المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مـن يـنـقـذ الـوطـن؟



سمير الجابرى
22-12-2010, 12:03 AM
20/12/2010
مـن يـنـقـذ الـوطـن؟


You can see links before reply مصطفي بكري
هل هي خطة محكمة للايقاع بالنظام،* ‬ودفع الأوضاع نحو الفوضي،* ‬أم هو فقط مجرد* ‬غباء سياسي والكل
شريك فيه؟*!‬
الاسئلة عديدة،* ‬ومتعددة،* ‬والحدث جد خطير،* ‬التحليلات متعددة،* ‬ومتناقضة في كثير من الأحيان،* ‬والناس في حيرة من الأمر،* ‬هل حقا يمكن أن يتوحد رجالات النظام،* ‬لتحريض الناس علي كراهية النظام،* ‬أم أن هناك صراعا خفيا يجري من وراء الكواليس،* ‬وأن هذا الصراع حُسم لمصلحة الجناح الذي نفذ السيناريو كاملاً،* ‬وحقق هذه النتائج التي جرّت وستجر علي النظام ويلات وتداعيات* ‬خطيرة في الفترة المقبلة؟*! ‬لقد قال الرئيس مبارك في خطابه أمس أمام الهيئة البرلمانية للحزب الوطني الحاكم*: '‬كنت أود لو حققت الأحزاب نتائج أفضل،* ‬ولم تهدر جهودها في الجدل حول مقاطعة الانتخابات*'.‬
وأنا أقول لك يا سيادة الرئيس*: ‬إن عناصر محددة داخل الحزب الحاكم،* ‬اجهضت وعودك الانتخابية،* ‬وحالت دون الانتخابات الحرة النزيهة،* ‬ولم يكن أمام المعارضة سوي المقاطعة،* ‬بعد أن ضُيق عليها الخناق،* ‬وايقنت أنه يُراد لها أن تكون مجرد ديكور فقط*.‬
لقد سبق وأن أعلنتم ان الانتخابات هي مسئوليتكم الشخصية،* ‬تولد لدي الكثيرين شعور بالتفاؤل،* ‬كان مرجعه عدة أسباب*:‬
الأول*: ‬أن الرئيس كان حاسماً* ‬في كلماته خلال اجتماع مجلس الوزراء الذي ترأسه لهذا الغرض،* ‬وأكد خلاله أنه لن يسكت عن أي تجاوزات قد تحدث،* ‬وأنه يطلب من كافة أجهزة الادارة التزام الحياد الكامل في هذه الانتخابات،* ‬وقد أكد الرئيس هذه التصريحات أكثر من مرة ونقلتها وسائل الاعلام المختلفة*.‬
الثاني*: ‬أن الرئيس كان يدرك أن أي تجاوزات ستجري في هذه الانتخابات من شأنها أن تنعكس علي الانتخابات الرئاسية القادمة والتي ستجري خلال العام القادم،* ‬وأن نزاهة هذه الانتخابات من شأنها أن تسد الطريق أمام التدخل الخارجي في شئون الانتخابات الرئاسية وفرض مراقبين دوليين عليها،* ‬وأن هذا الامر من الأهمية بمكان،* ‬ولذلك يجب أن تعكس الانتخابات البرلمانية الخريطة السياسية في البلاد وأن تلقي توافقاً* ‬شعبياً* ‬يمكن أن يسهم في تقديم رسالة ذات معني للعالم بأسره*.‬
ثالثاً*: ‬يدرك الرئيس،* ‬وهو الذي يحكم البلاد لنحو ثلاثين عاماً،* ‬أن نجاح مائة أو حتي مائة وخمسين من المعارضين أو المستقلين في الانتخابات لن يضيره في شيء،* ‬وأنه يعرف بخبرته وحنكته أن هذا التمثيل ضروري لانجاح العملية السياسية وامتصاص* ‬غضبة الجماهير وإطالة عمر النظام،* ‬وتهدئة الاحوال في البلاد،* ‬خاصة أن هذه النسبة لن تضر بنسبة الثلثين الضرورية لتمرير القوانين وحماية الحكومة من عصف البرلمان*.‬
