المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الثورة المصرية تقترب من هزيمة "تحالف الأشرار"



جهاد 2000
12-02-2012, 07:55 PM
الثورة المصرية تقترب من هزيمة "تحالف الأشرار"

الاحد 20 ربيع الأول 1433 الموافق 12 فبراير 2012

السيد أبو داود

كلما اقترب قطار ثورة 25 يناير العظيمة من الوصول إلى محطته النهائية التي سيحصد فيها المصريون نتائج ثورتهم، كلما تكالبت القوى المضادة للثورة من أجل منع ذلك والحيلولة دونه.

ورغم أن الثورة أنجبت حتى الآن مولودها الأول "مجلس الشعب"، وتوشك أن تضع المولود الثاني "مجلس الشورى"، إلا أن الملاحظ أن الغوغاء تزيد ولا تنقص، والمؤامرات تتوالى ولا تنتهي. ومع الإعلان عن فتح باب الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، وهي الخطوة الأخيرة التي سيتسلم بعدها الرئيس المنتخب السلطة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إذا بـ"لوبي" الفتنة والإثارة لا يعبأ بالأمر، بل يستمر في النفخ في نار التشرذم والخلاف والانقسام.

وإذا كان المصريون يتحدثون عن "اللهو الخفي" الذي يعبث بالبلاد وينشر فيها الفوضى، فإنه أصبح هذا "اللهو" مفضوحًا ومكشوفًا الآن أمام الجميع، ويستطيع المواطن المصري البسيط أن يحدد أطراف المؤامرة كالآتي:

أولًا الدور الأمريكي: فالأمريكان يهمهم أن تستمر السيطرة على القرار السياسي المصري كما كان عليه الأمر طيلة عهد مبارك البائد. وحسب قول كيسنجر فإنه "مهما كانت نتائج ما يحدث في مصر، فإن أمريكا لا تريد من مصر سوى ثلاثة أشياء، أولها أمن إسرائيل والحفاظ على معاهدة كامب ديفيد، وثانيها عدم إغلاق قناة السويس باعتبارها مجرى ملاحيًّا هامًّا بالنسبة لواشنطن، وثالثها أن يكون تسليح الجيش المصري أمريكيًا".

ومن أجل تحقيق هذه الأهداف والتي تعني السيطرة على مفاصل القرار السياسي المصري، دخلت أمريكا حربًا تجسسية من خلال ما يسمى بـ"منظمات حقوق الإنسان"، محاولة من خلالها تكوين جيش جرار من المستفيدين والمنتفعين المصريين، لإشاعة الفوضى في مصر تحت ستار "آليات العمل الأهلي ومنظمات المجتمع المدني"، وبحيث تكون الملايين الأمريكية المدفوعة سببًا في تكوين بيئة ومناخ فوضوي يعوق تحقيق الثورة لأهدافها.

ولذلك لم يكن غريبًا أن يقرر مستشار التحقيق في قضية التمويل الأجنبي للمنظمات الحقوقية والمجتمع المدني، إحالة 43 متهمًا من جنسيات مختلفة إلى محكمة الجنايات بتهمة الحصول على تمويل مباشر غير مشروع بما يخلّ بسيادة الدولة واستعمالها في أنشطة محظورة، منهم 19 أمريكيًا. حيث تضمن قرار الإحالة لمحكمة الجنايات أربع منظمات أجنبية هي "المعهد الجمهوري الأمريكي والمعهد الديمقراطي الأمريكي و"فريدوم هاوس" و"المركز الدولي للصحفيين" ومنظمة "كونراد أور" الألمانية، بتهم يعاقب عليها قانون العقوبات.

القضاء المصري الآن يتهم 19 أمريكيًا وغيرهم بتأسيس وإدارة فروع لمنظمات دولية بغير ترخيص من الحكومة المصرية، وقيامهم من خلالها بتنفيذ تدريب سياسي لأحزاب، وإجراء البحوث واستطلاع رأي على عينات عشوائية من المواطنين، ودعم حملات انتخابية لممثلي أحزاب سياسية، وحشد ناخبين للانتخابات البرلمانية بغير ترخيص، وإعداد تقارير بهذا النشاط وإرسالها إلى المركز الرئيسي بالولايات المتحدة الأمريكية، وتمويل أشخاص وكيانات غير حكومية وبغير ترخيص، بما يخل بسيادة الدولة المصرية.

