يوميات عمر وساره
يوميات جميله وخفيفه الظل حبيت انقلها لكم كاملة للقراءة فقط


نقلاً عن أجزاء الأستاذة الفاضلة/

صفيه سعداوى

مشرفة نون النسوة والمطبخ


http://www.egyedu.com/vb/showthread.php?t=24707


الجزء الأول:
ساره
كلما تحدثني أمي عن زواج أحد الأقارب أو القريبات وعن الجهاز الكبير الذي رأته عند فرش المنزل الجديد تثور ثائرتي وأصاب بالحموضة من شدة الغيظ, فوالديّ قد أصرا على توفير نصف مرتبي من أجل ذلك الزوج الذي قد يأتي يوما أو لا يأتي.

ولكن ما دخلي أنا بكل هذا؟ إذا أرادوا أن يزوجوني فليدفعوا هم وليس أنا. لماذا لا يسمح لي بالتصرف بالمرتب كيفما أشاء. أنا مثلا أريد التوفير لشراء سيارة في خلال خمس سنوات. وكبداية أريد أموالا لتعلم القيادة والحصول على الرخصة، وكذلك أريد إكمال دراساتي العليا. أنا أريد نصف المرتب الذي يِؤخذ مني "غصبا واقتدارا". ثم من هذا الذي يستحق أن أحرم من نصف مرتبي بسببه. حاجة تغيظ!

أنا لن أصرف قرشا برغبتي على شخص لا أعرفه يدخل في حياتي فجأة متوقعا أن أصبح خادمه المطيع, "بلا جواز بلا نيلة!!!"

عمر
تحسدني أختي لكوني رجلا أستطيع أن أختار لنفسي وأن أقرر متى أتزوج، في حين أنها كفتاة تضطر لانتظار الفارس المنتظر وليس بيدها حيلة.

ولكنها لا تدري كم الأعباء الملقاة على كاهلي لكي أفكر في الزواج. بالتأكيد أحلم أن أمسك يوما ما بيد فتاة –هي زوجتي- ونسير على الكورنيش وهي تتسلى بأكل الترمس الذي يزيد بطنها المنتفخ من الحمل انتفاخا.

ولكن من أين لي بالمال الذي يجعلني أتقدم لخطبة أي فتاة؟ وكذلك فإني لا أريد أي فتاة.. كيف أعرف أن هذه الفتاة التي سأتقدم لها ستكون مريحة في صحبتها؟ فبالرغم من صغر سني واشتياقي إلى متع الزواج المعروفة, فإني أدرك تماما أنه بعد أيام قلائل سيكون ما يهمني أكثر هو طيبة زوجتي وخفة دمها واستمتاعي بحديثها. فأنا أعرف أصدقاء قد تزوجوا وكانوا يتصلون بالشلة قبل مرور الأسبوع الأول على زواجهم, وذلك لأنهم قد شعروا بالملل. ملل!!! وهم مازالوا في بداية البداية, إذاً ماذا سيفعلون بعد عام أو عامين؟ "بلا جواز بلا نيلة!!!"

ساره
منذ أسبوع ألمحت لي أمي بأن إحدى صديقاتها لديها ابن يكبرني بثلاث سنوات, يعمل كمهندس كمبيوتر في إحدى الشركات الخاصة. وهي تعرف أنه شاب مؤدب ووسيم وسيزورنا هو وأهله ليشربوا معنا الشاي يوم الخميس القادم.

كنت أظن أني سأثور ولن أرضى بفكرة الزواج الآن. فأنا أريد أن أبني مستقبلي, فهذا ليس فعلا يقتصر على الرجال فقط, ولكن لا أدري ما الذي أسكتني؟ لعله الفضول لمقابلة شخص يريد الزواج بي. لا أدري.

اتصلت بصديقتي المقربة وأخبرتها، فضحكت ودعت لي بالتوفيق وأكدت عليّ أن أصلي صلاة الاستخارة, ففعلت بمجرد أن أنهيت مكالمتي معها. وظللت في حالة قلق طوال الأسبوع وكنت أبكي يوميا في التليفون وأنا أحدث صديقتي وأنا أتخيل قصصا مأساوية إذا لم يعجبني العريس وأجبرني والدي على الزواج منه، وكيف سأعيش في بؤس، وكانت صديقتي تضحك مني وتقول إني أستبق الأحداث، وإني "نكدية"، ولكن القلق كان يؤلم قلبي، ومر الأسبوع سريعا. واليوم هو الخميس المنتظر.. وربنا يستر.

عمر
منذ شهر أخبرتني أمي عن صديقة معها في العمل عندها فتاة جميلة تصغرني بثلاثة أعوام, وهي تعمل في إحدى الشركات. ووالدها رجل طيب ومحترم. فأخبرتها بأني لا أملك حاليا ما يعينني على مصاريف الزواج، وأن كل ما ادخرته خلال سنين عملي هو سبعة ألاف جنيه. طمأنتني أمي وأخبرتني بأن والدي سيساعدني، وأن هذه هي سنة الحياة. فجدي كذلك قد ساعد أبي عندما تزوج من أمي وعاشا أولى سنوات زواجهما في إحدى الغرف ببيت جدي الواسع إلى أن وسّع الله على أبي واشترى هذه الشقة.

ولكني لم أكن أريد العيش في بيت والدي, وكان رد أمي أن أمامي الحل في أخذ شقة إيجار جديد. ولما كنت أشعر بالاكتئاب منذ فترة لشعوري بالعجز عن الزواج في وقت قريب, فقد استمعت لحديث أمي المتفائل ووعودها بمساعدة أبي الأسطورية. وتوكلت على الله وصليت الاستخارة. واتفقنا على مقابلة العروس في بيت أهلها يوم الخميس القادم, وكاد التوتر يقتلني, فقد خشيت أن لا تعجبني العروس, وكم سيكون الموقف وقتها محرجا عندما أرفضها بعد أن ذهبنا إلى بيتهم!! ربنا يستر.
******************************************
الخميس المنتظر قد حان وتوتري أصبح لا حدود له وإن كان مصحوبا بلسعة سعادة
فهي ليست سعادة بالمعنى الكامل، ولكني متحمسة للموقف واهو على رأي "نبيلة السيد": عريس يا اماااي
ليس من عادتي استخدام الماكياج وفكرت لفترة أن أستخدمه هذه الليلة، ولكني تراجعت, فليرني كما أنا، وإن ماكانش عاجبه يبقى أنا خسارة فيه!! لكني قمت بعمل عدة ماسكات لبشرتي من باب رفع معنوياتي لا أكثر ولا أقل


تحدثت تليفونيا مع "أنتيمتي" وظلت تنصحني بما أفعله عند اللقاء المرتقب, مثل أن أدخل وعيني معلقة بالسجادة وعلى وجهي يرتسم الحياء، وأن أجلس على طرف المقعد ولا "أنجعص" مثل الأولاد مثلما أفعل دائما ، وكنت أضحك على ما تقوله وأعدها بأن أفعل العكس, فهذا العريس عليه أن يعرفني كما أنا بلا تزويق, فأنا عصبية ولا أطيق تحكمات الرجال و.... و
كنت أتحدث مع صديقتي كل ساعة ووالدتي لم تحاول تأنيبي على كثرة استخدامي للتليفون كعادتها، حيث يبدو أنها كانت تقدر توتري واحتياجي للمكالمات معها

وجاء وقت الغذاء ولم أستطع الأكل من شدة التوتر. للحق كنت أحاول أن أبدو طبيعية أمام الجميع وكأن الموضوع لا يهمني، ولكن معدتي الخائنة فضحتني عندما أصبت بالحموضة من شدة التوتر وظللت أشرب في "سفن أب" وأشتم نفسي في سري

وجاءت الساعة السابعة والنصف مساء وأصبح يفصلني عن لقاء العريس المرتقب دقائق.. ربنا يستر
***********
قال عمـــر:
جاء الخميس بسرعة معتدلة نسبيا فقد كنت أترقب رؤية العروس التي أخبرتني والدتي أني رأيتها من قبل، ولكني لم أستطع تذكرها، وكذلك كنت خائـ........... قلقا من الموضوع
كنت أتساءل هل سأرتاح إليها فور رؤيتها؟ هل هي جميلة و"رخمة"، أم تكون خفيفة الدم و... "وحشة"؟
هل يمكن أن أعجب بها ولا تعجب بي أو العكس؟
أعصابي مشدودة ولا أستطيع حتى ربط الكرافتة ونحن نستعد للذهاب
دخل أبي الحبيب حجرتي وربط لي الكرافتة، ورأيت الدموع تلمع في عينيه فقلت له: إيه يا أبو عمر ده أنا لسه رايح أتقدم مش رايح أكتب كتاب ولا أدخل، فرد عليّ بأنه لا يصدق بأن الله قد أكرمه ومد في عمره ليرى ابنه البكري يذهب ليخطب، وأني سأعرف شعوره يوم أن أذهب مع ابني لأخطب له
ضحكت كثيرا, فأبي يتحدث عن ابني وأنا لم أرَ العروس بعد. خفف حديثي مع أبي قليلا من توتري حيث إنه ظل يحدثني عما يجب أن أبحث عنه في العروس، ثم دعا لي فارتاح قلبي وأكملت ارتداء البذلة


نزلنا من المنزل وقمت أنا بقيادة سيارة أبي، حيث كان لا يقودها ليلا، وشغلت شريط أم كلثوم ليطرب أبي وكذلك لهدف آخر خبيث وهو أن ينشغل أبي وأمي بسماع "أغدا ألقاك" حتى لا يتحدثا معي لأني لم أكن في حالة تسمح لي بالحديث.. ربنا يستر
***********
جرس الباب
ترررررررن

من داخل المنزل.. تقول ســـارة في سـرّها:
أنا مش عايزة أشوف عرسان
.. ودخلتْ إلى غرفتها
ومن خارج المنزل.. يقول عمــر في سـرّه:
يا رب الأرض تنشق وتبلعني.. أنا إيه اللي خلاني أفكر في الجواز؟


الجـزء الثانـي
يدخل عمرمطأطئ الرأس ويسلّم على حمى وحماة المستقبل و
............
دعونا من التفاصيل ولنقفز للحظة الحاسمة مع دخول سارة
****************
قـالت ســارة:
دخلتُ الصالون وقد تعلقت عيناي بالسجادة وحاولت استجماع شجاعتي لأبدو طبيعية إلا أني كنت في أسوأ حالات خجلي الذى لم أعهده من قبل. لمحت لون بذلته البيج وحذائه البني، ثم قادتني أمي فسلمت على والديه ورفعت رأسي لأحييه وأخييييرا رأيته

أول ما لفت نظري كان عينيه وابتسامته، أو بالأحرى مشروع ابتسامة.. يبدو أنه كان غارقا في الخجل هو الآخر فلم يكن يعرف هل يبتسم أم يبدو جادا، أما عيناه........ فكانتا صافيتين! وكان نظره لا يستقر على شيء حتى أني ظننت أنه ربما يكون أحول
وكادت الفكرة تجعلني أضحك, وفجأة احمر وجهه و... و....... وكان وسيما حتى في خجله هذا, فابتسمت وجلست ولاحظت أنه يتمتم بشيء ما، أو لعله يبلع ريقه فقد مد يده بعد ذلك وتناول كأس العصير ليشرب منه
*******************
قــال عمــر:
جلست على كرسي منفرد في الصالون، بينما احتل والداي الكنبة، وجلس والد العروس على الكرسي المجاور لجهة أبي, بينما ذهبت والدتها لغرفة داخلية ثم خرجت تتبعها سارة
..............
ورأيتها جميلة
وكأني رأيت هذا الجمال من قبل وأعرفه, وذهب عني توتري في لحظة وانشرح قلبي لها. لا أقول إنه حب من أول نظرة، ولكن شيئا ما جعلني أشعر أني لن أتركها لأحد غيري. لم أستطع منع نفسي من التمتمة بـالحمد لله، ونظرت إليها فظننت أنها تغالب ضحكة تكاد تخرج منها فعاد إليّ توتري لظني أنها رأت شيئا بي يثير الضحك، إلا أنها ابتسمت وجلست فحمدت الله ثانية وتناولت كوب العصير من أمامي فقد جف ريقى
*********************
قـالت ســارة:
بدأ والدي يحدّث عمر عن عمله وعن الشركة التي يعمل بها وظهر أن أبي يعرف أحد المهندسين بتلك الشركة،حيث كانوا زملاء دراسة وأوصى أبي عمر بأن يسلم له على صديقه القديم ويذكره بصاحبه عامر عبد المحسن

وتحدث عمي مع أبي عن وضع شركات القطاع الخاص, بينما بدأت طنط في الحديث معي عن عملي وعن طبيعة دراستي ولاحظت أثناء ذلك أن عمر يسترق النظر إليّ كل دقيقة فتملكتني بجاحة غريبة ونظرت له في عينيه بينما كان ينظر إليّ, وظننت للحظة أن روحه ستخرج من فمه , فقد فوجئ بعينيّ في عينيه فثبت وجهه وتحرك فمه وكأنه سيقول شيئا ما إلا أنه لم يصدر أي صوت ولم ينقذه سوى أن وجه له أبي سؤالا عن شيء ما في شركته فالتفت إليه، وشعرت أنه بالكاد استرجع روحه التي تدلى نصفها من فمه وانفجرت في ضحكة في داخلي وأحسست بأنه ظريف ولكنه خجول أكثر من اللازم
**************************
قــال عمــر:
حاولت أن أفتح أي موضوع مع سارة إلا أن عقلي ;قفش وانعقد لساني
ووجدت أمي تفتح مواضيع عديدة مع سارة وشعرت بغبائي لعدم تذكري لأي من هذه الموضوعات أو محاولتي لالتقاط خيط الكلام من أمي. وظللت أرقبها وهي تتحدث مع أمي، نصف عقلي يتابع حديث أبي وعمي ونصفه الآخر منشغل بـسارة نفسها.. حتى إني لا أكاد أعي ما تتحدث عنه مع أمي

كانت لها ضحكة جميلة كما أن بروفيل وجهها الذي أستطيع أن أراه فقط من مكاني بدا جذابا و....... فجأة رفعت عينيها نحوي وضبطتني وأنا أنظر إليها, حاولت أن أتحدث وأبدأ أي حوار معها إلا أن الكلام لم يخرج من فمي. شعرت بأن منظري مضحكا, إلا أنها عادت للكلام مع أمي وقد احمر وجهها
–يبدو أنها شعرت بالخجل–
ووجه إليّ والدها سؤالا ما فالتفت إليه، إلا أني كنت أريد الحديث معها فأنا لم آتِ لكي أخطب عمي
***************************
قـالت ســارة:
يبدو أن والدته أرادت جرّه إلى الحديث فقالت له: دي سارة طلعت بتقرا الجرنال اللي طالع جديد وعاجبك يا عمر، بس ماجابتش العدد بتاع الأسبوع ده، ماتقول لها كان مكتوب فيه إيه

فنظرت إليه وفتح فمه إلا أنه أصدر أصواتا هذه المرة وسألني عمن أتابع مقالاتهم في الجريدة، فأخبرته وبدأ حديثه واكتشفت أنه متحدث جيد بل و رغاي أحيانا، فقد ظل يخبرني عن تفاصيل كل مقال ويعلق عليه ويسألني عن تعليقي، ثم يعيد ما قاله بطريقة أخرى ثم يتذكر شيئا آخر قرأه فيتحدث عنه، وانتهزت أنا فرصة حديثه لأستطلعه بشكل مفصل

