المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذبح السوريين بأيدي العرب



جهاد 2000
08-01-2012, 07:32 PM
ذبح السوريين بأيدي العرب

السبت 13 صفر 1433 الموافق 07 يناير2012

عمرو محمد

على الرغم من الحملات الإعلامية التي تروِّج لها جامعة الدول العربية المتمثلة في أنها تعمل على دعم الشعب السوري ضد ممارسات الرئيس الذي سقطت شعبيته؛ بشار الأسد، إلا أنَّ الواضح على الأرض أن الشعب السوري يتمُّ ذبحه بأيدي العرب، وبدمٍ باردٍ من جامعة الدول العربية.

ومَن ينظر إلى لجنة بعثة المراقبين التي تقوم بزيارة سوريا هذه الأيام يُلاحِظ مدَى الغطاء الذي استخدمه النظام السوري لقتل الأبرياء، وهو نفس ما أقرَّ به الأمين العام للجامعة العربية د.نبيل العربي بأنَّ البعثة نفسها تعرَّضت لإطلاق النار من جانب النظام، علاوةً على استخدام هذا النظام ذاته لإطلاق النار على السوريين أثناء بعثة المراقبين العرب التابعة لهذه الجامعة التي يبدو أنها لم تدرك بعد أن هناك ثوراتٍ أُقِيمت ببلداننا العربية، وأنَّ عليها أن تواكب حال هذه الثورات.

غير أنَّه وفي ظل القناعة السائدة لدى الجامعة بأنها جامعة تتلقَّى تمويلها من الحكومات العربية فإنَّها تدرك أن عليها واجبًا يجب أن تقدِّمه إلى هذه الحكومات، ليتأكد لدى جميع المراقبين أنَّ مؤسسةً كهذه نشأت بالأساس بمخططات أجنبية ما هى إلا مؤسسة تعمل على خدمة كلِّ ما يمكن أن يحقِّق خدمة لهذه الحكومات.

كثيرة هي العقوبات التي سبق أن أعلنتها الجامعة العربية بحقّ الحكومة السورية، غير أنَّه لم يتمَّ تنفيذ أيٍّ منها على الأرض، حتى تَمَّ تتويج ذلك بإيفاد بعثة المراقبين إلى الأراضي السورية، وهى البعثة التي كان أولى بها أن تنسحب سريعًا لتعيد خطواتها من حيث جاءت، احتجاجًا على ما تعرَّضت له من زبانية النظام السوري من ناحية، وممارسة هذا النظام لجرائمه أثناء تواجدها من ناحيةٍ أخرى. غير أنَّه وإدراكًا من الجامعة أنَّها جامعة حكومات وليست جامعة شعوب، وأنَّها ليست مَعْنِيَّة بالثورات فلم تتخذ القرار حتى صار الشعب السوري يتم ذبحه بأيدي الجامعة وبسكِّينٍ باردٍ من زبانية نظام الأسد، الذي استأسد على شعبه، ولم يستأسد يومًا على إسرائيل، فلم نسمع له صوتًا في يومٍ ما يدعو فيه شعبه لتحرير تراب وطنه من براثن الاحتلال الإسرائيلي في الجولان بقدر ما صِرْنا نشاهد تلك الأوامر التي يصدرها إلى زبانيته لقتل الشعب الأعزل.

غريب حقًّا ما تفعله الجامعة العربية؛ فجميع قراراتها بحقِّ الأوضاع في سوريا وحقن دماء أهلها هى قرارات ضعيفة لا تتناسب مع جُرْم ما يتم ارتكابه بحقّ هذا الشعب الأعزل، ولذلك وجدنا قراراتها ضعيفة وبطيئة، وفي النهاية لا تتواكب مع ما يقوم به الجانِي من جرائم واستبداد ليس بحق عدوِّه، ولكن بحق شعبه.

سيظل إكراه السوريين على الاعتراف بالعبارة الماجنة أنه "لا إله إلا بشَّار" وصمة عار في جبين الجامعة العربية، ليس الجامعة فقط، ولكن وصمة عار في جبين جميع المنظمات المعنية بحقوق الإنسان سواء كانت في الدول العربية أو الإسلامية أو حتى الأجنبية، تلك المنظمات التي تدَّعِي أنه ليست هى جنسية أو لون لحقوق الإنسان.

غير أنَّ الجامعة والتي يفترض فيها أن تكون داعمة للحق والعدل والحقوق أبَت إلا أن تكون صامتةً على جُرْمٍ ما يحدث بل ويتواصل في حضور مندوبي الجامعة، وتحت سمع وبصر من أعضائها، ثم يتم التلويح بتدويل الأزمة خارجيًّا، وإحالة الجرائم إلى مجلس الأمن، على هذا النحو تثبت جامعة الدول العربية أنَّها فاشلة وعاجزة عن حقن دماء السوريين، أو أنَّها تقف في ارتباك شديد إزاء اتخاذ مثل هذه القرارات، مما يجعلها تستنجد بآخرين، وخاصة من المنظمات الغربية لحل قضية عربية.

وما يعكس الضعف البَيِّن للجامعة العربية أنَّها في الوقت الذي اتخذت فيه بعض القرارات العقابية تجاه نظام الأسد، إلا أنَّها لم تجرؤ على إلزام الدول العربية بها، بل وضعتها في خيار الرفض أو القبول لهذه القرارات، مما جعلتها غير ملزمة لهذه الحكومات، تأكيدًا وانعكاسًا منها بأنَّها جامعة حكومات وليست جامعة شعوب.

ولكون التحالفات البينية للحكومات العربية وتمسكها بوشائج الاستبداد وقمع المواطنين، فلم تتحرك حكومات عربية للالتزام بمثل هذه الإجراءات العقابية، لتظهر في صورة عقوبات نسبية، استهدفت امتصاص غضبة السوريين من ناحية والشعب العربي من ناحية أخرى، دون أن تكون هناك إجراءات عقابية حقيقية، وهي الأمور كلها التي لم يكترث بها نظام الأسد، الذي راح يتجاهلها، بل وراح يؤكِّد أنه لا يهتم بها، وأنه لا تشغله كثيرًا مثل هذه البعثة التي استجاب لها بعد نداءات ومناشدات عدة.

لذلك فإنَّ على الجامعة العربية أن تدرك أن الثورات التي اندلعت في بلادنا العربية عليها أن تتواكب معها، خلاف ضرورة إدراكها أن حرمة الدم المسلم أعظم عند الله من البيت الحرام، وهى الدماء التي أصبح يستصغرها نظام الأسد، على نحو ما كان يفعله سابقوه من أنظمة بن علي ومبارك وصالح والقذافي، وغيرهم من الأنظمة التي لا تزال راسخة في كراسيها، والتي حَتْمًا ستطولها الثورات لتخلعها، وعندها يمكن الحديث عن إعادة إنشاء جامعة تعبِّر عن الشعوب وليس الحكومات، بعدما سقطت الثانية وبقيت الأولَى.