المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حروف المعاني



أ / الطيب الشنهوري
26-05-2015, 03:38 PM
قال المرادي رحمه الله:
يكون حرف معنى في موضعين: الأول: قولهم في القسم: مُ اللهِ، بضم الميم. فالميم في ذلك حرف جر، عند قوم من النحويين. وذهب قوم إلى أنها بدل من واو القسم. ورد بأنها لو كانت بدلاً منها لفتحت، كما تفتح الواو، وبأن إبدال الميم من الواو لم يوجد، إلا في كلمة واحدة، مختلف فيها، وهي فَمٌ. وذهب قوم إلى أن هذه الميم اسم، وهي بقية "ايمن". واختاره ابن مالك. وحكى في هذه الميم الفتح والكسر أيضاً، فهي مثلثة. وذهب الزمخشري إلى أن قولهم (مُ الله) هي مُن التي تستعمل في القسم، حذفت نونها.
الثاني: الميم التي هي بدل من لام التعريف، في لغة طيىء. وقيل: هي لغة أهل اليمن. كقول الشاعر:
ذاك خليلي، وذو يواصلني ... يرمي ورائي، بامسهم، وامسلمه
وروى النمر بن تولب، قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: "ليس من امبر امصيام في امسفر". قال ابن يعيش في شرح المفصل: لم يرو النمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، غير هذا الحديث.
قلت: في عد هذه الميم من حروف المعاني نظر، لأنها بدل لا أصل. وأيضاً فإن هذا مبني على القول بأن حرف التعريف أحادي والهمزة غير معتد بها.
وذكر أبو البقاء أن الميم في أنتم حرف معنى

حروف المعاني.
الكلام على الحرف.

الجزء الثاني:تابع الحروف الثنائية:

و(أل) لتعريف الجنس أو جميع أفراده أو فرد منه معينٍ نحو الرجل خير من المرأة، {إِنَّ الإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (*) إِلاّ الَّذِينَ آمَنُوا}، {وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}، وتجيء زائدة نحو الآن والنعمان.
و(أم) للمعادة بعد همزة الاستفهام أو للتسوية نحو {أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ}، {وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ}، وتجيء بمعنى بل نحو {هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ}.
و(أن) تكون مصدرية ومفسّرة وزائدة ومخففة من أَن نحو {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}، {فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ}، {فَلَمّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ}، {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى}.
و(إن) للشرط وللنفي وتجيء زائدة ومخففة من إنَّ نحو إن ترحم تُرْحَم. إن هم إلا في غرور.
ولقد ندمتُ على الكلام مراراً
ما إن ندمتُ على سكوت مرّة
{وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ}.
و(أو) لأحد الشيئين نحو خذ هذا أو ذاك. وتجيء في مقابلة إما نحو العدد إما زوج أو فرد، وبمعنى بل نحو {وَأَرْسَلْناهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ}.
و(أي) للنداء وللتفسير نحو أيْ رب، هذا عسجد أي ذهب
و(إي) للجواب ويذكر بعده قسم دائماً نحو {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ}. والغالب وقوعها بعد الاستفهام كما رأيت.
و(بل) للإضراب عن المذكور قبلها وجعلها في حكم المسكوت عنه نحو ما ذهب خالد بل يوسف. وجهه بدر بل شمس.
و(عن) للمجاوزة وللبدلية نحو خرجتُ عن البلد {لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً}.
و(في) للظرفية وللمصاحبة وللسببية نحو: في البلد لصوص. ادخلوا في أمم، ((دخلت امرأةٌ النار في هرة حَبَستها)).
و(قد) للتحقيق وللتقليل وللتوقع نحو {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها}، قد يجود البخيل، قد يقدَم المسافر الليلةَ.
و(كي) للمصدرية وهذه مع ما بعدها في تأويل مصدر كـ(أن) نحو: أخلِصوا النيات كي تنالوا أعلى الدرجات. جدّ لِكَي تجد.
و(لا) تكون ناهية وزائدة ونافية نحو {لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}. {ما مَنَعَكَ أَلاّ تَسْجُدَ}، {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى}، وقد تقع النافية جواباً وعاطفة وعاملة عمل إنْ نحو قالوا أتصبر؟ قلت لا. أكرم الصالح لا الطالح، لا سمير أحسن من الكتاب.
و(لم) لنفي المضارع وجزمه وقلبه إلى المضيّ نحو {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}.
و(لن) لنفي المضارع ونصبه وتخليصه للاستقبال نحو:
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصَّبرا
و(لو) للشرط وللمصدرية نحو لو أنصف الناس استراح القاضي. {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ} ويقال لها في نحو المثال الأول حرف امتناع لامتناع، أي انتفاء الجواب لانتفاء الشرط.
و(ما) تكون نافية وزائدة وكافة عن العمل ومصدرية نحو {ما هَذا بَشَراً}، {فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ}، {كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ}، {ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِما رَحُبَتْ} وقد يلحظ الوقت مع المصدرية فيقال لها مصدرية ظرفية نحو {وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيّاً}.
و(مذ) للابتداء أو الظرفية نحو ما كلمتُه مذ سنة ولا قابلته مذ يومنا.
و(من) للابتداء وللتبعيض وللتعليل نحو {سُبْحانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى}، {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ}، {مِمّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا}، وتجيء زائدة بعد النفي والنهي والاستفهام نحو {ما مِنْ شَفِيعٍ}، لا يبرحْ من أحد، {هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ}.
و(ها) للتنبيه تدخل على أسماء الإشارة كهذا وهذه الضمائر كهأنذا وهأنتم والجمل نحو: ها إنّ صاحبك بالباب.
و(هل) للاستفهام نحو: هل طلع النهار؟ وتفارق الهمزة في أنها لا تدخل على نفي ولا شرط ولا مضارع حالي ولا إنَّ.
و(وا) للندبة نحو: واحسيناه.
و(يا) للنداء وللندبة وللتنبيه نحو ((يأيها النّاس)). يا حسيناه. {يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (*) بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ}.
و(النون الثقيلة) تدخل على الفعل لتوكيده نحو {لَيُسْجَنَنَّ} ولا تلحق الماضي أبداً.
يتبعه الجزء الثالث( الحروف الثلاثية) إن شاء الله تعالى.