كان نحيفا ويبدو أنه متوسط الطول وهو جالس ولكن..... أعجبني شكل يديه فقد كانتا كيدي عازف بيانو, أصابع طويلة وأظافر قصيرة، وكانت رموشه طويلة وعيناه بنيتين و...... وبدأت أثرثر معه أنا الأخرى
**********************
قــال عمــر:
عطفت عليّ ماما أخيرا وألقت إليّ بطرف خيط لأدخل في حديثها مع سارة. سألتني عن جريدة أقرأها وكذلك سارة، وأنها لم تقرأ العدد الأخير منها, فانتهزت الفرصة وظللت أحكي لها عن المقالات وكل شيء تذكرته، فقد كانت تلك فرصتي لأنظر لها ;براحتي كان كل شيء بها جميلا، صوتها وجلستها ويداها الصغيرتان وعيناها الضاحكتان دائما وتعليقاتها التي أثارت ضحكي كثيرا
كان حوارنا بعيدا تماما عن الرومانسية ولكن نص العمى ولا العمى كله على الأقل انحلت عقدة لسانينا وعيوننا
*************************
قــالت ســارة:
كانت الجلسة مجرد جلسة تعارف بالطبع إلا أن أبي وعمي قد انسجما تماما. وبدا على الجميع السعادة، ونظر لي عمر وهو خارج وقال لي بصوت هادئ ظل يرن في أذني: أشوفك قريب يا سارة
**********************
قــال عمــر:
نزلت أصفر وأغني وركبت السيارة وأنا في قمة النشوة.. سألتني أمي عن رأيي, فقال لها أبي إن عليها أن تترك لي فرصة للتفكير والاستخارة. أما أنا فلم أرد ولكني توقفت عند أول بائع جرائد وجدته ونزلت لأشتري عددين من الجريدة التي نقرأها أنا وسارة



الجزء الثالث
قـالت ســارة:
تفكير...تفكير....وقلق شدييييييييد

دخلت غرفتي بعد ذهاب عمر وأهله وغيرت ثيابي وخبأت نفسي تحت الأغطية حتى لا تأتي أمي وتسألني عن رأيي
لا أنكر أن شيئا ما تحرك في قلبي, بل إن صوته المنخفض وهو يقول: أشوفك قريب يا سارة قد دغدغ أحاسيسي
أريد أن أقول إنه يعجبني وإني موافقة ولكن ما أدراني برأيه هو؟ وكذلك ما أدراني بأن مشاعري هذه ليست لحظية؟
ربما عمر هذا ليس جيدا كما يبدو.. إنه ليس طويلا كما كنت أرغب.. صحيح أنه أطول مني ولكن

....

هل يمكنني أن أقضي باقي عمري مع "عمر"؟ هل هو المقدر لي أم لا؟
يا رب ارحمني من الصداع.. غدا أصلي صلاة استخارة مرة أخرى, وربنا يقدم ما فيه الخير


قــال عمــر:
نمت مباشرة بعد عودتي من عند بيت سارة, فكرت في صوت ضحكتها قبل نومي مباشرة إلا أن التوتر الذي أصابني طوال اليوم جعلني مرهقا ونمت فورا

في اليوم التالي استيقظت وصليت الفجر والاستخارة ونمت ساعة قبل الذهاب إلى عملي.. لم أرَ مناما أو أي شيء وإن كنت لا أعتقد في موضوع المنام, ما يهم أني أشعر بارتياح عام للموضوع.. في العمل تذكرت أني لم أحصل على رقم تليفون سارة, أردت محادثتها.. سآخذ رقمها من أمي ولكن هل يصح أن أتصل بها ونحن حتى لم نقرأ الفاتحة بعد؟ سأتحدث مع أمي في هذا الموضوع عند رجوعي للمنزل
أثناء فترة الراحة تذكرت أني بقراري الزواج من سارة أحكم على نفسي بالعيش معها للأبد


إنها جميلة ويبدو أنها طيبة، ولكن هل يمكن أن يكون بها عيوب خفية لا أستطيع تحملها؟ كنت سأجعل أبي يتصل اليوم بأهلها لتحديد موعد قراءة الفاتحة ولكني أحتاج أن أعرفها أكثر, ربما تكون بخيلة أو... سليطة اللسان... لا.. لا يبدو أنها قد تنطق يوما بكلمة سيئة
أصابني الصداع من كثرة التفكير وشعرت بأن أذنيّ قد سخنتا بشدة.. يارب اهدِني

**************************************
قــالت ســارة:
يبدو أن هذا الموضوع سيجعلني أستهلك كميات كبيرة من الـ"سفن أب", فالحموضة لا تريد أن تذهب.. أفكر طوال الوقت في الموضوع
هل أقبل؟

هل أرفض؟
ولماذا أرفض؟ هل سيقبلني عمر؟؟.. أم؟
قد يكون به عيوب شديدة القبح وهو يخفيها بهذا المظهر الجميل..ربما يكون من الذين يضربون النساء، ولكن لا... يبدو أنه محترم، ووالده كذلك رجل محترم وخلوق.. لا يمكن أن يكون كذلك.. هل يمكن أن يكون "بصباص" ولكنه خجول؟ ربما يمثل؟
آآآآآآآه الحموضة هتقتلني.. مش عارفة أقول إيه لماما لما تسألني عن رأيي

خايفة أوافق وبعدين عمر مايردش يبقى شكلي وحش وكمان خايفه أوافق وبعدين عمر يطلع شخص سيئ.. إن أهلي متحمسون له وبهذا إذا ظهر أنه شرير سأقول لهم إنهم هم الذين وافقوا عليه من البدايةيا ترى عمر وأهله هيتكلموا إمتى؟
************************************************ قــال عمــر:
وصلت البيت وأنا منهك ولم تكن لدي شهية للطعام فذهبت للنوم
استيقظت بعد المغرب فصليت وجلست مع والدي في الصالة.. أخفض أبي صوت قناة الجزيرة التي لا يتابع غيرها هي وقناة العربية للأخبار.. التفت لي وسألني عن حالي فحمدت الله، ودار بيننا هذا الحوار


بابا: نويت على إيه إن شاء الله؟

أنا: مش عارف, كنت متحمس بس دلوقتي قلقان

بابا: طبيعى جدا.. إنت مش استخرت؟

أنا: مرتين

بابا: وحاسس بإيه؟

أنا: مش عارف

ضحك أبي وقال: عادي برضه.. أنا ساعة ما اتقدمت لأمك عقلي شتّ من التفكير

تدخلت أمي: ماتصدقهوش ده حفي عشان أنا أوافق

أكّد أبي كلامها ضاحكا وقال: شوف يابني البنت كويسة وأهلها طيبين وإن كنت خايف من حاجات ممكن تظهر في المستقبل, فإنت استخرت وإذا كان الموضوع خير هيمشي وإن ماكانش الأمور هتخلص لوحدها.. شوف إنت مبدئيا حاسس بإيه تجاهها؟

أنا: هي عاجباني وأنا مرتاح لها بس

بابا: من غير بس, شعورك المبدئي كويس, احنا نقرا الفاتحة مع الناس وبعدها تشوفها وتتكلم معاها عند أهلها كام مرة، ولو زاد ارتياحك ليها نكمل ونعمل الخطوبة اللي برضه هتكون فترة اختبار بينكم, وإن ماحصلش توفيق يبقى كل اللي يجيبه ربنا كويس, ولا رأيك إيه؟
أراحني كلام أبي ووافقت عليه


بابا: يبقى اتصل بقى بـ"عمار" واسأله إمتى هنعرف رأيهم؟

أنا: رأيهم؟ أنا حسبتك هتحدد ميعاد الفاتحة

ضحك أبي وقال: ليه هو إنت مادام وافقت يبقى العروسة وافقت؟

عرفت بعد اتصال أبي بأهل سارة أنهم طلبوا أسبوعا لإبداء رأيهم وعاد إليّ توتري, فأنا قد أبديت رأيي المبدئي في اليوم التالي مباشرة, لماذا تحتاج هي إلى أسبوع؟ أهي محتارة لهذه الدرجة؟ ألم تعجب بي كما أعجبت بها؟

حاولت أمي طمأنتي بالحديث عن أن الفتيات يأخذن وقتا أطول من الرجال في إبداء رأيهن وأن أهلها يجب أن يسألوا عني، فسألتها غاضبا: ألا يجب أن أسأل عنها وعن أهلها أنا الآخر؟
ردت أمي بأنها تعرف أهلها جيدا وإذا أردت يمكنني أن أتحرى عنها هي بنفسي


فسألتها: كيف؟

فقالت روح ليها الشغل.. وتركتني أمي لحيرتي وقلقي ..
********************************************

قــالت ســارة:
اتصل أهل عمر ليعرفوا رأينا وتنفست أنا الصعداء؛ فمعنى اتصالهم أن عمر وافق عليّ ويريد أن يعرف رأيي.. انزاح من على قلبي هم ثقيل.. كنت مرعوبة من فكرة أني أعجبت به وهو قد لا يعجب بي, على الرغم من كلمته:أشوفك قريب يا سارة

بعد جلسة طويلة مع أمي قررت الموافقة على قراءة الفاتحة لكي أستطيع أن أراه عدة مرات قبل أن أوافق على الخطوبة.. ولكن أبي قرر تأجيل إخبارهم بقراري إلى أن يذهب إلى عمل عمر ويسأل عنه.. وسمعت من أمي خطة أبي لمعرفة كل شيء عن عمر من زملائه ورؤسائه في العمل, بل وجيرانه كذلك, فأبي رجل طيب وهادئ ولم أتوقع أن يتحول إلى المحقق "كولومبو" من أجلي

قارب الأسبوع على نهايته وأشعر (قليلا) بأني أريد أن أرى عمر
***********************************
الجـزء الرابـع
قـالت ســارة:
تحرى كولمبو (أبي سابقا) عن عمر فوجد أن سيرته ممتازة بين
جميع معارفه ومن ثم اتصل أبي بعمي وأخبره عن موافقته
واتفقا على قراءة الفاتحة يوم الإثنين القادم، وظل أبي يتحدث
مع عمي على التليفون قرابة نصف الساعة حيث إن كليهما يهتم
بمشاهدة القنوات الإخبارية وكانا يتناقشان حول برنامج ما
يبدو أن علاقة أبي بعمي ستتوطد قبل أن تتوطد معرفتي بـعمر
أخبرني أبي بعد إنهاء المكالمة أن عمي وطنط وعمر يسلمون عليّ
شعرت بالاشتياق لرؤية عمر مرة أخرى, إلا أنه –بالطبع- لن
يكون بيننا أي اتصال قبل قراءة الفاتحة

***********
قـال عمــر:
لم أحاول التحري عن سارة لأني أولا ارتحت لها، وثانيا أمي
تعرفها وتعرف والدتها، وثالثا أنا ماعرفش ازاي أتحرى عن حد
ولكني -للحق- فكرت أن أذهب لأراها وهي خارجة من عملها فقد
شعرت بأني بحاجة لأن أراها
شيء ما جعل قلقي يزول من جهة موافقتها عليّ أم لا.. فأنا
أظن أني تركت لديها انطباعا جيدا

وجاء الخميس موعد رد عائلة سارة علينا وجلست بجوار أبي
وهو يرد على تليفون عمي. ظلا يتحدثان في بداية المكالمة عن
برنامج سياسي ما وأنا جالس على الشوك في انتظار الجواب.
وأخيرا سمعت أبي يضحك ويحمد الله ويقول له عن سعادته
بالنسب المرتقب بيننا, فالتقطت أنفاسي وخرجت إلى البلكونة
كنت أشعر شعورا غريبا وكأن كل شيء يبرق أمامي
أحسست أني أريد أن أحضن العالم كله وأقبله. كنت أعرف أني
سأبدأ مشروع حياة وأني سأكافح من أجل تجهيز نفسي إلا أن
هذا الشعور الغامر بالسعادة أنساني أي قلق

وسألت نفسي: كم سأنتظر لأقف مثل هذه الوقفة مع سارة في
بلكونة منزلنا؟

***********
قــالت ســارة:
هل يُعقل أن أحب شخصا رأيته لمرة واحدة؟
أم أن هذا الشعور بقبوله الشديد ناتج عن صلاة الاستخارة؟
هل الله يعطيني إشارة بأن عمر لي وأنا له؟
أنتظر يوم قراءة الفاتحة بسعادة شديدة. ولم أعد أعاني من
الحموضة
الحمد لله
***********
يوم قراءة الفاتحة
قــال عمــر:
جاء الإثنين الغالي
احترت في الهدية التي يجب أن أقدمها لـسارة

أخبرتني أمي بأنه يمكن أن أشتري لها خاتما لقراءة الفاتحة

وأخبرتني أنها يمكن أن تنزل وتختاره لي ولكني أخبرتها أني

سأشتريه بنفسي

ذهبت إلى الصائغ ولم أكن أعرف مقاس إصبع سارة إلا أني

حاولت التخمين قياسا على حجم يديها

كنت أريد خاتما مميزا

فكرت بأن يكون خاتما ذا فص مثل خواتم الزواج التي أراها في

الأفلام الأجنبية, إلا أني وجدت خاتما عليه فراشة تبدو وكأنها

حقيقية, لا أدري لماذا ذكرتني الفراشة بسارة, فدعوت دعاء

الاستخارة واشتريت الخاتم

يا رب يعجبها

***********
قــالت ســارة:
لا أدري ماذا يجب عليّ أن أرتدي في قراءة الفاتحة. هذه المرة
كنت أريد أن أبدو متألقة
بعد تفكير ومحادثات مع صديقتي ومع ماما ومع المرآة اخترت
طقماً لبني اللون ووضعت بروشا على هيئة فراشة يشبك
الطرحة مع البلوزة

يا ترى عمر بيحب اللون اللبني؟

يا رب.. يا رب.. يا رب خلّيني فرحانة النهارده
***********
قــال عمــر:
أحضرت علبة شيكولاتة ونحن في طريقنا إلى بيت سارة

في هذه المرة كان معي أولاد عمي في سيارتنا وكذلك أختي.

بينما كان أبي وأمي في سيارة عمي وزوجته يلحقون بنا

في هذه المرة ظل أولاد عمي يثرثرون معي وظللنا نضحك طوال

الطريق ونحن نسمع ليلة من عمري لـعمرو دياب

عندما دخلت منزل سارة هذه المرة كنت أكثر راحة

كان المنزل مزدحما نسبيا عن المرة السابقة حيث حضرت خالة

سارة وزوجها وأعمامها الثلاثة

عندما دخلت كانت سارة تكلم أحد أعمامها في ممر يطل على

الصالون, التفتت ورأتني وأنا أتجه صوب الصالون فابتسمت لي

وابتسمت لها

كانت ترتدي طقما لبني اللون يجعلها تبدو جميلة كالسماء.

