مشاهدة النسخة كاملة : سمك موسي.. يكشف موقع غرق فرعون
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:40 PM
سمك موسي.. يكشف موقع غرق فرعون
كتب ـ وجيه الصقار: عندما ضرب نبي الله موسي عليه السلام البحر بعصاه فانشق ليبتلع فرعون وجنوده.. كانت هذه معجزة إلهية سجلتها الكتب السماوية, كما سجلتها برديات الفراعنة وصوروا الموقع تحت حراسة أربعة ملائكة تسكنه أسماك متوحشة وتماسيح, وفي بردية أخري يصور المعجزة بتفاصيلها.
هذه البرديات جذبت إليها جمعية محبي الآثار بجامعة القاهرة ورائدها الدكتور سعيد محمد ثابت, الذي أراد رصد الموقع بالتحديد ليكتشف أن الموقع له سمات خاصة, فالأمواج ترتطم ببعضها ومن يحاول الغطس أو السباحة فإنه يتعرض للغرق, وبالفعل تم تسجيل عدة حالات سنويا, أما الأسماك التي تعيش في هذا الموقع فهي مفلطحة تشبه السمك المعروف باسم سمكة موسي كما أمكن اصطياد أسماك هامور مفترسة يتراوح وزنها بين5 و6 كيلوجرامات, وطولها80 سنتيمترا كانت بعض البرديات تحمل صورتها وهي تفترس جنود فرعون.
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:43 PM
في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : " وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا " إلى قوله : " وأنا من المسلمين " فإن بني إسرائيل قالوا : يا موسى ادع الله أن يجعل لنا مما نحن فيه فرجا ، فدعا فأوحى الله إليه : أن أسر بهم ، قال : يا رب البحر أمامهم ! قال : امض فإني آمره ان يعطيك وينفرج لك ، فخرج موسى ببني إسرائيل وأتبعهم فرعون حتى إذا كاد أن يلحقهم ونظروا إليه قد أظلهم ، قال موسى للبحر : انفرج لي ، قال : ما كنت لافعل ، وقال بنو إسرائيل لموسى عليه السلام : غررتنا وأهلكتنا ، فليتك تركتنا يستعبدنا آل فرعون ، ولم نخرج الآن نقتل قتلة ، قال : " كلا إن معي ربي سيهدين " واشتد على موسى ما كان يصنع به عامة قومه وقالوا : يا موسى إنا لمدركون ، زعمت أن البحر ينفرج لنا حتى نمضي ونذهب وقد رهقنا فرعون وقومه ، هم هؤلاء نراهم قد دنوا منا ، فدعا موسى ربه فأوحى الله إليه : " أن اضرب بعصاك البحر " فضربه فانفلق البحر ، فمضى موسى وأصحابه حتى قطعوا البحر و أدركهم آل فرعون ، فلما نزلوا إلى البحر قالوا لفرعون : ما تعجب مما ترى ؟
قال أنا فعلت ، فمروا وامضوا فيه ، فلما توسط فرعون ومن معه أمر الله البحر فأطبق عليهم فغرقهم أجمعين ، فلما أدرك فرعون الغرق قال : " آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين " يقول الله عزوجل : " الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين " يقول : كنت من العاصين " فاليوم ننجيك ببدنك " قال : إن قوم فرعون ذهبوا أجمعين في البحر فلم ير منهم أحد ، هووا في البحر إلى النار ، وأما فرعون فنبذه الله وحده فألقاه بالساحل لينظروا إليه وليعرفوه ليكون لمن خلفه آية ، ولئلا يشك أحد في هلاكه ، وإنهم كانوا اتخذوه ربا ، فأراهم الله إياه جيفة ملقاة بالساحل ليكون لمن خلفه عبرة وعظة ، يقول الله : " وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون " .
وقال علي بن إبراهيم : وقال الصادق عليه السلام : ما أتى جبرئيل رسول الله إلا كئيبا حزينا ، ولم يزل كذلك منذ أهلك الله فرعون ، فلما أمر الله بنزول هذه الآية : " آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين " نزل عليه وهو ضاحك مستبشر ، فقال له رسول الله : ما أتيتني يا جبرئيل إلا وتبينت الحزن في وجهك حتى الساعة ، قال : نعم يا محمد لما غرق الله فرعون قال : " آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين " فأخذت حمأة فوضعتها في فيه ، ثم قلت له : " آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين " و عملت ذلك من غير أمر الله خفت أن يلحقه الرحمة من الله ويعذبني على ما فعلت ، فلما كان الآن وأمرني الله أن اؤدي إليك ما قلته أنا لفرعون أمنت وعلمت أن ذلك كان لله رضى .
قوله : " فاليوم ننجيك ببدنك " فإن موسى عليه السلام أخبر بني إسرائيل أن الله قد غرق فرعون فلم يصدقوه ، فأمر الله البحر فلفظ به على ساحل البحر حتى رأوه ميتا . (1)
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:44 PM
اترككم مع الصور
You can see links before reply
You can see links before reply
You can see links before reply
You can see links before reply
You can see links before reply
You can see links before reply
You can see links before reply
You can see links before reply
You can see links before reply
You can see links before reply
You can see links before reply
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:45 PM
راينا ان الباحث ( رون وايت ) قد حدد مكان العبور اللذي عبر منه موسى عليه السلام ببني اسرائيل هربا من فرعون وجنوده .ذلك المكان هو شاطئ نويبع
You can see links before reply
عندها قرر الباحث ان يذهب للمنطقه اللتي تم العبور لها لاستكشافها لكن اول الصعوبات اللتي واجهها هو انه لايستطيع الحصول على تصريح بذلك وفيزا للدخول للمملكه الا بكفيل..لكنه كان مصمما على الدخول.
قرر ( رون وايت ) ان يدخل المنطقه متسللا ..عن طريق البحر ...لقرب المسافه اخذ رون ابنيه معه وذهب الى المكان اللذي حدد انه هو جبل سيناء ...او جبل الخروج واللذي تنطبق عليه جميع المعلومات اللتي جمعها من كتبهم الدينيه كالتوراه والانجيل ..وهو (( جبل اللوز )) في منطقه تبوك.
لكن السلطات السعوديه قبضت عليهم ..وتم سجنهم لمده شهرين بتهمه التجسس..وبعد تحقيقات طويله تم الافراج عنهم عندما..اعترفوا انهم باحثوا اثار فقط..و لم تثبت عليهم تهمه التجسس .
You can see links before reply
[SIZE=5]اراد الباحث اكتشاف كامل المنطقة فقرر العوده مره اخرى لكن بطريقه رسميه ..استطاع احد اصدقاءه ان يدبر له كفيل يملك احدى المؤسسات ...فحضر الى المملكه بفيزا عمل استطاع عندها الذهاب للجبل ( جبل اللوز ) واستكشف المنطقه .فوجد الكثير من الدلائل على مايعتقد كما وجد ان السلطات السعوديه قد وضعت حواجز ولوحات تمنع ***** لمنطقه الاثار لحمايتها.
You can see links before reply
You can see links before reply
You can see links before reply
You can see links before reply
You can see links before reply
You can see links before reply
You can see links before reply
You can see links before reply
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:47 PM
غــــــــــــرق فرعـــــــــــــون
You can see links before reply (You can see links before reply)
حقيقة قصة فرعون وماجاء من ايات القران الكريم
قال تعالى(فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءَايَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ ءَايَاتِنَا لَغَافِلُونَ)
صدق الله العظيم
وهذه حكاية فرعون مع علماء الاثار في فرنسا
فعندما تسلم الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران زمام الحكم في فرنسا
عام 1981 طلبت فرنسا من مصر في نهاية الثمانينات استضافة مومياء فرعون
لإجراء اختبارات وفحوصات أثرية ... فتم نقل جثمان أشهر طاغوت عرفته