قال البیتوشي رحمه الله:
الرابع: لام التعریف. عند من جعل أداة التعریف أُحادیة وهم المتأخرون ونسبوه إلی سیبویه، ولکن صریح کلام سیبویه أنها ثنائیة ولذا جریت علی ذلک في النظم کما سیجيء في الثنائي إن شاء الله.
وزاد ابن هشام قسما خامسا: وهو (اللام الاحقة) لأسماء الإشارة من نحو (ذلک، وتلک) للدلالة علی البعد أو علی توکیده، علی خلاف في ذلک وأصلها (السکون) کما في (تلک) وکسرت في (ذلک) لالتقاء الساکنین، کما قال ابن هشام، ولم تفتح لئلا تلتبس بلام الملک وعدها (مکي) من حروف المعاني علی القول بأنها للفصل بین اسم الإشارة والکاف، لئلا یظن أنه مضاف إلی الکاف.
وسادسا وهو (لام التعجب): "الغیر الجارة نحو لَظَرُف زیدٌ.
ولکرُمَ عمرو، وبمعنی ما أظرفه وما أکرمه. قال: (ذکرها ابن خالویه في کتابه المسمی بـ"الجمل") وعندي أنها إما لام الابتداء دخلت علی الماضي لشبهه بجموده بالاسم، وإما لام جواب قسم مقدر.


