تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الدور الأمريكي لإجهاض الثورات



جهاد 2000
29-03-2012, 07:15 PM
الدور الأمريكي لإجهاض الثورات

الاربعاء 05 جمادى الأولى 1433 الموافق 28 مارس 2012

الإسلام اليوم/ تونس

على الرغم من الهبَّة الثورية التي انطلقت في تونس قبل نهاية عام 2010، والتي كانت بمثابة مفاجأة للغرب عمومًا والولايات المتحدة خصوصًا، فإنها كانت مفاجأة للتونسيين أنفسهم، بل وللعرب أيضًا، مما جعل الشعوب العربية تعد للشيء نفسه، إلى أن كانت الثورات التي اندلعت في مصر وليبيا واليمن وسوريا.

الولايات المتحدة، والتي ترى في نفسها أنها الأحق بامتلاك مفاتيح القوى المختلفة، ليس في منطقة الشرق الأوسط وحدها، ولكن في العالم أجمع، حاولت ولا تزال تعمل بقدر المستطاع على تغيير مشهد الثورات بما لا يؤدي إلى تغيير موازين القوى في بلاد الثورات، وحتى لا تمتد إلى مزيد من الدول لإجهاض أية محاولات ثورية أخرى ضد الأنظمة القائمة.

هذا الدور الذي تقوم به الولايات المتحدة حاليًا ينسحب على العديد من الدول العربية التي قامت شعوبها بالثورات، ولن تتوقف عن وقف دعمها بما لا يؤدي إلى تحقيق الشعوب لمرادها، بأن تتحرر من ربقة التبعية والإذلال للقرار الأمريكي.

وفي ذلك تسعى الإدارة الأمريكية وفق سياسات ثابتة لا ترتبط بمتغيرات البيت الأبيض أو الإدارات الأمريكية المتعاقبة، لتكون الثورات بمثابة إعادة إنتاج للأنظمة العربية التي قامت الشعوب العربية بخلعها، ليظل التغيير في الوجوه وليس في الأنظمة من حيث الحكم وسياساته.

ولهذا الهدف تعمل الولايات المتحدة منذ توالي سقوط الطغاة؛ زين العابدين بن علي وحسني مبارك ومعمر القذافي وعلي عبد الله صالح، وتعيد التخطيط للسيناريو الجديد في سوريا.

وفي هذا السياق تسعى الولايات المتحدة إلى إطالة الفترة الانتقالية في بلاد الثورات، بما لا يؤدي إلى نجاح الثورات ذاتها، بحيث لا تنجح الشعوب العربية في بناء بلادها الجديدة وفق نجاح ثوراتها، وهو ما تعمل الولايات المتحدة بالفعل على تحقيقه بصور مختلفة في تونس واليمن ومصر.

ففي تونس، تم إطالة المرحلة الانتقالية باختيار رئيس توافقي، وليس بالضرورة هنا أن يكون اختياره استجابة لضغوط وتدخلات أمريكية، بقدر ما كان هناك دور بصورة أو بأخرى في الشأن التونسي بإطالة الفترة الانتقالية، حتى لا يتم بناء الدولة التونسية وفق الطور الجديد بقيام ثورة الياسمين، وهو الاختيار الذي سيعمل على إطالة المرحلة الانتقالية، مما يجعل البلاد مرشحة لظهور حالات فوضى على نحو ما يحدث حاليًا من استمرار للنظام القديم في مفاصل الدولة التونسية، وهو ذاته النظام الذي يعمل على إجهاض الثورة التونسية ذاتها.

هذه الحالة استخدمتها الولايات المتحدة بصورة أكثر وضوحًا في شأن الثورة اليمنية، فإذا كانت أمريكا تعمل دائمًا من وراء ستار، فقد عملت هذا الشيء في اليمن، عندما تم الاستقرار على الرئيس التوافقي، دون مساس بمفاصل الدولة اليمنية، بالشكل الذي يؤدي إلى استمرار النظام القديم في مؤسسات الدولة، دون أن تكون هناك محاولات لبناء دولة جديدة وفق الزخم الثوري الذي عاشته اليمن.

