إطلالة أدبية على الثورة المصرية الحضارية

[رحاب محمد محمود]

إن في حياة الشعوب لحظات يكتب فيها القدر صفحات جديدة بدماء شهداءها التي تدون لميلاد عصر جديد .
عصر تتنسم فيه عبيرالحرية ،وأريج الأمل ، تلك اللحظات التي ينتفض فيها المارد الساكن من ثباته العميق ليعلن ثورته على الظلم والبغي والعدوان .
هذا المارد المصري الذي صبر وصبر إلى أن طال به الأمد في ظل نظام فاسد لا يرعي حقوق العباد ولا البلاد ،بل ولا حقوق من لا يغفل ولا ينام .
فهب منه زهراته اليانعة من شبابه الطيب الجلدُ،وناد بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ، تلك الحقوق التي اقرتها ونادت بها شريعتنا السمحاء ،فتجاوبت لهذة النداءات الشرعية كل قلوب وعقول المصريين الشرفاء .
وتجلت آيات الله في خلقه
نعم صدقت يا ربي ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) .
وتبدل الحال من استكانت الصابر المترقب للتغير إلى غضبة الثوري الحر المنادي بحقوق الانسان المصري العربي المسلم .
وتجلت حكمة الله ثانية فتغير الحال وسقط الظلم ،وكتب لهذة الثورة أن تأتي ثمارها بما بذلته من دماء كتبت سطوراً عزيزة في تاريخ الوطن .
حقاً صدق الشاعر العربي الحر إذ يقول :
إذا الشعب يوماً أراد الحياة
فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي
ولابد للقيد أن ينكسر
وبعد هذا النصر المبين الذي أيد الله به جند الحق خير أجناد الأرض ،يتجلى واجبنا نحو مصرنا العظيمة في بناءها ونهضتها والحفاظ على آمنها وسلامتها والإنطلاق بها نحو ركب الحضارة والحرية والمدنية ،وذلك بالعمل الجاد المثمر وأيضاً بثقتنا في الله الذي خص مصر في قرآنه بالذكر أن يحفظها ،ويرعاها ،ويهدي أبناءها البررة إلى ما فيه خيرها ،وأن يصلح ولاة أمورها لما فيه خير البلاد والعباد ، وأن يوفقهم لأن يجعلوا مصر تتبوء مكانتها الحقيقية في الريادة العربية ،فمصر حقاً كما حكى شاعر النيل على لسانها هي تاج العلاء في مفرق الشرق وهي أيضاً الدرة الفريدة والجوهرة النفيسة في العقد العربي ،وكما تقول عن نفسها :
أنا إن قدر الإله مماتي لا
ترى الشرق يرفع الرأس بعدي
ما رماني رام وراح سعيد
عناية الرحمن من قريب جندي
اللهم احفظ مصر ورد عنها كيد الكائدين وسخر لها الناصرين العاشقين لكل حبة من حبات ثرها الطيب الطاهر .

أمضاء / عاشقة تراب مصر