستطيع التنفس من شدة الألم حتى بعد ذهابه ....

    وحاولت تناسيه بأن ذهبت لأصلى خلف عمرجماعة كى ندعو الله سويا أن يكرمنا ويكتب لنا الخير ...وأطال عمر الدعاء بعد الركوع وأنا أؤمن على دعاؤه بكل ذرة فى كيانى .... ثم سجدنا .......وجاء الألم العاصف مرة أخرى وأنا ساجدة .........ياالله جسدى يتمزق ولا أقوى حتى على رفع رأسى وكتمت صرخة ألم كادت تفلت منى ودعوت الله وأنا أبكى وأشعر أنى ضئيلة ولا أقوى على شىء أمام جند صغير من جنود الجبار ألا وهو الألم .......

    ولا أعرف كيف نطقت التشهد الأخيرولكن الألم بدأ فى الاختفاء عند نهاية الصلاة .......واستدار عمر الى وفزع من شحوب وجهى الرهيب والعرق المتناثر على وجهى وسألنى بجزع : مالك يا حبيبتى ؟ انتى تعبانة؟ بتولدى ولا ايه ؟

    - ولم أشأ أن أخبره كى لا يضيع فرصة عمره ويبقى بجوارى : لا يا عمر ده السجود بس بيتعبنى اوى .......بعد كده ح أصلى وأنا قاعدة .....يالا قوم استعد واتكل على الله

    - أرجوكى ياسارة لو تعبانة قولى وأنا أسيب مواعيد الدنيا علشانك

    - فحاولت الابتسام وانا أرد عليه: يالا بلاش دلع لسه اسبوع كامل على ميعاد الولادة انا كويسة خالص وحأدخل أنام كمان .......

    فصدقنى وانصرف وأنا أدعو له



    وما كاد يغلق الباب وراءه حتى عاد الوحش ثانية و انهمرت دموعى وكدت أتخلى عن شجاعتى المؤقتة وأناديه كى لا يتركنى وحيدة وهذا الألم يفتت كل ذرة فى جسدى ..........وكتمت أنفاسى فى وسادة وصرخت بكل قوتى من شدة الألم .......


    وانتظرت حتى اختفى وكلمت أمى وأنا أبكى وقبل أن أشرح لها أى شىء فهمت أنى ألد وأخبرتنى أنها ستأتى على الفور مع أبى وطلبت منى أن أبدل ملابسى وأحضر حقيبة المولود وأستعد للذهاب الى المستشفى أول ما يصلون .......

    وجريت قبل أن يأتى الاعصار مرة أخرى وبدلت ملابسى وكنت جهزت حقيبة احمد من قبل ولم أنس الآيس كاب واللوشن !!........ .آه لا أستطيع حتى الابتسام ...أين أنت يا عمر كى أحتمى بك من الزلزال الذى يأتينى بلا رحمة ....

    اين انتى يا سارة ...ياليتك كنتى معى ......دقائق الانتظار قاتلة والجميع يبدو على وجوههم علامات القلق الشديد ولكن العدد ليس كبير .... يارب يارب يارب


    وأخيييييرا وصلوا ماما وبابا وأنا تكاد روحى تخرج من حلقى من شدة الألم الذى يزداد عنفا كل مرة وتتقارب نوباته حتى تكاد تلتحم .........وما ان رآنى أبى فى هذه الحالة حتى أجهش فى البكاء وضمنى اليه وكأنه يهدهد طفلته الصغيرة التى ستصبح أما ........أما ماما فكانت متماسكة جدا وكأنها تحولت فجأة الى طبيبة نساء وهى تسألنى عن مدة الألم وتباعد نوباته وعندما أخبرتها .....قالت لى بهدوء لسه بدرى ....أقعدوا وأنا أعمل لكم شاى .....أصل البكرية بتطول شوية !!!)


    فكدت أصرخ ولكن بابا سبقنى وصرخ فيها هو ( يالا على المستشفى بسرعة يمكن يدوها مسكن ولا يريحوها بأى شكل !! )


    فردت أمى بسخرية ( مسكن ؟! ليه حتعمل اللوز ؟....أصل الولادة دى .....)



    ولم يمهلها أبى عندما رأى نوبة الألم تجيئنى بلا رحمة حتى لم أستطع الوقوف على قدمى فحملنى كالطفلة الصغيرة وهرع خارج المنزل وأمى لا تكاد تلاحقه ...


    يارب ما هذا الاحساس ؟ الله يكون فى عونك يا سارة .......أنا أشعروكأن مستقبلى كله سيولد من هذا المكان كما ستلد هى ابننا ....آه ما أصعبه من شعور.....يالله يا مغيث .....



    يا الله يا مغيث ...يارب أغثنى من هذا العذاب .....علمت الآن لم تمنت السيدة مريم الموت قبلا عندما جاءتها آلام الولادة وهى خير نساء العالمين ......ماذا سأفعل أنا ؟ الا يوجد سبيل أن يخفت الألم قليلا ؟ قلبى يكاد يتوقف .......



    - قلبى يكاد يتوقف من القلق عند كل سؤال يسأله لى المدير الأجنبى وأتمتم بآيات القرآن وكل الأدعية التى أعرفها .....يارب يارب



    - يارب يارب .....أنا خلاص مش عاوزة أولد رجعت فى كلامى ....لأ حرام حأموت بجد مش قادرة ........طيب ح أولد أمتى ؟ ولا مجيب ....الدكتورة فحصتنى وقالت باقى حوالى ساعتين ........ايه ؟ ساعتين كاملتين فى هذا العذاب ؟ .......الدقيقة تسوى دهر كامل ....يارب مش قادرة خلاص .....



    - يااااه مش قادر خلاص على هذا الانتظار المدمر للأعصاب ........المدير يتفحص السيرة الذاتية الخاصة بى بدقة بعد عشرات الأسئلة الدقيقة .....ثم ابتسم أخيرا وأخبرنى أن أكون مستعدا للعمل معهم الأسبوع المقبل ....يالله يكاد نبضى يتوقف من شدة الفرح .....اللهم لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك ....وطلبت سارة لأبشرها وأشركها سعادتى .........


    فردت على والدتها وأخبرتنى بأن سارة بتولد فى المستشفى !! ياالله يعنى كانت تعبانة فعلا قبل ماأنزل وما رضيتش تقول لى علشان ما أضيعش مقابلة العمل !! وتحملت كل هذا العذاب وحدها من أجلى ؟ يارب كيف أكافىء هذا الملاك ؟



    يااااااااااااااااه أخيرا وصلت المستشفى بعد ما كسرت عشر اشارات واتخانقت مع كل الدنيا علشان يفتحوا لى الطريق وأكاد أصرخ فى وسط الشارع : مراتى بتولد يااااااااااااعالم !!



    ووصلت لها لأجدها تحولت الى كتلة ألم .....والعرق الغزير يغطى جبينها و المحاليل تخترق كل جسدها وأبيها يبكى ويتلو القرآن وأمها تروح وتذهب مع الطبيبة وتأتى لها بأغراضها ....فلم أتمالك نفسى لما رأيتها وقبلت يديها أمام الجميع وبكينا سويا .....وهمست فى أذنها بأنى عينت فى الشركة الجديدة فحمدت الله فى وهن .....


    وجاءت الطبيبة تخبرنا أنها ستنقلها الى غرفة العمليات فاستأذنتها أن أكون معها ....فرفضت فى البداية ولما أصرت سارة وبكت وافقت .....



    ودخلت معها وهى تصرخ من الألم العاصف وأنا أشد على يديها وأهمس فى أذنها بكلمات الصبر والتشجيع وأذكرها بكل لحظاتنا الجميلة التى تشاركناها .......وهى لا تكاد تعى ما أقول ولكنها تقبض على يدى بكل قوة وكأنها تخشى أن أتركها ثانية .. وتمر الدقائق طويلة وأنا وهى نكاد نصبح كيانا واحدا صهره الألم بين يدى الرحمن نسأله أن يرزقنا قطعة منا ....



    ويمر الوقت ثقيلا حتى جاءت البشرى ... صوت بكاء ابننا يشق الكون وكأنه يعلن للعالم وجوده ....أخذته الطبيبة ولفته بعناية ووضعته فى أحضان سارة وأحضانى وأخذنا نتفحصه بحنان بالغ وقد زال كل ألم سارة عندما رأته .......اخذنا نتلمسه غير مصدقين أن رحمة الله وعطاءه تتجسد فى هذا الكائن مغمض العينين جميل الوجة كأنه أحد الملائكة ....وحملته بحرص وتلوت كلمات الآذان والقرآن فى أذنيه حتى استكان بين يدى وكأنه يعى نداء خالقه ....


    وأخذته سارة وسالت دموعها وهى تتلمس قطعة منها نما بجوار قلبها وقالت بصوت واهن ولكن سعيد : حلو أوى مش كده ياعمر ؟
    فرد الأب بداخلى لأول مرة : تبارك الله أحسن الخالقين .......أجمل كائن رأته عينى ..... ربنا يخليكوا لى انتى وهو يا أم احمد يا أغلى انسانة لى فى الوجود......
    =======================
    "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" صدق الله العظيم

  3. #3
    مراقب عام المنتدى
    عضو مجلس الإدارة
    الصورة الرمزية mr.osama
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    الزقازيق
    العمر
    55
    المشاركات
    6,666
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    معدل تقييم المستوى
    7217

    افتراضي

    يوميات بابا عمر وماما ساره
    الحلقة الأولى
    احتضنت يحيى بقوة ونحن عائدين الى منزلنا وكأنى أخاف أن يغيب عن عينى لحظة واحدة .... رفضت كل المحاولات أن يحمله أحد بدلا منى فى السيارة ... أخاف لو تركته أن يتسلل ويدخل داخل رحمى مرة أخرى !!

    لا أستطيع أن أبعده عن أحضانى لحظة وعندما طلبت الممرضة ان تودعه حجرة الأطفال كى أستريح من ارهاق الولادة رفضت باصراروكدت أقتلها ..... ورفضت حتى أن ينام فى سريره الصغير فى المستشفى وأصريت أن ينام بجوارى وأفسحت له مكانا ليكون ملتصقا بى .....ألم يكن ينام بجوار قلبى لأيام وشهور؟! كيف أستطيع فراقه وقلبى أحبه قبل أن تراه عينى ؟!

    أجمل طفل رأته عينى .....ولا لأنى أمه أقول هذا ؟ أمه ؟! سبحان الله كيف تحولت فى شهور قليلة من فتاة بريئة تستطيع حشو العالم فى جيوبها وتلمع عيونها بالحيوية والاندفاع والجنون الى أم هادئة عاقلة تخشى من نسمة الهواء أن تصيب ولدها ؟ وتوافق بلا تردد أن تموت ولا يخدش اصبع وليدها ؟

    سبحان الله .....لا يمكن أن تتحول الأنثى الى هذه الدرجة بملء ارادتها بل لابد من غريزة ربانية تغزو قلبها بعشق هذا الطفل قبل أن تراه كى تقبل كل هذا الألم والارهاق حتى يشب وليدها رجلا .....يالله حتى فى عشق المرأة لأطفالها يكون الله ثالثهما !!!

    والله وبقيت أب يا عم عمر !!!! ايه ده ازاى يعنى ؟ يعنى المفروض أعمل ايه ؟ لا أنا بجد لسه متلخبط وحاسس انى اتاخدت على خوانة يارجالة .......يعنى أخرج من البيت لوحدى ونرجع تلاتة ؟ بس برضه ح أطير من الفرحة وكل ما أبص ليحيى أشوفه ملاك جميل نائم فى أحضان أمه التى ترفض أن يحمله غيرها ....وناقص تديهولى على عرض حال دمغة ! بس بجد أنا لو منها وشفت العذاب ده كله لا يمكن أخلى حد يلمسه ....الحمد لله ان الأم هى اللى بتولد مش الأب !!! وكفاية العض والخربشة اللى شفتهم من سارة فى الولادة !!

    والمشكلة انى مش عارف أشيله خالص وحاسس انى بأشيل قطعة كريستال ستنكسرمن اى حركة خاطئة ....والكل يصرخ فى : سارة وأمى وحماتى بألف تحذير ( حاسب حتلوح رقبته – حط ايدك فى ظهره – ما تبوسوش جامد – دقنك ح تشوكه !!!!) حتى قررت أن أتفرج عليه وهو على ذراع أمه.....يعنى لو سمحت لى !!

    رغم ان أنا اللى دفعت كل التكاليف فى المستشفى وخلافه.... وكمان اكتشفت ان عبارة (ألف مبروك واللى جاب لك يخلى لك !) معناها ادفع ياسيدى من سكات ! سمعتها ألف مرة من العمال والممرضات فى المستشفى حتى توسلت لهم أن نرجع البيت فورررررررررررررررا

    آه واضح ان تأثير المسكن حيبدأ يروح وبدأت أشعر بأنى 10 فتوات ادونى علقة جامدة جدا أو انى مشيت من طنطا لأسوان !!!!! آلام فى كل جسمى ولا أريد الا أن أنام وتركت تحضير الطعام وأمور البيت لأمى وحماتى وأخذت يحيى بجوارى وأنا أكاد أتفتت من التعب واستغرقت فى النوم فى لحظات معدودة .......

    ايه ده هو أنا لحقت أنام ؟ ده أنا ما كملتش نصف ساعة ؟ ده صوت قطة ده ولا ايه ؟ ياااااه مين ده ؟! آآآآآآآآه ده يحيى !!!!! ايه يا حبيبى بس الله يهديك بتعيط ليه نفسى أنام ولو ساعتين بجد ح أموت من التعب .....ياماااااااااما الحقينى أعمل ايه ؟

    وجاءت أمى على صراخى وهى تضحك وتقول ( علشان تعرفى الغلب اللى انتى وريتهولى وانتى صغيرة !)

    فرددت وأنا أكاد أبكى (طيب ياماما خديه دلوقتى علشان أنام وادى له رضعة ... وأنا أول ما أصحى ح أعرف كل حاجة على طول !!!!!)

    فرفضت باصرار وردت على (بلاش دلع قومى رضعى الولد ده ميت من الجوع )

    فرددت بتعجب ( أرضعه ؟! ازاى ؟ مفيش لبن لسه ..لا لا ما أعرفش اتكسف ياماما )

    فردت وهى تكاد تضربنى ( تتكسفى من ايه يا مجنونة انتى !! يالا الولد ح يموت من الجوع وبعدين هو لما يرضع يا حبيبتى ربنا حيبعت له رزقه وحييجى اللبن يالا بلاش دلع )

    فرددت باستسلام (طيب ياماما ....من فضلك أخرجى وأنا حأرضعه !)

    فخرجت وتركتنى معه وضممته الى والقمته صدرى بأيدى مرتجفة وأنا أتوقع أن يرفضه أو الا يعلم كيف يرضع .....وياللعجب كأنه غريق وجد قارب النجاة وجدته يحرك شفتيه الصغيرتين ويرضع بكل هدوء واطمئنان ...سبحان الله من علمه هذا ؟ سبحانك يارب ...من أين سيأتى الحليب ؟..آه ..أشعر بشرايين صدرى تتفتح ...وقنواته المغلقة منذ ولدت تتفتح لتستقبل رزق الله من الحليب الطاهر بمجرد أن طلب صغيرى رزقه من الله ....... وأخذ يرضع يحيى حتى ارتوى ونام هانئا .... وسالت دموعى وأنا أرى عظمة الله تتجلى فى هذه المعجزة الربانية.....

    ممنوع أدخل أودة النوم علشان سارة ويحيى نايمين فيها ..وماما نامت فى الأودة التانية وحماتى فى المطبخ ....طيب أنام فين عند البواب ؟ من أولها كده يايحيى باشا حنتركن على الرف ؟ ماشى ياعم بس لما تكبر ح أوريك ! خلاص حأنام فى الصالون وأمرى لله بس فى البرد ده ؟! يالا علشان الواحد يقوم عنده كساح ونخلص بقى !

    بس سارة وحشتنى ويحيى كمان وحشنى طيب أعمل ايه ؟ فتسحبت لأنام بجوارهما فى دفء الحجرة ومشيت على أطراف أصابعى وفتحت الباب بمنتهى الهدوء لأجد سارة حبيبتى نائمة فى بحر عميق من شدة الارهاق وبجوارها الباشا الذى احتل مكانى !!

    ووجدتها فرصة لأدقق فى ملامحه لأجده ورث عيون سارة الجميلة ولونها الخمرى وأخذ لون شعرى الأسود وذقنى ولمست بشرته الحريرية وأنا أتمنى أن يكبر فورا لألعب معه وأعرفه أنى والده ..... وقبلته بحرص شديد ولكن يبدو أنى أقلقت منامه فاستيقظ يبكى ...وحاولت اسكاته لم أعرف طبعا فصحيت سارة مفزوعة واكتشفت جريمتى وصرخت فى ( حرام عليك يا عمررررررررررررررررررر)!!!!!!!
    ************
    الحلقة الثانية
    لا أدرى لماذا تذكرت فيلم الحفيد -والأب يبكى وهو يشترى لوازم الولادة من مغات ودجاج وخلافه – وأنا مع حماتى نشترى لوازم البيت والمغات وو و.... مع طبعا اللهمز واللمز من حماتى اننا مفروض نكون اشترينا كل الحاجات دى قبل الولادة .....وانا أتحجج بأن سارة ولدت قبل ميعادها وطبعا لم أقل اننا لم نملك ما نشترى به جناح كتكوت !!

    واشترينا كمية من الدجاج تكفى حى شبرا وطن مغات وحلبة وسكروعسل وأرز ووووووو.......وكدت أبكى أنا الآخر وأترك حماتى وحدها وأتعلل أن عندى مشوار لليونسكو!! لولا انى وجدتها وقت الحساب تخرج مبلغا ضخما وتحاسب هى ...رقصت من السعادة وأنا أقطب جبينى وأقول ( ليه كده بس يا طنط ؟ طيب لو ما كنتيش تحلفى !!!!!!)

    (ايه يا جماعة هو أنا وحش؟ ازاى آكل فرخة كاملة لوحدى ؟ وكمان مسلوقة ؟ لا بجد حرام !!) ولم تجد توسلاتى صدى أمام روسيا وأمريكا أقصد ماما وحماتى ...أخيييرا أجدهم متفقين فى شىء منذ زواجى الا وهو ضرورة جعلى كالدرفيل بعد الولادة من كثرة الطعام ...

    فأجدنى فى الصباح مضطرة الى شرب كوب كبير جدا من المغات الذى تعلوه طبقات من السمن البلدى والمكسرات والذى يكفى وحده الى جعلى شبعانة لمدة شهر .... ويتبعه كوب كبير من الحلبة بالعسل الأسود مش عارفة ليه وكل ما أبدأ بالاعتراض تجتاحنى نظرات نارية من الطرفين تجعلنى أبتلع الكوب والملعقة أيضا

    .....والمشكلة انى مطالبة بشرب كميات لا نهائية من المغات والحلبة طوال اليوم ....وعندما أرى الكوب الميمون يتجه نحو فمى يكاد لسان حالى يقول ( اشربى يا شابة ماحدش بياكلها بالساهل !!)

    ووقت الغداء أجدنى مضطرة الى أكل فرخة ضخمة فى حجم الديك الرومى وحدى لا أعرف لماذا ؟ ومثلها فى العشاء !!!!! لا أعرف لماذا يظنون ان من تلد لابد أن تتحول الى فيل بزلومة ؟ فينك يا عمر ؟!!!!!!!!

    سبحان الله نفس الهجوم اللى هجم علينا بعد الزفاف هجموا تانى بعد الولادة !!! الزيارات ليل ونهار بس المرة دى الوضع مختلف ان حماتى هى اللى بتقوم بخدمتهم والنساء يدخلون لسارة فى حجرة النوم وأنا أتدبس مع الرجالة فى الصالون ....ولازم الكل يشرب مغات ليه ولدوا هم كمان ؟

    بس بصراحة المرة دى فيه نقوط كتير ليحيى ... بصراحة هو وش الخير علينا كفاية انهم وافقوا على موضوع شغلى الجديد فى نفس يوم ولادة يحيى ...صحيح سبحان الله عمرى ما تخيلت معنى الاية (نحن نرزقهم واياكم ) بالشكل ده.. يعنى ربنا قدم رزق الاطفال على رزق الاباء ....الحمد لله ربنا يخليك لينا يايحيى .....

    (جايبة الوحاشة دى منين يا سارة ؟! ) كلمة سمعتها من كل من زارونى واغتظت لها جدا وكنت أغضب وأكاد أقول محدش يقول على ابنى وحش ده زى القمر .......عندما غمزت لى أمى ان الكل لازم يقول كده علشان لو البيبى تعب لا قدر الله مانقولش انهم حسدوه !!! طيب ما يقولوا انه جميل ويقولوا ما شاء الله !!!!

    لا والأغرب ان ماما كانت تأمرنى أن أتظاهر بالاعياء الشديد وانى شفت الأهوال فى الولادة علشان برضه الحسد !!! وكنت أرى نظرة نارية منها لو وجدتنى ضحكت بصوت عالى او اقترحت الخروج من غرفة النوم للجلوس مع صديقاتى فتعيدنى هذه النظرة الى النوم على السرير والتظاهر بالكساح !!

    آآآآآخ نفسى الضيوف دول يمشوا علشان أنام شوية ...والبيت محتاج فليبينية علشان يرجع لحالته الطبيعية وطبعا علشان حماتى هى اللى ح ترتب البيت ما ينفعش أطنش ولازم أساعدها دى مش سارة علشان أسيبها تعمل كل حاجة وأنا سلطان زمانى !!

    لا والمشكلة كمان ان بعد حملة الترتيب القاتلة لن أستطيع النوم فى غرفة النوم كالمعتاد .....يكفينى سهرة امبارح والحفلة اللى كان نجمها الأوحد الأستاذ يحيى من سيمفونية صراخ متواصل حتى الفجر وعزف منفرد من بكاء سارة لفشلها فى اسكاته .......وكنت أنا المتفرج الوحيد فى هذه الحفلة وحاولت المساعدة ولكنى فشلت بالطبع فأخذت البطانية وسلمت أمرى لله ونمت فى الصالون !!!
    طيب أنا فى أجازة حاليا حتى الاسبوع القادم عندما أبدأ العمل فى الشركة الجديدة .....ودول ناس لازم أكون فايق جدا معاهم ح أعمل ايه فى الحفلات المسائية للأستاذ ؟ ربنا يستر ....

    آآآه أخيرا الضيوف مشيوا خلاص ...نفسى أنام ... أنا بقيت باعتبر النوم ده حاجة كده زى الحلم العربى !! البيه طول النهار نايم وطول الليل صاحى مش فاهمة ليه ؟!! بجد بأبقى خلاص حأرمى نفسى من البلكونة علشان ينام وبرضه مفيش فايدة ...

    وطبعا عمر مش عارفة أصلا أشوفه من ساعة الولادة على طول مطرود من الأودة .....ياربى كل الأمهات بيتعذبوا العذاب ده ؟ طيب والأم اللى بتصحى بدرى علشان شغلها بتعمل ايه ؟ آآآآه الحفلة ابتدت جاية يا يحيى باشا !!!!

    ************
    الحلقة الثالثة
    اليوم الأستاذ يحيى كمل 6 أيام من عمره الميمون والله مروا كأنهم 6 سنين !!!!على طوووول صاحية طول الليل وطول النهار...... مش عارفة أعمل ايه حييجى لى انهيار عصبى من قلة النوم وبقيت بأتخيل حاجات ماشية على الحيطة وناس بتكلمنى وأنا بأرد ردود غريبة ....هو ليه كل المواليد بيحبوا يسهروا بالليل ؟ ولو تكرم على ونام بيكون لنصف ساعة ومش عارفة ايه اللى بيحصل ويقوم يعبر عن استيائه اننا جبناه الدنيا الوحشة دى ......

    بجد مش لاقية وقت حتى أسرح شعرى ومش عارفة لما ماما ح تسيبنى بعد السبوع حأعمل ايه فى شغل البيت والطبيخ والكوارث اللى ورايا ؟ والمشكلة انى بآخد وقت طويل جدا لحد ما أعرف الباشا بيعيط ليه ؟ بأكون غالبا فى الآخر أنا كمان بأعيط معاه !!!..

    .لكن ماما ما شاء الله أول ما تشوفه بيعيط بتتحول الى أستاذ أطفال فى عين شمس وتقولى ( عنده مغص .. عاوز ينام – عاوز حد يزغزغه !!!) وعمر التشخيص ما بيطلع غلط !!! طيب أنا ح أبقى كده امتى ؟ بعد الطفل العاشر ان شاء الله .......

    البيت مثل خلية النحل والدى ووالد سارة راحوا علشان يشتروا حاجات السبوع ويوصوا على العقيقة اللى ح تتدبح بكرة فى سبوع يحيى وطبعا هم عارفين البير وغطاه .. فتعللوا انهم بيعرفوا فى الحاجات دى أكتر منى !! آدى الأبهات ولا بلاش !!

    وجلست فى انتظارهم حتى عادوا ومعهم صناديق كبيرة مليئة بالحلوى والشيكولاتة وتجمع كل البيت عليهم ...أخواتى وأخوات سارة وماما وحماتى كمان وطبعا أول مرة كشاب أحضر عملية تغليف علب السبوع ... فى لحظات التف الجميع حول السفرة وكل واحد أخذ موقعه حتى سارة استغلت فرصة نوم يحيى وانضمت لفريق العمل الجبار....وكأنهم جميعا طول عمرهم بيغلفوا علب سبوع فى الموسكى وانا الوحيد اللى مش فاهم حاجة !!

    لقيت العلبة بتمر على 7 أشخاص تقريبا حتى تكتمل فالأول يحضر العلبة ويضع بها قطعة شيكولاتة والثانى يضع بها البونبونى ثم يسلمها للثالث الذى يغلف الشيكولاته والبونبونى بغلاف دانتيل رقيق ويضعه داخل العلبة والرابع يضع لعبة صغيرة – بدلا من التماثيل الصغيرة التى رفضنا شراءها أنا وسارة لحرمتها –

    والخامس يغلف كل هذا بغلاف حريرى ويربط شريط فضى أو ذهبى والسادس والأخير يلصق رباط آخر عليه اسم يحيى وتاريخ ميلاده وآية مكتوب عليها ( لم نجعل له من قبل سميا ) اخترناها أنا وسارة تيمنا بيحيى الرسول عليه السلام

    فعلا خرجت علبة السبوع رائعة الجمال ورغم رفضى للفكرة لكونها غير اسلامية وموافقتى فقط كى لا تحزن سارة وكى لا أفسد على الجميع فرحتهم ....فكرت فى فكرة أننا نضيف مع اللعبة الصغيرة ورقة صغيرة مطوية بها بعض الأدعية المستحبة وآداب سنن المولود وكيفية شكر الله على نعمة الولد ووافقنى الجميع على الفكرة كى نأخذ ثوابا وأيضا يفرح الجميع ....وكلفنا صاحب مطبعة بطبع ورقة الأدعية بحيث تكون صغيرة الحجم كى توضع داخل علبة السبوع وعجبته الفكرة واستأذنا فى نشرها ......

    وبالفعل أضفنا الورقة لعلب السبوع وسبحان الله أعطتها شكلا مميزا عن كل علب السبوع المعروفة ......وكنت واقف أراقب فريق الموسكى وهم يعملون بمهارة حتى أصروا جميعا أن أشاركهم ...وطبعا أفسدت كذا علبة فى الاول بس بعد كده بقيت حريف أنا كمان .......

    ماما أخبرتنى أن ليلة السبوع لابد أن تستحم الأم بالماء الساخن وتدلك كل جسدها فى وقت طويل جدا كى تخرج من جسدها آثار تعب الولادة وتعود عروسا مرة أخرى ولابد أن تصفف شعرها جيدا و ترتدى شيئا جديدا تنام به فى هذه الليلة !!

    ضحكت فى سرى وأنا أسمع التفسير العبقرى ورغم انى لا أحب أن أتبع عادات لا أفهمها ولكنى كنت سعيدة بكل هذه الطقوس الخاصة وأريد أن أعيش تجربة الأمومة لأول مرة بكل تفاصيلها فكنت أوافق على كل العادات القديمة طالما ليس بها شىء حرام ...فوافقت أمى وبالفعل شعرت أنى أفضل كثيرا بعد جلسة المساج الاجبارية ....

    وجاء دور يحيى هو الآخر لابد أن يستحم فى هذه الليلة داخل غرفته وكاد قلبى يسقط من الخوف عليه لبرودة الجو جدااااااااا ولأنه استحم بالفعل فى المستشفى ولكنهم ماما وحماتى اصروا وأحضروا بانيو الاستحمام البلاستيك الخاص به وفرشوه بملابسه كى لايكون باردا عليه وأغلقوا الباب .....

    وما أن خلع كل ملابسه حتى صرخ من البرودة وأخذت كل أسنانه تصطك وتحول مثل القطة الصغيرة حديثة الولادة التى تصارع الأمواج وتحول لونه للأزرق من شدة البكاء ......وحماتى تضحك وترقيه ببعض الآيات وانا لا اتوقف عن البكاء وعمر دخل الغرفة ليرى عملية التعذيب هو الآخر ولم يحتمل لحظات وخرج .....
    وأنا أتوسل لهم أن يتركوه بلا فائدة ....وأخييييييرا انتهى الحمام التعذيبى وأحضروه لى وهو لا يكف عن الصراخ وهدأ ونام فقط بين أحضانى .......

    هى كل حاجة بتتعمل للأم والاب خلاص بيتركن على الرف ؟ لازم الواحد يعمل ثورة فى البيت ده علشان يرجع سى السيد تانى !! بس ايه ده الواد يحيى لونه فتح شوية بعد الحمام واضح ان ماما قتلته وهى بتحميه !! ....

    لكن جميل أوى الجو اللى عملوه فى أودة النوم ده هى وحماتى ....فرشوا مفرش سرير جديد وأشعلوا شموع لابد أن تظل مضيئة طول الليل رمز لانارة طريقه ان شاء الله ووضعوا مصحف صغير فوق رأس يحيى وهو نائم ووضعوا ورود ونباتات خضراء حول السرير كى تكون حياته كلها خير ورخاء ......وأخيرا أداروا القرآن فى الكاسيت بصوت منخفض جدا ليظل دائرا طول الليل كى تظل كلمات القرآن فى صدره طول العمر .......

    وفى هذا الجو الجميل رأيت أحب شخصين لى فى الوجود سارة وقد أشرق وجهها وأضافت له الأمومة لمحة حنان تمس القلب ....وحبيبى الصغير وهو نائم كالملائكة وقد استرخى جسده بعد الحمام الساخن فنام نوما عميقا ورأيته يبتسم لأول مرة فى أحلامه فزاد جمالا فوق جماله ......يارب كيف أشكرك على كل هذه النعم ؟

    ************
    الحلقة الرابعة
    (السبوع)
    استيقظت فى الصباح انا وسارة لأول مرة بدون الحفلة المسائية للأستاذ يحيى واضح ان مفعول الحمام والقرآن طول الليل جبار معاه ....الحمد لله أول ليلة سارة تنام من غير قلق واستيقظت مش مصدقة نفسها انها نامت مرة واحدة زى الناس الطبيعية وهمست لها :

    -صباح الخير يا حبيبتى نمتى كويس ؟

    -فردت على همسا هى الأخرى خشية ايقاظه : ياااااااااااه ده انا مش مصدقة نفسى انى نمت كل ده من غير ما يحيى يصحى .....

    -ربنا يخليه ليكى يا حبيبتى يالا لبسيه حاجة ثقيلة علشان آخده معايا ...
    -فردت سارة برعب : على فين ؟

    -يووووووووووه يا سارة هو احنا ح نتكلم فى الموضوع ده تانى ؟ انتى عارفة على فين

    -فردت بفزع : لا أرجوك يا عمر بلاش النهاردة استنى شوية لحد ما يكبر ...

    -فرددت عليها بعطف : بصى يا سارة ياحبيبتى السنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ان المولود فى اليوم السابع بيحلق شعره كله والاب يتصدق بوزن الشعر وزن مساوى من الفضة وكمان ان يتعمل عملية ختان للمولود فى اليوم السابع زى ما الرسول عليه الصلاة والسلام عمل للحسن والحسين ....عاوزانا نخالف السنة ليه ؟

    -فردت بتضرع وكادت تقبل يدى : مش ح أخالفها ولا حاجة بس احسب وزن الشعر يكون كام واتبرع بأكتر منه وبلاش تحلق له وأجل موضوع الختان شوية لحد ما يكبر أرجوك يا عمر علشان خاطرى

    -فرق قلبى لرعبها على وليدها ورددت بحنان: ما تخافيش يا حبيبتى مش ممكن فيه حاجة فى الدين بتؤذى الوليد ويعنى هو مش ابنى ما هو أنا كمان خايف عليه

    -فبكت بالفعل وهى تخبرنى من بين دموعها : لا ياسيدى انت ما تعبتش فيه زيي ولا شفت الموت فى ولادته وانت خسران ايه يعنى ؟

    -فضممتها الى وقلت لها : احنا اتفقنا اننا ح نربيه تربيه اسلامية من اول يوم فى عمره حترجعى فى كلامك ولا ايه ؟
    -........................

    ماما وحماتى مشغولين بتوزيع لحم العقيقة التى ذبحها بابا فى الصباح على الفقراء والبيت كله فى حركة دائمة وأعلنوا حالة الطوارىء فى المطبخ لأعداد وليمة السبوع وطهى بقية العقيقة وبقية أخواتى وأخوة عمر يعلقون الزينات ويرتبون الشموع استعدادا للمساء عندما يأتى كل الأهل والاصحاب .......

    وأنا غائبة عن كل هذا وأكاد أرى أشباحا وقلبى وعقلى مع ابنى وهم يقطعون جزءا من جسده آآآآآآآآآه كلما أتذكر هذا لا أتوقف عن البكاء .....وكل دقيقة أتصل بعمر على الموبيل حتى مل منى وأغلقه نهائيا ...وأخيييرا جاء هو ووالده ومعهم يحيى وللغرابة وجدته نائم وأخبرنى أن الطبيب أعطاه مسكن وسينام فترة وأن الموضوع تم بسهولة وفى دقائق.......

    .......كدت أقتل عمر وهو يتكلم بهذه البساطة ....صحيح الرجالة قلبهم حجر !! وحضنت يحيى بقوة لأعوضه قسوة أبيه !! وخلعت عنه الكاب لاجده أصبح شبه ابراهيم نصر !! حلقوا له شعره بالموس وأصبحت رأسه ما شاء الله زلطة ............وقبل أن أصرخ فى عمر وجدته هرب من أمامى !!

    أخذته الى حجرة النوم وأخذت أبكى بلا توقف ......آه لو أعلم أن الأمومة متعبة بهذا الشكل لما كنت تزوجت من الأصل ......وأفقت على يد عمر تربت على كتفى فدفعته بقوة وعلا صوتى وأنا أصرخ فيه :
    -انت بجد قلبك حجر ولا يمكن ح أسيبه معاك تانى أبدا أبدا

    -فرد بهدوء وكأنه يكلم مجنونة : خلاص أوعدك المرة الجاية مش ح أوديه لأبو رجل مسلوخة تانى ...مش تعقلى كده ياسارة ؟ ماالولد كويس الحمد لله

    -فرددت بعصبية : استنى لما يصحى وشوف ح يعمل فى ايه .....حرام عليك والله

    -فرد بحنان : خلاص يا ستى لما يصحى أنا اللى ح أسكته اتفقنا ؟ وبعدين مش تشوفى أحنا جبنالك ايه أنا ويحيى بمناسبة الولادة والسبوع ؟

    -فرددت بعناد : مش عاوزة منك حاجة .......

    -فلم يرد على وأخرج كارت صغير مكتوب عليه بخطه (أنا بحبك ياماما الامضاء يحيى ....)

    -فلم أتمالك نفسى وابتسمت وأحسست أن أبنى كبر فعلا وهو اللى كتب بخطه ولم أنتظر حتى فاجأنى عمر بعلبة أنيقة أخرج منها خاتم رائع به فراشات كثيرة شبيه بالخاتم الذى أهداه لى فى قراءة الفاتحة .....ياللرقة ....وخجلت من نفسى من عصبيتى ورددت بصوت هامس :
    -ربنا يخليكوا لى يارب .........................

    جلس جميع رجال العائلتين فى الصالون بعد الغداء الدسم والتهام العقيقة ساكنين خاشعين فى استماعهم الى صوت المقرىء الذى أتيت به ليتلو آيات الله بعد العصر والكل تعجب من الفكرة ....سبحان الله لماذا القرآن لدينا والمقرئين مرتبط فقط بالموت والمآتم ؟ ألا نتذكر الله الا فى الحزن ؟! ورغم استغراب الكل الا اننى وجدت الجميع سعداء ومنتشيين من حلاوة صوت الشيخ وأثنوا على فى الفكرة .......

    وقطع سكون البيت صوت يحيى وهو يصرخ بشدة لم أسمعها منه من قبل فاستأذنت وجريت له فوجدته يبكى حتى تحول وجهه للون الأزرق وسارة حالتها لا توصف فأحسست بالذنب الشديد ولكنى تمالكت نفسى وأخذته منها وأعطيته نقط الدواء المسكن وأخذت أهدهده وأقرأ له القرآن فى أذنه حتى نام أخيرا ........

    بدأ الناس والأصحاب يتوافدون وأنا عيناى متورمتان من البكاء ونهرتنى ماما عندما رأتنى فى هذا الشكل وجعلتنى أبدل ملابسى بالأمر ......وجاءت حماتى واختارت لى طاقم سواريه لا أرتديه الا فى المناسبات وهمست فى أذنى أن الناس لابد أن ترانى عروس اليوم ..........

    ودقائق قليلة وأصبح البيت يعج بالناس لا أعرف من دعى كل هؤلاء ؟!! وخفت على يحيى من هجوم الجميع عليه وأخذته فى حضنى لا أفارقه وأنا أقرأ المعوذتين باستمرار .....وانطلق صوت الاطفال يغنون أغانى السبوع الجميلة وأضفوا بهجة على البيت وشعرت انى فى فرح حقيقى ........

    ولحظات وانطفأت الأنوار وأمسك الجميع الشموع كبارا وصغارا وأخذوا يغنون ( حلقاتك برجالاتك )وأمى تنثر الملح فوق رؤس الجميع ومعه السبع حبات والتى علمت انها عادة قديمة أعتقد فرعونية وهى مكونة من القمح والذرة والحلبة ووووو وكل واحد من هذه الحبوب يرمز لشىء يتمنون أن يكون فى حياة المولود مثل الخير والرخاء ووو......
    وهددتنى ماما أن لابد أن تظل هذه الحبوب مع الملح فى أرض الشقة وأمام المنزل أطول فترة ممكنة ولو كنستها احتمال تبلغ عنى البوليس !!

    ياااخبر أبيض ايه الفزع ده ؟!! ماما بتدق الهون فى ودان يحيى بكل قوة علشان لما يكبر ما يخافش من الأصوات العالية بس أنا اعتقد أنه بعد الدق ده مش ح يسمع لا عالية ولا واطية !!! لا وكمان حطينه فى غربال وبيهزوه مع مجموعة من النصائح اللى تودى فى داهية ( اسمع كلام أمك .....اسمع كلام جدتك –طبعا- ما تسمعش كلام أبوك !!) ح يفسدوا أخلاق الولد من دلوقتى !!!

    وجاء وقت البخور وامتلأت الشقة برائحته الزكية وجعلونى أمر من فوقه وأنا أحمل يحيى 7 مرات وعمر لا يتوقف عن التقاط الصور لنا وكأننا فى فيلم سينمائى .....بس بجد رغم ان كل العادات دى مش اسلامية لكن لا يوجد بها مايضر بل أعطتنا بهجة وذكرى لن تنسى ......

    وأخذت ماما يحيى وأخذت تلف به كل حجرات الشقة وكأنها تريه بيته ....وصرخت عندما وجدتها تخرج به الى البلكونة فى هذا البرد الرهيب .....ولكنها أصرت ووجدت كل الجيران واقفين فى البلكونات وكأنهم يعلمون أن ماما لازم ح تطلع البلكونة ....ياربى كل الامهات شبه بعض !!!

    ولم يكتفوا بالبلكونة ولكنهم خرجوا به الى خارج الشقة ووراءهم طابور الاطفال بالشموع ونزلوا به عدة طوابق وكل شقة يصلون اليها تستقبلهم الامهات برش الملح والزغاريد أيضا .....وأخذ الجميع يأخذون علب السبوع ويعطوننا الهدايا وأغلبها والحمد لله مبالغ مالية .......ولم أعد أعرف أين يحيى فى هذا المولد ..وأخذت أبحث عنه فى كل مكان ..حتى وجدت يد تمتد فى الزحام لتحتضن يدى ووجدته عمر يقول لى : (الف مبروك يا عروسة !!!!!)

    ************
    الحلقة الخامسة
    مر ثلاث أسابيع على ولادتى يحيى .....زاد وزنه قليلا واستدار وجهه وظهرت ملامحه أكثر..عمر يصر انه شبهه وأنا أحلف أنه شبههى أنا !! وأصبح يعرف صوتى وعندما أناديه أو أتحدث بصوت مرتفع بجواره ينصت ويتوقف عن البكاء .....وماما بتقول لى انه بيعرف رائحة أمه من يوم الولادة سبحان الله !

    وطبعا لا علاقة له بعمر أبدا لأنه حتى الآن يعجز عن حمله بصورة صحيحة ويكتفى بملاعبته وهو على كتفى لدقائق قصيرة !! وده لأن أنا نفسى بأشوفه طول اليوم لساعات قليلة علشان الشغل الجديد ........وأحيانا يأتى ولا نراه !!

    انا سعيدة جدا بيحيى وأشعر انه أعطى حياتى طعما جديدا وأستعجب كيف كنت أعيش بدونه لكن فى نفس الوقت أشعر بشعور رهيب من الحزن والاكتئاب والرغبة الدائمة فى البكاء لأقل الأسباب وأحيانا بدون أسباب ......
    لا أعرف سبب رغبتى الجديدة فى تذكر كل الأحداث الحزينة التى مرت على وتخيل ما يمكن أن يحدث من سوء لى وليحيى وعمر ...وعندما يتعطف على يحيى باشا ويسيبنى أنام أحلم أحلام سيئة جدا بأنى دائما بأفقد يحيى وووو ......

    أحيانا أرفع سماعة التليفون كى لا يكلمنى أحد على الاطلاق حتى ماما .....حتى الاكل بآكل غصب عنى ولا اشعر بمذاق اى شىءولا رغبة عندى أن استمع الى عمر وهو يحكى لى كل يوم عن عالمه الجديد بمنتهى الحماس وأنا أسمعه وكأنى من عالم آخر ..........

    ياخبببببببر !!! ده الواحد كان مدفون فى شركتى القديمة !! ده انا كنت بأمثل انى بأشتغل مهندس والظاهر انى كنت شيخ غفر !!

    الشركة الأجنبية الجديدة شغلها من نار مفيش دقيقة دلع ولا رغى فى التليفون ولا شرب شاى وسندويتشين فول !! ولا مجال للخطأ او التهاون لأنهم يطبقون فى العمل نظام الأفضلية فقط ولو تهاون أحد لا مكان له ويستبدل بمهندس غيره فى يومين على الأكثر ......

    وميعاد تسليم المشاريع لا يمكن التأخير فيه الا لو مت مثلا !! والأكثر انك فقط لا تؤدى العمل المطلوب منك فقط ولكن طول الوقت مطلوب منك أن تطور نفسك وتطور الشركة بأفكار ومشاريع جديدة تساعد على سير العمل وتطور الأداء وهذه الافكار يؤخذ عليها نقاط توضع فى ملف كل مهندس وعلى أساسها تتم ترقيته على قدر عمله........
    وليس عن طريق الاقدمية أو عن طريقنا المفضل أن من ينقل كل أخبار الموظفين ويكون جاسوس عليهم يكون هو حبيب المدير وأهم موظف فى الشركة حتى لو كان لم يدخل حتى محو الأمية !!!!!!!

    ماما قالت لى ان الغم اللى أنا معيشة نفسى فيه سببه اكتئاب ما بعد الولادة وده بيحصل لأمهات كتير .....استغربت جوايا وقلت ليه ربنا يدينا نعمة زى الامومة ونكتأب ؟

    حاولت أقرا فى الموضوع ده ودخلت على النت لقيت انه بيحصل من اضطراب الهرمونات بعد الولادة لأنها بتهبط فجأة بعد ما كانت مستقرة طول شهور الحمل .......
    واترعبت لما لقيت حالات فى اوروبا وأمريكا دخلوا حالة مرضية من الاكتئاب وقتلوا أولادهم ومنهم انتحروا !!!! أعوذ بالله ربنا يستر ........لا لازم أحاول أخرج من الحالة دى قبل ما اتجنن !!

    ح أحاول اسمع قرآن مادمت مش قادرة أقراه .....أحاول أقرا الجرايد تانى او أروح للكوافيرة اللى نسيت عنوانها فين !! بس والله غصب عنى كل ما بأشوف شكلى فى المراية وان وزنى زاد شوية بأعيط ولما بأحس انى معزولة عن العالم وكل حياتى داخل الكوافيل والرضعات والبكاء المستمر باكتأب .........

    ولا شعوريا بأحس ان عمر هو السبب فى كل اللى حصل لى فبأبعد عنه أكتر وأكتر !! وهو كمان مشغول جدا فى شغله ولا يفكر ان يشاركنى فى تربية يحيى .......حتى ان ساب اودة النوم وأصبح ينام لوحده فى الغرفة الصغيرة طبعا من كونشرتو آخر الليل للباشا يحيى !!

    وعندما أغضب وأطالبه الا يتركنى وحيدة يتعلل بأنه لازم ينام كويس علشان يعرف يشتغل الصبح لأن الناس دى ما بتهزرش !!! طيب وانا أعمل ايه ؟ هو ابنى لوحدى ؟

    ده غير انى أصلا مش بأنام طول الليل والصبح مطلوب منى انى اراعى البيت وانضف وأطبخ غير المعارك اليومية ليحيى والتى لا تجعلنى أجد وقت لانجاز كل الكوارث اللى ورايا دى .....

    وبجد حاسة ان انا وعمر بعدنا عن بعض كل واحد فى أودة وبينام بدرى لأنه بيرجع متأخر من الشغل الجديد وأنا أفضل وحيدة ......ومش عاوزنى أكتأب ؟ !!!!!

    خلاص الظاهر شهر العسل خلص خلاص وحيبتدى الجواز الاصلى !! مش عارف أتكلم مع سارة ولا نقعد مع بعض زى زمان يااما نايمة لأنها سهرانة طول الليل مع يحيى يااما بتجرى تحضر له رضعاته او بتغير له يااما مكتأبة ومش عاوزة تتكلم خالص !! وانا بجد مش عارف أعمل ايه ؟ ومش عارف أساعدها ازاى يعنى اسيب شغلى وأقعد أرضع انا يحيى ؟ !!!

    بجد سعيد جدا بأنى بقيت أب ولو خيرونى بين كنوز الدنيا وبين يحيى أختار ابنى طبعا !! بس حاسس انى خلاص بقيت فى المرتبة التانية عند سارة ......والله وارتكنت على الرف يا عم عمرر !!!!!!!!

    ************
    الحلقة السادسة
    النهاردة يحيى باشا كمل شهرين بالتمام والكمال خلاص بقى راجل قد الدنيا ومحدش عارف يكلمه ....بقى بيضحك لما ألاعبه بجد بجد ابتسامته لايمكن توصف بتمسح عنى اى تعب او ألم ........والظاهر هو عارف كده بيعمل كل كارثة والتانية وبعدين يبتسم لى كأنه بيدينى رشوة !!!....آآآآآآآآآه واضح ان جينات الرجولة بتتخلق من بدرى اوى !!!

    لا وواضح انه ح يبقى شقى جدا عاوز يرفع دماغه على طول علشان يعرف ايه اللى بيحصل فى الدنيا من وراه !! ولا يقبل أى تأخير فى طلبات سيادته ولو لدقيقة واحدة بيكون كل الشارع سمع صوتنا !!

    بس بجد كل يوم بسأل نفسى ازاى كنت عايشة فى الدنيا من غيره ؟؟؟؟ صحيح انى نسيت النوم و الراحة والخصوصية بس سبحان الله ربنا بيعوض كل ده بكنز خاص اسمه الأمومة ......

    المدير عاوزتصميم المشروع الجديد جاهز فى أقل من شهر حتى لو اضطريت انى أبات فى الشركة انا وزمايلى مش مشكلة المهم يتسلم فى ميعاده بالثانية ......أمال ليه احنا فى شركاتنا العربية كل حاجة ماشية بالبركة ؟ وعادى جدا اننا نسمع عن مستشفى مثلا بيتبنى فى عشرة وعشرين سنة كمان ؟ طبعا كل ده مش وقت للبناء بس بيشتغلوا يوم ويريحوا شهر !!!

    بس فعلا مش قادر على ضغط الشغل حاسس انى مطحون وكل حاجة عندى بالدقيقة والثانية .....وانا كمان فى مرحلة اثبات الذات فى الشركة وغير مسموح لى بأى خطأ أو تهاون ....

    وللأسف جو البيت لم يعد مشجع زى زمان .....سارة طول الوقت عينيها بتتهمنى بالتقصير ناحيتها وناحية يحيى ....رغم انها لم تصرح بده بس أنا بأحس بيها ...لكن أعمل ايه بأرجع البيت بأكمل شغل على الكومبيوتر والنت وبالعافية بأنام كام ساعة .....مفروض انى أسيب ده كله وأسيب الدوامة دى وأسألها يحيى رضع كام مرة النهاردة ؟ ستات رااااايقة !!!

    أجازتى من شغلى انتهت وكان لازم أرجع والا يستغنوا عن خدماتى ويجيبوا حد تانى ...وكان قرار صعب جدا انى أرجع ولا أقعد فى البيت وخلاص ....كنت محتارة جدا فى القرار والكل كان رأيه انى أتفرغ لتربية يحيى وخلاص وأولهم عمر طبعا !!!....

    وأنا كنت حاسة انها حاجة صعبة جدا .....انى مش لاقية وقت أخرج ولا أنام زى البنى آدمين الطبيعيين لا وكمان أصحى بدرى وأشتغل !!!.......وساعدت حالة الاكتئاب اللى كانت عندى - واللى الحمد لله انتهت بمرور الوقت وبتقربى الى الله – ساعدت كمان انى ما يكونش عندى قدرة انى اعمل اى حاجة تانية ........

    لكن بمرور الوقت أصبحت أفضل فى رعاية يحيى وبقيت بأعرف هو بيبكى ليه وحاولت أنظم مواعيد رضعاته....... فحسيت انى لازم أرجع أشتغل تانى وخصوصا انى لا يمكن ح ألاقى وظيفة انى أشتغل من البيت تانى !! فصليت استخارة وحسيت ان ده مستقبلى حتى لو كان بسيط بس انا مش عاوزة أكون زوجة و أم بس لأ لازم أكون قبل دول .........سارة ....

    لازم أحافظ على شخصيتى وما أسيبهاش تدوب فى دوامة البيت والأطفال .حتى لو تعبت شوية لكن أكيد ح أتعود ......ولو ما تعبتش دلوقتى فى شبابى ح اتعب امتى ؟

    لكن الايام الاولى كانت أنتحار بجد طول الليل سهرانة مع يحيى وبينام بعد الفجر يادوب أصلى وأنام ساعتين واصحى أقعد على الكومبيوتر وأبدأ فى ارسال الايميلات والرد على العملاء بس طبعا بأمووووت من التعب وأحيانا كنت بأنام وأنا قاعدة وأصحى مفزوعة من صوت التنبية فى الرسايل اللى بتوصل كل ثانية !!

    وأفضل أشرب شاى وقهوة لحد ما أفوق وفى خلال كل ده أرتب البيت بسرعة ......ويحيى معايا طبعا بأعمل له كل طلباته بدون توقف ...... لحد ما ينتهى العمل الساعة 3 وبأكون خلصت الغداء وبأحاول أنيم يحيى وأنام جنبه ولو ساعة او ساعتين وبعدها أصحى أستعد لحضور عمر الساعة 6 ........آآآآآآآآآه يارب ساعدنى !!

    - سارة .. سارة..اصحى انتى نايمة على الكنبة ؟!!

    - ايه ده ايه ده ؟ انت جيت يا عمر امتى ؟ احنا الصبح ولا بالليل ؟

    - الساعة 7 بالليل ياسارة ..قومى يا حبيبتى علشان ناكل انا جعان جدا عاوز آكل بسرعة علشان ورايا شغل كتير .....

    - شعرت بصداع رهيب وأنا أحاول أن أقوم من مكانى ....واتضايقت لما وجدت عمر يسأل عن الأكل ولم يسأل على أنا أو يحيى .......فرددت بعصبية عليه ( طيب اسأل على أنا وابنك قبل ما تسأل عن الأكل يا سيدى !!)

    - فتفاجأ عمر من رد فعلى العصبى ويبدو انه هو كمان كان مشحون على الآخر فرد بعصبية (هو احنا مش ح نخلص من الموال ده ياسارة ؟! كل يوم تتهمينى انى مقصر فى حقكم انتى ويحيى ؟! يعنى لى بيت تانى مثلا بأهتم بيه ؟؟ وانتى عارفة قد ايه الشغل الجديد متعب أعمل ايه يعنى ؟)

    - فرددت بعناد : والله انا مش بأطلب منك تسيب شغلك وتقعد جنبنا ....بس على الأقل حاول تشاركنى ولو نفسيا فى تربية يحيى ..ده انت حتى بتنام فى اودة تانية ...لانا بجد تعبت وحاسة انى عايشة لوحدى

    - فرد بصراخ : يادى النكد الأزلى ...مش ح نخلص من السيرة دى ياسارة ؟ طيب قولى لى ازاى انام وطل الليل يحيى بيصرخ ؟ يعنى أروح الشغل مش نايم علشان أترفد ونقعد على باب السيدة كلنا ؟ كده ابقى بأشاركك نفسيا ؟!!

    -فصرخت أنا الأخرى : والله ما أعرفش هو مش ابنى لوحدى حرام انك تسيبنى لوحدى فى كل حاجة كده ............

    - ففاجأنى برده القاسى : والله انتى اللى سايبانى يا هانم !!.......قبل ما تتهمينى بالتقصير شوفى نفسك الأول !!!

    انتى اللى من يوم ما ولدتى مش مهتمة بنفسك و مش شايفة غير يحيى بس وناسية ان ليكى زوج ......وحتى ما بتسألنيش عملت ايه فى الشغل ولا ليكى دعوة بيه خالص ...خلاص اتركنت على الرف من اول طفل امال لما يبقوا تنين تلاتة حتعملى ايه ؟ حترمينى فى الشارع ولا ايه ؟

    فذهلت من هجومه على وشعرت بانهيار تاااام ......كل هذا المجهود الرهيب وأكون أنا المقصرة ؟؟؟ فعلا لا حدود لأنانية الرجال ........لم أقوى حتى على البكاء ولا الصراخ ..تجمدت الكلمات على لسانى .ونظرت اليه وكأنى لم أره من قبل .......وشعرت بدوار كبير وسمعت صوته وهو ينادينى من مكان بعييييد ......ومادت الأرض بى وووو فقدت الوعى ............

    ************
    الحلقة السابعة
    فتحت عينى بصعوبة شديدة لأجد نفسى نائمة فى سريرى ويحيى نائم بجوارى وعمر ينظر لى بقلق بالغ وبيده عدة عطور يحاول افاقتى بها .....شعرت بصداع رهيب لم أشعر به من قبل وثقل شديد فى رأسى .......وتذكرت ما حدث فأغمضت عينى كى لا أرى عمر وسالت دموعى ......

    -همس عمر وهو ممسكا بيدى : حمد لله على السلامة يا حبيبتى ......كده تقلقينى عليكى ده انا كنت ح اموت لما أغمى عليكى ............
    -.................
    -انا آسف ......
    -............

    -مليون آسف يا حبيبتى .....بس أنا كنت راجع ح اموت من التعب وكنت عاوز أرتاح شوية علشان ورايا شغل تانى .........بجد أنا مشحون جدا يا سارة ومفتقد حبيبتى جنبى ...

    -فرددت عليه بصوت ضعيف : انا كمان تعبانة اوى يا عمر ومحتاجاك معايا ......مسئولية الأمومة متعبة جدا ولازم يكون حد معايا وانت من يوم ما ولدت وانت بعيد عننا وحتى بتنام فى اودة تانية ......حاسة انى وحيدة جدا ....ده انا بيتهيألى انك مش مبسوط اننا خلفنا يحيى !!!

    -فرد بانزعاج : ايه الجنان ده ؟؟!!!!!! لا اله الا الله .....ده انا اموت لو بس اتجرح انتى مجنونة ياسارة؟

    -فرددت من بين دموعى : أمال انت بعيد ليه ؟؟

    -فرد بحنان بالغ : والله غصب عنى ...عاوز أثبت نفسى فى الشغل الجديد انتى عارفة انى لسه فى فترة اختبار اول شهرين .....معقول من أولها كده أنام فى الخط وأروح مش فايق علشان يقولوا لى مع السلامة ؟

    -فرددت بعناد : طيب والحل ؟

    - ياسارة لازم تعرفى ان أهم حاجة فى حياة الراجل هى شغله وأهم حاجة فى حياة الست هى اولادها وبيتها وكل خناقات الدنيا بتيجى لما طرف من الاتنين بيفترض العكس من شريكه ......احنا الاتنين لازم نتعب علشان نربى ابننا احسن تربية .......

    -بس انا تعبانة اوى يا عمر .....

    -خلاص ياسارة صدقينى ح احاول والله على قد ما أقدر انى أساعدك اتفقنا ؟

    -فرددت برضا : اتفقنا ..........

    وجاءت الأيام التالية وكلى تصميم على تنظيم حياتى وتغييرها لنشعر جميعا بالراحة وبدأت بأنى استشرت طبيبة أطفال فى نوم يحيى المتقطع وسهره بالليل وتعبى معه فردت على رد صدمنى أننى أنا السبب !!! .....ياربى ناقص يقولوا انى سبب خرم الأوزون !!!!

    وجاء توبيخ الطبيبة لى ان المفروض من اول اسبوع ان احاول الا أرضع يحيى بعد الساعة 12 مساء حتى السادسة صباحا كى ترتاح معدته وينام باستغراق طوال هذه المدة ......لأن الطفل مادام يستيقظ ليلا ويجد أمه ترضعه كل مرة سيستيقظ كل ساعة حتى لو لم يكن جوعان !! لكنه لو علم انها لن ترضعه سيبكى اول يومين وبعدها لن يستيقظ طوال الليل !!

    طبعا سمعت كلام الطبيبة وانا فاتحة فمى علامة البلاهة .......يعنى كان ممكن أرتاح من الغلب ده كله ؟؟؟؟ يارب ساعدنى ........

    وعزمت على تنفيذ ما قالته الطبيبة بالحرف الواحد واخترت يوم الاربعاء مساء ليكون الخميس والجمعة أجازة بعدها وبالفعل حاولت تنظيم رضعاته ولم أرضعه ليلا .....

    وبالطبع كانت استغاثاته دولية وكان ناقص يقوم يتصل بالبوليس من الست المفترية دى !! وكدت أضعف وأرضعه الا انى صمدت وانا أبكى من صراخه ......وفى النهاية نام !! فعلا الاطفال فى غاية الذكاء عندما علم أن لا فائدة من صراخه نام وأكيد بيقول فى سره حسبى الله ونعم الوكيل .........

    لكن بعد عدة أيام من العذاب الحمد لله استسلم ولم يعد يستيقظ ليلا وأصبحت أنام زى مخاليق ربنا .......وبعد أسبوعين آخرين اقنعت عمر ان يحيى أصبح أليف ورجع ينام فى أودتنا تانى ..........اقتنعت دلوقتى ليه ربنا عمل هجر الفراش وسيلة من وسائل تأديب المرأة !!!!

    الحمد لله أخيرا أنتهت فترة الاختبار فى الشركة وأبدوا أعجابهم بنشاطى ومجهودى وأصبحت مهندس دائم فى الشركة والأهم انى أخييييرا ح أقبض مرتبى بعد فترة الاختبار المجانييييية !! والله وح تبقى غنى ياواد ياعمر ومحدش ح يعرف يكلمك .......

    لازم بجد أكافىء سارة وأشترى لها هدية محترمة على الغلب اللى شافته معايا ....انا فعلا كنت لا أطاق فى الفترة اللى فاتت ......مش عارف ليه الست ممكن تركز فى كذا حاجة فى نفس الوقت وتعملها كلها بكفاءة تلاقيها بتذاكر لابنها وبتتفرج على التليفزيون وتتكلم فى التليفون وبتطرز مفرش فى ايديها ومتابعة بقية ولادها وهم بيلعبوا !! والراجل لو بس بيتكلم فى التليفون وحد على صوته ولا حاجة بيعمل حريقة فى البيت لأنه مش مركز فى المكالمة !!

    أنا فعلا لما بأركز فى شغلى مش بأعرف أعمل أى حاجة تانية ..........بس خلاص بقى فترة الضغط الرهيب دى عدت على خير ولازم أعوض سارة ويحيى باشا ...........
    --
    -
    -
    -( ايه كل ده ياعمر؟؟؟!! مش معقول ؟ انت قتلت حد ولا ايه ؟ ) قلت هذه العبارة باستغراب شديد وأنا أجد عمر يدخل البيت ومعه سريرهزازجميل ليحيى مزود بألعاب تصدر أصواتا لاسكاته ....ومجموعة من الألعاب المطاطية وكذا طقم خروج ليحيى شيك جدا ...........

    ولم أنتظر لحظة الا وفاجأنى بفستان سوارية لى فى غاية الأناقة .........قفزت من الفرحة وأنا أشكره وأقول له ( ده كتير أوى يا حبيبى .......انت قبضت ولا ايه ؟ )

    -( ايوة يا قمر قبضت أخيييرا وكمان اخدت مكافأة شهور الاختبار .....يعنى باختصار انا حاليا انسان غنى اوى وانتى مش من مستوايا واحتمال ما أردش عليكى بسهولة !!)

    -وطبعا كان جزاؤه ضربه بكل مخدات الأنترية وهو يصرخ ويطلب الرحمة ولم أتوقف عن ضربه الا عنما فوجئنا أنا وعمر بصوت يحيى يضحك بصوت مسموع على معركتنا أنا وأبيه ......

    فجرينا نحوه واحتضناه ونحن لا نصدق آذاننا وأخذنا نضحكه أكثر وأكثر بافتعال الحركات المضحكة وهو يزداد فى ضحكاته العالية ......واحتضننا عمر بسعادة بالغة وطلب منى ان أرتدى الفستان الجديد ويحيى الملابس الجديدة لأننا سنخرج للعشاء فى أشيك مطعم على النيل ............

    وجريت على الفور لنلبس أنا ويحيى قبل أن يرجع فى كلامه !! وكان شكل يحيى قمر فى البدلة الجديدة التى جعلته مثل الرجل الصغير !! واهتممت جدا بمظهرى وأخذت وقت طويل فى الاستعداد وخرجت لعمر ..........

    -(اوووووه ماشاء الله .......الآنسة مرتبطة ؟!!! )
    -..............
    -(طيب تسمح الآنسة القمر دى أنى أعاكسها وأديها هدية تليق بالشياكة دى كلها ؟ )

    وأخرج من جيبة علبة قطيفة بها اسورة رااائعة وألبسها لى وهو يقول
    (ربنا يقدرنى وأعوضك كل حاجة يا غالية .....)
    ************
    الحلقة الثامنة
    لا أصدق ان مر على ولادة يحيى 9 أشهر !!! وكأنى كنت أحمله داخل رحمى بالأمس ..أصبح انسان آخرزاد وزنه وأصبح شديد الشبه بى وفى خده غمازة تظهر بشدة عندما يضحك .... بدأ يحبو على الأرض ويضحك بشدة عندما ألاعبه وعندما أجرى وراءه يحبو بأقصى سرعته ليختبأ تحت الكنبة ويتخيل انى لا أراه !! ومتعلق بى بشكل لا يوصف وعندما يجد أى شىء ملقى على الأرض لا يتردد أن يتذوقه أولا وان لم يعجبه يعطيه لى بنفس راضية !!!!

    مما جعلنى طوال اليوم لا هم لى الا أن أجعل الارض لا شىء عليها على الاطلاق لأنه لا يفرق بين المسامير والحلوى كله الى فمه !! مما يجعلنى لا أهدأ طوال اليوم من التفتيش تحت اى كرسى يحلو له ان يختبىء تحته - عن اى شىء ملقى ولو قطعة كلينكس خوفا من أن يبتلعها ....مرحلة خطيرة جدا مرحلة الحبو دى ربنا يستر وتعدى على خير من غير ما عمر يطلقنى !! لأنه لو وجد أى شىء ولو بنسة شعر سقطت منى تتحول الى خناقة كبيرة خوفا على حياة الباشا !!

    ياااه على الروتين والشغل اللى ما بيرحمش انا بجد تعبت خلاص .......نفسى آخد أجازة وأروح فى مكان فااااضى لا أرى أى أحد على الاطلاق ......قدمت على اجازة أسبوع وبالعافية رضيوا على 4 أيام فقط منهم الجمعة والسبت طبعا !! بس مش مهم المهم انى اتخنقت وعاوز تغيير حالا وسارة كمان مطحوة بين شغلها وبين يحيى اللى أصبح عفريت وعاوز حارس عليه 24 ساعة كى لا يبتلع سم فيران مثلا !!

    كلمت صديق قديم لى يمتلك شالية منعزل على شاطىء البحر الأحمر بعييييييد عن كل العالم ....الظاهر انهم بنوه علشان يقتلوا فيه حد وبعدين غيروا رأيهم .....هو شالية يجنن على شاطىء البحر مباشرة فى منطقة منعزلة تماما تبعد عن أى مبانى حوالى 30 كيلو وهو ده اللى انا عاوزه بالظبط ........

    -اهلا اهلا بالاستاذ يحيى أخبار مغامرات سعادتك ايه النهاردة ؟ قالها عمر وهو يحتضن يحيى الذى هلل لرؤيته وأخذ يقفز بين ذراعيه .........

    -أسكت يا عمر ده جنننى النهاردة طول النهار مستخبى وبأدور عليه يا اما تحت السفرة يااما جوة دولاب المطبخ بيلعب فى الحلل !! انت اكيد كنت جن زيه كده وانت صغير وهو طالع لك

    -ضحك بقوة وأجاب : ايوة كده خليه راجل امال عاوزاه بنوتة؟ اما أنا محضر لك حتة مفاجأة تحفففففففة .........

    -قفزت من الفرح وانا أسمع وأمسكته من رقبته : مفاجأة ؟ ايه يالا قول بسرررعة احسن مش ح يحصل لك طيب !!

    -ياساتر يارب !! هو ده الرد ؟ على العموم انا ح أقول ليحيى مش ليكى : بص ياكابتن انا عارف انك ما شفتش بحر قبل كده علشان كده يالا روح هات المايوة بتاعك علشان ح نروح شالية يجنن انا وانت بس وح نسيب ماما المفترية دى هنا .......

    وكأن يحيى فهم الكلام انه مطلوب منه شىء فأخذ يحبو بسرعة وذهب يحضر الدبدوب المفضل عنده واعطاه لأبيه وظهرت علامات الحيرة على وجهه عندما غرقنا فى الضحك من تصرفه وكأنه يقول فى سره ( العالم دى مجانين ولا ايه النظام ؟ !!)

    -شالية ايه يا عمر ؟ ايه ده صاحبك وافق ؟ الشالية بتاع البحر الاحمر ؟!
    -فرد فى نشوة : ايوة يا سارة 3 ايام ما نشوفش ولا مخلوق السماء والبحر والهدوووووووء ........
    -فتحرك القلق داخلى لا اعرف له سببا وقلت له : هى طبعا حاجة مغرية جدا بس مش يمكن نحتاج حاجة ولا تحصل مشكلة هناك ؟

    -فرد بتبرم : انتى على طول متشائمة كده يا بنتى ؟ ح يحصل ايه يعنى ؟ العفاريت ح ياكلونا ؟ الشالية مجهز بكل حاجة وحناخد كل أكلنا معانا ح يحصل يعنى ؟ يالا حضرى كل لوازمنا علشان نلحق نوصل الطريق طويل .........-
    -
    -
    -
    -
    -
    - وأخييييرا وصلنا مع أول خيوط للفجر المكان منعزل عن العالم ولكنه ساحر ......شالية رائع من طابقين مبنى على الطراز الانجليزى وتحيطه حديقة صغيرة ومطل على البحر الذى لم أر فى صفاء مياهه من قبل ودرجاته الفيروزية والزرقاء التى تجعلك تسبح لله كل لحظة من فرط روعته ........وفى الداخل وجدناه مؤسس بذوق راقى وبسيط يجعلك تشعر بالراحة من اول لحظة ...ونسمات البحر الرائعة تغسل عنا تعب العمل وارهاقه وتوقظ المشاعر التى خنقتها الروتين والرتابة ........

    افرغت الحقائب بسرعة وصلينا الفجر انا وعمر ولم نستطع النوم فتسللنا وتركنا يحيى نائما وجلسنا على الرمال الناعمة نراقب الشروق وأشعة الشمس الوليدة التى تعانق الامواج على استحياء وكأنها عروس خجلى ......نظر لى عمر نظرة لم أرها من شهور من فرط انشغالنا فى العمل والمسئوليات ....وقال لى ( بحبك !!!)
    -
    -
    -
    -ياسلام لو الواحد يعيش كده طول عمره ....يااه أعصابى رايقة جدا وسارة فى قمة السعادة وهى تحاول أن تبلل أرجل يحيى فى مياة البحر وهو خائف وينظر لهذا الشىء الخرافى الذى يراه لأول مرة وكأنه يقول ( البتاع ده ما شفتوش فى البيت عندنا قبل كده !!!) ثم بعد فترة تعجبه اللعبة ويحرك يديه وقدميه بكل قوة حتى يغرق أمه وهى تهدده بانتقامها !!
    -
    -
    -مرت علينا أمسية هادئة ونحن ننعم بالهدوء والصفاء ولم يكدرنى سوى انى لاحظت ان يحيى يرفض الطعام منذ عدة ساعات .......وبعد فترة وجدته يصرخ ويبكى بلا انقطاع حاول عمر طمأنتى انه من تغيير الجو .....حاولت تصديق هذا وأعطيته دواء للمغص ولكنه لم يستقر فى معدته لدقائق وتقيئه بشكل أفزعنى ......ولم تمضى الا ساعة ووجدت لديه اسهال رهيب والقىء لا ينقطع وحرارته مرتفعة جدا.......صرخت على عمر الذى ارتبك ولم يدرى ماذا يفعل !!

    مرض يحيى من قبل عدة مرات ....ولكنه أبدا لم يكن بمثل هذه الشدة الرهيبة ...نظرت اليه وهو تقريبا مغشى عليه من فرط السوائل التى فقدها بشكل مفاجىء .....ارتجفت ولم تحملنى قدماى وبكى عمر وهو يرتدى ملابسه بسرعة لنذهب لأقرب طبيب .......ولكن أين الطبيب فى هذا المكان المنعزل وفى هذا الوقت من السنة والذى لم يبدأ فيه موسم التصييف بعد فجميع القرى السياحية – البعيدة جدا – أيضا خاوية !!!!!!!!!