الأرض ... وهناك عند سلم الطائرة اصطف الرئيس الفرنسي منحنياً هو
ووزراؤه وكبار المسؤولين الفرنسيين ليستقبلوا فرعون
وعندما انتهت مراسم الإستقبال الملكي لفرعون على أرض فرنسا .. حُملت
مومياء الطاغوت بموكب لا يقل حفاوة عن استقباله وتم نقله إلى جناح خاص
في مركز الآثار الفرنسي ليبدأ بعدها أكبر علماء الآثار في فرنسا
وأطباء الجراحة والتشريح دراسة تلك ا لمومياء واكتشاف أسرارها ، وكان
رئيس الجراحين والمسؤول الأول عن دراسة هذه المومياء هو البروفيسور
موريس بوكاي
كان المعالجون مهتمين بترميم المومياء ، بينما كان اهتمام موريس
أن يكتشف كيف مات هذا الملك الفرعوني ، وفي ساعة متأخرة من
الليل ظهرت النتائج النهائية .. لقد كانت بقايا الملح العالق في جسده
أكبر دليل على أنه مات غريقا ، وأن جثته استخرجت من البحر بعد غرقه
فورا ، ثم اسرعوا بتحنيط جثته لينجو بدنه
لكن أمراً غريباً مازال يحيره وهو كيف بقيت هذه الجثة أكثر سلامة من
غيرها رغم أنها استُخرجت من البحر ! كان موريس بوكاي يعد تقريراً
نهائيا عما كان يعتقده اكتشافاً جديداً في انتشال جثة فرعون من البحر
وتحنيطها بعد غرقه مباشرة ، حتى همس أحدهم في أذنه قائلا : لا تتعجل
.. فإن المسلمين يتحدثون عن غرق هذه المومياء
ولكنه استنكر بشدة هذا الخبر واستغربه ، فمثل هذا الإكتشاف لا يمكن
معرفته إلا بتطور العلم الحديث وعبر أجهزة حاسوبية حديثة بالغة الدقة
، فقال له أحدهم إن قرآنهم الذي يؤمنون به يروي قصة عن غرقه وعن سلامة
جثته بعد الغ رق ، فازداد ذهولا وأخذ يتساءل .. كيف هذا وهذه المومياء
لم تُكتشف إلا في عام 1898 ، أي قبل مائتي عام تقريبا ، بينما قرآنهم
موجود قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام؟ وكيف يستقيم في العقل هذا ،
والبشرية جمعاء وليس العرب فقط لم يكونوا يعلمون شيئا عن قيام قدماء
المصريين بتحنيط جثث الفراعنة إلا قبل عقود قليلة من الزمان فقط؟
جلس موريس بوكاي ليلته محدقا بجثمان فرعون يفكر بإمعان عما همس به
صاحبه له من أن قرآن المسلمين يتحدث عن نجاة هذه الجثة بعد الغرق ..
بينما كتابهم المقدس يتحدث عن غرق فرعون أثناء مطاردته لسيدنا موسى
عليه السلام دون أن يتعرض لمصير جثمانه .. وأخذ يقول في نفسه : هل
يُعقل أن يكون هذا المحنط أمامي هو فرعون الذي كان يطارد موسى؟ وهل
يعقل أن يعرف محمدهم هذا قبل أكثر من ألف عام؟
لم يستطع موريس أن ينام ، وطلب أن يأتوا له بالتوراة ، فأخذ يقرأ في
التوراة قوله : فرجع الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيش فرعون الذي
دخل وراءهم في البحر لم يبق منهم ولا واحد .. وبقي موريس بوكاي حائراً
.. فحتى الإنجيل لم يتحدث عن نجاة هذه الجثة وبقائها سليمة بعد أن تمت معالجة
جثمان فرعون وترميمه أعادت فرنسا لمصر المومياء ،
ولكن موريس لم يهنأ له قرار ولم يهدأ له بال منذ أن هزه الخبر الذي
يتناقله المسلمون عن سلامة هذه الجثة ، فحزم أمتعته وقرر السفر لبلاد
المسلمين لمقابلة عدد من علماء التشريح المسلمين
وهناك كان أول حديث تحدثه معهم عما اكشتفه من نجاة جثة فرعون بعد
الغرق ... فقام أحدهم وفتح له المصحف وأخذ يقرأ له
قوله تعالى : فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية .. وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون
فلقد كان وقع الآية عليه شديدا .. ورجت له نفسه رجة جعلته يقف أمام
الحضور ويصرخ بأعلى صوته مناديا: لقد دخلت الإسلام وآمنت بهذا القرآن
رجع موريس بوكاي إلى فرنسا بغير الوجه الذى ذهب به .. وهناك مكث عشر
سنوات ليس لديه شغل يشغله سوى دراسة مدى تطابق الحقائق العلمية
والمكتشفة حديثا مع القرآن الكريم ، والبحث عن تناقض علمي واحد مما
يتحدث به القرآن ليخرج بعدها بنتيجة قوله تعالى : لا يأتيه الباطل من
بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:50 PM
* سورة الشعراء مكية وقد عالجت أصول الدين من "التوحيد، والرسالة، والبعث" شأنها شأن سائر السور المكية، التي تهم بجانب العقيدة وأصول الإِيمان.