واتسعت ابتسامتي حينما لاحظت أنها تضع بروشا على شكل

فراشة

***********
قــالت ســارة:
دخل عمر هذه المرة فجأة فقد ظننت أن أبي يفتح الباب لزوج

خالتي الذي وقف على السلم ليدخن سيجارة, حيث إن أمي لا

تسمح بالتدخين داخل المنزل, وكان أبي واقفا على الباب يتحدث

مع زوج خالتي وصديقه في نفس الوقت حتى يهون عليه وقفة

السلم. ولكني استدرت لأجد عمر أمامي يبتسم ويحمل علبة

شيكولاتة.. لقد زادت معزته في قلبي لما أتى لي بالشيكولاتة

بعد أن قدمنا الجاتوه والحاجة الساقعة, تحدث أبي مع عمي

وتعرف الجميع على بعضهم البعض وسألني عمر عن حالي

كان الجو مزدحما هذه المرة, ولكن عمر كان هادئا ومازالت لديه

عادة اختلاس النظر إليّ

في وسط كل هذا وجدت أبي وعمي يقولان: نقرا الفاتحة بقى

رفع الجميع أيديهم ليقرءوا الفاتحة ونظرت تجاه عمر فوجدته

بالطبع ينظر لي وقرأنا الفاتحة وأعيننا متشابكة.. وشعرت

وكأني خارج كل زحام الصالون وكأن جسدي كله قد تخدّر

***********
قــال عمــر:
قرأتُ الفاتحة وسارة تجلس في عيوني

تجرأت هذه المرة ونظرت إليها بثبات أثناء قراءة الفاتحة, ولم

تبتعد عني بعينيها

أخرجتُ الخاتم وقدمته لـسارة التي ضحكت وقالت والدتها: إنت

كنت عارف إن سارة هتلبس بروش على شكل فراشة ولا إيه؟

ولكني لم أكن أعرف, أنا حتى لم أعرف رقم تليفونها وخفت أن

يظن عمي أني اتصلت بها من ورائه فأنكرت على الفور

فضحكت سارة وضحك الجميع.... وشاركتهم الضحك

**********
قــالت ســارة:
لم أصدق نفسي عندما رأيت الخاتم, فقد كان جميلا جدا. فأنا

أحب الفراشات بشدة

لقد أتى لي عمر بشيكولاتة وفراشة من ذهب


يبدو أني سأحب هذا الفتى
***********
الجــزء الخـامس
كلمني ع التليفون



قــالت ســارة:
لا أصدق أنه قد تمت قراءة فاتحتي بالرغم من أني قرأتها معهم وإن كنت لم أعِ منها سوى "الحمد لله".. كنت أنظر إلى خاتم الفراشة على يدي باستغراب. لقد امتلكت عدة خواتم ولكني لم أشعر بهذه المعاني التي أحملها من قبل



أشعر أن عمر وضع علامة عليّ تشير إلى أني أصبحت له ولكن... لكن عمر لا يحمل أي علامة تشير إلى أنه أصبح لي.. ربما أقوم بعمل علامة في وجهه عندما يزورنا في المرة القادمة!! أم أنه قد يعتبر ذلك فظاظة مني


يا ربي لا أستطيع أن أكون جادة حتى عند التفكير في مستقبلي. لكني لم أرَه سوى مرتين


وادبست ووافقت على قراءة الفاتحة


كل هذا بسبب حماس أبي له وألفته السريعة مع والدهآه ياعمر..... قلبي بيرفرف لما بافكر فيه، وبالرغم من ذلك فمازلت أشعر بالقلق بسبب موافقتنا السريعة, إلا أن أمي أخبرتني أن الفاتحة مجرد "ربط كلام" ليتسنى لي لقاء عمر عدة مرات حتى أوافق على إتمام الخطوبة


أنتظر مكالمة عمر على التليفون ولا أدري كيف سأبدأ أي حوار معه؟
*************
قــال عمــر:
الغريب أني لا أشعر بشيء مختلف لكوني أصبحت (قاري فاتحة) لم أتعرف على سارة بشكل عميق, وإن كنت أشعر بشيء لا أستطيع وصفه يثير البهجة في قلبي كلما مرت على بالي، وما أكثر المرات التي تمر فيها على بالي، بل إنها بالأحرى تسكن حاليا في بالي


المفترض أني سأتصل بها لتتوطد معرفتنا قبل إعلان الخطوبة وهذا ما يثير توتري فأنا في العادة "دمي خفيف" وكثير الكلام ولكن أخاف أن يجعلني التوتر أخرس كما حدث في لقائنا الأول. أخاف أن أبدو سخيفا وثقيل الظل. فالبنات لا تحب ثقيلي الظل
كيف أستطيع أن أظهر جمال شخصيتي الرائعة في حديثي معها

" افتح عليّ يا رب"
*************
قــالت ســارة:
المفروض إنه يتصل بالتليفون على البيت, لأننا لسه ماعرفناش موبايلات بعض.. الواحد محرج شوية, مش علشان هاكلمه, فأنا بعون الله أكلم الأسد بس وهو في القفص طبعا المشكلة هي وجود بابا. كيف سأحدث "راجل" في وجود بابا؟
هو صحيح راجل طيب..لكن... المشكلة الحقيقية هي كيف سأتحدث مع عمر؟
لا أريده حديثا عاديا, أريد أن أستخرج منه كل أسرار شخصيته وأعرف عيوبه وأريده أن يعرفني جيدا, فهو لم يعرف سوى سارة الهادئة الخجول
سأتصل بإحدى صديقاتي المخطوبات لعلها تفيدني في اختيار موضوعات للحوار
ووقعت القرعة على" فاطمة", المخطوبة الأزلية منذ كنا في الصف الأول الجامعي وحتى الآن, وقد انفجرت فاطمة في الضحك عندما عرفت طلبي منها وقالت لي ساخرة: عايزة تعرفي كل ده من أول مكالمة؟ يا بنتي إنتي يادوبك في مرحلة النحنحة.. إنتي وهو هتتنحنحوا على بعض! قدامك شوية حلوين عقبال ما تعدي مرحلة وش القفص, ده أنا يا اللي مخطوبة بقالي سنين لسه باشوف العجب من "حسن", يا بنتي إنتي دخلت مشوار المليون خطوة وإنت يادوبك في أول خطوة
طبعا ارتفعت معنوياتي جدا بعد مكالمة فاطمة

*************
قــال عمــر:
رجعت من الشغل واتغديت ونمت وصحيت والمفروض أكلم سارة, اتصلت بالرقم وأنا بادعي إنها هي اللي ترد، وبالطبع ردت والدتها..أنا عارف حظي.. فسلمت عليها وسألت عن عمي وسألتني هي عن والدي ووالدتي
ثم سادت لحظة صمت محرجة
حيث تنتظر هي أن أطلب الحديث مع سارة، بينما أنتظر أنا أن تتفضل هي من نفسها بندائها. تنحنحت مرتين وأخذت نفسا عميقا و... قبل أن أنطق, قالت هي:" طيب هناديلك سارة "تألمت أذناي حينما انطلق صوت موسيقى الانتظار المزعج والمفاجئ ثم انتهت الموسيقى وسمعت خروشة ثم صوت سارة

سارة: السلام عليكم
أنا:وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سارة: ازيك يا عمر
أنا: الحمد لله... ازيك إنت؟
سارة:الحمد لله, وبابا وماما عاملين إيه؟
أنا: الحمد لله
سارة: وإخواتك؟
أنا: الحمدلله
سارة: إنت بتختم الصلاة يا عمر؟

أنا (بدهشة): لأ.. ليه؟
سارة: أصلك مابتقولش غير الحمد لله, فحسبتك بتسبح بعد الصلاة ولا حاجة
فهمت الدعابة وضحكت بشدة, وبدأت أسألها هي الأخرى عن أحوالها وعن عملها وكذلك تحدثت هي و... استمرت المكالمة 66 دقيقة

والحق أني لم أرد إنهاء المكالمة, إلا أني لاحظت أن والدتها دخلت إليها ووجهت إليها الكلام, فخشيت أن أسبب لها الحرج وأخبرتها بأني سأحدثها غدا. وبالطبع كانت المكالمة وكأنها مع واحد صاحبي وبخاصة أنها لا تكف عن السخرية وإطلاق النكات, مما جعلني أبادلها الضحكوبالتالي لم تكن المكالمة رومانسية على الإطلاق, ولكنى استطعت أن أستجمع شجاعتي وأن أقول لها: هتوحشيني قوي لحد بكره.. وقفلت الخط سريعا وكأن والدتها ستجذبني من ملابسي من خلال السماعة
*************
قــالت ســارة:
لم أتخيل أن تسير المكالمة مع "عمر" على هذا النحو
كنت أغسل المواعين في المطبخ, بينما أفكر أنه لو اتصل الآن سيكون شيئا شاعريا جدا أن أتلقى أول مكالمة من خطيبي وأنا أقف على الحوض
وبالفعل اتصل عمر أثناء غسيلي للبراد.. بدا محرجا في بداية الحديث ولكني كسرت الجليد وضاحكته, واتضح لي بعد ذلك أثناء المكالمة أنه "واد دمه خفيف", وبالطبع هذا ليس تقليلا من شأنه, فهو يبدو رجلا حتى في هزاره
وبعد تبادل الحديث وتبادل أرقام الموبايلات.. حيث أخبرتني أمي قبل المكالمة بأنه يمكنني تبادل أرقام الموبايل معه.. بعد كل هذه الثرثرة أنهى مكالمته بجملة تختلف عن جو الشقاوة الذي ساد المحادثة وقال لي برقة إنه سيفتقدني
يا ربي دايما ينهي كلامه بجملة تخلي قلبي يتهز.. يبدو أنها صارت عادة لديه... وقاطعت أمي تأملاتي الرومانسية بعد المكالمة –وكم تعددت مقاطعتها لي أثناء المكالمة!– وقالت لي: إيه كل الضحك ده يا سارة؟ هو إنت بتكلمي" فاطمة" ولاّ "مروة"؟ مش تعقلي شوية
ظننتها في البداية ستتحدث عن طول وقت المكالمة ولكنها أحرجتني بحديثها عن كثرة ضحكي, هل يمكن أن يظن عمر أني أضحك أكثر من اللازم؟ لكنه كان يضحك هو الآخريووووووه هو كل شوية قلق

*************
رن.. رن.. رن... وفرحني

قــالت ســارة:
في العادة تعبر الأغاني عن المشاعر, ولكن هذه المرة عبّر إعلان خطوط تليفون عن مشاعري


"رن.. رن.. رن.. رن.. وفرحني"


يشدو بها كاظم الساهر وأنشز أنا بها طوال اليوم مع رنات عمر الكثيرة على الموبايل أمس, بعد أن انتهيت من أولى مكالماتي معه أرسل لي رسالة بها دعاء جميل:" اللهم لي أحبة أتذكرهم كلما نبض الفؤاد وحن، وأدعو لهم كلما دنا ليل الظلام وجن.. إلهي ظلل أحبتي بالغيوم وأبعد عنهم كدر الدنيا والهموم..أدخلنا الله جميعا من باب الريان وأعتق رقابنا من النار"رسالة دينية وإن كانت تبدأ بـ"أحبة"، واخدين بالكم؟


أما اليوم فقد رن عليّ 8 مرات حتى الآن, أما بالنسبة لي فقد رننت له مرة واحدة... لا أدري لماذا... "تُـقل" كما يقال
للحق أشعر بالخجل من أن أرن عليه كثيرا. ولكني فرحانة أوي برناته.. بالطبع أنا في عملي وزميلاتي يلاحظن أني أبتسم بلا داع مرات عديدة



أبتسم عندما أتذكره


وأبتسم عندما يرن


وأبتسم عندما لا يرن


"باين عليَ اتجننت"


آآآآآه لو تدوم سعادتي هذه للأبد


وصلتني رسالة جديدة من عمر, جعلتني لا أتمالك نفسي من الضحك و (اضطررت) بعدها أن أرن عليه مرتين
كانت الرسالة تقول:"كده مش حلو.. لا رنة.. ولا ألو.. ولا علينا تسألوا... طب حتى رنة واقفلوا" فكرت أن أرسل له رسالة حتى لا يظن أني بخيلة ولا أريد أن أضيع رصيدي


احترت هل أرسل له رسالة دينية أم رسالة ضاحكة. في النهاية قررت الرد على رسالته كالتالي:
قلت للطير المسافر وصل سلامي للغاليين.... قال لي سواق أهلك أنا؟

*************
قــال عمــر:
بعد أن اضطررت لإنهاء حديثي مع سارة قمت بحفظ رقم تليفونها المحمول على تليفوني على الفور


أحببت أن أظهر لها اهتمامي! ومشاعر أخرى بالطبع, فأرسلت لها رسالة تحمل دعاء "للأحبة".. لم تقم بالرن عليّ فظننت أنها لم تقرأ الرسالة بعد


في اليوم التالي قمت بالرن عليها مرات عديدة ولكنها لم تجبني سوى برنة واحدة.. بصراحة غضبت


"هي مش معبراني ليه؟"


كان هذا السؤال ينغزني وكأنه شوكة
سألني زميلي في العمل عن سر تجهمي, لم أخبره بالسبب... لا أعتقد أنه يصح أن أتحدث عن مشاكلي مع خطيبتي مع أحد
...... ولكن
مع منتصف اليوم لم أستطع أن أتحمل تجاهلها, فكرت أن أحدثها على الموبايل ولكن كرامتي "نقحت" عليّ. لم أجد سوى أحمد..صديقي الحميم والذي خطب منذ عدة أشهر لأتحدث معه.

وأحمد يعمل معي في نفس الشركة ولكن في قسم آخر.. رننت عليه, ففهم أني أريده وتقابلنا في كافيتيريا الشركة كالعادة
وجدني مغتاظا فقال: "أهلا... مش بدري على فردة الشراب المقلوبة دي"



أخبرته بالموضوع فضحك وأجابني: مشكلتك يا عمر إنك أبيض يا ورد... بس هي مش مشكلة قوي يعني.... باين إن سارة كمان أبيض يا ورد زيك.... إنت عمال ترن ترن على البنت عشان دي أول مرة تعرف بنات وعايز تحس إنك بترن وبيترن عليك, وسارة غالبا مش متعودة على الكلام ده ومحرجة ترن عليك كتير...... ياسلااااام
نزل عليّ كلام أحمد كالبلسم وغضبت من نفسي لأني غضبت من سارة.. وكان أحمد نعم العون حتى إنه بعث لي رسالة لعلاج هذه الحالة..كما قال ، وقمت أنا بإرسالها لسارة وعدت للتحليق فوق السحاب عندما ردت عليَ سارة هذه المرة برنتين ورسالة دمها خفيف

************
قــالت ســارة:
أربع رسائل في يوم واحد.... كتير برضه! الواد ده ماشي بموبايل خط ولاّ بيزنس ولا إيه؟
هو صحيح إني فرحانة جدا بكل هذا الاهتمام ...لكن هي دي المشكلة.. أنا باخاف لما بافرح قوي.. باشعر إن فيه حاجة غلط
ماسورة الرسائل اللي انفجرت دي مش مطمناني
أخاف أن يكون عمر حالما أكثر من اللازم.. قد يبدو كلامي غريبا ولكني أحب الرجل الراسي أريد رجلا يساندني على أرض الواقع.. لا أحب الرجال المغرقين في الرومانسية

*************
قــال عمــر:
لم يتهمني يوما أحد بالرومانسية, ولكني مع سارة أخاف أن يكون هذا عيبا


لست قاسي القلب بالطبع ولكني لا أجد أن الكلام الرومانسي الكثير يعني شيئا. أشعر أني أحبها وغالبا ما سيزداد هذا الحب مع الأيام ولكني لا أحب كلمة "أحبك" التي تتكرر كثيرا بين الأولاد والبنات. ولكني أخاف أن يجعل ذلك سارة تكرهني ولذا قررت أن أكون رومانسيا معها في رسائل الموبايل


أرسلت لها كل رسائل الحب التي وجدتها ذلك اليوم, وكانت أربع رسائل


....... أربع رسائل في يوم واحد


"كتير.. مش كده


أدركت هذا عندما وصلت للمنزل مساء. قد تراني سارة الآن "مدلوقا". ولكن.. لا هي لا تفكر بهذه الطريقة
أو... ربما هي تفكر بهذه الطريقة
لاحول ولا قوة إلا بالله... كنت قد قررت أن أتصرف بمثالية في هذه العلاقة ولكن ها أنا وقد بدأت بخطأ.... أفففف