    جرينا على السيارة وسارة تحمل يحيى وهو تقريبا فاقد الوعى وفى شدة الذبول وأنا لا أعرف الى أين أذهب ؟ ودموع سارة لا تتوقف وهى تردد كلمة واحدة بمنتهى الوعيد (انت السبب انا قلت لك بلاش المكان المقطوع ده .....لو حصل حاجة لابنى والله لأقتلك !!!!)
    وكأنه ليس ابنى انا الآخر ......فعلا الانثى فى الاصل أم ثم زوجة !!

    مرت نحو ساعة ونصف وأنا أسير بلا هدى ولا أجد بشائر لأى مستشفى او حتى عيادة وانا أصرخ داعيا الله ان يغيثنا .....وكل لحظة يحيى يزداد ذبولا وشحوبا .....وسارة يكاد قلبها يتوقف من فرط البكاء والدعاء .....حتى أخيرا وجدنا نقطة اسعاف على الطريق العام ويبدوانها مهجورة فجرينا عليها فلم نجد الا حجرة واحدة للكشف يبدو ان لم يدخلها مريض من اعوام ووجدنا ممرض نصف نائم قابلنا ببرود شديد .....صرخنا به سائلين عن الطبيب فأخبرنا بلا مبالاة أنه ليس موجود !!

    ولأول مرة فى حياتى أرى سارة الوديعة تتحول الى نمرة شرسة مستعدة للقتل فى أى لحظة وصوتها يصل الى عنان السماء وهى تصرخ فى الممرض بشراسة ( لو فى ظرف 5 دقايق ما جبتش الدكتور حالا اقسم بالله العظيم لأقتلك بايدى وادفنك فى الحتة المقطوعة دى !!!)

    ويبدو ان الرجل ارتعب من غضبها الهائل وفر كالريح يوقظ الطبيب من سكن الاطباء ...وجاء لنجده طبيب صغير السن حديث التعيين ....لا اعرف كيف يضعون طبيب قليل التجربة فى مكان وحده لا يجد من يعلمه ويكون مسئول بمفرده عن كل شىء !!

    وبدأ فى الكشف على يحيى وتعابير وجهه غير مطمئنة وبعد قليل أخبرنا أن الحالة محتمل ان تكون تسمم من ابتلاعه شىء فاسد أدت الى حالة القىء والاسهال الشديدين والاهم الآن هو انقاذه من حالة الجفاف الخطيرة .........

    هبط علينا كلامه كالصاعقة وأحسست برعب لم أشعر به فى حياتى .....هل سيموت يحيى ؟ توقف عقلى عن العمل وتوقفت الحياة عن دورانها حتى البكاء لا اقدر عليه .....أنظر اليه وهو فاقد الوعى وشاحب شحوب الموتى .......أكيد ابتلع شىء من الشالية او البحر فى غفلة منى ....بماذا تشعر الأم اذا مات ولدها ؟......يارب لم أستطع الحفاظ على نعمتك فسامحنى واحفظها لى برحمتك وسلطانك ....يارب يارب
    انطلقت بأقصى سرعة الى الصيدلية للمرة الألف لاحضار المحاليل والادوية التى يطلبها الطبيب كل ساعة ....يحيى يزداد ذبولا ولا يستعيد وعيه من شدة الجفاف منذ 5 ساعات وسارة لا تفارقه وكل المحاليل تخترق أوردته بلا فائدة ......يارب لا أعرف كيف أدعوك فى هذه المحنة قد أكون أرتكبت العديد من الذنوب ولا أستحق غفرانك ......ولكن ارحم هذا الملاك من أجل أمه التى تفقد الحياة كل دقيقة جواره ........ارحمه من أجلى فهو نبض قلبى وثمرة عمرى ......ظهرت أنوار نقطة الاسعاف أمامى ...أخاف أن أقترب فيأتينى الخبر الذى أهرب من سماعه ......يارب ..يارب

    وقبل أن أصل وجدت رجل عجوز مسكين ينام على جانب الطريق ......لا أعرف من أين جاءنى هذا الخاطر فأوقفت السيارة وانا فى أمس الحاجة لكل دقيقة ....نزلت وأعطيته كل المال الذى فى جيبى بدون أن أبقى معى شىء و بدون تفكير ....تذكرت ( داووا مرضاكم بالصدقة) لعل الله ينقذ ابنى الوحيد ........
    اقتربت وانا أخشى أن أرى وجوه باكية فى انتظارى ....ولكنى وجدت سارة تهرول فى اتجاهى وصوتها مختلط بين البكاء وعدم التصديق وهى تهتف
    ( يحيى فاق يا عمر !!!!!!)

    ************

    الحلقة التاسعة
    تحول كل بيتنا الى فوضى منذ أن أصبح يحيى يمشى ....أصبح لا يوجد مقعد فى مكانه ولا مفرش فوق ترابيزة لا سمح الله !! وطبعا أى ورود أو تحف صغيرة أصبح من المستحيل بقائها مكانها وأصبح مكانها الوحيد فوق الدولاب كى أنقذها من التحطيم المستمر!! .....لا أعرف لماذا يحب الاطفال استكشاف كل شىء حتى لو رأوه مائة مرة ؟
    أتعجب عندما أرى يحيى ماشيا فى أمان الله وفجأة يثبت نظره فى اتجاه شىء معين وهنا تصفر صفارات الانذار فى رأسى من أنى فى ثوانى سأسمع صوت تحطيم او دمار .....ثم أجده متجها بمشيته التى تشبه مشية البطة الى هدفه كالصاروخ ويكون غالبا كوب أو برواز صورة أو أى شىء .....

    وهنا أقفز مثل لاعبى السيرك لأنقذ الهدف المسكين من مصيره المحتوم وان نجحت تبدأ مرحلة من الصراخ من يحيى احتجاجا على هذا الظلم البائن !!كنت فى البداية أرق لبكائه وأتراجع عن موقفى كى يكف عن البكاء .......ولكنى وجدت انه فى غاية الخبث علم ان البكاء يخيفنى فاستخدمه كسلاح ....أى شىء يريده بفتح السارينة !!
    ولكنى انتبهت لهذا السلاح الجديد وأصبحت لا أهتم لصراخه ...حتى عرف بعد فترة انه لا جدوى معى من البكاء فأصبح ينصرف عنى وكأنه يتمتم (حسبى الله ونعم الوكيل !!).......

    أصبح يحيى هو صديقى الوحيد والوجة الوحيد الذى أراه يبتسم فى وجهى منذ أن زارنا الحزن وأقام لدينا منذ شهرين ........من يوم مات والد عمر ونحن نسكن مع الحزن فى كل لحظة .......أخاف على عمر من شدة حزنه على أبيه ......أراه شاردا حزينا ....أستيقظ فلا أجده بجوازى وأجده يصلى وحيدا وهو يبكى لله ويسأله الصبر على الفراق ............أحاول بكل طاقتى ان أخرجه مما هو فيه بلا جدوى ......يارب خفف عنه وعنا ...........

    (لا يعلم جنود ربك الا هو .....) الموت من جنود الله التى تدفعنا دفعا الى الخوف من الوقوف بين يدى الله .......لا أعرف كيف اختطف الموت أبى لأتحول فجأة من رجل الى طفل صغير فقد يد أبيه فى الزحام فوقف يبكى ولا يشعر بزحام الدنيا من حوله ......فقط ينتظر وجه أبيه ليعيد له الأمان ......رحمك الله ياابى كم أتعبتك فى طفولتى ....وكم عاندتك فى مراهقتى .......وكم جادلتك فى شبابى ........أندم على كل يوم لم أقبل به يديك ........


    وتبقى مشكلة أمى .....أنا ابنها الوحيد الرجل وأخواتى البنات متزوجات وفى بلاد بعيدة مع أزواجهن .......وأمى فى حال يرثى لها منذ وفاة أبى ....وأنا يوميا أزورها بعد عملى وهى تعيش فى أحزانها وتهمل حتى صحتها .......خوفى عليها يزداد ولكن ماذا أفعل ؟

    حياتنا انقلبت منذ وفاة والد عمر أصبحت لا أرى عمر الا نادرا ....أصبح يخرج من عمله يذهب الى حماتى ليقضى معها بقية الليل وأحيانا يبات هناك معها ......وأنا أزورها ثلاث أو أربع مرات فى الأسبوع .....أعد طعام الغداء وأصطحب يحيى وأذهب لها وننتظر عمر ليأتى ونقضى بقية اليوم معها ......أشفق عليها من أحزانها .......لا أعرف كيف تشعر المرأة لو فقدت شريك حياتها وحبيبها ورجلها الوحيد بعد عشرة أكثر من ثلاثين عاما ؟؟؟



    وقد تحول حزنها الى عصبية شديدة لو غاب عنها عمر يوما تظل تبكى وتتهمه بأنه لا يحبها ويفضل بيته وزوجته (اللى هى أنا !) عنها ......ولو لم أحضر لها يحيى لتراه انصبت فوق رأسى كل صراخ الدنيا .....ازدادت أعصابى توترا وأصبحت تقريبا لا أنام وبيتى فقد الاستقرار ولا أرى زوجى ......ولا أستطيع ان انطق بكلمة ....بل على طول الوقت أن احتمل أعصاب عمر المنهارة وغضب حماتى طوال الوقت ..........
    -
    زارتنى ماما ورأتنى وانا ذابلة مجهدة وقصصت عليها ما أنا فيه ....فردت على :
    -معلش ياسارة استحملى ...جوزك معذور ده برضه والده

    -انا عارفة ياماما والله ونفسى أخرجه من اللى هو فيه ......ومستحملة عصبيته واكتئابه ......بس حاسة انى عايشة فى دوامة يادوب اصحى الصبح علشان اشتغل وأجهز الأكل وأشيله وآخد يحيى وأروح لحماتى ونقضى بقية اليوم عندها وطول الوقت بأستحمل كلام فى منتهى الغلاسة وكأنها عاوزة تقول لى ( انا جوزى مات وانتى كمان واخدة ابنى ؟ ) بجد ياماما تعبت ومش عارفة اعمل ايه ؟

    -معلش اهم يومين ويعدوا ياسارة خليكى انتى بنت الاصول اللى تقف جنب جوزها وامه فى الظروف دى ......يعنى لو كنت انتى مكانه مش كان ح يعمل كده؟

    -مش باين ياماما انهم يومين ......احنا بقالنا شهرين على الحال ده وعمر مش عاوز يسيبها لوحدها أبدا وبصراحة عنده حق بس انا تعبت أعمل ايه ؟

    - فسكتت ماما للحظات وكأنها تفكر فى أمر عميق وأجابتنى : بصى ياسارة خلينا واقعيين انا رأيى انك تقولى لعمر يجيب والدته تقعد معاكى هنا ..........

    - فانتفضت كالملسوعة : ايه تعيش معايا هنا ؟ انتى بتقولى ايه ياماما ؟ هو انتى مش عارفة طبعها وازاى بتعاملنى ؟ حرام عليكى !!

    - بصى ياسارة خليكى عاقلة .....مش معقول ح تفضلوا على الحال ده ومش ممكن ح تقولى له ارمى أمك .....علشان ربنا يبارك لك فى يحيى .....وبعدين خليها تيجى منك أحسن لأن ده ان آجلا أو عاجلا ح يحصل وهو اللى ح يطلب منك انها تعيش معاكم لأنه ابنها الوحيد الرجل ......يعنى هاتيها منك واعرضى عليه انتى واحتسبيها عند ربنا ........

    - فسالت دموعى وانا أرى أن كلام أمى منطقى جدا ولا مفر منه : بس ياماما كده ح نبقى طول اليوم فى حرب ......وأكيد ح تحصل مشاكل .......أعمل ايه ؟

    - والله اتكلى على الله ومادمتى بتعملى كده علشان ترضى ربنا وتريحى جوزك يبقى أكيد عمر ربنا ما ح يسيبك ابدا ان شاء الله
    -
    -
    -
    -
    -صليت استخارة ودعوت الله وقلبى يمتلأ بالخوف من حياتى التى ستقلب رأسا على عقب .........وبكيت بين يدى الله وأنا أسأله العون .......واقتربت من عمر وهو جالس وحده فى الصالون شارد النظرات ......وهمست له .......

    - مش تروق كده يا حبيبى .....ده انت تعرف ربنا وربنا يرحمه ان شاء الله..........

    - ونعم بالله ياسارة وهو ح يفضل غالى على طول ............ بس كل ما افتكر والدتى انها لوحدها فى الشقة وانها ممكن يحصل لها حاجة من غير ما اكون معاها بأتجنن ....نفسى أكون معاها على طول علشان بالى يرتاح ........

    - فهمست فى سرى (والله عند حق ياماما خليها تيجى منى أحسن !!) ورددت عليه :

    ربنا يخليهالك يارب .......طيب أنا عندى اقتراح علشان تطمن عليها ايه رأيك تيجى تعيش معانا هنا وانا أحطها جوة عينى .........ايه رأيك ؟

    -فصرخ فرحا ورأيت ابتسامته التى لم أرها من شهور وهو غير مصدق وقال لى : ايه بتقولى ايه ؟ انتى بتتكلمى بجد ياسارة ؟ انا كان نفسى أعرض عليكى الموضوع ده بس كنت متردد ...........

    -فبلعت توترى وابتسمت له وقلت ليه بتقول كده يا عمر هو احنا يعنى ح نرمى أهالينا ؟ ربنا يخليهالك ويقدرنى على خدمتها ........
    .
    -فاحتضننى فى قوة وهو يقول لى : بجد مش عارف أقول لك ايه ياسارة انتى فعلا بنت أصول .......انا عارف ان ماما متعبة شوية ....بس صدقينى انا شاء الله مش ح تضايقك خاااالص .............وتركنى وانطلق الى التليفون يزف البشرى لوالدته ....

    -وأنا أردد وانا أكاد أبكى : خالص خالص خاااااااااااااااااااااااااااااااااالص !!!!!!!!!!!!

    ************
    الحلقة العاشرة
    انا اللى جبت ده كله لنفسى !!!! اقول هذه الكلمة لنفسى كل يوم وكل دقيقة من السيرك اللى عايشة فيه من ساعة ما حماتى المصونة شرفتنا بالانتقال الى الحياة معنا .........الله يسامحك ياماما !! انتى اللى اقترحتى الاقتراح الرائع ده !!!

    حياتى انقلبت بزاوية 180 درجة ........لم أكن اتخيل ان كل هذا سيحدث فى شهر واحد ....البنت بتتجوز علشان يكون لها بيت مستقل تكون هى ملكته تفعل به ما تريد ......وقت ما تحب .....تطبخ ما تشاء ...تضرب عن الاعمال المنزلية وتؤجلها ليوم آخر وقت ما يحلو لها ...........

    افتقدت كل هذا دفعة واحدة !! أحسست انى ضيفة فى بيتى ....وياريت كمان ضيفة دى حتى الضيفة بتخدم وتكرم ......اما انا تحولت الى أسيرة ومراقبة 24 ساعة من حماتى ...... طول النهار تراقب تحركاتى وتنتقدتنى فى كل حاجة ........

    تراقب تطور حلة المحشى من اول نغسل الأرز الى آخر محطة وكل لحظة تتحفنى بعبارات من نوعية ( واضح انك لسه بتتعلمى ياسارة ) ( لا لا لا ده مش محشى ده يخنى !!) (عمر ما بيحبش المحشى الا من ايدى انا !!)

    ولا تفكر حتى ان تساعدنى فى اى شىء .........وانا لا أرد على أى كلمة وأحاول ان ابتسم حتى تصلبت شفايفى فى وضع ابتسامة مسلوقة لا معنى لها .....بس علشان ما أطقش وأموت !!

    ياسلاااااااااااااام ربنا يخليكى لى ياسارة يا حبيبتى .......حلت لى كل مشاكلى مرة واحدة بقيت مطمئن على ماما كل ساعة .....وسارة كمان شايلاها جوة عينيها بصراحة ......انا كنت فاكر انى كل يوم ح الاقى خناقات لرب السما ....لكن الحمد لله الدنيا هادية وجميلة والاتنين زى السمنة على العسل !!!!!!!! بصراحة مش أى واحدة تستحمل ماما انا عارف انها صعبة وبتحب تتدخل فى كل حاجة بس ح اعمل ايه يعنى ؟ ربنا يخليها لى يارب ......ويخلى لى سارة وتفضل بعقلها الراسى كده على طول !!!!!!!

    انا خلاااااااااص معدش فى ريحة العقل !!! قربت اتجنن وأسيب البيت ........كل حاجة فى الدنيا حماتى مدخلة نفسها فيها .......حتى تربيتى ليحيى كل حاجة غلط فى غلط !! لو أكلته جزر يبقى لااااااااا البطاطس أفيد كتير ......ولو اكل شيكولاتة يبقى سنانه ح تقع ولو حرمته منها يبقى انا أم مفترية !!! بجد مش عارفة اعمل ايه ولا أملك الا الطاعة لكل كلامها ولو جادلتها ندخل فى جدال يستمر لساعات فأسمع كلامها وانا أموت من الغيظ ............

    والمشكلة الأكبر كمان هى فى وجود عمر .....بتستأثر بيه وكأنه زوجها هى !! تقعد تتكلم معاه بالساعات وتطلب منى أعملهم فنجانين قهوة علشان القعدة تحلو !! ولو بعد الشر قعدت اتكلم معاه على انفراد فى أى موضوع لازم تعرف بنتكلم فى ايه والا تزعل وتتقمص والود ودها انها تنام معانا فى نفس الاودة !!!

    بجد انا تعبت خلاص ولازم الوضع يتغير لازم اطلب من عمر انها ترجع شقتها ونرجع نزورها زى الأول .......بس ازاى اقدر أطلب منه كده ؟ اكيد الدنيا ح تولع ويبقى شكلى انى بأطرد أمه .....لا لا ما ينفعش الحل ده ...انا عارفة الدين والأصول وكمان لو عمر عمل كده فى أمى أكيد ح أقتله !!

    انا عارفة انى مهما عملت لا يمكن تحبنى زى بنتها .....دى الطبيعة البشرية انا برضه مش ح احب زوجة يحيى ابنى !! يعنى بعد ما اتعب وأربى تاخده راجل على الجاهز ؟!! طيب يبقى انا أشيل فكرة انها تحبنى من دماغى واحاول اتقبل الوضع وأحسنه وخلاص ........ ودخل عمر على وأنا غارقة فى التفكير وضاربة بوز :

    -ايه يا سارة بتفكرى فى ايه ده كله ؟

    -ولاحاجة ياعمر بس تعبانة شوية ........

    -من ايه يا حبيبتى .....مش ماما بتساعدك فى تربية يحيى ؟!!

    -( ياخرااااااابى !!! بتساعدنى ؟!!! ) طبعا قلتها فى سرى ورديت عليه وانا مفروسة : طبعا طبعا ربنا يخليهالنا ........

    -فرد على بحنان : والله انا حاسس بيكى يا حبيبتى وعارف ان ماما صعبة شوية ....بس اعمل ايه انا ابنها الراجل الوحيد ....أرميها يعنى ؟

    -فسالت دموعى رغما عنى وقلت له : ياعمر انا لا يمكن اقول كده وانا اللى طلبت منك انها تيجى هنا ....بس بجد انا حاسة انى بقيت ضيفة فى البيت مش صاحبته بأنفذ كل كلامها وبتنتقد كل حاجة بأعملها فى البيت ومحسسانى طول الوقت انى مش بافهم فى أى حاجة ......بجد تعبت ......اعمل ايه ؟

    -فأخذ وقتا طويلا قبل ان يرد وجاء صوته مليئا بالحيرة وهو يرد على : بصى ياسارة .....انا عارف ان عندك حق ...بس حطى نفسك مكانها دى ست فقدت عشرة عمرها كله ولقت نفسها وحيدة وكمان سابت بيتها فبتعتبرنى انا رجلها الوحيد فى الدنيا ومتخيلة انك انتى اللى واخدانى منها .....فنفسيا كده بتغير منك ومن حبى ليكى وبتحاول تحسسك انها أحسن منك فى كل حاجة ........معلش لازم نراعى تفكيرها ده ........حاولى تصاحبيها وتخليها تشيل فكرة الغيرة دى من دماغها .........

    -فرديت بفراغ صبر : والله حاولت مفيش فايدة .........

    -فرد بعصبية : بصى ياسارة انا مش ح اتكلم فى الموضوع ده تانى .......انا لايمكن أغضبها أبدا علشان خاطرك ......ولو اخترت بين بيتى وبين رضاها ح أختارها هى .....واعرفى انى لو ما عملتش ده وأغضبتها علشانك ........ابنك يحيى ح يعمل فيكى كده و حيرميكى علشان مراته (الديان لايموت ) ومش ح اتكلم فى الموضوع ده تانى ياسارة ........تصبحى على خير
    -.......وانت .........!!!!!!!!!!!

    ************
    الحلقة الحادية عشرة
    (البحر من خلفى وحماتى من أمامى )!!!!!!!! عمر فجر القنبلة فى وشى وسابنى اواجه المشكلة لوحدى !! يعنى كان ح يحصل ايه لوكلم والدته ووصاها على شوية ؟ خلاص الدنيا ح تولع ؟ طيب أعمل ايه يارب ؟ انا بجد تعبانة ومش عارفة ارتاح ولا دقيقة لا من حماتى ولا من يحيى .....بيطلب كل دقيقة طلب لما خلاص جننى .....باحس انه فاضى وبيتسلى .....فاضى وبيتسلى ؟! فاضى .............. ايه ده ؟ معقووووووول؟!!
    معقول يا سى يحيى انت اللى ح تحل لى الحدوتة العويصة دى ؟ قمت من مكانى وأحضرت له مكعبات أحضرها له والدى وأبعدتها عنه حتى يكبر ويستطيع اللعب بها ...وأول ما رآها هجم عليها يبعثرها من مكانها وجلست معه أريه كيف يركبها ....وماهى الا دقائق حتى استغرق باللعب بها وان لم يستطع تركيبها ولكنه أخذ يلعب بها ويكتشفها والأهم انه بعد عنى ولم يطلب أى طلبات أخرى !!

    طيب ما هى حماتى نفس الحكاية بالظبط ........حياتها فارغة جدا وخاصة بعد موت والد عمر ....وأنا من أقوم بكل الأعمال المنزلية ولا أحاول أن أتعبها فى شىء ......فلا يبقى لها الا الفراغ واللعب مع يحيى والتفرغ التام لانتقادى !!! طيب ما انا لو رحت ضيفة عند أى أسرة وكنت لا أفعل أى شىء طوال 24 ساعة الطبيعى جدا انى سأتفرغ لمراقبتهم لبسوا ايه ؟ عملوا ايه ؟ .....خلاص يبقى الحل الوحيد انى أشغلها طول اليوم .....خلاص ح أجيب لحماتى مكعبات !!!!!!!

    انا كمان من ناحيتى لازم أقلل احساسى انها غازية لبيتى وانى خلاص مش عارفة ارتاح طول ما هى موجودة ........بصراحة فى وجودها مريحانى من يحيى فى أوقات كتير وخصوصا وانا بأشتغل الصبح على الكومبيوتر .......وكمان فى حاجة مهمة ان فى وجودها عمر مش بيتخانق معايا خالص حتى لو لقى البيت بيتحرق !! ودى حاجة جمييييييييلة جداااااااا
    انا ح أحاول أحسسها انى بأحبها علشان هى كمان تحاول تحبنى .......مش كفاية انها ادتنى عمر حبيبى علشان استحملها ؟ ومش بس استحملها لا أحاول احبها ؟

    بصراحة سارة عندها حق فى شكوتها من ماما ...بس كان لازم أوقف الموضوع بحزم علشان ما يكبرش ويتحول لخناقة وانا حاولت قبل ما هى تشتكى ومن غير ما تعرف انى ألفت نظر ماما انها تخف شوية على سارة ....بس طبعا من بعيد لبعيد علشان ماأزعلهاش ...زى اللى بيوصف لواحد ازاى يروح اسكندرية عن طريق أسوان !!! والله انا نفسى أرضى الطرفين بس مش عارفة ازاى ؟ لا ورد فعل ماما كان غريب جدا !! نظرت لى نظرة طوييييييييييلة وسابتنى ومشيت !!!

    وبدأت خطوات الخطة الجهنمية اللولبية فى شغل فراغ حماتى وكمان تهدئة نفسيتها الثائرة داااائما !!
    أول حاجة انى دعوتها اننا نصلى جماعة انا وهى كل الفروض بعد ما كانت تصلى وحدها ....فى الأول اعترضت كالمعتاد بحجة انها لا تقدر على الوقوف الطويل فأحضرت لها كرسى صغير تصلى عليه ...وبدأت أوقظها لصلاة الفجر بعد أن كنت أتركها تنام .....وسبحان الله بعد عدة أيام من صلاتنا معا أنا وهى لانت معاملتها لى بعض الشىء .....وجعلنا لنا وردا يوميا من القرآن .....كيف يجمعنا الله خمس مرات يوميا ويفرقنا الشيطان ؟

    وتشجعت انى طلبت منها أن نذهب أنا وهى يوميا درس لتعليم التجويد فى المسجد المجاور بعد صلاة العصر....وكنت أتوقع كلمتين فى العظم ورفض دون أسباب !! ولكن لدهشتى وجدتها وافقت بسهولة ووجدها فرصة لتعلم شىء جديد والخروج أيضا ..... وسبحان الله وجدتها عندما تقربت لله أكثر وشغلت وقتها أكثر .....أحبتنى قليلا !!
    وتغيرت معاملتها لى فى أشياء كثيرة .....بل وبعد عدة أسابيع من انتظامنا فى درس التجويد يوميا ....وجدتها تدعو لى لأول مرة فى حياتها!!!!!!!


    ولأول مرة أكتشفت الجانب الطيب فيها الذى كان مختبىء وراء عصبيتها وانتقادها لكل الناس .....وتحسنت علاقتى بها كثيرا .......لن أقول انها أصبحت مثل علاقة الام بابنتها ولكن على الأقل الجانب العدائى بيننا قل كثيرا وأصبحت أفتح لها قلبى وأحكى لهاعن عملى بعد أن كان كل كلامنا عبارة عن قذاف نارية !!!!

    بل وتهورت مرة واشتكيت لها من عصبية عمر فى موقف معين وظلمه لى .........حقيقة لم تقف ضد حبيب قلبها بالطبع كما كنت أطمع!! ولكن على الأقل لم تهاجمنى زى زمان بأنى متجوزة سيد الناس كلها !! ولكنها طيبت خاطرى بكلمتين وهذا يكفينى !!!

    والله لو علمت كل امرأةعلى الأرض انهاعندما ترضى أهل زوجها وبالأخص والديه أن حبها فى قلبه سيتضاعف لانتهت كل مشاكل الكون !! كل وقوف سارة بجوارى وحنانها معى وعشرتها الطيبة وحبها لى كوم .....ورعايتها لأمى واهتمامها بها ومحاولة تغييرها واتقاءها الله فيها كوووووووووووووم تانى !!

    حب سارة فى قلبى تضاعف واحترامى لهاأصبح لايوصف .......لابد أن أكافىءهذا الملاك الصابر ....نزلت اشتريت لها حلقا صغيرا ماسيا على شكل قلبين صغيرين .....وجريييييييييت على حبيبتى .........
    وجدتها فى انتظارى جميلة كالمعتاد وحدها دون ماما ويحيى باشا .........

    -وحشتينى يا حبيبتى .... ماما فين ويحيى ؟
    -وانت كمان وحشتنى يا حبيبى ....طنط ياسيدى عرفتها على الحاجة فوزية اللى فى الدور الخامس من كام يوم .....انت عارف هى كمان وحيدة بعد جواز ولادها ....واتصاحبوا على طول وبقت طنط بتاخد يحيى وبتطلع لها كل يوم تشرب معاها فنجان قهوة ويفتكروا أيام ما كان الرغيف ب 3 مليم !!

    -قصدك ان ماما عجوزة صح ؟ ياماااااااااااااااما ااااااااااا !!!
    -فوضعت يدى على فمه قبل ان يفضحنى : بس ياعم انا ما صدقت انها ترضى عنى شوية عاوز توقع بنا ليه ؟
    -فضحك وهو يقول :لا والله ده انا مش عارف أشكرك ازاى على معاملتك لماما بجد احترامى وحبى ليكى زاد ....انا جبت لك هدية يارب تعجبك .........
    -ففتحت العلبة ورأيت الحلق الرائع ولم أصدق انه ماس الا عندما أقسم لى عمر ولم أعرف كيف أشكره ................
    ومن زماااااااااااااااااااان سكتت شهرزاد عن الكلام المبااااااااح ...........

    ************
    الحلقة الثانية عشرة
    الكابتن يحيى اتم سنتين من عمره المديد ........أصبح شقى جدا وملامح شخصيته ظهرت ...ورث العصبية من عمر ومنى العند طبعا !!
    أصبح يقلدنا جميعا فى الكلام وينطق الكثير من الكلمات بطريقته الكوميدية ...أجملها على الاطلاق كلمة (ماما) ...يرشونى بها كى تذيب أى غضب داخلى من أى كارثة فعلها .......وما أكثر حوادثه وكوارثه التى لا تنقطع .....

    وعلى رأسها معركة الطعام اليومية التى تجعلنى اتمنى ان أطعم حى شبرا بأكلمله ولا أطعمه طبقا واحدا!! يرفض الطعام بأغلب صوره ويتمنى ان يمتلأ العالم شيكولاتة وحلوى ولتذهب كل الأطعمة الى الصين .........

    وعندما أتم العامين بدأنا الكارثة الحقيقية فى حياة كل أم وهى مأساة تعليمه استخدام الحمام وحده والاستغناء عن الحفاضات !! لا يمكن وصف العذاب الذى عشته لأسايبع طويلة ...أصبحت عصبية وتعبت من هذا الصراع ....لا أعرف كيف تحولت حياتى كلها الى وجبات طعام وحفاضات وصراخ ؟!

    بعد ما سافرت أمى الى أختى فى السعودية لعمل عمرة وقضاء عدة أشهر معها ....خلا البيت منها بعد ما اعتدت وجودها......سبحان الله يظل الرجل طفلا يشتاق الى حضن امه مهما طال به العمر .......

    العمل فى الشركة تتطور مراحله بشكل لا يوصف وتتوسع المشروعات به ..وترقيت فى منصبى تبعا لمجهودى رغم قصر المدة ....وأصبح مطلوب منى تدريب بعض المهندسين الجدد الذين يلحقوا للعمل فى الشركة وملازمتهم حتى يتقنوا العمل ....
    عشت معهم لحظات التوتر الاولى والخوف من المجهول واهتزاز الثقة فى الموهبة الذى عشته قبلهم فى ايامى الاولى هنا.... منهم من يتخطى أشهر الاختبار ويثبت نجاحه ومنهم من تتعثر خطواته ويعود من حيث أتى !!

    حتى جاءتنا فى يوم مهندسة شابة اسمها آية ...من أول لحظة شعر الجميع أن شخصيتها متفردة ....درست الهندسة فى الخارج رغم صغر سنها مما أعطى موهبتها ثقلا لا يستهان به ....

    خطوطها حساسة وأفكارها متجددة ....ورغم هذا تتمتع بحياء المبتدئين ولا تتطاول على أحد ....جعلتنى فى أحيان كثيرة فى حيرة كيف أكون من يدربها وفى رأسها أفكار أنا شخصيا لا أعرفها من قبل !!

    ولكنها كانت تنصت لأى ملاحظة منى حتى لو كانت تعرفها من قبل وتتظاهر بالتعلم مما أثار اعجاب الجميع بها لتواضعها ونبوغها فى سنها الصغير ........

    الملل يحيط بى من كل جانب ..عملى على الكومبيوتر لا جديد به أبدا نفس الايميلات ونفس الكلمات ونفس الاشخاص ....حتى أكاد أن أقوم به وانا مغمضة العينين ولم يعد يستغرق من يومى سوى 3 او 4 ساعات وبقية اليوم فى نفس الروتين .....أحادث يحيى طوال اليوم حتى لا أحادث نفسى ......

    عمر لاأراه سوى ساعتين فى اليوم بعد أن ترقى فى منصبه ....وبعد أن يعود لا يكون لديه رغبة فى أى كلام أو حديث ....يعود منهكا يلعب مع يحيى قليلا ويستمع لأحاديثى المكررة عن معاركى اليومية مع يحيى فى محاولة اطعامه أو ادخاله الحمام ...وطبعا ينام اول ما أبدأ كلامى !!!.. .......

    شخصية آية تزداد تألقا كل يوم ...أصبحت محط انتباه الجميع فى أسابيع قليلة بموهبتها وشخصيتها الجذابة فى الحديث حتى ما تكاد تتحدث حتى تستحوذ على عقل محدثها من ثقافتها وادراكها للعديد من جوانب الحياة ...

    حتى علمت منها انها تحضر ندوات ثقافية ومعارض تشكيلية .....وتأخذ دورات للغات فى الجامعة الامريكية .....لا أعلم من أين تأتى بالوقت لتفعل كل هذا؟
    وأكثر ما أثار اعجاب الجميع بها هو التزامها بدينها رغم دراستها بالخارج .....مما جعلنا نزداد احتراما واعجابا بها .......

    عمر يحكى لى عن المهندسة الجديدة منذ أكثر من ساعة .....لم أره من قبل يتحدث عن أحد وتلمع عيونه بهذا الشكل .....كتمت غيرتى وبادلته الحديث وانا أراه يلصق بها كل الصفات الرائعة من التدين والثقافة وجاذبية الشخصية وأيضا الجمال !!

    -انتى ما تتصوريش يا سارة البنت دى مميزة قد ايه ...قليل اوى لما الواحد يشوف بنت موهوبة فى الهندسة بالشكل ده ....

    -ليه هو انتم مش عندكم مهندسات فى الشركة ؟

    -لأ فيه طبعا ....بس أغلبهم بعيدين عن التصميم مش موهوبين زيها ....بيشتغلوا فى التنفيذ بس.......
    -داريت غيظى وانا أقول له : أكيد مش بتقول انها دارسة هندسة برة ده شىء طبيعى انها تكون متميزة .....

    -قال لى وعيونه تلمع : هى مميزة فى الهندسة بس يابنتى ؟ دى مثقفة بشكل كبير جدا مفيش حاجة فى الدنيا الا وعندها فكرة عنها ....سياسة فن ادب . ...ما شاء الله بجد عليها....
    -مممممممممممممممممم

    -لم يلاحظ انى أريد غلق الموضوع وأكمل : لا وكمان متدينة بتراعى ربنا فى كل تصرفاتها .....وواضح كمان ان عيلتها م.....

    -قاطعته لأغلق الموضوع قبل أن أنفجر وحاولت تصنع الابتسام وانا أحدثه : اسكت يا عمر النهاردة يحيى رمى ريموت التليفزيون من الشباك و....دخل المطبخ فتح ازازة الزيت وبهدل أرض المطبخ .....ولما جيت أجرى وراه قام..........
    -تصبحى على خير ياسارة .. .....عندى شغل بدرى !!

    ************

    الحلقة الثالثة عشرة
    الأيام الماضية عشت أسوأ أيام فى عمرى ....احساس لا يوصف بعدم الأمان ....عندما أرى زوجى وحبيب عمرى وكأنه ليس معى ....تائه فى عالم آخر .....أشعر به بغريزة الأنثى التى لا تخطىء .....وما يطمئنى قليلا انه متدين ولن يفعل شىء حرام .....لكن حتى المتدينين أكثر الناس زواجا على زوجاتهم !!

    ولكن يبدو ان سحر هذه الفتاة أكبر من مقاومته .....وظروف وجودها معه لساعات طويلة رغما عنه يجعله يسحر بطريقة تفكيرها وجاذبيتها ....أنا أعلم زوجى جيدا لا ينجذب كثيرا لامرأة جميلة فارغة العقل ....ولكن ما أخشى عليه فعلا منه هى امرأة شديدة الذكاء والتميز .......هى فعلا القادرة على جعل حصونه تهتز .........

    ولكن أين أنا ؟ ألست حبيبته كما يدعى ؟ كيف تشاركنى فى قلبه او حتى فى عقله امرأة أخرى .......هل لو رأيت أفضل رجل فى العالم سيشارك عمر فى قلبى ؟ لكن يبدو أن قلب الرجل مثل محطة القطار كل واحدة ممكن تركبه !!

    انا خلاص قربت اتجنن عايش فى صراع رهيب .....طول الوقت حاسس انى بأعمل حاجة غلط ....مش عارف ايه اللى بيحصل ؟....عمرى ما اتشديت ولا أعجبت بواحدة بالشكل ده ....بجد تعبت من التفكير بأحاول انى أبعد عنها كل الطرق حتى انى حاولت انى أخلى واحد تانى يدربها مفيش فايدة اترفض طلبى .......بأحاول انى لا أنفرد معها فى مكان على الاطلاق ولا أحاول انى اكلمها فى اى شىء شخصى وكلامى معها رسمى جدا وفى حدود العمل فقط .......ولكن دون جدوى ..

    أشعر ان تفكيرى فيها لا يتوقف .فهى شخصية شديدة التميز والذكاء تجعلك لا تستطيع الا ان تملك عقلك وتفكيرك ....ولكنى أحب سارة فعلا ...ولكن عندما أقارنها بآية أجد فرقا كبيرا فى كل شىء !!

    حاولت لوم نفسى بأن يحيى شغلنى عن عمر وحاولت التجديد فى شكلى وفى المنزل وكتمت غضبى وغيرتى وتجاهلت حديثه عنها وحاولت ارضاءه.......حاولت استعادة ليالى شهرزاد بلا فائدة !! عمر يضيع منى !!

    حاولت التودد اليه وفتح مواضيع جديدة للحديث معه وتحاشيت الحديث عن معارك يحيى اليومية فكان يسمعنى بلا اهتمام وكأن عقله فى مكان آخر

    حتى لو كانت هذه البنت متفوقة عنى فى كل شىء فلا يجوز حتى المقارنة بين شريك العمر وأى أحد آخر .....فالزوجة تحب الشعر الابيض الذى يغزو شعر زوجها بعد الزواج فهو دليل شاهد على عشرتهم الطويلة وأيامهم التى قضوها سويا ....هل اذا وجدت رجلا اكثر شبابا تترك زوجها لأجله ؟!!!
    يارب ارفع هذه الفتنة وساعدنى وأعد الى زوجى وحبيبى !!

    الشركة ستنظم حفلة بمناسبة حصولها على مناقصة عالمية ........وكل المهندسين وأسرهم سيحضرون فكرت فى الاعتذار ولكنى لم استطع ....والغريبة ان سارة وافقت على الفور وتحمست جدا للحضور معى .....ياترى شعرت بشىء ؟ لا أظن !!
    ولكنى لا أريد ان تجتمع سارة وآية فى مكان واحد ..ربنا يستر !!

    جاءتنى فرصة الحفلة لأرى غريمتى عن قرب ......أشعر ان الله سيأخذ لى حقى .......ولكنى عندما أراها سأحترق من الغيرة .....أخاف ان أقتلها والواد يحيى ما يلاقيش حد يربيه !!

    اشتريت فستان سهرة قمة فى الاناقة وأرسلت يحيى الى ماما من قبل الحفلة بعدة ساعات كى اتجهز وأحاول ان أريح أعصابى ولا أظهر لعمر توترى ....ولأول مرة أخذت ساعات فى ارتداء ملابسى لأنى فى كل مرة لم أكن راضية عن مظهرى ....آآآه عندما يفقدك اعز الناس لك ثقتك فى نفسك !! من سيعطيها لك ؟!!

    وعندما جاء موعد الحفلة و رآنى عمر بالفستان الجديد لم يغازلنى كعادته اذا ارتديت شيئا جديدا ولكن رد بسرعة ودون اهتمام (آه حلو اوى ...يالا علشان اتأخرنا !!!!)
    وأخيييرا وصلنا الحفلة وكانت مقامة فى فندق أنيق والديكورات رائعة والموسيقى تريح الأعصاب والجميع فى أبهى صورهم ....لم نتبادل أنا وعمر الا كلمات قليلة طوال الطريق وكل منا غارق فى عالمه ....... :

    وأخذت أدور ببصرى بحثا عن عدوتى اللدودة ولم أستغرق وقتا طويلا حتى عرفتها ....شابة جميلة جذابة المظهر وذات أناقة واضحة ولمسة مميزة فى مظهرها .....وكالعادة يجتمع حولها الكثير وتستأثر هى بالحديث ...وأكد لى ظنونى لمعة عيون زوجى عندما رآها وكلامه المفاجىء بعد صمت عن جمال الجو !!!!

    اعقل كده ياسى عمر وما تخليش سارة تاخد بالها ....والله انا حاسس ان سارة حاسة باعجابى بآية .بس معقول ؟ دى كانت بتعاملنى كويس جدا الايام اللى فاتت ...يبقى أحسن حاجة انى اتعامل طبييييعى جدا ...يا ما شاء الله دى آية جاية بنفسها تسلم علينا .....انا بأقول أنفد بجلدى وأهرب من هنا على الهند !!........

    -اهلا اهلا باشمهندس عمر ....عندك حق تخبى عننا المدام ...ما شاء الله زى القمر ..

    -(انا اللى قمر برضه !! منك لله يا شيخة !!) -ورددت تحت أسنانى : الله يكرمك انتى اللى قمر يا باشمهندسة !!

    -على فكرة الباشمهندس عمر كلمنا عنك انتى ويحيى كتير !!
    -كمان؟!!! ما شاء الله بتكلموا فى حاجات غير الشغل؟- ورددت بكيد أنثوى ( أصل هو ما يقدرش يبعد عننا أبدا !!)

    اوباااااا دخلنا فى كيد الحريم لما أغير الموضوع أحسن ما نبات فى القصر العينى ....:
    وغير عمر الموضوع وأخذ يتكلم فى الرياضة والسياسة والست هانم ما شاء الله لا تكف عن الكلام لحظة فى أى موضوع ...ثقافتها وجاذبيتها لا توصف .....حتى لو سألتها عن سياسة موزمبيق الداخلية أكيد ح ترد !!.... : ...أخذت أدعو الله كيف انتصر على هذه الفاتنة التى سحرت عقل زوجى وانا الى جواره ؟ وأخذت أتكلم معها حديثا عاديا حتى سألتها سؤال غير مجرى الاحداث تماما ......... :

    -عمر بيقول لى انك متميزة جدا فى شغلك ياآية ..ماشاء الله ...ياترى فكرتى تستمرى فى الشغل بعد الجواز والاولاد ؟

    -وكأنى ضغطت على جرح قديم فقطبت جبينها وقالت: والله الظاهر انى ح أفضل أشتغل على طول ومش ح أفكر فى الارتباط تانى !!

    -وكأنى وجدت كنزا فلم أدع الخيط يفلت من يدى وقلت لها ( تانى ؟ انتى ارتبطى قبل كده ؟ معقولة ؟)
    -فردت بمرارة قديمة تفاجأ لها سى عمر : ( الحقيقة انا تخطبت مرتين قبل كده وما حصلش نصيب بس الظاهر المشكلة فى أنا ..انا مش أحب أبدا سيطرة الرجل الشرقى على زوجته يمكن علشان عشت برة فترة لكن أول ما كانت تبدأ قائمة الاوامر والنواهى لسى السيد كنت أنهى العلاقة فورا ....فلا أتخيل أبدا الا أكون أنا صاحبة الرأى الأول والأخير فى حياتى !! علشان كده مش عاوزة أخوض تجربة الارتباط تانى !!)

    - الله الله الله قولى كمان ياست !! – ولم أستطع أن أخفى سعادتى بخيبة أمل عمر لمعرفته جانب من شخصيتها تفاجأ له كثيرا .....ولكنى تظاهرت بالحزن لأجلها وانا أقول بخبث (بس الست بتلاقى سعادة كبيرة لما بتطيع زوجها وتحس انها بتتنازل علشان ترضيه وينجح فى حياته )

    -فردت بملل كأنها تحادث انسانة من القرن الماضى لا أرجوكى بلاش الكلام الغريب ده اللى باسمعه من كل البنات هنا فى مصر ....أنا شخصيتى كده ومش ح أتغير .......)
    -.................

    -وطبعا انهيت الكلام معها بعد وعد أكيد أننا نكون أصدقاء للأبد !! وأخبرت عمر انى أريد أن أغادر الحفلة كى لا أتأخر عن يحيى ........وكان فى حالة غريبة من عدم التوازن ومراجعة نفسه والخجل معا !!
    -وفى السيارة تحدث بلهجة المذنب الذى ينتظر الامساك به وقال لى وكأنه يدارى خيبة أمله (على فكرة انتى كنتى جميلة اوى النهاردة ياسارة ..ربنا يخليكى لى !! )

    -فرددت بغضب لم يره منى من قبل
    (ياااه لسه فاكر ؟ طيب أنا عاوزاك فى كلمتين لما نروح يا عمر !!)


    ************
    الحلقة الرابعة عشرة
    -بدأ عمر بالكلام كى يدفعنى أن اتكلم حتى ينتهى ترقبه لما سأقول وقال ببراءة : ايه يا سارة مالك انتى من ساعة ما سبنا الحفلة وانتى مش طبيعية !! فيه حاجة مضايقاكى ؟

    -فانفجر البركان داخلى وصرخت فيه لبروده : وكمان بتسأل ؟ لا ده انت بجد عاوز تموتنى !!

    -علا صوته هو الآخر لتخويفى : فيه ايه ياسارة ؟ انتى بتزعقى كده ليه ؟ انا ما اسمحش انك تكلمينى كده !!
    -فلم أهتم بالتهديد وواصلت بقوة لم أعرفها فى نفسى : شوف يا عمر ما تهددنيش انا على طول بأحترمك وأطيعك وأسمع كلامك .....لكن المرة دى انا اللى ح اتكلم وانت ح تسمعنى ...وانسى انك بتكلم مراتك الطيبة الهادية واسمعنى لحد ما اخلص كلامى خالص !!!!

    -ولأول مرة المح نظرة تشبه الخوف فى عيونه من حالتى الجنونية : وقال لى اهدى بس وبطلى زعيق فيه ايه ؟

    -فحاولت تمالك أعصابى وقلت له : شوف يا عمر احنا اتجوزنا بعض يمكن من غير قصة حب لكن ربنا أكرمنا وحبينا بعض والحب ده كبر مع عشرتنا وربنا رزقنا كمان بيحيى ورزقك شغل جديد والأهم من كده ان ربنا رزقنا طاعته وجمعنا فى حبه ....صح؟

    - فأجاب بملل : ايه يا سارة المقدمات دى كلها عاوزة تقولى ايه انا عاوز انام !!
    -فرددت بغيظ : تنام ؟! يا عمر انا بقالى أكتر من شهرين تقريبا مش بأنام ........من أول ما اعجابك بالست آية بدأ ........

    -فتحول وجهه لألوان الطيف عند القائى القنبلة : آية ؟ آية مين ؟ ايه يا بنتى التهريج ده انا أعجب بآية ؟
    -فرديت بزهق من انكاره : بص ياعمر الست عندها ردار رهيب بتقدر تعرف احساس جوزها رايح فين ويبقى غبى اللى يتجاهل الردار ده ولا يفتكر انها مش واخدة بالها ....شوف انا من أول مرة حكيت لى عنها وانا حاسة ان فيه حاجة مش طبيعية ....لكن قلت مش معقول عمر يعمل كده .....لكن كل ما كانت تيجى سيرتها حالك كله يتقلب ... وكنت بتقارنها بى فى كل حاجة .......حاولت أصبر لكن انت كنت كل يوم بتبعد عنى وبقيت فى دنيا تانية خالص .......

    -فاهتزت كلماته وحاول الانكار ولكنه لم يستطع : ياسارة انا .....
    -فقاطعته : بص يا عمر أرجوك ماتكدبش اعمل أى حاجة غير انك تكدب اوعى تقع من نظرى بكدبك ......

    -وكأنه طفل ضاق عليه الخناق ويريد الاعتراف بذنبه : لا مش ح أكدب ياسارة ...أنا فعلا أعجبت بيها لأنها فعلا شخصية مميزة ....لكن انا مش خاين ياسارة انتى معتبرة دى خيانة ؟!
    -فصرخت : لا والله ؟ أمال دى ايه ؟! والله لو كان اعجاب عادى ما كانش فرق معايا احنا طول اليوم بنعجب بشخصيات ناس وبتفكيرهم وبثقافتهم ...لكن أول ما بندخل باب البيت بنسيبهم برة لأن العلاقة الزوجية حاجة مقدسة ما ينفعش ندخل فيها شركاء .........

    -فرد بضعف لم أعهده فيه : يا بنتى انتى محسسانى انك قفشتينا فى كازينو على النيل ....أقسم لك بالله انى عمرى ما اتكلمت معاها أى كلام خاص حتى كلامى عنك وعن يحيى كان قدام كل المهندسين مش خاص ليها ....والله العظيم أنا بخاف ربنا فى كل حاجة بس بجد غصب عنى ....تواجدى معاها أوقات طويلة فى الشغل خلانى اعجب بشخصيتها وتميزها ....حاولت أبعد عن تدريبها رفضوا ....أعمل ايه انا مش حجر يا سارة .........

    -تحرك عطفى عليه وأخفضت من صوتى قليلا وسألته : طيب ليه من أول ما حسيت بالاحساس ده ما قلتليش ؟

    -فابتسم وقال : ايوة علشان كنت الاقى نفسى متقطع فى أكياس سودة !!

    -فرددت بكرامتى المجروحة : طيب انا قصرت فى حاجة من حقوقك علشان تعجب بواحدة تانية يا عمر وكمان تقارنها بى ؟

    -فرد بعناد : انتى خلاص بقى يحيى رقم واحد فى حياتك وانا رقم اتنين !!

    -فهمست فى سرى – يادى الخيبة على عقل الرجالة !! – ورديت : بص بلاش الحجة الخايبة دى اللى كل واحد بيبررها لنفسه علشان يعمل حاجة فى دماغه .....لو كنت مهتمة بيحيى فدى حاجة تسعدك لأنه مش ابن جوزى الاولانى وانت بتربيه .....ده ابنك ..ولازم اول فترة فى حياتى يعتمد على فى كل حاجة .... لكن أتحداك انك تقول انى أهملتك !!

    -لا ما أهملتنيش لكن فين سارة بتاعة زمان المتوهجة اللى كلها ذكاء وثقافة وجاذبية ....؟
    -فأكلمت كلامه : وتسلط .....ليه نسيت تقول ده ؟ مش انت بتقارنى بآية ؟ قارن بقى الحلو والوحش ....قارن لو كانت آية هى اللى مكانى كانت وقفت جنبك لحد ما تنجح فى شغلك ؟ ولا كانت سابت شغلها علشان خاطرك ؟ ولا استوعبت والدتك وشالتها فى عينيها .......بيتهيألى لو كانت عاشت هنا شهر واحد مش بس كانت سابتك لا كانت بلغت عنك الانتربول !!
    -.............................
    -شوف يا عمر انا مش احسن واحدة فى الدنيا وفى عيوب كتير زى اى حد ....لكن ما ينفعش أساسا اننا نفتح باب المقارنة بشريك الحياة بأى حد تانى حتى لو كان احسن منه فى كل حاجة .......ربنا سمى الشركة دى الميثاق الغليظ يعنى زى العقدة المتينة اللى ما ينفعش ان حد تالت يدخل فيها .......لأننا لو فتحنا باب المقارنة يبقى بنفتح كل ابواب الشيطان لتدمير البيت ......الا لو كنت ناوى تتجوزتانى دى تبقى حدوتة تانية !!

    -فرد بفزع : أتجوز ؟! ايه ده يا سارة انتى خلاص خلتينى خاين وبأدور على زوجة تانية ؟ انا فعلا بأحبك .........

    -فرديت من بين دموعى : اللى بيحب حد يشوفه احسن واحد فى الدنيا .....حتى لوالسنين غيرته .....لو مرض ....لو شعره شاب .....لو شكله اتغير .......لأنه أصلا بيعتبر وجوده فى الدنيا مرتبط بحياته .....ما ينفعش يقارن بينه وبين اى حد لأنه أصلا مش شايف غيره ....زى انا مش شايفة اى راجل فى الدنيا غيرك .......
    -فتحرك حنانه وحبه ولم يقوى على دموعى وانهيارى : انا آسف ياسارة انا بجد جرحتك غصب عنى ....آسف عمرى ما ح اعمل كده تانى أبدا ولو حتى بالتفكير .....والله الشيطان هو اللى ضخم لى عيوبك وحسنها هى فى نظرى .... انا فعلا بعدت عن ربنا شوية من انشغالى فى الشغل الفترة اللى فاتت .....لكن اوعى تشكى لحظة انى مش باحبك .....اعتبريها غلطة صغيرة من ابنك التانى ولو اتكررت ابقى اعملى اللى انتى عاوزاه .......انا عمرى ما كدبت عليكى ابدا .....أرجوكى صدقينى المرة دى ومش ح تندمى ........

    -فرق قلبى لكلامه وكدت اسامحه على الفور ولكنى أحببت ان أشعره بكبر خطأه حتى لا يكررها : ح احاول اصدقك لكن بجد انا محتاجة فترة أكون فيها لوحدى علشان استعيد ثقتى فيك وفى حياتنا .....ح اروح لماما كام يوم لحد ما أعصابى تهدأ .....

    -فرد بحزم : لا انا مش موافق .......

    -فرديت بعناد : عمر انا محتاجة الفترة دى اننا نبعد عن بعض كام يوم .....وح اقول لماما انك مسافر فى شغل ....انا بجد مش قادرة أقعد فى البيت هنا ....ما تضغطش على أعصابى أرجوك .........
    -فرد بحزن : زى ما تحبى يا سارة ........لكن أرجوكى خليكى متأكدة من حاجة واحدة ان قلبى عمره ما دخله واحدة غيرك.

    ************
    الحلقة الخامسة عشرة
    أصبحت وحدى فى المنزل بعد رحيل سارة ويحيى الى بيت والدها .....البيت كئيب موحش بدونهم سبحان الله لا نعرف قيمة الشىء الا عندما نفقده .....مثل ملابس الانسان او ساعته لا يشعر بها الا عندما يرتديها او يخلعها لكن طوال ماهى موجودة معه لا يشعر بها ......شعرت بكبر الفقد عندما رحلوا ........
    سارة الحبيبة التى تملأ الدنيا بهجة وتفاؤل ....... التى تمتص كل همومى مهما كانت مرهقة .......أصبحت أدخل المنزل وكأنى داخل مقبرة .....لا حياة ولا حركة .....ولعب يحيى فى كل مكان تذكرنى بمشيته المضحكة واختباءه وراء الكراسى ظنا منى انى لا أراه وكلماته القليلة التى تساوى كنوز الدنيا ......

    كيف أضعت كل هذا من أجل انسانة بالكاد أعرفها ولم أر منها الا مظهرها البراق الذى يخفى شخصية متسلطة ...وحتى لو كانت شخصيتها رائعة كيف اسمح للشيطان ان يجعلنى اخسر استقرارى من أجلها ؟ أليس الله هو من أختار لى سارة وأختارنى لها ؟ كيف أظن ان اختيارى أنا أفضل ؟! وأبدأ المقارنة السخيفة والظالمة ؟! يارب سارة تنسى كل الى حصل وترجع لى تانى ..................

    بيتى وحشنى أوى .......مش عارف أنام فى اودتى القديمة اللى عشت فيها أكتر من 20 سنة ؟ سبحان الله !! طبعا ماما فرحانة جدا بوجودى ونفسها ان سفر عمر الوهمى يستمر شهور .....لكن بابا بغريزته وذكاؤه لم يصدق فكرة سفرعمر ولاحظ من نظراتى الذابلة وردودى المقتضبة على عمر فى التليفون ان هناك مشكلة ولكنه لم يسأل واكتفى بالدعاء لى ولعمر ........

    وأخوتى سعداء بالطبع بوجودى انا ويحيى ويلعبون معه ويشترون له مليون شيكولاتة فى اليوم ........و لكن يبدأ الصراخ والشكوى عندما يمزق يحيى أوراقهم أو كتبهم أو يعبث بأدوية ماما أو يلقى نظارة بابا من الشباك !!
    عندها أشعر بالحرج وأضربه تنفيسا عن ضيقى وحرجى وأشعر فعلا أنى غريبة......... وأنى أفسدت نظام حياتهم واحدثت فوضى فى البيت........ و عندما يصحى يحيى بالليل ويطلب طلباته العجيبة ويكون أخوتى ناييمن علشان مدارسهم أكون نفسى أقتله علشان ما يصحيش حد من صراخه وآخذه وأتسحب فى الظلام وأجلس به فى الصالة حتى يتعطف على وينام ..............

    انا مش عارف الحقيقة سارة كانت بتعمل كل شغل البيت والطبيخ كل يوم ازاى ؟ الشقة فى ظرف كام يوم تحولت الى ما يشبه الاسطبل ...ولكى أصل الى ملابسى قبل الشغل بأبقى عامل زى البهلوان بعد ما كنت أصحى أجدهم مكويين ومرتبين وألبسهم زى الباشا.....

    الآن أبحث عن شراباتى فلا اجد الا كل فردة لون .....وحاولت أغسل الملابس التى تحولت الى جبل وطمأنت نفسى أن الغسالة الاوتوماتيك هى اللى بتغسل ومفيش مشاكل فوضعت كل الملابس مع بعض واخترت برنامج قوى جدا وانتظرت النتيجة المبهرة ....

    وطبعا كانت كارثة مدوية لم أعرف أن الملابس تفصل قبل الغسيل كى لا تبهت الالوان على بعضها وكانت النتيجة أنى خسرت عدة قمصان غالية تحولوا الى اللون الكحلى من بنطلون لعين دسسته فى وسطهم ...........ده سارة لما تيجى ح أحطها فوق دماغى .....منك لله ياآية !!!!

    عمر يحاول أن يكلمنى عشرين مرة فى اليوم ...ولا أرد عليه وأكتفى أحيانا باعطاء الموبيل ليحيى كى يسمع صوت والده .......ووقتها يبدأ فى الضحك والحديث المتقطع والذى لم أفهم منه الا يحيى وهو يسأل (بابا فين ؟) حتى الطفل يفتقده بشدة .....

    وأحاول أحيانا أن أرد عليه وأوهم نفسى أنى أرد فقط شفقة عليه من الاتصالات المتكررة ولكن الحقيقة انى أشتاق لسماع صوته الذى لم أحب صوتا غيره .....

    ورغم هذا أرد عليه بكلمات معدودة وهو يسألنى أن أعود اليه وأعود لبيتى .....وأنا أصر على موقفى ومن داخلى أتمنى أن أعود اليه وأنسى كل ما حدث ولكنى أريده ان يشعر انه جرحنى بشدة ولا يكررها أبدا .........

    لم أستطع النوم وقمت أصلى ركعتين قيام الليل وجلست أقرأ بعض القرآن وفتحت درج البوفيه الذى كنا خصصناه أنا وسارة لختم المصحف بصورة دورية وشعرت بالخجل الشديد وأنا أرى انى فى خلال شهرين لم أقرأ الا أجزاء بسيطة مقابل ما قرأته سارة....

    بل وعجبت انى وجدتها كتبت على بعض الأجزاء أن أمى هى التى ختمتها !!! حتى ماما ياسارة ؟!

    شعرت انى بعدت عن الله فى الفترة الماضية ولهذا كان من السهل أن يسيطر الشيطان على تفكيرى .......رغم أنى كنت أرى من هى تفوق آية جمالا وذكاء فى شركتى القديمة ولكن أبدا لم أنظر لواحدة لأنى كنت أخشى الله.........
    ودعوت الله كثيرا أن يصلح من حالى ويرد لى زوجتى وابنى واستقرار بيتى .....وجلست فى جلستى هذه وقت طويل وانا لا أعرف ماذا أفعل سارة لا تقبل اعتذارى ولا ترد على مكالماتى وعندما أقول لها انى سأذهب لأحضرها بالقوة ترفض بشدة وتقول لى أنها ستخبر الجميع بمشكلتنا لو فعلت هذا .........ماذا أفعل يارب ؟

    وهدانى الله الى حل بسيط لا أعرف كيف تاه عن بالى واستحالة أن ترفضه سارة بأى حال من الاحوال ولكنه سيستغرق عدة أيام فى تنفيذه .......ولكن لا يهم سأجند كل أصدقائى أن يتموه فى أقصر وقت ممكن والله المستعان ........
    مرعلى تركى لبيتى حوالى اسبوعين فعلا اشتقت للعودة بجنون وما يزيدنى حيرة أن عمر لم يتصل من عدة أيام !!! ايه ده خلاص مش عاوزنى ؟ طيب أعمل ايه دلوقتى ؟ كان لازم أزعل أوى كده ؟

    طلبته على الموبيل بعدما زاد قلقى أن يكون حدث له مكروه .......فلم يرد ....!!

    جلست أكاد أموت من القلق ولا أعرف ماذا أفعل وفكرت أن أخبر والدى بكل شىء ليذهب له ولكنى لم أستطع وقضيت يوما طويلا هاجمتنى فيه كل الهواجس الرهيبة.حتى جاء الليل وانا أكاد أنهار حتى جاءنى صوت يحيى صارخا (بابا جه بابا جه !!!!!!!)

    لم أصدق أذنى وجريت لأراه يلعب أم أن عمر جاء بالفعل ؟! ووجدته ينظر الى بشوق وكدت أجرى عليه وألقى نفسى بين ذراعيه أمام الجميع ولكنى خجلت وجلست أراقبه صامتة وأنا أراه يخبر والدى أنه عاد من السفر مباشرة علينا !! (ياكدااااب ) ويخبر ماما انه جائع جدا من طول السفر!!! ويقبل يحيى بجنون وأراه يوزع هدايا على الجميع وينظر الى باسما وكأنه يقول أتحداكى أن تكذبينى بعد الفيلم ده كله !!!!
    وكل هذا وأنا صامتة لا أتكلم وقمت لأحضر الطعام مع أمى وتركته جالسا مع أبى وقلبى يكاد يطير من الفرحة لرؤيته وقرب عودتى لبيتى ....
    ولم يتعمد أن ينفرد بى أو يعطينى هدية مثل الجميع ....وأخييييرا همس لى بكلمة واحدة (وحشتيييييييينى ) وأخرج من جيبه شيئا ظننته هدية ولكنى وجدته جواز سفرى !!

    فتحته من دهشتى وعقدت لسانى المفاجأة وصرخت من الفرحة والدهشة العارمة ........(معقووووووووووووووووول ؟!!)

    ************
    الحلقة الأخيرة
    جلست على مقعدى فى الطائرة وأنا أتلو آيات قرآنية وأشعر برهبة كبيرة ولا اتوقف عن النظر الى ساعتى والى خريطة سير الطائرة واكاد استحلف الدقائق أن تمر كى أصل الى ما حلمت به منذ كنت طفلة ...لا أكاد أصدق نفسى انى بملابس الاحرام وبعد ساعات سألمس الكعبة بيدى ...أنظر الى عمر بحب الكون كله الذى أهدانى هذه الهدية التى تفوق كنوز الارض......

    لا أستطيع أن أصف فرحتى منذ رأيت تأشيرة العمرة على جواز سفرى ومن وقتها وأنا أكاد أستوقف الناس فى الشارع لأخبرهم أن الله دعانى ضيفة على بيته الكريم ....فكم من أغنياء رفض الله أن يدخلوا بيته الكريم وألهاهم فى متع الدنيا كى يحرموا من هذا الشرف الرفيع ....وكم من فقراء لا يملكون قوت يومهم دعاهم الله الى رحابه الطاهرة .....فنحن لا نذهب الى الحج او العمرة بارادتنا بل الله هو من يدعونا اليه
    ............
    أشعر بنبضات قلبى تعلو على محركات الطائرة وهى تهبط فى مطار جدة ...أتحسس ملابس الاحرام كى أصدق فعلا انى لا أحلم ...سارة تكاد تطير من الفرحة وكل دقيقة تشكرنى على هذه الهدية والعجيب انها لم تفتح أى حوار او عتاب فى مشكلتنا بل وكأنها نسيت كل أحداث العالم وتذكرت فقط انها ذاهبة الى الله .......

    هبطنا الى مطار جدة الفاخر وحدثت ماما ويحيى فى التليفون وبكيت عندما سمعت صوته ولكنى لم أستطع ان أصحبه معى من مشقة الرحلة ...أول مرة أفارقه من يوم مولده ولكنى أفارق ابنى لأذهب الى حبيبى و ملاذى وملجأى ........

    ركبنا الاوتوبيس الموصل الى مكة وركبت سارة بجوارى وأخذت أنظر الى جميع الركاب وأتأمل وجوههم المشتاقة الى زيارة بيت الله وأتأمل الشيوخ منهم وأتساءل كيف سيقدر هذا الشيخ الواهن على أداء المناسك ؟ وكيف يجتمع كل هذا الحب فى قلوب كل المسلمين الى شىء لم يروه أبدا ويقضون حياتهم كلها فى شوق الى رؤية بيت الله الاعظم ......قد تجد من يجادل فى أشياء فى الدين ولكن لا يمكن أن تجد مسلما قلبه لا يتوق الى زيارة مكة والمدينة ...

    ودخلنا أسوار مكة وأخذت أتأمل شوارعها الواسعة وأسواقها الكثيرة وخيرها الذى لا ينقطع وأتخيل ان مساكن الصحابة كانت فى محل الفنادق الفارهة ....وكيف كانوا يتحملون هذه الحرارة العالية التى نشكو منها الآن فى وجود المكيفات؟ كيف تحملوا العذاب فوق رمال الصحراء كى يتخلوا عن دينهم ؟ونحن لا نصبر على القيام لصلاة الفجر؟

    وصلنا الفندق ووضعنا حقائبنا وتوضأنا انا وعمر ورفضت تناول اى طعام او حتى ان أستريح وهرولنا لندخل الحرم ....ومشينا فى الاسواق وانا لا أكاد أرى البائعين الاسيوين والافارقة ولا أرى بضائعهم الكثيرة ولا تحيد عينى عن اتجاه الحرم .......

    .حتى أخيرا وصلنا الى ابوابه وتعالت دقات قلبى وأنا اخلع حذائى وتمس قدمى رخامه البارد دوما وأشعر ببرودته فى كل جسدى وقلبى ......أحاطنى سلام داخلى لم أعرفه من قبل وأنا أرى أبواب الحرم الكثيرة وحوائطه الجليلة وكأنى سائرة داخل حلم لا أريده ان ينتهى .....

    حتى أخيرا وصلنا الى صحن الكعبة ورأيتها لاول مرة فى عمرى ....لم أصدق عينى وأحسست انى أحلم وانتفضت وكأن زلزال هزنى بقوة ونفض عن قبلى سباته وغفلته الطويلة ليخبره انه قد ولد الآن فقط ..........ولم أتمالك نفسى من الخشوع والرهبة فسجدت وبكيت بكاء لم أعرفه طوال حياتى ...............

    هل أستحق أن أكون هنا يارب العالمين ؟ لقد أخطأت كثيرا وأذنبت كثيرا ويملؤنى الخجل من أن أقف ببيتك الكريم وانا لا أستحق هذا الشرف ....أرى بيتك بعينى وقد أخطأت عينى كثيرا؟ أطوف حول الكعبة بقدمى وطالما عصت قدمى ؟ ما هذه الرحمة ؟ انها لا تكون الا من رب رحيم عظيم ........

    أطوف حول الكعبة ولا أشعر بالزحام ولا أشعر بافتقادى لابنى ولا أشعر بزوجى بجوارى ولو كان كنزا ملقى تحت اقدامى ما شعرت به ....عرفت الآن لماذا النظر الى الكعبة عبادة .......رؤيتى لها تغسل قلبى وروحى من دنس الذنوب وتفاهة الدنيا وصراعاتها الشرسة ...انه ليس فقط احساس ولكنه تغيير داخلى يحيطنى ويشعرنى انى اولد من جديد .......
    أمسك بيد سارة كى لا تتوه منى فى الزحام وأراها وهى لا تتوقف عن البكاء من خشية الله وأشكر الله على هذه الزوجة الصالحة التى لولا فضل الله ثم وجودها بجوارى وصبرها على لم اكن احقق اى نجاح ......لا أعرف لماذا أشعر بنوع جديد من الحب تجاهها ولد هنا ....هل هو الحب فى الله جمعنى بها غير حبى لها كزوجة وام ابنى؟ اللهم اجمع قلبينا على حبك فهذا الحب لا يمكن أن يموت .......

    وصلت للشوط الأخير من الطواف وانا أتصبب عرقا ودموعا .....دعوت دعوات كثيرة وبكيت بين يدى الله أكثر وتذللت بين يديه أن يبدأ حسابى من يوم دخلت بيته ....شكرت الله على نعمه التى أغرقنى بها ولم أشعر بها الا عندما سمعت دعوات المجاورين لى والتى يشكو كل منهم حاله وابتلاؤه الى الله .......

    صلينا ركعتين فى مقام ابراهيم ثم طاب لنا أن نصلى أكثر وأكثر ولم نشعر بالوقت وقلوبنا ساجدة فى رحاب الله الطاهرة وحمام الحرم يطوف حولنا وكأنه سعيد بضيوف الرحمن ........
    ذهبنا الى المسعى بين الصفا والمروة وبدأنا السعى ونحن نذكر الله ونبتهل فى دعاؤه ولم أعرف فى البداية المسافة التى يجب ان نهرول فيها حتى وجدناها محددة بضوئين أخضرين وهرولت مع عمر تيمنا بالسيدة هاجر حتى لفتت نظرى سيدة فاضلة ان الهرولة للرجال فقط فى هذه المسافة .........

    وصلنا الى الشوط الخامس وانا لا اقوى على السير فالمسافة طويلة جدا وتعجبت كيف لامرأة ضعيفة مثل السيدة هاجر ان تهرول كل هذه المسافة 7 مرات بحثا عن ماء لوليدها ؟ ونحن الرجال لا نقوى على السير مع وجود الارض الرخامية والسقف الواقى من لفحة الشمس؟

    سارة انهكت ونبح صوتها من فرط الدعاء والبكاء بين يدى الله .....وأخيرا انتهينا من السعى وأجلست سارة تستريح وتدعو على جبل الصفا وذهبت أحضر لها ماء زمزم وأصريت أن أسقيها بنفسى وشربت معها حتى ارتوينا

    .....وأخذنا ندعو سويا أن يحفظ الله ابننا يحيى ويجعله من حفظة القرآن وندعو أن لا يكون هذا آخر عهدنا بالبيت وأن يأتى بنا الله فى هذه الزيارة الكريمة مرات ومرات ....

    نظرت الى عمر وكأنى أراه لأول مرة فى عمرى كله ويملؤنى احساس ان قلبى ملىء من ناحيته بحب من نوع جديد .....حب فى الله .......حب أقوى وأعمق مئات المرات من حبى له كرجل أو كزوجى فهذا ممكن أن يضيع أمام أى مشكلة ....أما أن أشعر أنى أرضيه لأنى أرضى الله فيه وأحبه لأنى أحب الله فيه ..... فهذا لا يمكن أن يضيع ولا يمكن أن ينتهى ....دعوت الله أن يحفظه لى ويجمع قلبينا سويا حتى نهاية العمر فى زمرة المتحابين فى جلاله .....اللهم احفظ علينا نعمتك التى لا تمنحها الا للقليل من عبادك وعلمنا شكرها وحق رعايتها ......اللهم أدم علينا الحب فيك ومنك وبك يارب العالمين....

