المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دماء التحرير.. ومسئولية "العسكري"



جهاد 2000
21-11-2011, 05:25 PM
دماء التحرير.. ومسئولية "العسكري"




الاثنين 25 ذو الحجة 1432 الموافق 21 نوفمبر 2011











You can see links before reply







القاهرة/ الإسلام اليوم
استطاعت الأحداث الجارية بميدان التحرير في مصر أن تعيد- وبقُوة- إلى الأذهان أجواء مواجهات ثورة 25 يناير. وإذا كانت الاشتباكات آنذاك تَمّت بين محتجين طالبوا بإسقاط النظام وبين قبضة أمنية دافعت بكل شراسة عن الرئيس المخلوع، فإنّ المشهد اليوم يتسم بالغموض الشديد، خاصة مع تعمُّد المجلس العسكري إعادة روح العنف- غير المبرر- لدى رجال الشرطة ودعمهم ضد معتصمي التحرير، في بادرةٍ تشير إلى تغير نوعي في سلوك المؤسسة الحاكمة، لتتحول من السماح للاحتجاجات في إطار عدم الإضرار بالصالح العام ومصلحة المواطنين إبان ثورة يناير، إلى قمعها بنفس طرق النظام القديم.

قوة مفرطة


وتيرة الأحداث تسارعت بشكلٍ كبيرٍ خلال الساعات الماضية بالميدان الذي اكتسى بألوان الدماء والدخان ورائحة البارود، نتيجة استخدام قوات الأمن والشرطة العسكرية القوة المفرطة في تفريق اعتصام لم يكن يتعدَّى أفراده العشرات، مما أدَّى إلى موجة غضب عارمة لنشطاء ومواطنين قرروا التوجُّه إلى الميدان تضامنًا مع المعتصمين وهو ما واجهته الشرطة بمزيد من العنف.وكان تظاهرة دعت إليها القوى الإسلامية إضافةً إلى عدد من التيارات السياسية الأخرى تحت اسم "جمعة المطلب الوحيد" يوم 18/11/2011 والتي جاءت معبرةً عن رفض قاطع عن لوثيقة السلمي الحاكمة للدستور، ومطالبة المجلس العسكري بتحديد موعد زمني لتسليم السلطة دون أي وصاية على إرادة الشعب بأيِّ شكل من الأشكال.ومع نهاية اليوم اتفق معظم المشاركين في المظاهرة على مغادرة الميدان، لكن عددًا قليلاً لا يتجاوز العشرات قرر الاعتصام بالميدان حتى تحقيق مطالبهم وكان معظمهم من مصابي ثورة 25 يناير.

بداية الأزمة

ومع الساعات الأولى من صباح السبت، بدأ مشهد جديد أكثر قتامة؛ وذلك حينما داهمت الشرطة الميدان مستخدمة القوة لإجبار المعتصمين على مغادرته، الأمر الذي قابله المحتجون بالرفض والإصرار على التواجد، وهو ما كان إيذانًا ببداية انطلاق المواجهة واشتعال فتيل الأزمة.حيث توجهت أعداد هائلة من المواطنين والنشطاء للتضامن مع المعتصمين، الأمر الذي أدّى إلى مواجهات دامية استخدمت فيها قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وهو الأمر الذي كان كفيلاً- مع تزايد عدد المصابين- بإشعال تظاهرات، امتدت لمناطق أخرى من الجمهورية، احتجاجًا على عودة نظام مبارك الأمني بعد أقل من مرور عام من سقوطه لتسفر الأحداث في نهاية اليوم عن قتليين أحدهما في القاهرة والآخر الإسكندرية، إضافة إلى مئات المصابين.وفي اليوم التالي ومع استمرار تدفق المتظاهرين تَمّ استخدام أقصى درجات العنف ضد المحتجين لإخلاء الميدان وهو ما أسفر بدوره مع نهاية اليوم عن ستة قتلى على الأقل وأكثر من ألف مصاب.

انتشار الاحتجاجات

امتدت الاحتجاجات إلى العديد من مناطق الجمهورية تضامنًا مع معتصمي التحرير وتنديدًا بتصرف قوات الشرطة، ففي محافظة الإسكندرية أكد شهود عيان أن طلقات رصاص انطلقت بكثافة من مديرية الأمن مساء الأحد باتجاه عدد من المتظاهرين الذين احتشدوا أمامها احتجاجًا على مقتل الناشط بهاء الدين سنوسي، الذي لقي مصرعه السبت برصاص الشرطة.أما محافظة السويس التي شهدت الشرارة الأولى لثورة 25 يناير فقد تصاعدت فيها حدة المواجهات مع قوات الأمن الذين حاولوا تفريق تظاهرة أمام قسم الأربعين بإطلاق القنابل المسيلة للدموع وهو ما رد عليه المحتجون بإلقاء الحجارة. كما شهدت محافظة العريش شرق البلاد مسيرة شبابية حاشدة انطلقت من مسجد النصر وسط هتافات مناوئة لحكم المجلس العسكري.وفي محافظة أسيوط جنوب البلاد نظم مئات النشطاء السياسيين مسيرة احتجاجية، كما شهدت المنيا وبنى سويف ومطروح والإسماعيلية ومناطق أخرى تظاهرات مماثلة.