*********
الجـزء السادس
قالت ساره:
مكالمة أخرى مع عمر على تليفون البيت ، هذه المرة اتصل أثناء مشاهدتي لمسلسل الرعب الأجنبي الذي أتابعه بشغف , ما علينا سأشاهده في الإعادة ، وجدته طبيعياً ... أعني ليس حالما غارقا في الرومانسية كما أوحت لي الرسائل .. ارتاح قلبي لذلك , فأنا لا أحب الرجال معسولي اللسان .. حدثته عن مشاكل في عملي ، وأسداني بعض النصائح المفيدة بجانب بعض النصائح غير المفيدة ـ "ولكني لم أخبره بذلك بالطبع "ـ إلا أنني ذهلت وزاد إعجابي به عندما حدثني حول الاحتلال في العراق ، ووضع الانتخابات الفلسطينية .. إنه يعرف ما يتحدث عنه وله أراء خاصة رائعة ، ولا يدعي معرفته بكل شيء , مثل الذين يتحدثون وكأنهم كانوا مع بوش لحظة إعلان الحرب ، أعجبتني سعة اطلاعه ، وإن كنت أحبطت قليلاً عندما عرفت أنه لا يهتم بالكرة , وأنا التي كنت أحلم بأن أذهب أخيراً للإستاد لأشاهد المباريات من هناك بعد زواجي ، إلا أني ـ "للحق "ـ احترمته ، فأنا لا أتخيله يجلس مثلي أمام التليفزيون يكيل السباب للاعبي الفريق المنافس والحكم الظالم دائماً ، في وسط الحديث تطرقتُ إلى موضوع الرسائل .. فسكت قليلاً ثم قال بلهجة شديدة الرقة والعذوبة : زودتهاشويه ... مش كده؟ ولم أتمالك نفسي من الضحك ، أحياناً ينتاب الشخص نوبة غباء يندم عليها كثيراً فيما بعد ... وكانت هذه إحدى نوبات غبائي ، كيف يكون هذا هو رد فعلي على هذه الرقة ؟ .. بالتأكيد سيظن أني بليدة المشاعر ، ارتبك قليلاً بعد ضحكتي الغبية ثم تجنب الحديث عن رسائله وشكرني على رسالتي ، وأثنى على خفة دمي الذي كان يغلي في هذه اللحظة من شدة غيظي من نفسي ومن ردود فعلي الغبية ،" أنا حاجي لكم بكرة شوية يا ساره "، قالها عمر لي في التليفون فرديت باستغراب : ليه ؟ ، وطبعاً كان رد غريب جداً فقلت له بسرعة :" تشرف طبعاً "، وقفلت التليفون وأنا سعيدة جداً إني حاشوف عمر بكرة لأول مرة من قراءة الفاتحة ، الظاهر انه واحشني لا الحقيقة مش الظاهر أنا فعلا نفسي أشوفه .
*******************
قال عمر:
رد فعل ساره غريب جداً يا ترى هي مش عاوزه تشوفني فعلاً علشان كده اتخضت ؟ ممكن تكون حست إنها اتسرعت في الخطوبة مثلاً ، طب إيه المطب ده ؟ دي هي واحشاني فعلاً حايبقى شكلي إيه لو قابلتني ببرود ؟ بس هي كانت طول المكالمة سعيدة ، أوِوف .. البنات دي عاوزه خريطة علشان الواحد يفهمهم .. أحسن أصلى ركعتين وأنام علشان عندي شغل بدري .
**************
قالت ساره :
عملت ماسك زبادي بالعسل قبل ما أنام مع إن بشرتي مش محتاجه بس استعداد نفسي للقاء عمر المنتظر ، ماما دخلت لقتنى ملزقه كده قالت لي مالك يا ساره قلت لها :" أصل عمر جاي بكرة يا ماما "، خرجتْ من الأوده وهى بتقول لا حول الله يا رب ، غسلت وشى من الماسك وغمضت عيني وطفيت النور بس ما جاليش نوم خالص .. إيه القلق ده ؟ أحاسيس ملخبطه جداً ، جوايا فرحانة إني حاشوفه وفى نفس الوقت سؤال بيزنّ في عقلي : خلاص هو ده الإنسان اللي حاكمل معاه حياتي كلها لحد ما اعجّز زى ماما وبابا ؟ ده أنا تقريبا ما اعرفوش !! بس هو مؤدب وطيب ، ماهو كلهم بيكونوا كده في الأول !!! على رأى صديقاتي ذوات الخبرة في الارتباط ، حطيت المخدة على دماغي علشان اهرب من التفكير وأنام .
*************
قال عمر:
ياااااه ده أنا تقريبا مانمتش خالص وحاسس بصداع رهيب وعندي شغل بعد نص ساعة ، آدي اللي خدناه من الخطوبة ، ما أنا كنت حر نفسي وأخر رواقه ، كل القلق ده ولسه قراءة فاتحة ، أمال لما أخلف 5 ولا 6 عيال ح اعمل إيه ؟ أكيد حاكون مت من زمان .
***********
قالت ساره:
قمت من النوم ، بعد ما صحيت ييجي ميت مرة وعندي حموضة كبيرة شربت سفن أب على الريق وطبعاً كانت فاتتني صلاة الفجر من النوم المتقطع ، اتوضيت وصليت شعرت بهدوء واستعدت فرحتي بلقاء عمر النهارده ،" يا رب فرّحني النهارده يا رب "..
************
قال عمر:
تالت فنجان قهوة باشربه والصداع ابتدى يروح شوية ، آه لو ساره تديني حتى رنة تعرفني إنها عاوزه تشوفني هي كمان ، فضلت ماسك الموبايل وسرحان لحد ما فوقت على صوت زميلي بيقول : يا بختك يا عم تلاقى العروسة صبّحت عليك ييجي ميت مره .. تيجي مراتي تشوف عمرها ما بتتصل بيا الا لو كارثة حصلت ده أنا حاطط لها تون سرينة إسعاف .. ههههههه ، رميت الموبايل وقلت الصيت ولا الغنى !! يالا بقى يا ساره ربنا يهديكي .
*************
قالت ساره:
الوقت بيعدي بسرعة كده ليه ؟ الساعة 4 وعمر جاى الساعة 8طب حالبس إيه ؟ وحنقعد فين ؟ مش معقول نقعد لوحدنا في الصالون حرام طبعاً وكمان أنا أتكسف جداً لا أكيد كل العيله حاتقعد على قلبنا ، طب حانتكلم في إيه ؟ التليفون بيسهّل الموضوع لكن وجها لوجه دي صعبة شوية ، ياااه إيه القلق ده كله ؟ ماما بتبص لي من بعيد و عينيها بتضحك عليا وبتقول في سرها البنت إتجننت ، قمت استحميت واسترخيت شوية وقعدت أنشف شعري بالسشوار وأعمله كذا تسريحة ، مع انه مش حايشوفه لأني حاكون لابسة الحجاب طبعاً ، بس عاوزه أحس انى جميلة النهارده ونفسي أشوف ده في عينيه .
************
يقول عمر :
يا ترى حاجيب إيه معايا وأنا رايح ؟ أخد شيكولاتة ؟ ولا أبقى رومانسي واخد ورد ، طب أنا نفسي أشترى هدية لـساره تفكرنا دايماً باليوم ده أشترى لها إيه ؟ قعدت أفكر وأنا في العربية وراجع من شغلي لحد ما لقيت محل هدايا ، دخلت و جبت بوكيه ورد أنيق ودورت على هدية ساره احترت شوية وبعدين لقيت دبدوب ضخم أبيض حاضن قلب أحمر ، كان ضخم جداً وغالى جداً كمان !!! لكن تخيلت فرحتها بيه ، يا رب يعجبك يا ساره ..
************
قالت ساره :
ارتديت عباءة مغربي جميلة مطرّزة بالقصب ، أهداها لي خالي من الخليج ، لم أرتدي تايير أو ما شابه ، مش عارفة ليه ، يمكن كنت عاوزه أحس أنى لا أستقبل ضيف غريب بل من أهل البيت ، وضعت ماكياج خفيف جداً مجرد انه يظهر وجهي نضر لا أكثر ، ولفّيت الطرحة بطريقة جديده زادتني أناقة ونظرت في المرايه ووجدت بريق جميل في عيني لم أره من قبل ، يا رب اسعد كل البنات زيي ، وأفقت من سرحاني على صوت جرس الباب وصوت أمي بيقول : .. "عمر جه يا ساره" .
************