    ************
    "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" صدق الله العظيم

  4. #4
    مراقب عام المنتدى
    عضو مجلس الإدارة
    الصورة الرمزية mr.osama
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    الزقازيق
    العمر
    55
    المشاركات
    6,666
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    معدل تقييم المستوى
    7217

    افتراضي

    ((الفصل الثانى))
    من يوميات بابا عمر وماما ساره
    الحلقة الأولى
    قالت سارة:
    فى طريق العوده للقاهره و من ساعة ركوب الطائره و انا لا ارى امامى الا يحيى , حتى انى كنت اغمض عينى حتى اراه اوضح , كأن الله قد مد لى حبال الصبر فقط لكى اؤدى مناسكه طالما كنت فى رحاب بيته المحرم , لكن بمجرد مغادرتى عدت مره اخرى الام الملهوفه التى لا تقوى على فراق ولدها , و بالرغم من انى كنت اكلمه يوميا , لكن حضنه و رائحته الطفوليه و كل تفاصيله التى اصبحت جزء منى لا تفارقنى منذ ركوبى الطائره, ايضا احس ان عمر عاد لى , عاد باكمله , منذ شهور كنت فقدت هذا الاحساس و الان و بفضل الله وحده عاد لى حبيبى و زوجى , لم اعده بذكائى لكن الله اعاده و قربت بيننا الرحله النورانيه اكثر و اكثر
    يا ريت نقدر نكررها ..... لكن المره الجايه حاجيب يحي اه ما الحرم كان مليان عيال يعنى اشمعنى ابنى انا

    قال عمر:
    يا ترى سامحتينى يا ساره ؟ و يا ترى سامحتنى يا رب على خطأى , يا عمر ده كان مجرد تفكير
    لا لا لا, لا صغيرة مع استكبار و لا كبيرة مع استغفار ............ استغفرك ربى و اتوب اليك
    لكنى لا عذر لى الا انى انسان و كان الانسان ظلوما جهولا اللهم باعد بيننا و بين خطايانا كما باعدت بين المشرق و المغرب , و لقد عاهدتك يا رب امام بيتك المحرم ان اعطى كل دقيقه من اهتمامى خارج عملى لساره و يحيى و ان اجعل منهما درعا يقينى الخطأ

    قالت سارة :
    ايه كل الاجراءات دى ساعه عشان نطلع من المطار يعنى يا ربى نيجى من السعوديه فى ساعه و نطلع من المطار فى ساعه و نصف لكن والله عندهم حق فى الاجراءات دى كلها . ده احنا الوحيدين تقريبا اللى مش معانا مروحه و بطانيه , ده انا خفت يشكو فينا عشان الموضوع ده , مشكلة الشعب الطيب ده انه بيحول كل سفريه حتى العمره الى مهرجان للسياحه و التسوق

    يقولو علينا ايه فى السعوديه ما عندناش بطاطين فى مصر ؟ و بعدين و الله سألت نفسى كتير . ليه السعوديه بتستورد بطاطين اساسا ده هناك ما فيش شتا و الجو حر نار . وكمان ما تنفعش فيه مراوح خالص , حتحس انك قاعد قدام السيشوار , لكن الرفاق المصريين فى المطار عرفونى السعوديه بتجيب بطاطين و مراوح ليه و الله تلاقيها مستورده من مصر , الحمد لله يا عمر ان ماما فكرتنا بموضوع الهدايا ده و الا كان حايبقى شكلنا عره اوى

    قال عمر :
    و الله يا ساره انا مش فاهم ليه كل واحد يباركلى ع العمره لازم اديله طاقيه او سبحه انما اغلى حاجه جبناها من هناك هى مية زمزم و اوعى تنسى تشربى يحيى منها

    قالت سارة:
    بس انا مش عارفه الناس دى لقت وقت ازاى تعمل شوبنج كده ده احنا طول النهار كنا فى الحرم و حتى لما خلصنا العمره بتاعتنا عملنا عمره تانيه انت لوالدك و انا لجدتى الله يرحمهم جميعا هوه ده الهدف الحقيقى

    قال عمر:
    معلش يا ساره تفكيرك مش زى غيرك ربنا يتقبل منا و منهم هو اعلم بالنوايا

    قالت سارة:
    مهما حكيت مش حاقدر اوصف لحظة لقائى انا و يحيى , زى ما يكون غايبه عنى بقالى سنين , نسيت اسلم على ماما و بابا واحمد اخى ما شفتش فى الدنيا لحظتها غيره و نزلت دموعى غصب عنى و ده طبيعى
    لكن هوه تنزل الدموع من عينيه بالشكل ده و هوه ما بيقولشى غير ماما ماما و باحس انه بيعاتبنى اكتر منه بينادينى بيقولى كنتى فين يا ماما كل ده انا حاسه دموعه بتقول كده يا حبيبى يا بنى ربنا ما يحرمنى من حضنك يا رب , بس مش كده يا يحيى عايزه اسلم على الخلق شكلنا بقه وحش فى المطار

    قال عمر:
    يا عينى عليك يا عمر انت باين عليك ما لكش حد فى الدنيا حتى ابنك مش راضى يسلم عليك و حماتك ما سلمتش الا عشان ساره ايدها ما كانتش فاضيه , انما ايه اللى بين ساره و يحي ده ؟ اشمعنى انا
    انا عايزه يحضنى ويمسك وشى و يبص لى زى ما بيبصلها كده و ايه كم البوس ده سبحانك يارب .........
    .لكن حماتى ما نسيتش برضه تديله كلمتين هوه و اللى خلفه , هوه من لقى احبابه نسى اصحابه كده يقولو كنا بنعذبك يا سى يحيى هى كل الرجاله كده و اللا ايييييه , انما الشهاده لله الست و الله عملت الواجب و زياده روحنا البيت لقيناه زى الفل و بط و حمام احمدك يا رب ده انا بطنى نشفت من الفراخ المشويه

    قالت سارة:
    يا حبيبتى يا امى , ربنا يبارك فى عمرك و يخليكى يا رب , البيت زى الفل و الاكل محطوط ع الترابيزه و لا العروسه فى يوم دخلتها , دى كمان حاولت تاخد يحيى عشان ارتاح لكن بصراحه لا يحيى وافق و لا انا كمان وبعدين انا حاسه دلوقت ان عيلتى ما تكملش من غير يحي يعنى بقينا تلاته فى واحد ....

    قال عمر:
    اناحادخل اشوف الرسايل على الميل بتاعى يا ساره لحد ما تفضى الشنط

    قالت سارة:
    تمتمت فى سرى (اه ربنا يستر من ايملات الشركه و زمايلنا اللى فى الشركه)
    خرج عمر بعد دقيقتين ووجهه متغير جدا

    فيه خبر مش كويس خالص يا ساره
    ************


    الحلقة الثانية
    مرت لحظه كانها الدهر حتى تكلم عمر
    الشركه بتصفى اعمالها فى مصر عشان المشروعات بتاعتها انتهت هنا خلاص , و باعته نوت ان كل مهندس عليه يوفق اوضاعه يا اما ياخد مكافاه يا اما يقدم على السفر لفرع الشركه الجديد فى هولندا عشان هما محتاجين هناك ناس واخده خبره فى نفس المكان .

    قالت سارة:
    لله الامر من قبل و من بعد . انت خضتنى اوى يا عمر يعنى احنا كنا مولودين فى الشركه دى سبحانه الذى يغير ولا يتغير و انت اصلا مهندس عبقرى ودلوقت كمان خدت خبره هايله فى الشركه دى ممكن ناخد المكافاه و نعمل مشروع او حاجه أو حتى تشوف شركه تانيه

    قال عمر :
    انت فاكره المكافاه دى يعنى تكفى ايه فى الايام دى , و انا كمان مبقاليش فى الشركه فتره طويله و بعدين حالاقى فين شركه تدينى المرتب ده .... انا متهيالى اننا نسافر احسن يا ساره

    قالت سارة:
    نسافر بره ... وكمان اوروبا يعنى ناس تانيه و مجتمع تانى و نظره تانيه لينا كمسلمين هناك.
    اول مره يجيلى الخاطر ده .. اسيب مصر واسيب اهلى , ده انا بحب حتى ريحة الشارع فى مصر ..حتى المكروباص بحبه .بلدى و مهما حصل هى اولى بى .. ليه ما نقدرش نعيش فيها بكرامه ؟

    صحابى اللى كان بييجى لازواجهم شغل بره كانو بيخافو من الحسد رغم انى كنت باشفق عليهم
    بلد غريبه و ناس تانيه و جو تانى و ماما .... ياخرابى لو ماما عرفت

    مش كفايه اختى اللى سافرت دبى بعد الجواز و ماما كل عيد و كل جمعه حتى تقلبها مناحه عشان اسراء واحشاها و دلوقت ما عادش ليها غيرى انا واحمد اقوم انا كمان اسافر و اسيب البلد , دى ماما تروح فيها , و بعدين حاعمل ايه انا فى الغربه دى و انا جربتها و انا صغيره مع ماما و بابا وكنت كل اجازه اسيب مصر و دمعتى على خدى عشان السنه الطويله اللى حاقضيها هناك , يا رب افرجها من عندك و انا مش حاقول غير قدملنا اللى فيه الخير

    قال عمر:
    انت مش بتكلمى ليه يا ساره ساعدينى فى الاختيار الصعب ده

    قالت سارة:
    هه معلش يا عمر اصلى سرحت . بص يا عمر مش لازم شركه بنفس المرتب ده ربنا هوه الرزاق و بيبارك فى القليل واللى حيساعدك فعلا هوه اللى طول عمره بيساعدك قوم صلى العشاء و صلى صلاة استخاره و اللى رايده ربنا هوه اللى حايكون

    قال عمر:
    افرجها من عندك يارب انا عملت اللى على و قدمت فى شركات هنا فى مصر كتير جدا . لكن مش حايجيلى شغل فى يوم و ليله , كمان الشركه مديانى مهله عشان اقرر بعدها ممكن يروح على السفر , و ساره ما بتتكلمش لكن انا حاسس انها رافضه السفر رفضاً باتاً , مش عارف ايه اللى حصلها , وهى اللى طول عمرها بتتغنى بوقوف الست جنب جوزها . لكن لما الامر بيخص والدتها و اهلها خلاص تنسى جوزها خالص
    وانا مش حاقدر اسافر لوحدى و اعيش بره كده وحدي , ده انا كنت حاتجنن لما قعدت كام يوم من غيرها هى و يحيي و الشقه بقت زى الاسطبل فى اربعه و عشرين ساعه , كمان الفرص هنا ضيقه و كل صحابى و قرايبى بينصحونى بالسفر وكمان دى هولندا يعنى دوله متقدمه فى كل حاجه و حاتعلم كتير انا حاحاول اقنع ساره بالسفر وربنا معايا

    وأثناء الغداء

    قال عمر:
    انت عارفه يا ساره انى سالت اصحابى اللى عاملين مكاتب هندسيه يعنى هنا فى مصر وعرفت ان اقل مبلغ نبدأ بيه حوالى سبعمية تمنيمة الف جنيه

    قالت سارة:
    يا خبر ابيض ليه يعنى كل ده

    قال عمر:
    ده احنا بس محتاجين شقه مقر للمكتب بالشىء الفلانى ده غير التصاريح و الموافقات والسجل التجارى وموافقة الضرائب

    قالت سارة:
    الحمد لله يا عمر انك بدات تفكر فى كده و انت عارف و الله ربنا حايسهلها ما نشارك صحابك دول طيب

    قال عمر:
    نشاركهم ازاى يعنى يا ساره دول هما نفسهم زهقانين وعايزين يقفلوا الشركات الكبيره مش سايبه فرصه لحد صغير فى السوق

    قالت سارة :
    يعنى ايه يا عمر عايزنا نسافر و كمان هولندا يعنى بلد لا نعرف لغتها و لا نقدر نتعايش فيها ؟

    قال عمر:
    ما نقدرش ليه يعنى

    قالت سارة:
    عشان حاجات كتيراختلاف العادات و التقاليد ,التربيه اللى حانربيها لابننا مش اتفقنا نربيه عالاسلام والسنه ازاى يعنى نعمل كده وهو فى مدرسته و فى بيته و فى وسط اصحابه مش حيلاقى الا كل عداء للاسلام و كراهيه لينا

    قال عمر:
    بصى يا ساره اللى عايز يربى ولاده مش محتاج يتحجج بالمجتمع احنا فى البيت حانصلى و نقر القران كعادتنا و هوه حايطلع يلاقى كده فيكون زينا بفطرته السليمه و ربك هو الهادى

    قالت سارة:
    و حاتعمل ايه لما حد يعايره و لا يقوله انه ارهابى زى ما بنسمع و لا لما حد يقلعنى الحجاب عشان ما يبقاش شكلى متخلف ولا لما افتح الجرنال اليومى العادى الاقى حاجه مسيئه لدينى و لحبيبى صلى الله عليه و سلم انت مش عارف المسلمين هناك متعذبين ازاى من ساعة حداشر سبتمبر

    قال عمر:
    و قد بدا صوته يعلو :

    بصى يا ساره انا فاهمك كويس جدا و ما تتذاكيش على انت مش عايزه تمشى من جنب مامتك و اخواتك عشان انت فاكره نفسك لسه صغيره و لازم العيله حواليكى ما اختك اهيه سافرت و هى لسه عروسه و الحمد لله كويسه ايه المشكله يعنى

    قالت سارة:
    ايه اللى جاب سيرة ماما و بابا دلوقتى , وانا بكلمك كلام موضوعى جدا وبعدين حتى الكلام عن ماما وبابا قمة الموضوعيه ازاى اسيبهم وهما فى السن ده و محتاجين لى جنبهم , و اظن والدتك يوم ما احتاجتلنا لقتنى انا وانت جنبها ولا هى يعنى الانانيه عشان انت ما عندكش دلوقت حد فى مصر تقلق عليه
    ************
    الحلقة الثالثة
    قالت سارة:
    اخر مره اتكلمنا فيها انا وعمر و المناقشه انتهت بانه ساب الاكل و قام عشان اعتقد انى باعايره بوقوفى جنب والدته ولأول مره الاقيه زعلان ومش قادره اصالحه ، كل اللى عملته انى اتصلت باكتر من صديقه لى عايشين فى النمسا وفى فرنسا وفى منهم واحده اخدت الجنسيه كمان وسالتهم عن حياتهم فى البلاد دى
    واحده فيهم اضطرت تخلع الحجاب فعلا عشان تلاقى شغل و قالت انها بتحتشم ع الاخر لكن ما تغطيش شعرها
    ممكن تغطيه بشابو او اى حاجه لكن تلف طرحه حول وجهها توصم بالارهاب علطول
    وصديقتى التانيه محجبه بس دى معاها الجنسيه , ساعات تتعرض لمضايقات فى الشارع بس هى ما بتشتغلش
    وكمان ولادها كلهم بيدرسو بالالمانى فاصبح من الصعب عليهم العوده رغم انها تريدها و تتمناها من قلبها
    طيب انا ايه اللى يغصبنى , دى بلدهم يصدروا قوانين بحظر الحجاب بحظر التجول حتى هما احرار
    واحنا كمان احرار اننا ما نعيشش هناك وربنا قال ان ارضه واسعه لنلتمس فيها الرزق , ليه نضيق اختيارتنا و نختار نعيش فى مكان يكون فيه القابض على دينه كالقابض على الجمر

    ده المسلمين الاوائل و قبلهم المصطفى صلى الله عليه و سلم ساب احب ارض الله الى الله (مكه) عشان اهلها اذو المسلمين و فروا بدينهم منها , لماذا لانجعل الحياه اكثر سهوله بلا تعقيدات ولا ضغوط

    وعمر طبعا مش مصدق ابدا ان دى اسبابى الحقيقيه و نظرية المؤامره بتاعته بدات تدخل ماما طرف فى الموضوع رغم انها ما تعرفش حاجه اصلا , الله يهديك يا عمر

    قال عمر:
    انا مش مصدق نفسى , دى ساره اللى وقفت جنبى قبل كده بكل قوتها و باعت حتى دهبها عشانى , انا مش مقتنع انى لو عشت بره عقيدتى او دينى حيتأثروا , انا اقدر استعصم لدينى وعرضى فى اى مكان
    بس تاثير البيئه ع الاطفال ؟ يمكن ساره عندها حق فى دى .

    احنا لينا اقارب فى اوروبا اولادهم سابو البيت فى سن ستاشر والقانون هناك يحمى حرية الشاب تماما .
    بقى كده يا يحى بعد التعب و التربيه دى كلها تسيبلى البيت و تروح تعيش مع صاحبتك
    منك لله يا ساره خليتى الفار يلعب فى عبى ليه بس ده انا كنت خلاص على وشك ادخل النهارده للمدير واخد القرار , لكن لا مش حاعمل حاجه الا لما نوافق عليها سويا , بس هوه انا اساسا عارف اكلمها دى طول النهار على الانترنت مع ابناؤنا فى الخارج بتعمل تحقيقاتها ومداولاتها
    الله يهديكى يا ساره

    قالت سارة:
    الظاهر يا ساره حاتضطرى تطلعى شهرزاد من علبتها بعد طول اختفاء ..يا رب يفتكر ان عيد جوازنا بكره , بس حتى لو ما فتكرش كفايه الهم اللى هوه فيه ربنا معاه , بدات خطة عمل عيد الجواز4 منذ الصباح الباكر, طبعا نظافة شاملة للشقه بواسطه الشغاله اللى كمان خدت يحيى ودته لماما وانا نزلت اعمل عمرة موتور عند الكوافير

    طلبت ان نفس البنت اللى كانت عملتلى ماكياج فرحى تعملى ماكياج زيه بالظبط و جبتلها صورة الفرح معايا و فعلا عملته زى يومها بالضبط و بنفس الالوان , وعملت سيشوار ياااااه ده شعرى طول قوى ما اكتشفتش كده الا بعد ما شفته فى المرايه , كان بقاله شهر عباره عن كلكيعه كبيره فى راسى كل اللى اعرفه عنها انها ما بتخلنييش انام كويس ع المخده

    روحت البيت و كنت محضره الاكل من امبارح فى التلاجه و ما كانش على الا التسخين بس وفى خلال الوقت ده طلعت من الدولاب ذكرى غاليه اوى فستان فرحى ..........ياااااه احلى ايام عمرى والمفاجاه انه زى ماهوه
    انا فضلت انى افصل فستان تمليك مش غالى بدل ما ااجر فستان رهيب بنفس التكلفه , عشان انا عندى حاجات كده فى دماغى بخصوص الارتباط النفسى و الحنين وهو ده اللى مخلينى كارهه اسيب بلدى
    ويادوب بدات عينى تدمع و افتكر اغنية مصرهى امى ......بلدى بلدى يا بلدى
    يييه ايه اللى جاب بلدى دلوقت بقه ركزى يا شهرزاد قصدى يا ساره

    و المفاجاه الكبيرة انى باقفل السوسته ...... قفلت و بصيت فى المرايه ........ مش اعجاب بنفسى والله . لكن حسيت انى حتى احلى من يوم فرحى

    مافيش القلق الجامد بتاع الفرش و مافيش السهر الطويل قبلها عشان الفستان وعشان الجزمه وعشان و عشان وكمان ما فيش التقفيله اللى تحت الفستان لزوم الحجاب ..,
    اكملت زينتى بوضع البارفان وبعدين اطلقت بخور احضرته لى احدى صديقاتى من الكويت وقالتلى ان الجرام بالشىء الفلانى وطفيت نور الشقه كله الا نور صغير فى المدخل وبعدين احترت اقعد فين
    انا جربت موضوع الاسهم ده و اتبع الاشارات و بتاع قبل كده
    ايه رايك يخش يلاقيكى فى وشه المره دى عشان تبقى صدمه قصدى مفاجاه جامده
    شلت الترابيزه المدوره الصغيره اللى فى مدخل الشقه وقعدت

    قال عمر:
    معلش يا عمر خليك انت الكبير , النهارده عيد جوازنا , خرجت بدرى من الشغل و اشتريت هديه لساره , سلسله ذهبيه و فيها دلايه صغيره على شكل قلب , يمكن تحس ان فعلا قلبى معاها و احضرت تورته صغيره و روحت بافتح باب الشقه شميت روايح جميله دوختنى بصراحه .... دى ريحة بخور دى و لا بارفان و اللا ايه ده و بعدين لقيت قدامى اجمل منظر ممكن يشوفه زوج محب و عاشق

    ورده بيضاء مفتحه فى مدخل البيت و مش شايف غير الدائره البيضاء الكبيره و حبيبة عمرى حاطه وشها فى الارض و شعرها الجميل مغطى ظهرها و اكتافها و اول ما دخلت رفعت وشها باجمل ابتسامه و اجمل عينين حبيتهم فى حياتى وحسيت ان النور جه .........
    يا شيخه عايزانى اقعد فى مصر و اشحت على باب السيده حاشحت بس ما بعدش عنك ابدا
    وقلت اللى قدرت اقوله ساعتها : ما شاء الله !!!!!!! ......

    قالت سارة:
    ياه وحشتنى الكلمه دى من زمان ... دى اغلى كلمه قلتهالى و اول كلمه قلتهالى فاكر يا عمر

    قال عمر:
    ما أنا ما لقيتش حاجه اقولها زمان و لا حاجه اقولها دلوقت الا الكلمه دى.... ما شاء الله

    قالت سارة:
    جلس عمر الى جوارى على الارض و اكتشفت انه لم ينس عيد زواجنا و انه احضر لى هديه و فتحها ...
    الله يا عمر ده كتير اوى ... ده انا مكسوفه منك اوى انا ما جبتش هديه عشان ......
    وضع عمر يده على شفتى قبل ان اكمل ..............

    و همس ..............انتى هديتى ........................

    و سكتت شهرزادعن الكلام المباح
    ************
    الحلقة الرابعه
    قال عمر:
    صحيح انا مش مقتنع اوى بوجهة نظر ساره , و صحيح انها قالت لى خلاص اللى تشوفه يا حبيبى اعمله , لكن انا صليت استخاره امبارح و طلبت من الله يهدينى للصواب و انا واثق انى حاشوف علامه النهارده يا تخلينى اقبل على السفر او تخلينى اتراجع و اسيبها على الله

    وصلت الشركه لقيت واحده شعرها اصفر ما شفتهاش قبل كده بتقولى صباح الخير يا باشمهندس عمر
    بادقق كويس ما صدقتش عينى , دى آيه , قصدى المهندسه ايه , ده انا شايفها اول امبارح و كانت بالحجاب ايه اللى حصل؟؟؟

    كل المكتب كان بيبص لها و يتعجب لكن ماحدش جروء على انه يسالها ,انا سالتها
    ايه التغيير ده يا باشمهندسه آيه خير ايه اللى حصل

    ابدا انت عارف ان الوفد اللى جاى من هولندا حايقابل الستاف النهارده وانا قررت انى لازم اسافر


    قال عمر :
    طيب ايه اللى يمنع انك تحافظى برضه على التزامك يا باشمهندسه! هوه ده يتعارض مع الشغل ؟

    لا مش حيتعارض مع الشغل لكن اذا كنت فى روما فافعل ما يفعله اهل روما

    قال عمر:
    المثل ده وحش اوى على فكره ومعناه بالضبط ان الانسان يكون امعه , وده اللى نهى عنه الرسول صلى الله عليه و سلم (( لايكن احدكم امعه يقول اذا احسن الناس احسنت و ان أساؤوا أسأت ))


    اظن دى حريه شخصيه يا باشمهندس عمر و اللا انت خايف انى آخد المركز اللى انت بتحلم بيه فى هولندا ؟؟

    قال عمر :
    باحلم بيه ! فى هولندا ! اعوذ بالله انتى للدرجه دى فهمتينى غلط انا كان همى مصلحتك ومش مصدق التغيير ده اللى حصلك ، انا حتى ما قررتش لسه اعمل مقابله مع الوفد الهولندى

    بص يا باشمهندس عمر بك دلوقت الحجاب بره علامه على الارهاب يعنى مجرد ما المدير الهولندى يشوفنى بيه خلاص حاكون اترفضت و مافيش لى اى امل وانا نفسى اسافر بره تانى واشوف الدنيا واتعلم الجديد, ايه العيب فى كده , من ساعة ما جيت هنا و انا باصطدم بعقليات متخلفه وانا واثقه ان ربنا حيسامحنى عشان فى شيوخ افتو اذا كنت قاعد بره وكان من الصعب عليك انك تنفذ دينك بكل حذافيره ممكن ربنا يسامحك على بعض التجاوزات

    قال عمر:
    و ده مين اللى قال كده بقه مفتى القناه السادسه ؟؟؟؟
    امال فين فمن استعصم لدينه وعرضه ........ وفين من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب
    و فجاه سكت خالص لما لقيت نفسى باكرر كلام ساره بالضبط , يعنى هى كانت عندها برضه حق ادى واحده كانت محجبه و حاتخلع حجابها عشان هولندا وشويه فلوس زياده و ياريتها فقيره او محتاجه

    هييه انت رحت فين . ما كنتش فاكره نظرتك كده لاى واحده مش محجبه يعنى تبقى مش مسلمه

    قال عمر:
    لا من فضلك انا مين عشان احكم مين مسلمه و مين لا ده ربنا سبحانه و تعالى اللى بيحكم لكن بئس الاسم الفسوق بعد الايمان

    ازاى تسمح لنفسك تقولى الفسوق انت تخطيت حدودك على فكره انا ما كانش لازم اتكلم معاك و لا ارد عليك اساسا ............

    قال عمر:
    يا باشمهندسه الفسوق مش لازم يكون المقصود بيه الانحراف لكن اى انسان يحيد عن الطريق السليم اللى كان رسمه لنفسه يكون اسمه كده و انا متاسف يا انسه آيه وارجو ما تزعليش منى , بعد اذنك .......

    يااه يا آيه انت مش عارفه اد ايه ساعدتينى فى اتخاذ القرار
    ده انا مش حاروح هولندا مخصوص عشان ما شوفكيش تانى , ازاى فى يوم من الايام قارنتك بساره اساسا ؟؟

    و بعد المقابلات مع كل من يريد السفر من المهندسين اعلنت اللجنه اسماء المسافرين و على راسهم طبعا الانسه آيه التى نالت كل الاعجاب و التقدير من اللجنه وطلب مدير فرع القاهره الاجتماع بعمر و بعد جلسه مطوله معه , خرج عمر وعلى وجهه سعاده و رضا لم يعرفهما منذ عاد من العمره و جرى على الموبايل

    قالت سارة:
    منذ الصباح الباكر اعد الدقائق و انظر للهاتف ليبلغنى عمر بقراره النهائى فى موضوع السفر , بعد سلسله من صلوات الاستخاره خلال الايام السابقه , كففت عن محاولة اقناعه , و حتى لم اعد اذكر والدى او والدتى و تركت امرى كله بين يدى الله (اللهم فارج الهم كاشف الغم رحمان الدنيا والاخرة و رحيمهما انت ترحمنا فارحمنا برحمة تغننا بها عمن سواك يا رب)

    وبعد ساعات طويله من القلق رن جرس الموبايل ..................بيد مرتعشه رددت على عمر ..................و حين ابلغنى بالخبر لم استطع الرد ,فقد سجدت لله شكرا فى مكانى و عينى مليانه بالدموع
    يا ما انت كريم يا رب

    ************
    الحلقة الخامسة
    قالت سارة:
    يا مانت كريم يا رب . اه يا سامع دعاي وعالم بشكواى معقوله ييجى الحل كده من عندك يا رب
    معقول يكون فيه لجنة متابعه الشركه حاتسيبها فى مصر لمتابعة المشروعات المنفذه و اللجنه دى تلاته بس وعمر يتعين رئيسهم , سبحانك يا الهى , يعنى الشركه الاجنبيه لم تعلن عن لجنة المتابعه عشان تضمن ان كل الكفاءات الكبيره تطمع فى السفر لهولندا عشان ما فيش حل غير كده فى مصر , و يكون النتيجه ان حبيبى عشان ما قدمش فى هولندا وعشان هوه من اكفا المهندسن الموجودين كان اول واحد مرشح لرئاسة لجنة المتابعه , اول حاجه عملتها بعد ما عمر بلغنى الخبر انى سجدت لله شكرا احمدك يا رب حمدا كثيرا
    انا كنت عارفه انت اللى حاتحلها من عندك و برضه اتعلمت ما احكمش راييى واتشدد لان فى النهايه قدر الله نافذ ,ان الله بالغ امره, قد جعل الله لكل شىء قدرا

    قال عمر:
    انا مش سعيد بحل موضوع الشغل قد مانا سعيد عشان خاطر ساره دى بعد ما كانت خلاص وافقت على انى اعمل اللى انا شايفه , لكن ربنا سبحانه و تعالى اعلم من الجميع , سبحان الذى هدانا و ما كنا لنهتدى لولا ان هدانا الله

    قالت سارة:
    عارف مامتك كلمتنى النهارده من مكه وقالت لى انى وحشتها شفت المعجزه دى بقه مش غريبه معجزتين فى يوم واحد كده شغلك و كمان وحشت مامتك !! ,

    قال عمر:
    هاها حرام عليكى يا شيخه دى بتحبك والله بس هى ماما مش بتعرف تبين عواطفها

    قالت سارة:
    مانا قلت لها انها هى كمان وحشتنا و طلبت منها ترجع بقه

    قال عمر:
    بجد يا ساره قلتلها كده جزاكى الله كل خير حتى لو مش حاتيجى اهى برضه تحس اننا مرحبين بيها


    قالت سارة:
    لا ما انا نسيت اقولك انها جايه فعلا

    قال عمر:
    بس دى ما قالتليش حاجه خالص عن الرجوع

    قالت سارة:
    ماهى اصلها عاملاهالك مفاجاه جميله ان شاء الله حاتيجى الخميس الجاى شفت بقه لو كنا سافرنا دلوقتى كان حيبقى وضعها ايه ؟

    قال عمر:
    عندك حق و الله , شوفى حكمة ربنا يعنى صحيح كانت ماما حاتعمل ايه دلوقت لو انا مش فى مصر ؟؟

    قالت سارة:
    تمتمت ساره فى سرها مانا اللى استاهل , مالها هولندا ,لا يابت الحمد لله برضه اهى هولندا فيها كفار و ممكن الواحد يتاذى فى دينه , لكن لما قعدت فى بلدك اهى جايه لك اهيه اللى حاتكفر سيئاتك كلها باذن الله

    وصلت حماتى فى معادها يوم الخميس بس الشهاده لله قابلتنى مقابله جميله و كانت مشتاقه ليحيى اوى اوى و قالت انه ماشاء الله كبر اوى , و لما روحنا البيت قالت لى انها حلمت بيى . و لما قلت لها خير يا طانط
    ال ايه و هى بتعمل عمره مع بنتها غفلت فى الحرم بعد صلاة الفجر وحلمت بى وكنت طفله صغيره ملفوفه فى بطانيه واحد لابس ابيض بيدينى ليها و يقولها بنتك اهيه و بعدين كشفت عنى البطانيه لقتنى حاضنه بنت صغيره جدا و قلت لها دى مريم بنتى , و رددت (( و انى اسميتها مريم ))

    و قالت لى : لو ربنا اراد و جبت بنت بقه يا ساره تسميها مريم اتفقنا؟؟ ..............

    الله على الرؤيا جميله و اسم جميل البنت فى الحلم رزق واسع , بس اسم مريم ده صحيح غالى اوى ، و بعدين الرؤيا بعد الفجر بتكون باذن الله صادقه , اول مره فى حياتى احس فعلا ان ام عمر زى امى بالضبط و حضنتها بحب جارف و هى كمان سبحانك يا مؤلف القلوب يا رب

    انا فعلا حاسه انى مش مضبوطه بقالى كام يوم و عندى حالة نوم فظيعه و الله يكرمها حماتى بتقوم الصبح هى اللى بتعمل الاكل .................بعد كام يوم اتاكدت

    قالت سارة:
    عمر انا عندى ليك خبر

    ************
    الحلقة السادسة
    قالت سارة:
    هل اعراض الحمل مختلفه هذه المره عن المره الاولى , ام هى انا التى كبرت و اختلفت و اصبحت اكثر احتمالا , هل فعلا تكتسب المراه قدره على التكيف بعد اول مره للحمل ، هل يقل خوفها الغريزى و الطبيعى على الجنين و على نفسها و تنقطع الكوابيس المتصله بصحة الطفل و بحياة الام نفسها ؟
    خلال حملى فى يحيى كلما كنت اقرا عن عرض من اعراض الحمل افوجأ باصابتى به فى نفس اليوم ، اما الان فاحس بقدرتى على التكيف , ايضا وجود حماتى رفع الكثير عن كاهلى لان العرض الوحيد الذى لم اتخلص منه هو النوم الكارثى بمعنى انى انام تمانيه عشر ساعه فى اليوم ؟؟!!
    و لقد توصلت لحل رائع لكل مشاكلى مع حماتى بالاضافه الى ان الغربه و عيشتها مع ابنتها بالخارج جعلتها تحس بشعور الابنه التى تحتاج لكل لحظة حب و حنان من زوجها .......... الله يهديها

    قال عمر:
    كنت حامل هم حمل ساره المره دى بسبب اللى شفته فى حملها المره الاولانيه , نرفزه و عصبيه و خوف مرضى ، لكن المره دى حاسس بيها هاديه و رايقاااه حتى وشها اصبح اكثر جمالا
    اما مشاكل ماما معاها اصبحت من الماضى بعد ان توصلت ساره لمفتاح سر الحياه !!
    طلبت منى بنفسها الا الاطفها او ادللها فى وجود ماما , و ان اعجب دائما بالاطباق التى تعدها ماما اكثر من التى تعدها ساره ، لئيمه ساره دى و بكده تتولى ماما الاكل كل يوم عشان ابنها حبيبها هاهاها
    لدرجة ان ماما اصبحت الان حين تختلى بى تطلب منى ان اتلطف شويه مع ساره عشان هى حامل و مره قالتلى يا عمر يا بنى رفقا بالقوارير
    سبحانه مغير الاحوال...........

    و فى يوم دعتنى ماما لتناول القهوه معها فى البلكونه عصرا و كانت ساره نائمه كالعاده

    ام عمر : عمر انا عايز اكلمك فى حاجه كده بخصوص الشقه بتاعتى

    عمر : خير يا ماما

    ام عمر : يعنى المكان هنا بقه ضيق عشان ماشاء الله يحى كبر و كمان لما ساره تقوم بالسلامه حايكون الوضع اسوأ

    عمر : اوعى يا ماما تفكرى ترجعى بيتك انتى ماليه علينا البيت و كمان ساره ما بقتش تستغنى عن وجودك و لا حتى يحيى

    ام عمر : انا ما قلتش كده انا كمان ما قدرش ع الوحده ، صحيح فى غيرى ستات بتقعد لوحدها عمر بحاله لكن انا يا عمر ما قدرش، بص يا بنى الشقه دى كانت تمليك و باسم ابوك الله يرحمه يعنى حقك انت و اخواتك ورث يعنى ، انا عايزاك تبيعها و تدى كل واحده من اخواتك نصيبها و انت كمان تاخد نصيبك و نصيبى عليه و تبيع الشقه دى و تجيب شقه واسعه شويه تكفينا كلنا

    فكر عمر معقول ماما تسيب شقتها و موطن ذكرياتها تتباع كده ، كمان دى فى مصر الجديده و شقه جميله يعنى تجيب مبلغ كبير ، ربنا يخليكى يا امى
    رد عمر على امه : الله يخليكى لينا يا ماما انت متاكده يا ماما ، طبعا انا بيتى هوه بيتك طول عمرى و من بعدى كمان لكن انا خايف تندمى على القرار ده

    ام عمر : يا حبيبى انا مش حاعيش قد ما عشت و انا نفسى اشوفك انت و مراتك و ولادك مبسوطين ، و حتى ساره بقت زى بنتى دلوقت و عايزاك تفرحها بنفسك عشان انا ما قلتلهاش حاجه لحد دلوقت

    لم يتمالك عمر نفسه و انهال على راس امه بالقبلات و هو يتمنى لها طول العمر و يعدها انها على راسه ما دامت حياته
    و فى هذه اللحظه صحت ساره من النوم و ووجدت هذا الموقف الدرامى و لم تتمالك نفسها من الدهشه الممزوجه بالسعاده الغامره حين علمت بما تنتويه حماتها

    عمر : بس لازم نسرع يا ساره فى البحث عن مشترين للشقتين و كمان عايزين شقه حلوه كده واسعه تكفينا يا حبيبتى

    ساره : انا من بكره حاكلم احمد اخويا ينزل معايا نلف على شقق و كمان حادور على النت ممكن الاقى حاجه كويسه

    عمر : طبعا انا عارف ان الاسعار نار بس حتى لو لقينا شقه اغلى من ثمن الشقتين ممكن نقسط الباقى
    بس ربنا يسهل و نلاقى حاجه كويسه يا رب

    و بدات ساره فعلا رحلة البحث من ثانى يوم ، كان اسهل شىء ايجاد مشترين حيث ان شقة حماتها متميزه وفى مكان متميز ، كمان شقة عمر رغم صغرها فقد احاط بها العمار من كل جانب و بعد ان كانت ساره تصفها انها قبل السويس بكام كيلو اصبحت بقدرة قادر بعد التجمع الخامس و الاول فى وسط البلد .....

    عمر : الحمد لله بعت شقة ماما بثمن مناسب جدا لكن بعد توزيع الانصبه و منهم نصيب ماما الذى رفضت تماما ان المس قرشا منه ، اصبح الباقى لا يكفى الا مقدم شقه جيده و معانا ربنا عشان نبيع شقتنا كمان
    ساره شافت انه مش المفروض نبيع كل محتويات شقة ماما فا حتفظت بالصالون و السفره و غرفة نوم ماما القديمه و انا مش فاهم ليه بس هى اجرت غرفه و خزنت فيها هذه المقتنيات التى وصفتها بانها لا تعوض

    و بالفعل بعد رحلة بحث مع اخوها احمد ربنا يكرمه لانى كنت مشغول ع الاخر وفقنا الله فى شقه رائعه
    واسعه و مشمسه و فيها حمام فى اوضة النوم و ثلاث اوض كبيره و ريسبشن رائع
    بس يادوب كل الفلوس اللى معانا تكفى مقدم و الباقى ربنا يقدرنا على اقساطه ، ساره و ماما شايفين ان احنا باذن الله بقليل من الحكمه نقدر نوفى الاقساط دى على خمس سنين عشان العماره كانت ملك لوالد صاحب احمد من الكليه عشان كده كان مهاود معانا فى فترة الاقساط

    قالت سارة:
    اكتشفت ان الشقه الجديده اوسع من شقتنا بمراحل و ان فرشى كله مش حايبان لو اتحط فيها ،خاصة انى كنت شاريه غرفة نوم سفره سبور و صغيره و يا دوب الانتريه يتحط فى ركن و الصالون فى ركن و الباقى حانقضيه كده مساحات فاضيه على راى كابتن محمود بكر
    عشان كده طلبت من عمر ما يتصرفش فى فرش مامته
    بس طبعا كانت حالته سيئه من الزمن و اثره
    فقررت انى انزل اشترى شوية اقمشه جديده و اتفق مع نجار شاطر و استورجى كويس و كانت النتيجه اكثر من مبهره
    حتى غرفة نوم حماتى اللى كانت شبه القطع الفرعونيه ، بقت زى اوضة العروسه بعد ما غيرت لونها و خليتها حاجه تانيه خالص
    طبعا كل ده من غير ما اقول لعمر و اعتمدت على مدخراتى البسيطه عشان ربنا كان عالم باللى هوه فيه ، علطول سرحان و شايل الهم
    و فى وسط ده كله افتكرت حنان صاحبتى اللى رفضت عريس اتقدملها عشان شقته ضيقه ؟
    ثقافة شقة العمر دى كانت زمان ، كان الناس تعيش و تموت فى مكان واحد ، لكن لو كل اتنين امنوا ببعض و عرفو ان ممكن يبدأوا بداية بسيطه و فيما بعد ربنا حايساعدهم كانت مشكلة عدم الزواج دى انتهت تماما .
    و كل المجهود ده عملته و انا حامل و مع ذلك كنت سعيده سعاده لا توصف بكل فرشه دهان بتتعمل فى الشقه و طبعا الباشمهندس عمر تدخل بلمساته المعماريه الرائعه , بس برضه ذوق الستات لا يعلى عليه
    يعنى اشتريت حاجات بسيطه باسعار قليله جدا و مع ذلك عملت فرق
    شريط ديكو و رق حائطر دباديب ملونه لغرفة يحيى ، و زيه بس برسومات ناعمه لغرفة نومى و لغرفة حماتى ، سجاده صغيره بس الوانها جميله فى مكان فاضى ما فيهوش موبيليا و عليه مخدات ملونه

    المهم ان يوم دخولى شقتى الجديده و انا فى منتصف شهرى الثامن كنت سعيده زى يوم دخلتى يمكن اكتر كمان ......
    اللهم لك الحمد

    قال عمر :
    لحد دلوقت انا مش مصدق الطاقات الفنيه و الابداعيه اللى تفجرت عند ساره ، و اللى هى نفسها ما كانتش عارفاها فى نفسها
    و كله كوم و اللى عملته فى فرش ماما كوم تانى
    ماما عيطت و حضنت ساره لما شافت اوضتها و ما عرفتش ان دى اوضتها القديمه الا بعد فتره تدقيق و خاصة ان ساره حرصت على وضع صوره كبيره لماما و بابا و كمان لى انا و اخواتى من واحنا صغيرين لدلوقت و كمان صور للاحفاد كلهم و ماما سمت الحائط ده فى اودتها حائط الذكريات
    كمان ساره عملت ركن فى غرفة ماما و حطت عليه المصحف على حامل كبير عشان ماما تقرا القران بحروف كبيره من غير ما تضطر تشيله و كان منظره و سجاده الصلاه تحته و السبحه على الحائط غايه فى الجمال
    و انا باقول ليه ساره كانت حريصه فى ايام الفرش و اللمسات الاخيره تاخد مامتها و اخوها و ما تاخدنيش معاها
    و فى اول يوم لينا فى بيتنا الجديد حسيت انى باتولد من جديد ، و اول حاجه عملتها انى صليت صلاة شكر عميق لله انا و ماما و ساره و حتى يحيى حبيبى كان ورانا بيقلدنا فى حركات الصلاه

    و بعد الصلاه دخلت ساره الحمام و بعدين سمعت صوتها بتصرخ
    الحقنى يا عماااااااااااااااااااااار .................................

    ************

    الحلقه السابعه
    افاقت ساره لتجد نفسها محاطه بالاجهزه و موصل بذراعيها كانيولا و جهاز قياس للنبضات و الضغط
    اخر ما تذكرته هو دخولها الحمام ثم الرعب القاتل الذى انتابها عندما فوجئت بنافورة دم تخرج منها
    ونادت بصوت واهن يحيى ابنى ......عمر .......ايه اللى حصل
    و فى لمح البصر هرع عمراليها قائلا :حمد الله على السلامه يا حبيبتى

    ساره :ايه اللى حصل يا عمر
    عمر :الظاهر انك بذلتى مجهود جامد فى الشقه يا ساره ، فحصلت لك ولاده مبكره لكن انت احسن دلوقتى و الدكتور طمنا
    عليكى
    ساره :فين البيبى انا مش سامعه صوت ليه
    فجاءت امها مسرعه تقول :مريم بخير و زى الفل الحمد لله بس هى...........
    ساره :مريم ؟ انا جبت بنت فعلا .الحمد لله و الشكر لله ,هى فين يا ماما ، شكلها ايه ، .......
    سارع عمر :هى فى الحضانه يا حبيبتى عشان ناقصه نمو شويه لكن ان شاء الله حاتبقى كويسه
    ساره باكيه :يا حبيبتى يا بنتى انا عايزه اشوفها عايزه ارضعها و احضنها
    و طفقت ساره تتلمس بطنها فى شوق كانما انتزعت منها قطعه من قلبها ، لا لقد انتزعت منها فعلا
    عمر :لا يا ساره ما تعيطيش كده هى ان شاء الله بخير و بكره ياما تشيليها و ترضعيها . و.......
    ساره :بكره ؟ انا عايزه بنتى دلوقتى و دينى يا عمر عندها
    و حاولت القيام من سريرها لكنها كانت اضعف من ان تتحرك فارتدت واهنه فى مكانها
    وهنا جرى اخاها اليها :يا حبيبتى ما تخافيش عليها هى بخير و شبهك و زى القمر ما تخافيش مش شبهى هاها
    ساره :انت هنا يا احمد خدنى ليها عشان خاطرى نفسى اشوفها ارجوك يا احمد
    تدخل عمر :انتظرى ثوانى انا حانادى للدكتور أجيب كرسى متحرك ثوانى
    خرج عمر من الغرفه لكن ساره لم تطق الانتظار فنزعت الكانيولا من ذراعها و جهاز النبضات بشده و صاحت باكيه :شلنى يا
    احمد و دينى اشوف بنتى دلوقتى
    فاحتار احمد ماذا يفعل لكنه فوجىء بامه تامره :معلش يا احمد ريحها الحضانه قدامنا
    وطى احمد و شال ساره زى الطفله و تعلقت هى فى رقبته و هى بتفتكر لما كانت بتشيله و هو لسه بيبى صغير و دلوقت ما
    شاء الله بقه راجل
    وهناك امام زجاج الحضانه طلبت منه الا يدلها على طفلتها لانها ستهتدى اليها وحدها بقلبها
    وفعلا لم يخبرها احمد اين طفلتها
    وفى وسط الاطفال نزلت دموع ساره و هى تبحث بعينى راسها عن مريم بعد ان راتها بعينى قلبها
    وجدت طفله نائمه مستكينه و براءه الدنيا فى وجهها الصغير
    و سالت احمد و هى تشير اليها
    هى دى يا احمد ؟ هى دى مريم ؟
    رد احمد من بين دموعه :ايوه يا حبيبتى شفتى بقه انها كويسه و نايمه زى الملاك يا للا نرجع بق ه
    ساره :انت بتعيط يا احمد ........للدرجه دى متاثر
    احمد :لا لا انا بس دراعى اتملخ يا للا بقه نرجع ماشى
    فكرت ساره :
    دايما الرجاله كده يكرهو حد يشوفهم متاثرين و دموعهم نازله ، لا تقريبا هوه فعلا دراعه واجعه مانا لسه والده ووزنى بتاع
    تمانين كيلو مش شويه يعنى و اشفقت عليه و طلبت منه اننا ترجع الاوضه
    و سبحان الله رجعت ساره غرفتها فى حال غير الحال كانت مبتسمه و هادئه بمجرد ان رات صغيرتها و اطمانت عليها
    و فوجىء عمر بها عندما دخل تجلس على الكرسى و ليس على السرير و الدموع فى عينيها و هى تقول انا شفت بنتنا يا عمر
    انا شفت مريم ، اللهم لك الحمد و الشكر
    رد عمر :حمد لله على سلامتك انت دى اهم حاجه عندى ، ماما كلمتنى دلوقتى و بتقول يحيى عايز يشوفك ضرورى
    ساره :خليه ييجى حد يجيبهولى احسن انا حاسه انى بقالى سنين ما شفتوش
    ساره :طيب انا حاروحلها تانى دلوقتى
    عمر :لا لازم تلبسى لبس تانى معقم و تستعدى عشان تدخلى عندها الحضانه
    و فى اللحظه التى لمست ساره خد مريم الناعم بيدها ، و احست بمعجزة الميلاد للمره التانيه فى حياتها ، امنت اكثر بالايه
    الكريمه ) و فى انفسكم افلا تبصرون )
    فعلا سبحان من اخرج كيانا من كيان
    اللهم انى اعيذها بك و ذريتها من الشيطان الرجيم ، اللهم اهدها يا رب و اجعلها من الهادين المهتدين
    عندما ولدت يحيى تخيلت انى لن اقدم على هذا العمل مره اخرى اطلاقا فى حياتى
    لكن هانذا و مريم بين يدى

    عمر:الحمد لله ساره و مريم تجاوزن مرحلة الخطر ، لقد ابيض شعر راسى خوفا عندما ابلغنىعندما ابلغنى الطبيب ان هناك خطوره على حياة
    ساره لو استمر الحمل ، و تمنيت من الله ان يحفظهما الاثنتان من كل سوء ، و ما هو على الله ببعيد ، اللهم لك الشكر و الحمد
    يا الله
    شقه جديده و ابنه فى نفس اليوم
    انا حاسس ان مريم دى حاتكون وش السعد على ابوها
    لكن يحيى محتاج لى اوى اليومين دول
    لما رحت البيت لقيته زعلان و بيعيط و حاسس ان الدنيا فضيت حواليه
    برضه احنا محتاجين نعامله معامله خاصه الايام الجايه عشان ما يحسش ان هوه اتركن على الرف
    برضه الاطفال ما يفهموش

    اخيرا خرجنا من المستشفى و معانا القموره مريم ، دى جميله اوى ، ده راييى انا بس ؟ مش عارفه بس ما حدش يستجرى
    يقول عليها نص كلمه ؟ هما عايزين البنت تبور من اولها و لا اييه ؟؟
    حبيبى يحيى و حشنى اوى ، و تصرفاته بقت غريبه اوى
    أصر ينام جنبى رغم انه بقاله سنه كامله بينام فى اوضته
    و كمان شافنى بغير لمريم الحفاضات راح عملها على نفسه رغم انه معملش الموضوع ده من مده طويله
    كمان دخلت الحمام و خرجت لقيته بيحاول يشيل مريم من سريرها!!
    انا حاسه انه عايز اربعه و عشرين ساعه مراقبه
    ده صحيح زى ما بيقولو الخلفه التانيه غير الاولى خالص فى كل حاجه
    عشان بيكون فى طفل اول عنده مشاكله و عنده احساس بعدم الامان بعد ما كان الكل فى الكل
    عشان كده طلبت من عمر يشترى مرجيحه ليحيى و يقوله ان اخته هى اللى جابتها
    و كان رد يحيى:
    دابتها منين دى اثاثا مث بتعلف تمثى ( جابتها منين دى اساسا مش بتعرف تمشى)
    رد عليه عمر :لا هى اللى قالت لنا نجيبها عشان يحيى
    يحيى :هى مث بتعرف تتكلم بلدو ايه ده ؟؟
    و جرى غاضبا و تركنا
    طب نعمل ايه بس ما عدش فيه حد اهبل خااالص
    لكنى بعدها اقنعته ان اخته بتحبه اوى عشان هوه اخوها الكبير الجميل و حياخد باله منها لما تكبر
    كمان قللت من حملى لمريم طالما هى ما بترضعش او بتغير
    و باشيل يحيى و ساعات كمان اطلب من عمر ياخده يخرجه و يوديه الملاهى او النادى عشان يغير جو
    و جاء عمر اليوم يطالب ان ياخذ مريم ليحلق لها راسها
    ساره :بص يا عمر ايام يحيى انا رضيت عشان قلت اهو راجل و الراجل ما يعيبوش الا جيبه
    لكن الا بنتى لو حلقت لها يا عمر حاكتئب و كل ما اشوفها قرعه حاعيط عشان خاطرى بلاااااش تحلق لها و حيات اغلى حاجه
    عندك
    و انضمت لى حماتى لاول مره فى التاريخ المعاصر و قالت لعمر
    لا يابنى شوف انت تصدقت بكام فضه عن يحيى و ادفع نفس
    القيمه من غير ما تحلق للبنت خليها كده دى شعرها جميل و ناعم خساره.................

    ************
    الحلقه الثامنه
    عمر :لاول مره اجد نفسى حائراً ، صحيح البنت صعبانه على و مش عايز احلق راسها لكن دى سنه يا ناس ، بس اللقب اللى
    اطلقته عليها ساره (الشحاته الصغيره ) خلاها تصعب على ، ساره سمتها كده عشان لما اتولدت ما كانش عندها و لا اى حاجه
    تلبسها و اخو ساره نزل من المستشفى اشترى لها سالوبيت عشان تروّح بيه بدل ما نلفها فى ملايه و ده بسبب الولاده المبكره
    طبعا و ظروف العزال


    ساره :انت لو حلقتلها قرعه حاتبقى شحاته رسمى، ده حتى الايس كاب بتاع اخوها ضاع فى العزال ،و مش فاضل غير اننا
    ندهن لها راسها مرهم كبريت و تنزل بيها الموالد نشحت

    عمر ضاحكا :ايه يا ساره ؟ جبت الكلام البيئه ده منين ؟ بصى هى بصراحه راسها صغيره و طريه اوى عشان كده بلاش نحلق
    لها و انا حاتصدق بضعف ما تصدقت به عن يحيى

    ساره :ربنا يخليك لى يا عمر يا حبيبى و يكرمك عشان كمان التصوير وكده الحمد لله انك اقتنعت بس انا عايزه منك طلب
    عمر : انت تؤمرى يا ام العيال ،حاجيب لها كل الهدوم اللى انت عايزاها باذن الله
    ساره :حلوه اوى ام العيال دى هاها ، و مش باكلم ع اللبس ,بص يا سيدى انا مش عايزه اعمل علب و لا بونبون و لا اى
    حاجه من دى ، نعمل عقيقه شرعيه و بس ، و عايزاك تخرج الفلوس اللى كان المفروض تتصرف فى الحاجات دى كلها لوحدة
    رعاية الاطفال ناقصين النمو .الحضّانات يعنى ،ما تتصورش اليومين اللى قعدتهم مريم شفت مآسى لامهات مش قادرين على
    دفع مصاريف الحضانات ،دى بتوصل حوالى ميتين جنيه فى اليوم لما يكون الطفل حالته متاخره و محتاج انابيب تغذيه و تنفس
    و كده ,تخيل ان انسان ممكن يروح منه ضناه عشان مش قادر يدفع للحضّانه و ده كمان لو لقى واحده فاضيه

    عمر : طيب يا حبيبتى ما نتبرع و اعمل برضه السبوع
    ساره :خلينا واقعيين يا عمر احنا لسه عندنا اقساط الشقه و انت ما دفعتش قليل فى الولاده عشان كانت قيصريه و عشان كده
    عايزين نلم نفسنا شويه و عموما يا سيدى كل ما تزود الصدقات يكون احسن ،تخيل لو ما كانش ربنا لطف بى انا و مريم كان
    زماننا فى المستشفى لسه و كان زمانها فى الحضانه عايزين نشكر الله على اللطف الكبير ده

    عمر :عندك حق انت طول عمرك قلبك كبير يا ساره ربنا يخليكى لى
    و فى هذه الاثناء دخلت ساره غرفتها لانها سمعت صوت مريم تبكى و فوجئت بيحيى يحملها ,كادت تفقد النطق من خوفها ان
    تقع منه و لكنها لم تصرخ او تستفزه فقط اقتربت منه فى هدوء شديد و بمنتهى اللطف
    وقالت :بص يا يحي يا حبيبى دى لسه نونو ممكن تقع منك و تتعور عشان خاطرى حط ايدك فى ضهرها كده و انت شايلها و
    تعالى اقعد جنبى على السرير

    يحيى : حاضر يا ماما ححط ايدى اهه انا كت بث بثكتها عثان كانت تعيط ،مث انت قلتى انا اخوها كبير و ثاطر
    ساره :شاطر بس ما تشيلهاش لوحدك لما تعوز تشيلها تعالى قولى و انا احطهالك على حجرك اوكى حبيبىو رد يحيى و هو سعيد :بجد تخلينى اثيلها
    ساره :ايوه بس و انا جنبك اتفقنا
    و فى هذه الاثناء كانت ساره استخلصت مريم من بين يدى يحى و دخل عمر و عندما هم بتوبيخ يحي اسكتته ساره بنظره عرف
    معناها
    و بعد ما خرج يحيى من الغرفه

    عمر :لا الولد ده ما ينسكتش عليه يا ساره كان ممكن البنت تتعور هى ناقصاه ،ايه رايك اقدمله فى حضانه
    ساره : اولا الحمد لله انك ما زعقتلوش انا مش عايزاه يتعقد و يحس انها سبب عذابه فى الحياه و لاحظ انه كان ملك متوج فى
    البيت يعنى هى خدت برضه جزء كبير من اهتمامنا ، و لو حاولنا نوديه حضانه دلوقت حايفتكر ان ده عقاب ليه و ان مريم هى
    السبب و يكرهها انا راييى نستنى شويه و كل الامور ان شاء الله حاتتظبط

    و في هذه الاثناء دق جرس الباب فخرج عمر ليفتح
    و كانت والدة ساره و اخاها و معهم حقيبه كبيره

    فاستقبلتهم والدة عمر :اهلا اهلا اتفضلو
    والدة ساره :اهلا بيكى يا حبيبتى
    والدة عمر :انتى بايته معانا النهارده و الا ايه تنورينا و الله
    والدة ساره ضاحكه :لا مش حاينفع بقه عشان امتحانات احمد و مش قادره اسيبه و البركه فيكى انتى ،انا عارفه انك حاتحطى
    ساره فى عينيكى و هنا دخلت ساره و قبلت امها و كلها فضول ايضا لتعرف سر الحقيبه

    احمد :مفاجاه يا ساره ما تخطرش على بالك اسراء بعتت لك الشنطه دى من دبى مع مامة واحد صاحبى لسه واصله
    ساره :فيها ايه الشنطه دى
    احمد :دى مش عشانك دى عشان البرنسيسه الصغيره حبيبة خالها كلها هدوم ايه بقه سينييه
    ساره :لا ما تهذرش يعنى مش حاتبقى الشحاته الصغيره خلاص
    احمد :شحاتة مين دى حاتبقى نجمة سينما ،اه و الله كلهم بيعملو شوبنج فى دبى ،استنى بس لما اخوكى يتخرج و ان شاء الله
    يشتغل هناك ،ندر عليا لاغرقكم هاهاها
    وفتح احمد الحقيبه و انبهرت ساره بما رات ,فساتين صغيره و معها احذيتها المنمنمه مثل قطع البون بون و فيونكات شعر و
    سالوبيتات و بيجامات ايه ده كله احمدك يا رب
    و نظر اليها عمر نظره ذات مغزى فهمتها على الفور
    كان عمر يحس ان ساره اطيب انسانه فى الدنيا ،تنازلت عن سبو ع ابنتها ، وحتى لم تطلب ملابس جديده لها ،حتى لا تثقل
    عليه فكافاها الله فى لحظتها

    عمر :بس اسراء كده تعبت نفسها اوى و الله
    ام ساره :هى بتقول من بعد خيرك يا عمر و هى ما تنساش وقفتك انت و ساره معاها و مشاوير الجهاز اللى تعبت قلبكو فيها
    عمر :ربنا يكرمها و تترد لها فى الفرح دايما يا رب
    ام عمر :مانا برضه كنت باكلم اختك النهارده فى البحرين و قالت لى انها حاتجيب حاجات لمريم و هى جايه
    تمتمت ساره رجعت ريمه لعادتها القديمه
    ساره : ربنا يخليهم لنا كلهم يا ماما و يقدرنا على رد جمايلهم دى

    هنا دخل عليهم يحيى مقتحما و هو يصيح الحئى يا ماما ، الحقى مريم...................

    ************
    الحلقه التاسعة
    عمر : جرينا كلنا استجابه ليحيى و دخلنا غرفة النوم و حملت ساره مريم التى كانت قد ارجعت بعض اللبن و الظاهر انها كانت
    على وشك الاختناق به فقد كانت تكح و شرقانه ,قامت ساره وامها بالتربيت على ظهر البنت و النفخ فى راسها و غسلن وجهها
    حتى ارتاحت و عادت الى حالتها الطبيعيه و الحمد لله
    ووجدت نفسى احمل يحيى و اقبله و اقول :يا حبيبى يا يحيى انت شاطر اوى انت انقذت اختك


    يحيى :ماما قالت يحيى ثاطر ياخد باله من اخته عثان كده أعدت خادى بالى عليها جامد و انتو كلكو بله فى الصاله طلع من بق النونه لبن و أعدت تكح تكح بس كحتها زوغيله زيها عشان كده ما حدس سمعها غيلى انا بث

    احمد :ربنا يخليك يا يحى انت بطل
    يحيى :لا انا مث بطل انا باثمهندث زيك انت و بابا يا خلّولى
    احمد :ايه بقه خلّولى دى هاهاهاها
    يحيى :بادلعك يا خالو مث انت تقولى يويو ثاعات كده

    ساره :كاد قلبى ينخلع عندما وجدت مريم على هذه الحال ، لكن الحمد لله تنفسها انتظم و اصبحت افضل ، و اخذ عمر يحيى
    حبيبى ليشترى له بعض الحلوى لكى يكافئه و ايضاً ليزيل شعوره بالذنب ناحيته ، و الله ياما قلت ادفع بالتى هى احسن حتى مع
    الاطفال مش بس مع الكبار و بعد قليل لاحظت ماما ان وجه مريم ليس على ما يرام و انه مائل للزرقه قليلا


    فقالت :ايه رايك يا ساره اخدها انا و احمد و انزل للدكتور سعيد جنبنا هنا و يطمنا عليها دى من ساعة ما خرجت من الحضّانه ما
    حدش شافها و لازم يتعمل متابعه برضه زى ما كنتى بتعملى مع يحيى


    ساره :طيب نستنى عمر و البس وأجى معاكم

    احمد :لا انتى لسه تعبانه و ما فكتيش سلك العمليه تنزلى فين ؟ كلمى بس عمر قولى له ان البنت خارجه مع خالها عشان ما
    يصحش برضه تخرج من غير اذن ابوها

    ساره ضاحكه :بس سوق على مهلك يا خلّولى عشان خاطرى
    احمد :عيب عليكى ده انا عمرى حتى ما حكيت العربيه ................

    و كلمت ساره زوجها فعلا و نصحها ان ترسل معهم ملف مريم الذى كان معها فى المستشفى

    ساره :تاخرت ماما و احمد حوالى ساعه عند الطبيب و عند عودتهما لاحظت انهما لم يكونا على ما يرام رغم ان احمد استمر
    يضحك معى و يلاعب يحيى ، كما طمأنتنى ماما ان الطبيب وجدها بخير الحمد لله و اعطاها دواء للمغص عند اللزوم فقط ,ثم
    فوجئت بماما تطلب بابا و تطلب منه ان يحضر حقيبة ملابس صغيره لها وهو قادم لزيارتى لانها تريد ان تمكث معى


    ساره :ليه يا ماما انامش عايزه اعطلك و انا عارفه ان احمد عنده امتحانات و محتاجلك
    الام :لا ماهو قاللى انه حايذاكر مع صحابه و حايسهر يعنى انا زى قلتى فى البيت لكن انت لسه حركتك بطيئه و محتاجالى
    ساره :كان ميعاد فك السلك فى اليوم التالى و حضرت الطبيبه بنفسها لفكه فى المنزل و قضيت ساعات الصباح و انا مرعوبه
    و خايفه موت من فك السلك ,انا اصلا خايفه عشان فى سلك ، حاسه انى فرخه كده و حاشينها و مخيطينها ايه ده ؟ ,اول مره
    فى حياتى اعمل عمليه و يكون فيها خياطه ، و كل ما ابص على شكل السلك ده ادوخ لوحدى ,رغم انه عليه بلاستر من بره و
    مش باين ، يا رب فك السلك يكون سهل يا رب


    عمر :غبت عن شغلى النهارده عشان فك السلك اللى ساره عاملاله قضيه ، كلنا قلنالها انه مش مؤلم لكن هيه خايفه موت و
    حاسه انها و العياذ بالله ممكن تفقد حياتها اثناء العمليه الانتحاريه بتاعة فك السلك
    وجاءت اللحظه الحاسمه و حضرت الطبيبه و سالتها ساره عن امكانية تخديرها فضحكت بشده
    واغمضت ساره عيناها بشده وكزت على اسنانها و امسكت بيدى من جهه و يد امها من جهه اخرى
    و قامت الطبيبه بتعقيم مكان الجرح و ساره لا تزال على وضعها ثم ....
    خلاص يا ساره
    ساره وهى لا تزال تكز على اسنانها و تغمض عيناها :خلاص طهرتى الجرح

    الطبيبه :لا يا حبيبتى خلاص فكيت السلك
    ساره و قد فتحت عيناها مشدوهه :و النبى صحيح ده حضرتك ايدك خفيفه اوى
    ضحكت الطبيبه و اتكسفت من نفسى كسفه بعد ان لميت العيله كلها و طلع الموضوع سهل الحمد لله .......
    فى الايام التاليه رغم تحسن صحتى و قدرتى على الحركه ظلت امى معنا ، و تحملت مناغشات حماتى مع ان لكل منها غرفه
    الان حيث نزلت ماما على غرفة يحيى و حماتى فى مقرها المفضل كما هى
    و لاحظت انه كلما بكت مريم جاءت ماما مسرعه و حملتها و هدهدتها
    رغم انها كانت ايام يحيى تامرنى بعدم حمله كثيرا عشان ما ياخدش على الشيل
    ايضا هى حريصه جدا على مواعيد رضاعتها و على طعامى انا شخصيا و طول النهار تعمل لى مغات و حلبه عشان اللبن يزيد
    لا فيه حاجه غير طبيعيه ، صحيح البنت الحمد لله كويسه ، لكن انا مش مطمئنه
    حضر احمد مساء بعد ان انهى امتحانه و احضر هديه لمريم و لى ,كانت عباره عن جهاز اتصال يوضع فى حجرة مريم و معه
    سماعه لاسلكيه تكون معى فى المنزل بحيث كلما بكت اسمعها و اذهب اليها
    كانت هديه رائعه بحق
    ساره :شكرا يا احمد يا حبيبى ربنا يخليك لى ، بس دى غاليه و انا كده كلفتك كتير

    احمد :يا ستى اصل انا ابويا راجل مرتاح يعنى الحمد لله هاها
    ساره :انا فى حاجه عايزه اسالك عنها و انت عمرك ما كذبت على يا احمداحمد و قد بدا يضطرب :عينينا دا انت تامرى يا جميل هى ماما فين بالحق
    قالت ساره و هى تحاول ان تجعله يعترف
    ساره :ماما نايمه شويه و ما تحاولش تهرب من كلامى و بص فى عينى ، انا حاسه ان فى حاجه مش طبيعيه و ماما كده
    لمحت لى ان الدكتور قالكم حاجه بس انا مش فاهمه منها ممكن تفهمنى

    احمد :افهمك ايه بس البنت مالها ماشاء الله زى الفل ، بس ماما مهتمه بيها عشان كانت مولوده صغيره شويه بس اد ى
    الحكايه ، كمان الدكتور قال ما حدش ينرفز مريم عشان صغيره و بنت سبعه و نص و ممكن تكون عصبي ه
    ساره :انت مش اخويا يا احمد انت ابنى ، و انا مربياك مع ماما ، و مهما حاولت مش حاتدارى على
    و اسهل حاجه انى اخدها اوديها تانى للدكتور او حتى لدكتور تانى عشان اطمئن لكن انا عايزاك انت تقولى الحقيقه ، كمان انت
    عارف انى ست مؤمنه و حاتقبل قضاء الله مهما كان ،عشان نعم ربنا على كتيره وما أقدرش اصلا اعدها ، فلو حتى ابتلانى
    بمرض او حاجه فى جسمى او فى جسم اولادى حارضى و حاصبر
    عند هذه النقطه بدات دموع ساره فى النزول رغما عنها و هنا قال احمد وقد ظهر عليه التاثر الشديد
    ما تعيطيش يا ساره ارجوكى انا حاقولك على كل حاجه ............

