قصة قصيرة 1998
__________________________________________________ _____________
تنحدر دمعتان من عيناى وانا أراهم يقطعون أشجار النخيل , أرجع بذاكرتى الى الوراء عندما كنت صغيرا أهيم مع أقرانى نلتقط البلح الاخضر المتساقط على الارض تاركين اياه قليلا تحت وهج الشمس ليصير طعمه لذيذا فنأكله.. كنا نتفاخر بكم ما نجمعه ونغنى للرياح التى تهز النخيل سائلين اياها المزيد. أما عند نضوج البلح فكنا نلتف حول النخيل ننتظر العراجين المقطوعة حتى تسقط على الارض لنسرع بجمع ما يتبعثر منها وعندما ننتهى من مهمتنا يدور اصحاب النخيل يوزعون ما يجودون به علينا فنجرى فرحين الى امهاتنا نفرغ ما جمعناه فى حجورهن ويوما بعد يوم يكثر البلح وتمتلئ صوامعنا وعند حلول رمضان يصبح أول ما افطر عليه عندما يأخذنى والدى معه لصلاة المغرب بالمسجد.. أتذكر الشيخ صالح واسرته كيف كانوا يصنعون من سعف النخيل روائع فنية تبهر السياح.. كيف اهدانة "برنيطة" ما زلت احتفظ بها معلقة فى احد جدران حجرتى اتطلع اليها من حين لاخر...ها هى عربات الرمل والزلط عادت لتوقظنى من شرودى... تدمى اذناى بضجيجها المتواصل تفرغ حمولتها لتعود لتملأها من جديد بينما النخيل يتساقط الواحدة تلو الاخرى وعلى مقربة يتناقش اصحاب الارض فى مشاريعهم غير منبهين الى ذلك الباكى الذى يراقبهم ودمعاته تتساقط مع تساقط النخيل.. لا اعرف لماذا يتملكنى الشعور بالعجز لابد ان افعل شيئا لم يبق سوى نخلة واحدة وها هو منصور يقترب بفأسه.. لا لابد من منعه... اسرع.. احيط النخلة بذرعاى.. اتشبث بها... تتجمهر الناس واسمع كلمة مجنون تتردد من حولى وسباب من اصحاب الارض.. يزمجر منصور يمسكنى من ذراعى بقوة ويسلمنى لهم.. يجرونى من ثوبى .. بشلون حركتى.. تتأرجح النخلة تهوى وتهوى معها ذكرياتى
__________________________________________________ ____________
نشرت بجريدة الكورة والملاعب ونالت استحسان الاستاذ فتحى عبد الفتاح محرر صفحة الادب بجريدة الجمهورية فى تلك الاوقات
المفضلات