الجـزء السابع
قالت ساره :
ازيك يا ساره .. "ياه ما شاء الله" ، قالها عمر بتلقائية كبيرة وهو يسلم على ، جعلت إخوتي يبتسمون وأنا وجهي احمر من الخجل ، وفوجئت أن يمدحني هكذا أمام الجميع !! لكني كنت سعيدة جداً بهذه الجرأة أو التلقائية لا أدرى ! ومددت يدي أسلم عليه وأكيد لاحظ ارتعاش يدي وارتباكي ياااه ، فعلاً التليفون أرحم من اللخبطة دي .
************
قال عمر:
بجد فوجئت بجمال ساره اليوم ، وجهها نضر ، وملامحها تنطق بالجاذبية ، والجمال رغم أنها لا تضع ماكياج والحمد لله .. لم استطع أن أخفي سعادتي عندما رأيت وجهها مرة ثانية ، والمرة دي أشعر إنها ملكي ، فازدادت جمالاً في عيني .. لكن أكيد والدتها وأخواتها بيقولوا على مدلوق جداً ، لأ .. امسك نفسك شوية يا سي عمر ما تكسفناش .
************
قالت ساره :
الله عمر بجد رقيق جداً جايب ورد معاه كنت خايفه يجيب فاكهة بقى وبطيخة والفيلم ده ، ونظرت إلى الهدية الكبيرة في ورقها اللامع وفرحت انه فكر يشترى لي هدية ، ده يدل انه إنسان كريم ورقيق ، .. الحمد لله ، يا رب تفضل كده يا عمر ، يا ترى حانقعد فين ؟ أكيد مش لوحدنا طبعاً طيب أقعد في الكرسي اللي جنبه ولا بعيد ، طب بابا موجود ازاي أقعد جنب عمر في وجود بابا ؟ ، يا سلام على الهنا .. بابا حسم الحدوتة وقال : "تعالى أقعد جنبي هنا يا عمر" .
************
قال عمر:
يا سلام على الهنا ، حأقعد جنب حمايا العزيز أهي دي فيها ساعتين قناة الجزيرة وساعتين عن مستوى الزمالك المنحدر ، وبعدها أكيد حاكون استأذنت وروّحت .. يا خساره الورد والهدية ، الحمد لله ساره قعدت في الكرسي المقابل لنا أنا وعمى ، لا أدرى هل حمايا لاحظ انى أختلس النظرات إلى وجهها ؟ بجد وجهها يحمل ملامح طفولية تنم عن الشقاوة وخفة الدم ، وأيضاً جاذبية كبيرة تجعلك لا تمل النظر لها .. وكنت غير منتبه إلى كلام حمايا المطول غصب عنى وأرد فقط بـ : طبعاً طبعاً يا عمي .. فعلاً فعلاً يا عمي .. أيوه فعلاً يا ساره ، وانتبهت إلى خطأي واحمر وجهي من الخجل ، ولاحظ عمى هذا وضحك وقال لي : "ده أنت مش معايا أنا يا سيدي" ، طب لما أسيبكم تتكلموا شوية وأقوم أتكلم في التليفون .
**************
قالت ساره:
ضحكت جداً على عمر ، وفرحت بصراحة إن بابا قام ، وقعدت جنب عمر ولاحظت سعادته بهذا وقال لي مباشرةً : "ازيك يا ساره افتقدتك جداً من المرة اللي فاتت" ، ياااه .. كلمة الافتقاد دي كبيرة أوي أحلى بكتير من وحشتيني .. كان نفسي أقول له وأنا كمان لكن اتكسفت جداً .. أول مرة أحس انى بنوتة بقى وباتكسف .. دول كانوا مسميني في العيله الكابتن من كتر تهريجي ، الظاهر انى حاكتشف ساره جديدة خالص ما عرفتهاش قبل كده .
***************
قال عمر :
أنا جبت لك هدية يا ساره يا رب تعجبك .. بتحبي الدباديب ؟
فوجئت إن ساره نطت من مكانها ، وحضنت الدبدوب وقبلته ونيمته في حضنها وقالت بسعاد طفولية : "الله ده تحفة يا عمر بجد يجنن" .
فرحت جداً برد فعلها الطفولي الجميل ، ورغم إن الجميع كانوا حولنا الا انى كنت لا أشعر الا بي وبها فقط ، يا رب ما تتغيريش يا ساره وتفضلي لذيذة كده على طول .. مش عارف ليه ساعتها كنت عاوز أقول لكل العالم إن هذه الطفلة الجميلة طفلتي أنا
*************
قالت ساره :
إيه الجنان ده ؟ أكيد حايقول عليا عيّله دلوقتي ، طب ماهو اللي غلطان كان لازم يجيب دبدوب يعني ؟ ده أنا باموت فيهم .. يووووووه هو أنا لازم أفضل محتارة على طول ؟ لازم يتعود على زى ما أنا !! بس كل صديقاتي قالوا لي أتقلي واعملي فيها الراسية العاقلة .. وماما بتبص لي من بعيد نفسها تقتلني !! بس عمر فيه في عينيه نظرة حنان جميلة بتخليني أطلّع كل اللي جوايا بدون أي تصنّع وده اللي مخليني معجبه بيه .
**************
يقول عمر :
ياااه أنا نسيت كل الموجودين ، ونسيت الوقت معقول بقى لنا ساعتين بنتكلم ؟ أنا نسيت انى ضيف ولازم ما أقعدش كتير أوي كده !!! بجد كلام ساره لذيذ جداً وحبل الكلام بيننا ممتد إلى مالا نهاية ، بدون أي تكلف ولاحظت إنها قارئة جيدة ، مش روشة طحن زى بقية البنات ومخها أبيض ، ودي حاجة عاجباني فيها جداً بتحسسني انى قاعد مع ألف بنت : صديقة وأخت وزميلة وطفلة وأنثى وقريبة ووووو حبيبة .
**************
قالت ساره :
عمر مشي من شوية ، وبجد أنا مرتاحة جداً دلوقتي ، حسيت انى سعيدة لأننا على درجة كبيرة من التفاهم ، أو على الأقل فيه ناس باحس انى مخنوقة منهم بسرعة لكن مع عمر لأ ، دايماً باحس انى على طبيعتي وعاوزه أقول له كل اللي جوايا بدون زواق ، ومش محتاجه أتكلف أي حاجه علشان أعجبه ومتهيألى دي حاجة كبيرة ووو ... قطع تفكيري صوت أختي :" أبيه عمر على التليفون ".. هوّ لحق وصل ، نطيت رفعت السماعة وأنا طايره من الفرح :" الو أيوه يا عمر أنت وصلت
عمر : لا باتكلم من عند البقال ، أيوه وصلت طبعاً أنا كنت سايق على 120 علشان أوصل بسرعة وأكمل كلامي معاكي ، دي ماما اتخضت وأنا باجري على اودتي علشان أكلمك .
أنا : ممممممم .
عمر : ساكتة ليه ؟
أنا : مش عارفة أقول إيه ؟ أنا بجد فرحانه وقلقانه ومبسوطه وخايفه ووو ...
عمر : إيه الكوكتيل الجامد ده ؟ طب فرحانه ومبسوطه علشان أنا شبه أحمد السقا ماشي .. لكن .....
أنا : يا عم قول يا باسط أحمد السقا ههههههههههه .
عمر : كده يا ساره الله يسامحك ، طب أديني ضحكتك يا ستي قولي لي خايفه من إيه ؟
أنا : خايفه إننا بنقرب لبعض بسرعه أوى ، وأنا ماليش تجارب قبل كده .. فخايفه أكون فرحانه بس بفكرة الحب والارتباط ، ومش قادره أقيّم الموضوع صح واطلع غلطانه في الأخر .
عمر : ما تخافيش من أي حاجة في الدنيا طول ما أنا جنبك" يا غاليه" .
أنا : ياااه يا عمر بجد أنت اللي غالي .." في سري طبعاً" .
عمر: ساره سامعاني ؟
أنا : أيوه .
عمر : بصي يا ستي انتي بتعدي الشارع وفيه عربيات؟
أنا : طبعاً.
عمر : بتدخلي مبنى ما دخلتهوش قبل كده علشان تخلصي مصلحة ليكي ؟
أنا : أكيد .
عمر : بتركبي تاكسي لوحدك ؟
أنا : أيوه أيوه .. إيه الأسئلة العجيبة دي كلها؟
عمر : طب ليه مش خايفه وانتي بتعدي الشارع عربية تخبطك لا قدر الله ، يبقى نبطل نعدي شوارع أحسن .. ولا وانتي داخلة مبنى غريب يحصل لكحاجة ولا في التاكسي تتخطفي مثلاً ؟ ياساره لو خفنا من كل حاجة عمرنا ما ح نعمل حاجة أبداً ، وبعدين احنا واخدين الطريق الشرعي أمام الله وأمام الناس ونيتنا احنا الاتنين إننا نرضي الله في الحلال ، يبقى الخوف والفشل حاييجوا منين ؟
أنا : أنا خايفه من اختلاف الشخصيات ياعمر يكون سبب الفشل .
عمر : بصي يا ساره ، أكبر غلط كل البنات بترتكبه إنها تتجوز واحد بشخصيه معينه ، وتحلم إنها تخلق منه شخصية مختلفة 180 درجة ، مفروض إننا نحب الإنسان بمميزاته وعيوبه .. ونتقبله كما هو ونحبه زى ما هوّ .
أنا : مش بيقولوا مراية الحب عامية ؟
عمر : دي مراية الحب مفتّحة ولها عشر عيون ، بقى أنا مش حاشوف الإنسان اللي باحبه ؟ أمال حاشوف مين يعنى ؟ يعنى أنا دلوقتي مش شايفك؟
أنا : ياااااااه أول مره .. يعنى أنت بتحبني يا عمر ؟؟؟؟ .." بردو في سري" .
عمر : ساره انتي فين ؟
أنا : أنا سامعاك .. أنت عارف ياعمر اكتر حاجة بتعجبني فيك إيه ؟
عمر : غير انى شبه احمد السقا ؟
أنا : ههههه برضه مصمم ؟ ماشى يا سيدي .. لا بجد باحس انى باكلم حد من صديقاتي مش خطيبي ، يعني حاسة إن الصداقة بيننا بتكبر كل يوم ودي حاجة مفرحاني جداً .
عمر : على فكرة ده نفس إحساسي أنا كمان .. عارفة يا ساره مهم جداً إن الأزواج يكونوا أصدقاء ، ده بيخلي التفاهم بينهم كبير جداً .
أنا : أنت عارف يا عمر الزواج عامل زى بيت من 3 ادوار ، الدور الأول الإعجاب والانبهار والرغبة الشديدة ، والدور التاني الحب ، والدور التالت الصداقة .. فلو غبار الزمن والتعود والمشاكل طمس الدورين الأول والتاني لا يمكن حايوصل للتالت أبداً .
عمر : أنا بجد لقيت كنز لما لقيتك يا ساره .. انتي بجد مليتي عليا الدنيا ، أنا حاسس انى مش محتاج حد تاني من الدنيا .. الحمد لله يا رب .
أنا : ربنا يخليك ليا ياعمر .
عمر : أنا ليا عندك طلب يا ساره ، يا ريت نخلى حفلة خطوبتنا والشبكة نكتب فيها الكتاب كمان إيه رأيك ؟
أنا : كتب كتاب!!!! بسرعة كده .
عمر : بصي يا ساره ما تتخضيش .. خدي وقتك وفكري .. بس أنا مش عاوز أغضب ربنا في حاجة ، جوايا كلام كتير مش قادر أقوله ليكي .. ونفسي نخرج لوحدنا نشوف العالم مع بعض بعيونا احنا بس ، ونخلق ذكريات خاصة بينا احنا الاتنين .. وما تفتكريش انى كده باقيّدك أو بالزمك بحاجة لا يوم ما تحبي تبعديني من حياتك حابعد بدون قيود .
أنا : أيوه بس .
عمر : بصي يا ساره ربنا هو اللي جمعنا ، وأعطانا نعمة كبيرة إننا قرّبنا لبعض بفضله وحده ، فمش معقول إننا نشكر النعمة دي بأننا نعمل معصية .. صدقيني لو أرضيناه حايرضينا .. بصي فكري براحتك وردي عليا .. معلش طولت عليكي أنا بجد أسف الوقت معاكي بيعدي من غير ما أحس .. حاسيبك ترتاحي دلوقتي .. خلي بالك من نفسك .
أنا : تصبح على خير .
عمر : "تصبحي على خير يا ملاكي ".
************
الجـزء الثامن
يوم شراء الشبكه
قالت ساره :
يا رب اليوم ده يعدّي على خير !! امبارح زارنا عمر ووالده ووالدته وكانت زياره جميله ، أهل عمر فرحانين بيّا جداً ، وقعدوا مع ماما وبابا وهات يا كلام .. وأنا وعمر انتهزناها فرصه طبعاً ، وأخدنا جنب بعيد و اديناها رغي وتهريج ، لحد ما لقينا صوت الكلام بين الآباء انخفض ، والوجوه اتوترت شويه ، وواضح إن فيه مشكله في الجو ، وكل اللي سمعناه أنا وعمر شويه كلمات زي : لا لا ده قليل أوى !.. و : لا ده كده حرام !.. وحاجات زي كده ، حاولنا نفهم فيه إيه مافيش فايده ، لحد ما والد عمر ووالدته استأذنوا فجأه بدون سابق إنذار !! وعمر حصّلهم بسرعه ، وأنا واقفه فاتحه بقّي ومش فاهمه حاجه خالص ، سألت ماما عن اللي حصل ماردتش عليا ، وسمعتها بتقول وهى ماشيه : ابتدينا بقى النكد ده إيه وجع القلب ده ، ما شاء الله ربنا يستر .
************
قال عمر:
"أنا مش فاهم حاجه خالص ، أقدر أعرف فيه إيه "؟ قلتها لأمي وأبي وإحنا في العربيه ، اعتراضاً منى على نزولهم المفاجىء من بيت ساره ، ردت على ماما وقالت لي : مش عاجبهم يا سيدي إننا نجيب شبكه بـ 7 تلاف جنيه ، قال عاوزين شبكه بـ 10 تلاف .. قال هو حد لاقي عرسان في الزمن ده ؟ ، رد عليها بابا : انتي كبّرتي الموضوع وقلبتيه فصال ، وأحرجتينا مع الناس ليه كده ؟ حسيت بخجل وارتباك كبير .. يا خبر ابيض دلوقتي ساره تقول علينا إيه ؟ قلتها في سرّي ولم استطع نطق كلمه ، لأني لا أجرؤ حتى على الاعتراض ، لأنهم هم من سيدفعون ثمن الشبكه .. أه يا ربى ، لو كان المال مالي كنت جبت لها كنوز الدنيا ، يا ترى يا ساره بتفكري في إيه دلوقتي ؟؟؟
**************
قالت ساره:
النهارده رايحين نشتري الشبكه .. ربنا يستر .. البدايه لا تبشّر بخير ، أنا عن نفسي مش مشكله عندي الشبكه ، وأصلاً لا أحب الذهب وأفضل عليه الفضه لكن المشكله الحقيقيه إن يكون الناس دي بخلاء .. دي تبقى كارثه ، طب وعمر رد فعله حايكون إيه ؟ يا ترى حيفضل ساكت ؟ وحايوافق على كلام أهله بدون اعتراض ؟ أفقت من أفكاري وماما بتفتح لي باب العربيه وبتصرخ فيّ وتقولّي :" يالاّ يا بنتي محل الجواهرجي أهه والناس مستنيانا جوه ".
***************
قال عمر:
ياااه .. أول مرّه أبقى خايف وأنا باشوف ساره ، أنا بجد خايف أحسن تحصل مشكله وأنا مش في إيدي حاجه أصلاً ، مديت إيدي وسلّمت على الجميع .. ساره شكلها لم تنم جيداً .. وواضح على وجهها الإرهاق وفي عينيها نظره تساؤل وانتظار ، ولاحظت علامات تحفز وعصبيه على وجه حمايا وحماتي ومثلهم على وجه أبي وأمي .. دي الحرب العالميه التالته حاتقوم ،" ربنا يستر .. ياااااااارب" .
***************
قالت ساره:
أنا مش عاوزه دهب ولا مشاكل .. أنا عاوزه الموقف ده يعدّي واروّح وخلاص ده الجواز ده كله توتر وحواديت ، حمايا قال لي : اختاري يا عروسه اللي يعجبك .. وأنا أصلاً مش باعرف اقدّر قيمه الدهب كويس وخصوصاً انه نار الأيام دي ، مددت يدي على طقم دهب ابيض على شكل ضفيره ، وفيه فصوص كثيره وقلت حلو ده .. امتعضت حماتي وقالت : لالالا .. الدهب الأبيض مصنعيته غاليه أوي والفصوص بتخسر لما تحبّي تبيعيه ، بصيت لـعمر لقيته ساكت تماماً .. اتضايقت بس قلت عندها حق أشوف حاجه تانيه ، اختارت لي ماما طقم آخر وقبل ما ألمسه حماتي العزيزه قالت : لالالا ده شكله تقيل وغالي جداً احنا ما اتفقناش على كده .. وعمر لا ينطق بكلمه ، اتضايقت جداً .. كان نفسي يقول لها سيبيها تختار اللي هيّ عاوزاه لكنه صامت تماماً ، همّت ماما بالكلام لكن بابا منعها كي لا يزيد الجو اشتعالاً ، وقال لي اختاري حاجه تانيه يا ساره ، اخترت واحد تاني لم يعجبنى لكن علشان أخلص وخلاص ، وبعد معرفه ثمنه اعترضَت وقالت : لا برضه غالي ، إنت رأيك إيه يا عمر ؟ قلتها له وكلّي ترقّب لما سيقول .. رد عليّ وهو يتحاشى النظر إلي : اللي تتفقوا عليه أنا موافق عليه ، ياااه هو ده اللي ربنا قدّرك عليه ؟ "أمال إمتى حاتدافع عني "؟ قلتها في سرى وكي لا أبكي أو انفجر في وجهه قلت لحماتي : اختاري" انتي يا طنط اللي يعجبك "، وبالفعل اختارت طقم يناسب المبلغ المقدس تماماً ، ووافقت ماما تحت ضغط نظرات بابا الناريه .. ولم أنظر إلى الطقم ، وتركتهم يكتبون الفاتوره ، وجلست في صالون بعيد في المحل ، وأنا أقاوم البكاء والانفجار من موقف عمر السلبي في أول احتكاك حقيقي ، ورأيته قادم يبتسم ويقول لي :" مبروك عليكي الشبكه يا عروسه "، ردّيت عليه والكلمات تخرج من فمي مثل الرصاص : مبروك عليك إنت ،" أنا مش عاوزاها ولا عاوزاك "!!!!
في اليــوم التــالي
*************
قالت ساره :
لم أردّ على مكالمات عمر المستمره ، وجعلت الموبايل سايلنت ، وجلست في غرفتي أبكى باستمرار من موقف عمر السلبي ، هل سأتزوج رجل بدون شخصيه ؟ هل حماتي العزيزه هي من ستتحكم في حياتي ؟ ومن يجبرني على هذا ؟ هل هذا موقف عارض ام أن هذه هي الحياه المنتظره معه ؟ يا رب أنا في حيره دلّني ماذا أفعل .. ومسحت دموعي عندما نادت عليّ ماما :" يا ساره .. عمر هنا تعالى بسرعه" .
******************
يقول عمر:
جلست في الصالون في انتظار ساره وأنا لا أجد كلام أقوله لها .. شكلي بجد وحش جداً ، هي عندها حق .. لكن لمّا في أول مشكله بيننا تقول لي أنا مش عاوزاك ازاي الحياه حاتستمر بعد كده ؟؟ كان ممكن تعاتبني أو حتى تتخانق معايا بيني وبينها لكن تبيعني كده على طول ؟ كده برضه يا ساره تتخلى عنى علشان الفلوس ؟
**************
قالت ساره :
دخلت على عمر وسلمت عليه في فتور ، وطلبت من ماما وبابا إنهم يتركوني أتحدث معه بدون مقاطعه ، علشان ماما كانت ناويه تطلّع كل غضبها فيه ، دخلتُ الصالون بدون ولا كلمه وتوقعت أن يعتذر لي عمّا حدث ، فوجئت به يقول لي بغضب :
"انتي مش بتردّي على تليفوناتي ليه وكمان تقوليلي أنا مش عاوزاك ، كل ده علشان الفلوس يا سارهفوجئت برد فعله الغاضب .. هوّ كمان اللي زعلان ؟!.. ده بدل ما يصالحني ؟ فلوس إيه اللي بتتكلم عليها ياعمر ؟.. إنت حتى مش حاسس أنا زعلانه من إيه ؟.. أنا زعلانه لأني كنت راسمه لك صوره جميله في خيالي وفجأه لقيت واحد تاني أنا ما اعرفوش ، إنسان مش بيدافع عني في وقت أنا محتاجالك فيه ، لقيتك خايف تقول ولا كلمه ولو حتى انك تراضيني والسلام .. وكل ده وتقولّي فلوس ؟
رد بغضب أشد وعصبيه مخيفه :
برضه ده مش مبرّر انك تقولي انك مش عاوزه الشبكه ومش عاوزاني .
فوجئت بغضبه الشديد وعصبيته الكبيره وأحسست بخوف منه لأول مره ، ولم أجد ما أقوله فانفجرت في بكاء مرير ، فوجدته يخفض من صوته وتلين ملامحه وتتحول إلى رقه شديده وحنان كبير وكأنه أب يخاطب طفلته الصغيره الباكيه :
أنا أسف جداً يا ساره .. أرجوكي ما تبكيش .. دموعك غاليه عليّ جداً .. خلاص بقى أنا غلطان .. أرجوكي كفايه أنا مش قادر استحمل .. أنا فعلاً جرحتك ووضعتك في موقف محرج بس والله غصب عني .. أرجوكي ياساره عاقبيني بأي عقاب الا انك تبكي أنا ضعيف جداً أمام دموعك .. "خلاص بقى أنا آسف آسف آسف .. مليون آسف ".
هدئت قليلاً من كلماته الرقيقه وإحساسه بالذنب وشعرت بحنانه الكبير الذي احاطنى بدفئه وقلت له بصوت متقطع :
كان ممكن يا عمر تنبهني قبل ما نشتري حاجه بالموقف ، وأنا عمري ما كنت حاحرجك واختار حاجه غاليه ابداً ، لكن لما الاقيك حتى مش بتتكلم ده فعلاً صعب عليا .. أنا طول عمري راسمه في خيالي صوره للرجل انه حنان واحتواء وقوة شخصيه ، أنا ممكن أتنازل عن أي ماديات لكن الصفات دي لا يمكن اقدر .
رد عمر وقال :
أنا أسف جداً .. بس بجد ما تظلمِنيش .. أنا عمر شخصيتي ما كانت ضعيفه وعمر والدتي ما اتحكمت فيا ابداً .. أنا كمان فوجئت بموقفها وعاتبتها عليه في البيت ، لكن أنا مافيش في إيدي حاجه هم من سيشترون ، وأخجل أن اطلب المزيد وأخجل أيضاً أن أحرج أمي أمام الناس .. لكن أوعدك ألف وعد إننا سنتشارك ونتفق على كل خطوه أنا وانتي بس ، قبل تدخل الأهل ، وعمري ما حاتخلى عنك ولا أزعلك ابداً ابداً ، خلاص اتفقنا ؟
ابتسمت من رقته وصراحته وقلت من بين دموعي :
خلاص اتفقنا وأنا أسفه أنا كمان لو كنت جرحتك .
نظر عمر إلى عينيّ مباشره وقال :
لما قلتيلي أنا مش عاوزاك حسّيت إن الدنيا خلاص انتهت ، واني مش معقول حاعيش من غيرك ؟ واني مش قادر أفكرولا أتكلم ولا أنام .. ارجوكي ياساره أوعي تقوليها تاني ولا حتى وانتي زعلانه .. وان كان على الشبكه يا ستي أنا لو كانت دي فلوسي كنت جبت لك جواهر الدنيا كلها ورميتها تحت ايديكي ، ولا انى أشوف دموعك الغاليه دي تاني .
أنا : خلاص يا عمر أنا بجد مقدره موقفك ، ومافيش مشكله خلاص .
عمـر : لا يا ستي فيه مشكله ومشكله كبيره كمان .
أنا : إييييييييييييييييه تاااااااااااني ؟؟؟؟؟؟؟؟
عمـر : المشكله دلوقتي يا ستي إني لاحظت انك بتبقي زي القمر بعد البكاء فأنا حاضطر ـ غصب عني والله ـ إني أنكد عليكي يومياً .. حالياً وبعد ما نتجوز ، ويمكن نوصل للقسم علشان أشوف عنيكي الجميله دي بالصفاء والجمال ده .

