المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصبر عند الصدمة الاولي



monpere66
26-05-2009, 01:19 AM
لقد وَعَدَ الله عزَّ وجلَّ الصابرين المحتسبين أجراً عظيماً؛ فقال جلَّ جلالُه: (وبشِّر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبةٌ قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون أولئك عليهم صلواتٌ من ربّهم ورحمةٌ وأولئك هم المهتدون).[1] وقال تعالى: (إنما يُوَفَّى الصابرون أجرَهم بغيرِ حسابٍ).[2] وقد روى أبو أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله سبحانه: ابنَ آدم إن صبرتَ واحتسبتَ عند الصدمةِ الأولى؛ لم أرْضَ لك ثواباً دون الجنة).[3]


وروى أنس رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بامرأةٍ تبكي عند قبرٍ،[4] فقال: (اتّقي الله واصبري. فقالت: إليك عنِّي؛ فإنك لم تُصَبْ بمصيبتِي ـ ولم تَعرِفْه ـ فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فأتتْ بابَ النبي صلى الله عليه وسلم فقالتْ: لم أعرِفْك؛ فقال: إنَّما الصَّبرُ عند الصَّدمةِ الأُولَى) [5] وفي روايةٍ: (فقال إنَّما الصبرُ عند الصَّدمةِ الأولى، أو عند أولِ صَدْمة).[6]


وتأمَّلْ محاسِنَ التعبيرِ النبوي: (عند الصَّدْمة الأولى)؛ فالمصِيبةُ صَدْمَةٌ نَفسِيةٌ بكلِّ ما في العبارةِ من معنى؛ فإنها تَهجُم على النفسِ؛ فتصدمها وتبغتها وتكشف عن حقيقتِها في تلك اللحظة.. (عند الصدمة الأولى) عند هَيَجان العاطفة وجَيَشان المشاعر وسَيَلانِ اللِّسانِ وانفِلاتِ الزِّمام [7]


وانظرْ قاموس الحديث النبوي الشريف؛ ما أجملَ مَبانِيَه وما أجلَى مَعانِيَه قال النووي رحمه الله: "أصْلُ الصَّدمِ: الضربُ في شيء صُلْبٍ، ثم استُعمِلَ مجازا في كلِّ مكروهٍ حَصَلَ بَغتةً".[8] وقال ابن حجر رحمه الله: "المعنى إذا وقعَ الثباتُ أولَ شيء يهجُم على القلبِ مِن مقتضيات الجزع؛ فذلك هو الصبر الكامل الذي يترتب عليه الأجرُ... قال الخطابي: المعنى أنَّ الصبرَ الذي يُحمَد عليه صاحبُه ما كان عند مُفاجأةِ المصيبةِ بخلافِ ما يعد ذلك؛ فإنه على الأيام يَسْلُو".[9]


فـ(الصبرُ عند الصدمةِ الأولى): عنوانُ قوةِ الإيمانِ وصِدقِ الاحتساب وتحمُّلُ المصيبةِ ابتغاءَ ما عند الله، قال النووي رحمه الله: "قوله صلى الله عليه وسلم : (الصبرُ عند الصدمة الأولى)، وفي الرواية الأخرى (إنَّما الصبر) معناه: الصبرُ الكاملُ الذي يترتبُ عليه الأجرُ الجزيلُ؛ لِكثرةِ المشقةِ فيه".[10]


ولا ريبَ أنَّ قِلَّةَ الصَّبرِ تؤدِّي إلى الجزعِ عند المصيبةِ وتسخُّطِ القضاء والبُعدِ عن صِفاتِ المتقين الصابرين المحتسبين؛ ولذلك أمرَها النبي صلى الله عليه وسلم بالتقوى والصبر؛ فإنَّ التقوى خيرُ زادٍ يُعين على الصبرِ: فقال (اتقي الله).[11] قال ابن حجر رحمه الله: "قال القرطبي: الظاهرُ أنه كان في بكائها قَدْرٌ زائدٌ مِن نَوْحٍ أو غيرِه؛ ولهذا أمَرَها بالتقوى. قلتُ:[12] يؤيده أن في مرسل يحيى بن أبي كثير المذكور (فسمع منها ما يكره؛ فوقف عليها). وقال الطيبي: قوله (اتقي الله) توطئةٌ لقولِه (واصبري)؛ كأنه قيل لها: خافي غضب الله إن لم تصبري، ولا تجزعي؛ ليحصلَ لك الثواب".[13]


فإذا كان (الصّبرُ) قائماً على مَعرفةٍ بالله عزَّ وجلَّ وإيمانٍ بقضاءِ الله وقدَرِه ويقينٍ بما عنده؛ نفعَ صاحبَه (عند الصدمة الأولى)؛ فلم يجزع ولم يتسخَّطْ بل سَلَّمَ واسترجعَ ورحم الله ابن كثير حيث قال: "(والصابرين والصابرات) هذه سَجِيةُ الأثباتِ، وهي الصبرُ على المصائبِ والعِلمُ بأن المقدرَ كائنٌ لا محالة وتلقِّي ذلك بالصبر والثبات، (وإنما الصبر عند الصدمةِ الأولى): أي أصْعبُه في أولِ وَهلةٍ، ثم ما بعده أسهلُ منه، وهو صِدقُ السَّجيةِ وثباتُها".[14] وقال القرطبي رحمه الله: " قوله تعالى: (وبشر الصابرين): أي بالثوابِ على الصبرِ... لكن لا يكونُ ذلك إلا بالصبرِ عند الصَّدمةِ الأولى... أي: إنما الصبر الشاقُّ على النفسِ الذي يعظم الثوابُ عليه إنما هو عند هُجومِ المصيبةِ وحرارتِها؛ فإنه يدلُّ على قوةِ القلبِ وتثبتِه في مقامِ الصَّبرِ، وأما إذا بردَت حرارةُ المصيبةِ فكلُّ أحدٍ يصبر إذ ذاك؛ ولذلك قيل: يجبُ على كلِّ عاقلٍ أن يلتزمَ عند المصيبة ما لا بد للأحمق منه بعد ثلاث".[15]


فـ(الصبرُ عند الصَّدمةِ الأولى)؛ ولله دَرُّ مَن قال:


إذا مات ابنُها صَرخَتْ بجهلٍ*** وماذا تستفِــيدُ من الصُّراخِ؟


ستتبعه كعطفِ (الفاءِ) ليستْ**بِمَهْلٍ أو كـ(ثُمّ) على التراخِي

:18: منقول

سقراطه
26-05-2009, 09:12 AM
موضوع رائع وجميل بارك الله فيكم

وجعله فى ميزان حسناتكم

لكن لى راى
لو حضرتكم جعلتموه فى القسم الدينى هايكون افضل

والله تعالى اعلم
جزيتم الخير كله ولا ارانا وانتم والمسلمين شرا فيمن نحب اللهم امين