بيان هزيل

اللافت أنه مع تصاعد موجة العنف وسقوط القتلى في صفوف المتظاهرين لم يصدر المجلس العسكري الحاكم بيانًا شافيًا يدين فيه تصرُّف رجال الأمن ضد المحتجين أو يصدر أوامره بتحقيق المطالب، بل اكتفى ببيان هزيل أكّد فيه أن أحداث ميدان التحرير لن تعوق مسيرة التحول الديمقراطي أو تأجيل الانتخابات، موضحًا أنه قام باتخاذ إجراءات عاجلة للوقوف على أسباب الأحداث التي شهدتها البلاد خلال اليومين الماضيين.البيان لم يختلف كثيرًا عما أصدره مجلس الوزراء عقب اجتماعه بالمجلس العسكري من أن الأحداث لن يكون لها أي تأثير على إجراء الانتخابات مؤكدًا أن التوتر "المفتعل حاليًا" يستهدف تأجيل الانتخابات أو إلغاءها وأشار إلى أن الحكومة تدعم وزارة الداخليَّة دعمًا كاملاً في وقت تحتاج مصر فيه إلى الوحدة والاستقرار.

موقف حذر

من جهتها، اتخذت التيارات الإسلامية موقفًا حذرًا من الأحداث ففي حين دعت لمليونية المطلب الوحيد الرافضة لوثيقة السلمي، فضلت فيها عدم الاعتصام والانصراف من الميدان مع نهاية اليوم حفاظًا على إجراء الانتخابات ولعدم تقديم أي مبرر لتأجيلها باعتبارها الطريق الوحيد لاجتياز الفترة الانتقالية. فقد ركزت بياناتها الصادرة- تعليقًا على أحداث الاشتباكات بميدان التحرير بالقاهرة مساء الأحد- على التخوف من تأثير هذه الأحداث على تأجيل الانتخابات البرلمانيَّة المزمع عقدها في الثامن والعشرين من الشهر الجاري وطالبت جميع الأطراف بمحاولة ضبط النفس.وقالت جماعة الإخوان المسلمين في رسالة مفتوحة إلى المجلس العسكري: "لقد استأمنك الشعب على السلطة وإدارة البلاد فترةً مؤقتةً لمدة ستة أشهر طالت إلى نهاية العام، وليس لدينا استعداد لمدها أكثر من منتصف 2012م ".وحثَّت الجماعة الشباب المصري المتظاهر في ميدان التحرير على "عدم التعدي على مؤسَّسات الدولة لأنها ملك للشعب وليس الحكام كما ينبغي أن تُغلب الحكمة في التعامل مع الأحداث، ولا تترك للفلول والفاسدين أن ينجحوا في استفزازك من أجل تعطيل الانتخابات وما يستتبعه من مسيرة ديمقراطيَّة".كما أكدت الجماعة الإسلاميَّة أنّ الأحداث التي وقعت في التحرير محاولة واضحة من أيادٍ خفية تحاول إفساد الانتخابات وإشاعة الفوضى، معتبرةً أن محاولة الاعتصام جاءت في توقيت خاطئ، مستنكرةً في ذات الوقت محاولة فض الاعتصام بالقوة طالما أنه لم يخالف القانون.وحذَّرت الهيئة الشرعيَّة للحقوق والإصلاح من أن هذه التظاهرات قد تنتهي بتأجيل الانتخابات البرلمانيَّة مطالبة بضبط النفس والتهيؤ الكامل لهذه الممارسة الديمقراطيَّة المنشودة، مناشدة المجلس العسكري في ذات الوقت التدخل لنزع فتيل الأزمة.وطالب حزب النور السلفي المجلس العسكري الالتزام بتنفيذ خارطة الطريق، وسرعة إجراء الانتخابات التشريعيَّة وتوفير جميع وسائل حماية الناخبين كما دعا الشباب المصري لرفض الدعوات المشبوهة التي تدعو للصدام مع المؤسَّسة العسكريَّة.

وثيقة السلمي

من جهته اعتبر الأزهر الشريف، أن وثيقة السلمي هي التي أدّت إلى هذه الأزمة وأنه كان ينبغي أن تكون الوثيقة استرشادية فقط.وذكر الأزهر الشريف في بيانٍ له اليوم أهمية وثيقة الأزهر كوثيقة استرشادية وطنية معاصرة اتفق عليها كل أطياف المجتمع ولقيت قبولاً من الجميع سواء من السلطة أو من النخب السياسية والثقافية باعتبارها منهجًا ثقافيًا ووطنيًا وديمقراطيًا لبناء مصر الدستورية الحديثة على أسس من الديمقراطية والعدالة.