رابعاً*: ‬يعرف الرئيس - أنه هو أو* ‬غيره - لابد أن يؤدي القسم أمام مجلس* ‬غير مشكوك في شرعيته ولا يشوبه البطلان،* ‬ولذلك شدد منذ البداية علي ضرورة الالتزام بمعايير النزاهة،* ‬حتي تأتي الانتخابات بمجلس شرعي،* ‬لا تطاله سهام البطلان أو التشكيك،* ‬حرصاً* ‬علي شرعية المنصب الرئاسي*.‬
تلك كانت الاسباب التي دعت الرئيس إلي اعطاء هذه الانتخابات أهمية خاصة،* ‬لأنه يعرف ألاعيب الادارة،* ‬وأساليبها الملتوية،* ‬لذلك شدد خلال لقائه بمجلس الوزراء علي ضرورة الالتزام بهذه المعايير،* ‬وقال للرأي العام الذي لا يثق في تراث هذه الادارة إن نزاهة الانتخابات مسئوليته الشخصية*.. ‬فهل التزمت الادارة بما قاله الرئيس؟،* ‬وهل كانت بالفعل عند مستوي المسئولية؟*!‬
منذ البداية استطاع المهندس أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني أن يضع خطة محكمة،* ‬بدت بوادرها منذ أكثر من عام عندما ألقي خطابا هاما أمام المؤتمر العام للحزب توعد فيه بهيمنة حزبه علي مقاعد البرلمان ومحاصرة المعارضة*.‬
وقد قامت خطة احمد عز* '‬الجديدة*' ‬التي استطاع أن يقنع بها أطرافا فاعلة في الدولة علي عدة ركائز هي*:‬
• ‬ضرورة سيطرة الحزب الوطني* '‬فعليا*' ‬علي نسبة لا تقل عن* ‬95٪* ‬من مقاعد البرلمان،* ‬بشكل مباشر أو* ‬غير مباشر*.‬
• ‬خلق معارضة* '‬بديلة*' ‬للمعارضة الحالية عبر التضحية بعدد من مرشحي الحزب الحاكم في عدد من الدوائر،* ‬وذلك بهدف استخدام هذه المعارضة للمشاركة في ديكور الانتخابات الرئاسية،* ‬والقيام بدور المعارضة المرسوم لها داخل البرلمان*.‬
• العمل علي إنجاح عدد من المستقلين شريطة أن يكونوا في أغلبهم من كوادر الحزب الوطني الذين لم يخترهم الحزب ضمن مرشحيه،* ‬وعدم السماح لهم بالانضمام إلي الحزب لزوم الشكل والديكور البرلماني*.‬
وقد ثار جدل كبير حول هذه الخطة إلا أنه جري تنفيذها بدقة،* ‬خلال الانتخابات الأخيرة مما أعطي رسالة واضحة للجميع تقول إن السلطة تغولت وكشفت عن وجهها سافراً* ‬وقررت مصادرة جميع الآراء المعارضة واجهاض العملية السياسية والعودة إلي نظام الحزب الواحد ومصادرة حق الجماهير في انتخابات حرة وديمقراطية*.‬
بعض المحللين قالوا إن الأمر مرتبط بما يمكن تسميته* '‬بتوريث السلطة في مصر*' ‬حيث يري هؤلاء أن الفترة المقبلة قد تشهد انتقال السلطة في البلاد إلي السيد جمال مبارك وأن ذلك يتطلب برلمانا ذا طبيعة خاصة،* ‬يستبعد منه جميع رموز المعارضة التي يمكن أن تكون لها مواقف معاكسة*.‬
وسأفترض هنا أن أصحاب هذا الرأي صادقون فيما قالوا وأن متطلبات الانتخابات الرئاسية أو نقل السلطة تستوجب هذا الذي جري،* ‬فهل كان ذلك هو الحل الأمثل والموضوعي الذي يحقق نقلاً* ‬آمناً* ‬للسلطة؟*!‬
وإذا كان الرئيس مبارك قرر حقا أن يرشح نفسه مرة أخري لانتخابات الرئاسة في مصر،* ‬أي دورة سادسة،* ‬أو حتي سأفترض أن الرئيس سيعجِّل بالانتخابات الرئاسية لسبب أو لآخر*.‬