    ************
    الحلقه العاشره
    عمر :دخلت من باب المنزل اليوم وجدت زوجتى الغاليه تبكى و شقيقها الاصغر يربت على كتفيها و يحاول تهدئتها و امها تجرى
    من داخل المنزل لتعرف ما يبكى ساره


    ساره :عمر الحمد لله انك جيت يا عمر ياللا ننزل دلوقتى حالا لدكتور سعيد
    عمر :خير يا ساره حد من الولاد فيه حاجه
    ساره :لا بس انا متاكده انه قال حاجه لماما و احمد و هما مش عايزين يقولولى
    ام ساره :يا بنتى اهدى ما حصلش حاجه انا حاقولك
    عمر :خير يا طنط انا قلقت كده اوى
    ام ساره :بص يا عمر يا بنى الدكتور قاللى بالنص كده البنت مولوده ناقصه نمو و ده ممكن يكون هوه السبب فى عدم انتظام
    ضربات قلبها اللى بيقولو عليه لغط فى القلب

    ساره :يا خبر لغط فى القلب
    و اغشى على ساره فى لحظتها
    لحسن الحظ كانت لازالت بجوار احمد و ان كانت واقفة على قدميها فالتقطها احمد و جرت ام عمر التى حضرت من الداخل هى
    الاخرى لتحضر بعضا من الكولونيا

    احمد :اهو عشان كده ما كناش عايزين نقول حاجه دلوقتى يا ابيه عمر الدكتور قال الحاله دى غير مؤكده ممكن تكون بسبب
    الولاده المبكره حتى نصح ما نعملش اشعات و لا اى فحص تانى الا بعد لما البنت تتم اربعين يوم عشان يكون الفحص دقيق
    رد عمر و هو يهوى على ساره محاولا افاقتها :انت متاكد يا احمد ؟ طيب ما قلتوش ليه من الاول
    ام ساره :مانت شفت اهه لما قلنا حصل ايه ، احنا قلنا نستنى يمكن الفحص يطلع سلبى و ان شاء الله نتجنب المشاكل دى كلها
    و نتجنب اننا نتعب ساره نفسيا لحد بعد اسبوعين و ده الميعاد اللى اخدناه من الدكتور و احمد حجز فى القصر العينى لان جهاز
    القلب ده مش موجود غير عندهم بس و الحمد لله اننا لقينا حجز
    و جيت بنفسى يابنى انفذ تعليمات الدكتور مع مريم لحد ما الاسبوعين دول يعدوا على خير

    كانت ساره قد بدات تفيق و تحرك راسها يمنه و يسره و دموعها تجرى بلا انقطاع :
    عمر مريم يا عمر ياللا نروح للدكتور

    اعاد عمر عليها ما قالته امها ثم قال احمد وهو يحاول تلطيف الجو :
    شفتى بقه انتى عملتى ايه و الله الموضوع مش مستاهل كل ده و ان شاء الله يطلع كله على فشوش ،امال فين بقه الصبر و انا
    صابره و انا جامده و الكلام المتين ده حرام عليكى نفسك و الله يا ساره
    ماما كان عندها حق لما فضلت نسكت لحد ميعاد الفحص عشان ما تعيشيش فى القلق ده
    ساره :ايوه و عشت انت و هى فى القلق يا حبيبى و سبت مذاكرتك و كل يوم و التانى جاى و كمان ماما سابتك انت وباب ا, انا
    فعلا كويسه دلوقتى والله بس انا دخت بس عشان ما كلتش و كده
    لازم ترجعى البيت يا ماما دلوقتى لو سمحتى و انا اقدر اخد بالى من مريم كويس لحد ميعاد الفحص و اللى ربنا رايده لينا يكون
    باذن الله

    ردت ام ساره وقد المها انت تترك ابنتها :طيب يا بنتى اللى تشوفيه بس انا عايزاكى تاخدى بالك منها و من نفسك الاولو التفتت الى ام عمر :و النبى ساره و مريم امانه فى ايديكى
    ام عمر :انا عارفه انها حاتبقى زى الفل باذن الله ، مش انا مبشراكى بيها يا ساره لما كنت باعمل عمره انا و بنتى و قلت لك
    ربنا حايديكى مريم انشاء الله ، اللى اداهالك مش حايضيعها منك باذن الله
    جرى ايه يا ساره ده انت اللى كنتى بتعلمينا الحاجات دى يا بنتى

    احمد :انتى محسسانى انك رايحه الحجاز ياماما انا حاجيبك بكره الصبح و انا نازل الجامعه ياحبيبتى والله ، بس اصلى انا و
    بابا خلينالك البيت .......و للا بلاش حاتشوفى دلوقتى بنفسك ، بعدين كلها كام يوم و اخلص امتحانات و نبقى براحتنا ع
    الاخر
    ام ساره :ياللا يا حبيبى انا هاحضر شنطتى اهه خللى بالك من نفسك يا بنتى
    ساره : يا رب ، يا من انت ارحم من الام بوليدها ، احفظ على نعمتك يا رب و احرس مريم و يحيى و ابوهم يا الله ، اللهم لا
    تسئنى فيهم يا رب العالمين ، اللهم اجعلنا عبيد رخاء لا عبيد ابتلاء يا رب ،و ان حكمت علينا بالبلاء فافرغ علينا صبرا يرضينا
    بقدرك يا الله

    عمر: ما كنتش فاكر ان غلاوة مريم عندى بقت كده ، كل شويه ادخل اوضتها و اتحسس وشها الصغير و اتخيل هل ممكن يوم
    ادخل يكون المهد ده فاضى ؟ اللهم لا نسالك رد القضاء و لكنا نسالك اللطف فيه يا ارحم الراحمين, انا دخلت على جوجل
    النهارده و طلعت قايمه بالامراض التى تصيب الرضع و تكون عيوب فى القلب سواء ثقب او ضيق فى الصمام الميترالى و
    حاجت تانيه كتير ، كلها بتبدا باللغط ده
    زمان كان يا اما ربنا يحكم بالشفاء ، يا اما تعيش عمرها مريضه لحد امر الله ما ينفذ ، لكن العمليات تطورت دلوقتى ولله الحمد
    ,انا حتى راسلت مكتبنا فى هولندا و طلبت من السكرتيره هناك تعملى بحث عن المستشفيات لو اضطريت اسفرها بره ,دلوقت
    بس فهمت ، لما كنت باشوف حد بيبيع عفش بيته عشان ابنه يتعالج , فعلا ما فيش اغلى من الضنا
    مرت الايام بطيئه و ساره تراقب مريم مراقبه اكثر من لصيقه ، و تلاحظ لون وجهها و اظافرها حتى لو تحولت الى الازرق
    تجرى الى الطبيب كما قالت والدتها ، كذلك حرصت على غذائها حتى ان وزنها تضاعف بامر الله و اصبحت جميله كالقمر ,و
    بدات تناغى و تبتسم ، و كلما مر يوم ، ازداد تعلق ساره بها اكثر ، و حتى يحيى احس ان شيئا غير طبيعيا يجرى ، فقلل من
    شقاوته و اصبح يشترك فى الاطمئنان على الننه كل حين كما علمته امه ,حتى لم يعد يغار منها ، كان يخاف عليها و يحس بامه
    تبكى بجواره ليلا ، اذ هجرت غرفتها و انتقلت لغرفة يحيى حتى تتيح لعمر ان ينام ليصحو مبكرا لعمله
    وهيهات ان تسمح مريم لاحد بالنوم ,كانت تغفو لحظات فقط و تصحو معظم الليل ، و كانت ساره تحرص الا تتركها تبكى لحظه
    واحده فتهدهد و تحنو و قد تعطيها حماما دافئا كى تهدأ و لا ترهق قلبها و رئتاها


    و
    فى اليوم المحدد للكشف حضر احمد ووالدته و اخذهم عمر جميعا فى سيارته للقصر العينى
    وفى الطريق طلبت ساره طلبا غريبا ,طلبت ان تذهب الى استديو تصوير و تصور مريم ، احست انها تريد ان تحتفظ بذكرى هذا
    اليوم سواء كانت حزينه او سعيده ، كل ما يتعلق بمريم يجب ان تحتفظ به
    و نفذ لها عمر رغبتها
    وفى القصر العينى
    بهتت ساره مما رات , مئات الاطفال و اهلهم ، لا يرجون من الله الا شفاء اطفالهم ، و يبدو عليهم البؤس الشديد ، حتى عندما
    اخذت ساره تتجول بعينيها بين الاطفال ، كلهم مشتركون فى البؤس و الهزال و الضعف ، و منهم الرضع و منهم على اعتاب
    المراهقه ، اللهم اشفى مرضانا جميعا يا رب
    طالت فترة الانتظار واخيرا جاء دور مريم
    دخلت ساره و عمر بالطفله ووضعها عمر على سرير الكشف
    و كان الطبيب يجلس وظهره لساره وامامه شاشة كبيره , وما ان مر بالماسح على صدر الطفله ، حتى ظهرت امامه خطوط و
    احصائيات و رسومات بيانيه ، لم تفقه منها ساره شيئا و اغمضت عينيها وبسطت كفيها امام وجهها تدعو الله و قلبها معلق بما
    سيقوله الطبيب
    و بعد لحظات مرت كالدهر قال :
    انا قريت تقرير الدكتور سعيد على فكره و هو كان تشخيصه صحيح ، حالة اللغظ كانت كاذبه بسبب الولاده المبكره ، لكنها
    اختفت تماما دلوقتى , ما شاء الله البنت زى الفل و تقدرو تروحوا و ما تحملوش هم الحكايه تانى ابدا
    لم تدرى ساره بنفسها الا و جبهتها تلمس أرض العياده التى تبللت بدموعها
    دموع الشكر ،انها لم تتصور ان تستجاب دعواتها ، كم انت رحيم يا الهى


    اللهم انى احمدك حمدا كثيرا يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك يا رب العالمين يا الله

    ************
    الحلقة الحادية عشر
    ساره : الحمد لله اطمنا على مريم ، و كلما مرت الايام ازدادت بحمد الله جمالا و شقاوه ,لكن الجمال مش كل حاجه ، المهم
    الاخلاق , انا مش مصدقه اللى بتعمله فى ده ، اخدت على الشيل و الهدهده و الدلع ، و عايزه كل ما تقول واء ، تلاقى نفسها يا
    اما اتشالت يا اما اتفرجت ع التلفزيون ، يا خدت حمام و قعدت تلعب فى الميه ,الفتره اللى كنا خايفين فيها عليها دى ، الظاهر
    هى دى فترة تكوين الشخصيه ، و صدقونى الشخصيه اللى تكونت مش عاجبانى خالص خالص ,اه يا يحى يا حبيبى ، ده انت
    كنت لقطه و الله ، بس انا كنت باتبطر ,اهى جاتلك اللى تربيكى يا ست ساره ,اولا ما بتنامش اكثر من ساعه متصله ، و
    بالنهار ، و الساعه دى هى اللى بتحددها يعنى مش حاجه معروفه و هى ملتزمه بيها ,وساعات تسرح كده شويه و تغفل و
    تحسبها على نومه ,واخر الليل ، حيلى يتهد لحد ما تنام ,وانا بس اصلى العشا و اغير هدومى و.......لسه باحط راسى على
    المخده
    اسمع
    اهىء اهىء
    اكدب نفسى و اقول لا يا بت ده عند الجيران فوق لكن انتى بنتك نامت الحمد لله و احاول اغمض
    اسمع تانى
    اهىء اهىء اهىء
    يا مرك يا ساره ,معقوله حسبت العشر دقايق دول نومه ,قال ايه ماما بتقولى سيبيها تعيط
    اصل العياط ده مش عياط و خلاص ,ده مستويات مختلفه و طبقات صوتيه غير بعض
    يعنى لو طنشت بقه ، تسمع سارينة الاسعاف علطول ،و يحيى يصحى وعمر مش بيصحى عشان انا لسه سايباله الاوضه ينام
    براحته، وشاطر بس يقولى ، مالها مريم و الله انتو ظالمينها ماهى ساكته اهيه
    عشان فعلا هى طول النهار سعيده و جميله ، و طول الليل .........يا رب اهديها


    عمر :البنت مريم دى عسل ، حبيبة ابوها ، اول ما تشوفنى ادخل من الباب تيجى جرى بالمشايه على و تضحكلى و ترفع ايديها
    عشان اشيلها ، و بقت تحط خدها على وشى عشان ابوسها ، صحيح زى ما قالوا البنات حنينين ,لكن حبيبى الاولى يحيى
    برضه ، ما برضاش اشيلها الا لما ابوسه و اسلم عليه ، و البجاحه بقه انها هى اللى بتغير منه وتعيط عشان عايزانى ، ايه ده
    البنات غياره ليه كده ؟
    بس مش عارف ساره بتشتكى منها ليه ، رغم انها لذيذه و بتضحك ,اول مره احس ساره بعيد عنى كده
    وقال ايه انا كنت باشتكى من انشغالها لما ربنا ادانا يحيى ، امال دلوقتى
    انا تقريبا ما باشوفهاش غير يا اما بتحط الاكل ، يا اما بتشيله ، يا بترضع مريم ,خاصة ان ماما ضغطها عالى اليومين دول و
    صحتها مش ولا بد عشان كده ساره شايله الحمل كله ، بس برضه مش كده ، ده انا نسيت يعنى ايه نقعد مع بعض قدام
    التلفزيون ، اما عن الخروجات و الفسح ,دى بقت من الخيال العلمى خلاص ,و بعد تفكير طويل قررت احاول اعمل حاجه
    اساعدها بيها


    مفاجاه

    عمر داخلا من باب الشقه :السلام عليكم ، ساره يا ساره عندى ليكى مفاجاه
    ردت ساره من المطبخ بصوت خفيض :وطى صوتك انا ما صدقت البنت نايمه عشان احط الاكل ، مفاجاه ايه ؟
    عمر :معلش كنت بادور عليكى ، انا جبتلك شغاله يا ساره ، و مقيمه كمان
    ساره وهى تحاول استعادة ذاكرة الابتسام :لا والله ،احلف ، ربنا يخليك لى يا عمورتى ، الحمد لله ، عالم بحالى و غنى عن سؤالى ، بس انا مارضتش اتقل عليك عشان اقساط الشقه و انت مش ناقص
    عمر :لا مانا موصى البواب من اسبوع يجيبلى واحده من بلدهم ، من الصعيد ، ما تضربشى فى العالى و زمانه طالع بيها و
    ترجعي بقه تفضى كده و تروقى

    و بعد قليل رن جرس الباب و فتحت ساره وجدت البواب و معه طفله صغيره ظنتها ساره فى البدايه ابنته
    ساره :اهلا يا عم رجب ، بنتك دى ؟
    عم رجب :لا يا هانم دى الشغاله اللى موصينى عليها البيه
    صعقت ساره من رده :الشغاله ، دى صغيره اوى يا عم رجب ، انا يا دوب اربيها مع مريم و يحيى
    تدخل عمر :عندها كام سنه دى يا عم رجب
    عم رجب :دى عمرها اتناشر سنه ولهلوبه يا بيه و اشتغلت فى بيوت قبل كده كاتير وعاتعجبك خالص ، بس ما تنسانيش فى
    الحلاوه ,واستدار عم رجب و ترك الفتاه و مضى

    ساره :اسمك ايه يا حبيبتى
    البنت :اسمى نهى و انت اسمك ايه
    ساره :اسمى مدام ساره ,عاشت الاسامى يا نهى
    البنت :لا ماهو ده مش اسمى الحجيجى ، اسمى الحجيجى ريهام
    ضحكت ساره فى سرها و قالت ايه ريهام اللى بيدلعوها نهى دى امال فين زكيه و فتحيه و ام السعد و الناس دى ؟
    سالتها ساره و قد بدات تبدو مثل ماما ساميه فى برنامج عروستى :عندك كام سنه يا نهى

    ردت نهى :انى مش عارفه بس انى هناك من زمان
    تمتم عمر و كمان هبله ربنا يستر
    اشارت ساره لعمر انها تريد الحديث معه على انفراد :بص يا عمر دى طفله يعنى حرام و الله ، انا قلبى مش حايطاوعنى
    اشغلها ، و شكلها ما يزيدش عن تمن سنين ، ده تشغيلها جريمه


    عمر :مايمكن صحيح كبيره وشكلها كده ، و بعدين يا ستى على الاقل انتى حاتكونى طيبه معاها و تعامليها كويس ، لكن غيرك
    ممكن يبهدلها ، نجربها بس و لو ما نفعتش نمشيها مش حانخسر حاجه

    حضرت ساره الغداء و وضعت لنهى طعامها الذى انهته بشهيه كبيره ، بعد ان طلبت بصله من ساره لتاكلها معه ،ثم اخدتها
    للحمام لتبدا مهمه مستحيله فى نظافة نهى

    ساره :لا صحيح البنت دى مش عندها عشره اتناشر سنه ، ده ممكن تكون عندها تلاتين سنه ، ده كم القذاره دى لا يمكن يكون
    اتعمل فى عشر سنين بس ,وبعد الحمام خرجت نهى من الحمام مختلفه تماما ، و طلبت من ساره كرسى لتقف عليه و تعمل
    المواعين
    ساره :حاتعرفى و لا حاتكسرى الدنيا

    نهى :حاعرف يا مدام بس جوليلى السلك فين والصابون و حاتشوفى
    قامت ساره بعمل الشاى لها و لعمر و لحماتها ، و لاول مره منذ فتره جلسوا جميعا فى غرفة المعيشه يتناولون الشاى
    ثم تطوعت ام عمر ان تتابع مريم ، حتى تنام ساره قليلا
    و بعد ساعه صحت ساره لتجد نهى فى المطبخ و قد انزلت جميع الاوانى و الحلل ، و تغسل بهمه شديده جدا
    و سمع كل من بالمنزل صوت ساره وهى تصرخ ,ايه اللى عملتيه ده يا شيخه ، الله يسامحك
    لم يعرف عمر حين راى المنظر هل يضحك ام يبكى
    نهى غسلت بعض اوانى التيفال بالسلك الالمونيوم ، و ازالت الطبقه السوداء من عليه ، و كانت فى طريقها لانهاء الباقى


    عمر :ليه يا ساره ما حذرتيهاش
    ساره :وانا كنت اعرف منين انها حاتفتح الدواليب و تطلع الحلل اللى لسه جديده و تغسلها ، لا حول و لا قوة الا بالله ، ليه كده
    يا بنتى بس

    نهى :معلش و النبى يا مدام ، و الله ما كنت اعرف ، و النبى اضربينى بشويش ، بلاش بالجامد والنبى احسن الناس اللى كنت
    عندهم كانو بيضربونى بالجامد

    ساره و قد صعب عليها حال البنت :انا مش حاضربك خالص ، ما تخافيش ، بس ما تعمليش حاجه من دماغك عشان خاطرى
    ماشى

    نهى :حاضر والله خلاص سماح النوبه
    اما يحيى فقط ظل طول النهار ينظر لنهى و لا يكلمها ، كانه يريد ان يسال من هذا المخلوق الغريب ، احنا ناقصين ، مش كفايه
    السارينه التانيه
    و فى المساء اعدت ساره لنهى مكانا صغيرا لتنام فيه ، عباره عن حجره صغيره ملحقه بالمطبخ و ضعت فيها ساره فرشه
    صغيره
    وقبل الفجر صحت ساره لارضاع مريم ، فاحست باحد الى جوارها فى السرير ، ظنته يحيى ، فاذا بها
    يانهار ابيض
    نهى

    اصحى يا بنت ايه اللى جابك هنا
    ردت نهى :معلش و النبى يا مدام اصلى بخاف جوى جوى ، و مش باعرف انام لوحدى واصل ، و انكسفت انام جنب الاستاذ
    عمر ، و حماة حضرتك غالجه الباب على نفسها


    تمتمت ساره :جنب مين يا حبيبتى ، اه و حماتى صحيح ما هى اروبه و عارفه ان فيه نفس غريب فى البيت
    لم ترد ساره على نهى بكلمه و لكنها قامت لتوقظ عمر ليصلى الفجر و همست :خلاص والله العظيم ، بعد كده حاتلاقى مكنه فى
    قلب البيت ، حاعمل كل حاجه و كمان حاتزوق و اسرح شعرى ، عارف حتلاقى فنانه استعراضيه مستنياك ,بس عشان خاطرى
    يا شيخ
    بلاش نهى

    ************

    الحلقه الثانية عشر
    الحمد لله اخيرا اقتنع عمر بانه يمشى نهى بالمعروف وده مش بس عشان كلامى معاه
    لا ,لانه رجع من الشغل فى نفس اليوم لقه يحيى بيغنى , ييجى ع المحطه ييجى , وادبحله البطه ,ييجى و يصفق بكلتا يداه ثم
    يزغرد و يقول لولولولى ,ابويا ايجه تعالى يا به يا ماريم ابوكى ايجه
    و لما عرف ان الست نهى خلتنى نايمه جنب مريم الصبح و خرجت
    اه خرجت ,ولولا البواب لقاها ماشيه فى الشارع كانت حاتتوه و تجيبلنا داهيه ,كانت تلك هى القشه التى قصمت ظهر البعير
    كانت رايحه فين ؟
    سؤال كويس ,انا برضه سالتها السؤال ده فاجابت : جعت يا مدام نزلت اجيب طعميه من البتانونى
    و لما سالت عن كنه هذا البتانونى عرفت انه بتاع الطعميه اللى عندهم فى البلد و انها كانت متاكده ان حدانا قصدى عندنا
    بتانونى فى القاهره ، حاجه بديهيه يعنى يكون فيه بتانونى لكل مواطن
    و كان القرار النهائى باعادتها الى البلد حيث البتانونى و كل المتع التى اعتادتها
    و حاولت انا انظم حياتى اكتر ,يعنى بدل ما ادفع مرتب نهى ، اشتريت غسالة اطباق بالقسط ، و اتفقت مع ماما تبعتلى شغالتها
    مرة اسبوعيا ، و بدات اغرس فى يحيى مبادىء صغيره ، زى انه ممكن يشيل لعبه فى الصندوق بعد ما يخلص ، يعلق هدومه
    بعد ما عملتله شماعه مناسبه لطوله خلف باب غرفته ، كمان بيساعدنى احيانا بانه يناولنى ملابس او حفاضات لاخته ,والله
    مش عيب ، البنت زى الولد و ممكن اى انسان يضطر فى وقت من الاوقات انه يعيش لوحده ,اقل حاجه يقدر يخدم نفسه ,حتى
    عمر بدا يحس بى اكتر ، و يشيل هدومه فى الدولاب و حذاءه فى مكانه و الله الموضوع مش عقده و بالتعاون كل شىء ممكن

    عمر : مع مرور الوقت مريم ابتدت تهدى شويه ، و ساره بدات ترجع تانى شويه شويه زى زمان ، و الله ساعات تصعب على
    لدرجة انى انا عمر باشا اشيل حاجتى و هدومى ، و اعمل لنفسى الشاى و كمان الفطار المتين .؟
    عجبت لك يا زمن ، بس بتصعب على اصحيها الصبح و انا عارف انها قضت سهره سعيده مع الحان الاستاذه مريم ، برضه لما
    باحس انها سايبه اوضتها عشان لما مريم تصحى ما تزعجنيش ، ده بيخلينى احس انه عيب على اصحيها تعملى الفطار ، ربنا
    بس يقدرها على البيت و العيال ، ولو ماما صاحيه بتقوم معايا بالواجب ، و ان ماحصلش ، امرى لله ، فطر نفسك يا عم عمر
    و طبعا موضوع نهى ده انتهى تماما ، لانى روحت فى يوم لقيت يحيى بيردد اهازيج غريبه غير انها كانت حاتتوه و تجيب لنا
    داهيه الحمد لله ربنا ستر

    ساره : رن جرس الباب عصرا واذا به احمد جاء بعد ان انهى اخر امتحانات الترم الثانى ، منذ ان كبر و اضحى رجلا ، اصبح
    دخوله منزلى عيدا بالنسبه لى ، و الله لا ادرى متى كبر هذا الطفل الذى كنت اشارك امى فى حمله و تربيته ، و كذلك كنت
    اساعده فى مذاكرته ,كل ما اعرفه ، انه فجاه اصبح رجلا يعتمد عليه ، و بعد ان قضيت سنوات طفولتى اتمنى وجود اخ اكبر
    لى ، يخرج معى و يذهب بى الى النادى و المدرسه كصديقاتى
    و جدت اخى الاكبر اخيرا ,انه فقط اصغر منى سنا ,لكنه فعلا يجعلنى احس ان لى سندا و عائله ، خاصة بعد سفر اسراء الى
    دبى
    دخل احمد كعادته محملا بالحلوى للطفلين و استقبلاه بالمظاهره المعتاده ، واخذ يداعبهما و يدللهما
    ثم طلب منى ان يتكلم معى انا و عمر فى موضوع

    احمد :ابيه عمر انت عارفه انك انت وساره بالنسبه لى بقيتو نموذج للزيجه الناجحه باسم الله ما شاء الله ، و انا كان نفسى
    من ساعة ما وعيت عليكم ، ان ربنا يرزقنى بزوجه صالحه تكون لى سند زى ساره و انى اكون مراعى ربنا فيها زيك يا ابي ه
    عمر :ياه يا ابو حميد ، انت كبرت للدرجه دى و كمان عايز تتجوز
    احمد :مش بالضبط يعنى ، مش ضرورى جواز ، ممكن تقول حتى خطوبه او ارتباط ، حاجه تحمى الواحد فى الزمن ده ، انت
    لا تتخيل يا ابيه الدنيا اتغيرت ، و اصبح الولد اللى مش مصاحب او مضبط مع بنت , عرة صحابه ، و انا بصراحه ما عنديش
    استعداد اعشم حد من غير ما اكون قد كلمتى
    ساره :يا حبيبى يا احمد ، انت حقيقى كبرت و فاضلك سنه واحده و تتخرج ، بس مش كان احسن تستنى بعد التخرج عشان ما
    تنشغلش

    احمد :ماهو ده اللى انا عايز رايكم فيه ، دلوقت انا حاسس بميل معين ناحية زميله لى و صديقه عزيزه فى الكليه ، و حاسس
    انها كمان بتبادلنى نفس الشعور بس خايف
    عمر :من ايه ؟
    احمد :من حاجات كتير ، اولا انا حاسس ان اى زيجه مبنيه على الحب بتفشل ، و الاتنين ما بيكونوش سعداء ، بل بالعكس بقه
    الزيجات اللى بتتم عن طريق المعارف و الاهل زيكم كده هى اللى بتنجح
    ساره :لا طبعا يا احمد ، مش معنى انى انا و عمر الحمد لله سعداء مع بعض ان ده النموذج اللى الكل لازم يمشى عليه ، انا
    وعمر سعداء عشان طلبنا السعاده ، طلبناها من ربنا و عملنا عشان نوصلها ، فربنا ساعدنا على بلوغ هدفنا ، و اى اتنين
    ممكن يعملو زينا ، احنا مش بنشترى العلاقه جاهزه يا احمد
    لا دى زى الغزل ، اللى لازم تسهر علي خيوطه يوم و را يوم عشان يكمل ,لكن فكرة ان العلاقه لو بدات بحب بتختم بنكد و
    التخريف ده مش صحيح
    احمد :طيب تفسرى بى ايه شكوى اسراء كل شويه انها مش مبسوطه و انها عايزه ترجع ، رغم انها اتجوزت عن حب ، و
    حازم كان زميلها فى الكليه و عارفاه من سنين
    عمر :انا متفق مع ساره يا احمد و تفسيرى لموضوع اسراء ، هو عدم تعودها على الغربه ، او عدم تعودها على حازم شخصيا
    ، لان الحب و الخطوبه حاجه ، و الجواز و العشره حاجه تانيه
    ساره :استنى هنا ، مالها اسراء ، مانا لسه مكلماها و ما قالتليش حاجه يا احمد
    احمد :انتى عارفه يا ساره انها ما بتحبش تشكى بس انا حاسس بيها ، لما باكلمها على النت باحس من بين كلامها انها مش
    سعيده ، يعنى مثلا راحت لقته محضرلها شغل عشان تنزل بعد ما وصلت دبى باسبوع واحد تشتغل ، و حاجات تانيه يعنى ممكن
    تكلميها فيها ، بس هى عارفه انك مش فاضيه عشان ظروفك و ظروف الولاد ، و كمان مش بترضى تقلق ماما ، فكان دايما
    الكلام معايا انا اسهل ، و انت عارفه ان سننا قريب من بعض و هى كانت صاحبتى ، و بصراحه هى اللى قالتلى اوعى تتجوز
    اللى بتحبها
    عمر :ده كلام غريب يا احمد ، اللى ينفع فى حاله مش لازم يطبق على جميع الحالات ، و اللى ترتاح معاها و ترتاح معاك اكيد
    حاتكون احسن من اللى ما تعرفهاش اصلا
    احمد :انا خايف كمان من اعتبارات السن المتقارب ، و انها يعنى تكون واخده على اوى ، و مش مديانى احترام ى
    ساره :لا الاحترام بين الزوجين ما لوش اى علاقه بالسن اهم حاجه الشخصيه ، هى اللى تدفعك لاحترامها مش سن الشخص
    احمد :يعنى يا ساره فكرك اتوكل على الله و افاتحها بعد الامتحانات ؟ اهلها محترمين اوى و فيه تكافؤ بيننا فى كل شىء تقريب ا
    عمر :اهو دى برضه حاجه من اهم اشتراطات الزواج ، التكافؤ ، يعنى كله تمام انا مش فاهم ترددك يا احمد
    احمد :طيب انا عايزك يا ساره تكلمى ماما و بابا فى الموضوع عشان انا محرج اوى ، و كمان مش حاقدر اكلم البنت فى اى
    حاجه الا لما اكون فعلا عارف انى ممكن اخطبها
    ساره :اطمئن يا حبيبى انا حاكلم ماما و هى تتصرف ، ياه يا احمد انا مش مصدقه انك كبرت اوى كده !
    و بعد ان انصرف احمد
    قال عمر :كل يوم باصدق قول الرسول صلى الله عليه و سلم :لازال الخير فى امتى الى يوم يبعثون
    رغم كل البلاوى اللى بنسمع عنها من الشباب و كم الانحراف و الاستهتار
    الاقى حد زى احمد يخلينى احس ان الدنيا لسه بخير ، انت عارفه يا ساره انا باعتبره زى اخويا بالضبط عشان انا ماليش اخ و
    عشان اتربى وسطينا انا لما خطبتك كان لسه طفل

    ساره :هوه برضه بيحبك يا عمر و عاملك مثله الاعلى ، انت تستاهل تكون كده ، ربنا يخليك لى و لولادك ، بعد اذنك بقه
    حاشوف السماعه فين وادخل على النت شويه يا عمر عشان اكلم اسراء احسن احمد قلقنى عليها اوى
    و بعد قليل من اتصال الاختان و بعد الكلام المعتاد فوجئت ساره بصوت اسراء يتهدج و تبدا فى البكاء
    اسراء :انا تعبانه يا ساره اوي
    ساره :مالك يا حبيبتى ، احمد لمحلى عن حاجه كده بس انتى عمرك ما اشتكيتى لى ، فيكى ايه ؟

    اسراء :حاسه انى غلطت و استعجلت فى الجوازه دى ، من ساعة ما جيت و انا باتعذب و باكتم فى قلبى عشان ماما ما
    يزديدش قلقها على ، لكن خلاص ما عدتش قادره استحمل ، انا عايزه ارجع مصر النهارده قبل بكره ، باختصار شديد ، عايزه
    اتطلق

    ************
    الحلقه الثالثة عشر
    ساره :الطلاق دى كلمه دى كبيره اوى ، و يتهز لها عرش الرحمن و مش محتاجه اقولك ان الست اللى تطلبها دون بأس
    ،تحرم عليها ريحة الجنه ، انا مش حادلعك اكتر من كده ، و لا حاقولك مالك، بس اللى بتقوليه ده لا يصدق ، ايه اللى ممكن
    يحصل بين اتنين فى مده ما تتجاوزش سنه عشان يقرروا ينفصلوا

    اسراء :حازم ما قررش حاجه ده قرارى انا ولازم يوافق عليه انا ما تجوزتش عشان اعيش تعيسه و متبهدله و كمان بعيد عن اهلى

    ساره :و الله ده كان اختيارك ، انتى قلتى لماما و بابا بصريح العباره كده باحبه و مش حاتجوز غيره ، و لو ما تجوزتوش
    حافضل طول عمرى من غير جواز

    اسراء :ده انسان ما عندوش ريحة الاحساس ، ما فيش مشاعر خالص ، فين الكلام اللى كان هارينى بيه ايام الخطوبه ، فين
    الاغانى اللى كان بيبعتهالى كل شويه على الموبايل ، فين كلمة بحبك اللى كان يقولها فى اول المكالمه و يختم بيها كمان ، كل
    ده اختفى ، بقه انسان بشع كل همه الفلوس ، و حتى مرتبى بيخلينى احوشه كل شهر فى حسابى و ما يسمحليش اصرف حاجه
    ، و قال ايه اصل البلد هنا مغريه ، و ممكن نصرف اللى بنكسبه و اكتر و نرجع يا مولاى كما خلقتنى
    و الشقه اللى عايشه فيها ، خانقانى زياده ، صحيح هى نضيفه و مفروشه كويس ، لكن اوضه واحده ، يعنى اخرج من
    اوضتى الاقى نفسى على باب الشقه خلاص

    ساره :يا اسراء انا معظم صحباتى مسافرين اوروبا و كمان الخليج و اللى كلهم متفقين عليه ، ان الايجارات غاليه جدا فى
    البلاد دى ، و برضه الواحد ما عندوش ضيوف زى مصر و لا حاجه ، ايه احيتاجاتك يعنى فى الدنيا غير اوضة نوم و ترابيزة
    اكل و انتريه تقعدى عليه انتى و جوزك ، و بعدين اللى تطلب الطلاق دى يبقى لا سمح الله جوزها بيخونها ، بيستغلها ،
    بيضربها ,لكن ده الراجل حتى فلوسك بيخليكى تحطيها فى حسابك انتى ،ليه بس البطر ده ؟
    انتى فاكره نفسك فى مصر عايزه شقه اربع اوض و صاله ، انتى نسيتى ان ماما هى الى اصرت يكون ليكى شقه فى مصر ان
    شالله ايجار و تتفرش قبل ما تمشى ، و حضرتك كنتى مش عايزه حاجه غير حازم ، و فين و فين لما سمعتى الكلام ، ايه اللى
    غيرك دلوقتى ، فين الحب العظيم ، انهار عند اول مطب ؟ دلوقتى بقت الشقق مهمه ؟

    اسراء :ماهو المصيبه ان الحب ما عادش موجود استحمل ليه بقه ؟

    ساره :انا مستغربه اوى يا اسراء ، الحب ده يا ماما مش الكلام و الخروج و الفسح و التسبيل زى ما السينما بتصوره ، الحب
    ده شعور عميق جواكى بتكنيه لبنى ادم ، و تفضلى حاسه بيه طول عمرك مهما حصل ، و بعدين تعالى هنا ، انتى عملتى ايه
    عشان تغذى الحب ده ، حاولتى تمشى له خطوه يمكن يمشى هوه خطوتين ؟

    اسراء :انتى بتتكلمى ازاى انا لى كرامتى برضه ، حاتعملى زى ستى و ستك بقه لما كانت تقعد متزوقه لجوزها و لابسه الى على الحبل ، و محضره العشاء و مستنياه ، اللى بيحبنى يحبنى زى مانا فى اى حاله
    مش عشان عامله فى نفسى العمايل

    ساره :يوه جتك وكسه يا منيله ، انتى مش بتعملى العمايل ؟ اتارى الراجل طهق منك و ده عشان ايه ؟ عشان كرامتك ؟ ده
    كرامتك فى انك تكونى زوجه صح ، و حكاية الاكل دى مش النقطه انه ياكل ، المهم انه يحس انك تعبتى نفسك و فكرتى هوه
    بيحب ايه و عملتيه عشانه ، و زينتك لجوزك دى حاجه ترفع قيمتك عنده و عند الله كمان ، و لا انتى شاطره تتزوقى بس و
    انتى خارجه ؟ طيب جربى تعملى العمايل كده ، و انتى تلاقى امير الرومانسيه معاكى فى البيت .

    اسراء :هاهاها انتى سهل تقولى كده عشان متجوزه راجل مثالى

    ساره :على فكره ما فيش حاجه اسمها راجل مثالى ، كل انسان فيه عيوب و ميزات ، و اكبر ميزه فى عمر انه متدين و
    بيراعى ربنا فى كل تصرف ، اما انا ياستى ممكن احكيلك قصايد عن اللى كنت باعمله لعمر و احنا لسه فى شهر العسل ، ده انا
    مره فرشت البيت كله ورد و حطيت اسهم على الارض تشير للاوضه اللى انا فيها ، عشان يحس انى مستنياه على نار ، هل
    فكرت فى كرامتى بقه و قلت انا لسه فى شهر العسل ، لازم يكون عبد ذليل لجمالى و حلاوتى ، لا طبعا ، بالعكس انا كبرت فى
    عينيه اكتر و اكتر

    اسراء :بس انتى عمرك ما حكيتى لى عن حاجه زى دى

    ساره :ايوه عشان دى اسرار بين الست و جوزها ، لكن ربنا عالم انى باحكيلك الوقتى عشان غرضى خير ، نفسى تعرفى ان
    الحياه اللى انتى شايفاها ناجحه و براقه من بره دى ، ياما تعبنا عشان نوصلها ، انا و عمر كمان ، انا برضه لى عيوبى و هو
    استوعبها ، و قدرنا نمشى مع بعض الايام ، و اهم حاجه كل واحد فينا يراعى ربنا يا اسراء ، انتى عارفه لما تقفى حتى تغسلى
    الاطباق و انتى موجهه نيتك لله ، كده كده انتى حاتغسليهم ، لكن اخلاص النيه ده ، هو سبب كل نجاح فى الحياه
    بصى يا اسراء ، بابا دايما كان يقول ان سنه اولى جواز دى بتكون زى المكنه الجديده اللى لسه التروس فيها ما لانتش و ما
    خدتش على بعضها و بتحتك ببعضها و بتعمل مشاكل ، و مع الايام التروس بتنعم و بتلين و الحياه بتكون احسن ، بس لازم ندى
    نفسنا فرصه ، انتى ما انكرتيش على جوزك لا خلق و لا دين ، بس مجرد انه مش رومانسى ، و عايز يعمل قرشين فى غربته
    دى عشان يرجع و ينتهى من الهم ده ، و ده حقه

    اسراء :ما الناس حوالينا اهم عايشين حياتهم ، و بيصرفوا باليمين و الشمال و عربيات ايه و شوبنج ايه و فسح كل يوم

    ساره :يا ريت ما تقارنيش نفسك بحد ، دى اكبر مصيبه فى الحياه ، ظروفهم ممكن تكون مختلفه ، ممكن يكونوا اكبر منك
    بكتير و لهم وضعهم فى البلد مش زيكم لسه بادئين ، ممكن يكونوا حايعيشوا فيها علطول ، لكن اللى اعرفه ان حازم نفسه يبنى
    نفسه عشان ترجعوا و تعملوا حاجه هنا فى بلدكم ، اللى فهمته من حازم ان غربته دى مرحله ، عايز يعديها باقصى سرعه ،
    عشان يكون له مستقبل فى بلده

    اسراء :بس مش معنى كده ان احنا نموت هنا عشان نعيش بعدين

    ساره :يعنى ايه تموتوا ، ما بتاكلوش مثلا ؟

    اسراء :لا مش كده ، بس يا ساره انتى لو جيتى دبى حاتلاقى وهم حاجات ما شفنهاش فى حياتنا ، نفسى اعيش الجو ده ، وانسى التحويش و انسى الفلوس ، و افتكر بس انى مع حبيبى

    ساره :و الله انا كنت بابقى سعيده مع حبيبى و احنا فى شقه خاله فى اسكندريه ، اكتر من اى مكان فى العالم ، اطلبى السعاده
    يا اسراء ،اطلبيها من ربنا ، و اعملى اللى عليكى عشان توصليلها ، و بعد كده ارمى اللوم على غيرك

    اسراء :حاضر يا ساره ، هاحاول ، و خليكى معايا ارجوكى احسن انا فعلا حاسه بالوحده اوى اوى

    ساره :انا معاكى على طول بقلبى و حادعى ربنا يوفقك و ينور طريقك ، ويوم ما تعوزى تكلمينى ابعتيلى مسج بس ع الموبايل
    ، فى ثوانى اكون معاكى ع الشات ، و بلاش الكلام ده تقوليه لماما عشان هى اى كلمه حاتسمعها بخصوص حازم ، حاتقولك
    علطول ، مش قلت لك ، ارجعى بقه يا ختى ، و ياريت بلاش تكسرى مجاديف المسكين اخوكى بخصوص الحب و جواز الحب ،
    العيب فينا احنا مش فى الحب ، بنتوقع حاجات كبيره و نبنى امال جامده جدا ، على الحب ده ، مع ان الحب ده مجرد شعور
    يكفى لبدايه موفقه ، لكن مش لحياه كامله موفقه ، دى ربنا بس اللى يقدر يوفقنا ليها .

    اسراء :طيب هاجرب نصايحك يا ست الحكيمه ، و ان شاء الله نتكلم قريب

    اشترت ساره كارت اتصال و كلمت حازم على الموبايل وهو فى عمله ، و اوصته خيرا باختها ، و طلبت منه ان يعطف عليها
    لكونها وحيده فى الغربه و تحتاج الى كل لمسه حنان منه

    حازم :و الله يا ساره انتى عارفه انا باحبها قد ايه ، بس الشغل ما بيرحمش ، و التفكير و الضغوط مخليه الواحد فعلا قرب
    ينسى يعنى ايه مشاعر ، بس دى حاجات تتحس لازم هى برضه تحس بى

    ساره :ايوه يا حازم ، انا عارفه انك بتحبها ، لكن الكلمه الطيبه صدقه يا اخى ، يعنى بدل ما الواحد يقول سلام عليكم ، يقول
    سلام عليكم يا حبيبتى ، مش حاتفرق كام حرف ، اسراء طول عمرها رومانسيه و بتحبك موت ، و انا متاكده انك ممكن تاكل
    عقلها بكلمتين حلوين

    حازم :هى اشتكت لك من حاجه يا ساره

    ساره :ابدا ، انا بس حسيت فى صوتها بالوحده و الغربه و انها محتاجه قلب حنين ، انت عارف فى كلمه كانت الفلاحه تقولها
    لجوزها زمان ,تقوله ليلة الدخله :تركت اهلى و ملت لك ، و النبى تعطف ع الغريب
    وهى فعلا غريبه ، و انت كمان ، لكن انت الراجل اللى تقدر تحتوى مشاكل الغربه والبعد عن الاهل ، ربنا يسمعنا عنكم خير يا
    حازم ، وبالمناسبه انا عارفه ان اجازتكم قربت ، عايزين بقه نقضى اسبوع مع بعض كلنا عيله واحده فى المصيف ، ايه رايك ؟

    حازم :يا ريت و الله انا مش قادر استنى الاجازه تيجى ، لو حجزتم فى مكان يا ريت تشوفولنا معاكم عشان نصيف كلنا و
    سلامى للباشمهندس عمر

    ساره :هوه بيسلم عليك كمان يا حازم ، مع السلامه

    و بعد انتهاء المكالمه ، دخلت ساره على عمر الغرفه

    ساره :انا عايزه اكلمك فى موضوع مهم جدا

    عمر :عينينا يا ام يحيى

    ساره :تسلم عينيك ، لازم نبتدى نقدم ليحيى فى المدارس

    عمر :مدارس ؟ هوه يحيى حايروح كام مدرسه ؟

    ساره :انا توقعت برضه انك ما عندكش فكره ، بص يا سيدى ، فى تنسيق للمدارس عشان الاولاد يدخلوا كى جى وان ، و
    امتحانات للقدرات ، و اختبارات للذكاء ، و مقابلات شخصيه ليه و لينا احنا كمان ، عشان كده لازم نقدم فى اكتر من مدرسه ،
    بس انت ادعى ربنا يوفقه و يتقبل فى واحده منهم

    عمر :و مين قال بس انى حادخله مدرسه ببلاش ، يا حبيبتى انا حاوديه مدرسه خاصه لغات ، و بعدين قدرات ايه و بتاع ايه ،
    انا ابنى شديد شديد يعنى .

    ساره :هاهاها ، و انت فاكر كل ده عشان المدرسه ببلاش ، ده الكلام ده بيحصل فى المدارس الخاصه اللى مصاريفها شىء و
    شويات بس

    عمر :يعنى ادفع فلوس ، وانا وابنى نتبهدل اختبارات كمان ؟

    ساره :ده اللى بيحصل فعلا ، وعشان الضغط الشديد على المدارس ، ده المدارس الكويسه هى اللى بتعمل كده ، وانت عارف
    اهم حاجه دلوقت ان الواحد يعلم ولاده احسن تعليم ممكن

    عمر :طيب ان شاء الله على اول السنه الدراسيه نقدم و خلاص

    ساره :يا عمر و الله انت واخد المواضيع ببساطه زياده عن اللزوم ، احنا لازم نقدم من دلوقتى ، ده حتى كده اتاخرنا ،و بعدين
    فيه حاجات تانيه لازم نعملها عشان حاتبقى كويسه فى السى فى بتاعة يحيى
    غرق عمر فى الضحك و هوه يردد السى فى هاهاها هاهاها

    ساره :بطل ضحك بقه ، ده انت و انا لازم نكتب احنا خريجين كليات ايه و مدارس ايه ، و مشتركين فى انهى نادى ، و كمان
    لازم نصيف السنه دى ان شاء الله فى مارينا .

    عمر :مارينا ؟؟؟

    ************
    الحلقه الرابعة عشر
    ساره :ايوه مارينا ، مره نشوفها فى حياتنا يعنى يجرى ايه ؟

    عمر :يا ساره يا حبيبتى انتى واحده زرتى بيت الله تقولى كده بمنتهى البساطه ، نروح مارينا ؟ معقوله

    ساره :و الله بدات تفكرنى بزكى رستم ، لما قال لفاتن حمامه ، و مش مكسوفه من نفسك يا هانم و انتى بتقولى مارينا قصدى اللونا بارك ايه اللى حايتغير فينا لما نروح مارينا ، رب هنا رب هناك و عمرنا ما نعمل حاجه تغضبه ابدا

    عمر :لو عايزه مصيف اوديكى شقة خالى فى اسكندريه ؟؟ و ايه علاقة مارينا بمدرسة يحيى ,انا مش فاهمك النهارده خالص

    ساره :احنا بنروح هناك كل سنه يا عمر من يوم ما اتجوزنا ومش معقول يعنى نتقل على الناس اكتر من كده وبعدين انت مش
    عارف ان يحيى حايسالوه فى المدرسه بنصيف فين ، ده ابن بنت خالتى ما اتقبلش فى مدرسه عشان قال انهم صيفوا فى
    جمصه ، و ابن بنت عمتى ما اتقبلش عشان كتبوا فى السى فى انهم اعضاء فى نادى السكه الحديد

    عمر :و مالها جمصه يعنى ؟ و عيبه ايه نادى السكه ، و المدرسه علاقتها ايه بالحاجات دى اساساً

    ساره :مش ستايل ، لازم نصيف ستايل السنه دى بقه و كمان حازم و اسراء و ماما و بابا و احمد ، ،كلنا عايزين نصيف سوا
    و كمان ناخد مامتك تغير جو .فرصه بقه نشوف مارينا دى بتتكلم عن ايه عشان خاطرى يا عمر
    مره واحده بس و مش حاطلب تكرارها ، لمجرد العلم بالشىء

    عمر :بس انا اعرف ان ايجارات الشقق هناك نار واحنا بالمنظر ده حانعوز نأجر عماره من بابها عشان الجيش الجرار ده ،
    اسالى كده عن الايجارات ، بس ما عتقدش ماما حترضى تيجى معانا

    ساره :سيب مامتك على انا ، واحنا حانقسم الايجار علينا ان شاء الله
    و بعد ايام من البحث و الاستعانه بصديق واتنين كادت ساره تفقد الامل عندما عرفت ان الايجارات تتراوح
    من الف الى ثلاثة الاف جنيه .........................فى اليوم
    يالهوى ، لا ربنا ما يرضاش كده برضه ، ده حتى لو عمر رضى يدفع انا مش حاوافق ، ده حتى يبقى حرام علينا

    وبينما هى تفكر فى مصيف اخر وجدت اخاها احمد يتصل على الموبايل

    احمد :لقيتلك حتة فيلا ، جميله و بجنينه ، صحيح مش ع البحر علطول ، بس ترى البحر بوضوح ، صحيح هى لزق جنب
    البوابه ,بس اهى اسمها فيلا و بجنينه عشان تكفينا ، و جنبها حمام سباحه حلو ينفع العيال ، و ايجارها مناسب جدا ، حتى
    بابا قرر يدفعه كله و يعزمك انت و ابيه عمر و كمان اسراء و جوزها ، و فرصه نلطف الجو معاه شويه

    ساره :و دى لقيتها ازاى يا اروبه انت

    احمد :دى بتاعة والد واحد صاحبى و هما مسافرين بره الصيف ده و مش رايحين مارينا اصلا ، الاول ما كانش راضى ياخد
    منى فلوس خالص بس انا اصريت ، فمامته بعد محايله وافقت اننا ندفع يعنى مبلغ رمزى كده ، و كمان هما مش بياجروها بس
    قالوا اكيد احنا حانحافظ عليها عشان معرفه ، و بالمره ندفع شوية استحقاقات هناك صيانه و ميه و حاجات كده عشان ماحدش
    فاضى يروح يدفع .

    ساره :ندفع اوى يا سيدى ، ربنا يكرمهم يا رب انا مبسوطه اننا حانكون مع بعض اكتر ما انا مبسوطه بمارينا ، دى اسراء
    وحشتنى موت

    احمد :بتقول انها دلوقتى احسن و حازم اتحسن معاها اوى من ساعة ما فتحت قلبها و كلمته على اللى مضايقها و حسنت
    معاملتها معاه ، فاستعادت بقه ذاكرة الحب الضائع هاهاها

    مرت الايام و عادت اسراء من دبى ، و اول ما رأت امها و اخوتها بدا الجميع فى البكاء ، عجيب امر المصريين ، يحزنوا يبكوا
    و يفرحوا يبكوا ، فى اللقاء و فى الوداع برضه لازم يبكوا
    و حملت اسراء مريم و رفضت ان تتنازل عنها لاى احد ، اذ كانت اول مره تراها ، اما المفاجاه ان يحيى تذكر خالته رغم الوقت
    و انه كان صغيرا حين سافرت و تعلق بها و قبلها `
    وفى الطريق الى منزل عائلة ساره اخبرتهم اسراء انها فى بداية الحمل ، فطارت الام من السعاده وانشرح صدر ساره عندما
    وجدت اختها بدات تتقبل حياتها و تسعد بها ، و كان احمد اكثرهم فرحه بعودة اسراء
    و بعد الغداء فى منزل الام ، طلب حازم من اسراء التوجه لمنزلهم

    اسراء :حاضر يا حبيبى انا جايه اهه

    ام ساره :طيب يا بنى ما تخش تريح الاوض كتير و انا محضرالكم اوضة اسراء القديمه عشان لما تيحى تبقى براحتك

    رد حازم فى اقتضاب :معلش يا طنط عشان بس افضى الشنط و اكون براحتى

    همست ساره لامها :سيبيهم براحتهم يا ماما ، استحملنا سنه ممكن نستحمل كمان يوم

    و بعد نزول اسراء كانت الام تستشيط غضبا من حازم الذى حرمها من ابنتها طوال عام كامل ، و ايضا ابى الا ان ياخذها الان
    فقالت ساره تهدىء امها :
    معلش يا ماما اعذريه ، ده جاى من سفر و تعبان ، و لسه كمان حتلاقيه عايز يروح يشوف اهله ، ده انا ما كنتش مصدقه لما
    وافق ييجى من المطار علينا الاول ، و بعدين يا جماعه احنا حناخد وقت لحد ما حازم ياخد علينا و يحبنا ، ما تنسوش المشاكل
    بتاعة الشقه و الجهاز و الفرح ، اكيد لسه ماثره عليه ، يا ما نصحتك يا ماما و قلت لك ان المشاكل دى حاتعدى و مش حايفضل
    الا مرارتها بعد الجواز

    الام :يا بنتى انا كنت خايفه على اختك ، و زى اى ام كنت باحاول اامن مستقبل بنتى ، كنت اسيبه ياخدها و يسافر من غير شقه
    و لا جهاز ، اهى الشقه نفعته و خلته يتنطط علينا اهه

    ساره :عايزين يا ماما نزيل الرواسب دى كلها و نفتح قلبنا لحازم ،عشان خاطر اسراء مش اكتر

    الام :و الله انا باحبه ، و كل كلمه قلتها كانت فى مصلحتهم الاتنين ، و مادام بنتى سعيده و مرتاحه معاه ، انا مش عايزه حاجه
    من الدنيا

    عمر :ساره دى ، اول ما تحط حاجه فى دماغها لازم تعملها ، لقت فيلا فى مارينا ، و بسعر كويس ، و بدات استعدادها للمصيف
    قال ايه عايزه تجيب مايوه لمريم ، انا ما عنديش بنات تلبس مايوهات ، بس مش حازعل ساره المره دى ، لكن اول ما تتم
    تلات سنين ممنوع منعا باتا ، و يحيى طول النهار يتمرن سباحه ، بيلبس العوامه الجديده و يقعد فى البانيو
    بس اللى غايظنى ان ساره رايحه جايه تشترى حاجات كده زى ما يكون رايحين الصحرا ، صحابها حذروها من الاسعار هناك
    فقررت تاخد خزين العمر كله ، اللى ما توقعتوش بقه ، فرحة ماما بالمرواح لمارينا ، انا كنت متخيل انها مش حاترضى تروح ،
    لكن لقيتها فاقت كده و صحتها اتحسنت و ايدها بايد ساره فى الشراء و عمل المنين و الطقوس الغريبه اللى شغالين فيها دى ،
    الاقوى من كده بقه
    اختى دينا جت هى وطارق جوزها من بره ، و لما ماما قالت لها على مارينا ، قررت هى و جوزها و ولادها ييجو هما كمان فى
    نفس الوقت معانا ، و لما مالقوش حجز فى حته ، ساره و مامتها اصروا انهم ينزلوا معانا ، الطف بينا يارب ، ده احنا محتاجين
    كده ناجر شارع بحاله مش عماره

    ساره :ما كنتش فاكره ان الاعداد للمصيف مرهق كده ، انا هلكت عشان اشترى لمريم المايوه ، انا واسراء ودينا بقه اكتشفنا اختراع
    جديد ، عمرى ما شفته فى حياتى قبل كده ، مايوه شرعى هاها
    فى الاول استغربت ، منين مايوه و منين شرعى ؟ بس لما شفناه لقيناه فعلا مغطى الجسم كله و له طرحه كمان بتتلبس على
    الراس ، و فستان صغير فوقه ، رحنا اشترينا تلاته ، ده احنا مانزلناش البحر من زمن
    اما مايوه مريم اللى فيه اتنين سنتى قماش طلع اغلى من المايوه بتاعى اللى استهلك توب كامل عشان ينفذوه
    كمان عملنا حسابنا انا و ماما و وحماتى و قسمنا شغل الامن الغذائى علينا ، حضرنا حاجات كتير عشان الوقت هناك يبقى كله
    فسحه .
    و فى فجر يوم الجمعه انطلقنا كلنا انا مع عمر و والدته بسيارته و احمد يحمل معه امى وابى و اسراء و زوجها و دينا اخت
    عمر و زوجها و ابناءها فى سيارتهم
    و كان الطريق طويلا ، و توقفنا عند ماستر لزوم العيال تفطر و تروح التواليت ، و وصلنا اخيرا لبوابات جمهورية مارينا ، كان
    معانا كارتين فقط لدخول مارينا ، اصر احمد انه عمر ياخد واحد و طارق زوج دينا ياخد التانى ، و قال :
    احمد :عيب عليكى ، كروت ايه بس ,هاتخلى الاولاد ياخدوا عليا كده فى مارينا

    المفاجاه انه فعلا دخل كده هاهاها
    رفع يده بكل ثقه للحارس ، فخاف ان يساله عن الكارت

    عمر :الواد اخوكى ده عسل و الله ، ياما عملها قبل كده فى
    المعموره و المنتزه ، و دايما بتفلح معاه ، على رايه ، المهم الثقه

    ساره :وصلنا اخيرا للفيلا التى يبدو انها لم تفتح منذ عام مضى ، انها واسعه و مريحه لكنى احترت ادور على البحر اللى تراه الفيلا
    بوضوح .

    احمد :واضح انها ترى البحر فعلا ، فى التلفزيون هاها ، مش تحمدو ربنا ، مش كفايه انكم فى مارينا
    و بعدها ذهب الرجال لصلاة الجمعه ، وبدانا المهمه المستحيله فى تنظيف الفيلا و فرشها ، و قسمنا انفسنا على الغرف ، مثل
    المعسكر الكشفى ، و انطلقت امى تردد
    مافيهاش حاجه حصيرة الصيف واسعه
    و ذلك حتى تخفف الحرج عن حماتى و دينا
    يا رب يخليكى يا امى

    عمر :احيانا الواحد بيحمد ربنا على انه راجل ، ذهبنا لصلاة الجمعه و تركنا شئون التنظيف و التوضيب للسيدات ، حماهم الله ، و
    صلينا فى الجامع القريب من الفيلا ، و الله عمار يا مصر ، انا قلت حلاقى الجامع فاضى ، لكن ما شاء الله كان ممتلئا عن اخره
    ، و كمان فيه ناس فارشه فى الشارع
    وعدنا و كنت اول من دخل الفيلا
    فوجئت بمنظر غريب جدا
    و صرخت
    حراميه حراميااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه
    "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" صدق الله العظيم

  5. #5
    مراقب عام المنتدى
    عضو مجلس الإدارة
    الصورة الرمزية mr.osama
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    الزقازيق
    العمر
    55
    المشاركات
    6,666
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    معدل تقييم المستوى
    7217

    افتراضي


    الحلقه الخامسه عشر



    ساره : بمجرد عودة الرجال من الصلاه كان الاطفال قد استعدوا ولبسوا المايوهات ، وكذلك انا و دينا و اسراء
    دخل عمر ثم فوجئنا به حين رانا يصرخ : حراميه
    جاء باقى الرجال جريا على صوت عمر الذى دقق قليلا

    ثم قال : ايه ده بس انا كنتوا حاتموتونى من الخضه ، ضفادع بشريه فى البيت ليه ؟

    احمد وهو يلتقط انفاسه: حرام عليكم اللى عملتوه فينا ده ، النينجا ترتلز فى مارينا ؟

    اسراء : جرى ايه يا سى احمد يعنى احنا مالناش نفس ننزل الميه

    ثم توالت التعليقات

    طارق : ايه بدل الغوص دى ؟ ايه يا دينا حاتفضحينا فى وسط المايوهات بتاعة مارينا كده ؟

    والد ساره : ايه يا بنات الحاجه دى انا عمرى ما شفتها

    فاصابنا الاحباط و كدنا نعود لنغير ملابسنا

    حتى انقذنى احمد حبيبى : بص يا ابيه عمر فى شاطىء خاص هنا للسيدات بس ما بيخشوش ولا راجل ، اسمه يشمك ، و اشتراكه حاجه بسيطه اوى ، يعنى الثلاث سلاحف دول كده حوالى الف و خمسميت جنيه

    تنحنح بعدها عمر : تصدق هوه المايوه مش وحش يعنى لو الواحد اتعود عليه ؟ و بعدين فيه ميزه برضه ، مايوه و عوامه فى نفس الوقت ، يالا بينا ننزل البحر

    و
    نزلنا كلنا طابور كبير من البشر و معنا الاطفال فى طريقنا للبحر و كان احمد هوه دليلنا حيث انه سبق له المجىء مع اصدقائه

    ساره : ايه كم الاجانب اللى فى مارينا دول يا عمر الحمد لله السياحه بخير

    عمر : و لو ان يعنى هدومهم فضايح ، بس اهو دخل كويس للبلد

    احمد : سياح ايه بس يا ناس ، دول مصريين و عرب ،انتم مش سامعين مارينا بتتكلم عربى اهيه

    ثم دار حوار جانبى بين السيدات تعليقا على احدى الفتيات :

    اسراء : يا خبر ابيض ، ده حتى فى دبى عندنا الاجانب بيحترموا تقاليد البلد عن كده ، بكينى فى الشارع كده ؟؟

    دينا : نفسى اعرف ايه الفرق بين المايوه البكينى و الملابس الداخليه ،و الست اللى لابسه بكينى و ماشيه بيه فى الشارع و فرحانه اوى ، لو دخل عليها حد و هى بالملابس الداخليه تلطم و تصوت ، ليه ،عجايب ؟

    ساره : بلاش غيبه و نميمه بقه ، احنا مالنا ، ده احنا كمان لازم نغض البصر والله ، يا للا ياللا ننزل مع الولاد الميه

    و
    بعد قليل ، ابتعد يحيى بعوامته قليلا عن المجموعه و سهت ساره عنه ، ثم سمعوا جميعا صوته يصرخ ، انقلبت به العوامه و اصبحت ساقاه فى الهواء و راسه لاسفل

    صرخت ساره و حاولت التوجه له و كذلك فعل كل الرجال فى البحر

    لكن احمد كان سباحا ممتازا ، استغرق ثوان معدوده ليصل الى يحيى و يحمله خارج الماء محاولا تهدئته ، اذ كان يحيى مذعورا لدرجه كبيره

    و جرت ساره لتحمل يحيى و هى تقبل احمد و تبكى قائلة : ربنا يخليك يا خويا ، ربنا يكرمك يا حبيبى

    ثم تبعها عمر واخذ يحاول اخراج الماء الذى ابتلعه يحيى من جوفه و هو يقول : الحمد لله ربنا ستر ، الله يكرمك يا بو حميد ، عرفنا قيمة وجود سباح فى العيله

    و منذ تلك اللحظه اصررت ان اعلم يحيى السباحه ، و ايضا الرمايه و ركوب الخيل ، كوصية السلف

    ساره :الحمد لله هدأ يحيى بعد وقت قصير ، و نسى الموضوع و عاد ينزل مره اخرى للبحر لكن تلك المره لم يحاول الابتعاد عن والده و خاله

    عمر :الحمد لله ان يحيى رجع الميه تانى ، انا كنت خايف يتعقد ولا حاجه ، و ايام مارينا عدت بسرعه كبيره ، معظمها نزول البحر نهارا ، و بالليل للاسف ما فيش غير القهاوى ، لكن لقينا ملعب كوره قدم جميل اوى ، و اتعرفنا على بعض الشباب ، و اصبحنا نلعب الكره ليلا ، و فوجئت مثلا مره بمحمد فؤاد بيلعب معانا ، مره تانيه فريق واما بحاله (انا مش عارفهم احمد اللى نورنى هاها) و مره تالته لقيت كابتن حسام حسن ، ايه النجوم دى كلها ، يا نجومك يا مارينا ، بس كله بحسابه كيلو العنب اللى فى مصر باربعه جنيه هنا بخمستاشر ، و طبعا لو فكرت تاكل بره تبقى اكيد بتهزر ، الحمد لله ان الستات عملوا حسابهم فى موضوع الامن الغذائى ده .

    ساره :يا عينى على مصاريفك يا مارينا ، نفطر فول و طعميه بخمسين جنيه ؟ صحيح عددنا كبير ، بس لو فكرنا نفطر كرواسون و جبنه شيدر حاندفع كام ؟ ده غير لقينا الفيلا عليها مصاريف ميه و كهرباء سنه كامله ، و صيانه و زراعة الجنينه ، و كان طبيعى نتطوع ندفع الحاجات دى عشان بابا حايدفع الايجار ، بس الحمد لله ادى الواحد شاف الدنيا ، لاول و اخر مره يا مارينا

    ام ساره :هوا ايه اللى جايين نشمه ده ، الحل الوحيد عشان نشم هوا ، اننا ما نخرجش من الفيلا ، لكن اول ما الليل يهل ما بنشمش غير الشيشه ، و دخان الشيشه
    و للاسف بالليل ما فيش فسحه غير القعاد ع القهاوى
    و حازم و طارق نازلين شد انفاس لما هرونا ، لكن احمد ابنى ، اصمله عليه ، ادب ايه و كمال ايه ، و كمان عمر ربنا يحميهم يا رب

    المفاجاه بقه ، البت دينا اخت عمر ، رخره جوزها اداها تشرب شيشه ، يادى الكسوف
    و كله كوم و حساب القهاوى دى بقه كوم تانى خالص
    ايه موضوع مينيمم تشارج ده
    مين اللى اخترعه , يعنى عشان اقعد اشرب شاى بس ، ما ينفعش لازم طلباتى تكمل خمسه و اربعين جنيه
    يا عم احنا متعشيين و الحمد لله
    لا مافيش فايده لازم نطلب و الا ندفع من غير ما نطلب

    حازم :ايه الناس دى ،ايه الاسعار دى، ايه القصور دى
    لما واحد يكون قصره الصيفى ثمنه خمسه مليون امال بيته الحقيقى تمنه كام
    يلزمنى كام سنه فى دبى عشان اجيب اوضه فى مارينا ، يا نهار ابيض ده الواحد ما كانش عارف حاجه خالص ، فاكر نفسه حيلم قرشين و يرجع بلده يحط رجل على رجل
    ده حتى عربيتى اللى انا فخور بيها اوى ، و اللى لسه ما دفعتش جمركها ، اللى اغلى منها بالمناسبه ، ما تجيش تمن كاوتش عربيه راكبها عيل ماريناوى
    انا مش باحقد و الله ، بس الناس دى بتجيب الفلوس منين ؟

    امال الناس اللى بتموت من الجوع و فى طوابير العيش و بتنتحر فقرا ، دى مراية العربيه الهامر دى تأكل شارع بحاله ، لا و اسعار الاكل هنا ، ولا يوم ما طارق بيه عزمنا ع الغدا ، مطعم فى وسط البحر ، و انا كنت حاسس بمصيبه جاياله ، بس تمنميت جنيه ، يا نهار ، بس انا ماليش صالح بالحاجات دى ، هوه حر ، انما انا جايب هدايا بالشىء الفلانى و انا جاى من دبى ، ده حتى ما يرضيش ربنا لما ابعتر تعبى و شقايا كده على الاكل و الشرب .

    طاق : والله احلى اسبوع الواحد قضاه من زمان ، ربنا يكرمك يا عمر يا اخو مراتى على الفسحه دى ، حتى العزومه اللى عزمتهالهم ما تجيش تمن ليله واحده فى اى حته فيكى يا مارينا
    والله انت واد مبخت يا طارق ، لا و ايه الماء و الهواء و الوجه الحسن ، مش وجه بس ، ده كله كله حسن .
    بس لو دينا تروح تلعب بعيد شويه ، كانت عايزاك و انت عازب مارينا دى يا طروق والله ، كانت فين دى ؟ ياللا حناخد زماننا و زمن غيرنا .

    احمد :
    مش تاعبنى فى مارينا دى الا موضوع غض البصر ده
    يعنى الواحد بيحاول و الله على قد ما يقدر لكن اللى البنات عاملينه ده اوفر اوفر اخر حاجه
    الواحد بيكون بيتامل فى جمال الشاطئ و الطبيعه و فجاه يلاقى مصيبه سوده طلعاله من قلب الطبيعه
    ظاهره طبيعيه طالعه م البحر ، او صناعيه شويه ، المهم انها ظاهره ، اه و الله كلها ظاهره مافيش حاجه خالص مستخبيه
    و قال ايه كنا خايفين على طقم الضفادع البشريه اللى معانا لحسن حد يبصلهم ، دول ستات كمل و الله العظيم
    يعنى لو كل واحده لمت نفسها شويه ، مش كانوا ساعدونا على موضوع غض البصر ده
    بس ايه ده عمرى ما شفت اخواتى فرحانين كده ، ما شاء الله زى ما يكونوا رجعوا اطفال تانى و بيلعبوا فى الميه مع العيال الصغيره ، احلى حاجه فى الاجازه دى ، يحيى و مريم ، و الله شعور الخال ده مختلف خالص ، انا كنت فاكر نفسى حازهق عشان متعود اكون مع صحابى فى المصيف ، لكن فعلا امتع حاجه اللمه و العيله ، و ابقه اجى تانى مع صحابى برضه هااها ،
    اهم حاجه حصلت بقه النهارده انى شفت مروه هنا ، انا من ساعة الامتحانات و مش باتكلم معاها الا كل فين و فين ، مره سالتنى ع النتيجه و مره تانيه كانت بتهنينى عشان الاهلى خد الدورى .
    امبارح فوجئت بيها هى و مامتها بيتمشوا فى الشانزلزيه ، وقلبى رفرف كده شويه ، ما كنتش فاكرها وحشتنى اوى كده
    و سلمت عليها و على مامتها ، باين عليها بتحبنى و الله ، فرحت اوى لما شافتنى ، و مامتها قالت لى اسلم على ماما و اعزمها عندهم فى الشاليه
    ولما حكيت لساره ، اصرت اننا نعزمهم عندنا يشربوا شاى ، فى جنينة الفيلا
    و قد كان
    وقعدت ساره تتكلم مع مروه كتير ، و خدوا على بعض فى ثوانى
    احسن حاجه فى مروه انها فعلا بتفكرنى باخواتى البنات ، طيبه و محترمه ، و دمها خفيف زيهم

    و بعد القعده الحلوه دى :


    بعت لمروه اغنيه على الموبايل جايز توصل لها احساسى
    ( خايف اوعدك ما اوفيش )

    و بعد ربع ساعه فوجئت ان جايلى رساله من مروه
    ردت على بالاعنيه دى
    ( بكلمه منك )

    ************
    الحلقه السادسه عشر




    ساره : دخلت على احمد اخى ، فوجدته سارحا ، لدرجة انه لم يلحظ دخولى ، ثم اكتشفت ان سماعة الموبايل فى اذنه و ناديت :
    احمد هيه ، انت فين

    احمد : انا موجود ، اهوه انت دخلت امتى ؟

    ساره : لسه حالا ، بس انت من ساعة زيارة مروه و مامتها ما اتكلمتش ولا كلمه ليه ؟

    احمد : صحيح , ايه رايك فى مروه؟

    ساره : الحقيقه ، زى العسل ، و تدخل القلب فى ثوانى ، ربنا يكتب لكم الخير يا خويا يا رب ، وانا اتكلمت مع ماما ، و هى موافقه بس رايها نستنى بس السنه دى لما تخلصوا الكليه ، عشان يعنى ما نروحش لاهلها نقولهم ده طالب ، نقول الباشمهندس عايز يخطب بنتكم

    احمد : صح ، انا شايف كده برضه ، و اظن هى لو بتحبنى فعلا ، ممكن تصبر السنه دى ، و لو اتقدملها حد ، و اضح ان مامتها ست متفهمه ، و مش حاتضغط عليها
    ياللا بقه النهارده اخر يوم فى مارينا ، مش حاتلبسى المايوه السبعتاشر قطعه بتاعك عشان تنزلى الميه

    ساره : صحيح ايام عدت هوا ، و الله يا احمد الفكره مش فى مارينا ، الفكره اننا لاول مر ه من زمان احنا متجمعين مع بعض ، احسن حاجه لمة العيله ، حتى لو المكان ضيق ، تخيل لو كل واحد نازل فى شاليه لوحده ما كناش حاننبسط كده ، صح ؟

    احمد : هاهاه ليكى حق طبعا ، مانتى ليكى حته تمليك تنامى فيها ، لكن انا لازم استنى لما ماما تصحى بدرى من النوم عشان اغرز نفسى مكانها بارت تايمر يعنى هاهاهاها
    بس صحيح عندك حق ، و الله احلى ايام ، ان شاء الله تتكرر تانى

    ساره : اه بس مش مارينا الله يرضى عليك ، فاكر لما خدتنا القريه اللى جنب مارينا علطول دى ، و الله حلوه ، و اسعارها ربع مارينا و اللى عايز بقه ، و احنا مالناش غرض فى قهاوى ولا كرة قدم ، يبقى يدخل مارينا بالليل يلعب كوره و لا يقعد ع القهوه زى ماهو عايز

    ثم دخل عمر و طلب منهم الاسراع فى الاستعداد لاخر نزهه فى البحر


    ساره :اوحش حاجه فى المصيف بقه ، انه بيخلص ، ماما بتقول انه ايام اجدادنا كانت الناس بتصيف الصيف كله ، يعنى تلاته اشهر فى اسكندريه مثلا ، ايه الفضا ده ؟ او على الاقل شهر يعنى للى ما يقدرش ع الصيف كله ، طبعا لو الواحد قعد فى مارينا شهر ، ممكن يروح بيتهم بالمايوه ، عشان حايكون باع هدومه قبل ما يمشى
    المهم اقدر احفظ يحيى كام كلمه :
    قول يا يحيى :
    بورتو مارينا ، بنانا بوت ، بيتش باجى ، سينابون ........ا

    ما ان يهم يحيى بالكلام حتى يقاطعه احمد : قول يا بنى :

    صيفنا فى عين الصيره ، امى بتعملى شاندوشتات جبنه اسطمبولى ، لعبتى المفضله البلى

    فيثيرنى و يغيظنى لكنى لا اتمالك نفسى من الضحك قائله :
    حرام عليك يا احمد سيبه يحفظ له كلمتين ، حيستجوبوه فى المدرسه هاهاهاها

    وفى طريق العوده كانت الوجوه مختلفه تماما عنها فى طريق الذهاب ، وجوه مسمره لفحتها الشمس ، و ظهر عليها الملل و الحزن لانتهاء الاجازه ، لكن كل الاوقات تنتهى ، الحلوه و المره على حد سواء ، و تبقى ذكراها فقط فى النفس ، و لقد حملت لى هذه الرحله اجمل و اغلى الذكريات.