قال المرادي رحمه الله:
الثالث: لام الصيرورة. وتسمى لام العاقبة، ولام المآل. ذكرها الكوفيون، والأخفش، وقوم من المتأخرين، منهم ابن مالك. كقوله تعالى " فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا " (القصص: 8). وهذا اللام، عند أكثر البصريين، صنف من أصناف لام (كي). وهي عند الكوفيين ناصبة بنفسها، كما تقدم في لام كي.
الرابع: اللام الزائدة. نحو قوله تعالى " يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ " (النساء: 26)، "وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ" (الأنعام: 71)، وقول الشاعر:
أريد لأنسى ذكرها، فكأنما ... تمثل، لي، ليلى، بكل سبيل
فاللام في ذلك، ونحوه، زائدة عند قوم من النحويين.
وذهب المحققون إلى أنها لام (كي). ولهم في توجيه ذلك قولان: أحدهما أن المفعول محذوف، واللام للتعليل، والمعنى: يريد الله ذلك ليبين. وأمرنا بما أمرنا به لنسلم. وأريد السلو لأنسى ذكرها. والثاني ما حكي عن سيبويه وأصحابه، أن الفعل مقدر بالمصدر، أي: إرادة الله ليبين، وأمرنا لنسلم. فينعقد من من ذلك مبتدأ وخبر. قلت: قال سيبويه: وسألته - يعنى الخليل - عن هذا، يعنى البيت المتقدم، فقال: المعنى إرادتي لأنسى.
فإن قلت: ما حقيقة هذا القول؟ قلت: هو كالقول الذي قبله في أن اللام للتعليل، ولكن معمول الفعل، على القول الأول، حذف اختصاراً، فهو منوي لدليل. وعلى هذا القول حذف اقتصاراً، فهو غير منوي، إذ لم يتعلق به قصد المتكلم، فيصير الفعل على هذا كاللازم. ولذلك انعقد من ذلك مبتدأ وخبر. وهو تقدير معنوي لا إعرابي. وهذا معنى قول ابن عطية، بعد ذكره القولين: وقول الخليل أخصر وأحسن.
الخامس: اللام التي بمعنى أن. ذهب إلى ذلك الفراء، ونقله ابن عطية عن الكوفيين. قال الفراء: العرب تجعل لام (كي) في موضع (أن)، في: أمرت، وأردت. قال تعالى " يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا " (الصف: 8)،"وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ" (الأنعام: 71). وقد سبق تأويل ذلك.
السادس: اللام التي بمعنى الفاء. ذكر ذلك قوم، وجعلوا منه قوله تعالى: " فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا " (القصص: 8)، وقوله تعالى " رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ" (یونس: 88) أي: فكان لهم، وفضلوا. وقول الشاعر:
لنا هضبة، لا ينزل الذل وسطها ... ويأوي إليها المستجير، ليعصما
أي: فيعصما.
ولا حجة لهم في شيء من ذلك، لأن اللام في الآيتين لام الصيرورة، وقد تقدم ذكرها، وفي البيت لام (كي). وأيد بعضهم قول من جعلها في البيت. بمعنى الفاء، بأنه قد روي بالفاء. قلت: الرواية
بالفاء هي المشهورة، ولكن الفاء ليست أصلاً، في هذا الموضع، فتحمل عليها اللام، لأن نصب الفعل بعد الفاء في الواجب إنما يجوز لضرورة الشعر.
فهذه أقسام اللام العاملة.


قال المرادي رحمه الله:

الثاني: لام الجحود. وهي اللام الواقعة بعد "كان" الناقصة المنفية الماضية لفظاً، أو معنى. نحو: ما كان زيد ليذهب، ولم يكن زيد ليذهب. وسميت لام الجحود، لاختصاصها بالنفي. قيل: ولا يكون قبلها من حروف النفي إلا "ما" و "لا "دون غيرهما. قلت: الظاهر مساواة "إن" النافية لهما في ذلك.

وقد جعل بعضهم اللام في قوله تعالى " وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ " (إبراهیم: 46) لام الجحود، على قراءة غير الكسائي وأجاز بعض النحويين وقوع لام الجحود بعد أخوات "كان" قياساً عليها. وأجاز بعضهم ذلك في "ظننت". وقال بعضهم: تقع في كل فعل، تقدمه فعل منفي. نحو: ما جئت لتكرمني. والصحيح أنها لا تقع إلا بعد "كان" الناقصة، كما تقدم.
فإن قلت: ما هذه اللام التي في قوله:
فما جمعٌ ليغلب جمع قومي ... مقاومة، ولا فرد لفرد
قلت: هي لام الجحود، و(جمع) اسم (كان) المحذوفة. أي: فما كان جمع، كما قال أبو الدرداء في الركعتين بعد العصر: (ما أنا لأدعهما). أي ما كنت لأدعهما.

واعلم أن الخلاف في لام الجحود كالخلاف في لام كي. ففيها المذاهب الثلاثة. ومذهب البصريين أنه لا يجوز إظهار أن بعدها، بل يجب إضمارها. واختلف النقل عن الكوفيين، فحكى ابن الأنباري عنهم منع ذكر أن بعدها. وحكى غيره عنهم جواز ذكرها توكيداً.