في هذه الحالة أو تلك من الطبيعي أن يقدم النظام ما يهدئ مشاعر المصريين،* ‬ويضمن استقرار الأوضاع في البلاد ويحقق عبورا آمنا للانتخابات الرئاسية طبيعيا بعيداً* ‬عن التدخلات الأجنبية والمفاجآت المصرية،* ‬هنا كان يتوجب الالتزام بما أكد عليه الرئيس في ضرورة إجراء انتخابات نزيهة وليس عكس ذلك كما حدث*.‬
لقد نجح أحمد عز بمخططه الجديد في إحداث حالة من الغضب الجماهيري الواسع ضد النظام ورموزه كافة بلا استثناء،* ‬واستطاع للمرة الأولي منذ زمن طويل أن يحشد كافة القوي المعارضة وغير المعارضة في خندق واحد ضد النظام،* ‬بل أستطيع القول إن الذين كانوا يعارضون بالأمس التنسيق مع جماعة الإخوان المسلمين أو* ‬غيرهم وجدوا أنفسهم يفتحون أبواب التنسيق واسعة لإدراكهم أنهم يتعاملون مع سلطة بلا عقل،* ‬سلطة قررت مصادرة إرادة الشعب بطريقة لم تشهدها الحياة البرلمانية حتي في أعتي العصور ديكتاتورية*.‬
لقد استطاع أحمد عز ومن يساندونه دفع الجماهير إلي* '‬الكفر*' ‬بأساليب التغيير السلمي من خلال صندوق الانتخابات،* ‬وهو بذلك فتح الباب واسعاً* ‬أمام كثير من القوي للبحث عن بدائل أخري بعد أن سدت أمامها الأبواب وأغلقت المنافذ وعادوا بالبلاد إلي أجواء ما قبل سبتمبر* ‬1981،* ‬وهو أمر لا يمثل خطرا علي النظام السياسي الحاكم فحسب،* ‬بل يمثل خطراً* ‬علي أمن البلاد واستقرارها*.‬
إن أي استطلاع محايد للرأي يعكس وجهة نظر الشارع بشكل موضوعي كفيل بأن يؤكد أن السلطة ورجالاتها في جانب والغالبية الكاسحة من المصريين أصبحت في جانب آخر،* ‬وأن أزمة الثقة بين الناس والنظام وصلت إلي مرحلة الخطر الذي يهدد بانفجار الأوضاع بطريقة قد تدخل البلاد إلي مرحلة الفوضي*.‬
لقد نجح مخطط أحمد عز وصحبه في إفساد بعض الأحزاب السياسية وإجبارها علي المشاركة في التزوير عن طريق الاتفاق معها،* ‬حدث ذلك في انتخابات المحليات وفي انتخابات مجلسي الشوري والشعب،* ‬وجاءت انتخابات الإعادة فضيحة بمعني الكلمة،* ‬عندما راح عز وصحبه يسعون إلي إنجاح جميع ممثلي الأحزاب الذين دخلوا انتخابات الإعادة بل ويجري اتفاقات مع أحد المستقلين من أعضاء الحزب الحاكم لينضم إلي أحد أحزاب المعارضة الصغيرة قبل انتخابات الإعادة بيومين اثنين،* ‬بل استطاع بقدرة قادر إنجاح أحد رؤساء الأحزاب الصغيرة في دائرة لم يذهب إليها،* ‬ولم يعلق يافطة واحدة فيها أو يقيم أي شكل من اشكال الدعاية بها،* ‬بل حتي فوجئ الناس بنجاحه وحصوله علي عشرات الآلاف من الأصوات فأصيبوا بالدهشة والصدمة*!‬
ولم يشفع لأهالي دائرة امبابة حاجتهم لنائب يأتي بإرادتهم،* ‬فتعاملوا مع الناس هناك كأنهم أرقام بلا معني وبلا رأي،* ‬وكأن المطلوب هو الاتيان برئيس حزب مشكوك في شرعيته لينافس الرئيس مبارك في الانتخابات الرئاسية القادمة*.‬
وهذا المخطط حتمًا سيفتح الطريق واسعًا أمام التدخل الأجنبي في شئون البلاد خلال الانتخابات الرئاسية القادمة كما هو واضح من الآن،* ‬وهو مسئول عن الإساءة لسمعة مصر بالخارج عن طريق هذه الانتخابات التي شابها البطلان والتزوير*!!‬
