المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العراق.. بين مسئولية تركيا وانتهازية إيران



جهاد 2000
01-02-2012, 01:50 PM
العراق.. بين مسئولية تركيا وانتهازية إيران

الاربعاء 09 ربيع الأول 1433 الموافق 01 فبراير 2012

بغداد/ الإسلام اليوم

ربما أدرك العالم العربي والإسلامي اليوم حقيقة ما أدركه سيدنا عمر رضي الله عنه من أهمية العراق للعالمين العربي والإسلامي؛ حيث قال -رضي الله عنه-: "العراق جمجمة العرب" , والأثر حسن بطرقه وشواهده.

وبعد الاحتلال والغزو الذي مهد له للأسف الكثير من الدول العربية ودفعت إليه بقوة، تقف اليوم تلك الدول متحسرة، ليس على العراق , بل لأن الدور قادم عليها وبقوة من قبل إيران، التي تهيئ وبقوة للسيطرة على مقدرات الدول العربية من خلال دعمها للقوى الشيعية في الدول العربية المختلفة بحجة المظلومية والحرمان من الحقوق , ويأتي اليوم بكل وقاحة قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ليعلنها صريحة أن العراق وجنوب لبنان خاضع لإيران، وقال سليماني في ندوة تحت عنوان "الشباب والوعي الإسلامي" -بحضور عدد من الشباب من البلدان العربية التي شهدت ثورات ضد أنظمة الحكم فيها-: "إن العراق وجنوب لبنان يخضعان لإرادة طهران وأفكارها"، مؤكدًا أن إيران يمكن أن تنظم أي حركة تهدف إلى تشكيل حكومات إسلامية في البلدين.

ويعتبر هذا التصريح إهانة للكرامة وللسيادة العراقية في كثير من الأحيان، إن بقيت هناك كرامة، لأن سليماني يدرك جليًّا مدى السيطرة الفعلية لإيران على قرار أذنابها ممن يحكمون عراق اليوم , بحكم كونه رجلا استخباراتيا ويمثل الذراع المخابراتي لما يسمى بالمرشد الأعلى.

عدد من أعضاء مجلس النواب العراقي من مختلف الكتل السياسية عبَّروا عن استيائهم لتصريحات قاسم سليماني

، حيث رفض عضو لجنة العلاقات الخارجية، النائب عن ائتلاف العراقية أركان أرشد زيباري، التصريحات الأخيرة لسليماني، معتبرًا إياها تدخلًا سافرًا في الشأن الداخلي للعراق.

وقال زيباري: إن هذه التصريحات تعبِّر عن رغبة إيران في التدخل والسيطرة على الأوضاع الداخلية للعراق، ولاسيما السياسية منها.

جمال الكيلاني، النائب عن ائتلاف العراقية، بيَّن ما قاله رئيس الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، بأن لديه اتجاهين، الأول: رسالة للجهات الدولية التي تحرك الملف السوري. والثاني: إعلان صريح عما يجري في العراق.

وقال الكيلاني: إن كلام قاسم سليماني فيه وجهان، الأول: أن لدى طهران خوفًا من التداعيات التي تحصل في سوريا والمنطقة، وتريد الرد على الجهات التي تقوم بتحريك الملف السوري، وهذه تأتي ضمن الأوراق السياسية.

وأضاف النائب عن العراقية، أن الاتجاه الثاني إعلان صريح عن تدخل إيران بالعراق، خصوصًا وأن هذا التدخل قد ازداد بعد الانسحاب الأمريكي نهاية العام الماضي، موضحًا أن التدخل الإيراني في العراق قد يصل إلى 70%.

وما مضى سوى أيام حتى حذر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان السلطات العراقية من أن أنقرة لن تبقى صامتة في حال قيام بغداد بتشجيع نزاع طائفي في العراق.

وقال أردوغان في البرلمان أمام نواب حزبه في أنقرة: إن على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي "أن يفهم هذا الأمر: إذا بدأتم عملية مواجهة في العراق تحت شكل نزاع طائفي فمن غير الوارد أن نبقى صامتين".

ودعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان زعماء مختلف الكتل السياسية والدينية العراقية إلى "الإصغاء لضمائرهم"، للحيلولة دون أن يتحول التوتر الطائفي في بلادهم إلى "نزاع أخوي".

وقال أردوغان: "أدعو بالطريقة نفسها المسئولين العراقيين، والرؤساء الدينيين العراقيين، وزعماء الأحزاب، والبلدان التي تحاول ممارسة نفوذ في العراق، إلى التصرف بحس سليم وبطريقة مسئولة. وآخر شيء نتمنى رؤيته في العراق هو اندلاع نزاع أخوي جديد".

ثم تأتي إيران بعد ذلك لتنفي ما قاله سليماني، قائد الحرس الثوري الإيراني، حيث قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمنبرست في تصريح نقلته قناة "العالم" الإخبارية: إن الخبر تم تفنيده وتكذيبه، ولم يكن صحيحًا، وإن أي تدخل في شؤون الدول الأخرى غير مقبول، ولا ترضى به طهران.

واعتبر مهمنبرست أن التدخلات التي تحصل بين الحين والآخر هي من أجل إثارة الفتن بين الدول، وبعض الدول الغربية والعربية تسعى لأهداف خاصة من بثّ مثل هذه الأخبار، وهي تريد بذلك الإيقاع بين إيران ودول المنطقة، ولا تتحمل العلاقات الطيبة فيما بينها.

لكن في الحقيقة أن إيران تسيطر على أغلب مرافق وأركان دولة عراق اليوم، فمن حيث القرار ومن حيث النفوذ العسكري، يوجد الكثير من الضباط والقادة في جيش عراق اليوم وقواه الداخلية ممن يحملون الجنسية العراقية والإيرانية، بل إن المالكي نفسه يحمل الجواز الإيراني وأسرته مقيمة في قصر الشاه في إيران، والكثير من قادة عراق اليوم يقيمون فيما بين إيران والعراق , فكيف يمكن أن تكون هناك سيادة للعراق واستقلالية في قراره السياسي بعيدًا عن التنفذ الإيراني , والسؤال هنا للسيد أردوغان أنه إذا كان يدرك جليًّا ما حدث ويحدث في العراق من نزاع طائفي ومحاولة طمس الهوية السنية للعراق من عام 2003 ولحد الآن , فلماذا لم يعبر عن رأيه هذا حلال ما مضى من سنوات؟

العراق اليوم في حالة تغيير ديمغرافي وذوبان لأبناء السنة , فالمهجّرون وصلوا إلى خمسة ملايين، يمثل السنة منهم 80% حسب إحصائيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة , ويوجد ما يقارب 250 ألف سني مجهولي المصير داخل العراق، لا نعرف هل هم أحياء، أم في السجون السرية، أم في عداد الشهداء؟.

إضافة إلى المعتقلين المسجلة أسماؤهم في ملفات وزارة الداخلية، ويصل عدهم إلى 150 ألف معتقل , أما عدد الأيتام فقد وصل إلى خمسة ملايين يتيم، معظمهم من سنة العراق، وعدد الأرامل مليون امرأة، معظمهن من سنة العراق , فلماذا لم نسمع تلك التصريحات من قبل؟

العراق وسنَّتُه لا بواكي عليهم، لأن الكثير من الدول تعتبر ذلك شأنًا داخليًّا، لكن حين يقتل شيعي في أي منطقة انظروا كيف يكون التدخل الإيراني.

نحن نشكر السيد أردوغان، ولكن نقول له: تصريحاتكم جاءت متأخرة ومتأخرة جدًّا، لأن عراق اليوم يحكم بولاية الفقيه الإيراني.