* ابتدأت السورة الكريمة بموضوع القرآن العظيم الذي أنزله الله هدايةً للخلق، وبلْسماً شافياً لأمراض الإِنسانية، وذكرت موقف المشركين منه، فقد كذبوا به مع وضوح آياته، وسطوع براهينه، وطلبوا معجزة أُخرى غير القرآن الكريم عناداً واستكباراً.
* ثم تحدثت السورة عن طائفةٍ من الرسل الكرام، الذين بعثهم الله لهداية البشرية، فبدأت بقصة الكليم "موسى" مع فرعون الطاغية الجبار، وما جرى من المحاورة والمداورة بينهما في شأن الإِله جلَّ وعلا، وما أيَّد به موسى من الحجة الدامغة التي تقصم ظهر الباطل، وقد ذكرت في القصة حلقات جديدة، انتهت ببيان العظة والعبرة من الفارق الهائل، بين الإِيمان والطغيان.
* ثم تناولت قصة الخليل إبراهيم عليه السلام، وموقفه من قومه وأبيه في عبادتهم للأوثان والأصنام، وقد أظهر لهم بقوة حجته، ونصاعة بيانه، بطلان ما هم عليه من عبادة ما لا يسمع ولا ينفع، وأقام لهم الأدلة القاطعة على وحدانية رب العالمين، الذي بيده النفع والضر، والإِحياء والإِماتة.
* ثم تحدثت السورة عن المتقين والغاوين، والسعداء والأشقياء، ومصير كلٍ من الفريقين يوم الدين.
* وبعد أن تابعت السورة في ذكر قصص الأنبياء "نوح، وهود، وصالح، ولوط، وشعيب" عليهم الصلاة والسلام، وبيَّنت سنة الله في معاملة المكذبين لرسله، عادت للتنويه بشأن الكتاب العزيز، تفخيماً لشأنه، وبياناً لمصدره {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ *عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ *بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}.
* ثم ختمت السورة بالرد على افتراء المشركين، في زعمهم أن القرآن من تنزل الشياطين، ليتناسق البدء مع الختام في أروع تناسق والتئام .
التِسميَة:
سميت "سورة الشعراء" لأن الله تعالى ذكر فيها أخبار الشعراء، وذلك للرد على المشركين في زعمهم أن محمداً كان شاعراً، وأن ما جاء به من قبيل الشعر، فردَّ الله عليهم ذلك الكذب والبهتان بقوله {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمْ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ}؟ وبذلك ظهر الحق وبان.
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:50 PM
{طسم(1)تِلْكَ ءايات الْكِتَابِ الْمُبِينِ(2)لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ(3)إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ(4)وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَانِ مُحْدَثٍ إِلا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ(5)فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون(6) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ(7)إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ(8)وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(9)}.