وهو مسئول عن الإساءة للقضاء المصري عن طريق تعطيل تنفيذ الأحكام وشل يد اللجنة العليا للانتخابات في كثير من التجاوزات التي شهدتها العملية الانتخابية*.‬
باختصار استطاع هذا الرجل أن يشعل البلاد نارًا وأن يؤجج الغضب في النفوس وأن يجبر المصريين علي العزوف عن المشاركة في أي انتخابات قادمة وان يشككهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة وأن يختصر البلد في شخصه بعد أن أقنع الكبار بأنه الأكثر قدرة علي تحطيم الجميع وفرض مبدأ الاحتكار في السلطة كما تحقق في الاقتصاد علي يديه وأيدي الآخرين*.‬
وهكذا جاءت الانتخابات علي مقاس* '‬أحمد عز*' ‬وبدا من هم حوله لا يملكون سوي إلقاء كلمات باهتة عن نزاهة الانتخابات وحيدتها،* ‬وعندما ضحك الناس واستهانوا بما يقولون راحوا يبررون للجرائم التي وقعت ويقولون إن التجاوزات طبيعية وإنها من صنع المرشحين أنفسهم،* ‬معتبرين أنهم حققوا انجازًا باستبعاد* '‬المحظورة*' ‬والمشاكسين*!!‬
ومن وراء هؤلاء راحت فرقة العزف الإعلامي تنشد أناشيد النفاق والكذب والخداع،* ‬وراحوا يشنون حملة لإرهاب الرافضين والساخطين ووصل الأمر ببعضهم من كتبة آخر الزمان إلي القول إن المجلس الحالي أكثر هدوءًا وانسجامًا،* ‬وأن ذلك هو الذي سيمكن الحكومة من تحقيق أهدافها في جو يسوده الهدوء والثقة،* ‬ونسي أن يقول و'الرومانسية'أيضًا*!!‬
إن أي عاقل في النظام لا يمكن أن يرضي بهذا المشهد الذي تعيشه البلاد في الوقت الراهن،* ‬وإذا كان البعض يظن أن الناس يمكن أن* ‬ينسوا بعد فترة من الوقت فهم واهمون،* ‬لأن ما جري لا يمكن نسيانه،* ‬ولأن الكيل قد طفح،* ‬ولأن الناس أصبحت علي فوهة بركان،* ‬قابل للانفجار في أي وقت،* ‬وهو ما يجعلنا نطالب بإصلاح شامل لشئون البلاد حرصاً* ‬علي أمن واستقرار هذا الوطن مما يدبر له*..‬
لقد أصبحنا الآن أمام مجلس شعب يشوبه البطلان،* ‬فهناك *٢٩ ‬دائرة تم إبطال انتخاباتها بأحكام من محاكم القضاء الإداري والإدارية العليا أي أن هناك* ‬184* ‬نائباً* ‬مشكوكاً* ‬في صحة عضويتهم بما يشكك في دستورية المجلس الذي يستوجب ضرورة توافر* ‬360* ‬نائباً* ‬كحد أدني،* ‬من مجموع* ‬518* ‬عضواً،* ‬بينما أعضاء المجلس* ‬غير المشكوك في صحة عضويتهم حتي الآن لا يزيدون علي* ‬334* ‬عضواً،* ‬مما يعرض البلاد لحالة فراغ* ‬دستوري*.‬
وهكذا أصبحت البلاد أمام سلطة قضائية معطلة أحكامها بسبب رفض الحكومة الانصياع للأحكام الصادرة عنها وسلطة تشريعية منعدمة بسبب خلل عدم توافر نسبة الثلثين من* ‬غير المشكوك في صحة عضويتهم وأمام سلطة تنفيذية هي في موضع اتهام بوصفها المسئولة عن وقائع ما حدث في البلاد وفقاً* ‬لوصف النائب والمحامي المخضرم صبحي صالح*.‬
بعد كل ذلك،* ‬من حقنا أن نتساءل*: ‬أين سلطات الدولة المصرية؟ ولماذا الصمت علي ما يجري؟ ومتي يتدخل الرئيس لحسم هذه الأمور باتجاه الإصلاح الشامل وحل البرلمان وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت الإشراف القضائي الكامل؟*!‬