المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وثيقة السلمي.. الدلالات الصحيحة والدائمة



جهاد 2000
21-11-2011, 05:06 PM
وثيقة السلمي.. الدلالات الصحيحة والدائمة




الاحد 24 ذو الحجة 1432 الموافق 20 نوفمبر 2011











You can see links before reply






د. محمد مورو
لا يجب علينا بأيِّ حالٍ من الأحوال أن نغرق في ردود الفعل الجزئية تجاه أي قضية، وإلا كنَّا مثل الثَّوْر الإسباني الذي ينطح القماشة الحمراء ويترك المصارع!ولا شكَّ أن من الضروري بالطبع أن نُتابِع الحدث على مستوى الاستراتيجية والتكتيك معًا !!.بدايةً فإنَّ وثيقة السلمي الذي أطلقها الرجل، وهو بالمناسبة يسمِّي نفسه نائب رئيس الوزراء لشئون الديمقراطية، وهو اسم عجيب أولاً وعكس ما فعله بالنسبة للوثيقة ثانيًا.لا يعنينا بالطبع إذا كانت الوثيقة أصلية أو استرشادية أو فوق دستورية أو تحت دستورية.. الخ، ولا يَعْنِينا أيضًا إن كانت تمثِّل مجلس الوزراء كله أو المجلس العسكري؛ فهما جهتان مسئولتان ويستطيع أحدهما أو كلاهما إعلان تبرؤه من الوثيقة فورًا.ولا يعنينا أيضًا إن كانت ستُلْغَى الآن أو بعد الآن قبل المليونية أو بعدها أو أثناءها ما يعنينا بالطبع دراسة المعنَى الكامن وراء هذه المسائل.اعترض البعض- عن حقٍّ- على المادة 9، 10 على أساس أنه يجعل الجيش دولةً داخل الدولة، وهو أمر مرفوض في كل أنحاء العالم، وليس له سابقة من أيِّ نوعٍ، اللهم إلا في تركيا، وهو أمر قد انتهَى في هذا البلد شكلاً وموضوعًا.. ويعنينا ولكن بشكلٍ جزئيٍّ مسألة كيفية تشكيل لجنة وضع الدستور الدائم؛ لأنَّ المسألة التي سوف تنظِّم تشكيل تلك اللجنة ستحدِّد فورًا الاتجاه الذي يُراد لمصر أن تسير فيه.بدايةً فإنَّ هناك استفتاءً قد أُجْرِي على مواد معينة ووافق الشعب بنسبة كبيرة على مسارٍ معين. وبصرف النظر عن رأينا في هذا المسار فإنَّ من الضروري احترام إرادة الناخبين، وبديهيٌّ أنَّ إلغاء نتائج استفتاء تحتاج إلى استفتاء جديد، ومن ثَمَّ فإنَّ مجرد طرح الوثيقة أو غيرها من الأفكار التي حول الدستور أولاً أمر يعاكس إرادة الناخبين وهو مخالف للديمقراطية المزعومة.وكذلك فإنَّ إطلاق هذه الأفكار يعنِي مزيدًا من إضاعة الوقت بهدف إطالة الفترة الانتقالية، ويطرح سؤالاً حقيقيًا حول جدية المجلس العسكري في تسليم السلطة في غضون عدة أشهر كما وعد دائمًا، ومن الطبيعيِّ أنَّ القوى لا تريد حكمًا عسكريًا لمصر، وهم أغلبية الشعب المصري وأغلبية القوى السياسية المعروفة ترى أنَّ إطلاق هذه الوثائق والمبادرات تستهدف تعطيل عملية الانتخابات الرئاسية، ومن ثَمّ إطالة حكم العسكر، سنفترض حسن النية في كل ذلك، وأنَّ الأمور يمكن تسويتها سواء بالنسبة إلى سلطات العسكر أو تسليم الحكم للمدنيين أو وضع الجيش المصري، أو طريقة تشكيل اللجنة الدستورية، وأنه سوف يتمّ التراخي بعد تفاوض على صِيَغ مقبولة من الأغلبية يمكن الانطلاق منها.لكن أخطر ما في المسألة ليس هذا كله، بل هو إعادة اكتشاف هوية مصر!. إنك إن سألت إنسانًا مثلاً يتحدث معك في أي قضية سواء مباشرة أو عن طريق أي وسائط اتصال هل أنت إنسان أم حيوان؟ فإنك بالضرورة تراوغ وتمارِس قدرًا هائلاً من الاستهبال والاستحمار والاستعباط" باللغة العامية؛ لأنه ليس هناك سوى الإنسان من يستطيع استخدام اللغة في التواصل.وهكذا فإنَّ طرح السؤال حول هوية مصر، هو نوع من الاستهبال والاستحمار والاستعباط؛ لأنَّ مصر إسلامية من حيث التاريخ والجغرافيا والثقافة، ناهيك عن أنه دين الأغلبية الساحقة وثقافة الأقلية والأغلبية معًا. وأي عاقل أو حتى نصف عاقل يدرك أنَّ خيار الناس إسلامي، لا نتحدث هنا عن الأحزاب الإسلامية، فهي مجرَّد أحزاب لها ما لها وعليها ما عليها، وحتى لو كانت مرفوضة يظلّ الشعب المصري إسلاميًا حتى النخاع، ويكون الاعتراض هنا على أشخاص أو برامج أو حتى أحزاب دونَ أن يعنِي مجرد التفكير في رفض الحل الإسلامي. ومن ثَمَّ فإنَّ إسلامية مصر بديهية لا تحتاج إلى دليل.. والسؤال عن هوية مصر هو سؤال مراوغ يريد الهروب من الحقائق.إذا كنتم تريدون احترام إرادة الأغلبية، فإن مصر إسلامية شاء من شاء وأبى من أبى، وإذا كنتم لا تريدون مصر إسلامية، فذلك لا يتحقق إلا بالدكتاتورية وقهر الناس على رؤية مغايرة لمشاعرهم وهو طريق مدمِّر للجميع ويعطل النهضة والتقدم كما حدث دائمًا.والمحصلة أن أخطر ما في الوثيقة، وهذا هو الخطأ الدائم والمستمر، هو إعادة السؤال عن هوية مصر، ووضع كلام مطاط حول هذه الهوية وعدم الاعتراف بما هو بديهي وهو إسلامية مصر.أيًّا كانت نتيجة ما سوف يحدث حول تلك الوثيقة، فإنّ المعنَى الذي وصل الناس أنَّ هناك مؤسسات وقوى وأحزاب لا تريد الاعتراف بإسلامية مصر وهذا أمر خطير جدًا.