اللافت الذي استوقف جهات التحقيق أنهم من خلال تحرياتهم وتفتيش مقار المنظمات الحقوقية عثروا على خرائط في مقر المعهد الجمهوري الدولي بالدقي، تتضمن تقسيم محافظات مصر إلى أربع مناطق هي: القنال والقاهرة الكبرى والدلتا والصعيد. كما استوقفهم أن استطلاعات الرأي التي تقوم بها هذه المنظمات تدور حول أسئلة للمواطنين عن ديانتهم، وهل هم مسلمون أم مسيحيون؟، وأيضًا ملابسهم وماذا يرتدون، ورصد عدد الكنائس ومواقع الارتكاز للقوات المسلحة.

ثانيًا الدور الإسرائيلي: لاشك أن إسرائيل التي كانت تعتبر الرئيس المخلوع مبارك "كنزًا إستراتيجيًا"، أصابها زلزال 25 يناير، فاعترفت مخابراتها بشكل صريح بأن الثورة المصرية غيرت وجه الشرق الأوسط، ويعترف الجنرال "أفيف كوخافى"، رئيس جهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلي (أمان) أن الثورة المصرية غيرت وجه الشرق الأوسط، ولم تعد إسرائيل بإمكانها التعرف عليه، وأن الشرق الأوسط سيحمل رياح التغيير على المدى القصير، لكن مع زيادة المخاطر على وجود إسرائيل.

لكن الدور الإسرائيلي عادة ما يجيد اللعب في الخفاء، بغطاء أمريكي أوروبي. ولعل قضية الجاسوس "إيلان جرابيل" أبرز دليل على الدور الخفي لأعداء الثورة، وعلى رأسهم إسرائيل.

ثالثًا المستفيدون من الأموال الأمريكية: فإذا كان الأجانب المتهمون في قضية تمويل المنظمات الحقوقية هم الفاعلين الأصليين، فإن المصريين وجهت لهم تهمة الاشتراك في تلقى الأموال وإداراتها. فهؤلاء تسلموا وقبلوا أموالا ومنافع من منظمات دولية عن طريق تمويل مباشر على حساباتهم البنكية ومن خلال شركات تحويل الأموال وبطاقات ائتمان خاصة متصلة بحسابات بنكية خارج مصر، من أجل ممارسة نشاط محظور قانونًا ويخل بسيادة الدولة المصرية.

فهؤلاء الذين يتلقون الأموال يعقدون الندوات والمؤتمرات ويكتبون في الجرائد ويتحدثون في وسائل الإعلام، مهيجين ومثيرين الفتن، مقدمين مصالحهم الشخصية الضيقة على المصلحة العليا للبلاد.

رابعًا الدور المشبوه لبقايا النظام السابق: فإذا كان قد تأكد بعد عام كامل أن رموز العهد البائد الموجودين خلف القضبان الآن، يتصلون بحرية كاملة من محبسهم بمن يريدون في مصر وخارج مصر، فإنه يتأكد كذلك حجم الجرم الذي ارتكب لكي يظل الرئيس المخلوع مقيمًا في منتجع المركز الطبي العالمي، حيث تتحمل الخزانة العامة للبلاد تكاليف إقامته الفندقية وحراسته ونقله للمحاكمة بالمروحية. ويتأكد أيضًا مدى خطورة توفير الأمان الكامل لزوجته وزوجتي ابنيه، لكي يتحركن بحرية وينقلن الرسائل والتكليفات.