    عمر :بعد العوده ، بدات ساره تكثف جهودها فى التقديم للمدراس ، و كانت العديد منها قد اغلقت باب القبول بالفعل ، مما اورثها الكثير من الضيق ، و كانت تدور دورتها كل يوم على عدد من المدارس ، تترك اوراق يحيى ، و المفاجأه التى لم اكن اعمل لها حسابا ، ان كل مدرسه يتم التقديم فيها ، ندفع مبلغا يتراوح بين مائه و ثلاثمائة جنيه لمجرد ملء الاستمارات ، او السى فى ، و لو لم يتم قبول الطفل ، راحت عليك الفلوس يا خفيف ، يعنى انا لو صاحب مدرسه ممكن اقضيها استمارات بس ، و اعيش ملك
    و بعدين يعملوا امتحانات للولد ، حيث يدخل غرفه مغلقه ، و يتم استجوابه بدقه شديده ، و الله انا خايف يكونوا بيحطوا فى وشه لمبه كبيره كده زى المخابرات ، او بيغرقوا وشه فى جردل الميه عشان يعترف ، حبيبى يا بنى ، كان مستخبيلك فين الغلب ده ؟
    الاصعب من كده وضع ساره بعد كل زياره للمدارس ، تفضل قاعده جنب التليفون ، زى ما يكون يحيى مرشح لوزارة المراجيح

    ساره : لا خلاص اعصابى تعبت ، انا خايفه يكون ابنى فيه عيب ، عشان كده ما فيش مدرسه ردت على لحد دلوقتى، يمكن عشان كتبنا فى الاستماره ان عمر خريج مدرسه عربى ؟ ليكون ما ردش ع الميس لما سالته ع الالوان ؟ مع انى محفظهاله
    و كمان وديته مارينا اعمل ايه تانى يا ربى
    ، ربنا يستر و يقبل فى اى مدرسه منهم انا خلاااص تعبت

    عدت ايام زى ما يكون سنين لحد ما مدرسه منهم الحمد لله اتصلت بينا و قالت لنا انه تم القبول ، مدرسه جميله و فيها حمام سباحه و كمان قريبه من البيت ، يعنى ممكن نوفر الباص

    احمدك يا رب


    عمر :يا نهار ابيض مصاريف المدرسه ستلاف جنيه فى السنه غير شامل الباص و اللبس و الكتب و المايوه

    ساره : يا سيدى الحمد لله الواد عنده مايوه

    عمر : يا ساره انتى عارفه ان وضعى فى الشركه مؤقت عشان دى شركه اجنبيه ، و ممكن فى اى يوم المشاريع تخلص و الاقى نفسى فى الشارع زى ما كان حايحصل ،اضمن منين ساعتها انى اعرف ادفعله ؟

    ساره : خلينا نتامل خير فى وجه الله ، و ان شاء الله ربنا مش حايخذلنا

    عمر : بالذمه كى جى وان دى حايتعلم فيها ايييه ده ، انا حاجى معاكى يا ساره بس انا مش مقتنع ، يعنى مش حاسس ان الموضوع يسوى كل المبالغ دى ، و تذكرى ان ربنا حيسأل كل واحد عن ماله فيم اكتسبه ، و كيف انفقه
    و دخل عمر و ساره المدرسه و قابلتهم سيده فى غاية الاناقه و الاستعلاء ، ابلغتهم انها المسئوله عن العلاقات العامه

    السيده : اهلا يا فندم و مبروك لنجلكم القبول فى مدرستنا

    عمر : الله يبارك فيكى ممكن نعرف يعنى مطلوب مننا ايه ؟

    السيده : شهادة الميلاد بالكومبيوتر و ست صور للطفل و خمسة الاف جنيه

    عمر : هوه احنا حاندفع المصاريف من دلوقت ده احنا لسه فى شهر سبعه

    السيده : لا يا فندم دى مصاريف تسجيلregistration fees
    تدفع مره واحده فقط عند القبول


    عمر : تسجيل ايه يا مدام هوه انتو حاتسجلو الولد على دى فى دى ؟؟

    السيده : لا يا فندم غيرنا بياخد تبرع بالاف لكن احنا بس بناخد مصاريف تسجيل

    نظر عمر لزوجته نظره فهمتها و ارخت عينيها فى الارض ثم اكمل كلامه مع السيده المسئوله


    السيده : حضرتك كمان لازم تسدد القسط الاول فى خلال عشر ايام من النهارده

    عمر : يا فندم لسه شهرين و نص على بداية الدراسه

    السيده : ده القسط الاول بس لكن الثانى لسه فى شهر عشره

    عمر : طيب ممكن اعرف قيمة الاقساط دى

    السيده : القسط الاول خمسة الاف و خمسمية جنيه و الثانى خمسمية جنيه ، و فى زياده سنويه ثابته عشرين فى الميه للمصاريف .

    عمر : طيب يا فندم اصل الحاجات دى كلها ما كانتش مكتوبه فى النشره اللى فى الرسبشن عندكم ، فانا محتاج اخد وقت عشان افكر و اعرف حاعمل ايه

    كادت الدموع تطفر من عينى ساره و هى تعتذر للسيده و تطلب منها ابقاء مكان يحيى محجوزا لمدة يومين لا غير ، و هى تجرى لتلحق بعمر الذى انصرف غاضبا.
    و فى طريق العوده كان عمر ثائراً حانقاً ، و لاول مره منذ عرف ساره ، عندما راى دموعها ، لم يهدأ و لم يتعاطف معها ، لكنه ازداد حنقا

    عمر : اقدر افهم بتعيطى ليه دلوقتى ، انت مش فاهمه يا ساره ، مدرسه بالمنظر ده ، حيهرونا مصاريف طول السنه ، مانا كمان لى اصحاب و سالتهم ، الطفل بيتكلف كل اسبوع من خمسين لميت جنيه ، مره رحله ، و مره حفله ، و مره سيرك فى المدرسه ، و طبعا لو دخلناه ، يبقى لازم نخليه زيه زى زمايله ، و الا يتعقد ، و بعدين انت ناسيه ان عندنا لسه بنت لسه وراه عايزه تتعلم هى كمان لما تكبر ، ولا يعنى نعلم يحيى و هوه يقول لاخته و خلاص ، ولا ابيع هدومى انا بقه عشان العيال تتعلم

    ساره من بين دموعها : انا عمرى ما عارضتك فى حاجه يا عمر ، بس كل المدارس كده ، و كلهم بياخدو تبرعات ، و انا على استعداد ابيع جزء من دهبى عشان يحيى يدخل المدرسه ، عشان خاطرى يا عمر ، انا كل امنيتى اوفر لابنى احسن تعليم

    عمر : طيب احسن باحسن بقه ليه ما نوديهوش الشويفات او الامريكيه ، يعنى بتاع تلاتين اربعين الف فى السنه ، يا ساره لا يكلف الله نفسا الا وسعها

    ساره مقاطعه : انا ما قلتش تلاتين و لا اربعين ، انت قلت بنفسك الا وسعها ، و انا عارفه انك تقدر ، بس مش عايز تفهم اهمية ان الولد يروح مدرسه حلوه يحبها ، و ينبسط فيها مش يتعذب

    عمر : يا سلام ، امال لو كنت باقول نوديه مدرسه حكوميه بقه كنت عملتى ايه ، رغم انى اتعلمت فى مدارس حكوميه ، و طلعت مهندس زى الفل اهوه ، و العقد اللى عندك دى عشان خريجة لغات مالهاش اى داعى ، عملتى ايه باللغات يا ستى ؟ و كنت بتاخدى كام يعنى لما كنتى بتشتغلى ؟

    ساره : مدرسه حكوميه ؟ قول بقه كده ، بالذمه مين اللى عنده عقد ؟ الواحد بيبقى عايز ابنه يكون احسن منه ، مش يحقد و عليه ، للدرجه دى ابنك يهون عليك ؟ عايز تدخله المدرسه مع ابن عم رجب البواب .

    عمر : طيب يمين بالله يا ساره لو ما سكتى و قفلتى ع الموضوع ده دلوقتى ، لانا مدخله مدرسه حكومه و عربى كمان ، و حاطلب يقعد جنب الواد مسعد ابن رجب بالذات بقه ايه رايك ؟

    ************

    الحلقه السابعه عشر




    ساره :ايه ده ، عمر بقاله كتير ما انفعلش على كده ، اسكتى يا بت يا ساره و لمى نفسك بقه المره دى انا حاعمل بالنصيحه اللى بقولها للناس كلها .
    فى اى موقف بينك و بين حد ، حاول للحظه تنسى انك نفسك ، و تكون ع الحياد ، و فكر لمدة دقيقه واحده انك ممكن تكون انت الغلطان
    صح ممكن اكون انا غلطانه ، مهما كان مرتب عمر مش حايكفى ده كله ، غير ان حمام السباحه مش ضرورى اوى فى التعليم ، بس برضه مش مدرسه حكومه
    مانتى اللى استفزيتيه يا ساره ، ما الراجل كان موافق معاكى على كل حاجه و دفع رسوم التقديم فى كل المدارس بدون مشاكل ، و الله المدرسه دى فعلا كانت مستفزه
    انا مش حافكر دلوقتى ، حاستنى لما بالى يروق و ساعتها حافكر ان شاء الله و ربنا حايهدينى لحل .

    عمر :ياه يا عمر ، كان لازمتها ايه الغاغه و الحلفانات دى ، مانت عارف ان ما فيش حاجه حاتحصل الا برضاك ، هى ساره عمرها خالفتك فى حاجه ، من ساعة ما حلفت سكتت خالص فعلا ، ده حتى دموعها سكتت
    صدقت يا حبيبى يا رسول الله ، خير متاع الدنيا الزوجه الصالحه و من صفاتها اذا اقسم عليها زوجها ابرته .
    انا كنت سامع صوتى و انا بحلف عليها زى ما يكون صوت واحد تانى مش انا ، صوت جدى الباشا او سى السيد مثلا
    اعوذ بالله من الشيطان ، الحمد لله ان ساره سكتت ، عشان يمينى ما يقعش ، ما هوبرضه مش معقول اخلى يحيى الى بيقرف من خياله يقعد جنب مسعد ،اللى عمره فى حياته ما مسح مناخيره
    انا قصدت مدرسه تجريبى من اللى بنسمع انها كويسه برضه و لغات و مصاريفها حنينه شويه ،
    انا حاسال اصحابى و قرايبى بكره و ربنا يسهل ، ماهو غلطتى برضه انى رميت الموضوع كله على ساره ، و فى الاخر ما عجبنيش تصرفها كان لازم يكون لى ضلع برضه فى الحكايه

    عاد ساره و عمر الى المنزل و قابلتهما ام عمر التى اعلنت مجىء دينا و زوجها مساء ، فاتجهت ساره مباشرة الى المطبخ لتصنع طبق حلويات للضيوف

    دخل عليها عمر المطبخ و نظر اليها و لم يتكلم ، نظرت اليه هى الاخرى ، و هى تقلب السكر فى اللبن ، ثم ابتسما هما الاثنان فى نفس اللحظه و هما يقولان فى نفس واحد ، صافى يا لبن

    ساره :مهما عمل عمر ، برضه انا مقدرش على زعله ، ربنا يخليه لى ، دخل على المطبخ و كان ممكن يطنش و يروح يرتاح ، و بمجرد ما ابتسملى ، حسيت الدنيا كلها ابتسمت ، انا بحب عمر اوى ، يارب فوت الازمه دى على خير و اهدنا لما تحب و ترضى

    عمر :و الله ساره دى اطيب زوجه فى الدنيا ، يعنى لسه مزعقلها و معيطها ، واول ما سمعت ان اختى جايه ، دخلت جرى تعمل حاجه للضيوف ، مع انها كان ممكن رخامه برخامه بقه تقول ابعت هات حاجه لضيوفك ، ربنا يخليكى لى يا ساره ، احسن حاجه فيها ، قلبها الابيض ده ، يا رب نلاقى حل يرضيها و اقدر عليه .

    جاء الضيوف مساء و انفتحت مناقشه طويله حول التعليم و المدارس

    ام عمر : انا مش مصدقه اللى باسمعه ده ، المصاريف بقت حاجه جنان ، و اللى اعرفه برضه ان المدارس ام بلاش دى ما عادتش زى ايام ما كنتو صغيرين ، ما عادش فيها تعليم اصلا

    دينا : انتو زعلانين من المدارس هنا ، تعالوا شوفو المدارس فى الخليج بقه ، اقل حاجه عشره خمستاشر الف مصرى ، و دى مدارس هندى و باكستانى ، لكن عايزين تعليم بريطانى او امريكانى بقه ، حاجه تانيه خالص خالص ، ندخل بقه فى اربعين الف مصرى و كده ، و طبعا اختراع المدرسه الحكوميه ده لابناء البلد فقط ، عشان الدوله هناك بتدعمه دعم كبير اوى

    ساره : يا خبر ابيض امال انتم عاملين ايه فى الغلاء ده

    طارق : الحمد لله انا متفق على باكدج فى شغلى ، شامل تعليم الاولاد ، و تذاكر الطيران ، و السكن ، لولا ولاد الحلال نصحونى بكده قبل ما اكتب العقد ، كنت اللى حاقبضه من هنا ، حادفعه هنا

    دينا : لا و انا كمان باشتغل محاسبه فى نفس مدرسة الولاد فعشان كده باخد خصم حوالى عشرين فى الميه ، لو كنت مدرسه كان الخصم ممكن يوصل خمسين فى الميه ، اهو الخصم مع اللى شغل طارق بيدفعه بيغطى المصاريف تقريبا ، و بنزود حاجه بسيطه الحمد لله ، بس تصدقى الولاد فى سنتين بس بقوا بيتكلموا انجليش هايل ، مدرسينهم معظمهم اجانب

    عمر : طيب و العربى يا ست دينا ، اخبارهم فيه ايه؟

    دينا : لا العربى فى المدرسه ضعيف جدا ، عشان كده انا باجيب شيخ اسبوعياً ، يحفظهم قران و يديهم درس عربى زى المنهج المصرى بالضبط ، اصل افرض اضطرينا نرجع مصر ، عمرنا ما حانقدر على مصاريف الامريكان هنا ، فلازم برضه نكون مستعدين ، و الولاد حفظوا الحمد لله اجزاء من القرآن و دى اهم حاجه

    ساره : ما شاء الله ، لا قوة الا بالله ، انا معجبه بيكى يا دينا و الله ، خدتى احسن حاجه من اللغات ، و كمان حفظوا القران ، انا كمان ان شاء الله حابتدى احفظ يحيى فى المسجد اللى جنبنا ، من الشهر الجاى

    عمر : بس برضه انا مش قادر اصدق ان كلام الحكومه بخصوص التعليم ، و الميزانيه اللى بتتصرف عليه ، كل ده غير حقيقى

    ساره : لا مش بالضبط ، بس انت ما تضمنش انك تلاقى الناس كلها عندها ضمير ، خاصة ان المدرس لما يدخل الفصل ، لا رقيب عليه الا ضميره ، ما حدش يقدر يجبره يشرح كويس ، ده غير ارتفاع كثافة الفصول ، وانخفاض مرتبات المدرسين ، امال الناس بتهرب للمدارس الخاصه ليه ؟ عشان اعداد الطلبه فى الفصل اقل ، و بالتالى المدرس يقدر يهتم بيهم اكتر

    دينا : بس والله كل اللى اعرفهم بياخدوا دروس فى الاخر و خلاص ، يعنى انا راييى دخلوا يحيى مدرسه تجريبى ، و افتحوله المدرسه فى البيت بعد الظهر بقه ، كل صحابى عاملين كده ، مصاريف التجريبى مش بتكمل خمسميت جنيه ، انما بتوصل بالدروس اربع او خمستلاف زيها زى المدرسه الخاصه

    عمر : لا معلش ، لو كلامك صح ، تبقى المدرسه الخاصه احسن ، معقوله اضيع عمر ابنى ، الصبح مدرسه و بالليل دروس ، و يذاكر و يحل الواجب امتى ، و اهم من كده يلعب امتى و يعيش طفولته ازاى ، و لو عايزه يتمرن على رياضه معينه مثلا يلاقى وقت منين للتمرين و كل وقته موزع بين المدرسه و الدروس

    ابتسمت ساره و هى تحمد الله لاحساسها بفرج قريب و لم تعلق بكلمه
    و بعد انصراف الضيوف ، وضعت الاولاد فى غرفتهم ، حيث اصبحت مريم تنام معظم ساعات الليل الان ، مما سمح لساره بالعوده لغرفتها ،مع وجود الجهاز اللاسلكى الى جوارها ، و اذا سمعت صوتها ، تذهب لارضاعها و اعادتها للنوم

    دخلت ساره على عمر مندفعه و هى تقول :

    وجدتها يا عمر ، وجدتها و الله

    عمر : ايه يا ارشميدس ، هاها و جدتى ايه ؟

    ساره : هو كان ارشميدس اللى وجدها ولا نيوتن ؟ عموما مش مهم انا لقيت حل لموضوع المدرسه يا عمر و الله

    عمر : خير ، ربنا يستر

    ساره : فى مدرسه كنت مقدمه ليحيى فيها ، كان المفروض نروح لهم بكره ان شاء الله ، هى مصاريفها اقل بكتير ، و كمان شفت اعلان متعلق عندهم طالبين مدرسين للابتدائى بشرط اتقان اللغه الانجليزيه ، ايه رايك لو رحت بكره قدمت و عملت مقابلة يحيى بالمره ؟ و زى ما دينا قالت ، المدرسات بيكون لهم خصم كبير

    عمر : ايه الكلام ده يا ساره ، شغل ؟ تانى ؟ ده مريم لسه صغيره جدا

    ساره : لا مش تانى ، المره دى الشغل حايكون مختلف يا عمر ، اولا حاروح واجى انا و يحيى فى وقت واحد يعنى ممكن نستغنى عن موضوع الباص ده و نروح معاك الصبح ، و نرجع بتاكسى ، ثانيا وجود مامتك معانا حايخلينى مطمنه على مريم ، خاصة ان مريم ما بتصحاش بدرى ، و ثالثا و ده الاهم ، التدريس ده رساله يا عمر ، و انا طول عمرى كنت باذاكر لاخواتى وهما صغيرين ، و لو اشتغلت مدرسة ابتدائى حايكون فى مصلحة ولادنا على الاقل اكون عارفه بياخدوا ايه ، و اساعدهم فى مذاكرتهم

    عمر : مش عايزين نسبق الاحداث ، روحى بكره و شوفى ، ولما يوافقوا على تعيينك نبقى نتكلم

    و
    لم تكذب ساره خبرا ً ، صحت مبكرة ، و اتمت ارتداء ملابسها ، و طلبت من عمر توصيلها فى طريقه ، حتى تبرهن له على قرب المدرسه ، وسهولة ان يوصلهما سويا فى الصباح

    و فى المدرسه ، لم تذكر موضوع ملف يحيى و لا التقديم له ، بل ركزت فقط على انها اتيه للتدريس ، و احضرت معها سيرتها الذاتيه و اوراقها

    و عندما قابلتها المسئوله عن التعيينات ، سالتها ان كانت تحمل مؤهلا تربويا ، فاجابت ساره بالنفى ، و ان كان ذكاءها قد اسعفها لتقول انها ستقوم بعمل تلك الدبلومه بمجرد بداية الكورسات بالجامعه ،و كلمتها السيده باللغه الانجليزيه ، التى كانت ساره لحسن الحظ تتقنها تماما ، فردت عليها بثقه ، ثم طلبت منها اعداد درس لتشرحه امام لجنه من المدرسين غداً ، ليقيموا قدرتها على الشرح و التوصيل

    اسقط فى يد ساره ، فهى لا تعلم شيئا عن تحضير الدروس و لا كيفية توصيل المعلومه بشكل سليم ، انت الظاهر غلطتى يا ساره ولا ايييه ؟؟ يا فضيحتى قدامك يا عمر ......

    بعد تفكير سريع ، تذكرت ان ابنة خالتها امانى مدرسه فى مدرسه خاصه منذ سنوات ، فاتصلت بها على المحمول ، و سالتها ان كانت تستطيع مساعدتها

    ردت ابنة خالتها بالايجاب ، و اخبرتها انها ممكن ان تمر بها الان لو ارادت ، استاذنت ساره من زوجها و توجهت من فورها الى ابنة خالتها

    و هناك عند امانى ، اكتشفت ان هناك ما يسمى دفتر التحضير ، و الوسائل المساعده ، و وسائل الايضاح ، و اهداف الحصه ، و اهداف الدرس
    و كانت امانى مخلصة جدا فى مساعدتها لدرجه انها امدتها ببعض الوسائل الخاصه بها ، و طلبت اليها استخدامها فى المقابله غدا

    كانت وسائل الايضاح عباره عن لوح وبرى يثبت عليه كروت ملونه ليتعلم منها الاطفال الكلمات و الحروف .

    و طلبت امانى من ساره ان تشرح لها درسا ، ففعلت ، و اندهشت امانى من قدرة ساره الطبيعيه على التوصيل و الشرح ،

    امانى : يا بنتى انتى مدرسه بالغريزه ، طول عمرك ذكيه و الله ، الموضوع مش محتاج اكتر من شوية ذكاء ، و الاكتر منه كياسه فى التعامل مع الطفل و انك تخليه يحس انك بتقولى حاجه لذيذه و ينبسط بيها

    ساره : يعنى فكرك لو شرحت كده بكره فى المدرسه انجح ؟ و ممكن يقبلونى

    امانى : طبعاُ ، و انت بتتكلمى انجليش هايل و دى اهم حاجه ، كل اللى بعد كده حاتكتسبيه بالخبره

    ساره : ادعيلى يا امانى ، احسن الموضوع ده حايتوقف عليه حاجات كتير اوى

    امانى : طبعا حادعيلك ، و مستنيه منك تليفون بكره ان شاء الله بعد ما تخلصى المقابله

    علم عمر بما فعلت ساره فى يومها ، و اشار عليها باستخدام الانترنت ، للبحث عن وسائل ايضاح اكثر تاثيرا ، خاصة ان الطفل فى هذا العصر اتسعت مداركه بشكل مذهل ، مما جعل التاثير عليه امراً صعباً
    اخذت ساره بالنصيحه ، و جلست مده تستخدم محركات البحث ، و قامت بطباعة بعض الصور ، ثم ذهبت لغرفة يحيى و قامت بجمع بعض الحيوانات الصغيره البلاستيكيه و ثبتت فيها قطع صغيره من اللباد لتصبح قابله للالتصاق باللوحه الوبريه ، و اعدت الدرس باستخدام الورد و طبعته.

    واتصلت بوالدتها و اخاها و اسراء و زوجها ليحضروا للسهر معهم و اجلستهم جميعا بالاضافه الى حماتها وعمر و معهم بعض اللب و السودانى و المسليات كى يوافقوا ان تشرح لهم الدرس الذى ستشرحه غدا كعرض للمدرسين

    كان عمر فى غاية السعاده بها ، اذ ابدعت من عندها عرض شرائح على الكومبيوتر ، ( باستخدام باور بوينت ) قررت ان تبهر به لجنة الاختبار غدا

    لقد سخرت ساره كل معرفتها بالحاسب لخدمة هدفها فى الشرح و ذلك ما جعل عمر يوافق على اعارتها الحاسب المحمول الخاص به ( اللاب توب) ليساعدها فى هذا العرض

    و داعبها احمد : لو كانوا بيدرسولنا كده و احنا صغيرين ، كان زماننا دخلنا هندسه و الله

    استغرق الجميع فى الضحك لان احمد بالفعل طالب فى كلية الهندسه
    اما اسراء فاثنت عليها بشده ، و ذكرتها بايام كانت تذاكر لها وهى طفله و كيف كان لها اسلوبا لطيفا فى الشرح يثير الخيال ، و يبعد الملل
    و نامت ساره ليلتها و هى تدعو الله ان يوفقها ، و تطلب من زوجها الدعاء لها بالتوفيق
    توجهت ساره للمدرسه فى الصباح ،و جاءت لحظة الحسم ، فبعد انتظار طويل جاء دور ساره ، التى طلبت توصيل جهاز الحاسب الخاص بها بشاشة العرض بالقاعه ، و خيم على الحضور الصمت فى انتظار بدء الشرح ................

    ************

    الحلقة الثامنة عشر

    بدات ساره الشرح بصوت مرتعش ، لم تكن تدرى ان الموضوع ممكن ان يكون صعبا و محرجا بهذه الطريقه
    فخرج صوتها ضعيفا فى البدايه ، ثم ما لبثت ان لمحت استحسانا فى اعينهم فرفعت صوتها قليلا و قررت ان تنسى وجودهم و تندمج فى الشرح بكل كيانها
    و استخدمت اللوحه الوبريه و الوسائل التى معها ، و بينما هى مندمجه تماما ،اذا بصوت احد المدرسات الجالسات تسالها :

    انتى فاكره نفسك حاتقدرى كل حصه تعملى كده فى الحقيقه يعنى فى الحصص العاديه

    فردت ساره بادب : و ليه لا ، اللى اعرفه ان الطفل لما يشوف الحاجه قصاده بتدخل دماغه اكتر من مجرد انى اقول اسمها بس
    المدرسه : بس انتى حاتكونى ملخومه فى الكراسات و التصحيح و دفتر الدرجات و عدد العيال فى الفصل اللى بيوصل اربعين ، هل شايفه ان اللى بتعمليه ده حاجه براكتكال (عمليه ) فى مصر

    ساره : ايه الفرق بين مصر وغير مصر ، فصل و تلامذه و وقت الحصه هوه هوه فى اى مكان و على العموم انا هاحاول ، و ربنا يوفق ان شاء الله

    اكملت ساره الشرح و قد اغاظتها هذه السيده

    ثم اندفع وكيل المدرسه : يا مس ساره انتى صوتك واطى اوى احنا سامعين عشان ساكتين ، لكن فى الفصل لازم تعلى صوتك على صوت الولاد ، عشان يقتنعوا باللى بتقوليه

    ردت ساره و قد بدات تتضايق من المقاطعه : ماهو المفروض يا فندم يكونوا فى الفصل ساكتين برضه ، عشان اقدر اشتغل ، و علو الصوت عمره ما كان وسيلة اقناع
    و بعدين لو هما علوا صوتهم و انا عليت عليهم و كده ، حايبقى مولد مش فصل ، و عموما زى ما حضرتك قلت انا باتكلم على قد اللى قاعدين خمسة افراد لكن فى الفصل اكيد فى كلام تانى

    و اكملت ساره شرحها فانبرت مدرسه اخرى بعد قليل :

    حضرتك مديانا ظهرك و باصه للبورد ، و دى مش طريقه ، افرضى عيل مشى و ساب الفصل دلوقتى ، حاتحسى ازاى بيه لازم تحاولى تبصى للولاد و تكتبى و انتى مدياهم وشك

    ساره بنفاذ صبر : حاضر ان شاء الله احاول

    ثم سالت عن اذا ماكان تم توصيل اللاب توب الخاص بها بشاشة العرض

    فاجابتها المديره : لا مفيش داعى للكومبيوتر ، انتى مش حاتستخدميه اساسا ، احنا ما عندناش غير شاشه واحده للمؤتمرات و الضيوف بتوع المدرسه مش للطلبه ، و احنا اكتفينا من حضرتك كده يا مدام ساره و حانتصل بيكى

    شكرتهم ساره بصوت مرتعش ، و هى تحس بهزيمه داخليه بشعه ، لم تكن تتوقع كل هذا المناخ العدائى لمجرد انها ارادت التجديد ، و لم تذكر ملف يحيى و لا التحاقه بهذه المدرسه ، اذ كان يكفى ان ترى اداريي و مدرسى هذه المدرسه لتحكم على مستواها التعليمى ، و قالت لنفسها : انت حاتزعلى نفسك ليه ، دى مدرسه اى كلام ، ده حتى كان مرتبها تلتمية جنيه ، مايجيش تمن المواصلات ، الحمد لله على كل حال

    حملت ساره حقيبتها حزينه و كانت تهم بالذهاب لمنزلها ، لكن راودها خاطر مفاجىء
    قررت الذهاب للمدرسه الاولى التى كانت قد قبلت يحيى ، و سالتهم عن حاجتهم لمدرسات للمرحله الابتدائيه فاجابت الموظفه انه الان يتم اختبار عدد منهن فى القاعه المخصصه لذلك الغرض
    م تكن ساره قد قابلت مديرة المدرسه ، لكنها حين راتها قابلتها بابتسامه و كلمتها بمنتهى اللطف و طلبت منها ان تملا طلب التحاق
    ملات ساره الطلب و وجدت فيه اسئله لم ترها من قبل فى اختبار المدرسه السابقه
    كان السؤال المحورى
    Why do you want to teach ?and what's your highest ambition?

    و كانت اجابة ساره
    I would love to teach because teaching touches hearts , opens minds , and the look of appreciation and merit in my students eyes means the world for me
    my highest ambition is to become a facilitator and to make the process of learning as interesting as possible

    و طبعا كان مطلوب معرفة سنين الخبره ، فاجابت ساره انها تود و يشرفها ان تكتسب خبرتها من هذا المنشأ العريق
    اعجبت المديره بردود ساره على الاسئله و طلبت اجراء مقابله لها و عرض درس لو كانت مستعده
    و ردت ساره انها على اتم الاستعداد

    و على عكس المدرسه السابقه ، و جدت ساره المناخ مبشراً فى هذا المكان ، و لاحظت نظرات اعجاب من الجميع بما فيهم طاقم التدريس الموجود ، و اخذت بعضهن يدونن الملاحظات
    و تضاعف الاعجاب حين قامت بعرض الكومبيوتر الخاص بها ،و المحت الى ان طفل اليوم يقضى معظم وقته امام الوسائل المسموعه المرئيه سواء للتسليه او الثقافه ، فلا يجب ان يكون اسلوب تعليمه جافا و عقيما بل يجب ان يرقى الى اساليب تسليته و تثقيفه .

    لم يبد اى من الجالسين ملاحظه واحده طوال شرح ساره ، و عندما انهت كلامها ، قامت المديره بالتصفيق لها
    مما حدا بجميع الجالسين الى التصفيق اعجابا بما بذلته من جهد
    و قالت المديره : مبروك يا ساره ، انت ان شاء الله معانا خلاص ، و ممكن نمضى العقد دلوقتى

    فوجئت ساره و اندهشت من سرعة قبولهم لها و ترددت قليلا لكونها لم تبلغ عمر بعد ، ثم حسمت امرها و توكلت على الله ، و خاصة بعد ما ابلغتها المديره ان راتبها سيكون حوالى سبعمائة جنيه اى ضعف المدرسه الاولى

    دخلت ساره للموظفه المسئوله عن الحسابات قبل ان توقع العقد و سالتها على استحياء

    ساره : لو لى اطفال عايزه ادخلهم المدرسه ، ممكن اعرف ليهم خصم ولا ما لهمش

    الموظفه : طبعا ليهم خصم ، بس لازم يخوضوا الاختبارات زيهم زى غيرهم الاول

    ساره : هو يحيى ابنى عمل كل الاختبارات فعلا و قبل فى المدرسه ، و ملفه موجود عندكم بس احب اعرف نسبة الخصم

    الموظفه : بصى يا ستى ، مصاريف التسجيل حاتكون الفين جنيه بدل خمسه و ممكن تقسطيهم من مرتبك لو حبيتى ، اما المصاريف عليها خصم اربعين فى الميه ، يعنى حاتكون حوالى تلات الاف و ستمية جنيه ، و انتى كمدرسه من حقك باص المدرسه يعدى ياخدك صباحا لو حبيتى ، و يروحك كمان حست ساره ساعتها باحساس ابو تريكه لما بيجيب جون ، و لولا ان الغرفه كان بها رجالا ، لسجدت على ارض الملعب فى لحظتها

    خرجت من المدرسه الرائعه و هى فى غاية السعاده ، و عيناها لاتكفان عن الدمع من شدة سعادتها ، و قررت ان تذهب لمنزلها مشيا من شدة سعادتها و قالت تحدث نفسها :

    يار ب لو حبيت اعد نعمك على لا احصيها ، كان كل املى فى المدرسه التعبانه الاولانيه ، وفقتنى للاحسن منها ميت مره ، و بمرتب اكتر ، و فوق كده و كده ، حبة قلبى يحيى حايخش المدرسه اللى اتمنيتها ، قد ايه يار ب انت عالم بحالى و غنى عن سؤالى ، الحمد لله انى اطعتك يا عمر و ما زعقتش و لا ركبت راسى ، كان زمانى جنيت على ابنى و على نفسى
    و من يتق الله يجعل له مخرجاً و يرزقه من حيث لا يحتسب

    و بينما ساره فى تاملاتها و دعاءها ، وجدت محل صائغ قريب ، و بدون تردد ، دخلت و باعت اسوره من اساورها الذهبيه ، و اخذت مبلغا محترما ، و خرجت من عند الصائغ الى مركز طبى ملاصق له
    فوجدت سيده عجوز فقيره و معها ابنتها على موعد مع الطبيب ، و طفل مريض على كتف امه ، و بنت صغيره موضوعه على جهاز غسل الكلى ، قامت بكل ما قدرها الله عليه ، و لم يتبق معها الا ثمن بعض الحلوى و تورته صغيره اشترتها فى طريق عودتها للمنزل

    و فور وصولها

    فوجئت بمريم تجرى لاستقبالها بالمشايه و حماتها تجرى مسرعه ملهوفه ، انتى كنتى فين يا ساره يا بنتى

    احنا اتخضينا عليكى ، ما بترديش على تليفونك ليه ؟

    حملت ساره ابتنها و قبلتها وهى تعتذر لحماتها و تذكرت انها فى غمار احداث اليوم نسيت ان تفتح الجرس الخاص بمحمولها بعد انتهاء المقابله الاولى
    لذلك وجدت حوالى عشرين مكالمه من عمر فاسرعت تتصل به

    ساره : حبيبى عمر ، ابو عيالى ، مهما قلت لك مش حاتصدق

    عمر : ايه يا ساره اللى حصل انا قلقت عليكى موت

    ساره : مش حاينفع الا لما تيجى انا مستنياك

    و عندما عاد عمر كانت ساره قد غيرت ملابسها و حضرت المائده مع حماتها و اعطت كل من مريم و يحيى حماما
    دخل عمر فتعلقت ساره برقبته مسابقة ابنتها فى ذلك ، ثم اطلقت سراحه ليبدا دور مريم و يحيى
    ثم حكت ما حدث اثناء يومها على مائدة الغداء

    عمر : بس انتى ما قلتليش يا ساره انك رايحه المدرسه التانيه دى

    ساره : معلش يا عمر و الله انا كنت طالعه منهاره و خفت يحصل نفس اللى حصل ، فقلت ادارى على خيبتى لحد ما اشوف حانرسى على ايه

    عمر : خيبتك ، مين دى اللى خايبه ، ده انتى ست الستات ، انا مش مصدق ان يحيى حايخش المدرسه اللى كان نفسك فيها من البدايه ، انت عارفه يا ساره انا بجد حاسس ان بينك و بين ربنا عمار

    ساره : عمرى ما دعيته و ظنى خاب ابداً الحمد لله

    قالت حماتها و قد اغاظها اطراء عمر لساره :
    ايه ده ، يعنى موضوع الشغل ده بجد ؟ ده انا قلت نسيبك كده تجربى حظك ده احنا لما صدقنا بطلتى شغل الكومبيوتر ده و تلتفتى لبيتك و جوزك ، انت فاكره انى صحتى حاتستحمل ده كله ، لا انسوا ، و بعدين مريم بنتك بقت متعبه و بتغلبنى و انا ما قدرش اشيل مسئوليتها لوحدى ابدا ، و بعدين فرضا و احده من بناتى حبت انى اروح ازورها ، ارد اقول ايه يعنى ؟ معلش اصلى قاعده بمريم عشان ساره هانم فى الشغل ؟
    و حايدوكى كام يعنى يا ست ساره فى الشغل ده ؟

    ردن ساره و قد صدمت من رد فعل حماتها :
    مش حكاية فلوس يا ماما ، اولا دى اكتر مهنه انسانيه و ليها اجر كبير عند الله ، ثانيا الخصم اللى حايتعمل ليحيى فى المصاريف و التبرع ، و غير انى حاقدر اودى عمر كل يوم بباص المدرسه و ارجعه تانى ، يعنى توفير من كل ناحيه ، و المرتب مش وحش برضه ، ده حوالى سبعميت جنيه

    ام عمر : سبعميه جنيه ، و لا اكتر انا ماليش دعوه ، اعملى حسابك انى مش شغاله فى البيت هنا ، و انى ممكن فى لحظه تلاقينى سافرت لبنت من البنات سواء دينا فى الخليج او حتى داليا فى امريكا عشان هى كمان عماله تتحايل على من فتره
    ، يعنى ما ترتبوش حياتكم على اساس وجودى معاكم .....

    ************
    الحلقة التاسعة عشر والأخيرة





    فكرت ساره :اه يا خالتى ام عمر ، عايزه تحدفى كرسى فى الكلوب ، ماشى ، و انت يا عمورتى حبيب ماما عمرك ما حاتتكلم طبعا ، و لو اتكلمت حاتدافع عن منطق مامتك
    الحمد لله انى علمت حسابى على اللحظه دى ، و اخذت ساره نفسا عميقا ثم قالت بهدوء

    ساره : لا يا طنط ، ما عاش و لا كان اللى يقول على حضرتك شغاله ، ده حضرتك تقعدى و احنا كلنا خدامينك ، انا اصلا من الحاجات اللى خلتنى افرح اكتر بالمدرسه دى ، ان فيها داى كير لابناء المدرسات ، و اللى عندها طفل لسه تحت التلات سنوات ممكن تسيبه فيها مجاناعشان كده عملت حسابى قلت لو حضرتك مضايقه من مريم اخدها معايا الصبح وانا نازله ، و بين الحصص ممكن اروح اشوفها ، و تكون برضه تحت عينى .


    احس عمر ان ساره انتشلته من بئر بلا قرار و قال بمرح :

    طيب الحمد لله يا ماما اهوه ، و حضرتك تقضى وقتك فى قراءة القرأن او تعملى اللى بتحبيه ، بس عشان خاطرى ما تسافريش و تسيبينى ، و الله ده ساره بتحبك زى مادينا و داليا بيحبوكى واكتر ، غير ان بيوت اخواتى مهما كانت بيوت رجاله أغراب ، لكن ده بيتك و مكانك .

    و
    كأن ساره قد اطفات النار قبل اندلاعها ، صمتت والدة عمر و لم تعقب بكلمه واحده

    و فى الايام التاليه قررت ساره ان تدرب نفسها على عمل اطعمة اليوم التالى ووضعها فى الفريزر ، و على الاستيقاظ مبكرا و تنظيف المنزل و الاطفال نيام قبل ميعاد المدرسه ، و كلما امعنت فى الاهتمام بالمنزل و الطعام ، تجد حماتها اصابتها الغيره و حاولت مساعدتها ، و مد يد العون لها ، بالرغم من عدم طلب ساره لاى مساعده و لو صغيره منها .

    و كانت قد بدات التدريب فى المدرسه بالفعل ، حيث وفرت تلك المدرسه دوره تدريبيه للمدرسات الجدد ، قبل بداية العام الدراسى ، و احست ساره انها اختصرت خطوات كثيره ، و تعلمت اشياء لم تكن تحلم بها خلال تلك الدوره .

    ثم فوجئت ساره بمعاملة حماتها تلين معها و تتحسن تحسنا كبيرا اذ بعد ان انتفت عن ساره شبهة استغلال حماتها اصبحت ام عمر تسعى بنفسها لمساعده ساره و الاخذ بيدها
    و قالت لها بعد ان لمست تعبها البالغ كل يوم فى العمل و اخذها الطفلان معها الى الداى كير لان الدراسه الفعليه كانت لم تبدأ بعد

    ام عمر : بصى يا ساره با بنتى ، انت بتتعبى اوى كل يوم فى المدرسه و انا راييى تبقى تسيبى مريم معايا ، اهى تسلينى ، ده انا مش بلاقى حاجه اعملها الصبح ، و بتوحشنى اوى ، كمان الطبيخ مش لازم تشيلى همه كله لوحدك ، انا طول عمرى احب المطبخ و مش باتعب من عمايل الاكل ابدا ، يعنى مثلا سيبيلى المحشى انا الفه و انا قاعده قدام التلفزيون ، اقطع الخضار ، كده يعنى الحاجات دى .

    قامت ساره و احتضنتها بحب قائله : ربنا يخليى لينايا ماما ، انا و الله حاعمل اللى ربنا يقدرنى عليه عشان ما تتعبيش نفسك ، بس تصدقى انا اكتشفت حاجه فى الايام اللى فاتت دى ، اكتشفت ان النشاط بيجيب نشاط ، و الكسل بيجيب كسل ، لما كنت قاعده فى البيت ما كنتش متخيله انى هارجع تانى اصحى بدرى و اروح شغل ، لكن لما حصل فعلا ، لقيت نفسى عادى ، مش تعبانه ، بالعكس ، بحس انى نشيطه و سعيده انى اخر اليوم بكون انجزت حاجه ، بدل النوم لحد متاخر و الكسل اللى مالوش فايده ده

    ام عمر : على ايامنا ما كانش مسموح لنا بالشغل ، حتى الست اللى تشتغل دى بتكون عيبه فى حق جوزها ، رغم انى معايا ليسانس ، لكن ابو عمر الله يرحمه عمره ما سمحلى اشتغل ، بس دينا و داليا بناتى الاتنين بيشتغلوا والله و بيقولوا زيك كده النشاط بيجيب نشاط

    اما عمر ، فكان يرقبها فى سعيدا بكل ما تحققه ، سعادته بانجازاته الشخصيه ، انه فى بعض الاحيان يحس انها طفلته ، رغم ان فارق السن ليس كبيرا بينهما ، الا انه يشعر ان اجزاء كبيره من شخصيه و كيان ساره تكون على يديه ، كما تكونت ايضا اجزاء من كيانه على يديها ، و اصبحت الحياه بينهما اكثر استقرارا و نعومه ، و هذا لا يحدث الا للقليل من الازواج الذين يسبغ الله عليهم من ضمن نعمه الكثيره ، نعمة التفاهم و التعاون على اسعاد بعضهما البعض
    فكم من بيوت غلفت ابوابها ، و ظاهرها السعاده ، لكن نقص التفاهم و الحب ، يجعلان من المال و البنون و كل مظاهر الحياه السعيده ، مجرد مظاهر جوفاء لا تحوى داخلها سكناً و لا مودة و لا رحمه بالرغم من كونها الهدف الاساسى من الزواج.

    و قبل بدء الدراسه بايام دخل عمر المنزل عصراً ، ليجد مريم تجرى عليه بالمشايه و واضح على شعرها المبتل انها خرجت لتوها من الحمام ، و يحي ، لا زال يرتدى ملابسه بعد ان انتهى من حمامه ، ثم خرجت ساره لاستقباله قائله : ا
    ازيك يا حبيبى ، احضر الغداء

    عمر : اغير هدومى و اصلى ، لحد ما تحضريه براحتك

    ثم دخل غرفته ليغير ملابسه و بعد فروغه من صلاته ، فوجىء بيحيى يقف و يطرق بابا غرفته

    يحيى : ممكن ادخل يا بابا

    عمر : اتفضل يا حبيبى ما دخلتش ليه من بدرى

    يحيى : ماما قالت لازم خبط اول بعدين ادخل الاوضه

    عمر : ماما دى جميله

    يحيى : اه ماما جميله انا باحبها اوى ، عارف يا بابا ، ماما قالت خلاص حاروح المدرسه الحقيقيه يوم الاحد الجاى

    عمر : ان شاء الله

    يحيى باصرار طفولى : لا و الله حاروح ماما قالت

    عمر : بس لازم برضه نقول ان شاء الله ، عشان ربنا لو مش عايزك تروح ممكن اى حاجه تحصل و ما تروحش ، حاجه بسيطه اوى ، مثلا المنبه ما يضربش ، الباص ما يجيش ، كلمة ان شاء الله و باذن الله دى لازم تقولها يا يحيى عشان ربنا يحبك و يعرف انك مستنى اذنه ، مش انت استاذنت و انت على الباب ، مع انك عارف انى حادخلك؟ ؟

    رد يحيى وقد بدا انه فهم : خلاص يا بابا ان شاء الله اروح المدرسه يوم الاحد ، صح كده ؟

    قبله عمر و هو يدعو له ان يكون من الهادين المهتدين بامر الله
    و جاءت مريم و دخلت مثل الطلقه على مشايتها و هى تبتسم ابتسامه عذبه ، و تمد ذراعيها الصغيرين لاباها كي يحملها ، مما جعل قلب عمر يذوب حنانا ليحملها عاليا و يقبلها

    يحيى : بابا ، مريم مش استاذنت و لا خبطت

    عمر : هى لسه صغيره يا حبيبى لما تكبر زيك تتعلم منك عشان انت شاطر ، يعنى انا مش حاقول كل الكلام ده تانى ، هى حاتشوف يحيى جميل و بيعمل حاجات جميله ، تروح عامله زيه على طول


    الى هنا و نادت ساره على يحيى ليبلغ اباه ان الغداء جاهز

    جاء يحيى مره اخرى و قال : بابا ، انشاء الله الغدا جاهز ع السفره

    ضحك عمر من قلبه و هو يجد يحيى يطبق تعليماته بحذافيرها
    كما انه انتشى بتحسن العلاقه بين امه و بين ساره بعد ان كانت تنذر بهبوب عواصف ، و حمد الله كثيرا على هذه الزوجه الصالحه
    انه منذ بدأت العمل لم يلمح تقصيراً لا فى المنزل ولا فى الاولاد
    بل بالعكس اصبح للاولاد مواعيد ثابته للنوم و الاستيقاظ بعد ان كانوا يسهرون للفجر و ينامون للضحى
    حتى ميعاد حمامهم اليومى اصبح منضبطاً كالساعه
    و جاء اليوم المرتقب ، و كان عمر قد استعد لذلك اليوم باحضار كاميرا فيديو من احد اصدقائه ، ليسجل لحظات دخول يحيى المدرسه للمره الاولى
    لم يكن يحيى هائبا للموقف لكونه جرب الذهاب مع امه للداى كير الخاص للمدرسه قبل ذلك
    لكنه كان لاول مره يرتدى اليونيفورم ، و يحمل الحقيبه التى امتلات بادوات سبايدر مان
    مقلمه و استيكه و برايه ، كانت عينا عمر نفسه تلمع بفرحه طفوليه كلما راى سعادة ابنه بهذه الاشياء
    و يعود و يتذكر ايام كان طفلا ، و كانت هذه الاشياء الصغيره تتسبب فى سعادته القصوى ، و تامل فى حال الدنيا
    و كيف انه كلما كبر الانسان ، ذابت المتع الصغيره ،و راحت الدهشه و البراءه الجميله حتى الاشياء الكبيره لا تسعده نفس تلك السعاده الصافيه التى نعم بها ايام كان طفلاً غريراً مطمئناً للدنيا فى كنف ابويه
    فى اول يوم ليحيى فى المدرسه احس عمر ان فصلا جديدا من حياته ا الزوجيه على وشك ان يبدأ
    لذلك اصر على تصوير بداية هذا الفصل ، لتبقى ليحى دليلا على جمال الذكريات و براءتها .
    و اصرت ام عمر فى ذلك اليوم على الا تذهب مريم مع والدتها
    كى يتفرغ كل من عمر و ساره ليحيى و للاهتمام به
    و فى المدرسه ، كان المنظر يستحق التصوير
    عشرات الاطفال فى سن يحيى ، يخطون اولى خطواتهم فى الحياه العريضه ، وحدهم ، و لاول مره ، دون الاعتماد على اهلهم
    كان عمر ينظر بعينيه لكن يرى بقلبه ، يرى هؤلاء الاطفال ، و قد اصبحوا شابات و شبان كبار ، يبدأون وضع لبنه جديده فى مجمتع واعد ، دعا الله ان تكون ايامهم خيراً من ايام اباءهم و اسعد

    و انطلقت المدرسات فى همه ، تنظمن الصفوف و ترشدن كل ولى امر الى مكان طابور ابنه ، و مكان فصله ايضا

    فقد كان مسموحاً فى اليوم الاول لاولياء الامور بالتواجد مع اطفالهم حتى يألفون المكان

    و انطلق بعد التلاميذ يضحك و مرح ، و اصاب بعضهم الاخر الذهول ، و قليل منهم انخرط فى البكاء متشبثاً بوالديه

    و عندما تجول عمر فى المدرسه ، احس ان تعبه و تعب ساره لن يضيع هباء باذن الله ، ليس فقط من جمال الافنيه و نظافة الفصول

    بل من الاهتمام المرتسم على وجه كل مدرسه ، و هى تحس ان مهمتها فى كى جى وان ، لا تقل بل من الممكن ان تزيد اهميه عن مهمة دكتو ر الجامعه

    و هى بالفعل لا تقل

    بل تزيد

    لان كيان الطفل و مستقبله ، يتم تشكيله فى سنى عمره الاولى

    التى يكون فيها عقله مثل فيلم الكاميرا ، قابلا للالتقاط و التخزين باقصى سرعه ممكنه

    اللهم اهد ابناءنا و انشئهم على الايمان

    و ابتسمت ساره و هى تراقب فرحة عمر بيحيى ، و هى ترى ثمرة قلبها يقف فى الصف
    و يحيى العلم
    و يردد --------- تحيا جمهورية مصر العربيه
    "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" صدق الله العظيم

  6. #6
    مراقب عام المنتدى
    عضو مجلس الإدارة
    الصورة الرمزية mr.osama
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    الزقازيق
    العمر
    55
    المشاركات
    6,666
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    معدل تقييم المستوى
    7217

    افتراضي رد: للقراءة فقط .. يوميات عمر وسارة

    الفصــــل الثالث
    من يوميات بابا عمر وماما ساره

    الحلقه الاولى

    فكرت ساره : الحمد لله مر اول يوم فى الدراسه على خير ، احسن مما كنت اتوقع ، كان الاطفال فى غاية الهدوء و قد كنت اتخيل اول يوم دراسى ملىء بالبكاء و الصراخ ، لكن اعتيادهم على المدرسه من سنين من البدايه م متعه لهم و للمدرسين ايضاً ، المشكله كانت فى الاستاذ يحيى ، كل خمس دقائق يترك فصله و ياتى ليطرق باب فصلى لسبب ما
    مره عايز استيكه يا ماما ، مش عارفه استيكه ايه دى و هو لسه ما كتبش حاجه
    و مره عايز ياكل ............... ما الساندوتش معاك يا ابنى
    و مره عايز يروح التواليت و ساعتها بصلى زى ما يكون بيقول اتصرفى فى دى يافالحه بقه
    و كانت مدرسته طيبه جدا و بتسيبه ييجى عشان ما يعيطش و ما يزرجنش منها من اولها
    ربنا يهديه
    انما كل ده كوم و اللى حصل تانى يوم و احنا بنصحيه كوم تانى

    عمر : ياللا يا يحيى يا حبيى عشان تروح المدرسه

    انتفض يحيى جالسا على السرير : مدرسة ايه ؟

    عمر : مدرستك يا حبيبى انت نسيت ولا ايه

    يحيى : حضرتك اللى نسيت يا بابا ، ما رحت خلاص

    لم يدر عمر و لا انا ماذا نفعل لكى نكتم الضحك الممزوج بالغضب

    ساره : نعم يا خويا ، ما رحت ؟ انت فاكر ايه ، المدرسه دى طول السنه ، سنة ايه ، طول العمر يا حبيبى الله يهديك اصحى بقه

    يحيى : عاااااااااااااااااا لاااه انا عايز انااام ، مش عايز اروح كل يوووم

    و كان ذلك ايذانا ببداية المتاعب اليوميه التى استمرت فيما بعد و كل يوم حجه شكل

    عمر : قوم يا يحيى يا حبيب بابا عشان تروح المدرسه

    يحيى : مش حاروح النهارده يا بابا

    عمر : ليه يا ابنى

    يحيى : عشان فى رحله و انا مش عايز اروح رحله انا

    و طبعا لم يغير ذلك من الواقع شيئاً وقام يحيى لمدرسته
    و فى اليوم التالى

    يحيى : مش حاروح النهارده عشان فى حفله و انا ما باحبش حفله

    و كالعاده قام يحيى و راح المدرسه زى الجدع
    و اخيرا

    يحيى : مش حاروح النهارده عشان فى اذاعه

    الى هنا و جن جنون عمر : يا ابنى الاذاعه دى كل يوم ، الرحمه بقه ، انا دافع دم قلبى فى المدرسه دى عشان كل يوم تطلع لى بحجه شكل

    و استمر يحي حتى عرف فى لحظة سحريه انه لا فائده ، و يأس تماماً و لم يعد يأتى باى نوع من الحجج مره اخرى ، بل اصبح يقوم من نومه بلا مشاكل غالباً فيما عدا بعض العكننه التى اختفت تدريجيا بعدما اعتاد النوم مبكراً و الاستيقاظ مبكراً

    فكر عمر :الحمد لله اخيراً يحيى ربنا هداه و اقتنع بكل ما يقتنع به الاطفال بعد زمن طال او قصر
    انه لا بد و لا مفر و لا مناص و لا محيص و لا مندوحه على راى استاذ سيد بتاع العربى من انه يروح المدرسه كل يوم
    لكن بعد ما كان حايجيبلى العصبى ، خاصة ان ساره كانت ساعات تضطر تنزل بدرى شويه و تسيبنى اعيش حياتى معاه لحد ما يلبس و ينزل
    و كله كوم و السكرتيره بتاعته كوم تانى
    الست مريم
    كل يوم تكرر نفس السيناريو
    تصحى يوميا مع يحيى و تجيبله الجزمه و الشراب و تساعده فى وضع الساندوتش فى الحقيبه و هى واثقه تمام الثقه انها ستنزل معه الى المدرسه ، و كانت دائما ما ترتدى ملابس تعتقد لسبب ما انها مناسبه ، فردة شراب مامتها على تى شيرت عمر على طرحة ماما ، اكيد واثقه و الا فلماذا تبكى هذه البكاء الهيستيرى حين ينزل و يتركها و تظل تردد ملثه ملثه ملثه
    يا عينى عليك يا عمر ، بكره هى رخره تدخل المدرسه بعد ما تطلع عينيك و بعدين تقولك تانى يوم ما رحت خلاص
    لكن الحمد لله ماما بتقول انها بعد شويه بتهدا و تنام تانى و بتكون ملاك و احنا مش فى البيت ، و عمرها ما بتضايقها فى حاجه خالص
    لكن ساره تزداد انشغالاً كل يوم ، و تزداد بعداً عنى
    يعنى مش لاقى مراتى اللى كانت بتنتظرنى بشوق كل يوم عشان اعطف عليها و اكلمها كلمتين ، خلاص بقيت انا اللى بحاول اشحت منها الكلام
    سبحانه من له الدوام ، و ما كانش عاجبنى زمان و كنت باتبطر
    لكن فعلاً بدات احس باختلاف فى شخصيتها ، اصبحت اكثر انفتاحاً و مناقشاتنا اصبح لها طعم اخر ، مجرد نزولها كل يوم ، جعلها تكتسب خبرات جديده لم تكن موجوده من قبل
    غير حاجه تانيه بقه ، الاستقلال المادى التام ، و لاول مره منذ زمن طويل ، احس انها استغنت عنى تماما ، لا تطلب حتى اقل القليل ، و اللى انا مستغربه رغم ان مرتبها مش ضخم اوى ، هى اناقتها الغريبه اليوميه ، نزلت اشترت مجموعة ملابس و اصبحت كل يوم اشوفها اشيك من اللى قبله ، ازاى ما اعرفش ، و ما سالتش ، هو انا ناسى حكاية الشنطه ، يا عم عمر كل عيش و اسكت

    ساره:ما كنتش فاكره الشغل لذيذ اوى كده ، حقيقى كل يوم باحس انى باحب الشغله دى اكتر ، لما اتامل كل طفله و طفل فى الفصل باحس زى ما يكون شايفه ماماته و باباه و حتى بيتهم باحس انى ممكن اكون دخلته ، حقيقى الام الشاطره بيظهر ده على اظافر و شعر و ملابس طفلها ، خاصةً انى بادرس للمرحله الابتدائيه ، يعنى الطفل لا يملك من امره الا ما تفعله له امه
    و احلى لحظه فى اليوم هى لحظة دخولى الفصل و تجمع الاطفال حولى ، كل واحد فيهم يرينى شيئاً
    شفتى الاستيكر يا ميس
    انا جلدت الكراسه احمر يا ميس
    ايه راى حضرتك فى توكتى الجديده يا ميس
    كم من البراءه و النقاء يندر تواجده فى مكان واحد فى هذا العالم المادى ، و لكى اعيد للفصل نظامه ، احضرت صفاره صغيره ، حين اصفر فيها بصوت منخفض مره واحده قصيره ، يعود الجميع الى قواعدهم ، كنت قد قررت الا اجعل صوتى يعلو او انهرهم خاصة فى اول الحصه ، لذلك ابتكرت موضوع الصفاره الصغيره التى تعلم الاطفال حين يسمعونها ان يعودوا كل الى مكانه
    قبل ذلك الاختراع كنت اعود انا يوميا بصوت مبحوح و امضى باقى اليوم فى شرب الينسون استعداداً لجولة اليوم التالى
    شىئ اخراكتشفته فى المدرسات زميلاتى
    ماسورة جمعيات و انفجرت فى المدرسه ، جمعيات يوميه و اسبوعيه و شهريه و حاسه ان فاضل نعمل جمعيه بالساعه ، و نظراَ لانى جديده فى المدرسه ، عملولى هديه ، انى اقبض الاول ، و كنت محتاجه الموضوع ده جدا
    الست لما بتقعد سنين فى البيت ، مش حاقول بتهمل مظهرها ، لكن هى لا تحتاج للظهور اليومى ، لذلك كنت اكتفى بطقمين تلاته و كانوا مغرقين الدنيا لقلة خروجى ، لكن لما اكون مضطره للنزول كل يوم ، مش هالاحق على الموضوع خالص
    بالاضافه الى انى فى خلال الاسبوع صعب اغسل و اكوى ، عشان كده لازم يكون عندى خمسة اطقم جاهزه لخمسة ايام على الاقل ، و نهاية الاسبوع باخصصها للغسل و الكى
    و اى ست عارفه يعنى ايه طقم تشتريه محجبه ، يعنى البلوزه و الجيب و الجاكيت و الكارينا عشان رقبتها ما تظهرش و الايشارب و احيانا اتنين ملفوفين مع بعض و الباندانات حتى لا ينزلق الايشارب فيظهر شعرى اثناء العمل ، غير الحذاء و الحقيبه ، و الشرابات اللى الست مريم غاويه تلبسهم فى دماغها زى الحراميه غير انهم اصلا كلينكس بيستعملوا مره واحده ، هم ما يتلم
    و انا مش عايزه من اولها اطلب من عمر فلوس و ارهقه ، عشان كده اخدت فلوس الجمعيات و قررت اعمل اسلوب كنت باتبعه زمان فى الجامعه ، و هو انى دايما يكون عندى اتنين او تلاته جيب بالوان محايده مثل الاسود او الجينز او البنى ساده
    و كذلك واحده بالوان مشكله ، و بعدين بلوزات ساده و اخرى منقوشه و بتطبيق اساليب التباديل و التوافيق و تغيير الوان الايشاربات كنت احصل على طقم جديد كل يوم لمدة عشر ايام
    المهم الذوق و ليس العدد ، خاصة ان الموضات الجديده اتاحت البنى مع الوردى او مع اللبنى ، و كنت اختار احذيتى غالباً بكعب متوسط او منخفض ، بعد ما قاسيت من الكعب العالى الذى جربته يوماً ، اما الحقائب ، فقد اكتشفت بعد التجربه ، انه لا جدوى لتغيير الحقائب يومياً ، كل يوم انسى حاجه لما انقل من شنطه لشنطه ، لذلك اكتفيت بانى جبت شنطه كبيره محترمه لونها بنى فى اسود ، تمشى مع جميع الملابس ، و قد ايه كنت بافرح كل يوم و انا باشوف الاعجاب فى عينين عمر باناقتى و احتشامى فى ذات الوقت ، اكيد هو فى غاية السعاده بزوجته المدبره .

    عمر: مر اسبوعان على بدء الدراسه ، و كل يوم ارى ساره تزداد جمالاً و اناقه و تالق بالرغم من انشغالها معظم النهار ، لكنها ايضاً تزداد بعداً عنى ، و زاد على ذلك حل واجبات المدرسه ليحيى الذى يستغرق وقتا طويلا فى المحايله ، كذلك مريم التى تكون فى عز احتياجها لحنان ساره بعد غيابها عنها معظم اليوم ، لذلك لا تنزل من على كتفها تقريباً و تظل ملتصقه بها معظم الوقت ، الغريب ان مريم عادت للنوم بجانبنا بعد ان كانت استقلت فى غرفتها مع يحيى ، ربنا يستر
    رمضان الاسبوع الجاى ان شاء الله ، و كل سنه حايتقدم ، يعنى سنة الفين و تمانيه ان شاء الله حايكون قبل الدراسه و فى عز الصيف كمان ، و زادت الطلبات جداً ، و الله رحت السوبرماركت ســألت نفسى ، هل رمضان شهر الصوم ام شهر الاكل ؟
    كمية البشر المتوافده على السوبر ماركت و كم الطلب على البضاعه بصرف النظر عن الغلاء ، حاجه تجنن ، و كمان السنه دى رمضان جه بعد الدراسه ما بدات بوقت قليل ، فللاسف كان لسه تكاليف بداية المدارس ، و مع ذلك لم يثن ذلك الشعب المصرى الاصيل عن الانهيار المفاجىء على بضائع رمضان
    انت بتقول ايه يا عمر ما انت كمان داخل تشترى اهوه
    لا و الله ، انا هبدأ بنفسى الأول ، و ادى القايمه الطويله العريضه اللى كتبتها ماما و الست ساره
    و قطع عمر القائمه و دخل بخطى ثابته للسوبرماركت ليشترى بضائع الشهر التى اعتادها و لم يلق بالا للمكسرات و لا الياميش ، لقد قرر ذلك و سيتحمل العواقب مهما كانت
    و دخل الاسد الهمام المنزل بدون طلبات رمضان ، فقط العادى من الزيت و السكر و الارز و شنطه صغيره احضرها من العطار
    دخلت امه و ساره الى المطبخ بفرحه لفتح الاكياس و بعد برهه
    لاول مره يراهما عمر متحدتان لدرجة انهما فى صوت واحد صرختا فيه : ايه ده بقه ان شاء الله ، فين طلبات رمضان ؟؟؟؟؟؟؟

    عمر : هو رمضان طلب ايه ، فكرونى كده

    ساره : ايه يا عمر كل سنه و انت طيب ، رمضان بيحتاج شوية مكسرات على شوية ياميش يعنى ، قمر الدين ، تين ، فزدق

    عمر : انا مش مقتنع يا ساره بكل الحاجات دى ، انا عديت على العطار و فى كيس حتلاقى فيه عرقسوس و تمر هندى و كركديه ، و جبت لك لفتين قمر الدين ، لكن المكسرات دى غاليه جدا و انتو طالبين ميت نوع ، حددوا نفسكم كده و انا اجيب ، لكن احنا لسه طالعين من خنقة دخول المدارس و عايز اجيب الضرورى بس

    الام : خلاص يا ابنى انا حاجيب الحاجات دى على حسابى ، يا عيب الشوم ، ازاى يعنى نقعد ساعة الفطار من غير خشاف و مهلبية قمر الدين و قطايف و كنافه

    عمر : يا ماما فلوسك و فلوسى واحد ، انا ما قصدش ، انا اقصد ان حرام نحط كل الاصناف دى على السفره فى يوم واحد بدل ما نخلص الفلوس على الحلويات و التخن ، نكتفى بصنف واحد من الحاجات دى كل يوم ، يعنى مره خشاف ، مره قطايف ، و اللى حايتوفر مش حاشيله فى جيبى ، احنا بس حانفطر عيله صغيره فقيره معانا كل يوم ، ان شالله نعملهم فرخه و شوية رز ، احسن من الفلوس اللى بتروح فى الفاضى دى

    الام : يا حبيبى ما نعمل ده و ده ، احنا فى شهر الخير و من افطر صائماً فله مثل اجره ، لكن دى عاده

    عمر : ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين ، انا عمرى ما افتكر اننا خلصنا صينية كنافه مثلاً ، عشان كده بس نعمل جدول على قدنا كده و نشوف لو عملنا كل يوم صنف حانحتاج قد ايه من كل نوع ، فيها حاجه دى ؟

    ساره : لا يا عمر ، عندك حق ، انا حاعمل المقايسه دى و اقولك بالضبط و كلامك صح ، ساعة الفطار الواحد بياكل لقمه و يحس بالتخمه و يقوم ، مش عيب اننا نعترف بغلطتنا يا طنط

    احس عمر بالانتصار و قامت ساره لاعداد القائمه التموينيه الجديده دون تبذير او اسراف ، بينما ظلت الام تمصمص شفتيها و تترحم على والد عمر زين الرجال اللى كان مغرقها فى الياميش و لسان حال عمر يقول ، ده كان ايام الرخص يا امى
    و فى ليلة الرؤيه و بعد ان تاكد ان رمضان غداً ، ابتهج الاطفال ، و وضع عمر فانوساً كبيراً فى البلكونه و اناره بلمبه كهربائيه كان قد اشتراه من خان الخليلى و فرح به يحيى و استغنى عن الفوانيس المزعجه التى تغنى و ترقص و فرح جدا بهذا الفانوس الكبير الذى يفوق حجمه كل الفوانيس التى اشتراها فى حياته و التى قامت ساره باخراجها من الخزنه بداخل سريره و تركيب بطاريات لها فعادت كالجديده
    و جلست الاسره الصغيره الى المائده ساعة السحور و النوم فى عينى يحيى يذكر عمر بنفسه و هو طفل ، و يتامل مريم و قد قامت معهم حين سمعتهم ، و الكل يتناول سحوره ، ياه ، تلك اللحظات لا ينساها ابداً ، و تذكر والده و ترحم عليه ، حين كان يجبرهم على السحور برغم تبرمهم جميعاً و رغبتهم الشديده فى العوده للنوم ، لكن والده كان يصر على السحور حتى يفيق الابناء و يستطيعون اداء صلاة الفجر
    و صلى اهل البيت الفجر جماعه ، امهم فيها عمر ، و حتى يحيى توضـأ للصلاه بعد ان قرر ان يصوم لاول مره فى حياته ، لكن الى منتصف اليوم فقط كتدريب له
    و فى المدرسه دخلت ساره الفصل لتفاجـأ باحدى التلميذات تسألها :

    حاتتفرجى على مسلسل يسرا يا ميس ، ولا مسلسل حنان ترك ، ده حاييجى على دبي ساعة الفطار ، ده اسمه على اسم حضرتك ، اسمه ساره

    التفتت ساره للطفله و طلبت اليهم كلهم الجلوس و الاستماع اليها و سالتهم

    ساره : كل سنه و انتم طيبين يا حبايبى ، هو رمضان بييجى كام مره فى السنه

    رد الاطفال : مره واحده يا ميس

    ساره : و الحاجه اللى بتيجى مره واحده دى لازم نستفيد منها ولا ما نستفيدش ؟

    ردت احدى التلميذات : ما احنا بنستفيد يا ميس ، ده احلى شهر فى السنه ، بييجى فيه بكار و ظاظا ، و انا بحب كمان تامر و شوقيه

    ساره : طيب ما المسلسلات دى طول السنه مش زى رمضان اللى بييجى مره واحده

    ردت الطفله : بس عمرهم ما بييجو فى وقت واحد كده بييجو متفرقين

    ساره : طيب يا حبايبى هما بييجو تانى لكن رمضان لو راح من غير ما نستفيد منه مش حايرجع تانى ،و المطلوب منا فى رمضان مش الفرجه ع التلفزيون ، لا ، مطلوب نعبد ربنا اكتر و نقرب منه اكتر

    قام طفل من مكانه و قال : بس انا مش عارف يا ميس ليه بيختاروا شهر رمضان بالذات و يعملوا فيه المسلسلات دى ، ده ظلم و الله ، ما يختاروا شهر تانى

    ردت ساره باسمه : تصدق يا شادى انا بسال نفسى السؤال ده كتير اوى ، اشمعنى فى رمضان ، ما يعملوا الكلام ده فى فبراير مثلا ، يعنى فوازير فبراير و مسلسلات فبراير و كده ليه دايماً رمضان ؟ و بعدين اكتشفت ليه

    ضحك شادى و باقى الاطفال و سالوا : ليه يا ميس

    ساره : عشان ده اختبار اكبر للمسلمين ، يمكن ربنا ساب المسلسلات تزيد كده عشان يشوف مين فينا اللى ايمانه اقوى ، و اللى يقدر على انه يتحكم فى نفسه و يسيب كل ده و يحب ربنا اكتر منه ، انا مش باقول ما تتفرجوش خالص ، لا طبعاً ، بس كل واحد ينقى حاجه او حاجتين بيحبهم و يتابعهم كل يوم ، و حتى نقول لماما و بابا كده عشان يساعدونا ، و نحاول نقعد مع عيلتنا و نتكلم عن الدين و عن ربنا سبحانه و تعالى و نصلى ، و نقرأ القران و ممكن نروح مع ماما او بابا صلاة التراويح فى الجامع
    انا حاعملكم مسابقه النهارده

    و اخرجت ساره لوحه كبيره عكفت اياماً عليها تحتوى على اسم كل طالب و امامه ثلاثون خانه فارغه على شكل جدول كبير

    و قالت : كل واحد فيكم شايف اسمه ، حنحاول نقرا قران كلنا على قد ما نقدر ، و كل ما نخلص جزء ، نعلم علامه عليه قدام الاسم ، و نشوف مين فينا قدر يكسب و يختم القران كله الاول ، ايه رايكم ، و دى ممكن نعملها كل شهر مش بس فى رمضان ، انتم معظمكم صايمين و فى البريك مش حاتاكلوا ، ممكن نبدا من النهارده ، خلال البريك حانقعد فى الفصل عشان الحر و كل واحد معاه مصحف و نقرا على قد ما نقدر و نكمل فى البيت ، و بكره كل واحد فيكم يجيب معاه مصحف خاص به من اللى فيه علامه بداخله عشان كل واحد يعرف هو قرا لحد فين

    هلل التلاميذ فرحين ، و قرروا ان يبدأوا من اليوم ، و فى اثناء رحلة العوده من المدرسه ، كان حديث الطلبه مع بعضهم فى الباص عن المسلسلات ، لكن تلاميذ فصول ساره كانوا منشغلين اكثر بالمسابقه و بالوقت المناسب لقراءة القران بحيث يتسلون اثناء الصيام فتمر ساعاته بسرعه
    فى ذلك اليوم احست ساره انها ليست مجرد معلمه ، احست انها صاحبة رساله ، و ان الله تعالى سيظل معها و سيجازيها خيراً عما صنعت ، صحيح انها ليست مدرسة تربيه دينيه ، لكن الدين ليس مجرد جزء من منهج تعليمى بل هو اسلوب حياه
    و خرجت ساره مع العائله للافطار عند والدتها فى ذلك اليوم ، و وصلوا مبكراً للمساعده فى تحضير الطعام
    رن جرس الهاتف قبل الافطار بقليل

    ردت ام ساره : ايوه يا اسراء يا حبيبتى كل سنه و انت طيبه
    ثم بدات فى البكاء كالعاده

    اخذت منها ساره السماعه : ايوه يا اسراء كان نفسنا تكونى معانا يا حبيبتى
    ثم لاحظت ساره اختناق صوت شقيقتها بطريقة غريبه فقالت : مالك يا اسراء انت عيانه

    اسراء : لا يا ساره انا مخنوقه و تعبانه اوى ، انا عاوزه انزل مصر يا ساره

    ساره : ده انت لسه ماشيه ما كملتيش شهرين يا حبيبتى

    اسراء: انا عايزه اجى اولد فى مصر ، ما حدش هنا يخدمنى ولا ياخد باله منى

    ساره : طيب يا حبيبتى انت فين و الولاده فين ده لسه كام شهر

    اسراء : ماهو حازم رافض المبدا من اساسه يا ساره ، عاوزنى افضل هنا عشان ما اخدش اجازه من الشغل الا على قد الوضع بس ، لكن لو سافرت من قبلها حاضطر انى اسيب الشغل و ده طبعا مستحيل بالنسبه له عشان خطته و جدوله الزمنى ، وانا تعبانه اوى يا ساره ، عاوزاكم جنبى ، انا كارهه الغربه ، كل حاجه بتلمع و منوره ، لكن بلد من غير قلب ، انا عاوزه ارجع اولد فى مصر ، عاوزه ماما .............. محتاجاها
    ==============================
    الحلقة الثانية