أنا : يا خبر إيه ده كله ؟
لا إنت أسهل تقول لي أعيّط إمتى وأنا أعيّط من غير نكد ولا أقسام .
عمـر : لسه فيه مشكله كمان .
أنا : يا رب استر إيه كمان ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

عمـر : بصي بقى يا ستي ، أنا اتخذت قرار لا رجعه فيه ولا جدال ولا حتى استعطافات .. إن حفله خطوبتنا تكون بعد اسبوعين ، علشان تلبسي دبلتي للأبد ، وأقول لكل الناس القمر ده ملكي أنا .. واكتب على قلبي لوحه مكتوب فيها قلب مسكون بأجمل "ملاك للأبد .. قلتي إيه يا حبيبتي
أنا :
موافقه يا سي السيد .
************

الجـزء التاسع
قالت ساره :
آدي آخرة اللي يسمع كلام العيال .. معقول نلحق نجهّز كل حاجه في الكام يوم دول ؟ الله يسامحك يا ساره ، هذه كانت عينه صغيره من القذائف التي تنهال على رأسي كل دقيقه من أمي وأبي ، بعد ما أقنعتهم بكل وسائل الزنّ والإلحاح المعروفه عند البنات ، أن تكون حفله خطوبتنا أنا وعمر بعد اسبوعين .. يعنى أكسر كلام " سي السيد " ؟ وبعد صاعقة المفاجأه التي هبطت على رأس أمي وأبي من الميعاد المفاجيء " ألعيالي " على حد وصفهم ، وبعد الرجاء المتواصل من جانبي ، وافقوا على مضض على أن تكون الحفله في بيتنا " على الضيق " تجمع الأسرتين فقط .. وأعجبني الحل ده جداً ، لأني أصلاً لا أحب حفلات الخطوبه في الأماكن العامه ، لأن العروسين لا يكونوا يربطهم شيء وفي بداية التعارف .. يبقى ليه نفرّج الدنيا كلها علينا ؟.. مش يمكن ما يحصلش نصيب ؟؟؟
***********
قال عمر:
الخطوبه في البيت ؟.. ليه بقى إن شاء الله هو احنا عندنا كام عمر ؟.. ما ينفعش الكلام ده أبداً ، هذه كانت عينه صغيره من القنابل التي كانت تلقيها أمي على أذني عندما علمت بموضوع حفله الخطوبه المنزليه .. ولما كنت لا أريد أن تتكرر مأساة الشبكه مره أخرى ، أخبرت أمي إني أنا وساره متفقين على هذا ، ولا داعي أبداً أن تفتح هذا الموضوع معهم .. وبعد إلحاح كبير جداً وافقت على مضض ، مشيره إلى إني من دلوقتي حامشي ورا كلام " الست هانم " ، طبعاً عملت نفسي مش سامع ولا عارف مين هيّ " الست هانم " المذكوره .
*********
قالت ساره :
بجد أنا مجنونه إني وافقت عمر .. طب هو حايشتري بدله في نص ساعه ، طب وأنا حاعمل إيه في الفستان ؟ ده حدوته كبيره جداً ، وللأسف لم أجد في الجاهز شيء يناسبني ، بعدما تطوعت صديقه مقاتله لي أن تلف معي على المحلات .. وبعد 3 أيام متواصله من اللف المتواصل ، وبعد ما أصابنا كساح وشلل رباعي من كتر المشي ، توصلنا إلى نتيجه رائعه ، مفادها أن كل ملابس السواريهات الآن مصممه للسباحه وليس للحفلات ، ما شاء الله كله عريان جداً جداً ، وكأن الطبيعي جداً إن البنات تلبس الكوارث دي !!!.. وكل ما كنت أسأل على شىء يصلح للمحجبات ، كانت البائعه تخرج لي شىء ملائم تماماً لماما أو لحماتي العزيزه ، لكن شيء شبابي محتشم لاااا يمكن .. ليييييه مااااعرفش ؟
************
قال عمر :
والله وبقيت عريس يا واد يا عمر ، قالها صديقي وأنا أقيس البدله الفاخره التي اشتريتها بتحويشة العمر ، وجدناها في المحل الذي أتعامل معه دوماً .. بس لسه الكرافته .. قال البائع إنها موجوده في الدور التاني من المحل .. ياااه لسه حاطلع ؟.. ده مافيش اسانسير ، الظاهر الجواز ده كله ارهاااااااق .
**********
قالت ساره :
خلاص بقى كفايه عياط ، موتّي نفسك يا بنتي ، خلاص فصّلي الفستان ويا رب صاحبة الأتيلييه ترضى تخلّصه بسرعه ، قالتها لي ماما بعد ساعتين من البكاء المتواصل ، وأنا احكي لها رحلتي الفاشله اليوميه بين المحلات ، وقد تورمت أصابع قدمي وأصبحت في حجم الكوره الشراب .. وأكيد صديقتي حاتقطع علاقتها بيا بعد العذاب اللي وريتهولها ، والكساح الذي أصابها .. لا و حاتفرس لأني اتصلت بـعمر لقيته صاحي من النوم تعبان ، علشان نزل اشترى البدله في نص ساعه زي ما توقعت ، لا صحيح بجد الرجاله دول بيتعبوا .
**************
قال عمر:
أنا مش عارف ساره مكبّره موضوع الفستان ليه ؟.. ما أي حاجه وخلاص .. صحيح البنات دول فاضيين ورايقين أوي .. وبعدين حاتفصله أخيراً ، وما رضيتش تقولّي لونه إيه علشان المفاجأه ، ربنا يستر ويليق على البدله أحسن يبقى شكلنا آخر بيئه ، بجد البنات دول عليهم تقاليع عجب .
**********
قالت ساره:
أمامي ألف مجله أختار منها الموديل ، وفي الآخر رميت كل المجلات وأخرجت قلم وورقه ، وقعدت أرسم مليون تصميم وكلهم طلعوا وحشين جداً .. يا ربي ليه البنات على طول تعبانين في كل حاجه من الصغيره للكبيره ؟ أنا حاسيب صاحبة الأتيلييه تختار حاجه مناسبه ليا وخلاص .. هو يعني فرح الأميره ديانا ؟؟ قلتها في سري ، وهي تجلس أمامي من " عشر ساعات " تنتظر اختياري النهائي وهي حاتطقّ مني ، وبعد طول عذاب " اختارَنا " الموديل أنا وهي وتنفستْ الصعداء وهى تكاد تطردني من المحل ، وتقول بابتسامه طهقانه : والفرح إمتى إن شاء الله يا عروسه ؟ رديت وأنا أكاد اجري من أمامها من رد فعلها المتوقع : بعد عشر أيام ، وكان الرد : اييييييه مووووش مممكن أبداًاًاًاً .
***********
يقول عمر:
حاضطر أسيب ذقني ما احلقهاش اليومين دول ، ولا شعري كمان حسب تعليمات الكوافير ، واستحمل التريقه من أصحابي والعيله عندنا ، يالاّ اهو الواحد لازم يضحّي ويتعب علشان يتجوّز .
*********

قالت ساره :
خلّصت كل أنواع الماسكات ، والسنفره ، والكريمات المعروفه والمجهوله ، وأي واحده كانت بتقترح عليّا وصفه للبشره أو الايدين أجربها فوراً .. وأصبحت غرفتي مطبخ به أعاجيب الدنيا السبعتاشر من قشر خوخ .. بياض بيض .. جلسرين وليمون .. زبادي وعسل ، وأي شىء أجده في التلاجه عند ماما انقض عليه فوراً واجري عليه تجاربي الجهنميه ، أنا عاوزه اعرف كل البنات بيتعذبوا العذاب ده ولاّ أنا بس اللي لاسعه ؟ بس كله يهون علشان خاطر عيونك يا عمر .
**************
ترتيبات يوم الخطوبه
قالت ساره :
أكاد افتح عيوني بالعافيه ، وأغالب النوم بقوه وأنا جالسه عند الكوافيره ، امبارح سهرت في الأتيلييه علشان أخلّص الفستان .. وكانت خناقه كبيره بيني وبين عمر على الموبايل ، لما لقاني الساعه 11 لسه مارجعتش البيت ، رغم إن ماما كانت معايا ، وبابا وصلنا بالعربيه الساعه 12 ونصف بعد ما خلص الفستان أخيييييييراً ، ورغم كده عمر كان بيتخانق بمعدل كل ربع ساعه .. ويقولّي خلاص اللي خلص من الفستان كفايه ومش مهم الباقي وكفايه تأخير ، يعنى أخده بكم آه وكم لأ ؟ يالاّ أهو تغيير برضه ، طب أنا ذنبي إيه في كل الدوشه دي ؟ هو زعلان منى ليه ؟ وعلشان اليوم ما يقلبش نكد ، أرسلت له رساله قبل ما أروح للكوافير قلتله :" أنا أسفه على تأخير امبارح .. أنا نفسي أكون جميله علشان أليق بيك النهارده" ، وطبعاً اتصل بي فوراً وكان في منتهى الرقه ، آه من عقل الرجاله ..
************
يقول عمر:
رساله ساره الجميله امتصت كل غضبي .. فعلاً ساره ذكيه جداً وبتعرف إمتى توقف المشكله بيني وبينها ، أنا مش مصدق إن النهارده حابقى عريس بجد !!.. أصحابي كل شويه يكلموني و يبعتولي مسجات ملخصها كلها :" بكره تندم يا جميل "، معقول الجواز يبقى خنقه وجحيم زي ما بيقولوا ؟ لا أعتقد .. لأن أنا وساره متوافقين في الشخصيه وطريقه التفكير و .. والمشاعر كمان .. يبقى الفشل حاييجي منين ؟ قمت توضئت وصليت ركعتين قضاء حاجه ، أن يوفقنا الله أنا وساره طول العمر .
***********
قالت ساره
:
أنا بجد خلاص حانفجر .. من 4 ساعات وأنا عند الكوافيره ولا أفعل شىء .. المحل فيه 7 عرايس غيري !!.. بجد كأننا في سيرك ، الحراره عاليه جداً .. والعرايس كلهم متوترين وخايفين يتأخروا عن ميعادهم ، وكلهم بيتحايلوا على الكوافيره علشان تخلّصهم كلهم مع بعض .. ازاي ماعرفش ، عملتْ لي ماسك أول ما جيت الصبح وعملت شعري رغم إني حاغطيه !!.. يعني باختصار لسه ما عملتش حاجه خالص والساعه 4 وعمر حاييجى الساعه 7 ، كلمني عمر وسألني : عملتي إيه ؟ قلت له : ولا حاجه خالص .. وصوتي مخنوق بالبكاء ، قال لي : ولا يهمك انتي قمر من غير حاجه .. طيب أكلتي حاجه يا ساره ؟ رديت باستغراب : أكل ؟!.. يعنى إيه الكلمه الغريبه دي؟
*************
يقول عمر:
ساره عامله زي الأطفال .. لازم حد يتحايل عليها علشان تاكل ، اتصلتْ بمطعم بيتزا وأعطيته عنوان الكوافيره كي يرسل لها طعام .. ورأتني أمي وأنا أرتب هذا وكادت أن تنطق بعصبيه جمله بها : ... ست الحسن ... كالمعتاد ، ولأول مره أرى في عينيها نظره تشبه الغيره ، وبدل أن أعاتبها وتقلب نكد كالعاده أخذتها في حضني وقلتلها : عارفه يا ماما أنا باحب ساره ليه ؟.. علشان نسخه منك .. بس انتي الأصل يا جميل والباقي تقليد ، فوجئت بضحكتها الصافيه وهي تضمنى لها وتدعو لي بالسعاده مع ساره ، ياااااخبر .. ماما بتغير عليّ ؟؟؟
*************
قالت ساره
:
بيتزا للأنسه ساره .. العريس باعتهالك ، دوت الجمله في مركز التجميل كالرصاصه ، وصاحبَتها همسات وضحكات مكتومه من بقيه العرايس معناها : شايفه عريسها بيحبها ازاي ؟ غرقت في الخجل من نظرات الجميع .. وفتحتها وأنا أتذوق أغلى وألذ بيتزا أكلتها في حياتي ، بجد .. من يقولون إن الحب أهم ما في الحياه .. لا يعرفون شيئاً ، أهم ما فيها هو الحنان .