الحال نفسه كان في ليبيا، ولكن على نطاق أوسع ومختلف بعض الشيء، فالولايات المتحدة ترى للدولة الليبية أهمية خاصة، بسبب العمق والاتساع القبائلي، وأنها يمكن أن تكون مرشحة أكثر، ليس للرئيس التوافقي، بقدر ما لرئاسة الوزراء، والخروج برئيس وزراء لا يعلم أحد بدوره في الثورة، علاوة على الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في برقة، والسعي إلى استقلالها كدولة، تمهيدًا لتقسيم ليبيا، وذلك كله باللعب على وتر القبلية، بينما لم تتمكن من لعب الشيء نفسه في اليمن، على الرغم من الحضور القبائلي بها، حيث حرصت على أن يكون السيناريو حاليًا بالرئيس التوافقي، تحاشيًا لإثارة القبائل، في ظل دعم بعضها لتنظيم القاعدة، ولذلك فهي تعمل هناك بقبضة أمنية مغايرة، تعد امتدادًا لنظام البائد علي عبد الله صالح.

وفي سوريا تدرك الإدارة الأمريكية أن هدف الشعب السوري سيتحقق بإسقاط نظام بشار الأسد، لكنها ترغب في إسقاطه بعدما يكون قد ساهم أكثر في إنهاك شعبه، بالصورة التي تجعل الشعب السوري يستعذب ما سواه، حتى لو كان ذلك بإثارة الفوضى، على نحو ما تدير الولايات المتحدة عملياتها حاليًا في المشهد المصري، والذي حاولت فيه الإدارة الأمريكية أن تعمل على إثارته بإشاعة الفوضى من خلال أذنابها، وعبر النظام القديم أيضًا.

وفي هذا السياق استخدمت القوى الغربية ما تستطيع من إشاعة للفوضى بمصر، والحديث عن الرئيس المؤقت، بما يمهد لإطالة الفترة الانتقالية، علاوة على محاولات التخريب، بالشكل الذي يعمل على إنتاج النظام البائد، دون أن تكون هناك محاولات جديدة للبناء على الثورة، وهو نفس المخطط الذي سوف يتواصل خلال الفترة القليلة المقبلة، في ظل حصد الإسلاميين للأغلبية البرلمانية من ناحية، وتأكيد مؤشرات الانتخابات الرئاسية بأن الرئيس الجديد لن يخرج بعيدًا عن المرشحين الإسلاميين من ناحية أخرى.

القراءة السابقة لا تعني تشكيكًا في الثوار الحقيقيين، بقدر ما تعني تشكيكًا فيمن دخلوا على الثورات وانتسبوا إليها، وادعوا أنهم جزء منها، أو من يطلق عليهم بالمتحولين وفق التطور الجديد في حناجر الشعوب بأنها ترغب في إسقاط أنظمتها الاستبدادية، كما أنها لا تعني بالضرورة أن الولايات المتحدة تملك مفاتيح الأمور كما كانت تملكها من قبل، أو كما هي تتخيل، ولكنها محاولات تسعى لتخطيطها عبر أذنابها في بلاد الثورات، الأمر الذي ينبغي أن يتنبه إليه الشعب العربي في بلاد الثورات، وأن يدرك أن بناء دولة قوية خارج بيت الطاعة الأمريكية لن يكون بالسهولة بمكان، وأنه لن يمكنهم العيش في كنف بلاد الثورات في طورها الجديد، بعد ثورة استمرت شهورًا أو ويزيد، بعدما عاشوا في كنف الدولة الاستبدادية عقودًا، عانوا خلالها من التهميش وأشكال عدة من التغييب والتخريب لبنى المجتمع ومؤسساته، مما يجعل بينهم وبين حلمهم مشوارًا طويلًا من الزخم الثوري.

Asmaa Saleh
01-04-2012, 06:52 PM
مقال مهم

جهاد 2000
04-04-2012, 10:22 AM
جزاكِ الله خيراً على المرور.