    فى نفس ذلك الوقت ، اول يوم من رمضان فى بلد عربى اخر كانت دينا اخت عمر
    تحضر الافطار لاسرتها الصغيره و المكونه من زوجها طارق و اولادها هبه و التوءمتان هايدى و هديل

    دينا : ماما و حشتنى يا طارق ، و بابا الله يرحمه ، و لمتنا اول يوم رمضان ، الغربه مهما كانت تعب يا طارق ، رغم ان كل اللى فى مصر بيحسد اللى خرج منها ، لكن برضه فى حاجات كده فى بلدنا ما تتعوضش فى اى مكان تانى

    طارق : يعنى انت عايزه كل حاجه يا دينا ، الفلوس و الفيلا فى مصر و هنا و العربيه اخر موديل و المدارس الامريكيه ، و كمان تبقى فى بلدك ، صعب اوى يا دينا

    دينا : انت ناسى القصور اللى شفناها فى مارينا ؟ البلد مليانه فلوس ، بس هى مركزه فى ايدين ناس معينه بس ، ربنا يسامح اللى كان السبب فى هروبنا منها

    طارق : يا شيخه ربنا يجازيه خير ، النضافه و الشوارع اللى بتلمع و الحياه السهله ، مافيش طوابير ابدا ، مافيش خناقات فى الشوارع ، انت عارفه امبارح انا عربيتى اتخبطت

    دينا : يا خبر ! و بعدين

    طارق : ولا قبلين ، خبطنى واحد راكب عربيه اخر شياكه ، نزل منها و ادانى الكارت بتاعه و اديته الكارت بتاعى ، و شركات التامين حاتغطى الموقف ، و لحد ما عربيتى تتصلح حاخد عربيه بدالها نفس الماركه ، عمرك شفتى كده فى مصر ؟؟

    دينا : هاهاه فى مصر ازاى يعنى ، انا هاحكيلك السيناريو بالضبط ، حاتنزل متنرفز و تدعى انه هو الغلطان و هو كمان حايقول نفس الكلام ، و حاتوقفوا الشارع لمدة تلات ساعات فى انتظار البوليس عشان المعاينه و العربيات فى مكانها

    طارق : هاهاهاههاه حيلك حيلك ايه ده كله يا بنتى ، انت كنت شغاله على مكروباص هاهاهاهاهاهاه

    و كل ده و تقولى لى الحنين و الغربه و البتاع ، ده ربنا تاب علينا يا دندن
    انطلقت دينا تغنى : زى ما هى حبها ، بحلوها بمرها ، بص لحبيبتك حسها ، و زى ما هى حبها

    طارق : طيب يا ست مافيا ، خلصى الفطار بقه عشان نازل بعد الفطار علطول

    دينا : حانروح نصلى التراويح ؟؟

    طارق : لا يا جميل انا باصلى فى البيت ، انا رايح شغل مهم بعد الفطار

    ثم انطلقت اشارة استلام رساله من هاتفه ، فقفز ليمسك به قبل دينا و يجرى الى غرفته بعيداً عنها
    وفى نفس الوقت فى امريكا ، كان المسلمون فى الحى قد نظموا افطاراً جماعياً فى حديقة المركز الاسلامى بالمنطقه ، و كعادة الامريكان فى تجمعات الطعام ، حيث اصطبغ معظمهم بالصبغه الامريكيه و احتفظوا فقط بدينهم بعد فقدهم لمعظم معالم هويتهم
    و من معالم الصبغه الامريكيه ، ان حفلات الطعام تكون اقرب الى الديش بارتى ، حيث تحضر كل اسره بعض الاطعمه و يتشاركها الجميع ، و كان هذا الافطار عامراً ، تبوله لبنانيه ، شيش كباب تركى ، بريانى هندى ، و كبسه سعوديه ، اما داليا فقد احضرت بط محشو بالارز و البصل ، بعثت لها امها بزوج من البط المصرى مع احد المسافرين ، كما لم تنس ان تشترى كنافه من محل الحلويات الذى يديره لبنانيون فى حيهم
    كانت داليا لم تنزل مصر من سنوات ، منذ تاريخ وفاة والدها ، كل ما يربطها بعائلاتها بعض االايميلات و التليفونات ، حتى والدتها لم ترها منذ ذلك الوقت ، صحيح انها توسلت اليها مراراً ان تاتى لزيارتها ، لكن الام فضلت ان تظل فى منزل عمر الذى ترتاح فيه ، حتى فرح دينا لم تستطع ان تحضره ، كانت فى طريقها لمناقشة رسالة الدكتوراه ولم يسعفها الوقت
    و فى وسط الزحام و هذا المزيج العجيب من اطعمة الشعوب ، كان فى كل قلب غصه ، غصة حنين للاسره و الناس فى البلد الام ، لكن امريكا كانت تختلف عن معظم بلاد العالم ، كانت تستوعب كل الجنسيات و تهضمها بداخلها و تحولها لمركب جديد قابل للتعامل و الحياه
    فى طريق العوده قالت داليا :
    يمكن عشان امريكا اساسا مالهاش هويه يا هشام ، مافيش اصلا حاجه بتجمع الناس الاصليين ، انت عارف ما فيش اصليين ، ده اصله ايرلندى و ده المانى و التالت لاتينى
    انا عمرى ما حسيت انى مختلفه هنا ، كل الناس متعايشه فى سلام

    هشام : يمكن عشان انت مش محجبه ، وعشان ملامحك محايده مش عربيه و لا هنديه ولا زنجيه ، لكن زوجات صحابى المحجبات عايشين فى قلق من ساعة حداشر سبتمبر ، كل واحد فيهم حاسس انه متراقب و متهم بدون ادله

    داليا : و الله يا هشام فكرت كتير فى موضوع الحجاب ده ، خاصة ان كل عيلتى محجبه ، حتى عمر ياما كلمنى فى الموضوع ده و انا بنت و بعد ما اتجوزت كمان ،رغم انه كان صغير وقتها ، لكن طول عمره متدين بزياده ، انا باصوم و اصلى و ازكى و بعمل كل اللى اقدر عليه ، لكن الحجاب ده بالذات ربنا مش مقدرنى

    هشام : طبعا انت عارفه انى اصلا مش مؤمن بالموضوع ده ، الحجاب حجاب القلب ، لكن لو عاوزه تتحجبى براحتك مش حامنعك
    This is the land of freedom my dear

    داليا : اه ده كان قبل سبتمبر اليفين ، لكن من ساعتها بقت فى حريه اه انك تقلع لكن انك تلبس نو نو نو هاهاهاه
    ضحكت داليا و تضاربت بداخلها المشاعر ، لقد تقدم لها هشام بطريقة تقليديه عن طريق خالته المقيمه بمصر ، طلب منها ان تبحث له عن عروس لانه لا يريد الزواج من امريكيه و لا من عرب امريكا ، يريد زوجه مصريه خالصه ، و قد عاش عمره كله و دخل الجامعه و تربى فى امريكا ، لمست فى اخلاقه ما لم تعرفه فى اخلاق اى من اقاربها المصريين ، كان يعاملها كملكه و الى جانب ذلك يقف الى جوارها فى المطبخ ليساعدها ،و يقوم بتهذيب الحديقه ، و غسل سيارته
    و رغم انه يصلى جميع الفروض و اخذها للحج منذ عامين ، الا انه لا يرى ضروره للحجاب مثلا لانه يثق فيها و لانها ملتزمه بحدود فى ملابسها
    كم تمنت ان يطلب اليها الحجاب و يشجعها عليه ، لكنه ابداً لم يفعل لذلك ظل بداخلها امنيه ان يهديها الله اليه ، خاصه ان ساره و دينا دائماً ما ينصحانها فى كل حوار لهما معها على الانترنت ، شيئاً واحد كان يؤلمها كلما تذكرته ، لم يرزقها الله باولاد ، و يا للعجب لم تجد احداً هنا يسأل لمذا تاخر الانجاب ، و مستنيين ايه ، و الكلام الغريب الذى سمعته فى جنازة ابيها بمصر ، لقد كان اصعب شهر فى حياتها ، لم تقابل احدا من عائلتها او حتى من معارفها ، الا و سألها عن سبب عدم الانجاب ، هل العيب منه او منها
    هل يفكر ان يتزوج مره اخرى ، هل تفكر هى ان تتركه و تتزوج لتنجب
    اجمل ما حدث ، انهما لم يسألا نفسهما يوماً من سبب تاخر الانجاب ، كل ما فعله هو انه قام ببعض التحاليل ، و ثبت ضعف فى قدرته على الانجاب ، كما قامت هى بتحاليل و اشعات كشفت وجود التصاقات فى الانابيب ، نتيجه لعملية خاطئه فى مصر فقط
    الى هنا و لم يقم اى منهما بمحاوله و لو بسيطه للعلاج ، عندما وجدوا العيب مشتركاً ، احسوا انه من الحكمه ان يحتفظ كل منهما بوضعه ، حتى لا يرمى الذنب على الاخر فى حالة شفاؤه
    و كان شعارهما الدائم ، و يجعل من يشاء عقيماً و ان الله اذا اراد ، سيتم الحمل رغماً عن العيوب الطفيفه التى اخبرها الاطباء انها لا تمثل عائقاً حقيقياً للانجاب
    عاشا سعداء بدون ان يحس ايهما بانه يتفضل على الاخر بقبول الحياه معه كما هو ، لكن بقى الامل داخلهما ان يمن الله عليهما بطفل ينير حياتهما اكثر و اكثر

    و فى نفس الوقت فى مصر اخذت ساره التليفون بعيداً عن امها و همست لاسراء : يا حبيبتى دى مشاعر طبيعيه عشان رمضان و احساسك بالغربه ده انسانى و عادى جداً ، لكن ما تخليش ده ياثر عليكى و تعملى مشاكل من غير لازمه ، انا واثقه انك تقدرى تتوصلى لحل مع حازم بخصوص الولاده

    اسراء : بيقول ان هنا فى تامين صحى و حاولد ببلاش و المستشفيات انضف و العنايه اكتر ، بس ده كله ييجى ايه جنب وجودى وسط اهلى ، وجود ماما جنبى تشيل معايا فى الايام الاولى ، و جودك انت كمان ، سبوع و شمع و الجيران فى مصر ، انا اول مره اعرف انى باحب بلدى كده ، الله يخربيت الغربه

    ساره : كلمة الغربه دى كانت زمان يا حبيبتى ، قبل الموبايل و المسنجر و الويب كام ، دلوقت انا باشوفك كل شويه و باكلمك و المسافات كلها قربت بين الناس ، ليه تحكمى على نفسك بالنكد كده فى اول يوم رمضان ، و ماما مش مبطله عياط ده انا خدت التليفون بعيد عنها عشان تهدى

    اسراء : طبعا يا ست ساره ، سهل تقولى كده ، ما انت قاعده جنب ماما و هى طابخالك بايديها و بابا و احمد و كل الناس حواليكى ، لكن انا هنا لوحدى مش لاقيه حد يسأل عليا ولا يقولى انت فين ، و اللى ايده فى الميه مش زى اللى ايده فى النار

    ساره : كده يا اسراء ، مانا كمان متعذبه عشان انت مش جنبى و دايما حاسه ان فيه حاجه كبيره ناقصه ، لكن اللى مصبرنى و مصبر ماما اننا نعرف انك مرتاحه و سعيده

    اجهشت اسراء بالبكاء : انا مش مبسوطه ولا سعيده ، عايزه افطر معاكم و انزل اتسحر فى الحسين ، و اقابل صحابى بعد الفطار عشان ننقى لبس العيد ، و اكل كحك معاهم يوم العيد الصبح و بعدها اتفرج معاهم على فيلم هايف فى عز زحمة السينما ، انت ما تعرفيش يا ساره قد ايه مصر واحشانى ، رغم انى بقالى شهرين ، كل حته فى بلدى وحشتنى ، متربه و زحمه و فيها سحابه سوده ، بحبها و عايزه اولد ابنى او بنتى فيها ، مش من حقى ؟؟؟

    ساره : معلش يا اسراء و الله انا حاسه بيكى ، شعور بالحنين لكل حاجه حتى اللى كنا بننفر منها فى وقت من الاوقات ده طبيعى و عادى بس برضه ممكن نبص لنص الكبايه المليان ، المستشىفى الكويسه و العنايه بعد الولاده و حتى المولود بيكون فى اهتمام كبير بيه و ادق التحاليل بتتعمل له ، عشان خاطرى ما تكلميش ماما فى الموضوع ده عشان لما تصدق حاتمسك فى خناق حازم ، انا عايزاكى تهدى دلوقت و تكلميها عادى خالص و بعدين انا حاكلمك على المسنجر بالليل بعد ما تخلص نوبة النوستالجيا دى اللى جايالك عشان اول يوم فى رمضان ، خلاص يا قمر ؟

    و بالفعل هدأت اسراء التى كانت تعانى من نوبة حنين ، تعاودنا جميعاً فى المناسبات ، سواء الحنين لمن سافر ، او لمن غادر دنيانا بلا رجعه و لا تحلو الحياه و لا تطيب اللقمه بدونهم
    لكنها هى الحياه و يجب ان نعيشها كما هى ، كل ما نستطيعه الرضاء بالموجود و استخلاص اقصى اسباب السعاده منه قبل ان ينضم الموجود هو الاخر لخانة المفقود و نندم على عدم معرفتنا بقيمته و قتما كان بين ايدينا

    ==============================

    الحلقة الثالثة



    وعلى الافطار كادت امي لا تجد مكاناً للاطباق الكثيره التى اعدتها طوال اليومين السابقين ، طيور و لحوم و محاشى و صوانى غير الشوربه و السلطه و اصناف لا قبل لمعده بشريه بتناولها مجتمعه
    و لذلك بعد الافطار ، ظلت المائده كما هى الا قليلاً ، فقامت ساره بهمه مع امها ، و ظلت تضع البواقى فى علب بلاستيكيه
    و هى تقول : الواحد يا ماما مش بيعرف قيمة البواقى فى يوم العزومه ، بيعرفها تانى يوم و يلاقيها زى اللقيه فى التلاجه ، ده انا اشتريت ميكروويف مخصوص عشان حكاية البواقى دى ، جهاز عبقرى و الله ، باحط فيه العلبه البلاستيك بالاكل يطلع زى ما يكون طازه و بيغلى كمان

    ضحكت ام ساره و قالت : انا مش مصدقه ان دى ساره اللى بتتكلم ، فاكره لما كنت بتقولى ، اصل عمر ما ياكلش اكل بايت ابدا

    ساره : ما خلاص يا ماما بقه ، القنزحه راحت و راحت ايامها ، يعنى دلوقت ، التونه و لا الاكل البايت ، طبعا البايت ، يعنى هو بايت بره ، ما هو معانا فى البيت هاهاها ، و حد عارف التونه دى بايته فى علبتها من كام شهر هاهاهاهاه
    بس عندى رجاء بلاش ترمى اكل يا ماما ، امبارح جالى ميل فظيع لاطفال افريقيا اللى بيعانوا من المجاعات ، ساعتها حلفت مانا راميه بواقى اكل تانى

    قدمت ام ساره الحلويات و هى تعد ساره باعطاءها بعض العلب المملوءه بالطعام لتنفعها فى الايام القادمه من رمضان
    و بعد الحلوى و الشاى قال عمر :
    يا للا يا عمى ، ياللا يا باشمهندس احمد ننزل نصلى التراويح
    احمد : اما انا عرفتلكم حته جامع ، صحيح بعيد شويه ، لكن الامام صوته جميل و بيصلوا كل يوم بجزء كامل ، بدأنا امبارح انا و صحابى ، و الجامع مكيف ، عشان رمضان بدا ييجى فى الحر

    ام ساره : و هو صوت الامام ده يفرق فى ايه بقه ؟
    الاب : لا طبعاً يفرق ، يشجع على الخشوع و تدبر الايات ، و ما يحسسش الواحد بالوقت ، ده انا عاوز اخدك معايا انت و ساره و الحاجه ام عمر

    ام ساره : لا انا باصلى فى البيت طول عمرى لو ساره عايزه تروح خدها

    ام عمر : انا حاقعد مع الحاجه ، اصل انا باصلى انا قاعده و ما حبش اضايق المصليات
    ساره : و انا بقه عايزه اجى معاكم اصلى التراويح

    ام ساره : تروحى يا ساره بس على شرط ، تسيبى الولاد معايا انا و ام عمر ، اصل اللى مخلينى افضل صلاة البيت هو اللى العيال الصغيره بتعمله ، كل ام تيجى ساحبه معاها تلات اربع اطفال ، يضايقوا المصلين و يقاطعوا الامام و الخشوع كله بيروح بسببهم

    ساره : ماهم لازم ياخدو على المسجد يا ماما ، و يحيى بيروح مع باباه صلاة الجمعه

    عمر : مش فى السن الصغير اوى ده يا ساره و بعدين صلاة الجمعه وقتها اقل بكتير ، طنط عندها حق ، ده امام مسجدنا امبارح بعد ما خلص اول ركعتين اتكلم فى المايك و طلب من كل سيده معاها اطفال انها تروح بيتها و تاخد اولادها معاها احسن ليها وليهم و للمصلين كمان

    تركت ساره الاطفال عند والدتها و نزلت مع زوجها و والدها و اخيها للصلاه فى المسجد
    و امضوا لحظات نورانيه رائعه فى رحاب القران و التراويح ، مما جعل عمر ينوى الصلاه فى ذلك المسجد يومياً ، و شكر احمد بشده لتعريفه به و بذلك الامام الرائع الذى القى درساً عن عن قيم رمضان التى يجب ان ترسخ فى قلب المؤمن سواء خلال رمضان او طوال العام تلك القيم التى يجب ان تغرس فى صدور النشء الصغير ، لانها بهذه الطريقه وحدها ، تنتقل عبر الاجيال المسلمه
    عاد عمر لاصطحاب و الدته و اولاده و طلب منه احمد ان يقابله تحت منزله و يخرجوا وحدهم قليلاً و نزل احمد من سيارته تحت بيت عمر ليركب مع زوج شقيقه

    عمر : عشان خاطرى شوفلنا حته ما فيهاش شيشه ، احسن الواحد بيتخنق ع القهاوى و الله و الحكايه بتزيد اوى فى رمضان
    احمد : هى قهاوى بس ، دى خيام فى كل مكان ، انا افهم ان الخيام الرمضانيه دى يكون جواها قراءة قران ، ذكر لله سبحانه و تعالى ، درس دينى ، لكن خيمه رمضانيه جواها مطرب و مطربه و راقصه ، اهى دى اللى غريبه فعلا

    عمر : له حق امام المسجد لما يطلب مننا تعزيز قيم رمضان عند اولادنا ، بعد شويه ممكن تكون قيم رمضان تتلخص بس فى الشيشه و المسلسلات و تضيع مننا المعانى الحقيقيه للشهر الكريم

    احمد : انت عارف يا ابيه عمر ، ان بابا حتى قعدة الحسين عمره ما شجعنا عليها ، و كان دايما يقول الصلاه فى الحسين زى اى مسجد غيره من المساجد ، لان حرام التبرك باى مسجد لمجرد ان ولى او حتى حد من بيت النبوه مدفون فيه ، و المساجد الوحيده التى تشد اليها الرحال معروفه و هى مسجد الرسول فى المدينه و الحرم المكى و المسجد الاقصى ربنا يعفى عننا و عنه و نقدر نزوره فى يوم

    عمر : انت ما تعرفش انا معجب بيك اد ايه يا احمد ، صحيح انا طول عمرى باحاول اقرب من ربنا سبحانه و تعالى ، لكن فى سنك برضه كان لي هفوات ، انت ان شاء الله من السبعه الذين يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل الا ظله ، شاب نشأ فى طاعة الله ، بس انت ما قلتليش عاوزنى فى ايه ؟

    كانا قد وصلا الى النادى الرياضى الذى قررا الجلوس فيه و دخلا ليجداه شبه خالى ، فيما عدا ملعب كرة القدم الخماسيه حيث كانت تعقد دوره رمضانيه للشباب
    جلسا فى حديقة النادى و بدأ احمد بالكلام

    احمد : اولاً انا و مروه اتفقنا ما نتكلمش مع بعض خالص ولا حتى على التليفون فى رمضان ، حتى لما باشوفها فى الجامعه بس مجرد باصبح عليها و خلاص

    عمر : عين العقل ، و اديك بتتمرن على انك تقاوم هوى نفسك مش بس الاكل و الشرب
    احمد : المشكله بقه ان الهانم بتكلم زمايلنا التانيين عادى ، اقولك ؟ انانفسى كانت بتكلمنى رمضان اللى فات عادى ، انما السنه دى ، قررت تختار ما تكلمنيش انا بالذات عشان رمضان ، و انا مش معترض بس اللى مزعلنى انى اكون قاعد مع واحد صاحبى و يقولى مثلا انه سال مروه على ميعاد الدرس و قالت الساعه كذا ، باتضايق

    عمر : بس زى ما انت بتقول ده كلام عادى يا احمد و مرتبط بالدراسه ، و برضه صحابك لازم يكون عندهم نظر

    احمد : لا ، ما احنا مش ناشرينها فى جريدة الحائط يا ابيه ، ما حدش يعرف باللى بينى و بين مروه و احنا حريصين على كده عشان القيل و القال ، ما حدش حايصدق قد ايه العلاقه اللى بيننا بريئه ، دى لا ترى بالعين المجرده من كتر البراءه هاهاهاهاها

    عمر : و ده الصح ، مجرد انك وعدتها او هى عاهدتك ده لا يمثل اى رخصه دينيه او حتى اجتماعيه انكم تخرجوا و تقعدوا فى المدرج او فى الرحلات جنب بعض ، ده مجرد وعد و ربنا يقدركم علي تنفيذه ، انا عن نفسى لو مكانك اتضايق ، و ما كنتش باسمح لساره انها تكلم حد من زمايلها فى الشغل على التليفون ابداً لكن دلوقت بدات افهم اكتر ان ساعات ظروف الشغل بتحكم و طالما انا واثق فيها خلاص

    احمد : الوضع مختلف يا ابيه ، انا حبيت مروه و ارتبطت بيها و هى زميلتنا كلنا ، و هى بتقول مش معنى انى باحبها انى اخنقها و ابعدها عن كل الناس

    عمر : يعنى انت اتكلمت معاها فى الموضوع فعلا

    احمد : هى لاحظت انى باتضايق لما حد بيكلمها عشان كده فتحته هى ، و اكدت لى ان كل دول اخواتها لكن انا حاجه تانيه ، و ساعتها قلت لها ما ينفعش تضحى بيهم عشان الحاجه التانيه ، زعلت و قفشت على و اتهمتنى انى مش واثق فيها

    عمر : الحياه علمتنى يا احمد ان نظام المساومه و التخيير ده ما بينفعش ، هى ممكن تعمل اللى انت عايزه من غير ضغط ، من غير ما تحسسها ان اللى حاتعمله ده مرتبط بدوام العلاقه بينكم ، يعنى تديها الفرصه تعمله بحب مش عشان خايفه انها تفقدك
    احمد : اشمعنى هى يعنى بتخنقنى لو واحده كلمتنى فى الكليه ، ده ساعات ما اكونش معاها و تكون وسط صاحباتها البنات و تيجى تبهدلنى عشان البنات كانوا بيتكلموا على و تقرر ان فلانه عينها منى ، و فلانه التانيه معجبه بيا ، انا المفروض اسكت لكن هى لا ، بحجة انها فوق الشبهات انما انا باين تحت الشبهات

    عمر : انا رأيى تدخلها من مدخل دينى برضه ، لانى حاسس انها متدينه من كلامك عنها ، هى صحيح مش فى نيتها اى حاجه تجاه زملاءها ، لكن تعرف منين نواياهم هما ، عشان كده ممكن تحاول تحدد علاقتها بيهم ، كمان انتم قربتو تتخرجو و كل واحد فيكم حايكون له حياته و شغله ، و ممكن زميلها ده نفسه ما يرضاش يكلمها قدام مراته ، او خطيبته ، ساعتها حايكون احساسها ايه لما تيجى منه هو ؟
    و برضه حاقولك انت عاوز مروه تعاملك على انك عريس شرقى عادى متقدم لها و تحاول ترضيك على هذا الاساس ، بس مشكلتها انها فعلا زميلتكم كلكم من زمان ، و احساسى ان كل المشكله دى حاتنتهى بعد ما تخلصوا كليه و كل واحد من زمايلك يعرف انها خطيبتك ، ساعتها هما نفسهم حايراعوا الموضوع ده حتى من غير ما هى تحرجهم .

    بدا على احمد الاقتناع ، كان يعترف بينه و بين نفسه ، ان علاقة خطيبين تختلف تماما عن علاقة زمالة الجامعه او حتى الصداقه ، و زاده عمر اطمئناناً بانه ما ان تلبس مروه دبلته ، سيكون لها شان اخر فى كل تصرفاتها
    ثم طلب من عمر ان يذهبا لتسجيل اسميهما فى الدوره الرمضانيه ، حيث انه يلعب الكره كل سنه لتقليل وزنه الذى يزيد من اطعمة رمضان و الحلويات
    وافق عمر على الفور ، اذ كان يفضل ان يعود من التراويح للعب الرياضه ، بدلا من التخشب امام المسلسلات الممله مثل كل عام
    و عاد بعدها عمر الى المنزل ليجد ساره تتحرق شوقاً لتعرف ما دار بينهما ، و عندما تردد عمر فى ابلاغها ، طمأنته بانها تعرف مشكلة احمد و انها هى من نصحته ان يتكلم مع عمر

    ساره : بس تعرف يا عمر ، كل يوم باحترمك اكتر ، انت كنت مش عايز تقولى حاجه عن اخويا الصغير ، رغم انك عارف ان سره كله معايا ، ده دليل على انك فعلا انسان يؤتمن على السر

    عمر : احمد زى اخويا يا ساره ، لا انا لى اخ ولد ولا هو له اخ كبير ، و ساعات فى امور بتكون بين الرجاله عشان الستات لما بيتدخلوا..................ا

    ساره : جرى ايه بقه ، انا لسه عماله اشكر فيك و اقول عمر حبييى و ما خلفتش الا عمر ، تقوم تقول كده

    ضحك عمر و هو يقول : يا ستى انت مالك و مال الستات ، انت حاجه تانيه يا ساره ، انت ملاك و الله

    ساره : بس ملاك زعلان ، اسراء صعبانه على اوى يا عمر ، انا مقدره موقفها وهى فى الغربه و رمضان هل عليها كده و هى حامل و صحتها مش تماما و جوزها مرخم عليها فى موضوع نزول مصر عشان الولاده

    عمر : جايز خايف عليها من السفر و الطياره و فعلا بعد الشهر السابع ممنوع تركب طياره ، و جايز نفسه يحضر ولادة ابنه و يشوفه اول ما يتولد و ظروف شغله ما تسمحش ينزل ، التمس لاخيك الف عذر و عذر و انت عارفه ان مامتك حاطاه فى دماغها من غير حاجه

    ساره : انت تقدر تحكم احسن يا عمر عشان انت بره الموضوع ، انما انا اختى واحشانى اوى ، و نفسى تكون جنبى و اخدمها زى ما خدمتنى ايام ولادتى و نعمل سبوع و نفرح بالنونو

    عمر : طيب ايه رايك انا حاقولك حل كويس ، احسن حاجه ماما تسافر لها قبل ميعاد الولاده بشويه ، و انت تتكفلى بقه بوالدك و احمد و اهو كده تكونى رديتى لها الجميل برضه ، و لما تنزل مصر فى ميعادها الطبيعى ، نعمل يا ستى سبوع كبير و الواد عنده كام شهر ، يعنى هو حايعترض و يقول انا كبرت على دق الهون هاهاهاها

    ساره : يا شيخ و الله العظيم انا متجوزه باشمهندس كبير ، دى فكره تحفه ، انت عارف ان اسراء خدمتنى لما ولدت علشان لما ماما جت هنا و قعدت معايا ، تولت هى بابا و احمد و كل امور البيت عندنا ، و انا برضه ممكن اعرض على ماما العرض ده ، بس تفتكر حاقدر يا عمر ، يعنى انا عندى البيت و الشغل ويحيى افندى و مريم هانم و والدتك

    عمر : يا ستى وقتها تروحى مرتين فى الاسبوع تشرفى على الشغاله و هى بتنضف و الاكل احمد يعدى كل يوم ياخده منك او حتى اوديه انا بنفسى عشان بابا ياخد راحته فى بيته ، واللى يطبخ لواحد يطبخ لعشره

    قررت ساره ان تحدث امها فى هذا الموضوع فى الصباح ، حتى تطمئن اسراء و تهدأ بالاً حين تعلم ان امها ستكون بجوارها ولن تحرم من وجود زوجها او عملها
    ثم رن هاتف عمر ، ليجد مكالمه من اخته دينا ، و تعجب لانه كلمها هذا الصباح و هنأها بشهر رمضان
    و فتح الخط ليجدها تصرخ : انا عاوزه اتطلق و ارجع مصر فوراً


    ==============================
    الحلقة الربعة


    اخذ عمر يحاول تهدئة روع اخته ، و هو يحاول ان يعرف ما بها ، ردت من بين شهقات بكاءها

    دينا: النهارده جاتله رساله على الموبايل قبل الفطار ، خد التليفون و جرى على جوه و بعدها جاله مكالمه من والده على تليفون البيت ، ساب الموبايل فى الاوضه و دخلت انا اغير هدومى عشان ريحة المطبخ قبل الفطار ، لقيت الرساله اتمسحت ، و بعدين و التليفون لسه فى ايدى جات له رساله تانيه ، فتحتها لقيت حد باعتله
    Can't wait till sun set , love you so much
    و انت فاهم طبعا الترجمه واحده بتقوله انها مش قادره على انتظاره لحد المغرب و بتحبه موت و هو فعلا كان لسه قايل انه خارج بعد الفطار بس على اساس مشوار شغل

    عمر : و لقيتى الرساله مسجله باسم مين

    دينا: ده اللى موتنى ، مسجله باسم
    My manager
    يعنى كاتب الهانم على انها المدير بتاعه ، ياما جاله منها تليفونات و ماسجات قدامى و كان يجرى يرد عليها من مكان بعيد عنى على اساس انها مكالمة شغل و لازم يتكلم فى حته هاديه ، ده غير قعدته طول الليل على الشات و انا مش عارفه بيكلم مين ، اكيد كان بيكلمها ، انا حاموت يا عمر حاموت

    عمر : بس برضه جايز انت ظالماه يا دينا ، مش يمكن ما قابلهاش و ربنا هداه

    دينا: لا ، ما انا سكت خالص و فطرت معاه و مع الولاد و ربنا عالم بالنار اللى فيا ، و بعد الفطار بعشر دقايق نزل ، نزلت وراه بعربية مارجريت جارتى و انا لابسه نقاب عشان ما ياخدش باله منى ، ما عرفنيش طبعا ، و فضلت وراه لحد ما لقيته قاعد فى كافيه على الخليج ، و بعدها جاتله الهانم ، و احده شكلها مصرى يا عمر و اكبر منى فى السن ، لكن ضاربه شعرها اصفر و لابسه محزق و قصير و عامله فيها نغه ، تصدق ؟

    عمر : لا حول ولا قوة الا بالله ، و عملتى ايه ؟

    دينا : قعدت فى الترابيزه اللى جنبهم و اتاكدت انها مصريه لما سمعت كل كلمه بينهم ، كلام عمره ما قالهولى حتى ايام ما كنت باحبه فى الكليه ، لحد كده و ما قدرتش ، روحت و كلمتك فى التليفون ، عشان انا لو كنت كلمته كنت حاعمل جنايه ، و مش عايزين فضايح فى بلاد الغربه ، انت تكلمه بكره و تتفق معاه على الطلاق ، و انا حارجع يا عمر علطول انا مش طايقه اشوف وشه .

    كانت ساره قد لمحت التوتر الشديد على ملامح عمر و صوته و هو يكلم اخته ، فأغلقت عليهما باب الغرفه حتى لا تسمع امه الحديث فتقلق على ابنتها ، لكن ذلك اتى متاخراً ، اذ طرقت ام عمر الباب و سالت : مالها دينا يا عمر ، ادينى اكلمها
    اخذت الام السماعه وعندما سمعت ما حدث : بصى يا بنتى ، انت لازم تعرفى دى مين و عرفها منين ، ده بيتك و لازم تحافظى عليه ، حتى لو فرضنا انها واحده كده مصاحبها ولا حاجه ، حاتسيبيهولها يا عبيطه ؟ الاحسن تقعدى معاه و تشوفى ايه مشكلته ، البيوت خرابها مش سهل يا بنتى و انت مخلفه منه تلات بنات ، حاستنى منك تليفون بكره الصبح تقولى لى عملتى ايه ، و عاوزه اقولك حاجه مهمه ، اوعى تقولى له انك عرفتى اهلك اى حاجه ، عشان ما يستبيعش ، خلي اخر حاجه تهدديه بيها انك تعرفى اهلك ، خلاص يا بنتى ؟ ربنا يقدملك اللى فيه الخير يا حبيبة امك

    اغلفت ام عمر السماعه ثم انهارت باكيه ، تمزق قلبها من اجل دينا و زاد على ذلك وحدتها معه فى الغربه ، و مع ذلك اضطرت الام ان تكتم المها و تحدثها بصوت العقل
    دمعت عينا ساره حين فهمت الموقف ، و اقتربت من حماتها تحتضنها و هى تقول : ان شاء الله غمه و تعدى يا طنط ، ببركة رمضان ان شاء الله حاتتحل و الله

    احتضنت ام عمر زوجة ابنها و هى تقول : دينا غلبانه يا ساره ، سابت وظيفتها كمعيده هنا و سابت الماجستير بتاعها و اتجوزته ، عشان بتحبه ، من وهى فى اولى كليه و هى بتحبه ، و من ساعها وهبت كل دقيقه فى حياتها له ، حتى فلوسها من شغلها هناك ، كانت بتصرفها على اللبس و الفسح و مش عامله حسابها على يوم زى ده ، انا خايفه البيت يخرب و اللى حايدفع التمن هما البنات فى الاخر ، ربنا يهديها للصح يا بنتى ، بس اى حاجه الا الطلاق ، ده ابغض الحلال

    وفى اليوم التالى وجدت ساره امر استدعاء من مديرة المدرسه فذهبت لمقابلتها و هى متوجسه خيفه مما قد يحدث

    المديره : اخبارك ايه يا ساره ، و ياترى مبسوطه معانا
    ساره : مبسوطه جدا يا فندم ، و حاسه انى طول عمرى مدرسه بس كنت تايهه عن مكانى الاصلى
    ابتسمت المديره بحب ثم قالت : انت فعلا مدرسه كويسه ، و جايلنا شكر من اولياء الامور كتير جدا، و اهم نقطه هى حب الطلبه ليكى و اقتناعهم بكلامك
    بدات معدة ساره فى الكركبه اه يا ساره ، يا ترى انهى كلام فيهم ، مانتى طول النهار تتكلمى مع العيال
    واصلت المديره كلامها : انا جالى مكالمتين متناقضتنين تماما النهارده ، ام بتدعى لك و بتشكرك على انك شجعتى الولاد على قراءة القران ، و كانت سعيده جدا ان ابنها ساب التلفزيون و اللعب و اصر انه يقرا ثلاثة اجزاء مره واحده فى اول يوم رمضان
    ساره : الحمد لله ، انا سعيده ان الولاد بدأوا فى تطبيق الخطه من اليوم الاول
    المديره : اه ما انا عرفت بخصوص الخطه دى ، خطة ختم القران من ولى امر تانى ، لما نزل امبارح الخيمه الرمضانيه و اخد بنته معاه و قعد يشرب شيشه هو و المدام بتاعته ، بنته احرجته قدام الناس لما قعدت تتكلم عن فايدة شهر رمضان و الخير الذى يجب اغتنامه ، و ما عجبهاش لبس المطربه فى الخيمه الرمضانيه و فى الاخر عيطت علشان عايزه تروح تقرا ورد القران اللى حددته لنفسها
    ساره : طيب الاب اعترض على ايه بالضبط ، هو انا اللى غلطانه يا مس فاتن
    المديره : لا طبعا ، بس الاب قال اننا عندنا منهج و ان حضرتك مدرسة ماث و مش شغلتك الكلام فى الدين و الوعظ ، و ان بنته مش فى مدرسه فى افغانستان عشان الارهاب الفكرى ده ، طبعا دى كلمات الاب بالضبط و باسجل كامل اعتراضى عليها
    اصفر وجه ساره و هى تقول : ارهاب فكرى ؟ هو لما اقول للاولاد يغتنموا شهر رمضان اكون بارهبهم ، و بعدين انا عمرى ما شجعت حد انه يغلط فى اهله او يبعد عن ادب الحوار معاهم بالعكس

    قاطعتها المديره قائله : انا ناديتك النهارده عشان اقولك انى امرت قسم التربيه الفنيه انهم يعملوا لوحه زى اللى عملتيها لكل فصل ، و حانعمم التجربه فى المدرسه كلها ، ده واجبنا ، احنا فى بلد اسلامى و المدرسه دى مدرسه اسلاميه بيتم تحفيظ اجزاء بسيطه من القران فى كل سنه دراسيه ، عشان كده انا معاكى قلبا و قالبا ، و شكرا يا ميس ساره على مجهودك و اتمنى انك قبل ما تعملى فكره رائعه زى اللى عملتيها تستشيرينى شخصياً عشان لو عجبتنى اعممها على المدرسه كلها و عشان كمان عيب ولى امر يكلمنى فى موضوع فى مدرستى اكون ما اعرفش عنه حاجه

    و قامت ساره التى تنفست الصعداء و حمدت الله و هى تتذكر ان من يتق الله يجعل له مخرجاً ، رغم انها لم تعف نفسها من الذنب الذى احست به مع كلمات المديره الاخيره ، كان من الواجب ان تستأذنها قبل المضى فى خطتها

    عادت ساره الى المنزل لتجد حماتها غارقه فى دموعها ، اتصلت بها دينا فى الصباح و ابلغتها بما حدث بينها و بين زوجها مساءً ، و طلبت منها ان تحكى لساره و عمر عن ما حدث ، و طلبت ان يتصلوا بها عند عودتهم
    ما حدث بالضبط هو ان طارق عاد متاخراً تلك الليله ، ليجد دينا فى انتظاره متساءله عن سبب تاخيره لذلك الوقت

    اجابها : ما قلت لك شغل

    دينا : شغل فى كوستا كافيه ؟

    توتر طارق و بدا يعرق و هو يقول : شغل فى اى حته يا دينا مانت عارفه اننا بنقابل عملاء فى كافيهات عادى

    دينا: ايوه و العملاء النهارده كانوا كام واحد و رجاله ولا ستات

    طارق : انت عاوزه توصلى لايه ؟ ده تحقيق يعنى ؟

    ردت دينا بنفاذ صبر : عاوزه اوصل للحقيقه ، ممكن تقولى مين اللى كانت معاك و كفايه كذب و خداع بقه
    رد طارق و هو موقن انه انكشف فاختار يبادر بالهجوم : من امتى كنت مهتمه باروح فين و اقابل مين ، انا نسيت انى متجوز من كتر انشغالك بالبنات و خصوصاً بعد ما خلفتى التوءم

    دينا: انا عمرى ما قصرت معاك بالعكس ، انا سبت الشغل عشان اتفرغ لك ، حتى اكلك و غسيلك عمرى ما باخلى الشغاله تمد ايديها فيه ، غير ان ما حدش شافنى الا وقال انى مش باين على جواز و لا خلفه ، متحاولش نقلب الترابيزه على يا طارق عشان مش حاينفع ، انا عاوزه اعرف مين اللى كانت معاك دى

    طارق : عاوزه تعرفى ؟؟ ماشى يا ستى ، دى خطيبتى
    دارت الدنيا بدينا عندما سمعت كلام زوجها ، و احست انها تسقط فى بئر بلا قرار ، و فى اثناء سقوطها تساءلت هل هذه نهاية الحب الذى احبته لطارق ، كان زميلها فى الجامعه ، اكبر منها بعامين ، منذ السنه الاولى احبته ، و اصبحت كالتابع الذليل منذ لحظتها ، كانت ترى عينيه تدور خلف كل فتاه تمر من امامه و كذبت عينيها ، بل انها تاكدت ذات مره من خيانته حين اخبرتها احدى صديقاتها انه يقابل فتاة اخرى ، و راتهما بام عينيها معاً ، لكنها كذبت عيناها و صدقته ، حين سفح امامها دمع الندم ، و وعدها ان يتغير بعد الزواج ، للاسف صدقته
    كانت غلطتها انها صدقته و تناست ان هناك طباع غير قابله للتغيير
    و تذكرت كيف تركت منصبها كمعيده فى الجامعه و رساله الماجستير التى بدأتها و تبعته الى بلاد النفط و الاحلام
    صدمت فى بداية حياتهما معاً ، بضيق الشقه ، و غلاء الاسعار المريع ، لدرجه ان مرتبهما كله كان يضيع فى المنزل ، كانت احيانا توفر نصيبها من الطعام لتقدمه له ، و حاولت ان تبحث عن عمل حتى لو كان بسيطاً و غير مناسب لمؤهلاتها ، عملت كبائعة فى احد محلات الذهب و اخفت عن اهلها طبيعة عملها ، ثم رزقهما الله بابنتهما الكبرى ، ذهبت الى مصر و ولدتها هناك الى جوار اهلها ، حتى تقلل المصاريف و يتكفل بها اهلها ، و حين عادت ، و كان هو قد غير شركته و ترقى بسرعه رهيبه فى عمله
    و و تركت هى عملها حتى تتفرغ للبيت و لابنتها الكبرى ، ثم زاد انشغالها بعد انجاب التوءم ، لمحت فى عينيه يوم الولاده مزيج الغضب و الحزن ، كان يتمنى ان ينجب ولداً
    و قالها صراحة امام والدتها التى كانت معها فى ولادتها ، مم اقلق امها و اضطرت للمكوث معها سنه كامله لتساعدها فى تربيه التوائم حتى تكبرن ، اذ لم يكن يتحمل صوت بكاء اى منهن
    و الان بعد ان استعادت قوامها و بدات مره اخرى تهتم بنفسها و ماكياجها داخل المنزل ، و بعد ان استقر وضعه المادى ، و اشترى فيلا فى احد ضواحى القاهره الجديده ، يصدمها بتلك الخيانه
    مرت كل تلك الخواطر بعقلها فى ثانيه واحده ، هزت راسها لتنفضها عن راسها ، وردت عليه :

    يعنى ايه خطيبتك يا طارق ، طيب و انا ؟ انا مين ؟
    طارق : انت مراتى ، و ام البنات ، و حاتفضلى مراتى طبعا ، مش الشرع اباح مثنى و ثلاث و رباع ؟ كل جيرانك العرب اللى حواليكى متجوزين اتنين و تلاته كمان فى بيت واحد ، و الامور ماشيه ، انا ما باعملش حاجه تغضب ربنا

    دينا : و هو ربنا يرضى انى اقف جنبك فى البدايات و اشوف المر و الذل فى الغربه ، و اشتغل بياعه فى محل و انا كنت حابقى دكتوره فى الجامعه فى بلدى ، و تكون جايزتى فى النهايه انك تتجوز علي؟

    طارق : ما حدش ضربك على ايدك ، كنت خليكى فى بلدك سفى التراب جنب اللى بيسفو
    دينا : يا ريت ، يا ريت الزمن يرجع ، ماله تراب بلدى ، مش احسن من بريق الدينارات اللى بيخلى الناس تبيع كل حاجه ، حتى اللى حبوهم و وقفوا جنبهم

    طارق : ليه مسمياه بيع ، انا مش بابيعك ، دلوقت البنت دى مصريه ، و عندها اتنين و تلاتين سنه ، و بتشتغل هنا فى منصب ممتاز فى بنك ، فيها ايه لما نتنازل عن الانانيه شويه ، و نسعد انسه وحيده نفسها تلاقى عريس و انت عارفه مشكلة العنوسه المتزايده
    دينا : اه ، و انت مندوب الامم المتحده لمكافحة العنوسه ؟
    طارق : مش عايز تريقه ، انا ما كنتش ناوى اقولك ، و ما كنتيش حتى هاتحسى بالفرق ، و الحمد لله انا اقدر افتح بيتين و تلاته دلوقت لو حبيت ، لكن مايسه عندها شقه هنا و شقه فى مصر ، و مش عاوزه حاجه غير انى اكون معاها ، كمان انا نفسى فى ولد ، من حقى احلم يكون لى ولد يسندنى و يقف على تربتى بعد ما اموت

    دينا : ايه الكلام ده ، ولد ايه و بنت ايه ، و مين عارف مين يقف على تربة مين ، يا ما ناس بتموت غريبه فى بلاد غريبه و يمشى فى جنازتهم ناس عمرهم ما عرفوهم ، و بعدين مادام عاوز تحل مشكلة العنوسه فى مصر ، ممكن تساعد شاب صغير على الجواز بفلوسك اللى تفتح بيتين و تلاته ، و اديك تبقى ضربت تلات عصافير بحجر واحد

    طارق : ليه ان شاء الله ، حد قالك انى وزارة الشئون الاجتماعيه ، انا من حقى التمتع باكثر من ست ، و ده ثابت فى الكتاب و السنه ، و اعملى حسابك انا دخلتى على مايسه على العيد ان شاء الله ، و حاسافر معاها كام يوم كده ، و بعدين نقسم ايام الاسبوع يا دينا

    صرخت دينا من قلبها الجريح قائله : حرام عليك ، انا عملت فيك ايه عشان توجعنى الوجع ده كله ، ليه يا طارق كده ؟
    ليه طارق : انت اللى اخترتى يا دينا ، انا كنت ماشى فى الموضوع من سنه فى السر و متفق معاها و مع اهلها انه يفضل سر ، و ما كنتيش حاتحسى بحاجه ، لكن ما وصلتش انك تحققى معايا ، و تراقبينى ، عشان كده لازم تفهمى ان دى حاجه نفسى فيها ، ليه ما اعملهاش طالما اقدر ؟
    و بفضل نبشك ورايا ادينى دلوقت لا باكذب و لا بادارى و لا باعمل حاجه عيب او حرام ...........

    ==============================
    الحلقة الخامسة

    جلست ساره الى جهاز الكومبيوتر للمره الثالثه خلال يومين ، لتتحدث الى اسراء ، و تاخذ منها تفاصيل اكتر عن فيزا الزياره و اشتراطاتها ، لكى تسافر والدتهم و تكون الى جانب اسراء خلال ولادتها
    و لم يفت ساره فى خلال كلامها مع اسراء ان تشد من ازرها كى تتحمل ، ملمحة ان هناك فى الدينا مشاكل و مصائب اكبر بكثير من عدم موافقة ازواجهن على السفر ، بالطبع لم تفصح عن اسم دينا او عن طبيعة مشكلتها ، لكنها بذكاءها استطاعت ان تسرب شعور الرضا لاسراء حتى تكمل اشهر حملها و هى مستريحه نفسياُ و ذلك بعد او وافقت امها على السفر لاسراء حين تبدأ فى شهرها التاسع ان شاء الله
    لكن ذلك كله لم يستطع ان ينسى ساره للحظه واحده ما كانت تمر به دينا ، اخت زوجها الحبيب ، هناك قوة خفيه تربط بين امراه و اخرى ، تجدهن جميعاً جبهة واحده اذا تعرضت واحده من بنات جنسهن لغدر او خيانه مثلما حدث مع دينا
    الا ان دينا ابلغت ساره فى اخر مكالمه انها تشكر كرمها للغايه ، و انها من الممكن بالفعل ان تنتقل لتمكث مع عمر حتى تقوم بتجهيز مسكن مناسب لها و لبناتها
    كم كانت ساره حزينه لاجل ذلك العش الذى سيتهدم بسبب الرعونه و الانانيه ، كانت هى نفسها تعترض دائما على تدليل دينا الزائد لزوجها ، انها حتى احبت الشيشه و اصبحت تشربها معه فقط لانه يحبها و يريدها ، و تلك كانت الغلطه ، كونها تجاريه و تعمل ما يحب على طول الخط لم يكن ذلك هو المطلوب ، من الواجب ان تحتفظ كل امراه بجزء من شخصيتها مهما كانت تحب زوجها و تتدله فى هواه
    و دعت الله ان يقف الى جانبها فى تلك المواجهه الوشيكه بينها و بين غريمتها و هى تتذكر مواجهة مماثله فى حياتها ، صحيح انها كلما تذكرت قصة أيه زميلة عمر تحاول ان تنفضها عن عقلها ، لكنها الان عندما تذكرتها تتألم اكثر من اجل دينا
    اذا كان شعور ساره بمجرد اعجاب بين عمر و ايه جعلها على وشك الجنون ، فما حال دينا الان و زوجها يعلن بكل وقاحه انه سيتزوج من غيرها
    وفى قارة اخرى ، كانت نيران الغيره تضطرم بداخل دينا منذ الصباح ، منذ تركت الاطفال مع الداده الفلبينيه و نزلت الى الكوافير ، كانت تحاول ان تقلل دائما من زياراتها للكوافير حتى توفر لطارق و تحاول ان تبدو جميله باقل التكاليف داخل منزلها
    لكنها اليوم تحس بشعور مختلف ، معركتها مع تلك المراه ، و قد كسبت بالفعل عدة نقاط ، اولها انها رأتها من قبل و تعلم انها ليست جميله بل فقط مهتمه بهندامها و ملابسها ، و طلبت دينا ان تراها فى المنزل حتى ترتدى ما يحلو لها و تطلق شعرها بدون تقيد بالحجاب ، فلا تحس الاخرى انها تفوقها فى شىء ، صحيح ان المرأه المحجبه تجاهد مع نفسها لتنفذ ما أمر به الله ، لان شكلها بشعرها و كامل مكياجها يختلف تماما عن شكلها بالحجاب الشرعى و الملابس المحتشمه ، لكن المرأه التى تحب الله اكثر من شكلها الخارجى و مظهرها ، لا تأبه ان تبدو اقل جمالاً لتعلو مكانتها عند خالقها القادر الوهاب الذى منحها ذلك الشعر و ذلك الجمال الذى تتباهى به
    و بعد ساعات ، غيرت دينا فيها لون شعرها الى البنى الفاتح ، و جعلت المصففه تصنع لها خصلات ذهبيه تواءمت مع عيناها العسليتان و بشرتها الفاتحه ، و طلبت من الماكييره ان تمر عليها بعد الافطار لعمل ماكياج كامل لها ، ثم مرت بالمول الكبير لتشترى طاقما من محل فرنسى لم تدخله من قبل قط ، كان الطاقم عباره عن مينى جوب و جاكت قصير تلامس اطرافه بالكاد طرف الجيب ، و اختارته من اللون الوردى الفاتح ، و اختارت حذاء ساتان بكعب عالى و شرائط تصل الى منتصف الساق من نفس لون التايير
    تناول طارق افطاره و بعدها بقليل نزل لصلاة العشاء و كانت معدة دينا مقلوبه راسا على عقب فلم تستطع ان تمس الطعام ، كذلك حرصت على الا يراها طارق الا و هى تغطى شعرها و تظهر بشكلها العادى
    و كان الاتفاق ان يصلى العشاء ثم يصطحب مايسه و تكون دينا فى انتظارهم بعد ان تذهب الخادمه بالاطفال الى منطقة اللعب المخصصه للكومباوند الذى يسكنونه
    و رن جرس الباب ، لم تفتح دينا ، و تركت طارق قليلاً ، فقام هو بفتح الباب بمفتاحه و دخل بصحبة خطيبته ، كان قد طلب من مايسه التخفف من الماكياج و ارتداء ملابس عاديه حتى لا تثير غيرة دينا ، لذلك صعقت هى و طارق نفسه حين دخلوا ليجدوا دينا فى انتظارهم بهذا الشكل الذى يجعلها اقرب لفنانه لبنانيه ، لم يكن طارق يدرك انه من السهل ان تصبح كل سيده جميله من الخارج ، لكن الاهم هو جمالها الداخلى الذى لا تشتريه كنوز الارض
    و كانت دينا من ذلك النوع ، الجميل قلباً و قالباً ، لكنها طالما استخسرت ان تبعثر الاموال على ملابس و مجوهرات كانت ترى ان بيتها و بناتها اولى بها ، لذلك حين نفضت عن نفسها بعض الغبار ، كاد طارق يغشى عليه ، و ظل يتأملها كأنه يراها لاول مره ، و حين جلسوا ، و جد نفسه لا ارادياً يذهب للاريكه التى تجلس عليها دينا ليجلس الى جوارها ، و تجلس مايسه على الاريكه الاخرى امامهما ، و قد بدا الامر كانها موظفه تقوم بعمل انترفيو مع دينا و زوجها
    اما مايسه ، فكانت صدمتها اعظم ، كانت تتوقع ان ترى امراه مترهله ، اما لثلاث بنات تعصب راسها بمنديل اسود و تتصاعد منها رائحة المطبخ ، صحيح ان طارق لم يذكرها ابداً بسوء ، لكن كانت تلك الصوره التى تمنت مايسه بشده ان تكون زوجة حبيبها عليها الى درجه انها صدقتها
    لكنها ادركت لاول وهله ان دينا لا تكبرها فى العمر بكثير ، و انها تمتلك قواماً رشيقاً يكاد يماثل قوام مايسه ، و ذلك الشعر الطويل الذى يفوق شعرها جمالاً و نعومه ، و تلك الرموش الطويله و الماكياج الرائع ، حتى تساءلت مايسه فى نفسها : هو طارق عايز يتجوز على دى ليه ، هو اهبل ؟ ثم تراجعت و اكدت لها شياطينها انه لابد مدله فى غرامها و الا لما ترك ذلك الصاروخ لكي يتزوجها

    بدأت دينا بالكلام : اهلاً مدام مايسه ، ولا انسه ؟

    تلعثمت مايسه و ردت بصوت منخفض : لأ انسه طبعا ً ازيك يا مدام دينا

    دينا : بس انا كنت عاوزه اسالك يا مايسه و اسمحيلى ارفع الكلفه ، ايه اللى يغصب واحده جميله زيك تتجوز راجل متجوز ؟

    مايسه : اكيد انت ادرى بشخصية طارق اكتر منى ، و عارفه انه صعب ست تتعرف عليه من غير ما تقع فى غرامه ، عشان كده احنا الاتنين حانضحى و حانتجوز

    دينا : قصدك احنا التلاته يا مايسه ، هو انا مش معاكم فى الموضوع ولا ايه ؟

    مايسه : لا انا مصره ان حضرتك ما تضحيش بأى حاجه ، اوعى تفتكرى ان جوازنا حيأثر علي حياتك و على بناتك أى التأثير و اعتبرينى اختك الصغيره

    غمغمت دينا اه ياختى اعملى نفسك الطيبه الاميره ، طيب خدى دى
    دينا : بس انا فعلاً مش حاتأثر يا مايسه ، انت ما تعرفيش انى طلبت اتعرف عليكى النهارده عشان اطمن على بناتى معاكى ؟

    ذهل طارق الذى اراد الكلام لكن دينا اسكتته بنظره واحده ، منذ جلس الى جوارها احس بالذنب لوضعها فى ذلك الموقف و قرر ان يجعل الامور تمضى تلك الليله بطريقتها هى

    مايسه : بناتك ؟ و ايه اللى يخليكى تسيبى بناتك يا مدام دينا ، انا ما ارضاش خراب البيوت

    دينا : لا ما أنا كمان شايفه ان كفايه على طارق زوجه واحده و حياه واحده ، زى ما انت قلت انتو الاتنين حاتضحوا عشان حبكم ، انما انا خلاص ضحيت زمان عشان حبى يا مايسه ، و كفايه عليا تضحيات ، اشوف نفسى شويه بقه

    تكلم طارق و قد نفذ صبره : لا يا دينا ، احنا ما اتفقناش على كده ، انا قلت لك ما اقدرش اعيش من غيرك و مش حاطلقك
    ثم لمح مايسه بطرف عينه فاضاف : و لا من غير مايسه ، انا عاوز نكون كلنا نكون سعداء

    دينا : طلاق ايه لا سمح الله ، حد جاب سيرة الطلاق ، عشان نكون احنا التلاته سعداء ، صعب اوى نكون كلنا مع بعض ، انا عشت معاك دلوقت سنين طويله على الحلوه و المره ، و ضحيت كتير و انت عارف ، و برضه انت اسعدتنى كتير مش حانكر ، عشان كده من حق مايسه دلوقت انك تكون لها لوحدها و تستمتع بالسعاده كامله ، ولو حتى فتره قد اللى احنا عشناها مع بعض ، تمن تسع سنين كده ، بعدها نكون متعادلين و نقدر نعيش احنا التلاته سوا فى منتهى السعاده

    طارق : و اقدر اعرف حضرتك حاتكونى فين خلال السنين دى ،عشان لو عزنا نبلغك اى حاجه و لا كده

    ردت دينا مبتسمه : حاكون فى مصر ا يا طارق ، انا خلاص كلمت ساره و اتفقت معاها تسجل لى الماجستير اللى كنت سبته عشان خاطر جوازنا ، و بعتت ترجمت شهادة تخرجى بامتياز من كليتى و بعد ما اخلص الدكتوراه ، ارجع تانى و نعيش كلنا سعداء

    قامت دينا لاحضار بعض المشروبات و تركت مايسه و طارق

    مايسه : انا مش فاهمه انت معترض على ايه ، و ايه حكاية ما تقدرش تعيش من غيرها دى يا سى طارق ، مش يا ما قلت لى ان يوم المنى فى حياتك لما اكون لك لوحدي لكن اللى مصبرك هما البنات ؟ سيبها تسافر و لا تروح اى حته ، زى ما هى قالت من حقى استمتع بيك لوحدى زى ما هى عملت سنين طويله

    طارق : دى عايزه تسيب البنات يا مايسه ، حاتقدرى عليهم ؟

    مايسه : امال الشغالات اتعملوا ليه ، طبعا ً اقدر ، كل اللى حانعمله نجيب كمان مربيه جنب الشغاله بتاعتهم ، و الفيلا دى واسعه تكفينا كلنا ، انا موافقه على الى دينا بتقوله ، عارف ، انا خلاص مش حاتجوزك الا اذا سبتها تسافر ، انا مش متصوره انك عاوز تضيع فرصة ان ما يبقاليش فيك شريك
    قالت مايسه كلمتها الاخيره بحنان بالغ و اقتربت من طارق و لمست وجنته ، و كان يبدو كالمسحور من كلامها و نظراتها

    و حين عادت دينا تدق بكعبها العالى على ارض الريسبشن ، انتفض طارق و دفع مايسه لتجلس مره اخرى مكانها ، و قدمت دينا لهم المشروبات ثم جلست

    مايسه : ميرسى ، انا شايفه ان كلامك عين العقل يا مدام دينا ، و اذا كان على البنات انا صحيح باشتغل لكن اجيب لهم بدل المربيه تلاته ، من حقك تعيشى و تعملى الدكتوراه بتاعتك و من واجب طارق انه يصرف على بناته و يربيهم تحت عينيه

    دينا : ايه رايك يا طارق ؟ حتى مايسه موافقه انها تربى لك بناتك اهيه ، و الله زين ما اخترت ، بنت اصول حقيقى

    طارق : بس يا دينا حانتكلم بعدين

    مايسه : يعنى ايه بعدين يا طارق ، احنا دلوقت مصيرنا واحد ، و من حقنا كلنا نوصل لاتفاق مع بعض

    طارق : لا ، ما ينفعش يا مايسه بناتى تربيهم المربيات و الشغالات ، و انت نفسك لو خلفت حاخليكى تقعدى فى البيت عشان تربى ابنك او بنتك

    ردت مايسه بذكاء و قد بدأت تلمح لمعان عينى دينا : طبعاً يا حبيبى اقعد اول ما اخلف ، لكن ربنا ما يرضاش ان دينا تروح تبنى مستقبلها فى مصر و انا اهدم مستقبلى هنا ، كل واحد اولى بعياله ، خلى دينا تاخد بناتها معاها و تربيهم بمعرفتها ، و انا مستعده ادفع مرتبات الشغالات الفليبنيات اللى حاتاخدهم معاها مصر كمان

    اشتد لمعان عينا دينا بالسعاده و قالت : عليكى نور يا مايسه ، انا فعلا مش عاوزه اتقل عليكى ، كل اللى انا عاوزاه انى اربى بناتى بنفسى فعلاً ، انت بقه الصغننه الحلوه ، حاولى يا ستى تاثرى على خطيبك عشان يرضى يسيبنى ارجع بيهم مصر ، و يصرف عليهم هناك لحد ما اخلص الدكتوراه

    مايسه : طبعا ً حاساعدك ، و مسألة انه يصرف على بناته دى متهيالى دى حاجه طبيعيه يا دينا و انا سعيده انى قابلت شخصيه محترمه زيك ، انا كنت متخيله انك حاتضربينى و تمسكى فى خناقى ، لكن بجد انت حد محترم و متحضر جدا ، اثبتى فعلا ان الست المصريه مش أنانيه ، وممكن تسعد واحده ست زيها و ربنا حايجازيكى خير

    دينا : بس انا عندى سؤال يا مايسه ، انت ليه ما اتجوزتيش لحد دلوقت بالرغم من شياكتك و جمالك

    مايسه : انا حاكون صريحه معاكى ، لما كنت فى مصر ، كان كل اللى بيتقدمولى شباب صغيرين و ما حليتهمش حاجه ، و انا كمان من اسره متوسطه ، عشان كده احلامى كانت كبيره فى حياه مرفهه و ما قدرتش ادفنها مع شاب فى مصر لسه يا يكون حاجه يا اما يفضل محلك سر ، و كبيره انه ياخدنى معاه بره و ممكن ينجح و ممكن لا ، عشان كده قررت مقدراتى تكون فى ايدى انا

    دينا : استغفر الله ، المقدرات دى بيد الله يا اخت مايسه

    مايسه : سورى ما قصدتش اللى فهمتيه ، قصدت انى ما اعتمدش على راجل ، اعتمد على نفسى عشان اعيش الحياه الهاى اللى كنت عاوزاها ، و وقت ما ييجى الحب ، ييجى من غير شروط و لا قيود

    دينا : و الله الفلوس دى اخر حاجه الواحد يفكر فيها ، انا بقه عكسك خالص ، اتجوزت طارق و ما كانش حيلته حاجه اطلاقا ، و راهنت عليه ، عشان كنت باحبه و حتى لو ما كانش وصل لاى حاجه ، كنت برضه حافضل احبه ، بس مش حاجه غريبه ان بنات كتير دلوقت نظرتها كده ، مش عاوزين يعيشوا صعوبة البدايات و لا موسم الحرث و الزراعه ، و عاوزين يوصلو وقت الحصاد اللى تعبت فيه ستات تانيه ؟

    مايسه : اوعى تفتكرى انى حبيت طارق عشان فلوسه ، انا حبيته كانسان و مش عاوزه منه اي حاجه ماديه ، انا عندى شقه واسعه فى مصر و مفروشه بالكامل و مش حاعتدى على اى حقوق ماديه ليكى او لبناتك

    دينا : و الله انا باشكرك على الموضوع ده جدا ، اصل الصوره اللى بنسمعها عن الزوجه التانيه دايما تكون عاوزه تستنزف راجل غنى ، لكن الشهاده لله انت مختلفه تماما يا مايسه عن كل ده بس اتمنى تحاولى تقنعى طارق باللى انا قلته ، ده حايكون احسن ليكى و له و للبنات

    ==============================

    و دعت مايسه دينا لكن شيئا ما منعها و منع دينا من ان تقبلان بعضهما ، لا زالتا غريمتين مهما ابدتا العكس و قام طارق ليوصل مايسه الى منزلها ، وفى الطريق تذكرت مايسه حياتها قبله
    كانت قد عملت فى مصر بعد تخرجها لسنوات ، قبل ان تواتيها فرصه السفر للخارج ، و ضاعت جهود امها هباءً فى ان تجعلها تقبل اى عريس فى مصر ، كانت تريد عريساً جاهزاً ، خاصة بعد فشل تجربتها فى الخطوبه لزميلها فى الجامعه ، و تركها حين لاحت له فرصة السفر لكندا و العمل هناك ، لقد عانت من الوحده فى ذلك البلد الشقيق لسنوات طويله ، كونت خلالها ثروه صغيره و قادت احدث السيارات و لبست اشهر الماركات ، لكن قلبها ظل كسيراً ، كل رجل ينظر اليها على انها صيد يمكن ان يقع بسهوله ، مما جعلها تنقلب هى نفسها الى صياد و كانت فريستها هى زوج وليس عشيق او صديق ، كان طارق الصيد المثالى ، دخل كبير ، وسيم ، متحرر بحدود ، و يسهل التاثير عليه كطفل صغير و كانت زوجته فى اواخر شهور حملها انذاك ، فازداد الامر سهوله و حين تمنعت عليه و رفضت التفريط دون زواج ، عرض عليها الزواج العرفى ، و عندما رفضت ، عرض عليها الزواج الرسمى مع الاحتفاظ بزوجته ، و اليوم اهدتها دينا كل ما تتمناه ، زوج لها وحدها ، لا تشاركها فيه اخرى ، من حقها ان تفرح قليلاً ، لماذا تصر كل امراه بانانيتها على ان زوجها لها وحدها طول العمر ، فلتعش و لتدع غيرها يعش ايضاً

    مايسه : بس انت عمرك ما قلتلى ان مراتك حلوه اوى كده

    طارق : ما انت عارفه ذوقى يا حبيبتى ، بس طبعا انت احلى بكتير

    مايسه : انا غيرانه منها يا طارق ، هى برضه الاصل و حاترجع الليله دى تبات فى حضنها ، و انا لوحدى ، زى ما دينا قالت انا من حقى اعيش و لو فتره قصيره فى عمرى و انت لي لوحدى ، ليه مش موافق تسفرها مصر مع بناتها و تديها كل حقوقها ، و تبقى تنزل لهم اجازات ، انا بحبك اوى يا طارق و بغير عليك اوى اوى و كمان فكرة بيعك الفيلا فى مصر دى فكره جباره ، بيعها و اشترى شقتين و احده لى و واحده ليها ، و ده يبقى عدل ، على الاقل احس انك تعبت و بذلت اى حاجه عشان تتجوزنى

    طارق : ازاى اسيبها تمشى هى و البنات يا مايسه ، مش حرام البنات تكبر من غير ابوهم و بعدين انا اديكى عينى مش حته شقة

    مايسه : حرام ليه ، ما مصر مليانه ناس كده ، الزوج فى ناحيه و الزوجه فى ناحيه ، حتى من غير ما الاب يتجوز ، بصراحه يا طارق انا شبطت فى موضوع انك تكون ليا لوحدى ولو حتى فى الاول عشان نتعود على بعض و نعيش حياه طبيعيه و صدقنى مش حاتندم

    طارق : حاضر يا مايسه حاضر ، حاتفاهم معاها و اشوف

    عاد طارق الى المنزل مباشرة ليجد الاطفال قد ناموا فى غرفهم ، و دينا متألقه كما هى فى انتظاره

    دينا : خلاص يا طارق ، انا مطمنه عليك ، اتجوزها ، بس خليك ليها لوحدها ، عشان انا فعلا احسن لى ارجع مصر بدل ما تبقى حياتنا كلها نكد ، مش حاستحمل وجودك مع واحده تانيه ، و مش حاطلب الطلاق ، بس حاطلب تنفذ وعدك و تكتب فى شقه فى مصر باسمى قبل ما تكتب على مايسه و حاستناك يا حبيبى تجيلى اجازات و تكون ليا لوحدى هناك

    اقترب طارق من زوجته و هو يحاول ان يطوقها بذراعيه : بس ايه الحلاوه دى ، البت ماتت من الغيره منك ، مش المفروض كان يحصل العكس ؟

    ضغطت دينا على نفسها حتى تتقبل لمساته و هى تقول : ما انا ليك برضه يا طارق و حافضل مراتك ، انت فاكر انى ممكن اسمح لراجل غيرك يلمسنى

    ازداد طارق اقترابا منها و قد اعمته رغباته عن كل ما سواها ، ذلك دأب من يسير وراء رغباته و قد فهمته دينا ، لذا كان من السهل السيطره عليه تماما ، كل ما يتطلبه الامر ان تضغط على نفسها قليلاً حتى يكتب لها الشقه باسمها فى القاهره و يؤمن وديعه محترمه للصرف من فوائدها على البنات
    تلك كانت خطتها ، لكنها لم تكن تنوى ان تمضى يوماً واحدا كزوجه لنصف رجل ، و قد استخدمت كل مكرها الليله لكى تثير غيرة مايسه ، و تجعلها اداه للضغط على طارق الى جانب ضغطها هى نفسها عليه لكى يتركها تمضى لحال سبيلها ، و بعدها لن تطلب منه الطلاق ، ستجبره عليه ، بل انها سوف تخلعه اذا استدعى الامر ، لكنها كانت تريد ان تؤمن حياتها و حياة بناتها قبل ان تقوم بذلك
    اما عقابه ، فقد رات بذكاءها ان زواجه من مايسه سيكون خير عقاب
    و اتصلت دينا بعمر لتبلغه باخر التطورات

    عمر : ايوه كده ، طول عمرى اقول عليكى اذكى واحده فينا ، دا انتى كنت الاولى على الدفعه يا دينا

    دينا : اه بس ردمت على ذكائى و تفوقى و سبت نفسى لطارق عشان يلعب بيا زى ما هو عاوز ، خلى بالك يا عمر هو لسه ما عندوش فكره انك انت و ماما تعرفوا اللى جرى بيننا و قلت له انكم فاكرينى نازله مصر اكمل دراستى و ادخل حلا المدرسه هناك عشان المدارس هنا غاليه اوى ، فهم ماما عشان انا ممكن انزل لكم فى خلال وقت قليل عشان حلا تلحق المدرسه

    عمر : بيتى تحت امرك طول العمر يا حبيبتى اهم حاجه تكونى انت مرتاحه

    دينا : الحمد لله انا فى منتهى الرضا ، ده نصيبى ، بس انا حاقعد عندكم مسافة ما اشترى شقه و افرشها بس

    عمر : بصى يا دينا ، الشقه اللى قصادى فى العماره معروضه للبيع ، هى متشطبه و جاهزه على الفرش بس ، و سعرها خيالى ، عشان صحابها مسافرين بره و عاوزين فلوس كاش

    دينا : طيب حاكلم طارق و ارد عليك بكره يا عمر و اهو احسن حاجه انها قصادك عشان ما احسش انى لوحدى يا حبيبى
    و فى المساء حضر طارق و طلب الحديث مع دينا

    طارق : انت لسه مصره على السفر يا دينا

    دينا : سيبنى اسافر بلدى و اهدى اعصابى شويه و اخد على الوضع الجديد ، و مين عارف ، ممكن الشوق يجيبنى تانى فى شهر يا حبيبى ، بس ارجوك تشتري لى شقه اقعد فيها ،عشان ما اتقلش على عمر ، و اهو تاخد فرصتك مع العروسه الجديده
    قالت تلك الكلمه و مثل قديم يرن فى عقلها ( يا ناكر خيري بكره تعرف زمني من زمن غيري )

    طارق : بس انا مزنوق مادياً دلوقت و انت زنقتينى اكتر عشان مايسه متمسكه بسفرك ، و مشترطه مش حاتتمم الجوازه الا لما تسافري

    ابتلعت دينا الامها بالرغم من انها سعت لذلك ، كانت تريد اثارة غيرة مايسه منها ، حتى تضطرها للضغط على طارق و مساعدتها على السفر ، كانت تعلم انه ما من سبيل لتغيير ما انتواه طارق ، كل ما تستطيعه هو ان تخرج بأقل الخسائر

    دينا : طيب و ماله ، حقها زى ما قلت لك ، انا عاوزاك تنزل مصر معايا او حتى تقول لعمر انه يبيع ايصال حجز فيلا التجمع ، احنا كنا دافعين فيه مليون و نص ، دلوقت يسوى تلاته مليون ، و هو بالتوكيل اللى معاه حايبيع و يشترى لى شقه وعربيه صغيره كده عشان اوصل البنت المدرسه ، و يبعت لك باقى الفلوس

    طارق : طيب و الشقه دى حانلاقيها فى يوم وليله كده ، و تتفرش امتى ، انا عاوز اخلص من الموال ده و مش حاقدر انزل مصر اجازه و بعدها بكام يوم اخد اجازه تانى عشان شهر العسل

    مزقت كلمة شهر العسل قلب دينا لكنها تحاملت على نفسها و قالت : صح عندك حق ، بس عمر كان حاكيلى على شقه فى نفس عمارته و معروضه للبيع ، حاسأله اذا كانت لسه موجوده كده و ربنا يفرجها بس اهم حاجه نبيع الفيلا عشان فى مشترى جاهز

    طارق : اوكى ، اوكى ، عمر معاه التوكيل و انا واثق فى تصرفه ، بس سؤال صغير ، انت قلت ايه لعيلتك عن موضوع نزولك مصر ؟

    دينا : ما تقلقش ، و لا حاجه ، كل اللى قلته انى عاوزه اعمل الماجستير و الدكتوراه و ان شغلك حايخليك تسافر كتير و تسيبنا فقلنا نقعد فى مصر احسن ما نقعد لوحدنا فى الغربه

    طارق : طول عمرك عاقله ، مافيش داعى للشوشره فى العيله

    دينا : صح يا طارق مافيش داعى

    كان رمضان قد اقترب من منتصفه ، و قدمت ساره اوراق ابنة دينا بالمدرسه مع يحيى ، و بعدها استطاع عمر بيع الفيلا فعلاً قبل وصول دينا
    ويوم وصولها حرصت ساره على انتظارها بالمطار مع عمر و تركت الاولاد مع حماتها بالمنزل ، و ابدت ترحاباً كبيراً بها فى المطار و اصطحبتها مباشره الى المنزل
    حيث كانت رتبت امورها ، و جعلت حماتها تنام فى سرير مريم ، بينما اخذت هى مريم الى جوارها فى غرفتها و تركت غرفة حماتها بعد تفريغ الدواليب لتكون تحت تصرف دينا و بناتها
    و بعد الافطار و الحفاوه من الكل ، و دموع كثيره ذرفتها الام على ابنتها المتماسكه ظاهرياً جلس عمل مع دينا منفردين

    عمر : انا بعت الفيلا يا دينا بتلاته مليون و ميتين الف ، ودفعت تمن الشقه اللى قصادنا وبقية الفلوس حطيتهم فى حسابكم المشترك فى البنك عشان المفروض انا ما اعرفش حاجه .