وبدلًا من أن يتم التحفظ على هذه العناصر النسائية، على الأقل في ظروف القلاقل الأمنية الحالية، تؤكد التقارير أن أوراقًا بخط سوزان ثابت موجودة الآن في 14 شارع "هاي ستريت"، بمنطقة أدينبرج، حيث مقر دار النشر الاسكتلندية "كانونجيت"، وحيث يواصل مترجم لبناني مقيم في بريطانيا، عمله لصالح دار النشر الاسكتلندية، بترجمة مشروع مذكرات سوزان، التي تسربت منها بعض الأجزاء التي تفيد أن سوزان تعتقد أن أسوأ يوم في حياتها كان يوم الجمعة 13 مايو 2011، حينما بلغها قرار المستشار عاصم الجوهري، مساعد وزير العدل للكسب غير المشروع، بحبسها 15 يومًا على ذمة التحقيق، لاستغلالها نفوذها، ووظيفة زوجها، فانهارت، وتعاطت كميات كبيرة من الأقراص المنومة، لكن تم إنقاذها، وتقول أن زوجها شعر بالثورة والغضب، واتصل بدول كبرى، للتدخل في هذا القرار، وتوسل للمسئولين الكبار ألا يتم تنفيذ قرار القبض عليها، وبالفعل صدر قرار الإفراج عنها يوم الثلاثاء 17 مايو 2011.

وهكذا يتأكد أن وجود هذه السيدة حرة طليقة تتصل بمن تشاء في الداخل والخارج، فيه خطورة على المحاكمة وعلى أمن البلاد. ثم كيف للرئيس المخلوع "المستموت" أن يتصل بدول العالم وبالمسئولين الكبار والصغار وهو رهن التحفظ؟

الشعب المصري يطالب منذ شهور طويلة بضرورة نقل الرئيس المخلوع إلى مستشفى سجن طرة أسوة بجميع المتهمين، وكذلك تفريق رموز حكمه على مختلف السجون وعدم جمعهم في مكان واحد وسحب هواتفهم النقالة وأجهزة الكمبيوتر النقالة التي بحوزتهم، ولكن لم يتم تنفيذ بعض ذلك إلا مؤخرًا، وهو ما يؤكد أنه كان لهؤلاء النزلاء دور خطير في إثارة القلاقل في البلاد، خاصة وأن لديهم الأموال الهائلة التي نهبوها خلال عهدهم البائس، والتي ينفقونها بلا حساب من أجل ألا يصل قطار الثورة المباركة إلى محطته النهائية.

خامسًا الدور السلبي لوزارة الداخلية: التي لم يتم تطهيرها وإعادة هيكلتها، والتي تحارب كل أشكال السيطرة عليها وتقف ضد الوزير الحالي، كما أثبتته كارثة إستاد بور سعيد. وقد كانت هذه الوزارة سببًا في غالبية ما حدث في مصر من أمور سلبية هددت أمن البلاد.

فغالبية المصريين كانوا يعلمون أن ضباط الداخلية لن يستسلموا بسهولة، وأن التغييرات التي قام بها اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية السابق كانت شكلية، ولم يكن لها أي تأثير إيجابي على أداء الوزارة.

وحتى الوزير الحالي اللواء محمد إبراهيم يوسف، رغم جهده الكبير لإعادة الأمن للشارع المصري، إلا أن أبسط مصري يستطيع أن يكتشف أن الجزء الأكبر من ضباط الداخلية يتحركون في الاتجاه العكسي له.

وهنا أصبحت قضية تطهير الوزارة وهيكلتها من أولى الأولويات من أجل إنجاح الثورة ووصولها إلى تحقيق أهدافها. والحمد لله أنه خرجت تقارير من داخل "حزب الحرية والعدالة"، الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية والذي من المفترض أن يشكل الحكومة، تقول: إن هناك بالفعل خطة في هذا الشأن تقوم على تغليظ عقوبات قطع الطرق والبلطجة لتكون عقوبات رادعة، وكذلك إعادة النظر في جميع القيادات، واختيار القيادات القادرة على القيام بهذه المهام خلال المرحلة الحرجة المقبلة، واستكمال النقص في أعداد قوات الأمن المركزي، وزيادة أعداد الكمائن وكثافة الأمن، بالإضافة لتفعيل دور 80 ألف خفير من التابعين لوزارة الداخلية، ومتابعة عملهم، وإعادة هيكلة قوات الأمن المركزي، لتكون هناك قيادة قوية تفرض الإرادة السياسية للدولة، ودعمها من الشارع والشعب لتكون أفضل مما عليه.