************
الجـزء العاشر
قال عمر
:
الساعة 6 وأنا عند الكوافير الرجالي .. خلاص خلّصت كل شىء .. واديتها جل على شعري والبرفان الجامد جداً ولبست البدلة وكله تمام ، إيه الشياكه دي يا واد يا عمر ؟ صديقي ذهب يزيّن العربية ، وسيأتي بعد نصف ساعة كي نأخذ ساره من الكوافير الساعة 7 تماماً ، مش عاوز أتأخر عليها أحسن تزعل مني .
*************
قالت ساره
:
"يا ستي أنا ميعادي كمان ساعة ولسه ما عملتش حاجة خالص" ، قلتها للكوافيره وأنا أكاد أبكي .. ردت عليّ ببرود كبير معتادة عليه : لسه 3 عرايس وبعدين انتي !! ما تقلقيش يا عروسه ، يالهوي .. 3 عرايس ؟!!!!!!!!!!!.. ده أنا حاخلص الساعة 12 إن شاء الله !! وصوت الموبايل لا يتوقف عن الرنين من عمر وماما ، الكل بيستعجلني وكأن الذنب ذنبي .. ارتديت الفستان ومن عصبيتي جزء صغير منه اتقطع من الذيل ؟.. آه فعلاً هذا ما ينقصني الآن ، انطلقت صديقتي تبحث في المحلات المجاورة عن ابره وخيط بلون الفستان ، كأنها تبحث عن ابره في كوم قش .. وأخيراً جاءت وحاولنا محاولات مستميتة ألا يظهر هذا العيب .. يا رب استر يا رب .
*************
قال عمر
:
الساعة 8 ونصف ، وأنا واقف أمام مركز التجميل أنا وأصدقائي ، وبعض من أهل ساره ، همّ بيعملوا إيه جوه بالضبط ؟ ولاحظت وجود عدة سيارات مزينة وعرسان مثلي والجميع منتظر الفرج وكأننا في كرنفال ، وكل ما تخرج عروسه من الكوافير الجميع يجري عليها .. ثم يفوز واحد بها ويتنفس الصعداء والباقي يعودون يجرون أذيال الخيبة !!! وساره لا ترد على الموبايل ابداً .
**************
قالت ساره
:
أخيراً حنّت على الكوافيره وبدأتْ في تجهيزي ، والغريب إني لم استغرق معها نصف ساعة والساعة أصبحت 9 ونصف .. ونظرت إلى وجهي في المرآة بعد كل هذا التعب .. وجدت الفستان أنيق للغاية .. ووجهي لم أره بهذا الصفاء من قبل خلاص بقيت عروسة ؟؟ يا رب أعجب عمر وكل الناس .. بس عمر أهم من كل الدنيا طبعاً .
**************
قال عمر
:
تسمّرت من مكاني عندما رأيت ساره تخرج من مركز التجميل .. ونسيت الانتظار الطويل ، والمكالمات الغاضبة من أهلي وأهلها على كل هذا التأخير ، نسيت الدنيا كلها ، عندما رأيتها تتألق في فستان رائع من اللون الأزرق الصافي المشغول برقة بخيوط فضيه خلابه .. ووجهها لم أرْ أجمل منه في حياتي ، وكأن كل نساء الدنيا تجمعت في امرأه واحده ، جريت عليها وهمست لها : "بحبك يا ساره ."
*************
حفلـة الخطوبـة
قالت ساره
:
جالسة أنا بجوار عمر وأشعر بمشاعر غريبة كلها متناقضة ، فرحة وخوف وقلق وترقب ، أول مرة أكون محط أنظار الجميع لدرجة التحديق في كل تفاصيل مظهري ، هو شعور جميل ولكنه يدعو للقلق .. ولكن لا يهم ، المهم إني أعجبت عمر وانه سعيد بي جداً ، وحماني من نظرات الغضب التي هاجمتني عتاباً لي على تأخيري ، المنزل مزيّن بزينات وأضواء رقيقة .. متى زينوه هكذا ؟ وأفراد الأسرتين موجودين والجميع سعيد والزغاريد لا تتوقف ، ماعدا حماتي العزيزة بالطبع ، قبّلتني ببرود ولامتني على تأخري ، ولاحظت إنها طوال الوقت تهمس في أذن ماما بكلمات غريبة ، آه لا أريد ما يعكر صفوي الآن فلتقل ما تريد ، أنا وعمر معا والدنيا كلها ملكنا وحدنا .
************
يقول عمر
:
ساره فاتنة هذه الليله ، كم أحب هذه البنت الجميلة الشقية التي دخلت حياتي فجأة بدون سابق إنذار فقلبتها رأساً على عقب .. وفي أسابيع قليله أصبحت تملك مفاتيح القلب ، وتطرق أبواب الروح ، وتتسلل إلى أركان عقلي فتحتله كما يتسرب الماء الصافي إلى الأرض الجافة فيرويها ، أصبحتْ أهم إنسانه لي في هذه الدنيا ، هل سنعيش معاً سوياً للأبد ؟ آه كم أتمنى هذا ، وهل ممكن أن يتحول هذا الحب إلى مشاعر الملل والرتابة في الزواج ؟ وكيف يقرر الإنسان فجأة أن يكمّل حياته كلها مع إنسان واحد لم يعرفه الا منذ أيام قليلة ؟ انه أمر صعب لو كان بيد الإنسان ، من المؤكد أن مباركة الله للزواج هي ما تيسر هذا ، وانه سبحانه وتعالى هو من يؤلف بين القلوب فيجعل الغريب حبيباً .
**************
قالت ساره
:
الحمد لله انى أصريت على تأجيل كتب الكتاب لفتره .. لا أتخيّل أن يعقد قراني اليوم على إنسان لم أره سوى من أسابيع قليله ، صحيح إني أحببت عمر ومقتنعة به ، ولكن لا أستطيع حالياً تقبل فكرة الارتباط الأبدي بهذه السرعه ، الموسيقى تنساب بقوة والزغاريد تحيط بنا من كل مكان .. شعوري لا أعرف كيف أصفه ، فعلا البنت لا تكتمل وترتوي الا في وجود رجل يحبها ، حانت لحظة شرب الشربات .. يا رب عمر لا يسكب على فستاني منه كما أسمع كثيراً ، الحمد لله سقاني بسلام .. حان دوري لأسقيه أنا الأخرى ، أخ وقعت قطرات على قميصه الناصع ورمقني بغضب شديد وصرخ فيّ : "مش تخلّي بالك يا ساره" ؟
*************
يقول عمر
:
أخخخ .. ماذا فعلت ؟ الجو تكهرب فجأة من صرختي الغاضبة في ساره والجميع صمت ونظر لـساره التي تكاد تبكي من شدة الخجل والإحراج ، لماذا تهوّرت هكذا ؟ أكيد ساره حاتزعل وعندها حق ، أنا أسف يا ساره .. بجد آسف ، ساره لا ترد عليّ ، وتتظاهر بالتشاغل مع صديقاتها اللاتي أدركن الموقف وتجمعن حولها يضحكون كي يخففوا عنها الإحراج ، لازم أبطل العصبية والتهور .. أصبح لي شريك في حياتي الآن قد لا يتقبل كل تصرفاتي ، خلاص يا ساره أنا أسف بقى .
*****************
قالت ساره
:
أنا آسف يا ساره !!؟ يا سلام بعد ما أهنتني أمام الناس ؟ لماذا لم تمسك أعصابك أمام هذا الخطأ الغير مقصود ؟ هل هذا هو طبعك ؟ لا يمكن أن أتحمله ولابد أن تكون خلافتنا بيننا وحدنا ، لا أن يكون الجميع طرف بها .. بجد يا عمر لن أتنازل عن هذا أبداً ، قلت هذا كله لـعمر وأنا ارسم ابتسامة زائفة أمام الناس كي لا يلاحظوا الخناقة الدائرة بيننا ، وبادرني عمر بالاعتذار وعدم تكرار هذا .. وأخذت وقت كي أظهر طبيعيه .. وحان وقت ارتداء الشبكة وأصريت أن تلبسني إياها والدة عمر .. من ناحية هو لم يصبح زوجي ، ومن ناحية أخرى أنا لسه زعلانه منه .
**************
يقول عمر
:
يا سلام ماما هيّ اللي حاتلبّس ساره الشبكة ؟ إيه الهنا ده ؟ يالا يبقى القميص والشبكة ، طب مين حايلبّسني الدبلة بتاعتي ؟.. البوّاب ؟ ألبست ماما ساره الطقم الذهبي ، ثم أوقفْتها بإشارة من يدي ، وأخذت دبلة ساره واقتربت منها ورجوتها وهمست لها : علشان خاطري يا ساره أنا نفسي أظل أتذكر هذه اللحظة وأنا أضع اسمي حول أصبعك للأبد .. أرجوكي علشان خاطري .. لن ألمس يدك أساساً .." ألف مبروك يا حبيبتي" .
************
قالت ساره
:
حبيبتي ؟ أول مرة أسمعها منك يا عمر ، .... والله أنت اللي .... الله الدبلة شكلها جميل جداً في أصبعي .. أجمل من أي خاتم امتلكته في حياتي .. وكفاية إن عليها اسم عمر كي تكون أغلى دبلة في الوجود ، ألبسته بدوري دبلته المحفور عليها اسمي ونحن نطير سوياً في دنيا خاصة بنا .. ونسمع موسيقى تعزفها قلوبنا ونخطو خطواتنا الأولى نحو دنيانا الجديدة ، دنيا محفور على بابها .. إسمينا فقط ...
ساره و
عمر
************
الجـزء الحادي عشر ( قبل الأخير )
قالت ساره
:
استقرت حياتي أنا وعمر بعد الخطوبة الرسمية ، وشعرنا سوياً باستقرار نفسي كبير ، أصبح لكل منا شريك يستريح على شاطئه ويلقي على كتفه همومه .. أصبحت لا أخجل من وجود رجل في حياتي .. أكلمه على الملأ أمام أبي وأخوتي وأتحدث عن آراءه وأفكاره وأستشهد بها بدون خجل ، وهل يخجل المحامى عندما يستشهد بمواد القانون ؟.. وان كان الأمر لا يخلو من المشاحنات والخلافات البسيطة ، التي تزداد بعصبية عمر التي تشتعل سريعاً وتخبو سريعاً ، ولكني أخاف كثيراً من هذه العصبية والتسرع في رد الفعل الخاطئ له في أحيان كثيره .. ومما يزيد عصبيته عنادي الطفولي الذي هو من أبرز عيوبي للأسف .
*************
قال عمر
:
شعور جميل أن يكون لك صديق وحبيب في حياتك ، تتبادل معه الأخبار والأوجاع والضحكات ، أشعر أنني قبل معرفتي بـساره لم أكن موجودا في هذه الحياه ، أشعر معها وكأنني طفل صغير يعود سريعاً في نهاية يومه ليقص على أمه كل ما حدث له في يومه .. أحب ردودها التلقائية وضحكاتها البريئة وخوفها الطفولي عندما يرتفع صوتي في عصبية ، ولا أطيق غضبها مني وأبادر دوما بمصالحتها ، كم أحب وجودك معي يا ساره .
*****************
قالت ساره
:
لاحظت أن أكثر أوقات خلافنا أنا وعمر ، هي عند عودتي من عملي في الرابعة .. ولو اتصل بي ووجدني نائمة ، أو رددت عليه في تعب يختلق أي مشكلة تافهة ويغضب عليها ، هل يغار عمر من عملي ؟ أم من انشغالي عنه لمدة ساعات في اليوم ؟؟ رغم أني أحادثه من عملي تليفونياً ، وأصلاً عملي من الثامنة حتى الرابعة زي ناس كثيرين جداً ، أمّال لو كنت طبيبة وأبات في المستشفي كان عمل إيه ؟.. أكيد كان انتحر ، راودتني شكوك حول الموضوع ده واشتكيت لأمي فقالت لي : طبيعة الرجل دوماً أنانية ، لا يريد أن يشغلك عنه أحد أخر حتى لو كان عملك ونجاحك .. استحملي يا بنتي ولا تفتحي معه هذا الموضوع حتى يفتحه هو ، ولم أنتظر طويلاً حتى جاء يوم وكلمني في التليفون بعد عملي كالمعتاد ، وكنت حاموت وأنام ساعة فكنت أرد عليه سريعاً فلاحظ ذلك وقال لي مباشرةً :
ساره انتي الشغل ده مهم عندك أوي ؟
قلت :
يعني إيه مهم يا عمر ؟.. هوّ يعني فستان أخده ولا اسيبه ؟.. ده شغلي ونجاحي .. وبعدين قصدك إيه ؟
رد عليّ بحدة :
قصدي انك ياريت تسيبيه بعد الزواج وياريت من دلوقتي .
رددت عليه بذهول :
بتقول إيه يا عمر ليه ده كله ؟ هوّ شغلي مضايقك في إيه بس ؟
قال عمر :
أنا ما أحبش مراتي تشتغل وترجع البيت الساعة خمسة وتتبهدل في المواصلات .. علشان إيه ده كله ؟
قلت له في صوت عال بعض الشيء :
طيّب ما قلتش ده ليه قبل الخطوبة ؟ واتقدمت ليّ ليه أصلاً وأنت عارف إني باشتغل ؟
فوجئ عمر من رد فعلي الهجومي وكأنه كان يتوقع الطاعة المطلقة :
يعني لو كنت قلت لك ده قبل الخطوبة كنتي ما وافقتيش عليا ؟
رددت بعناد وبتسرع : طبعاً .
صمت عمر وتألم من ردي القاسي ولم يرد ، حاولت تهدئة الجو قبل أن تثور ثائرته وقلت له :
يا عمر من فضلك افهمني .. ليه دايماً الرجل أول ما يشوف بنت وتعجبه ، يعجبه نشاطها ونجاحها في العمل وطموحها وثقافتها ويتقرب لها من الجانب ده .. ولمّا خلاص تصبح ملكه يسعى جاهداً أن يجعلها صورة من جدته لا تخرج ولا تعمل ولا تبدى أي آراء الا من خلاله ؟.. ثم بعد هذا يشتكى من تغيرها بعد الزواج .
رد عمر
: أنا مش عاوز أخليكي زي جدتي ولا حاجه .. أنا بس مش عاوزك تشتغلي .. فيها حاجة دي ؟
فقلت أنا :
كان مفروض تكون صريح معايا أول ما اتقابلنا وتقول لي الكلام ده وأنا اللي أقرر حياتي حاتكون ازاي معاك وإما أوافق أو ارفض .. لكن أنت كده بتضعني أمام الأمر الواقع .
رد بعصبية كبيرة : يعنى أنا خدعتك يا ساره ؟.. قصدك كده ؟
حاولت تهدئته فقلت له :
يا سيدي ولا خدعتني ولا حاجة .. طب إنت إيه اللي مضايقك من شغلي ؟
قال : تقدري تقوليلي لما نتجوّز حاتراعى البيت ازاي وانتي بترجعي المغرب .. ولما نخلّف حاتسيبي البيبي فين الوقت ده كله ؟
رددت عليه :
هوّ أنا أول إنسانه في الكون بتشتغل ؟.. أكيد كل دي حياة ملايين السيدات مش أنا بس ؟
قال بضيق : أهو أنا باتضايق من عنادك ده يا
ساره .
استفزتني الكلمة فقلت :
ده مش عند .. ده حق ليّ إني أكون ناجحه .. المفروض وجودنا في حياة بعض يخلّينا احنا الاتنين ناجحين ، مش واحد ينجح والتاني يكون مجرد ظل باهت للآخر وخلاص .
قال بعصبية :
يعنى انتي مش عاوزه تسمعي كلامي ؟
رددت بعناد كبير :
اسمع كلامك لما يكون فيه منطق .. لكن لما يكون تحكّم وخلاص وفرض رأي أنا آسفة .. مش حاقدر أسيب شغلي بدون مبررات كافية .
قال :
ده أخر كلام عندك ؟
أحسست إن كلمته دي بداية مشكلة كبيرة ومع ذلك رددت بعناد كبير :
أيوه .
وانتهت المناقشة بقوله : خلاص انتي اللي اخترتي يا ساره .