    دينا : عليك نور يا عمر ، ما انا قايلاله انك حاتحط الفلوس باسمى ، انت تعرف بنك ايه ممكن نعمل فيه شهادات بعائد كبير ؟

    عمر : انت ناويه على ايه ؟

    دينا : ناويه على ايه ؟ هاهاهاها ، بكره الصبح ان شاء الله تعرف انا ناويه على ايه


    ==============================

    الحلقة السادسة




    عمر : لا يا دينا مش حاستنى للصبح الراجل وثق فيا و ده مالوش دعوه بخلافاتكم

    دينا : طيب الراجل اللى وثق فيك ده قالك اعمل ايه فى الفلوس بالضبط ؟

    عمر : قاللى بيع الفيلا و اشترى الشقه باسم دينا و حط بقية الفلوس فى البنك

    دينا : عليك نور ، و احنا مالناش غير حساب واحد فى البنك ، و الحساب ده مشترك ، يعنى ممكن انا اسحب منه بعد ما انت تحط الفلوس و ده اللى حايحصل ، طارق ما عندوش فكره انك تعرف مصايبه دى ، هو فاكرنى مخبيه عليكم و دى كانت نصيحة ماما و احسن نصيحه بصراحه ، دلوقت يا عمر الفلوس دى هو حوشها ازاى ، مش بتعبى معاه فى الغربه ، لما كنت استخسر فى نفسى هدوم او بارفان او حاجه غاليه ، حتى هدايا اهلى كنت باجيبها فى اضيق الحدود و غالبا من فلوسى انا اللى عمرى ما فصلتها عن فلوسه و كنت باحطها فى نفس الحساب ده ، عمرى ما طالبته بذهب او عربيه او اى حاجه من اى نوع ، حتى لما راح اشترالى عربيه هناك كانت عشان اوصل البنت المدرسه و اقضى مشاوير البيت ، يعنى سواقه عليها ، مش من حقه بعد رحلة الكفاح دى اللى بدات بشقه اوضه واحده مفتوحه على الصاله ، انه يحتفظ بالفلوس كلها لنفسه او يصرفها على الهانم الجديده

    عمر :يعنى انت ناويه على ايه برضه انا مش فاهم يا دينا

    دينا : ابداً ، حاعمل ثلاث شهادات لكل بنت من البنات ، بنص مليون جنيه الواحده ، مش حاخد حاجه لنفسى ، و الشهادات دى حايكون ليها ريع حاصرفه عليهم لحد ما يكبروا ان شاء الله ، ده طبعا لو رفض يصرف عليهم ، اما لو بعت لهم مصاريفهم بما يرضى الله ، انا هاخلى الفلوس زى ما هى فى البنك و تزيد باذن الله لحد ما البنات تكبر ،صدقنى يا عمر ده مش عقاب ليه اد ما هو امان للبنات دول ، تقدر تقولى لو الست الجديده ميلت دماغه و خلته يتنكر لهم و ما يصرفش عليهم حايعملوا ايه ؟ انت عارف ان هى اللى اثرت عليه عشان يرضى انزل مصر ، يعنى ممكن تاثر عليه فى اى حاجه عشان هو خلاص بقه يجرى ورا شهواته و نسى كل حاجه تانيه حتى بناته ، كمان انا محتاجه اشترى عربيه عشان اعرف اتحرك و اودى الولاد المدرسه و اجيب طلبات البيت و البنات ، و مش حاعمل ده فى السر يا عمر ، انا حابلغه انك حطيت الفلوس زى ما قالك و انى انا اللى عملت كده عشان ما يكونش لك انت اى دخل فى الموضوع

    عمر : طيب كده اتنين مليون بما فيها تمن شقتك و حاتديله الباقى ، صح ؟

    دينا : ما تسالنيش دلوقت يا عمر ، حاتعرف كل حاجه بعدين ، بس اهم حاجه انك انت بره الموضوع خالص

    عمر : يعنى ايه يا دينا ، انا مارضاش ان اختى كمان تقع فى الغلط و تنصب على جوزها

    دينا : ارجوك ما تتسرعش فى الحكم و استنى شويه عليا

    فكرت ساره :
    البت دينا دى ، دماغ و الله ، قال و انا كنت فاكره نفسى فتحت عكا يوم ما رحت و شفت زميلة عمر اللى كان يدوب معجب بيها ، ايه الاعصاب الحديد دى ، بس صحيح الحاجه ام الاختراع ، دى ام و بتشوف ولادها و شقاها فى الغربه بيضيع كله ، يا ريت بيضيع ده واحده تانيه بتستولى عليه ، كان لازم تخترع ، على ذكر الاختراعات بقه ، ايه الشغاله الفلبينيه دى ، هو ده الاختراع الحقيقى ، معقوله ، البت تقوم الصبح تستحمى و تغير هدومها و تشتغل زى المكنه اللى من غير صوت ، ترتيب و توضيب و تحضير فطار ، و حتى العيال تحميهم ، و تغسل الغسيل و تنشره ، و تكويه كله ، حتى اكياس المخدات و الشرابات كوتها ، هو فيه كده ؟
    كانت سار ه فى الواقع مرحبه بدينا منذ علمت بازمتها ، لكن الشغاله التى اتت بها دينا اذهلت ساره ، خاصه بعد ان قاست ساره الامرين فى شغل البيت منذ بداية رمضان .
    و فى اليوم التالى استأذن عمر من عمله و ذهب مع دينا للبنك ، حيث قامت بسحب كل الرصيد ، و جمدت شهادات باسم البنات كما قالت ، ثم اقتطعت مبلغاً لشراء سياره جيده ، و قامت بوضع باقى الاموال باسمها فى حساب جارى و استخرجت له دفتر شيكات و فى المساء اتصلت بطارق .

    طارق : ايوه يا حبيبتى ، و حشتينى يا دينا اوى ، هاه عمر اشترى الشقه ؟

    ردت دينا بصوت بارد : ايوه اشتراها و حط لك بقية الفلوس فى البنك

    طارق : طيب كويس ممكن تشترى عربيه زى ما طلبتى يا حبيبتى ، و انت عارفه ان الحساب مشترك و ممكن تسحبى اللى انت عاوزاه ، بس عاوزك تحولى لى نص مليون زى تمن شقتك على هنا

    دينا : ليه ؟

    طارق : عشان مايسه يا ستى شبطت فى الكلمه و قالت لى انها عاوزه تمن الشقه اللى فى مصر عشان هى فعلا عندها شقه ، لكن حتاخد الفلوس بعد كتب الكتاب ، بدل مهر و شبكه و كده

    دينا : مم و انتم خلاص حاتكتبو فى العيد ؟

    طارق : ايوه بس حانزل قبلها مصر اقضى معاكم كام يوم ، البنات وحشونى اوى ، و هى كمان حاتيجى عشان نكتب الكتاب عندهم فى البيت ع الضيق كده

    دينا : و ع الضيق ليه ؟ ما تعملها فرح كبير زى اللى عملته ليا فى نادى المعلمين تبع والدك

    دهش طارق من اسلوبها و سالها : ايه يا دودى ، طريقة كلامك كده فيها حاجه مش عاجبانى

    دينا : انت كنت دافعلى مهر كام يا طارق ،و جايبلى شبكه بكام ؟

    طارق : ايه الاسئله دى ؟

    دينا : حاريحك كنت دافع خمستلاف جنيه يادوب بابا جابلى بيهم الانتريه ، و الشبكه كانت اسوره و خاتم دهب تمنهم الفين جنيه ، و طبعا كان فى حرب مع اهلى عشان يوافقوا على الكلام ده ، و احنا اتفقنا ان مايسه تتعادل معايا فى كل حاجه ، انا سبتك ليها كلك ، يبقى اقل حاجه انها تبدأ نفسى بدايتي ، انت ما كتبتليش شقه يا طارق الا بعد جوازنا بتسع سنين و بعد كمان ما قررت تتجوز عليا ، ليه تكتبلها من دلوقت شقه ، مش لما تقضى الفتره القانونيه و تنوى تتجوز عليها ، تبقى تعمل معاها كده ، و بعدين مش الهانم قالتلك انها ما يهمهاش الفلوس خالص و مش عاوزه حاجه غيرك ، و اديك اهوه معاها ، خليها تشبع بيك يا طارق

    طارق : ايه ده يا دينا ، ده ما كانش اتفاقنا ، انا بكره حاروح اسحب الفلوس كلها ، انا حر و دى فلوسي اعمل بيها اللى انا عاوزه

    دينا : لا يا حبيبي ، مش معنى انك اشتغلت بيها انها فلوسك ، المال كله مال الله ، و الرزق ده كان بيجيلك و انا فى بيتك و بناتك كمان ، مين عالم الرزق ده كان مبعوت لمين ، بس اكيد ما كانش مبعوت ل ***** اللى حاتتجوزها ، اللى رفضت الشباب اللى كان زيك فى بدايتك و سابتهم لي انا ، ادلع و اهنن و استحمل قرف الغربه و صعوبات البدايه و خنقة انى اقعد بالتلات سنين من غير ما انزل اجازه عشان اوفرلك قرشين ، و ابويا يموت من غير ما اشوفه ، و اخويا يخلف ما اشوفش ولاده الا بعدها بسنين ، كل ده تيجى الهانم كده تاخده على الجاهز ، انا عاوزه اتطلق يا طارق ، النهارده تطلقنى ، انا عمرى ما حاكون لك تانى ابداً ، و لو ما طلقتنيش حاخلعك و اخلى فضيحتك بجلاجل فى بلد زى اللى انت بتشتغل و ليك مركز فيها دى

    طارق : ايوه كده اظهرى على حقيقتك ، انا كان قلبى حاسس لما قعدتى تدلعى فيا و توهمينى انك موافقه على جوازى ، انا ما كنتش فاكرك لئيمه كده ، كل ده يطلع منك ، ده انا مربيكى على ايدى يا دينا ، بصى عاوزه تتطلقى انا مش حامسك فيكى ، لكن مش حايوصلك منى ولا مليم يا دينا ، فاهمه

    دينا : ما انا و الله كنت عارفه انك **** ، عشان كده عملت حسابى يا طارق ، انا يشرفنى اقولك ان رصيد حضرتك فى البنك سبعتلاف و خمسمية جنيه ، المهر و الشبكه بتوع الغندوره ، عشان لو خلعتك المحكمه حاتحكملك بيهم دول مهرى و شبكتى يا استاذ طارق

    طارق : يا نهارك اسود ، انا نازل مصر بكره ، و الله انا حاعرفك مين طارق

    دينا : مين طارق يعنى ، انسان انانى و بيجرى وراء غرايزه ، عشان كده ربنا عماك عن التفكير و خلانى الف الحبل حوالين رقبتك ، ورينى حتاخدك ازاى الست مايسه و انت ما فيش حيلتك غير مرتبك ، و حتى ده اكبر بكتير من اللى كان حيلتك ساعة ما اتجوزتك

    اغلق طارق السماعه و راسه تكاد تنفجر من الصداع ، لقد وضع كل ما يملك فى هذه الفيلا ، حتى سيارته فى مصر باعها قبل ان يسافر حتى يستطيع اكمال الاقساط ، و بالفعل اكمل معظم ثمنها ، كاد يطير فرحا حين علم ان امواله تضاعفت ثلاثة مرات او يزيد ، كانت كلها فكرة دينا

    دينا ؟

    فعلا ، كانت هى من اشارت عليه بشراء الشقه الاولى بمائة الف ليبيعها من عامين بثلاثمائه ، و هى التى اشارت عليه ببيعها و شراء فيلا التجمع ، و هى التى شدت الحزام على نفسها حتى يستطيع الوفاء بالافساط
    لكن ده برضه ما يبررش انها تسرقنى
    قال تلك الجمله بصوت عال اندهش هو نفسه من مدى علوه

    و فى خلال ساعات كان قد حجز تذكرة عوده لمصر و اخذ اجازه قصيره من عمله ، لابد من معالجة الموقف بحكمه قبل ان يخسر كل شىء ، يا سبحان الله ، امبارح يا طارق كنت فاكر نفسك كسبت كل شىء و النهارده بتحاول بس انك ما تخسرش كل حاجه مره و احده
    و اتصلت به مايسه لتعاتبه لعدم حضوره فى الميعاد لمقابلتها بعد الافطار رد عليها مهموماً :

    معلش حصل ظروف و انا مسافر بكره مصر يا مايسه

    مايسه : اااه ابتدينا بقه الست وحشتك ولا ضحكت عليك و قالت لك البت عيانه و لا ايه .؟

    طارق : لا الست سرقتنى يا مايسه ، خدت كل اللى حيلتى و سابتنى على الحديده

    مايسه : يا نهار اسود ، و ده حصل ازاى ده

    طارق : مش عارفه حصل ازاى ، انت السبب يا هانم ، ما كانتش حاتاخد حق ولا باطل لو اترزعت هنا و قعدت تربى عيالها ، او حتى لو ركبت راسها و رجعت مصر من غير رضايا ما كنتش حاديها ولا مليم و اسيبها متشرده فى بيوت اخواتها لحد ما ترجع زى ال**** ، لكن ضغطكم انتو الاتنين عليا خلانى مش عارف افكر ، و كل اللى عاوزه انى ارضيكم

    مايسه : ترضينا؟ لا اصحى و فوق كده عشان انت ما عمرك ما فكرت تراضى حد غير نفسك

    اوعى يغرك التايير و التسريحه اللى انا عاملاهم دول ، انا ميضحكش عليا، عارف يعنى ايه ؟ يعنى اوديك انت و الننوسه بتاعتك دى البحر و اجيبكم عطشانين ، اوعى تفتكر انك انت و هى حاتعملوهم عليا ، و تاكلونى الاونطه و تتجوزنى ببلاش و تطلع هى كسبانه ، انا مش حاتجوز الا لما تدينى تمن شقه زى شقتها و فوقها كمان شبكه محترمه ، اوعى تكون فاكرنى هبله

    طارق : هبله ؟ و ننوسه ؟ ايه الكلام ده يا مايسه انت عمرك ما كلمتينى كده ، و خطه ايه اللى حانعملها عليكى ، دينا فعلا خدت كل اللى حليلتى و قالتلى انك لازم تبدأى معايا زى ما هى بدات من الصفر ، و بعدين فلوس ايه يا مايسه ، انا و انت بنشتغل و ممكن نعوض موضوع الفلوس ده فى سنه و لا سنتين

    مايسه : يبقى ما اعطلكش يا حبيبى ، معادنا كمان سنه و لا سنتين ، و بعدين لو كنت عاوزه ابتدى من الاول و اكافح زى جميله بو حريد بتاعتك دى كان ايه اللى منعنى ، انما انا قلت اخد حد يأمن لى مستقبلى و فى نفس الوقت اشتغل و اكافح يا سيدى زى ما نت عاوز ، لكن ما تاخدنيش بلاش كده

    بدات اعصاب طارق فى التوتر و احس انه بالفعل يخسر كل شىء حتى مايسه التى ظنها ستقف الى جواره سيخسرها الان ، كم كان مخطئاً حين فكر فى ان يتزوج تلك المراه السوقيه صاحبة الالف قناع على زوجته التى احبته سنينا و صبرت على ظروفه لكنه ضغط على اعصابه و رد قائلاً

    طارق : كده يا مايسه ، و انا اللى كنت متوقع انك تقفى جنبى مهما كانت الظروف

    مايسه : اقف جنبك ..,؟ انت فاكر انى كان ممكن اامن لك يا طارق ، انت بعت مراتك عشرة عمرك اللى عرفت منها انكم بتحبوا بعض من ايام الجامعه ، و سهل اوى انك تبيعنى ، انا حاستنى لما ترجع من مصر ، و تصفى امورك مع الهانم و ساعتها نتكلم

    كان احمد يجلس على سلالم مبنى كليته ، و ذلك لاغلاق كل الكافتريات فى رمضان و معه عدد من زملاءه و زميلاته ، و بعد قليل مرت مروه و الفت السلام على الجميع و مضت الى المدرج
    منذ بداية رمضان لم يقف معها و لم يكلمها ، صحيح انها قابلها فى الدرس بعد الظهر ، و اخذ منها كشكول لا يحتاجه ، لكنه اليوم رأى فى عينيها نظرة احس منها انها تريد الحديث معه ، فترك اصدقاءه و صعد الى المبنى وراءها ، و امام المدرج

    مروه : ازيك يا احمد ، انت .......... اوى

    احمد : انت .......... اكتر

    كانت تلك طريقتهما فى قول باحبك او وحشتنى او اى من هذا الكلام ، كانا يفهمان بعضهما دون كلام ، لكن فى بعض الاحيان كانا يحتاجان بشده للتعبير عن مشاعرهما فابتكرا تلك الطريقه مجرد سكته بين الكلمات ليفهم كل منهما ما يريد الاخر قوله

    مروه : الخميس اللى فات جالى عريس ، جابهولى جوز اختى الكبيره

    احمد : ايه ده بقه ع الصبح ، و بعدين جه بيتكم و شافك و كده

    مروه : لا طبعاً ، ياما حصل قبل كده و ما كنتش باقولك ، و انا كنت بارفض حتى مجرد ان حد ييجى البيت لكن دلوقت انا فى بكالوريوس و ما ليش حجه فى الرفض

    احمد : طيب و بعدين يا مروه ، ما تصارحى مامتك و هى حاتفهم

    مروه : نفسى اصارحها يا احمد ، بس كل ما اجى اكلم الكلام يقف على طرف لسانى و اتراجع

    احمد : طيب حانعمل ايه ؟

    مروه : طبعا ماما و اختى ضاغطين عليا عشان اشوفه ، و لو حتى فى النادى او بره البيت و قلت لهم طيب بعد رمضان عشان اسكتهم

    احمد : طيب يا مروه ممكن تعرفى اختك بينك و بينها اننا مرتبطين

    مروه : اختى اصعب من ماما و بابا ، و لو عرفت حاتعمل لى فضيحه ، عشان بابا كان مزنق عليها طول عمره و اتجوزت جوزها ده بعد قعدتين من غير ما تعرفه كويس ، و شايفه ان ده اكبر صح

    احمد : ده اللى انا عامل حسابه ، طيب يا مروه انا عارف انك تحت ضغط ، بس انا هاحاول مع بابا انى اجى اخطبك على العيد

    مروه : بجد يا احمد ؟ ينفع ؟

    احمد : ما انتى شايفه طول النهار زمايلنا بيتخطبو ، ان شاء الله ينفع ، ادعي بس ان باباكى يوافق و ما يقولش انت عيل و لسه ما اتخرجتش و الحوار ده

    مروه : لا ما هو ساعتها لما تكون خلاص حاتتقدم ، انا ممكن اقول لماما تقف جنبنا ، وهى اصلاً معجبه بيك اوى و بمامتك كمان من ساعة ما شافتكم فى مارينا

    احمد : انا هاحاول يا مروه ، ما اقدرش استحمل انك تضيعى منى ، انت مش عارفه انت ايه بالنسبه لى

    ابتسمت مروه بخجل و ارخت عينيها و قالت : انا ايه

    احمد : اللهم انى صايم ، حاكلمك بعد الفطار اقولك انت ايه

    عاد احمد من الجامعه الى منزل اخته مباشرة و دخل عليها المطبخ و قال بسرعه : ساره انا عاوز اخطب مروه ع العيد ، حاتقولى لى طالب و مش طالب ، ماليش دعوه ، انا حاسس انى ممكن اقعد اتلكع كده لحد ما تضيع منى

    ساره : ايه يا بنى ، الحب وصل للشجر خلاص ؟

    احمد ضاحكاً : شجر ؟ الله يسامحك ، على اساس بتكلمى شمبانزى انت ، بجد يا ساره انا محتاج احس انها خطيبتى عشان الناس تسكت و تبعد عنها و ........... عنى انا كمان

    ساره : عنك ؟ طيب هى و ممكن افهم ان فى عرسان او حد بيتقدم لها خاصة انها بنت ممتازه الحقيقه ، لكن ايه حكايتك انت بقه ؟؟

    احمد : هى بيتقدملها عرسان و لو خطبتها الموضوع ده حايريحها و يحميها من ضغط اهلها عليها ، اما انا ياستى فى واحده بقالها شهرين بتجرى ورايا ، و خدت تليفونى من واحد صاحبى ، و كل املها بس انى اقابلها و اتكلم معاها

    ساره : بنت بتجرى ورا ولد ؟ ايه يا بنى بتهزر انت ؟

    احمد : لا مش باهزر و الله ، و مش حاقدر اقولك بتقول ايه ، و بتكلمنى ازاى ، طبعا كل ده ما بيحصلش مع مروه ، انا باحترمها و هى بتحترمنى جدا ، و تقريبا ما فيش بيننا كلام حب لكوننا مش مخطوبين ، لما نتخطب ممكن ساعتها البنت دى تبعد عنى ، و قربى من مروه حايحمينى يا ساره ، لكن دلوقت هى مش عاتقانى ، ادخل النادى الاقيها قدامى ، اخرج الاقيها قاعده على عربيتى ، و خليت تلاته اربعه صحابى يردوا على موبايلى و يقولوها انى مش عاوز اكلمها تانى لكن هى برضه ما بتزهقش ، ولما قلت لها انا مرتبط ، قالتلى مرتبط بمين و طول ما انت مش خاطب ولا متجوز يبقى ما عندهاش مانع انها تتكلم و تخرج معايا كمان ، و انا بنى ادم برضه

    ==============================
    الحلقة السابعة


    دخلت مروه غرفتها ، و هى تطير فوق سحابه بيضاء منذ قابلت احمد اليوم
    كم مضى عليها من الوقت و هى تحبه ، سنوات ، منذ كانت فى الصف الرابع الابتدائى ، جرحت فى رحلة المدرسه ، كل الاولاد و البنات ذهبوا لمنازلهم ، الا احمد ، ظل الى جوارها فى المستشفى الا بعد ان جاء والداها ، و تحمل يومها تانيب اسرته لتاخره فى الرحله ، لقد نسى هو هذه القصه ، لكنها ابداً لم تنسها ، على عمره الصغير وقتها كان رجلاً ، و لازال ، اكثر من قابلتهم فى حياتها شهامه و رجوله وفى نفس الوقت حياء
    مزيج غريب قلما يجتمع فى انسان واحد ، يوم قابل امها فى مارينا، ظنت امها ان صوته مبحوح ، لم يكد يرفع صوته فى حضرة امها ، و امه
    كان احمد ملكاً متوجاً على قلوب عائلته كلها ، و على قلبها هى الاخرى ، تحبه ، منذ حملها الى المستشفى ، تحبه ، و كل ما تتمناه من الله ان يجمع بينهما فى حلاله ، و ان يحملها الى بيته ، كانت مستعده ان تسكن معه فى منزل اسرته ، فقط لتكون معه
    لم تفصح له يوماً عن تلك المشاعر ، بل انها انتظرت سنوات حتى رات منه اشاره ، لان كرامتها ابداً لم تسمح لها ان تبدا بالكلام معه
    رغم ان عدداً من صديقاتها ظللن يرسمن خططاً لها لكى تشعره بوجودها ، لكنها لم تكن لتضغط عليه كى يحس بحبها
    و قد وصلتها رسالته ، يوم بعث لها اغنية ، قالت كل ما فى قلبه ، كل ما يقلقها هو غيرتها و غيرته الجنونيتان ، انها تعترف انها تغار عليه اكثر مما يغار عليها ، البنات حوله فى الكليه يتحدثن عنه و عن امثاله من الشباب اصحاب السيارات المرتاحين مادياً كانهم صيد ثمين لابد من الخروج بواحد منهم من الكليه
    لكنها لم تكن تبغ عريساً ، كذلك منصب والدها و مركزه يضمن لها زيجه مرموقه باذن الله
    بس انا مش عايزه غير احمد
    قالت تلك الجمله بصوت عالى حمل كل حبها له ، حتى تلفتت حولها خشية ان تكون امها قد سمعتها ، ثم غيرت ملابسها و توضات لصلاة العصر و بعد صلاتها دعت ربها ان يقسم لها الخير حيث كان و يرضها به
    و بعد الافطار ، ذهبت مع والدتها لصلاة التراويح كعادتهم ، و اثناء خروجهم قابلت ...............ساره

    مروه : ازيك يا ساره ، انا مروه زميلة احمد

    احتضنتها ساره و ردت : و انا ممكن انساكى يا مروه ، ما شاء الله عليكى ، تصدقى شكلك بالاسدال كده و من غير ماكياج زى القمر
    فى تلك اللحظه حضرت ام مروه و سلمت على ساره بحفاوه شديده : لا انا زعلانه يا ساره ، مش اتفقنا اننا نشوف بعض تانى ، من ساعة المصيف ما شفناكوش

    ساره : و الله انشغلت فى التقديم ليحيى فى المدرسه و كمان اشتغلت ، لكن احنا فيها ، ايه راى حضرتك نتقابل بكره على السحور فى اى مكان بره ، حاسال كده عن مكان مناسب و اتصل بحضرتك يا طنط

    ام مروه : خلاص اتفقنا ، اكلم بابا مروه بس و ارد عليكى انامعايا نمرتك يا ساره من ايام مارينا ، امال فين الباشمهندس عمر ؟ ولا انت بتصلى هنا لوحدك

    كانت السيدات قد وصلن الى مركن السيارات ، و كان احمد منتظراً ساره بجانب سيارته .

    ساره : لا انا معايا احمد بس ، عمر النهارده للاسف عنده شغل متاخر و قالى حايصلى فى مسجد جنب شغله

    سلمت ام مروه على احمد و هى ترقب عينا ابنتها تلمعان من السعاده ، و كذلك عيناه لكنه لم يمد يده للسلام على مروه ، فقط والدتها التى مدت يداها اولاً فسلم عليها
    و بعد دقائق فى السياره

    احمد : عملتى ايه ؟ ما لحقتيش تقولى حاجه طبعاً ، انا غبى ، كان المفروض اتاخر شويه ، بس معـ.....

    ساره : ا ييه اسكت شويه يا اخى ، لوك لوك لوك ايه ده ؟

    احمد : يبقى قلتيلهم حاجه ، وحيات ابوكى يا شيخه قلتى حاجه

    ساره : هاهاهاهاها، احسن بكتير ، اتفقت معاهم بكره نتسحر سوا فى مطعم و طبعاً انت حاتكون موجود و كمان عمر ، بس مش عارفه ماما حاترضى تيجى ولا مش حاترضى

    احمد : حاترضى يا ساره ، انا عمرى ما طلبت منها حاجه من وانا صغير اصلا ، حاقولها ده اول و اخر طلب

    ساره : يا بكاش ، ده انت لسه طالب منها طلب و انت نازل دلوقت هاهاهاهاها، ربنا يخليهالنا يا احمد ، ما حدش يقدر يحبك اكتر منها ابدا

    احمد : لا فيه ، انت يا ساره ، مامتى الصغيره ، ده اسمك الجديد ايه رايك و اديكى بتخطبى لى اهوه

    ساره : لا يا خويا ، انا ابنى فى كى جى وان ، مالى انا و مال اللى طولى مره و نص ده ، لسه بدرى عليا اوى هاهاها
    تضاحك الاثنان طوال طريق العوده و احمد يشكر لساره مجهوداتها معه ، التى كانت فى بداياتها ، اذ كان لازالت هناك معركه مع ابيه الذى يرفض خطوبته او زواجه وهو لازال طالباً بشده
    و صلت ساره لتجد طارق قد وصل ، و طلب الكلام مع دينا على انفراد ، بعد السلام على الاهل و كان شيئاً لم يكن
    دعته دينا للدخول الى الشقه الجديده اذ كان الانتريه قد وصل بالفعل و دخلت هى و هو الى بيتهما الجديد

    طارق : ما كنتش اتصور تسرقينى يا دينا
    دينا : اسرقك ؟ سرقت ايه يا طارق
    طارق : شقايا ، سنين الغربه كل شقاها راح
    دينا : ليه يا طارق انت مرتبك كام من وظيفتك هناك ، عشرة الاف ، عشرين الف جنيه ، يعنى لو حوشتهم كلهم على بعض عمرهم ما حايكملوا ربع الثروه دى ، مين اللى كانت بتربط الحزام على نفسها و على عيالها و تحرم نفسها من رؤية اهلها عشان خاطر تستثمر انت الفلوس دى فى عقارات تكسبك المبالغ دى فى وقت قياسى
    طارق : ايوه يا ستى ، دى كانت شورتك ، انت اللى قلتى نشترى شقه و فيلا و كده عشان الحاجات دى بتغلى ، لكن ده مش معناه انك تاخديهم
    دينا : سبق و قلتلك انا ما اخدتش حاجه ليا خالص ، انا عملت شهادات لكل بنت بنص مليون جنيه و انت اللى طلبت منى اجيب الشقه باسمى و ده اقل حق ليا يا طارق ، ولا انت ايه رايك ؟
    طارق : طيب خلاص ، انا موافق ، دول بناتى و ملزمين منى ، لكن ممكن اخد بقية الفلوس يا دينا
    دينا : يعنى انت موافق على شهادات البنات ، و على انى اخد ريعهم كل شهر و اصرف عليهم منه
    طارق : ايوه يا دينا ، انا عارف انى غلطت فى حقك ، لكن ارجوكى ما تضيعيش كل تعبى هدر كده ، ممكن ترجعى لى بقية الفلوس يا دينا ، انا عرفت من البنك ان الحساب فعلا ما فيهوش غير سبعتلاف و خمسمية جنيه
    دينا : فعلا ، بس ممكن اسالك سؤال شخصى ، مايسه عرفت انك بقيت على الحديده ؟
    طارق : و لازمتها ايه السيره دى يا دينا ، انسى مايسه دى خالص ، كانها ما ظهرتش فى حياتنا
    دينا : ياه يا طارق ، قول للزمان ارجع يا زمان ، فى جروح كده ما لهاش دوا ، جرحى فيك ده ما لوش دواء يا طارق ، ولا كل فلوس الدنيا تعوضنى عن اللى انت عملته
    طارق : انا ما عملتش حاجه حرام ، جواز على سنة الله و رسوله
    دينا : تانى يا طارق انت ما فيش فايده فيك ، و الخيانه لمدة سنه و مقابلاتكو فى السر و كذبك عليا ، كل ده مش عيب و لا حرام ؟
    طارق : طيب ليه ما اتكلمتيش ، ليه ما حاولتيش تخلينى ارجع فى راييى و ارجع لك ، ليه قفلتى عليكى باب اوضتك و ما اتكلمتيش و لا حتى طلبتى منى اسيبها ، طلبتى من اسيبك انت
    دينا : عشان لو انت مش عاوزنى يا طارق يبقى انا كمان للاسف مش عاوزاك ، عشان كده ما احاولتش ارجعك ليا ، لكن اعتقد انى حاولت اخليك ترجع فى رايك ، بدليل انك رجعت اهوه ، كسفتك مايسه صح ؟ كانت عامله نفسها مش هاممها فلوسك و عايزاك لشخصك بس لما قلتلها ان فلوسك مراتك خدتها سابتك صح ؟ مش بعيد كمان تكون افتكرتنا انا و انت متفقين مع بعض عليها
    ذهل طارق و قال : انت عرفت منين ؟
    دينا : يا طارق ، انت مربينى و انا كمان معاشراك عمرى كله ، بس للاسف لا انت صنت العشره ولا عملت حساب عمرى اللى راح معاك هدر
    طارق : لاول مره يا دينا فى حياتى باقولك انا اسف و صدقينى يا دينا مش عشان الفلوس انا حقيقى اسف ، انت اغلى عندى من كل فلوس الدنيا ، بس ما كنتش فاكرك حاتتألمى الألم ده كله
    تنهدت دينا براحه ثم فتحت حقيبتها و اخرجت عددا من الاوراق و قالت : اتفضل ، ده شيك بمليون و نص حطيتهم فى حساب جارى النهارده و كتبت الشيك ده لصالحك قبل ما اخرج من البنك ، و دى الشهادات اللى انا عاملاها للبنات ، انا اللى وصيه عليها ، لكن ممكن تخليها معاك عشان تتاكد انى مش حافكها ، كل اللى اقدر اخده هو عوايدها كل شهر لم يصدق طارق اذنيه ، ها هى امواله ترد اليه ، دون حتى ان يضغط على زوجته ، لقد اعدت الشيك من قبل ان تراه ، و فى لحظات قصيره عقد مقارنه بين تلك الزوجه التى كان بيدها ان تدمره مادياً و قاومت رغبتها فى ذلك ، و بين مايسه التى اهانته و رفضته فور ان علمت بفقده لثروته
    لذلك لم ينطق بكلمه و احده و لم يمد يده لياخذ منها تلك الاوراق ، بل قبض على كفها الممسكه بالاوراق و قبلها و هو يبكى قائلا : انا مش عارف يا دينا ازاى كنت حاضيعك من ايدى ، انا مش عاوز حاجه غيرك ، و الله ساعة ما كلمتينى كانت مشكلتى انك عاوزه تسيبينى مش الفلوس ، انا بحبك يا دينا و لسه فيه امل ، انسى يا دينا اى حاجه مضايقاكى منى ، و ارجعى معايا دلوقت
    ثم مزق الشيك و اردف : خلى كل الحسابات و الفلوس باسمك زى ما هى ، بس ارجوكى اوعى تسيبينى ، انا قلت لك قبل كده انت امى مش مراتى ، و ما قدرش اعيش من غيرك لحظه واحده

    ==============================


    الحلقة الثامنة





    اكمل طارق كلامه : انت حب عمرى يا دينا ، و ما عادش فيه عمر تانى عشان الاقى حد زيك ، لكن الوظيفه ممكن تتعوض ، انا حارجع النهارده اخلص كل متعلقاتى و ارجع

    قاومت دينا بشده حتى لا تثنيه عن عزمه ، كان لازال قلبها نابضاً بحبه و تخاف على مصلحته ، لكنها تذكرت ليالى بكاءها الطويله و غدره بها ، و ربطت على قلبها و قالت : اللى تشوفه يا طارق ، بس ما تتوقعش اننا نرجع طبيعيين بين يوم و ليله ، كل حاجه حتاخد وقتها

    طارق : المهم اكون جنبك و جنب البنات ، انا ليلة ما كلمتك من هناك و قررت اجيلك مصر ، حلمت ان هبه بنتنا الكبيره عيانه اوى و وشها اصفر و اخدتها و رحت للدكتور ، اللى كان شيخ كبير فى السن و له ذقن كبيره بيضاء و وشه منور و قاللى ، ابعد عن الظلم الاول عشان بنتك تخف ، ولو اصريت على ظلمك بنتك حاتموت
    و كل اللى فاكره بعد كده يا دينا انى صحيت و الدموع ماليه عينى ، و ساعتها كانت البصه فى وش هبه او التوءم بالدنيا كلها ، ربنا ادانى نعم كتيره اوى لكن انا كنت اعمى القلب ، حتى فى زعلى على شوية فلوس كنت اعمى ، لكن بعد ما شفت الحلم ده ، و بعد اللى انت عملتيه معايا رغم غلطتى فى حقك ، خلاص ، انا مش عاوز حاجه غيركم يا دينا

    اغرورقت عينا دينا بالدموع لدى سماعها ذلك الحديث من طارق ، و تذكرت كيف احتضن طارق بناته بشده و حمل هبه على ساقه مدة طويله قبل ان ياتى معها للتفاهم فى شقتهم و ردت عليه و هى تحاول الا تجعله يحس بدموعها : تروح و ترجع بالسلامه يا طارق

    طارق : طيب ممكن اخدك انت و البنات نفطر عند عيلتى النهارده ؟

    دينا : بلاش احسن يا طارق ، حايبان على و انا مش عاوزه حاجه تعكر علاقتهم بيك ، خليها مره تانيه انا حاروحلهم بعد ما اوضب حالى

    طارق : و دى حاجه كمان مش حانساها ، انك ما فضحتنيش قدام اهلى يا دينا ، طيب بلاش ممكن نفطر بره فى اى اوتيل انا و انت و البنات ؟ ممكن يا دينا ؟

    دينا : حاضر يا طارق ، عدى عليا النهارده الساعه اربعه و نص حانكون جاهزين

    طارق : انا بحبك يا دينا

    لم ترد دينا عليه و لكن وجهها احمر بشده كعادته منذ عرفته ، كانت تلك الكلمه كالعصا السحريه ، طالما صبغت دنياها بالسعاده ، و الان ، حين احمر وجهها ، عرفت تماما انه لا زال فى قلبها مكاناً لحبه ، قد يتسلل اليه ببطء ، لكنه حتماً سيعود .
    و تعجبت من الانسان الذى لا يحس بقيمة ما فى يديه الى وهو على وشك فقده ، كذلك كان طارق ، منذ ايام قلائل كان يتطلع لانهاء طعامه معها حتى يهرع للاخرى و يقابلها ، و الان يتمنى مقابلة دينا نفسها
    هزت دينا راسها لتطرد تلك الصوره من ذهنها ، انها تريد ان تنسى ، من داخلها تريد ذلك ، لكن هل من سبيل الى نسيان طعنه ادمت القلب ؟

    وبعد صلاة التراويح بدات مروه و اسرتها فى الاستعداد لمقابلة اسرة احمد

    والد مروه : و الله انا ما بحبش اكل بره البيت فى رمضان ، و مش فاهم اشمعنى المره دى قبلتى نتسحر بره

    الام : انا مش حاكذب عليك يا محمود ، احمد شكله عينه من مروه ، حتى شفت كده فى عينين ساره اخته لما قابلتنا فى الصلاه ، و الواد ده انا لله فى لله بحبه من وهو صغير لما كان بييجى هنا ياخد معاها الدروس ، و انت عارف الزمن وحش و مش حانلاقى حد نعرفه و نعرف اهله و اصله و فصله

    الاب : بس ده لسه طالب يا فاديه

    الام : طيب ما هى كمان طالبه ، مش احسن ما ييجى واحد من اللى بيشتغلوا فى البلاد العربيه و يخطبها فى اسبوع و بعدين ياخدها و يغربها و افضل طول حياتى قلقانه عليها ، و لا تتجوز عميانى زى اختها الكبيره و كل يوم و التانى تتعرض لده ييجى يشوفها ، و يمكن تعجبه و يمكن ما تعجبوش

    الاب : طيب خلينا ما نسبقش الاحداث ، جايز دى اوهام فى دماغك ، لو فعلا اتكلموا معانا نبقى نفكر

    كانت لحظة لقاء العائلتين لحظه جميله فى تاريخ مروه و احمد ، كانا يحسان ان قصة حبهما البريئه قاربت على الاكتمال
    و حرص احمد على الجلوس فى الجانب الرجالى من المائده الطويله التى اعدت خصيصاً لتسع هذا العدد ، حيث كان هناك عائلة احمد بمافيها ساره و عمر و كذلك والدى مروه ، لكن اختها الكبرى لم تستطع الحضور مما اورث مروه الكثير من الارتياح ، اذ لطالما اعترضت على صداقتهما البريئه و هما اطفال ، و كانت ايضاً تسعى لتزويج مروه من صديق زوجها لارضاءه
    كانت الجلسه فى بدايتها مشدوده قليلاً ، حتى بدأ الحديث عن الاحفاد و يحيى و اولاد اخت مروه و استرجاع ذكريات الدراسه بين الاباء ، اللذين تصادف ان يكونا فى نفس المدرسه و هم اطفال ، المدرسه السعيديه ، و كل منهما يروى ذكرياته عن مدرسيه و الاحترام الذى كان سائداً بين الطالب و المدرس انذاك

    و هنا انبرت ساره قائله : لسه الاحترام ممكن و الله ، لو الحب موجود ، زمان كان الاحترام اساسه الرهبه ، لكن دلوقت اساسه الحب اكتر من الرهبه ، يعنى انا ما حصلش ولا مره ان تلميذ رفع صوته او تلميذه طلبت منها طلب و ما سمعتش الكلام

    ردت والدة مروه و كانت موجهه بالتعليم : انت بتدرسى سنه كام يا ساره ؟ و فى مدرسة ايه ؟

    ردت عليها ساره : ابتدائى يا طنط و بادرس ماث لسنه رابعه فى مدرسة لغات

    ضحكت والدة مروه : ايوه يا بنتى الاطفال فى المدراس دى متربيين بطريقه معينه و معظمهم بيكون اهلهم مثقفين ، بالاضافه انهم اطفال و انت زى العسل ، لكن اسالى كده زمايلك مدرسين ثانوى ، الطالب بيكون كبر و شاف نفسه ، و بيقرا جرايد و يشوف الكلام اللى بالكوم عن المدرسين و الدروس الخصوصيه و ممكن نفس الطالب اللى معاكى دلوقت ده لما يكبر تلاقيه اتغير من اللى بيشوفه و يسمعه ، ده عدم احترام المدرس بقه موضه

    هنا تدخل عمر : بس انا عندى راى يا طنط ، حقيقى انا لو اقدر اروح اشكر كل مدرس درسلى فى حياتى ، سواء فى الفصل او فى الدرس ، كنت اروح ، يعنى انا فى ثانويه عامه عاوز حد معين يدرسلى ، اعمل ايه لما ما يكونش عندى فى المدرسه ، باروحله و بمنتهى الاحترام باحضر الحصه و امشى ، مش عارف ايه الكلام اللى فى الجرايد ده عن جشع المدرسين و طمعهم ، و اشمعنى المدرسين ؟ ليه ما يتكلموش على الدكاتره ؟ و لا على المحامين ؟ و لا حتى المهندسين اللى زييى ، كل واحد يبذل مجهود من حقه ياخد قصاد مجهوده ، مش معنى انى باروح للدكتور عيادته ، انى احتقره عشان باديله فلوس ، ماهو بيعمل لى خدمه مقابل الفلوس دى ، كذلك المدرس بيبنى عقول ، ولا ده مغضوب عليه ولازم يشتغل لله كده بدون اجر ، ده حتى تحفيظ القران مشروع ان الانسان يؤجر عليه

    ام مروه : تصدق يا ابنى اول مره اسمع حد يقول كلام محترم فى الموضوع ده ؟

    احمد : لا يا طنط انا راييى من راى عمر بالضبط ، فاكره يا مروه مستر محمود ، و الله لحد دلوقت باروحله و اسلم عليه فى بيته و ساعات احضر معاه حصص ، مع انه كان بيدينى فى الدرس بس مش فى الفصل ابداً لكن باحس مهما فات الوقت انه فخور بينا و باننا دخلنا هندسه و بقينا كويسين

    والد ساره : بصو يا ولاد اسوأ حاجه اطلاق الاحكام و تعميمها ، مش ممكن عشان واحد وحش يبقى كل اهل المهنه وحشين ، كل شغلانه فيها الكويس اللى عنده ضمير و فيها برضه الوحش

    ام مروه : اهو ده اللى بنقوله علطول ، مش ممكن افتح الجورنال الاقى كاريكاتير لمدرس لابس مقلم و مادد ايده فى جيب مواطن بيسرقه ، ده عيب ، احنا شاطرين بس لما ممثله تعمل حاجه غلط و لا تدخل السجن و حد يكتب كلمه فى حقها ، يطلع نقيب الممثلين يقلب الدنيا ، لكن المدرسين الظاهر يا عينى ما لهمش ظهر لكن الفنانين و الرقاصات دايماً بيلاقو اللى يدافع عنهم و يبرر لهم الرقص فى الشوارع

    ساره : و الله احنا نشكركم لتعاطفكم جداً يا جماعه هاهاهاها ، ياللا نشوف كل واحد ياكل ايه

    بعدها تسابق الجميع فى طلب الفول و الزبادى ، اذ كانا من اطعمة السحور المفضله لدى جميع المصريين
    و اثناء الطعام ، كانت نظرات المحبين الصغار تتلاقى احياناً و لكل منهما حلم جميل هو ان يشاء الله لهما ان يتناولا سحورهما يوماً ، فى منزل صغير يضمهما
    و لم ينس والد احمد وساره ان ينوه عن الغرض الاساسى من هذه الجلسه بقوله مخاطباً والد مروه : احنا مش عاوزين دى تكون اخر مره نتقابل يا استاذ محمود ، انت عارف مروه و احمد زمايل من ابتدائى و هما سبب المعرفه الحلوه دى ، عاوزين ما نقطعش الود
    رد الاستاذ محمود والد مروه : لا طبعاً يا باشمهندس ابراهيم ، احنا متشكرين على العزومه الجميله دى و ان شاء الله ننتظركم على الفطار الجمعه الجايه ان كان لينا عمر

    انتعشت الامال و رفرت فى صدر كل من مروه و احمد ، اذ لم يكن ذلك اللقاء المرتقب الا ايذاناً بالارتياح الذى حدث بين الاطراف كلها ، و اصبح تحقيق املهما وشيكاً ، و معلقاً بموافقة المهندس ابراهيم والد احمد على الدعوه ، و هو ماحدث بعدها اذ رحب والد ساره بالدعوه و اتفقا على المقابله الاسبوع القادم على الافطار
    و فى طريق العوده للمنزل كان احمد فى قمة سعادته و قال لوالده : ايه راى حضرتك يا بابا لو طلبت ايد مروه المره الجايه من والدها ، على اساس ان احنا ما نعملش حاجه و لا حتى دبل الا بعد التخرج ان شاء الله كمان كام شهر ؟ عشان خاطرى يا بابا ، حضرتك شفت اد ايه هى محترمه و اهلها كويسين

    رد الاب : نبقى نشوف يا احمد نبقى نشوف

    فى تلك اللحظه رن موبايل احمد فنظر للرقم ثم اغلق الخط ، و اعاد المتحدث الطلب مره اخرى ، و قام احمد ساعتها بنفس الفعل مرة اخرى ، استغربت والدته مما حدث و سالته مباشرة اول ما وصلوا للمنزل

    ايه يا احمد مين اللى كان بيكلمك

    رد احمد بسرعه : مافيش يا ماما ، ده حد غلس مش عاوز ارد عليه
    و دخل احمد الى حجرته مسرعاً و رد على هاتفه حين رن تلك المره
    احمد : يا ملك ارجوكى ارحمينى من اتصالاتك المتكرره ورا بعض دى
    ملك : ما بتردش عليا ليه ؟
    احمد : كنت سايق و كان معايا ماما و بابا
    ملك : كنت فين بالليل كده و ايه الشقاوه بتاعة الحاج و الحاجه دى ؟ هاهاها
    احمد : كنا بنتسحر مع عيلة خطيبتى ، انبسطتى ؟


    ==============================
    الحلقة التاسعة






    ملك : ليه يا احمد مصر تبعدنى عنك ، انا و انت عارفين انك مش خاطب

    احمد : لا ، خلاص فى طريقى لقراية الفاتحه يا ملك ، انت زى اختى و انا زهقت من قفل التلفون عليكى ، انت ما بتزهقيش

    ملك : لما تكون جايزتى فى الاخر انسان زيك عمرى ما ازهق

    احمد : زييى ؟ ايه اللى فيا مختلف يعنى يا ملك ، انت بنت جميله و ميت واحد يتمنى منك كلمه

    ملك : ماهو عشان كده ، انت الوحيد اللى ما اتمنتش منى كلمه ، و لا رفعت عينك و بصيتلى ، و لما بصيت انا فى عينيك شفت حنان كتير اوى يا احمد

    احمد : يا ملك انت كنت بتعيطى و زعلانه من ظروفك و كان والدك لسه مسافر ، انا تعاطفت معاكى كصديقه و زعلت عشانك ، لكن ده مش حب

    ملك : هو انا وحشه يا احمد ، و لا انت ما بتحبش البلوند ؟ اللى شعرهم اصفر وعينيهم عسلى يعنى ؟

    احمد : البنت عندى مش منظر يا ملك ، مش شعر و عينين ، و شعرك اللى انت فرحانه بيه ده حرام حد يشوفه الا جوزك ان شاء الله ، و بعدين انا لما باشوف بنت مش باوزن حلاوتها عشان احبها او ما احبهاش خالص ، انا حبيت خطيبتى دى عشان حبيت و بس ، و بعدين ده انا باتخانق معاها عشان بتكلم زمايلنا من ابتدائى مع بعض فى التليفون ، لكن انت حياتك غير حياتى خالص

    ملك : بس ما تقولش خطيبتك و بعدين يعنى ايه بقه حياتنا مختلفه ؟

    احمد : يعنى متحرره فى لبسك و كلامك و انا مش باقولك كده عشان نفسى ، عشانك انت ، ما فيش ولد حايحب بنت و هو حاسس انها ممكن تكون سهله و اى حد يكلمها و ياخد نمرتها بسهوله كده يا ملك لا و الاكتر هى اللى تاخد نمرته كمان

    ملك : انا عارفه ، بس اعمل ايه ، ماما متجوزه و قاعده فى المنصوره ، و انا قاعده هنا مع جدتى من ساعة ما والدى سافر بره و اتجوز هو كمان ، ماحدش بيقولى بتعملى ايه ، مجرد فلوس بتجيلى كل شهر ، حتى التعليم ، خلصت معهد سنتين و قعدت بعدها فى البيت ، و بقيت انزل الجامعه ساعات اشوف صحابى ، دى حياتى للاسف ، ولو واحده غيرى كان زمانها انحرفت

    احمد : اعوذ بالله ، يعنى الواحد ما يبقاش كويس الا اذا كان فى حد رقيب عليه ، طيب و ربنا يا ملك ، مش هو شايف كل اعمالك ، مش خايفه منه ؟

    بدات ملك فى البكاء : اهو عشان كده حبيتك ، انت الوحيد اللى بتحاول تهدينى و تقولى اعمل ايه و ما اعملش ايه ، كان نفسى تكون اخويا يا سيدى مش لازم حبيبى ، اى واحد فى مكانك كان يحاول يستغلنى ، مش يبعدنى عنه زى ما انت بتعمل ، احمد انت بتحبنى ، انا عارفه ، لو ما كنتش بتحبنى كنت استغليتنى زى غيرك ، ان شالله تاخدنى و تروح السينما تتعايق البنت الحلوه اللى معاك ، انا مش عاوزه منك حاجه ، اقولك ؟ اخطبها و ما تحبنيش ، بس ارجوك ، خلينى احبك ، ادينى فرصه انى احبك

    رد احمد : انا اسف يا ملك انا حاضطر اقفل دلوقت عشان نازل اصلى التهجد مع بابا ، مع السلامه

    بعد ان اغلق احمد الخط ، ظل يمارس تمرينات الضغط لمدة عشر دقائق ، ثم ذهب فتوضأ و نزل وحيداً ليصلى فى المسجد ، انه يكره ان يؤثر عليه احد ، و هذه الفتاه مجرد سماع صوتها يشعل فيه النار ، يا رب اعصمنى من الخطأ يارب
    وفى طريقه الى المسجد اخذ يردد الايه الكريمه
    و الا تصرف عنى كيدهن اصب اليهن و اكن من الجاهلين
    و لدى عودة عمر و ساره الى المنزل كان كل حديثهما يدور حول احمد و مروه و زواج الحب و زواج الصالونات

    ساره : يعنى بذمتك مش الاحسن ان الولد يتقدم الاول و بعدين يحصل مشاعر حلوه كده زى اللى حصلنا يا عمر ، بدل ما البنت تحب و تتعلق و بعدين يا اما ييجى يتقدم يا ما يجيش و بعدها يا اما الاهل يتفقوا يا اما تتفشكل الحكايه

    عمر : انا مش عارف يا ساره ، بس الحب ده ما حدش بيكون مخطط له ، يعنى انا لو حبيت قبل ما اتقدم لك كنت اتقدمت و اتجوزت اللى باحبها

    ساره : يا سلام يا خويا ، و نسيت بنت الجيران بتاعة اسكندريه ؟.

    عمر : ده ما كانش حب يا ساره ، الحب عرفته لما عرفتك انت ، و بعدين مش بس الحب ، لازم مع احترام و اقتناع بالشخصيه اللى حارتبط بيها و اكمل معاها عمرى ، انا متاكد ان احمد مش بيحب مروه حب اهوج ، لا هو مقتنع بيها ، بس هى ايه ...... دى دايبه خالص ، بتموت فى الواد

    ساره : ما هو اخويا يتحب برضه يا عمر ، اخلاق و دين و طول بعرض ، يعنى لقطه

    عمر : حاتعملى فيها حماة من الاول ، ربنا يكون فى عون مراتك يا يحيى يا حبيبى .
    ساره : ايه ده يا عمر ؟ هو الواد يحيى خطب خلاص ؟
    عمر : هاهاها ، ما فيش اسرع من الايام ، ما احمد اللى كنا بنشيله على رجلينا اهوه كبر و عايز يخطب
    ساره : حيث كده بقه ، لازم نحاول يا عمر نشتريله شقه
    عمر : شقه ؟ انت صدقتى ولا ايه ؟ يحيى فى كى جى وان يا ساره و احنا لسه ما خلصناش اقساط مدرسته و لا اقساط شقتنا حضرتك
    ساره : اصلى اكتشفت يا عمر ان الواحد عمره ما بيعرف يحوش ابداً ، لكن لما يكون عنده اقساط بيلتزم بيها و يوضب حياته على قدها ، يعنى احنا قبل ما نبدا فى اقساط شقتنا دى كنا عايشين و دلوقت برضه عايشين ، لكن الاقساط بتخليك تحوش غصب عنك
    عمر : و الله عندك حق ، اهو كده مزنوقين و كده مزنوقين هاهاها، بس انا ما قدرش اعمل حاجه قبل اقساط شقتنا دى ما تخلص
    ساره : انا نفسى يا عمر اجيب حته عربيه صغيره كده ، اهو برضه يعتبر تحويش للفلوس
    عمر : تحويش ؟ الفلوس ؟ هو السبعميت جنيه بتوع المدرسه محيرينك للدرجه دى ؟
    ساره : لا لا ، ما انا من الاسبوع الجاى حابدا مجموعات تقويه فى المدرسه ، زى الدروس كده بس اسعار اقل ، و تبع المدرسه ، و الحمد لله عدد كبير من التلاميذ سجل اسمه معايا
    عمر : و دى فى مواعيد المدرسه العاديه .؟
    ساره : لا طبعاً ، يوم السبت الصبح عشان اجازه
    عمر : بس ده اليوم الوحيد اللى بتعملى فيه الاكل بتاع الاسبوع و تنفيض البيت و الحاجات دى كلها
    ساره : ماهى المجموعه الصبح من تسعه لحداشر و بس ، و اروح بعدها البيت علطول ، و حاتكون ام محمد نفضت و اعمل الاكل عادى يعنى
    عمر : بس انت ما خدتيش راييى يا ساره
    ساره : معلش يا سيدى ادينى باخده اهوه ، دول الف جنيه فى الشهر يا عمر
    عمر : برضه نفكر الاول ، انا مش عاوز موضوع الدروس ده
    ساره : دى مش دروس ، دى مجموعه و فى المدرسه
    عمر : ما هى حتبدا كده و بعدها الاقى البيت قلب مدرسه يا ساره
    ساره : اطمن يا عمر انا عمرى ما حاعمل حاجه فى البيت من غير ما استاذنك يا حبيبى

    سكت عمر و لم يرد و احست ساره انها احتوت ازمه كادت ان تنشب ، لازال عمر موهوماً بالسيطره ، ولن تستطيع تغييره ، كل ما تستطيعه ان تراوغ حتى تصل لاهدافها دون ان تغضبه ، كما انها تعلم تمام العلم انه من الطبيعى ان يكره الرجل التفوق المادى لزوجته ،لذلك ارادت الا تشعره باى ضيق يزيد من ذلك الشعور
    و لدى وصولهما ، وجدا دينا مستغرقه فى الضحك مع امها ، فرحت ساره لانها لاول مره ترى ابتسامتها منذ عادت حزينه من الخارج

    ساره : ربنا يسعدك يا دينا يا حبيبتى ، احكى لى كل حاجه من طق طق لسلامو عليكو

    دينا : و الله يا ساره حسيت انى رايحه افطر مع حد تانى مش طارق ، مش حاتصدقى الحنيه و الحب اللى كان بيدلقه علينا انا و البنات

    عمر : الحمد لله يا دينا ، مش عيب ان الانسان يغلط ، بس ما يتماداش فى غلطه

    دينا : انا خلاص اتفقت معاه انه حايصفى اموره هناك و يرجع ، بس فى شوية فرش حايتشحن يا عمر و حاتعبك معايا بقه معلش

    عمر : تعبك راحه يا دينا ، بس انت فعلا خليتيه يسيب شغله هناك يا قادره هاهاهاه

    ام عمر : اهى دى ما لكيش فيها حق خالص يا دينا ، رزقك و رزق بناتك تقطعيه ؟

    دينا : معلش يا ماما ، انا مش حاضحى تانى ، مش حاسيب دراستى و ارجع تانى اقعد تحت رحمته من غير شغله و لا مشغله ، ان شالله حتى اخلص الماجستير و ابقى اسجل الدكتوراه بعدين

    ساره : انا من رأى دينا يا طنط ، و مش معقول ترجعله كده من غير تمن

    ام عمر : معلش يا بنتى كان سابته السنه دى يتربى كده و ترجع لها بعدها ، لكن قطع الارزاق ده وحش

    دينا : يا سلام ، اسيبه بايدى يرجع للهانم بتاعته هناك ، لا يفتح الله يا ستى ، يا اما يرجع يقعد معايا هنا ، يا بلاش

    عمر : بس اهم حاجه يا دينا ، ان لا انت خسرتى عيلته و لا هو خسرنا عشان كنت كتومه بما فيه الكفايه

    دينا : ما هو شايللى اوى الجميل و انى ما فضحتش الدنيا عند عيلته ، و هو عارف بيحبونى قد ايه ، بس تعرف يا عمر انا ما عملتش كده ليه ، انا كنت حاسه انه حايرجع ، قلبى قاللى ان الحب و العشره حاينتصروا فى النهايه ، بس لو كان اتجوزها فعلا عمرى ما كنت حارجعله ابداً ، هو ندم فى اخر لحظه قبل فوات الاوان

    عاد طارق فى اليوم التالى الى عمله ، و بدأ بالفعل اجراءات استقالته و باع سيارة زوجته و بدأ يشحن معظم اثاث منزله الى مصر حتى يكملوا به فرش شقتهم الجديده ، و فى غمار ذلك وجد مايسه تتصل به فى التليفون المحمول ، كان قد نسيها او تناساها بعد ما ادرك التاثير المدمر الذى كان سيلحق بحياته من جراء معرفته بها لكن صوتها كان باكياً حزيناً و يختلف تماما عن اخر مره كلمته فيها

    مايسه : حمد لله على السلامه يا طارق ، كده اعرف انك رجعت من زمايلك ، ما كنتش فاكراك قاسى كده

    طارق : و انت مهتمه تعرفى ليه يا مايسه ؟ انت مش بعتينى خلاص ، بس اشكرك و الله عرفتينى قيمة الانسانه اللى كانت معايا
    مايسه : الانسانه اللى سرقتك مش كده ؟

    طارق : سرقتنى ؟ ماشى و الله ربنا عالم مين سرق مين ، بس دى خصوصيات بين الراجل و مراته يا مايسه و مش حاتكلم فيها

    مايسه : طيب عاوزه اشوفك ، و لا الهانم منعتك تشوفنى ؟

    طارق : هى ما منعتنيش ، و سابتنى كمان ليكى لو تفتكرى ، بس ان رفضتينى من غير فلوسى ، اما هى رجعتلى فلوسى ، و رضيت بتوبتى كمان ، انا راجعلها يا مايسه و يا ريت تنسينى

    مايسه : راجعلها ؟ هى ما جتش معاك هنا ؟

    طارق : برضه مش شغلك ، انسينى ، اشطبينى من حياتك خالص ، اللى بيننا ده كان نزوه و انتهت ، انا حتى مش عاوز اشوفك تانى ، مع السلامه يا مايسه ، و اتمنى ربنا يوفقك

    اغلق طارق الخط ليترك مايسه لا تصدق نفسها ،لقد اضاعته بطمعها ، ما ضيرها لو كانت وافقت عليه بغير ماله ، انها تملك الكثير و كان وجوده فى حياتها يكفيها ، لكن الطمع تملك منها ، و الغيظ من زوجته الاولى ، حتى انها اعطت نفسها حقوقا اكثر منها ، كم كانت غبيه ، و كم كانت دينا ذكيه و استطاعت الايقاع بها ، لقد صعقت حين رات دينا ، و جمالها ، لكنها لم تكن تتوقع ابدا ان تكون بهذا الذكاء و توقعها فى شر اعمالها
    حقا لقد هزمت فى المعركه ، لكنها لم تخسر الحرب ، ستحاول ان تقابله ، انها تعلم نقاط ضعفه و تعلم كيف تصل اليه و حتما تستطيع استعادته ، لقد اصبحت قضية حياتها ان تستعيده ، فقط لكى ترد لدينا الصفعه
    كان رمضان على وشك الانتهاء ، و كل البيوت مشغوله بملابس العيد و الكعك و خلافه ، و فى يوم الجمعه الاخيره فى رمضان ، رن تليفون المنزل و ردت ام عمر لتجد ابنتها داليا على الخط تكلمها من امريكا

    ام عمر : ايه يا داليا ، ايه يا بنتى ، بس اهدى و كلمينى ، بتعيطى ليه ، انا مش فاهمه منك و لا كلمه

    ==============================
    الحلقة العاشرة

    تجمع اهل المنزل كلهم حول ام عمر و هى تكلم ابنتها بعد ان اقلقهم رد فعلها ، و لسان حالهم يقول ، هو احنا ناقصين ، لكن ما لبثوا كلهم ان فوجئوا باساريرها تنفرج ، و الابتسامه تعلو شفتيها ، ثم اغرورقت عيناها بالدموع و هى تمتم : الحمدلله ، عالم بحالى و غنى عن سؤالى ، الحمد لله ، ***** يا داليا ، الف ***** يا حبيبتى
    و اكتشف الجميع بعد قليل ان داليا اخيراً بعد الصبر و بعد ما يربو على عشر سنوات من زواجها السعيد ، بعد ان تناست الموضوع و عاشت حياتها تنظر لنصف الكوب الملىء ، زوج مخلص و عمل ناجح و منزل رائع و دخل كبير
    اراد الله ان يكافىء صبرها هى و زوجها بعد تلك السنوات الطوال بان حملت داليا فى طفلها الاول
    و ما ان علمت بحملها حتى اتصلت بامها لتبلغها الخبر ، لكن بالرغم من غربتها الطويله ، و تعودها على نمط الحياه العملي ، الا ان دموعها خنقتها و هى تخبر امها ، حقاً ، اجمل هديه من الله لاثنين ، هى الطفل ، نعمة الحياه الجديده التى تترعرع بين اثنين ، لتنير منزلهما و تملا دنياهما سعاده
    اما رد فعل هشام زوج داليا ، فكان لا يصدق ، فور ما اخبرهما الطبيب بان داليا حامل ، رفعها هشام من على الارض و دار بها ، ثم اصر على ان ينزل حاملاً اياها من عيادة الطبيب الى السياره ، كان قوي البنيان و كانت هى صغيره كاللعبه ، لكن ذلك لم يمنع كل من راهما من الدهشه الممزوجه بالسعاده بهما و الفرحه من اجلهما ، تلك الفرحه التى لا تحتاج الى لغه كى تفهمها تراها فى عينى اخيك فى الانسانيه بصرف النظر عن جنسيته و انتماءاته
    و ذلك ماحدث بعدها فى العائله باكملها ، اذ سادت الفرحه المنزل كله ، و جلسوا ليلتها على شاشة الكومبيوتر ليتحدثوا مع داليا صوتاً و صوره ، خاصة بعد ان ابلغتهم داليا انها ارتدت الحجاب كنوع من الشكر و العرفان لله سبحانه و تعالى ، و كانت اسعدهم جميعا هى دينا ، كم تمنت كل مره يرزقها الله بالحمل ان يسعد الله اختها هى الاخرى بطفل او طفله ، بالرغم ان داليا لم تظهر ابدا رغبتها الدفينه او تباكت على حرمانها من الانجاب
    و تنفس عمر و ساره الصعداء ، اذ كان بداية مكالمة داليا تلك الليله توحى بعاصفه جديده لكنها تحولت فى لمح البصر لفرحه عارمه
    و فى غرفتهم

    عمر : الحمد لله ان داليا بخير ، انت عارفه يا ساره كل يوم بتكبرى فى عينى اكتر ، مش بس اهتمامك بامى ، لا باخواتى البنات كمان ، ربنا يخليكى ليا

    ساره : ما هما اخواتى برضه يا عمر ، الواحد لما يتجوز مش بيكون ارتباط بين شخصين ، لا عيلتين كاملين ، و الزمن ده كل واحد عنده اخ و لا اتنين بالكتير ، حد طايل ان اخواته يزيدو ، داليا و دينا دول اخواتى الكبار يا عمر و انت عارف

    عمر : هاهاها، طيب ما تقوليش كبار بس ، احسن حاينسوا كل حاجه و يفتكرولك دى هاهاهاه

    ساره : هو انت حاتقولى ، انا نفسى ما احبش حد يقولى انى الكبيره ابداً ابداً

    عمر : انت ست الستات ، و عمرك ما بتكبرى ، انت فى عينى زى ما شفتك اول مره بالضبط يا حبيبتى

    ساره : ياااه يا عمر ، وحشنى كلامك الحلو ده ، انت اللى حبيب عمرى ، لا قبلك و لا بعدك

    و بعد قليل فوجئوا بطرق على الباب ثم دخل يحيى باكياً

    ساره : مالك يا يحيى بتعيط ليه و ايه اللى صحاك يا حبيبى

    يحيى : نثيت اعمل الهومورك عااااااااااااااااا، الميس حاتزعل منى

    قامت ساره من السرير و هى تلوم الظروف على هذه المقاطعه و تلوم نفسها انها نست يحيى فى خضم احداث اليوم
    ساره : معلش يا حبيبى تعالى نروح نعمل الواجب
    و استدارت لعمر مستعطفه : اعملك شاى يا حبيبى عشان نكمل كلامنا ؟؟

    عمر : لا ، انا حانام عشان اقدر اقوم على السحور و اصلى الفجر حاضر يا حبيبتى ، تصبحى على خير

    تمتمت ساره : عينى عليكى و على بختك يا ساره ، لما صدقت عمر رجعت له الذاكره و قالى كلمه حلوه
    ثم علا صوتها و قالت من تحت اسنانها : هات شنطتك يا يحى يا حبيبى

    و
    فتح يحيى حقيبته و بدا فى اخراج الكراسات منها ، و صعقت ساره
    كراسة الحساب بها واجب يكتب 3 و يملا بيها اربع صفحات فى تسع اسطر يعنى سته و تلاتين مره
    و يكتب حرف الجيم تلاتين مره ، لحقوا يوصلوا للجيم امته بس ؟
    ده غير انه لازم يلون رسمتين كبار و يوصل بالنقط اربع خمس صفحات فى الكتاب
    يا خبر ؟ منهج كي جى وان كبر اوى كده امته ؟؟
    و ظلت ساره المسكينه تساعد يحيى فى واجباته و يتدلل عليها ، تاره يطلب لبن ، وتاره اخرى عاوز يروح التواليت ، و قام فتح التلفزيون عشان زهقان ، و اكتملت الليله حين صحت مريم تسحب خلفها بطانيتها المفضله ، وبدون كلمه واحده ، احتلت ساقى امها و هى تذاكر ليحيى ، و بدات تخطف اقلامه و تحاول ان تلون معه ، و فى خلال كل ذلك كانت ساره تحاول ان تخفض صوتهم بقدر الامكان ، حتى لا يستيقظ النائمون
    و بعد خلود الطفلين للنوم ، قامت المسكينه لتحضير السحور ، و هى تدعو الله ان يكتب لها ثواب قيام الليل ، صحيح انها لم تكن تصلى طول الوقت و كل ما استطاعته هو ان تصلى ركعتين ، لكنها تعلم ان الله الكريم الغفور يعلم ما هى فيه ، و لن تطلب العون و الثواب الا منه
    و على مائدة السحور كان الجميع لا زالت بقايا النوم فى اعينهم ، ما عدا ساره لانها لم تر النوم من الاساس ، لكن دينا تبرعت بعمل افطار اليوم التالى ، مما اعطى ساره املاً فى النوم قليلاً بعد العوده من العمل
    اتصل احمد بساره فى الصباح و هو فى الكليه ، ليؤكد عليها ان تحضر هى و عمر يوم الجمعه للافطار مع عائلة مروه

    احمد : انا طلبت من بابا يلمح يا ساره ، او يتكلم من بعيد فى موضوع مروه ، لكن حاسس انه مش مقتنع

    ساره : لا ، حاقولك خبر حلو ، هو مقتنع يا احمد ، انا و ماما اتكلمنا معاه تانى من وراك ، وبابا خلاص وافق انه يقرا الفاتحه يوم الجمعه باذن الله لو اهل مروه وافقوا ، و اهى حتكون اخر جمعه فى رمضان ، و يمكن كمان ليلتها تكون ليلة القدر ، ربنا يطرح فيك و فيها البركه يا احمد يا رب

    احمد : انا مش عارف كنت اعمل ايه لو ما كنتيش انت اختى ، يا ساره انت اجمل حد فى الدنيا دى كلها ، ربنا يخليكى ليا
    دفع كلام احمد بالعبرات الى عينى ساره التى قالت : و يخليك لى انت كمان يا حبيبى ، اما حاتعمل ايه بقه لما تعرف المفاجأه اللى عملاهالك ؟

    احمد : كمان ؟ لسه فيه مفاجأه ؟

    ساره : و ما تحاولش مش حاقولك حاجه الا يوم الجمعه ان شاء الله

    انهى احمد مكالمته مع اخته الحبيبه و قلبه يرقص من سعادته ، لقد اصبح على بعد خطوات من خطبة حبيبته ، انه الان يحس انه احبها طول عمره ، مهما تظاهر بالبرود ، لقد كاد قلبه ينخلع عليها حين جرحت و هى لازالت طفله ، زميلته فى ديسك الدراسه ، صحيح انه طالما تظاهر بنسيانه لتلك الواقعه ، لكنه يذكرها تماما ، و يذكر ان عيناه دمعتا حين راى الدم و تمنى لو فداها بنفسه
    لقد كبر هذا الحب الطاهر مع السنين ، و اقترب ميعاد بلوغه سن الرشد
    اللهم اجمع بيننا فى خير
    هكذا تمتم فى نفسه ، حين راها تقترب منه بحجابها الابيض الجميل و وجهها يخلو من اي مساحيق ، و احلى مافيها ابتسامة عينيها حين تراه ، انها فعلا تحس كما يحس ، فرحة لقاء ، و براءة حب طاهر لم تشبه شائبه ، و حين اصبحت مروه على بعد خطوات منه
    فوجىء بملك تأتى من خلفه و تلكزه فى كتفه بعنف
    استدار احمد و فوجىء حين راها ، كانت لاول مره تتجرأ لتاتى له فى الجامعه و تقول بصوت عال

    ملك : اقدر اعرف ما بتردش على تليفوناتى ليه ؟

    كانت مروه قد وصلت فى نفس اللحظه ، و فى عيناها حلت تساؤلات العالم كله محل الابتسامه

    احمد : اعرفك الاول يا انسه ملك ، دى الباشمهندسه مروه خطيبتى ، و قراية فاتحتنا يوم الجمعه الجايه ان شاء الله

    قالت ملك مخاطبه مروه بقلة اهتمام : اهلا يا باشمهندسه

    ثم كلمت احمد : بس انت برضه ما قلتليش انت ما بتردش على ليه ؟

    تدخلت مروه : يرد عليكى ليه ، وبتاع مين ، و انت مين اصلا يا استاذه انت ، ما تعرفنى يا احمد على الانسه

    داخلت القوه احمد حين احس بمساندة مروه له : دى الانسه ملك يا مروه
    مروه : ايوه ملك عارفين ، تبع ايه يعنى ، تبع اتحاد الطلبه ، ولا معانا هنا فى هندسه ، و لا جارتنا ، ايه بالضبط يعنى ، عشان هى ما كانتش معانا فى المدرسه

    ملك : لا ، من النادى

    مروه : بس انا عضوه برضه فى الاهلى مع احمد و عمرى ما شفتك هناك يا ملك ، بصى يا ملك اوعى تكونى فاكره احمد بيخبى على حاجه ، و من فضلك حطى نفسك مطرحى و اللى ترضيه لنفسك ، ارضيه لغيرك

    ملك : هو احمد قالك ايه بالضبط عنى ؟

    احمد : قلت اللى قلته يا ملك ، ما فيش داعى الموقف المحرج ده يطول اكتر من كده

    انصرفت ملك مسرعه و هى لا تصدق ما حدث ، هل فعلا هناك من يرفض حبها المجانى بكل تلك الصرامه ، انها لم تطلب منه شيئاً ، فقط ان تكون الى جواره ، حتى خطوبته لم تعترض عليها ، لماذا تبخل عليها الدنيا بابسط الامانى ؟ ثم استعادت حوارها مع احمد اخر مره ، نعم انه لا يريدها ، يجب ان تصدق ان شاباً صمد امام جمالها و حرارة عواطفها ، هذا الشخص هو الوحيد الذى احبته و ارادته رفضها ليرتبط بمن يحب بقلبه ، لا بغرائزه

    و قالت محدثه نفسها : يا خساره ! ***** عليكى يا مروه ، صحيح دنيا حظوظ

    و بين مروه و احمد بعد انصرافها

    احمد : و الله العظيم كنت حاقولك على كل حاجه ، بس انت انقذتينى يا مروه

    مروه : من غير ما تقولى يا احمد ، من ساعة ما شفت البنت دى قاعدالك فوق العربيه فى جاراج النادى ، و شفتك من بعيد و انت مكشر فى وشها ، أسد يا واد هاهاهاها

    احمد : اقولك حاجه يا مروه ، انت اللى مخليانى اسد كده ، ساندانى و ماليه عليا الدنيا كلها ، و بلاش بقه احنا صايمين ، بس اخر كلمه و ربنا يسامحنى ، حبك مقوينى يا مروه

    اطرقت مروه خجله الى الارض و قد احمر وجهها و هى تشكر الله لانه اعطاها الحكمه فى مواجهة تلك الدخيله ، لقد ابلغتها صديقاتها ان تلك الفتاه تحوم حول احمد ، ولم تفاتحه هى فى الموضوع ، كانت تريد ان تعطيه فرصته ، اما ليثبت اخلاصه ، او العكس ، و كم كانت سعادتها حين وجدت ملك اليوم مغتاظه و تسأله عن سبب عدم رده عليها ، لقد استنتجت مروه وحدها ان احمد قد تمكن بالفعل من صدها و ايقافها عند حدها ، و لم ترد ان تجعل من نفسها نقطة ضعف تضغط بها ملك على احمد ،لذلك كان رد فعلها التلقائى ، ان احمد رجلها ، منذ سنوات طوال كان و لازال رجلها ، و لن تتركه لاخرى مهما كان الثمن ، و تذكرت فى تلك اللحظه كم من المرات وقف احمد الى جوارها ، تذكرت يوم طردها مدرس العربى من حصته فى الثانويه العامه و انهمرت من عينيها الدموع و نزلت باكيه الى الشارع ، لتفاجأ بعدها باحمد ينزل و بعده اكثر من خمسه من اصدقاؤه ، لقد ناقش المدرس و سأله عن سبب طرد مروه ، و حين اجابه المدرس ان اللى مش عاجبه يحصلها ، فعلها احمد ، و حصلها ، و خلفه نزل اصدقاؤه
    و بعدها قابل والد مروه المدرس الذى اعتذر بتعب اعصابه فى ذلك اليوم و اعادهم جميعاً الى الدرس
    الا يستحق ذلك الحبيب ان تقف الى جواره و تمتمت مروه : ده اللى تيجى جنب احمد دى ، اقطعها بسنانى

    و فى اليوم الموعود كانت مروه و امها مستعدتان من يومين ، و حضرت اسرة احمد فى الميعاد ، لاول مره يحس احمد بتلك الرهبه و هو يدخل بيتهم ، لطالما حضر لتلقى دروس خصوصيه هنا و هو صغير ، لكنه اليوم يشعر بشعور مختلف ، و تلك العروس الجميله ، طفلته و حبيبته و كل امله من الله ان تكون يوماً ما ............ زوجته
    و بعد الافطار و صلاة المغرب جماعه التى اصر والد مروه ان يأمهم والد احمد فيها ، تكلم والد احمد قائلاً : دلوقت يا استاذ محمود ، ربنا سبحانه و تعالى وصانا اننا نزوج ابناءنا الشباب ، عصمه لهم و ابعاد عن الخطأ و الزلل

    والد مروه : طبعاً يا استاذ ابراهيم ، و الرسول صلى الله عليه و سلم قال من استطاع منك الباءه فليتزوج ، و ده بيكون عصمه فعلاً للشاب

    والد احمد : طيب ايه رايك ، انا نفسى ربنا يبارك فى جمعنا ده النهارده و نشهد كلنا قراءة الفاتحه على ان يتزوج احمد ابنى ، من بنتكم الباشمهندسه مروه بعد ما يخلصوا كليه ان شاء الله

    بالرغم انه كان من الواضح ان تلك هى النهايه الطبيعيه للزيارات و العزومات و كان الجميع ينتظرها ، الا ان وجه مروه احمر و سخن سخونه شديده ، و لم تجرؤ على رفع نظرها لاحمد الذى تعلقت عيناه و قلبه برد والد مروه .