قال المرادي رحمه الله:
القسم الثالث: الناصبة للفعل. فإنما قال بها الكوفيون. وأما البصريون فهي عندهم لام جر، والناصب "أن" مضمرة بعدها. وهو الصحيح لثبوت الجر بها في الأسماء. وقد أمكن إبقاؤها جارة، بتقدير "أن"، لأن المصدر المنسبك من "أن" المقدرة والفعل مجرور بها. وأيضاً فظهور "أن" بعد هذه اللام، في بعض المواضع، موضح لما ادعي، من الإضمار.
وذكر لهذه اللام، الناصبة للفعل، ستة أقسام: الأول: لام "كي"، وهي لام التعليل. وسميت لام "كي" لأنها تفيد ما تفيده "كي" مع التعليل. وفي هذه اللام مذاهب: مذهب أكثر الكوفيين أنها ناصبة، بنفسها.
وقال ثعلب: ناصبة، لكن لقيامها مقام "أن".
وقال البصريون: جارة، والناصب مقدر بعدها، وهو "أن".
وقال ابن كيسان، والسيرافي: يجوز أن يكون "أن"، ويجوز أن يكون "كي".
ومذهب الجمهور أن "كي" لا تضر.
ويجوز إظهار "أن" المضمرة بعد هذه اللام، فتقول: جئت لتكرمني، ولأن تكرمني. إلا إذا قرن الفعل بـ(لا) النافية، أو الزائدة، فإن إظهار "أن" في ذلك واجب. نحو " لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ " (الحدید: 29).
فإن قلت: إذا ظهر بعدها "أن" أو "كي" فماذا يقول الكوفيون؟ قلت: يقولون: إن كلا منهما مؤكد للام الناصبة. هكذا نقل عنهم.



قال البیتوشي رحمه الله:
ودخلت (اللام التي لجواب القسم) علی(إذ) تشبیها لها بـ(إن) فیما أنشده ابن جني في سر صناعة الإعراب من قول الشاعر:
غضبت علي لِأن شربتُ بجزَّة .......... فَلَإذ غضبت لأشربَن بخروف
وهو غریب. قال ابن هشام: "وهو نظیر دخول الفاء في: " فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ" (النور: 13) شبهت (إذ) بـ(إن) فدخلت الفاء بعدها کما تدخل في جواب الشرط".
قال المرادي: "وقد تحذف والقسم محذوف نحو: "وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ" (المائدة: 73)، " وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ" (الأعراف: 23).
وقیل: هي منوبة في نحو ذلک" انتهی قوله.
وقیل... الخ هو ظاهر عبارة ابن هشام في المغني.
وقد یجاأ بـ(لئن) بعدما یغني عن جواب الشرط، فیحکم بزیادة اللام کقوله:
ألمِمبزینبَ إنَّ البینَ قد أفِدا .......... قلَّ الثَّواء لئن کان الرحیل غدا
لأن جواب (إن) محذوف مدلول علیه بما قبلها، فلو کان ثَم قسم مقدر لزم الإجحاف بحذف جوابین وکذا یحکم بزیادة اللام في نحو قوله:
لئن کانت الدنیا عليَّ کما أری .......... تباریح من لیلی فلَلموتُ أروحُ
وقوله:
لئن کان ماحُدِّثتَه الیوم صادقا .......... أصُم في نهار القیظ للشمس بادیا
لأن الشرط أجیب بالجملة المقرونة بالفاء في الأول، وبالفعل المجزوم في الثاني.



قال البیتوشي رحمه الله:
فلو کانت اللام للتوطئة لم یجب إلا القسم، لأنه متی اجتمع شرط وقسم استغنی بجواب المتقدم منهما علی جواب المتأخر اعتناء بالمتقدم.
نعم إذا تقدمها ذو خبر جاز جعل الجواب للشرط مع تأخره نحو: زید والله إن یقم أقم. خلافا لابن مالک في إیجابه ذلک في التسهیل والکافیة وخالف ذلک في الألفیة فقال:
وَإنْ تَوَالَيَا وَقَبْلُ ذُو خَبَرْ………… فَالشَّرْطَ رَجِّحْ مُطْلَقاً بِلَا حَذَرْ
وجاز حینئذ جعل الجواب للقسم لتقدمه فتقول: زید والله إن یقم لأقومن والأرجح مراعاة الشرط تقدم أو تأخر، لأن إسقاط الشرط مخل بمعنی الجملة التي هو منها بخلاف القسم لإنه لمجرد التوکید ولا یجوز جعل الجواب للشرط مع تأخره إن لم یتقدمهما ذوخبر خلافا لابن مالک والفراء وما استدلا به من نحو: لئن کان ماحُدِّثتَه....................................... .......................
البیت السابق، فهو عند البصریین ضرورة أو اللام زائدة کما ذکرنا لا موطئة.
ذکره في التوضیح.



