المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إجرام صهيوني بصلف أمريكي



جهاد 2000
23-03-2012, 12:53 PM
إجرام صهيوني بصلف أمريكي

القاهرة/ الإسلام اليوم

على مدى الأيام الماضية مارست قوات الاحتلال الإسرائيلية أشكالًا عدة من الإجرام، وهو الإجرام الذي لا يعد جديدًا عليها، ليضاف إلى غيره من أشكال الإجرام التي اعتادت عليه في فلسطين التي تحتلها منذ أكثر من 60 عامًا، عندما نظمت غارات متتالية ضد الشعب الأعزل في غزة.

هذا الإجرام جاء في ظل صلف أمريكي وانشغال عربي بثوراته، وصمت إسلامي أصبح معهودًا عن الدول الإسلامية التي لا تزال تنظر إلى حل القضية في إطار غرف التسوية والمساومات، على نحو ما تذهب إليه جامعة الدول العربية.

الإجرام نفسه، جاء وهناك حديث عن مصالحة فلسطينية- فلسطينية، يفترض فيها أن تنهي قرابة خمس سنوات من الشقاق داخل البيت الواحد، وعلى الرغم من نشوئه من قبل، إلا أنه تعاظم خلال العقد الأخير، بعدما كانت المقاومة الإسلامية، وفي مقدمتها حركة "حماس"، على أبواب قيادة الشعب الفلسطيني وهو ما تحقق لها، حتى تآمر عليها أعداء الداخل والخارج، وبسكين مصري قام بنصله نظام حسني مبارك البائد.

الإجرام الصهيوني خلال الفترة الماضية كانت له دلالته المهمة، ففي الوقت الذي أعلنت فيه حركة "حماس" حرصها على التئام المصالحة، وتحرك رئيس الوزراء الشرعي إسماعيل هنية في عدة جولات عربية وإسلامية، جاءت الضربات العسكرية للاحتلال كمحاولة لتقويض الحركة، بتوجيه ضربات عسكرية للشعب الأعزل في غزة، لإرباك الحركة على نحو ما ظهر من تفسير لهذا العدوان، في أمر لا تخفى فيه دلالته من محاولات إسرائيلية لممارسة ضغوط على الحركة، بما لا يساهم في تغيير الموازين لصالح الحركة عند تحقيق المصالحة، ليظل نموذج سلطة رام الله يتصدر المشهد في التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي، دون أن ينسحب إلى الحركات المقاومة، كمحاولة للضغط على هذه الحركات للقبول بالأمر الواقع الذي يذعن للشروط الإسرائيلية وفهم كل ما يمكن أن يكون بحل القضية في إطار من الغرف المغلقة، والتي يتراص فيها من يتآمرون على القضية للمساومة على حقوق الشعب الفلسطيني بدعوى جلب السلام له.

يأتي كل هذا وهناك صلف وليس صمت أمريكي تجاه ما تفعله إسرائيل والتي وجدت في التوقيت الحالي فرصة كبيرة لتقوم بجرائمها في الاستعداد الأمريكي للانتخابات الرئاسية، واستثمار مزيدات اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة على دوائر صنع القرار، على خلفية تأثيره القوي في توجيه الناخب الأمريكي.

ولذلك تعاملت الولايات المتحدة بصلف بالغ مع حقوق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه، وتجاهل كل النداءات التي كانت تدعو إدارة البيت الأبيض لإلزام الاحتلال بوقف غاراته الهمجية، فما كان منها إلا تصريحات اعتاد عليها الشعب الفلسطيني والعرب بدعوة جميع الأطراف إلى ضبط النفس، وبالتالي رفض أي محاولة للدفاع عن النفس، ليتم قبول الفلسطينيين بأن يتم قتلهم برضا وهدوء نفس، دون مقاومة، ليلقوا مصيرهم بدم بارد.

هذه الغارات جاءت أيضًا لتعزز توجهًا وتحديًا إسرائيليًا بأن تغيير خارطة المنطقة سيكون لصالح إسرائيل، وأن ما عملت عليه الثورات العربية من تغيير هذه الخارطة ما هو إلا وهم، وأن إسرائيل لا تزال هي الدولة الأقوى في منطقة الشرق الأوسط. ولذلك حرص الكيان الصهيوني على أن يقدم رسالة إلى دول الثورات وخاصة مصر بأن الكلمة الطولى في المنطقة لا تزال في تل أبيب، وفق ما ترجمته بالفعل عندما ضربت بالتحركات المصرية عرض الحائط، وقت أن طالبتها القاهرة بوقف عدوانها على غزة، إلى أن كان هذا الإيقاف وفق المزاج الإسرائيلي، ليبدو وكأنه يتعامل مع مصر بمنطق الشد والجذب.

لذلك كان للعدوان الإسرائيلي أكثر من دلالة كرسالة موجهة من اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، في ظل ما ستكون عليه أمريكا خلال العام الجاري من موعد مع الانتخابات الرئاسية، علاوة على رسالة أخرى تعمل على تغيير الموازين بالنسبة للمصالحة والفلسطينية وإحراج حركة "حماس"، بالإضافة إلى الرسالة الأخرى لبلاد الثورات، بأن تل أبيب لا تزال صاحبة تغيير سيناريوهات منطقة الشرق الأوسط، وأنها تملك زمام الأمور فيها، وكرسالة إنذار في الوقت نفسه لما ستكون عليه المنطقة بعد سقوط الأنظمة الاستبدادية.