بعـد أيـّـام
قالت ساره
:
أول مرة نتخاصم أنا وعمر من يوم ما اتخطبنا .. اتخانقنا كتير لكن كنا بنتصالح سريعاً .. والحق يقال كان هو دائماً من يبادر بصلحي ، حتى لو كنت أنا المخطئة ، إحساس البعد سيء جداً .. شعرت إن أيام الخصام القصيرة مرت كأنها شهور طويلة ، لم يحادثني في التليفون ولم يرسل لي رسالة ولا حتى رنّة من الموبايل .. وأنا كرامتي منعتني أن أبدأ أنا بالحديث ، لماذا يضغط عليّ بهذا الأسلوب كي يرغمني على التنازل عن مستقبلي .. وهل هذا آخر تنازل أم أن سلسلة التنازلات لن تنتهي ؟ أنا لا أعرف وجه تصميمه على تركي العمل .. وهل وأنا تعديت الخامسة والعشرين آخذ مصروفي من أبي مثل الأطفال ؟.. ومتى انضج وأتعلم الاستقلالية إذن ؟.. في سن الستين ؟ يبدو أن الرجل يريد من زوجته أن تكون تابعاُ له بلا أي شخصية ، كده يا عمر هنت عليك ؟
*******************
قال عمر
:
كده يا ساره هنت عليكي ؟ لم تفكر أن تتصل بي ولا مرة حتى ولو من باب الاطمئنان عليّ ، أنا الذي عوّدتها على هذا الأسلوب .. في كل مرة نختلف أبادر أنا بمصالحتها حتى لو كانت هي المخطئة .. أنا بجد دلعتها كتير وممكن تظن إنها متحكمة فيّ بهذا الأسلوب أو إن شخصيتي ضعيفة ، لا أنا مش حاسأل عليها المرة دي مع إني حاتجنن وأسمع صوتها .. بس هيّ لازم تسمع كلامي وتطيعني بلا نقاش !!.. وبرضه مش حاتصل .
****************
قالت ساره
:
درجة حرارتي ارتفعت من الأنفلونزا ، واشعر بصداع رهيب ألزمني الفراش ، يبدو إن هذا مرض نفسي زي ما بيقولوا .. ووجدتها حجة مقنعة كي ابكي براحتي وأتحجج بالصداع ، لاحظت أمي إن عمر لا يتصل ولا يأتي منذ أسبوع ، فسألتني عن السبب فتحججت بحجج واهية ، فقالت لي : اسألي عنه انتي يا ساره .. الراجل بيحب دائماً إن يشعر باهتمام كبير مثل الطفل تماماً .. فرفضت بشدة .. ففهمتْ أن هناك مشكلة ولم تلح عليّ في معرفة الأسباب .. وخرجت من غرفتي وتركتني أنام ، وبعد قليل سمعت صوتها يتحدث في التليفون مع حماتي العزيزة وتجتهد أن تجعل الحديث عادياً جداً ، وختمته بخبر هام جداً من أجله كان كل هذا الاتصال وهو :" إن ساره عيانه جداً جداً ".. ونايمه يا عيني في السرير درجة حرارتها 60 ، تابعت الحديث وابتسمت من حنيّة أمي ورقّتها ، تريد أن تصالحنا أنا وعمر بدون أن تتطفل أو تتدخّل ، يا حبيبتي يا ماما ، بس لو عمر ما اتصلش برضه بعد ما يعرف انى تعبانه .. يبقى ..... معقول ؟.. معقول يا عمر ؟
**************
قال عمر
:
ساره تعبانه ؟.. يا حبيبتي يا ساره ؟ علشان كده ما اتصلتش بيا وأنا ظلمتها ، لازم أروح لها حالاً .. أهو المرض جه حجه كويسه علشان أروح بسبب مقنع أصلي خلاص بجد مش قادر على البعد والخصام الرهيب ده .
**************
قالت ساره
:
كده يا عمر ولا حتى رسالة ؟ قلتها لنفسي وأنا لا أنزل عيني من على الموبايل وكأنني أخاف لو أبعدت عيني عنه لن اسمعه لو رن ، منتظرة اتصال عمر الذي لا يأتي .. يبدو انه فعلاً قاسي ، ويرغمني بكل الطرق أن أتنازل عن كل شىء حتى يضغط عليّ وأنا مريضة ، لا يمكن أكلمه بعد اليوم .. ولا اعتقد إني سأكمل الخطوبة أصلاً .. بجد مش عاوزاه و .... صوت ماما يرن في أذني :
"عمر جه يا ساره ."
************
الجـزء الثاني عشر والأخير
قال عمر
:
نسيتُ كل خلافي مع ساره وزعلي منها عندما رأيتها وهي متعبة ، محمرة العينين مرهقة كأنها لم تنم من سنين .. وهتفت بها في قلق كبير أول ما رأيتها : ألف سلامة عليكي .. إن شا الله أنا وانتي لأ .
ردّت عليّ : بعد الشر عنك يا عمر أنا الحمد لله بخير .
همستُ بالكلمات في صوت خفيض : أول ما عرفت انك تعبانه جيت جري .. خلي بالك من نفسك يا ساره انتي دلوقتي مش بتاعتك لوحدك .. لا بتاعتي أنا كمان .
ساره : ........!؟
أنا :
انتي زعلانه مني ؟
ساره :
........!؟
أنا : خلاص بقى حقك عليا .. أنا فعلا اخدت الموضوع بعصبية شوية بس أنا خايف عليكي مش اكتر .
ساره : كان ممكن نتناقش في الموضوع بهدوء ، ومن غير ما حد يفرض سيطرته ولا يحاول يلغي شخصية الطرف التاني .
أنا : طيب لو قلت لك علشان خاطري فكري في موضوع الشغل ده تاني .. تقولي إيه ؟
ساره : أقول خاطرك غالي عليّ جداً .. واني بالأسلوب ده فعلا ممكن أفكر في حل وسط .. مثلا إني بعد الزواج أدور على شغل مواعيده بدري عن كده .. في حضانة مثلاً .. علشان البيت والبيبي .. موافق ؟
أنا : موافق جداً .. و حانسميه إيه ؟
ساره : مين ؟
أنا : البيبي ؟
ساره : ........!؟

****************
قالت ساره
:
الأيام تمر سريعة جداً ، لا أصدق إن مر على خطوبتنا 4 أشهر أنا وعمر ، وخاصة عندما بدأنا في المأساة المسماة جهاز العروسه .. أو الشوار زي ما فيه ناس بيسموه .. وكلا الاسمين اسم على مسمى ، فسموه جهاز لأنه بيجهز على كل طاقتك المادية والجسدية والمعنوية .. والشوار لأنك بتدخلي في مشاورات وخناقات رهيبة بتنتهي غالباً بحروب ، لا أدري لماذا كل هذه التعقيدات التي يضعونها في طريق تجهيز عش الزوجية ؟!!.. وخاصة مستلزمات العروسة المسماة ظلماً وافتراءاً : الرفايع .. على اعتبار إنها أشياء بسيطة لا تذكر من رفعها !!.. وهي في الأصل تقايل مش رفايع ، بجد العروسة مطلوب منها جبال من الأشياء ، التي أكاد أجزم إن ربعها فقط الذي يستخدم في الواقع ، والباقي يرص فقط في النيش والدواليب لزوم المنظرة فقط ، الآن فقط عرفت لماذا كان أبي وأمي يصرّون أن أدّخر نصف مرتبي لجهازي ، قال وأنا كنت زعلانه .. ياريتهم ادخروه كله علشان المليون طلب اللي ورايا .
*************
قال عمر
:
يا بخت العروسة !!!.. إيه الظلم الرهيب اللي واقع على العريس ده ؟ مطلوب منه يشترى أو يؤجر شقة ، ويجهزها على الأقل 3 غرف ده غير الأجهزة الكهربائية والفرح والشبكة ... الخ الخ الخ .. ليه ده كله ؟ ما أنا كنت سلطان زماني .. والعروسة تجيب شوية رفايع وتقول إنها جهّزت ؟.. والله حرام ، ساره رفضت رفض تام أن نسكن مع أبي وأمي ، وبصراحة معاها حق .. كيف نشعر أنا وهي أن لنا مملكتنا المستقلة وعشّنا الدافيء ، لكن الشقق الإيجار الجديد إيجارها نااااااااااار ، والتمليك طبعاً من عاشر المستحيلات ، ربنا يستر ونلاقى شقة إيجارها معقول وتكون مناسبه ، الحمد لله إن ساره ما وافقتش على ترك الشغل ، كان زماننا كل أول شهر وافقين على باب الحسين أو السيده ، طبعا مفهوم بنعمل إيه .
******************
قالت ساره
:
إيه لزوم إن الواحد يجيب من كل حاجة نسختين .. واحد للاستعمال والتانيه منظرة ؟ يعنى طقم صيني للاستعمال ، وسرفيس ماركة غالية جداً يبقى محنط في النيش ؟!!.. ومعالق للاستعمال ، وأخرى في حقيبة دبلوماسية براقة سعرها فلكي .." هددتني أمي لو لمستها حاتبلغ عني البوليس "، وأغلب الظن إن الحاجات دي سأستعملها لما خطيب بنتي كمان 30 سنة ييجي يزورنا !!!.. ده غير ألف طقم مثل ، طقم للشربات ، وطقم للتورته ، وأخر للكاكاو ، وأخر للأيس كريم ، وأخر للخشاف .. مش عارفة خشاف إيه ده ؟ مش ممكن المنظره دي كلها .. ويقولوا البنات بيعنّسوا ليه ؟ أكيد من قائمة المتفجرات التي تنفجر في وجه أي اثنين بيفكروا مجرد تفكير في الارتباط الحلال .. رغم إن أمي أخبرتني ، إنها في زواجها كانت لا تملك أياً من الأجهزة الكهربائية غير البوتاجاز ، ومن عملها هي وأبي احضروا الغسالة العادية ، ثم الثلاجة ، ولم يفكروا في التليفزيون الا بعد سنين رغم إنهما هما الاثنين من عائلات محترمة ، ولكن كانت النظرة للزواج عملية و بسيطة ، ولا وجه للمقارنات الفارغة بين أي بيت والآخر ، وأنا رأيي عندما يبني الاثنين عشهما سيكون من المستحيل أن يفرّطوا فيه أبداً .. لكن الآن نرى حالات طلاق بعد شهور ، لأن العروسين وجدوا منزلاً جاهز من كل شىء ، حتى التكييف والدش ، ولم يتعبوا فيه لحظة ، فلماذا يتحملوا كي يظل هذا المنزل قائماً ؟؟
**************
قال عمر
:
ياااااسلااااااام ، معارض الموبيليا في مصر معمولة علشان العريس الّلي في الخمسين ربيعاً ، الحجرة الواحدة المعقولة محتاجه انى أوفر مرتبي لمدة عشر شهور متواصلة على الأقل بدون أكل ولا شرب ولو أمكن بدون ما أنام ، لا حل إذن الا أن ننفذ الحجرات عند نجار شاطر .. وبالطبع أبي هو من سيدفع .. طيب ومن أهله لا يستطيعون مساعدته كيف يتزوج ؟.. وكيف يقي نفسه من الوقوع في الخطأ وفي دائرة الحرام ؟ معادلة مستحيلة الحل وتزداد تعقيدا بطلبات الأهل المغالى فيها ، ورغم انى مهندس وخريج إحدى كليات القمة ، واعمل عشر ساعات يومياً ومع ذلك لا استطيع تزويج نفسي ، واضح إن زماننا هذا ليس لنا .
******************
قالت ساره
:
لا يمكن اشتري مفرش للسرير ليوم الزفاف ب 700 ج ، من أجل يوم واحد الناس يتفرجوا عليه وخلاص يترمي ، بجد ربنا يحاسبنا على هذا التبذير وحانُسأل عليه يوم القيامه ، ولأول مرة انتصر في معركتي مع أمي وأصررت على عدم شراؤه ، واستبداله بمفرش بسيط جداً بمائة وخمسين جنيه فقط ، ولم استجب لتهديدات أمي إن حماتي لن يفوتها هذا و..و..و ، فلتقل ما تريد .. هذا منزلي أنا وليس أي احد ، ولو تركت نفسي خائفة من تعليقات كل الناس لن أتزوج الا بعد أن ابلغ من العمر أرذله !!.. وبرضه لن أرضي أحد ، قارنت بين مجلة نسائية قديمة اشتريتها من سور الأزبكيه ، يرجع تاريخها لأواخر الستينات زمن تحقيق الأحلام وبين مجلة حديثة نسائية برضه .. وجدت في القديمة باب كامل اسمه المنزل السعيد ، وكله أفكار عمليه رائعه عن فرش المنزل وتجميله بأبسط التكاليف ، وكيفيه الاستغناء عن أشياء كثيره لا لزوم لها .. وبجد الصور في غاية الرقه والعمليه والبساطه .. والمجله الحديثه تتحدث عن الفورفورجيه في غرفة النوم ، وكيفية تلميع الباركيه ، ومزايا التكييف السبليت عن الشباك في منزل العروسين ، يبدو إنهم يتحدثون عن عرائس من القمر وعرسان من المريخ .
***************
يـوم الـزفـاف
وأخيراً جاء اليوم المنتظر ، اليوم الذي تتوقف فيه عقارب الساعة وتبدأ دورة جديدة غامضة ، اليوم الذي تصمت فيه الكلمات وتتحدث القلوب وتتوحد ، اليوم الذي يشهد فيه الله " وهو خير شاهداً " على ارتباط شابين رباطاً وثيقاً وميثاقاً غليظاً كما أسماه القرآن الكريم ، يوم الزفاف ، كل ما كان محرماً يصبح حلالاً بكلمة الله ، كل ما كان مجهولاً غامضاً يصبح سهل المنال ، يوم تتغير وجوه الأحبة ونفارق وجوهاً عاشرناها سنوات طوال ونعشق وجوهاً أخرى ، ونسكن منازل جديدة غامضة لا نعرف ماذا ينتظرنا بها السعادة ام الشقاء ، الفتاة التي طالما خجلت من وجود أخيها أو أبيها معها في منزلها ، تصبح زوجة وأنثى مكتملة الأنوثة لها رجل لا تخجل معه من شيء ، تشاركه أفراحه ، وأحزانه ، وكلماته ، وغضبه ، وحنانه ، ومشاعره ، وتهدهده كطفلها البكر وتربت على كتفه إذا غضب ويلقي على صدرها كل همومه وأسراره ، ومع هذه الأسرار والأحلام ينمو البيت الصغير وتكبر جدرانه وتمتد جذوره في ارض الواقع ، ليصبح هذا البيت القلعة الحصينة ، التي يرفض الزوجان المساس بها من أي غريب .. ويصبح البيت الجديد أحب مكان على الأرض يأوي الحبيبين .
أفكار كثيرة تدور اليوم في عقل العروسين " ساره وعمر " بلا تفرقة اليوم لأنهما أصبحا كياناً واحداً .
ساره
جالسة تضيء جمالاً بفستانها الأبيض الملائكي ، الذي يحمل كل أسرار العذارى وغموض الأنثى ودلالها .
وعمر المكتمل الأناقة في بدلته السوداء ، والذي يشعر باكتمال رجولته لأنه أخيراً سيكتمل وجوده في هذا العالم ، باقترانه بنصف روحه وأنثى حياته
ساره .
وقلوب الجميع خاشعة من فرط السعادة ، والدعاء لله أن يكلل هذا الارتباط ببركته ورضاه سبحانه وتعالى .
وأذان الجميع متعلقة بشفاة " المأذون " الذي يتلو آيات المودة والرحمة ويقول خطبة الزواج ويتوقف عند آية : " وأخذنا منكم ميثاقاً غليظاً " .. ليوصي بها عمر أن الرجل يأخذ زوجته أميرة من منزل أهلها ، ويعقد معهم ميثاقاً غليظاً بألا يجعلها أسيرة في منزله .. فلا ينسى هذا العهد أبداً ويوصيه بأخلاق الرسول مع زوجاته ، ثم يوصي ساره أن تجعل زوجها قرّة عينها ، ووطنها الذي لا ترضى عنه بديلاً ، وتلمع العيون سعادة وخشوعاً عندما يعلن المأذون إنهما الآن زوجين أمام الله وأمام العالم ، وتبكي ساره فيقترب منها عمر ويلمس يدها لأول مرّة ويقبّلها ويوعدها ألا تبكي ابداً مادام هو حياً على هذه الأرض ، فتبتسم وترتعش من لمسة يد زوجها الحبيب وتقول : "فلنعقد الآن قراننا بنفسنا" .. وتهمس له : زوّجتك نفسي على سنة الله ورسوله وعلى الصداق المسمّى بيننا ، فيهمس لها : وأنا قبلت زواجك يا زوجتي ، وحبيبتي وسكني وداري وجنّتي ... وقرّة قلبي .
********************