قال العلّامةُ الکُردي البیتوشي رحمه الله:

الثالث: اللام الداخلة علی أداة الشرط للإیذان بأن الجواب بعدها مبني علی قَسَمٍ قبلها، لا علی الشرط، ومن ثَمّ تسمی المؤذنة والموطئة لتوطئتها وتمدیدها الجواب للقسم نحو والله لئن أکرمتَني لأکرمنَّک. فإن کان القسم مذکورًا لم تلزم، وإن کان محذوفا لزمت غالبا، نحو: "لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ" (الحشر: 12) وأکثر دخولها علی إِن وقد تدخل علی غیرها کقوله:
لمتی صلحتَ لیُقضَیَن لک صالح ............... ولتُجزَیَنَّ إذا جَزیتَ جمیلا
ولهذا الأحسن في: " وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ" (آل عمران: 81) الا تکون موطئة و (ما) شرطیة، بل للابتداء و (ما) موصولة لأنه حمل علی الأکثر.


قال المرادي رحمه الله:
فأما اللام التي هي جواب القسم فتدخل على الجملة الاسمية والفعلية. نحو: والله لزيد قائم، "وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ" (الأنبیاء: 57).، و" قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا" (یوسف: 91).
والأكثر في الماضي المتصرف، إذا وقع جواباً، اقترانه بـ(قد) مع اللام. وقد يستغنى عن "قد" كقول امرىء القيس:
حلفت لها بالله، حلفة فاجر ... لناموا، فما إن حديث، ولا صالي
وذهب قوم إلى أنه لابد، في ذلك، من «قد» ظاهرة أو مقدرة. وقال ابن عصفور: إن كان الفعل قريباً من زمان الحال أدخلت عليه اللام و"قد"، لأن "قد" تقربه من الحال. وإن كان بعيداً منه أتيت باللام وحدها. ومنه قوله (لناموا).
ولا إشكال في أن لام القسم مغايرة للام الابتداء. وقول صاحب رصف المباني وإذا تأملت هذه اللام فهي لام الابتداء، ولام التوطئة غير صحيح.


قال البیتوشي رحمه الله:
القسم الثاني: (من أقسام اللام غیر العاملة):
لام الجواب: وهي کما قال ابن هشام والمرادي وغیرهما ثلاثة أقسام:
جواب (لو): نحو: " لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا" (الفتح: 25).
وجواب (لولا): نحو: " وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ" (البقرة: 251).
وجواب (القسم): " قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا" (یوسف: 91) و "وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ" (الأنبیاء: 57).
وزعم أبو الفتح أن اللام بعد(لو، ولولا، ولوما) جواب قسم مقدر، ورده ابن هشام بأنه تعسفف وتقدیر شيء مستغنی عنه.


قال البیتوشي رحمه الله:

تنبیه ثالث
للام الابتداء الصدارة في غیر باب (إنَّ) ولذا علقت العامل في نحو لزید منطلق، ومنعت من النصب علی الاشتغال في نحو: زید لأنا أکرمه.
ومن تقدیم الخبر علیها في نحو لزید قائم والمبتدأ في نحو لقائم زید.
وأما:
أم الحلیس لعجوز شهربة
فقال المرادي: "إنها زائدة فیه في الخبر ندورا".
وأوَّله بعضهم علی حذف المبتدأ والتقدیر: لهي عجوز، وضعفه المرادي بأن حذف المبتدأ " مناف للتوکید الذي جيء باللام لأجله".
قلت: ولا یبعد أن یقال: إن المحذوف في مثله في حکم المقدر.
وقال بعض مَن فرَّق بین اللام الزائدة ولام الابتداء أنها فیه الزائدة لا ابتدائبة.
وأما في باب (إنَّ) فلیس لها الصدر ولأنها کما قال ابن هشام تبعا لابن جني وغیره مؤخرة من تقدیم ولهذا تُسمّی (المزحلقة) بالقاف والفاء، إذ أصل (إن زیدا لقائم): (لئنَّ زیدا لقائم). فکرهوا افتتاح الکلام بتوکیدین نظیر کراهتهم اتصال الفاء بـ(أمّا) في أمّا زید فقائم، فأخرو اللام هنا کالفاء ثَمَّ دون إنّ لئلّا یتقدم معمول الحرف علیه.