    ==============================
    الحلقة الحادية عشر

    ابتسم والد مروه بحب و قال : احمد ده ابنى يا استاذ ابراهيم ، و طول عمره قدام عينى و انا دلوقت زى ما يكون باخطب بنتى لابنى و انت عارف ان ربنا ما رزقنيش اولاد ، و طول عمرى باتمنى اجواز بناتى يكونو اولاد ليا

    كانت الدموع تقف منتظره عند اطراف رموش مروه و امها و ساره و امها و حتى .... أحمد
    لذلك فور ما سمعوا تلك الجمله ، نزلت الدموع بحريتها ، و زاد عليها طلب والد أحمد من الجميع قراءة الفاتحه ليبارك الله جمعهم و يجمع بين مروه و احمد فى خير ان شاء الله

    و بعدها قال والد احمد : بالنسبه للترتيبات احنا تحت امركم يا استاذ محمود

    قاطعه والد مروه قائلاً : انا حاقولك كلمه قديمه شويه ، انا باشترى راجل ، و ابنك راجل ، بس عندى رجاء ان مافيش جواز الا بعد ما يخلصوا جامعه و يلاقى شغل ان شاء الرحمن ، مش حاقولك شقته فين و حايدفع مهر كام ، كل الحاجات دى سهله و مش حانختلف فيها ، لكن حاطلب منه يراعى ربنا فى مروه طول عمره

    والدة احمد : طبعاً ، دى مروه فى عينينا ، و ان شاء الله ربنا يكرمه علطول بعد ما يتخرج بشغل كويس ، المهندسين مطلوبين دلوقت فى مصر و بره مصر كمان ، بس كان أملنا نفرح الولاد و نعمل ولو شبكة على الضيق بعد العيد ان شاء الله

    رد والد مروه : خلاص يا ستى و الله ما حاكسفك ، نفرحهم ان شاء الله ، و يكون ارتباطهم رسمى و قدام الناس كلها ، بس انا ما عنديش موضوع انا خارج مع خطيبتى لوحدنا ، و لا حتى توصلها من الجامعه يا احمد ، انت راجل مسلم و عارف ان الخطوبه لا تحلل حراماً

    قال احمد و هو يقوم من مكانه متوجهاً الى والد مروه و الدموع لازالت فى عينيه : انا عارف يا عمى ، و عندى اخوات بنات و ان شاء الله احافظ عليها ، و لو سمحت لى ، انا عاوز احضن حضرتك و اوعدك انى ان شاء الله عمرى ما حاخذلك ، و لا اخليك تندم انك ادتنى بنتك
    لحظتها اخرجت ساره علبه من القطيقه الحمراء من حقيبتها ، و نادت احمد : تعالى يا حبيبى ، قدم الهديه لخطيبتك
    كانت تلك هى مفاجأتها لاحمد ، ذهبت فى الصباح و استبدلت احد خواتمها القديمه بعد ان استأذنت زوجها ، بخاتم جديد من الذهب الملون ، ابيض و اصفر و احمر
    نظر احمد بعينين غير مصدقتين لاخته ، و قبلها و هو يشكرها قائلاً : طيب حاستاذنك تلبسيه انت للعروسه يا ساره ، بنفسك ، ربنا يخليكى ليا

    تمتمت مروه : ماشى يا احمد ، يعنى تحضن ابويا ، و اختك تلبسنى الخاتم ، ايه ده ، انا انضحك عليا فى الفاتحه دى ؟
    لكن ذلك الاعتراض البسيط فى داخلها ، لم يمنع او حتى يقلل من فرحتها العارمه بهدية ساره ، كانت ساره تريد ان تطمئنها من ناحيتها ، اذ انها بخبرتها كانت تعلم ان اكثر ما يقلق عروس الشاب وحيد اهله ، هو غيرة امه و اخواته منها ، لقد كانت فى موقفها يوماً ما ، و ارادت اليوم ان تعلنها انها اختها لا زوجة اخيها ، و فيما كانت مروه ترتدى الخاتم ، كانت تحس بعينى احمد تغمرانها بفيض من الحب ، لا تراه انما تحسه
    تخاف ان ترفع نظرها اليه ، لكن نظراته تحوطها ، يكاد دفئها يلمس قلبها و بعدها نظرت اليه مروه بحب و اعزاز و هى تتمنى لحظتها ان تضمه الى قلبها ، و همست فى نفسها : يا ما انت كريم يا رب ، معقوله ، بالسهوله دى ؟ خلاص حابقى خطيبة احمد ؟
    و تحولت الجلسه بعدها الى احضان متبادله بين الجميع ، و دموع فرح طاهر ملأت العيون
    و فى نفس ذلك الوقت ، فى مكان بعيد بعيد ، فى الطرف الاقصى من الارض ، كانت داليا تصلى كعادتها ، و تشكر الله على ما أتاها هى و زوجها الحبيب و بعد ان انهت صلاتها و قبل خلع الخمار

    هشام : تصدقى يا داليا ، انت احلى الف مره بالحجاب ؟
    داليا : طول عمرى نفسى البسه يا هشام و نفسى ربنا يهدينى بس انت عمرك ما ساعدتنى ، كنت حاسه ان شكلى من غيره بيرضيك اكتر
    هشام : بس كان لازم ما تهتميش بيا ، و تهتمى برضا الله اكتر يا حبيبتى
    داليا : ان النفس لأمارة بالسوء ، اعمل ايه بس ، لكن الحمد لله الذى هدانا و ما كنا لنهتدى لولا ان هدانا الله يا هشام ، تصدق كل الستات فى المركز الاسلامى ، و حتى جيرانى الامريكان جابولى هدايا ، عاوزين يعملولى حفله زى البيبى شاور كده اسمها هيجاب شاور هاهاها و كل الهدايا تبقى ايشاربات
    هشام : الناس هنا عرفوكى من سنين يا داليا ، و كنت احسن سفيره للمسلمين ، عمرك ما اذيتى حد من جيرانك او حتى عليتى صوت الراديو و كنت دايماً بتقفى جنب اللى يحتاجك فيهم ، عشان كده خليتى فكرهم عن الاسلام يختلف ، وده اللى خلاهم لما اتحجبتى ما قالوش عليكى ارهابيه ، بالعكس احترموا فكرك و التزامك باوامر دينك
    حاولت داليا ان ترد لكن الالم ارتسم على وجهها ، و امسكت بطنها و هى تستغيث : الحقنى يا هشام ، انا تعبانه اوى ، تقل جامد فى بطنى
    تلقفها هشام بسرعه قبل ان تقع و جرى بها الى المستشفى القريب
    و فى احد دول الخليج ، و تحديداً فى احد المطاعم على الشاطىء ، كان يجلس طارق ليتناول افطاره وحيداً و فجأه و جد مايسه امامه
    مايسه : كنت متأكده انى حالاقيك هنا ، ايه ده .؟ لا تليفونات بترد عليها و لا حتى ميلات ؟ و مالك خاسس ليه كده ، و بتاكل بره ليه ، المدام ما بتطبخش ولا طردتك من البيت بعد ما رجعت

    طارق : ايه كل ده ، و المفروض ارد على ايه الاول ؟
    مايسه : ما بتردش عليا فى التليفون ليه يا طروق ، تهون عليك مايسه حبيبتك ، نسيت يا طارق كل اللى كان بيننا
    طارق : لا يا مايسه ، ما نستش ، عشان كده عمال اندم على كل لحظه اغضبنا فيها ربنا ، و بادعيلك بالخير و ربنا عالم
    ردت مايسه و هى تسحب الكرسى و تجلس : طيب ليه ما يكونش الخير ده معاك يا طارق ، قلت لك انسى الفلوس اللى مراتك عاوزه تضغط عليك بيهم ، انا كنت غلطانه لما شكيت فيك ، بس لما فكرت ، لقيت انك انت عندى احسن من فلوس الدنيا ، لكن هى باعتك عشان الفلوس ، يكون جزائى تسيبنى و تروحلها
    طارق : لا يا مايسه انت غلطانه ، هى كانت مش عاوزانى و لا عاوزه الفلوس ، و رجعتلى كل حاجه اول ما رجعت مصر ، عشان كده قررت ارجع لها ، و خلصت كل ارتباطاتى هنا و راجع مصر على العيد ان شاء الله ، يعنى كمان كام يوم ، انسينى يا مايسه ، يمكن انا و انت غلطنا ، لكن لسه فى وقت نصلح غلطاتنا دى

    ردت مايسه و قد تجمعت دموع فى عينيها : غلطنا ؟ احلى حاجه حصلت لى فى حياتى تقول عليها غلطه يا طارق ؟ انا قلت انت هدية الزمن عشان يصالحنى على كل اللى جرى لى فى حياتى ، تقوم تقولى غلطنا .؟ طيب انت غلطت فى حق مراتك ، رغم اننا كنا حانتجوز على سنة الله و رسوله ، انا غلطت فى مين فهمنى ؟

    طارق : غلطتى لما ما فكرتيش فيها ، و لا فى بناتى ، و انت ست زيها ، و عارفه الجرح قد ايه بيكون قاسى لما ييجى من اللى حبيناهم طول عمرنا ، كان لازم تحطى نفسك مكانها

    مايسه : هى اللى ما عرفتش تحافظ عليك ، و انا عمرى ما كنت حابقى مكانها ابداً ، لو كنت اتجوزتنى كنت حاملأ عليك دنيتك كلها يا
    طارق ، عمرك ما كنت حاتحتاج تبص لحد غيرى

    طارق : مش حاقدر اقول على دينا ولا كلمه ، دى وقفت جنبى و اخدتنى و انا ما حيلتيش حاجه و ضحت بكل حاجه عشان خاطرى ، عشان كده ده دورى فى التضحيه ، انا مسافر بكره يا مايسه ، و عاوزك تنسينى ، و تنسى اننا فى يوم عرفنا بعض
    لملمت مايسه نفسها و هى تكتم دموعاً حقيقيه ، ليست فقط بسبب فقدها لطارق ، ستجد غيره غداً ، لكن بسبب انتصار دينا عليها ، غريمتها انتصرت عليها ، لم تقدر ذكاء دينا حق قدره ، اعتبرتها زوجه غبيه ستعترض فى البدايه ثم تعجز عن التحمل لتترك لها الساحه وحدها لتصبح الزوجه الوحيده لا الزوجه الثانيه ، لكن كل تلك الامال تحطمت الان بعد ان رفضها طارق بملء ارادته ، و دون ضغط من زوجته

    دخل عمر و ساره الى المنزل ، ليجدا يحيى و مريم يجريان ليتعلقان بسيقانهما ، كانت ام عمر طلبت من ساره ان تتركهما معها هى و دينا و لا تاخذهما الى منزل مروه ، حيث كان من غير المناسب تواجد اطفال صغار فى تلك الليله

    يحيى : يا ماما فطرنا لوحدنا و يحيى و مريم كانوا زعلانين اوى
    مريم : اه , نانه منكم تانى ( زعلانه منكم تانى ‘)

    رفع عمر مريم عالياً و قبلها قائلا : انت نانه يا مريومه ؟ طيب انا اسف ما تزعليش عشان خاطرى
    يحيى : كمان حضرتك و ماما رحتو التراويح من غيرى ، وانا بحب اروح الصلاه يا بابا

    ساره : معلش يا يحيى ، يوم ايوه و يوم لا ، ما عندكش واجبات النهارده يا حبيبى ، قول من دلوقت قبل فوات الاوان يا يويو
    رد يحيى : لأ طانط دينا حلته معايا انا و هبه و خلثناه خلاث

    و هنا جاءت دينا باكواب الشاى و وضعتها امامهم و قالت : الشاى يا جماعه ، عملتوا ايه يا ساره ؟ يا رب يكون ربنا وفق احمد
    ساره : و الله كل خير يا دينا ، عقبال البنات ، برضه ياختى الخطوبه دى فرحه ، مروه فكرتنى بيوم قراية فاتحتى انا و عمر ، ربنا يسعد كل البنات يا رب
    و انتبهت ساره الى انها من الممكن ان تنكأ جرح دينا فاضافت : و يرجع طارق بالسلامه ان شاء الله
    ردت دينا متهلله : خلاص هو راجع الاسبوع الجاى باذن الله ، و فرحتينى اوى باحمد يا ساره ، هو يستاهل كل خير ، ده داخ معايا عشان اخلص الورق بتاعى فى الجامعه ربنا يسعده و يباركله
    ام عمر : اه و الله الواد ده بيفكرنى بعمر و هو صغير ، امير كده و هادى و راجل من بدرى ، كل عيلتكم ولاد اصول يا ساره يا بنتى ، ربنا يكرمكم و يفرحكم بيه
    ساره : دعاء جميل فى ايام مفترجه ، يا بختك يا عم احمد يا ريتنى كنت احمد

    عمر : لا لا لا ، انت حلوه كده ، و انا اعمل ايه من غيرك يا حبيبتى
    منذ زمن طويل لم يدللها عمر امام والدته ، بناء على طلب ساره نفسها ، لكنها تلك المره لم تحس بغيرة والدته ، بالعكس ، احست انها فرحت من اجلها ، لقد صهرتها تجربة ابنتها و احست بمرارة المرأه حين يخذلها زوجها ، و جعلها ذلك تتمنى الخير لكل الزوجات ، بما فيها زوجة ابنها
    و فى تلك الليله ، خلد الجميع للنوم مبكراَ حتى يحيى و مريم ، و لاول مره منذ زمن يختلى الزوجان و الحبيبان

    ساره : مروه النهارده فكرتنى بنفسى اوى يا عمر

    عمر : عندك حق ، احلى مشاعر فى الدنيا هى اللحظات الاولى فى الخطوبه دى ، مستقبل مفتوح ، كل الخيارات متاحه ، و مع ذلك نختار حد معين عشان نمضى معاه بقية عمرنا
    ساره : تفتكر انت اخترتنى يا عمر و لا انا اللى اخترتك ؟
    عمر : ربنا اختارلنا يا ساره ، احسن اختيار فى الدنيا ، ربنا يخليكى ليا ، بس انا حاسس انك بعدتى عنى اوى ، الاول يحيى و بعدين مريم و بعدين الشغل .
    فكرت ساره : اللهم طولك يا روح بقه كده يا عمر ، افتكرت الشغل بس و نسيت العيله و عيلة العيله و اللى عاملينه فيا ، يا رب صبرنى
    لكنها بالرغم من ذلك ردت بكل هدوء : معلش يا عمر انا عارفه ان شغلى ممكن يكون اثر علينا شويه ، لكن حسسنى انى ليا فايده و لازمه فى الدنيا ، بصرف النظر عن الفلوس ، و ان كانت الفلوس كويسه برضه هاهاهاهاها

    رد عليها عمر : يعنى انا كنت حارمك من حاجه يا ساره ؟
    ساره : و انا قلت كده يا عمر ؟ انا كل اللى قلته ان ما حدش يكره زيادة دخله
    و اكملت جملتها فى نفسها ، خاصة لما يكون عليه اقساط متلتله و فى عيلة كامله معسكره عنده فى البيت
    لكنها كتمت ذلك الكلام و احتفظت بتلك الابتسامه الساذجه لعله يعود الى الكلام الجميل الذى كان يقوله من يومين فقط ، لكنه استمر فى كلامه : و كمان يا ساره عاوزه تزوديها بموضوع مجموعات التقويه ده ، عشان خاطرى يا ساره فكرى تانى
    فكرت ساره : اه ، فكرى تانى ، يمكن تكرهى ان دخلك يزيد و يبقى ليكى منظر فى الدنيا
    لكنها حين تكلمت قالت : يا عمر يا حبيبى ، انا نفسى اعمل المجموعه دى عشان ادخل فى جمعيه و ادفع مقدم عربيه صغيره كده تنفعنى بدل البهدله فى المواصلات

    عمر : بهدله ؟ ليه ان شاء الله ، ما انت بتروحى بالباص و ترجعى بيه كمان ، لازمتها ايه عربيه و مصاريف ، انت فاكره العربيه بتيجى كده و خلاص ، ده فيه صيانه و بنزين و زيت و هم كبير اوى
    همت ساره بالرد بعد ان نفذ صبرها او كاد ينفذ لكن رنين الهاتف منعها ، قامت و هى تتمتم ، يا ساتر يا رب ، خير اللهم اجعله خير ..........................

    ==============================
    الحلقة الثانية عشر

    رد عمر على الهاتف ، ليجد هشام زوج اخته على الطرف الثانى : ايوه يا عمر ، ازيك ؟

    عمر : انا بخير يا هشام ، انت عامل ايه ، و داليا ، طمنى يا هشام فيه حاجه ؟
    هشام : داليا تعبت شويه و نقلتها المستشفى ، بس هى كانت عاوزه مامتها تيجى يا عمر ، و اضح ان حملها صعب و الدكتور حايعمل لها ربط بعد مرحله معينه ، و هى محتاجاها تكون جنبها
    عمر : يعنى هى بخير ؟ و البيبى بخير ؟
    هشام : لحد دلوقت ايوه ، لكن الدكتور اوصى انها تقضى باقى فترة الحمل نايمه على ظهرها ، عشان كده عاوزك تبدأ اجراءات مع السفاره الامريكيه عندك ، و ماما تروح تعمل مقابله هناك بكره ، عشان انا بعت خلاص الطلب فى السفاره و ماما حاتروح تلاقى اسمها مدرج هناك
    عمر : بس انت قلقتنى يا هشام باتصالك ده ارجوك طمنى على داليا و مش حاقول لماما حاجه
    هشام : انا اسف انا عارف ان الوقت عندكم متاخر ، بس احنا عندنا الصبح ، و انا فى الشغل دلوقت ، لكن ممكن تتصل بداليا على تليفونها فى المستشفى ، اطمئن هى بخير ، بس مش حاخبى عليك يا عمر ، احنا محتاجين دعواتكم ، ما عندكش فكره انا خايف عليها اكتر من البيبى ميت مره ، صحيح هى عمرها ما بينت قد ايه هى نفسها فى الخلفه ، لكن لما حصل الحمل فعلاً ، فجأه اصبح امل حياتها كلها انها تكون اماَ ، ادعولنا ربنا يكمل حملها على خير

    انهى عمر المكالمه بدعاء متواصل لهشام و دينا ان يرزقهما الله بالذريه الصالحه و ان يكمل حملها بسلام
    ثم عاد الى زوجته بتلك الاخبار المقلقه ، و حين ابلغها ردت عليه قائلة : بص يا عمر ، مامتك لسه ما فاقتش من مشكلة دينا ، انا رأيي نقولها كده بلطف ان داليا محتاجاها جنبها و هى حامل من غير ما نقول ان فيه خطر او اى حاجه ، مامتك مش مستحمله ، و بعدين نبدأ الاجراءات عادى و على ما الاجراءات دى تخلص تكون داليا اتحسنت و روحت البيت ان شاء الله

    عمر : تفتكرى يا ساره ما نقولهاش على تعب داليا ده ؟

    ساره : ايوه و ان شاء الله كلها كام يوم و هى تروحلها بنفسها و تطمن ، ياللا نقوم نصلى التهجد و ندعى لداليا ان ربنا يفك كربها و يحفظ لها حملها ، و يحقق املها

    عمر : ربنا يكرمك يا ساره ، شوفى انا مش عارف بصراحه اقولك ايه ، بس تأكدى يا ساره انى فى كل صلاة بادعيلك ، و حاضطر ابوظ المفاجأه اللى كنت عاملهالك لانى مش قادر ارخم عليكى اكتر من كده

    ساره : بجد صحيح ؟ مفاجأه ليا انا ، وحشتنى مفاجاتك يا حبيبى

    عمر : انا حجزت لك عربيه يا ساره ، هى صغيره صحيح ، و صينى اينعم ، بس جالنا عرض فى الشركه عليها بخصومات و تقسيط بدون فوائد ، و قسطها صغير ، لو حبيتى تدفعى معايا براحتك ، ما حبيتيش انا عينى ليكى يا ساره ، و ان شاء الله تستلميها بعد العيد علطول ، و كويس انت خلاص اتعلمت السواقه على عربيتى ، عشان كده بعد العيد ان شاء الله نروح المعرض و تخرجى بيها منه
    قفزت ساره فى الهواء من السعاده ، و احتضنت عمر و هى تفكر فى ان الصابرين على خير ، لقد كادت ان ترد علي استفزازه بعنف منذ دقائق معدوده ، لكن الله هداها الى ان تكظم غيظها ، و هاهو يكافئها الان على ذلك الصبر

    و قالت : يا حبيبى يا عمر ، انا برضه ما كنتش مصدقه هجومك عليا اللى من شويه ده

    عمر : ايوه و تلاقيكى كنت بتقولى ايه الراجل العجيب ده ؟ اللى انا طول النهار و الليل باخدم فى اهله و مش تمران فيه برضه هاهاهاها ، بس انا كنت باستفزك عشان لما اعملك المفاجأه تسعدك اكتر

    ردت ساره : انا اقدر اقول كده برضه ، انت و اهلك فى عينيا يا عمر ، لكن ده ما يمنعش ان الكلمه الطيبه صدقه ، يعنى لما اسمع منك كلمه حلوه بالدنيا عندى يا حبيبى و الله ، ياللا بقه عشان الكلام ما ياخدناش ، نقوم نصلى و ندعى لداليا

    احتضنها عمر بعينيه ، يالجمال الفرحه الطفله فى عينيها ، لم تغيرها الايام ، لازالت تطرب لثنائه عليها ، و تسعد بهديته الصغيره قبل الكبيره .
    لكنه لا ينكر انها قد تغيرت بالفعل ، نضجت و اصبحت اكثر هدوءاً ، لقد تعمد اغاظتها و استفزازها ، و اتهامها بشبهة التقصير مع انها مثل النحله لا تكل و لا تمل ليل نهار ، لكنه على عكس ما توقع وجد رد فعلها هادئاً و عاقلاً لدرجه انه لم يصدق انها هى نفسها ساره التى كادت ترمى بشبكته فى وجهه حين استشعرت عدم الاهتمام بها ، الحمد لله ، خير متاع الدنيا هى الزوجه الصالحه بحق
    و بعد صلاتهما سوياً ، التى نزلت فيها دموع كثيره من اعينهما ، دموع شكر لله ، و دموع رجاء فى وجهه الكريم ان يكمل سعادتهما باكتمال سعادة كل فرد فى عائلتهما ، بل كل فرد فى امة الاسلام بأسرها

    اقترب منها عمر و قال بحنان : شهرزاد وحشتنى اوى يا ساره ، هى فين ؟

    ساره : تحت الردم يا عمر ، انت عارف انا نفسى شهرزاد و حشتنى ، بس للاسف عندى خبر وحش مريم ببطانيتها و يحيى كمان فى السرير بتاعنا ، و لو شلناهم هايصحوا و يجرسونا ، غير ان مامتك حاتصحى و تتساءل عن سبب اقلاق راحة الكونتيسه مريم و الكونت يحيى

    عمر : كمان معاها بطانيتها ؟ حتى فى الحر ده ؟

    ساره : مانت عارف الننه دى عاده خلاص مش عارفه ابطلهالها ، و بعدين هى جت على البطانيه ، انا باقولك مريم نفسها فى الاوضه جوه و يحيى كمان ، و انا مسمعتش ان شهرزاد كانت مخلفه و عيالها بيناموا فى اوضتها هى و شهريار بصراحه

    عمر : خلاص نروح احنا اوضة مريم و يحيى

    ساره : انت مش من هنا يا عمر ؟ الاوضه فيها مامتك و قبل ما تحلم اوضة مامتك فيها دينا و هبه و التوأمتين خلاص بقه يا عمر ، خلى شهرزاد يوم تانى نكون حاجزين من بدرى قبل ما مريم و يحيى يدخلوا يناموا هاهاهاهاهاهاهاهاهاهاها

    عمر : خلاص انت حره ، بس بالشكل ده ممكن انحرف

    ساره : يا خبر ؟ طيب انا عندى فكره ، انا جبت مرات البواب النهارده نضفت شقة دينا الجديده ، و الانتريه هناك مفروش و اوضة العيال كمان ، بس انا اللى ضغطت على دينا تخليها معانا لحد ما جوزها يرجع ، ايه رايك نعمل رحله قصيره لشقة الجيران ، نعمل الشاى و ناخد الكنافه معانا هناك و نقعد شويه كده مع بعض لوحدنا و احنا امنين من دخول حد علينا

    عمر : ايه ده ؟ ما كنت سيبيها براحتها يا ساره ، بس اقولك الظاهر شهرزاد دى افكارها لا تنضب ابداً

    ارخت ساره عيناها فى خجل و سكتت عن الكلام المباح

    صحيح ان التجديد بين الازواج مطلوب ، حتى لو كان مجرد الغداء او العشاء بالخارج ، مجرد تواجدهم معاً فى مكان مختلف ، يوقظ المشاعر النائمه و يغذى العواطف
    فى خلال ايام قلائل ، كانت تأشيرة ام عمر جاهزه و داليا كانت بالفعل قد غادرت المستشفى الى المنزل ، و استعدت لاستقبال امها لأول مره فى منزلها بامريكا
    اما دينا ، فبعد وصول طارق ، و انتهاءهم من اعداد الشقه للسكنى و هى لا تزال تبيت مع ابناءها فى غرفتهم و هو فى غرفه اخرى و ان كان هو يحاول استرضاءها بكل الوسائل الممكنه
    وفى يوم فوجئت دينا و زوجها بشركه كبرى بالامارات تبعث فى طلب طارق للعمل لديها ، بضعف مرتبه السابق ، و كانوا قد تعرفوا عليه اثناء احد المؤتمرات فى انجلترا و تم تبادل عناوين البريد الالكترونى بين مدير تلك الشركه و طارق و حين بدأوا فى توسعاتهم بالشرق الاوسط ، فكروا فى طارق لاسناد ادارة الفرع الجديد اليه

    دينا : انا مش مصدقه ، ده ضعف مرتبك بالضبط
    طارق : لو عشر اضعاف يا دينا ، انا مش حاتحرك من مصر الا لما تخلصى الماجستير ، و ادينى مقدم فى كام شركه هنا و مستنى
    دينا : انت بتتكلم جد يا طارق ؟ فعلاً مهتم بيا و بانى اخلص دراستى، يعنى مش قاعد تكفيراً عن غلطتك و عشان ارضى ارجعلك بس ؟
    طارق : انت تعرفينى مده طويله كفايه عشان تميزى اذا كنت صادق فى النيه ولا مش صادق ، انا فعلا يا دينا حسيت انى ظلمتك و جيت عليكى كتير اوى ، و حقك دلوقت انك تعملى اللى فى نفسك

    و لاول مره منذ اشتعلت الازمه تجد دينا فى نفسها الرغبه فى ان تحتضن طارق و تبكى على كتفه ، و قضت وقتاً طويلاً تشكو اليه حزنها و غيرتها عليه و نار حبه التى كادت ان تحرقها و تتحول لكراهيه حين علمت بخيانته لها ، و اطل حبه القديم براسه لينحى مشاعر الغيره جانباً و يجعلها فقط تتذكر انه ترك دنياه كلها من اجلها هى

    طارق : انا اسف يا دينا ، و لو قعدت طول عمرى اكفر عن اللى حصل ده ، مش حاقدر الغى الالم انا عارف ، لكن اتمنى تسامحينى ، و تقدرى ترجعى لى زى زمان ، دينا مراتى حبيبتى

    دينا : طيب ايه رايك انى موافقه على عرض الشركه دى ، و حاسافر معاك كمان

    طارق : ازاى يا دينا بس ؟ انت فعلاً قدمت للدراسات العليا ، و هبه دخلت المدرسه هنا

    دينا : هبه لسه فى كى جى تو ، يعنى مش قضيه اننا نحولها مدرسه هناك ، و انت شغلك هنا مش مضمون يا طارق ، و بالنسبه للماجستير ، المرتب الجديد ده يخلينى اكمل فى الجامعه الامريكيه هناك لو حبيت ، انا سمعت انها زى اللى فى مصر بالضبط ، ايه رايك ؟ حاتصرف على دراستى ؟

    لم يصدق طارق اذنيه ، لقد اخلص النيه لله ، و قرر التطهر و مصالحة دينا مهما كان العقاب ، فاذا بالله سبحانه و تعالى بدلاً من ان يعاقبه ، يكافئه ، صحيح ان لرمضان بركه لا حرمنا الله منها

    كانت الاستعدادات تجرى على قدم وساق فى اسرة مروه ، لاختيار الفستان ، و الكوافير و القاعه ، اذ أصر والد مروه على ان يفرحها بحفل صغير فى احد الفنادق ثانى ايام العيد ، حتى تكون مثل اختها ، رغم ان بعض افراد عائلته اعترضوا على ذلك بزعم ان احمد ما زال طالباً ، و البعض الاخر اعترض على مجرد قبوله و اندهش من سرعة ذلك القبول لشاب لا يبدو مستقبله واضحاً و كان رد

    والد مروه : ماحدش يسألنى انا قبلت احمد ليه ، انا نفسى مش عارف و لو حد قالى انى ممكن اوافق على خطوبة حد من بناتى لطالب فى الجامعه ما كنتش حاصدق ، لكن الولد ده و اهله و دخولهم من الباب ، كل ده خلانى احترمه و احترم اهله ، غير انه كان ممكن زى اى شاب يصيع و يصاحب و يعمل اللى هو عايزه ، ده غير انى صليت صلاة استخاره قبل القعده معاهم بيوم و طلبت التوفيق من ربنا ، و لقيت نفسى مش شايف مروه غير جنب احمد ، و باوافق من غير ما افكر

    و بهذا اقفل والد مروه الباب امام كل الاعتراضات حتى من ابنته الكبرى شخصياً ، لقد اقتنع باحمد و لم يعد هناك معنى لأى اعتراض من اى نوع
    حتى موضوع الشبكه ، تركه كاملاً بين يدى مروه ، التى كانت لتقبل بخاتم من حديد ، فقط اذا احضره احمد ، لكنه لم يخذلها ، كانت امه قد وهبت جزء من ذهبها لكل من ابنتيها حين زواجهما ، و ادخرت الجزء الخاص باحمد ، و قام هو ببيعه بناء على رغبة امه ، اذ انها قدرت ان ذوق المصاغ قديم بعض الشىء و لن يعجب مروه لذلك طلبت من احمد ان يتصرف فيه و يشترى بثمنه الشبكه
    و بعد بيعه ، خرج مع مروه و والدتها و والدته و ساره طبعاً ، و اختارت العروس شبكتها الانيقه الجميله ، لم ترد ان تختار طاقماً ذهبياُ كاملاً رغم ان النقود كانت تكفى ، كانت تحلم بخاتم ماسى و لو صغير فى حدود المبلغ الذى اخبرها احمد بتوفره معه ، و هذا ما حدث ، اختارت فص صغير ليتم وضعه داخل خاتم رقيق ، و رغم اعتراض حماتها الداخلى ، اذ كانت تريدها ان تنتقى الذهب الذى تزداد قيمته ، الا انها لمحت نظرة فى عينى احمد ، كانه كان يتوسل اليها الا تعترض ، و لا تفسد فرحته ، و عادت و تذكرت موقف والد مروه حين وافق دون ان يسال حتى عن امتلاك احمد لشقه من عدمه ، و تذكرت ابنتاها حين عاشتا نفس الموقف و قامت الحموات معهن بالواجب ، كل ذلك اطفأ اعتراضها و جعلها تبارك اختيار مروه بل و تسعد من اجلها
    اما أحمد فكان شغله الشاغل ، اخبار اصدقاءه المقربين ، و سعادة الدنيا تملأه ، و قاموا هم معه بالواجب من حيث شراء متطلباته فى الايام الاخيره قبل العيد ، مما ذكره بأيام طفولته و شراء لبس العيد، و ان كانت سعادته الان تفوق كل السعاده التى راها كل اعياد عمره مجتمعه ، تلك الكرافت الورديه الانيقه ، و البدله السينييه التى ارسلتها اسراء من الخارج رغم انها كانت هى الوحيده التى تقاسى احزانها فى ذلك الوقت ، كانت تتمنى ان تحضر خطوبة اخاها الحبيب ، و تشاركه فرحته ، انه اخاها و صديقها فى نفس الوقت ، كيف تفوت فرحه ، و زاد ذلك من حنقها على حازم و على الغربه ، صحيح ان مشكلة ولادتها تم حلها بواسطة امها بعد اتفاقهم على حضورها اليهم ، لكن خطوبة احمد جددت احزانها و اورثتها المزيد من الحنين و الاشتياق لاهلها و لقضاء العيد وسطهم ، لدرجة انها كانت تبكى كلما اتصلت به و سمعت صوته ، لكنها رفضت بشده ان يؤجل خطوبته من اجلها بل و اصرت على اهداءه تلك البدله الباهظه الثمن ، لم تكن لتغلو على احمد
    و فى ليلة العيد ، سهرت العائله كلها فى منزل عمر ، لوداع والدته التى كانت ستسافر فى اليوم التالى ، و ايضاً لتهنئة دينا ، التى اتفقت مع زوجها على السفر معه الى امارة دبى لاستلام عمله هناك على ان تحاول التسجيل لرسالة الماجستير بالامارات ، و كانت تلك الليله تشبه ليلة الحناء بالنسبة لاحمد ، رغم انه تواجد لوقت قصير ، ثم تركهم و ذهب لاصدقائه حيث اتفقوا على السهر حتى الصباح و اداء صلاة العيد جماعه ، و كذلك التأكيد على حجزمكان الخطوبه ، و قد تعذر وجود قاعة خاليه فى العيد ، لذلك قام والد مروه بحجز قاعه مفتوحه على حمام السباحه بالفندق الكبير
    و من الفندق اتصل احمد بمروه بعد ان أكد الحجز بناء على طلب والد حبيبته

    احمد : المكان جاهز يا مروه ، انا مش مصدق اننا حانقعد فى الكوشه خلاص
    مروه : حيلك حيلك دى كوشة خطوبة بس مش فرح
    احمد : حاتموتى انت ع الجواز انا عارف
    احمر وجه مروه غضباً و خجلاً : كده يا احمد ؟ طيب خلاص مش متجوزاك ، ايه رايك بقه ؟
    احمد : يعنى حانقضيها خطوبه ؟
    مروه : و لا خطوبه حتى ، انا خلاص قفشت
    احمد : طيب انا كنت حاعدى عليكى دلوقت اوريكى الشبكه بعد ما اتعملت
    مروه : لا خلاص خلاص ، تعالى وريهالى يا احمد عشان خاطرى
    احمد : طيب بابا موجود
    مروه : ايوه ايوه ، انا مستنياك تعالى بقه
    و فى خلال دقائق كان احمد تحت منزل مروه و كانت هى فى الشرفه منتظرة اياه بكل شوق ، لم تكن متشوقه لرؤية الشبكه ، كانت تريد ان تراه هو ، و هى تحمد الله على تلك السعاده التى وهبهما اياها ، بان جعل لقاءهما فى النور و امام الكل ، بعد ان حرما على انفسهما كل ما يغضبه
    فتح احمد العلبه امام مروه و والدتها ، فانبهرت الام و مروه بجمال ذلك الخاتم رغم صغر الفص ، كان على شكل ورده صغيره و الفص فى المنتصف و حوله عدد من الفصوص الصغيره غير الماسيه ، و ان كان شكله كله يبدو تحفه فنيه رائعه
    لمعت الفرحه فى عينى مروه ، و هى تهمس لاحمد ، اول هديه اقبلها منك ، شفت حلاوتها بقه ؟احمد : عشان كده ما كنتيش عاوزه دبدوب و كده ، بترسمى انت على تقيل يا مروه ، ماشى يا ستى ، عاوزه اقولك حاجه ، اتعودى على كده ، حافضل طول عمرى اجيبلك هدايا عشان اشوف فرحة عينيكى دى
    ثم اراها الدبل التى نقش عليها اسميهما من الداخل و تاريخ الخطوبه المتوقع بعد غد فى ثانى ايام العيد المبارك
    الله اكبر كبيراً
    و الحمد لله كثيراً
    و سبحان الله بكرةً و اصيلاً
    اللهم صل على سيدنا محمد
    و على ال سيدنا محمد
    و على ازواج سيدنا محمد
    و على اصحاب سيدنا محمد
    و سلم تسليماً

    رددت قلوب المسلمين قبل السنتهم هذا النداء الجميل فى صبيحة اول ايام العيد السعيد الذى كان بحق من اسعد ايام تلك العائله الجميله
    و شعور غامر بالرضا و السعاده
    ساره و عمر و كل ذلك الحب و يحيى و مريم ثمرة الحب و العشره يصليان معهما فى ملابسهما الجديده الجميله
    و دينا و زوجها الذى عاد اليها بعد ان كادت تفقده الى الابد ، عاد بفضل الله الذى هداها و هداه الى الصواب
    و ام عمر التى كانت تتلهف للسفر بعد ساعات لابنتها و بان ترى حفيداً منها يقر عينيها و يسعد قلبها
    كذلك والدا ساره يتشوقان الى خطوبة اخر عنقودهما بعد ساعات و يدعوان الله باكتمال سعادته
    أما اسعدهم جميعاً كان احمد نفسه ، لم يتوقع ان تجرى الامور بتلك السرعه ، و فاضت عيناه بدمع العرفان لله عز و جل الذى حماه من الخطأ و اغناه بحلاله عن حرامه ، و جعل اموره مع مروه سهله و ميسره باضعاف ما توقع
    وفى اليوم التالى استعد الجميع للحفل الكبير ، ارتدت ساره و عمر ملابسهما ، و لبس يحيى بدلة و بابيون اصر على شراءها خصيصا ًمن اجل خطوبة خلولى ، اما مريم فتالقت كالملاك الصغير فى ثوب وردى اللون ، و حرص اباها على حملها طيلة الوقت ، كانها جزء من زينته ، و دينا و الثلاث جميلات بفساتين رائعه ، و زوجها ايضاً ارتدى ابهى حلله

    اما العريس السعيد ، فارسل البيتزا لخطيبته فى الظهيره بناءً على توصية ساره المشدده ، و ان لم يفهم سر سعادة مروه الغامره بتلك البيتزا ، و ذهب هو الاخر للحلاق كى يتم الاستعداد لاجمل ليله فى عمره
    و فى تمام التاسعه ، كما ذكر فى الدعوه ، كانت العروس تنير الكوشه بذلك الفستان الوردى المحتشم الرائع ، و احمد الى جوارها يبدو فى اناقة و قامة نجم سينما ، و معظم من فى الحفل من اصدقاء العروسين المشتركين ، من المدرسه و من الجامعه ، و بعضهم كان قد تخرج بالفعل من كليته لكنهم حرصوا على القدوم من كل اتجاه للتهنئه
    و شارك احمد اصدقاءه من الشباب بالرقص معظم الليله ، كانوا يحتفلون به و بتتويج قصة حب طاهر نمت و ترعرت فى النور على مدى سنوات طويله ، و كان احمد نفسه يبدو مرفرفاً من سعادته ، و ان كان لم يسمح لمروه بالنزول و مغادرة الكوشه ، كانت كلها رقصات رجاليه فقط ، لكن امه قامت و احتضنته و هو يرقص فى مشهد دفع الدمع الى العيون
    و فى وسط ذلك الصخب ، كان اكثرهم فرحاً ، صديق احمد المقرب ، الذى تخرج لتوه من كلية الشرطه ، اخرج مسدسه من جرابه ، و اطلق بضع طلقات فى الهواء ، ثم انزل المسدس ليقوم باعادة ملئه ، و اذا برصاصه تنطلق ، رغماً عنه
    رصاصه واحده
    انطلقت فجأه
    لكن مستقرها لم يكن الهواء مثل سابقاتها

    ==============================
    الحلقة الأخيرة

    وصلت ام عمر الى كلورادو ، لتجد زوج ابنتها فى انتظارها دون داليا ، و عندما تساءلت عما منعها من الحضور ، اخبرها انها تجرى فحوصاً دوريه بالمستشفى ، و لذلك هرعت الام مع هشام الى هناك و قلبها يحدثها ان هناك مكروه
    و فور وصولها الى ابنتها ، بدأت داليا فى البكاء ، و هى تردد : ماما ، و حشتينى يا ماما ، انا محتاجاكى يا امى ، انا عمرى ما حسيت قد ايه بتحبينى الا بعد ما سمعت دقات قلب الجنين فى بطنى
    هشام : انا اضطريت اخبى عليكى يا طنط ، بس احنا حقيقى فى مشكله كبيره
    الام : خير يا ابنى ، خير يا حبيبة امك ، فيكى ايه يا بنتى ؟
    لم تستطع داليا الرد ، لكن هشام اجاب : داليا عندها جلطه فى الساق يا طنط ، و الدكتور لازم يبدأ يديها ادويه لاذابة الجلطه و تسييل الدم
    الام : طيب يا ابنى و الادويه دى فيها خطر على الجنين
    تكلمت داليا من بين دموعها : مش خطر بس يا ماما ، لو اخدت الادويه دى احتمال كبير جدا ان الجنين ينزل ، الدكتور فهمنى كده بكل بساطه ، و عاوز يمضينى على اقرار بعدم مسئوليته لو حصل اجهاض ، و انا خلاص ارتبطت بالطفل ده
    من ساعة ما سمعت نبض قلبه و انا حاسه انه جزء منى ، اهم من رجلى و من الام الجلطه و من كل حاجه ، انا فهمت كلمتك زمان يا ماما ، فهمت يعنى ايه قلبى شافه قبل عينى
    ارتاعت الام لسماعها ذلك الكلام ، لقد كانت فرص داليا فى الحمل تتضاءل يوماً بعد يوم ، و لم تتمسك هى يوماً بالبحث عن العلاج ، لكنها اليوم ، بعد ان حملت فعلاً اصبح كل املها فى الحياه و اكدت لها داليا ذلك الان حين قالت : انا مش حامضى على ورقه يموتوا بيها ابنى ، و املى ، لا يا ماما ، انا قلت لهم حاستحمل الم الجلطه لحد ما الحمل يخلص .
    هشام : يا داليا يا حبيبتى ، الموضوع مش الام و بس ، فى احتمال الجلطه دى لا قدر الله تمشى فى الدم و توصل للقلب و ساعتها اخسرك يا عمرى كله ، انت عندى بكل اطفال الدنيا
    داليا : خلاص يا هشام ، اقطعوا رجلى ، انا مش عاوزاها ، بس عاوزه ابنى ، خليهم يقطعوا رجلى يا هشام بس الجنين ده يفضل

    --------------------------------------------------------------------------------------
    بعد تلك الطلقه المدويه ، صمت كل شىء ، حتى صوت الموسيقى ، توقف الزمن للحظات ، تلفت خلالها الجميع حولهم ، ليعرفوا ان كان احداً قد اصيب
    فوجئوا بصوت مروه تصرخ : لالالالالا احمااااااااااااااااد
    كان المصاب هو .............................. العريس
    من ضمن عشرات بل مئات ، اختارت تلك الرصاصه المحشوره فى ماسورة المسدس صدر احمد لكى تخترقه ، لم يصرخ ، او حتى يئن ، فقط تحسس صدره بيده ، ثم نظر الي كفه الغارقه فى الدماء ، و العروس امامه مباشرة ، تنظر اليه بعينان زائغتان
    و تعلقت عيناه بمروه ثم سقط مغشياً عليه ، و بعدها تكاثر المدعوون حوله
    وكان اول من دفعهم بيديه حتى يصل لاحمد ، هو صديقه الضابط ، مصطفى ، الذى اطلق الرصاصه الخاطئه ، بالرغم من الصدمه و المفاجأه ، نزل ليحمله على كتفه و يجرى به الى خارج الفندق كالمذعور
    حتى وصل لسيارته ، حمل فيها احمد و توجه الى اقرب مستشفى للفندق
    و هناك ، دخل احمد الى غرفة العناية المركزه
    و بدأت رحلة البحث عن طبيب ، اليوم عيد ، و معظم الاطباء فى اجازه ، و تليفوناتهم مغلفه ، و اوصى الطبيب المناوب بايجاد جراح قلب و صدر ........... الان
    اما عن حالة عائلة احمد و كل المدعوين ، حدث ولا حرج
    كانت الام محموله تقريباً بعد ان عجزت ساقاها عن احتمالها ، و على لسانها كلمة واحد : استرها يا رب ، خليهولى يا رب ، الطف بينا يا رب و الى جوارها والدة مروه تلهج بنفس الادعيه
    اما والده ، كان يحاول ان يبدو رابط الجأش و ان يتصل بمعارفه عله يجد جراحاً فى ذلك الوقت ، لكن قلبه كانت تضطرم فيه النيران لمجرد تصور امكانية الحياه بدون احمد ، ابنه ، صديقه ، هدية الله له ، لقد انجبه بعد ان تعدى الاربعين ، و كان يحلم بتلك الليله ، كان يخشى ان يموت قبل ان يطمئن عليه ، لكنه لم يشك لحظه ان احمد نفسه يمكن أن يتركه و ......................... يموت
    من ان لاخر ينفض راسه و يهزها بشده يمنه و يسره ليطرد ذلك الخاطر عن راسه ، و يهتف من اعماقه ، املى فيك كبير يا رب ، احفظه و ابقه لى و لامه ، اللهم ارفع عنه البلاء و انقذه يا اله العالمين ، احمد ابنى حبيبى ، وهبته لى على الكبر ، و ووهبته حسن الخلقه و الخلق ، لا تسيئنى فيه يا كريم
    اما ساره ، فلم تستطع الاحتفاظ برباطة جأشها امام امها ، لقد فرت من امامها ، لعدم استطاعتها مواجهة عيناها، و لا مواجهة ذلك الاحتمال القائم ، احتمال فقده ، لم تفكر ساعتها كيف حدث ذلك ، و لم تفكر فى صديق احمد ، كل ما فكرت فيه ، هو اخوها ، ثم تذكرت ان لديها تلميذه بالفصل والدها من اشهر اطباء القلب فى مصر ، و هرعت الى موبايلها حيث كانت تخزن رقم تلميذتها شانها شان العديد من تلاميذها
    و حين ردت عليها الفتاة ، و احست بارتياعها ، جرت لتنادى اباها ، الذى كان موبايله الشخصى مغلقاً و كانت العائله كلها فى احد فنادق الهرم للاحتفال بالعيد
    ساره : دكتور حمدى ، ارجوك يا دكتور ، عاوزه منك معروف ، اكبر معروف ممكن يتعمل لى فى حياتى ، اخويا ، اخويا يا دكتور اخويا
    د. حمدى : طيب يا ميس ساره ممكن تهدى بس شويه و تكلمينى بشويش عشان افهم
    ساره : اخويا اتصاب برصاصه فى فرحه ، و محتاجين جراح قلب و صدر عشان النزيف مش راضى يقف ، ممكن يا دكتور تيجى دلوقت فى مستشفى كليوباترا ، ارجوك يا دكتور ارجوك
    و لم تستطع ساره الكلام بعد ذلك ، اذ انهارت فى وصلة بكاء طويله لم يقطعها الا رد الطبيب :
    طبعاً ممكن ، ان شاء الله نص ساعه و اكون عندك ، ممكن تدينى حد من المستشفى
    و بالفعل ، استطاعت ساره اعطاء الهاتف للطبيب المناوب ، الذى استمع لتعليمات دكتور حمدى بانتباه كامل ، و تحرك بعدها لاعداد غرفة العمليات و اتخاذ اجراءات من شانها ايقاف النزيف
    قامت بعدها ساره بالاتصال باختها فى الخارج و ابلغتها بما حدث كاملاً ، لم تكن تستطيع تحمل مسئولية ما يمكن ان يحدث دون علم اسراء
    حين علمت اسراء ، اخذت فى الصراخ ، و العويل حتى سمعها زوجها ، و قام بسرعه و ارتدى ملابسه ، ثم عمل كل الاتصالات الممكنه بشركات الطيران ، و استطاع بالفعل ايجاد تذكره على طائرة ستغادر لمصر فى خلال ساعه و احده ، فى تلك الساعه كان حازم قد اعد حقيبة زوجته بسرعه قياسيه ، و حملها حملاً الى المطار و اوصى عليها كل من على الطائره حتى يعتنوا بها خلال وقت الرحله و مراعاة ظروفها النفسيه السيئه
    كانت رحلتها بالطائره قطعه من العذاب ، كل الاحتمالات ممكنه ، و لا تستطيع الاتصال باهلها ولا الاطمئنان علي احمد ، كل ما تستطيعه الدعاء و فقط الدعاء لله العلى القدير ان ينجيه
    دخلت ساره على اخيها الغرفه بناء على الحاحها الشديد ، و فى يدها المصحف ، وكل ماطلبته ان تمسك بيده و تقرأ القران
    و بدأت بقراءة السور التى يحبها ، و يحفظها ، سورة المؤمنون ، و سورة ياسين ، و سورة تبارك ، والكهف و البقره ،كانت تمسك بيده و دموعها تجرى بلا انقطاع و كانت احيانا تحس بضغطه خفيفه من يده على يدها او كانت تتوهم ذلك حين تلت قول الله تعالى
    و اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدوة و العشي يريدون وجهه
    و لا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا
    كلما احست بضغطة يده تمعن فى القراءه و التضرع لله

    كانت مروه فى غرفه اخرى من غرف المستشفى ، اغشى عليها بعد احمد بلحظات ، و اصيبت بانهيار شديد ، كانت كمن نزل من سابع سماء الى سابع ارض فى لحظه و احده
    فى عز سعادتها و فرحتها به ، تصبح على وشك فقده ............. الى الابد
    و بعد نصف ساعة كانت المستشفى تغص بالناس ، من كل حدب و صوب ، جيران و اصدقاء ، و حتى اصدقاء الاصدقاء ، و بعدها وصل الطبيب
    و تعلقت عيون الكل باحمد و هو يخرج على سرير نقال من غرفة الانعاش الى غرفة العمليات

    فى خضم تلك الاحداث كانت ام عمر تحاول الاتصال بابنها لكى تطمئنه عليها و تخبره بحالة داليا ، و تطلب اليه تهدئتها ، و اقناعها بتعاطى الدواء الذى من شانه انقاذ حياتها
    لكنها فوجئت ان عمراً لا يرد ، و لا حتى دينا و لا زوجها ، جربت ارقامهم واحداً و احداً لكنها لم تجد رداً
    و عندما طمأنها هشام بانهم من الممكن ان يكونوا فى حفل الخطوبه لذلك لا يستطيعون سماعها ، لكن ذلك لم يمنع قلقها ، لانها كانت تعلم انها الان الثالثه صباحاً و ان الحفل من المستحيل ان يستمر حتى ذلك الوقت
    و بعد قليل اتصلت دينا بها
    دينا : حمدلله ع السلامه يا ماما
    الام : الله يسلمك يا حبيتى من كل شر ، انتم فين ما حدش بيرد ليه
    ردت دينا بصوت مرتعش : ابداً يا ماما احنا كويسين ، اهم حاجه داليا كويسه ؟
    و حين حكت الام لدينا عن مشكلة اختها ، وجدت دينا نفسها رغماً عنها تبكى بصوت مرتفع و هى تقول : خليها تاخد الادويه يا ماما ، ده لسه جنين ياماما ، لا عرفته و لا شافته ، امال طنط مامة ساره تعمل ايه ؟ تعمل ايه يا ناس
    الام : مالها يا بنتى طانطك فاطمه ، ايه اللى حصل ، وقعتى قلبى
    دينا : احمد يا ماما ، احمد اتصاب فى خطوبته برصاصه ، و راقد فى المستشفى بين الحياه و الموت
    انتفضت الام لسماعها ذلك الخبر و ظلت تصرخ بلا انقطاع : يا حبيبى يا ابنى ، يا حبيب امك يا خويا ، يا رب نجيه ، يا رب ما تورى حد فى ضناه
    و انهارت بعدها فى نوبة بكاء مما جعل هشام يمسك بالسماعه و ينهى المكالمه امام داليا الذاهله

    و فى المستشفى ، خرج احد الممرضين من غرفة الانعاش ليطلب من كل الموجودين التبرع بالدم اذا كانت فصيلتهم مطابقه لفصيلة احمد النادره ، كان فصيلة أو ، و بالفعل كان عدد من الموجودين يحمل تلك الفصيله ، و لذلك تم التبرع فى ثوان ، ساعتها حمد الجميع الله على ان ما حدث قد حدث اثناء الحفل و ان كل هذه العدد من الناس كانوا موجودين وقتها فى المستشفى
    كان البوليس قد وصل للمستشفى ، و مصطفى يصلى فى احد غرف المستشفى منذ لحظة دخول احمد و يدعو الله ان ينجيه ، لائماً نفسه على اصطحابه لسلاحه ، معتمداً على انه ضابط يحضر الحفل ببذلته الرسميه ، لقد طلب اليه احمد ذلك ، كان يحبه و يتباهى به وسط اهله و اصدقاءه ، و حين اخرج مصطفى مسدسه لم يستطع احداً من امن الفندق الاعتراض ، ليتهم اعترضوا ، ليتهم منعوه ، ليته لم يدخل كلية الشرطه من الاساس ، يا رب انقذ احمد و اللى يحصلى يحصلى
    كان ذلك لسان حاله حين وصل البوليس و اخذوه معهم ، لم يقبضوا عليه طبعاً لاعتبارات الزماله ، فقط طلبوا منه الذهاب معهم الى القسم ، حاول ان يطلب اليهم الانتظار حتى يطمئن على احمد ، لكنهم لم يسمحوا له بذلك
    خرج الطبيب من غرفة العمليات ، ليطلب من الجميع الذين تدافعوا نحوه الاطمئنان ، لقد استطاع انتزاع الرصاصه ، و تم تعويض معظم الدماء النازفه من التبرعات ، و اصبحت افاقة احمد عملية مرتبطه بتوفيق الله و لطفه سبحانه
    حين سمع والد احمد تلك الجمله ، انقض على يد الطبيب يريد تقبيلها لكن الطبيب قال فى لطف و هو يبعد يده عنه : استغفر الله ، ده واجبى ، ربنا يخلى احمد و يكمل شفاؤه على خير ان شاء الله
    و بعد قليل كانت الانباء قد وصلت مروه ، فتحاملت على نفسها و قامت من سريرها لتذهب لغرفة الانعاش حيث كان يرقد احمد ، و ظلت تنظر اليه من خلف الزجاج و تناجيه :ا
    احمد ، حبيب عمرى ، ربنا يخليك و يحفظك ، مش حاقول خد من عمرى و اديه يا رب ، و انت عارف ان حياته اغلى عندى من حياتى ، لكن حاقول خلينا لبعض ، عشان انا عارفه احمد مش حايستحمل يشوفنى او يشوف اى حد بيحصله حاجه و حشه ، انت عارف قلبه يا رب ، ده لما كان حد من صحابنا مامته ولا باباه يتوفى ، كان احمد يعيط فى العزاء و يقول يا رب ما اشوفش اليوم ده ، يا رب اموت قبل امى و ابويا ، اديله على قد نيته و طيبته مع كل الناس و طول فى عمره ، نجيه و اشفيه يا رب
    حين سمعت داليا بما حدث لاحمد ليلة خطبته ، تغيرت كل افكارها فجأه ، فكرت فى تلك الام التى ربت اكثر من عشرين سنه ، فى لحظه واحده تكاد ان تخسر هذا الرجل لا الجنين ، هل لو اصرت على رفض العلاج تملك ان تطيل عمر جنينها لحظه واحده ، اليس من الممكن ان يولد و يعيش سنيناً ، ثم تفقده فى لحظه ؟
    انها لا تعرف احمد ، فقط راته مره او مرتين فى زيارة لمصر ، لكنها تحس الان بشعور امه ، و شعور ساره ، بل انها هى نفسها تخاف عليه و تدعو له بالنجاه ، كذلك فكرت فى امها ، كيف تغامر ان تورث امها ذلك الحزن الذى تشفق على نفسها منه ، ان فقدت حياتها بسبب تلك الجلطه ، كيف لها ان تكون بكل تلك الانانيه ؟ و لا تفكر فى هشام و اخواتها و حزنهم ان اصابها مكروه ، كل ذلك من اجل الامل فى جنين لم يتخلق بعد ؟
    و فجأه جلست فى سريرها و قالت : هشام ، انا موافقه على العلاج
    I will take my chances
    و ربنا سبحانه و تعالى قادر ياخد منى الطفل ده فى اى وقت ، زى ما هو قادر يحفظه ان شاء برغم العلاج و الادويه
    و بالفعل احضر هشام الاقرار لتوقعه داليا بيد مرتعشه ، و هى تحاول عابثه تمالك نفسها امام امها التى كانت تبكى قلقاً على احمد و على داليا و على طفلها الذى لازال فى علم الغيب

    انها لحظة سحريه
    ليس لها وصف الا هذا
    لحظة فتح احمد عينيه
    و ادارهما فى الغرفه ، و قال بصوت ضعيف : انا فين ؟ ماما ، ساره ، مروه ، انتم كلكم معيطين ليه كده ، ايه اللى جابنى هنا ؟ مالك يا ماما ؟ ايه داااااه ؟ اسراء انت جيتى امته و ازاى ؟؟؟؟
    الام : انت بخير يا حبيب امك ، و انا كمان بخير طول ما انت كويس ، ربنا يخليك ليا و يحفظك و يجعل يومى قبل يومك يا حبيبى
    اسراء : جيت يا سيدى ، شفت كانت مكتوبالى انى اشوفك و انت عريس يا حبيب قلبى
    ساره : كده خضتنا يا احمد ، حمدلله على سلامتك يا ضنايا انت
    احمد : اخيراً يا ساره اعترفت انك مامتى الصغيره ؟ انا حلمت بيكى و سمعت صوتك بتقرى قرأن ى
    ساره : ما كانش حلم يا حبيبى ، كانت حقيقه و ايدك فى ايدى ، ربنا كتب لك عمر جديد يا احمد

    اقتربت مروه منه ، و امسكت لاول مره فى حياتها بيده ، و قبض على كفها قائلاً : فهمينى يا مروه ، ايه اللى حصل ؟ انت لسه بفستان الخطوبه ليه ؟ و انا هنا باعمل ايه ؟
    و خلال دقائق كان احمد قد ادرك ما حدث ، و عرف انه كان امس بين الحياة و الموت ، و علم ان صديقه المقرب الان فى القسم و ان مصر كلها امام المستشفى ، و حتى اسراء حين علمت جاءت فى خلال ساعات قلائل لتراه او لتودعه
    نظرت اليه اسراء و سامحت حازم على اعتراضاته السابقه بشأن نزولها مصر ، بل سامحته على كل اساءه حدثت منه منذ عرفته ، و احبته اكثر ، حتى طفلها فى بطنها منه ، احست انها تحبه اكثر ، حين فتح احمد عيناه ، و راته ، احست انها تراه لاول مره ، ترى الدنيا كلها لاول مره ،
    احمد .................................................. ................................ا
    كنز كان مختبئاً فى ركن من حياتها ، و لم تعرف قيمته الحقيقيه الا فى هذه اللحظه ، الاخ ، السند ، الصديق ، و يكفى انه احمد
    افاقت اسراء من تاملاتها على صوت احمد يقول : لازم اروح القسم اطلع مصطفى يا ماما ، ارجوكم ما تسيبهوش يتسجن
    الام : يطلع ؟ ده انا نفسى يتبهدل ، هو ضرب النار لعبه ؟ و الله كان قلبى حايقع لما سمعت اول طلقه و حاولت اوصله و امنعه لكن فشلت ، ده استهتار
    احمد : يعنى هو كان قصده يا امى ، ارجوكى لازم ننقذه ، و بعدين انا عرفت غلاوتى عندكم رب ضارة نافعه ، انا ما كنتش فاكر كده
    الام : غلاوتك انت عارفها يا حبيبى ، انت نور عينى الاتنين ، ربنا يخليك لينا
    تدخل عمر حين لمح قلق احمد على صديقه قائلاً : حاضر يا احمد ، اللى انت عاوزه حايتعمل ان شاء الله
    استطاع عمر تهدئة احمد لانه كان يعلم كم يحب هذا الشاب اصدقاءه و كان يعلم انه لن يهدأ حتى يعرف بخروج مصطفى ، خاصة بعد ان علم ان مصطفى نفسه هو الذى حمله على كتفه و احضره الى المستشىفى ، بدلاً من ان يهرب او يجبن
    و انتهت تلك الليله بفرحه اكبر من التى بدأت بها ، حقاً ان الانسان لا يعلم مدى حبه لشخص ما ، حتى يختبره الله في هذا الشخص ، فيحس ان العالم قد فرغ تماما الا منه ، و كأنه هو كل الدنيا و كل الناس
    ، حقاً ما اقرب الموت ، و ما اسرع ما تمضى الحياه ، و لا ينفع فيها الا العمل الصالح
    أما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض
    اللهم اجعلنا من عبادك الشاكرين المتقين
    اللهم اغفر لنا ذنوبنا و كفر عنا سيئاتنا
    اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا و بين معصيتك
    و من طاعتك ما تبلغنا به جنتك
    و من اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا
    اللهم احسن خواتيمنا و توفنا مسلمين و الحقنا بالصالحين
    انك انت السميع العليم مجيب الدعاء يا رب العالمين





    تمــــــــــــــــــــــــــــت
    بحمد الله والى لقاء اخر
    وقصص اخرى
    اترككم فى حفظ الرحمن




    صفيه سعداوى مشرفة نون النسوة والمطبخ



    "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" صدق الله العظيم

  7. شكراً شكر هذه المشاركة
    أعجبني معجب بهذه المشاركة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. يوميات عمر وحبيبه
    بواسطة دعاء شديد في المنتدى قسم الاطفال العام
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 05-12-2010, 02:11 PM
  2. يوميات رجل وامرأة
    بواسطة طارق ممدوح ذكي محمد في المنتدى القسم الاسلامي العام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 12-08-2009, 01:20 AM
  3. يوميات شباب روش طحن
    بواسطة Real_Prince في المنتدى القسم العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 28-03-2009, 02:53 PM

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML