المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التعجب



أ / الطيب الشنهوري
28-04-2012, 11:23 PM
التعجّب


التعجب هو استعظامُ فِعْلِ فاعِل
وله صيغتان قياسيتان هما: ( ما أَفْعَلَهُ ) و ( أَفْعِلْ بِه ).
مثال استعمالهما قولك في التعجب من حُسن الربيع:
ما أَجْمَلَ الربيعَ وأَجْمِلْ بالربيع .

فإذا تعذّر صوغ هاتين الصيغتين
أمكن التوصل إلى التعجب بأن يُؤتى
بمصدر بعد أَكْثَر أو أَعْظَم ونحوهما.
فيقال مثلاً: ما أَعْظَمَ إنسانيّةَ زهير،
وأَعْظِمْ بإنسانيته،
و ما أَكْرَمَ استقبالَه، وأَكْرِم باستقباله.
أحكام:
1- لا تَعَجُّبَ إلا من معرفة ،
وأما النكرة فلا يتعجب منها،
فلا يقال مثلاً: ما أجمل ربيعاً
ولكن إذا تخصّصتْ النكرة جاز ذلك.
نحو: ما أجمل ربيعاً تَكْثُر أزهارُه .
فقد خصصت النكرة بالوصف .

2 - صيغتا التعجب هما هما،
لا تغيير فيهما، ولا تقديم ولا تأخير.

تقول:
يا رجل ويا رجلان ويا رجال أَجْمِلْ بالربيع
يا امرأة ويا امرأتان ويا نساء أَجْمِلْ بالربيع
3 - الفعل المضعف مثل: عزّ وحبّ وشدّ وعدّ وقل
يُفَكّ إدغامه في صيغة أفعِلْ به،
فيقال: أَعْزِز وأَحْبِبْ وأشدد وأعدد وأقلل
4 - في صيغتي التعجب تُصَحَّح عينُ المعتل ،
نحو: ما أطْوَلَ ليلَ المريض، وأطوِلْ به.

تذييل:
قد يكون التعجب من الشيء بواسطة يا،
في تراكيب ثلاثة، لا تتغيّر ولا تتبدّل.
مثالها أن تتعجّب من روعة البحر
فتقول: يا بَحر، يا لَلْبحرِ، يا بَحْرا.
وقد يستعمل العربي في تعجّبه، كلمةَ العجَب نفسها،
فيقول:
يا عَجَبَا و يا لَلْعَجَب.

* * *


نماذج فصيحة من استعمال التعجب :


· قال جميل بثينة :


وتثاقلتْ لمّا رأتْ كلفي بها :
أَحْبِبْ إليَّ بذاك مِن مُتَثاقِلِ


أَحْبِبْ: الصيغة هذه صيغة أمر.
والأمر إذا كان مبنياً على السكون - كما ترى هنا -
جاز فيه وجهان: الفكّ والإدغام، أي: أحبِب وأَحِبَّ.
لكنّ المُجمَعَ عليه، أن صيغة التعجب: أفعِلْ به من الفعل المضعّف
نحو: عزّ وحبّ وشدّ إلخ...
لا يجوز فيها إلا الفكّ. فيقال: أعزِزْ وأَحبِبْ وأشْدِدْ إلخ..
وعلى ذلك جاء قول جميل: أحببْ.
فالإدغام إذاً هنا ممتنع، وإن كان في غير صيغة التعجب جائزاً.
- ومنه قول عليّ - كرم الله وجهه -
وقد رأى عمارَ بن ياسر - أبا اليقظان - صريعاً يوم صفين
أَعْزِزْ عَلَيَّ - أبا اليقظان - أن أراك صريعاً مُجَدَّلاً.
( همع الهوامع 5/61):
وقال رضي الله عنه ما أَطْوَلَ هذا العناءَ وأبعد هذا الرجاءَ.
( نهج البلاغة - د. الصالح /277)
ما أطوَلَ: هاهنا مسألة إعلالية،
إذ القاعدة أن حرف العلة إذا وقع في حشو الكلمة،
نُقلت حركته إلى الحرف الساكن الصحيح قبله.
ولكن يستثنى من هذه القاعدة صيغتا التعجب:
ما أَفعلَه وأفعِلْ به فلا تُعَلاّن.
ولولا تصحيح الواو في قوله: ما أطول.
لقُلبت ألفاً فقيل: ما أطال هذا العناء.
- قال الطغرائي:


أُعَلِّل النفسَ بالآمال أَرقُبُها :
ما أضيقَ العيشَ لولا فُسحةُ الأَمَلِ


يقال هاهنا ما قيل آنفاً في قول عليّ،
ولولا تصحيح الياء لقيل: ما أضاق.
- قال امرؤ القيس :


أرى أُمّ عمروٍ دمعُها قد تحدّرا :
بكاءً على عمروٍ، وما كان أَصْبَرا


ما كان أصبرا فيه مسألتان:
الأولى: زيادة كان بين ما التعجبية وصيغة أفعل.
وهو جائز .
والثانية: أن الشاعر حذف المتعجب منه وهو الضمير ها،
إذ الأصل: وما كان أصبرها،
وإنما حذفه لدلالة السياق عليه، وحذفُ ما يعلم جائز.
- ومنه قول عليّ - كرّم الله وجهه - :


جزى اللهُ قوماً قاتَلوا في لقائهم :
لدى الرَّوع قوماً ما أعزّ وأكرما


فقد حذف المتعجب منه مرتين وهو الضمير هم،
إذ الأصل: ما أعزهم وأكرمهم.




* * *

الكفاف
ليوسف الصيداوي