المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (( وصيةُ أبي طالبٍ لوجوهِ قريشٍ عندَ موتِه ))



أ / الطيب الشنهوري
18-03-2012, 11:26 AM
وصيةُ أبي طالبٍ لوجوهِ قريشٍ عندَ موتِه :
.....................................

أبو طالب بنُ عبدِ المطّلب:
هو عبدُ مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة ، يُكنّى بـأبي طالب، عم النبي محمّد - صلى الله عليه وسلم - ، وأمّه هي فاطمةُ بنت عمرو من بني مخزوم. خلفَ أبو طالب أباهُ عبدُالمطلب الذي كانَ أحدَ سادةَ قريشٍ في المكانةِ والوجاهةِ، ولكنْ ضيقُ حاله جعلَه يكلُ إلى أخيهِ العباسِ شأنَ السقايةِ وأعباءَها نظرًا لما كانَ له من ثراءٍ واسعٍ،
مما يؤثر عن حكمته وحسن تقديره أنه كان أول من سن القسامة في العرب قبل الإسلام وذلك في دم عمرو بن علقمة، ثم جاء الإسلام فأقرها.

لمّا حضرتْ أبَا طالبٍ الوفاةُ جمعَ إليهِ وجوهَ قريشٍ فأوصاهُم فقالَ:
يا معشرَ قريشٍ، أنتُم صفوةُ اللهِ من خلقِه وقلبُ العربِ، فيكم السيدُ المطاع , وفيكُم المقدامُ الشجاع , الواسعُ الباعِ، واعلمُوا أنّكم لم تتركوا للعربِ في المآثرِ نصيبًا إلا أحرزتُموه , ولا شرفًا إلا أدركتُموه، فلكم بذلكَ على النّاسِ الفضيلةُ، ولهم بهِ إليكُم الوسيلةُ، والناسُ لكم حربٌ , وعلى حربِكم ألب.
وإنّي أوصِيكم بتعظيمِ هذهِ البنيةِ (يريد الكعبةَ) فإنّ فيها مرضاةً للربِّ وقوامًا للمعاشِ وثباتًا للوطأةِ ، صلُوا أرحامَكم فإنّ في صلةِ الرحمِ منْسأةً في الأجلِ، وزيادةً في العددِ، اتركوا البغيَ والعقوقَ ففيهما هلكتْ القرونُ قبلكُم.
أجيبُوا الداعِي، وأعطوا السائلَ فإنّ فيهما شرفُ الحياةِ والمماتِ , وعليكم بصدقِ الحديثِ وأداءِ الأمانةِ، فإن فيهمَا محبةٌ في الخاصِ ومكرمةٌ في العام.
وإني أوصيكُم بمحمدٍ خيرًا، فإنّه الأمينُ في قريشٍ والصدّيقُ في العربِ وهوَ الجامعُ لكلّ ما أوصيتُكم به ,، وقدْ جاءَنا بأمرٍ قَبِلَهُ الجنَانُ وأنْكرهُ اللسانُ مخافةَ الشّنآنِ ,
وايمُ اللهِ كأنّي أنظرُ إلى صعاليكِ العربِ وأهلِ الأطرافِ والمستضعفينَ من الناسِ قد أجابُوا دعوتَه وصدّقُوا كلمتَه وعظمُوا أمرَه، فخاضَ بهم غمراتِ الموتِ، وصارتْ رؤساءُ قريشٍ وصناديدُها أذنابًا ودورُها خرابًا وضعفاؤُها أربابًا ، وإذا أعظمُهم عليهِ أحوجهُم إليه، وأبعدُهم منهُ أحظاهُم عندَه ، قد محضتْه العربُ ودادَها وأصفتْ لهُ بلادَها وأعطتُه قيادَها !.
يا معشرَ قريشٍ، كونُوا له ولاةً ولحزبِه حماةً , واللهِ لا يسلكُ أحدٌ سبيلَه إلا رَشَدَ ولا يأخذُ بهديِه أحدُ إلا سَعدَ، ولو كانَ لنفسِي مدةٌ وفي أجلِي تأخيرٌ لكففتُ عنهُ الهزاهزَ ولدافعتُ عنه الدواهِي .