كما تتضمن الخطة فرز وتصنيف جميع الضباط وأمناء الشرطة الحاليين، والمتورطين منهم في الأحداث الأخيرة منذ بداية الثورة وحتى أحداث موقعة "بورسعيد"، وتتضمن الخطوة كذلك استبعاد كل من ثبت في حقه من تهم القتل أو التعذيب، مع إعادة توزيع من تورطوا في أحداث أمنية بدرجات أقل داخل محافظاتهم، مع بعدهم عن العمل مباشرة مع الجمهور، حيث إن هناك ما يقرب من 3 آلاف ضابط وقيادة داخل وزارة الداخلية لهم علاقات ومرتبطون بأمانة السياسات التابعة للحزب الوطني المنحل يجب تطهيرهم واستبعادهم من الوزارة نهائيًّا، خاصة وأنهم متورطون في بعض الأحداث، كما تتضمن الخطة الاستغناء عن معظم قيادات الصف الأول والثاني في الوزارة، وحتى رتبة عميد في الداخلية، والذين كانت تربطهم علاقات قوية بالوزير الأسبق حبيب العادلي، والذين سيتم استبعادهم فورًا.

سادسًا دور الليبراليين واليساريين الرافضين لفوز الإسلاميين ودورهم القيادي في مصر بعد 25 يناير: فلا يمكن فصل الأحداث والقلاقل التي توضع في طريق الثورة عن الدور السلبي المعطل الذي يقوم به التيار العلماني بشقيه الليبرالي واليساري، فهذه التيارات تخفي السبب الرئيس وراء ما تثيره من قضايا، وهو أن أية انتخابات ستأتي بالإسلاميين في مجلس الشعب، وفي مجلس الشورى، وفي رئاسة الجمهورية، بل في المجالس المحلية، وهو ما يعني الدخول التدريجي للكفاءات الإسلامية لكي تحل محل القيادات العلمانية في مختلف الوزارات والهيئات والمؤسسات، وخاصة في أجهزة الإعلام والثقافة، بل في الوزارات السيادية كالدفاع والخارجية والداخلية، وفي أجهزة الأمن والمخابرات. فالتيارات العلمانية تتمنى الموت ولا ترى اليوم الذي سيتمكن فيه الإسلاميون من قيادة المجتمع المصري في كل تكويناته وتنظيماته، ولسان حالهم يردد الآية الكريمة: (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب اليم) [الأنفال: 32]. فبدلًا من أن يقولوا إننا مع ما تؤدي إليه اللعبة الديمقراطية وما تفرزه الانتخابات، يقولون: لو كانت نتائج الثورة هي الإتيان بالإسلاميين فألف لا، حتى لو أحرقت مصر، فما أمتع أن ترى عيوننا الإسلاميين متهمين محاكمين مضطهدين مهاجمين في كل وسائل الإعلام، مسجونين، يتم إعدامهم على أعواد المشانق، وما أفظع أن ترى أعيننا الإسلاميين وهم حكام وقادة للمجتمع!!

سابعًا دور المجلس الأعلى للقوات المسلحة: وسواء قلنا إنه كان لليد المرتعشة التي حكم بها العسكر بعد 25 يناير، وتقريبهم لمستشاري العهد البائد، وخضوعهم للضغط والابتزاز من كثير من الجهات الداخلية والإقليمية والدولية، وعدم حسمهم في تطهير وهيكلة وزارة الداخلية، وعدم إجراء محاكمات حقيقية لرموز العهد البائد، ومواجهتهم للمظاهرات بالعنف.. كل ذلك كان من أسباب تعطيل الثورة، وسواء قلنا إن ذلك تم بحسن نية أو بسوء نية، فالمهم النتيجة، وهي الحال التي وصلت إليها البلاد، وحجم العقبات التي تم وضعها في طريق الثورة.