قال البیتوشي رحمه الله:
تنبیه
من أصناف لام الابتداء اللام الفارقة وهي الواقعة بعد إن المخففة المکسورة نحو: " وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً" (البقرة: 143) وهو رأي سیبویه.
والأکثرون فیها قالوا أفادت - مع إفادتها لتوکید النسبة وتخلیص المضارع للحال - الفرق بین (إن) المخففة من الثقیلة و (إن) النافیة، ولهذا الزمت خبر (إن) بعد ما کانت جائزة إلا عند وجود دلیل من نحو إعمالها في معرب إعرابا لفظیا کقراءة الحرمیین: ") وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ" (هود: 111) بخفیف (إن) و (لَمَا) فیجوز اثباتها، ویجوز حذفها بخلاف إن هذا أو الفتی لذاهب، وأنت معتقد إعمالها ، فیجب اثباتها لعدم ظهور الإعراب الفارق ویجب ترکها کما قال ابن هشام مع نفي الخبر، کقوله:
إنِ الحقَّ لا یخفی علی ذي بصیرة ### وإن هو لم یَعدم خلافَ معانِدِ

قال العلّامة الکردي "البیتوشي" رحمه الله:
وتدخل اللام علی ثلاثة باختلاف:
الأول: الماضي الجامد (إن زیدا لعسی أن یقوم). إذ الجامد یشبه الاسم. ونفاه الجمهور.
والثاني: المقرون بـ(قد) نحو: (إن زیدا لقد قام) وارتضاه الجمهور،.
والثالث: المجرد من (قد) نحو: (إن زیدا لقام). ومنعه الجمهور.
وفي غیر ماذکر في شیئین باختلاف:
خبر المبتدأ المقدم لقائم زید. وجوازه مقتضی کلام بعض. والفعل لیقوم زید. وأجازه ابن مالک وغیره لحلوله محل الاسم ولمشابهته له في الابهام والتخصیص.
وزاد بعضهم: الماضي الجامد "لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (المائدة: 62). وآخرُ: المتصرف مع (قد):
"وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ" (الأحزاب: 15) والمشهور أنها للقسم.
وقال ابن هشام: "ونص جماعة علی منع ذلک کله".
وقال ابن الخباز: لاتدخل لا الابتداء علی الجملة الفعلیة إلا في یاب (إنّ) وهو مقتضی ما في أمالي ابن الحاجب، من أن لام الابتداء یجب معها المبتدأ تبعا لقول الزمخشري في " وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى" (الضحی: 5) أن لام الابتداء لا تدخل إلا علی المبتدإ والخبر، وذکر في الکشاف أن لام (لَأُقسِمُ) والقراءة المشهورة: "لَا أُقْسِمُ" (القیامة: 1)، " وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى" (الضحی: 5) هي لام الابتداء، دخلت علی مبتدأ محذوف، أي: لأنا أُقسم، ولأنت یعطیک، قال ابن هشام: (ولم یقدرها لام القسم لأنها عنده ملازمة للنون) انتهی.


قال العلّامة الکردي "البیتوشي" رحمه الله:
القسم الثاني من أقسام اللام: غیر العاملة:
وهي أربعة کما ذکرنا:
الأول: لام الابتداء وفائدتها توکید مضمون الجملة قاله الزمخشري وغیره، زادا الأکثرون: وتخلیص المضارع للحال وأجابوا عما یرد علیه مما تدخل فیه علی ما یدل علی الاستقبال من نحو: "وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (النحل: 124). بأن الحکم في ذلک الیوم غیر مشکوک فیه فمنزل منزلة المشاهد الحاضر.
وأَوَّلوا: " قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ" (یوسف: 13) علی تقدیر: قصد أن تذهبوا.
و(القصد) حال.
وتدخل باتفاق في موضعین:
(المبتدأ) " لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً " (الحشر: 13).
وبعد (إِنَّ) علی ثلاث باتفاق:
1 - الاسم نحو: " إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ" (إبراهیم: 39) وإن في الدار لزیدا.
2 - والمضارع لشبهه به نحو: "وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ" (النحل: 124).
3 - والظرف نحو: " وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ" (القلم :4).
وعلی ثلاثة باختلاف.........