{طسم} إشارة إلى إعجاز القرآن الكريم وأنه مركب من أمثال هذه الحروف الهجائية {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} أي هذه آيات القرآن الواضح الجلي، الظاهر إعجازه لمن تأمله {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} أي لعلك يا محمد مُهلِكٌ نفسك لعدم إِيمان هؤلاء الكفار، فيه تسلية للرسول عليه السلام حتى لا يحزن ولا يتأثر على عدم إيمانهم {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ آيَةً} أي لو شئنا لأنزلنا آية من السماء تضطرهم إلى الإِيمان قهراً {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} أي فتظل أعناقهم منقادةً خاضعة للإِيمان قسراً وقهراً، ولكنْ لا نفعل لأنا نريد أن يكون الإِيمان اختياراً لا اضطراراً قال الصاوي: المعنى لا تحزن على عدم إيمانهم فلو شئنا إيمانهم لأنزلنا معجزة تأخذ بقلوبهم فيؤمنون قهراً عليهم، ولكنْ سبق في علمنا شقاؤهم فأرحْ نفسك من التعب {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ الرَّحْمَانِ} أي ما يأتي هؤلاء الكفار شيء من القرآن أو الوحي منزلٍ من عند الرحمن {مُحْدَثٍ} أي جديد في النزول، ينزل وقتاً بعد وقت {إِلا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ} أي إلاّ كذبوا به واستهزءوا ولم يتأملوا ما فيه من المواعظ والعِبَر {فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون} أي فقد بلغوا النهاية في الإِعراض والتكذيب فسوف يأتيهم عاقبة ما كذبوا واستهزؤوا به، ثم نبّه تعالى على عظمة سلطانه، وجلالة قدره في مخلوقاته ومصنوعاته، الدالة على وحدانيته وكمال قدرته فقال {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} أي أولم ينظروا إلى عجائب الأرض كم أخرجنا فيها من كل صنفٍ حسنٍ محمود، كثير الخير والمنفعة ؟ والاستفهام للتوبيخ على تركهم الاعتبار {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً} أي إِنَّ في ذلك الإِنبات لآيةً باهرة تدل على وحدانية الله وقدرته {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} أي وما كان أكثرهم يؤمن في علم الله تعالى، فمع ظهور الدلائل الساطعة يستمر أكثرهم على كفرهم {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} أي هو سبحانه الغالب القاهر، القادر على الانتقام ممن عصاه، الرحيم بخلقه حيث أمهلهم ولم يعجّل لهم العقوبة مع قدرته عليهم قال أبو العالية: العزيز في نقمته ممن خالف أمره وعبَد غيره، الرحيم بمن تاب إليه وأناب وقال الفخر الرازي: إنما قدم ذكر {الْعَزِيزُ} على {الرَّحِيمُ} لأنه ربما قيل: إنه رحمهم لعجزه عن عقوبتهم، فأزال هذا الوهم بذكر العزيز وهو الغالب القاهر، ومع ذلك فإنه رحيم بعباده، فإن الرحمة إذا كانت مع القدرة الكاملة كانت أعظم وقعاً.
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:51 PM
{وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنْ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(10)قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ(11)قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ(12)وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ(13)وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ(14)قَالَ كَلا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ(15) فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ(16)أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ(17)قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ(18)وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ(19)قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ(20)فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ(21)وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ(22)}.
{وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى} أي واذكر يا محمد لأولئك المعرضين المكذبين من قومك حين نادى ربك نبيَّه موسى من جانب الطور الأيمن آمراً له أن يذهب إلى فرعون وملئه {أَنْ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} أي بأن ائت هؤلاء الظالمين الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي، واستعباد الضعفاء من بني إسرائيل {قَوْمَ فِرْعَوْنَ} أي هم قوم فرعون، وهو عطف بيان كأن القوم الظالمين وقوم فرعون شيء واحد {أَلا يَتَّقُونَ} ؟ أي ألا يخافون عقاب الله ؟ وفيه تعجيب من غلوهم في الظلم وإِفراطهم في العدوان {قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} أي قال موسى يا ربّ إني أخاف أن يكذبوني في أمر الرسالة {وَيَضِيقُ صَدْرِي} أي ويضيق صدري من تكذيبهم إياي {وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي} أي ولا ينطلق لساني بأداء الرسالة على الوجه الكامل {فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ} أي فأرسلْ إلى هارون ليعينني على تبليغ رسالتك قال المفسرون: التمس موسى العذر بطلب المعين بثلاثة أعذار كلُّ واحدٍ منها مرتب على ما قبله وهي: خوف التكذيب، وضيق الصدر، وعدم انطلاق اللسان، فالتكذيبُ سببٌ لضيق القلب، وضيقُ القلب سببٌ لتعسر الكلام، وبالأخص على من كان في لسانه حُبْسة كما في قوله {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي} ثم زاد اعتذاراً آخر بقوله {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} أي ولفرعون وقومه عليَّ دعوى ذنب وهو أني قتلت منهم قبطياً فأخاف أن يقتلوني به {قالَ كَلا} أي قال الله تعالى له: كلاّ لن يقتلوك قال القرطبي: وهو ردعٌ وزجر عن هذا الظن، وأمرٌ بالثقة بالله تعالى أي ثقْ بالله وانزجر عن خوفك منهم فإنهم لا يقدرون على قتلك {فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا} أي اذهب أنت وهارون بالبراهين والمعجزات الباهرة {إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ} أي فأنا معكما بالعون والنصرة أسمع ما تقولان وما يجيبكما به، وصيغةُ الجمع "معكم" أريد بها التثنية فكأنهما لشرفهما عند الله عاملهما في الخطاب معاملة الجمع تشريفاً لهما وتعظماً {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أي فائتيا فرعون الطاغية وقولا له: إنا مرسلان من عند رب العالمين إليك لندعوك إلى الهدى {أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} أي أطلقْ بني إسرائيل من إسارك واستعبادك وخلِّ سبيلهم حتى يذهبوا معنا إلى الشام {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا} في الكلام حذف يدل عليه المعنى تقديره: فأتياه فبلغاه الرسالة فقال فرعون لموسى عندئذٍ: ألم نربك في منازلنا صبياً صغيراً ؟ قصد فرعون بهذا الكلام المنَّ على موسى والاحتقار له كأنه يقول: ألست أنت الذي ربيناك صغيراً وأحسنّا إليك فمتى كان هذا الأمر الذي تدّعيه؟ {وَلَبثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ} أي ومكثت بين ظهرانينا سنين عديدة نحسن إليك ونرعاك قال مقاتل: ثلاثين سنة {وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ} أي فجازيتنا على أن ربيناك أن كفرت نعمتنا وقتلتَ منا نفساً ؟ والتعبيرُ بالفعلة لتهويل الواقعة وتعظيم الأمر، ومرادهُ قتل القبطي {وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ} أي وأنت من الجاحدين لإِنعامنا الكافرين بإِحساننا قال ابن عباس: من الكافرين لنعمتي إذ لم يكن فرعون يعلم ما الكفر {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ} أي قال موسى: فعلتُ تلك الفعلة وأنا من المخطئين لأنني لم أتعمد قتله ولكن أردت تأديبه، ولم يقصد عليه السلام الضلال عن الهدى لأنه معصوم منذ الصغر وقال ابن عباس: {وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ} أي الجاهلين {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ} أي فهربتُ إلى أرض مدين حين خفت على نفسي أن تقتلوني وتؤاخذوني بما لا أستحقه {فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا} أي فأعطاني الله النبوة والحكمة {وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُرْسَلِينَ} أي واختارني رسولاً إليك، فإن آمنتَ سلمتَ، وإِن جحدتَ هلكتَ {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} أي كيف تمنُّ عليَّ بإِحسانك إليَّ وقد استعبدتَ قومي ؟ فما تعدُّه نعمة ما هو إلاّ نقمة قال ابن كثير: المعنى ما أحسنتَ إليَّ وربيتني مقابل ما اسأتَ إلى بني إسرائيل فجعلتهم عبيداً وخدماً، أوف في إحسانك إلى رجل واحد منهم بما أسأت إلى مجموعهم؟ وقال الطبري: أي أتمنُّ عليَّ أن اتخذت بني إسرائيل عبيداً.
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:51 PM
{قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ(23)قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إنْ كُنتُمْ مُوقِنِينَ(24)قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ(25)قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمْ الأَوَّلِينَ(26)قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ(27)قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ(28)قَالَ لَئِنْ اتَّخَذْتَ إِلَهًَا غَيْرِي لاجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ(29)قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ(30)قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ(31)}.
{قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} أي قال فرعون متعالياً متكبراً: من هو هذا الذي تزعم أنه ربُّ العالمين؟ هل هناك إلهٌ غيري؟ لأنه كان يجحد الصانع ويقول لقومه {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} {قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} أي قال موسى: هو خالق السماواتِ والأرض، والمتصرف فيهما بالإِحياء والإِعدام، وهو الذي خلق الأشياء كلها من بحار وقفار، وجبالٍ وأشجار، ونباتٍ وثمار، وغير ذلك من المخلوقات البديعة {إنْ كُنتُمْ مُوقِنِينَ} أي إن كانت لكم قلوب موقنة، وأبصارٌ نافذة، فهذا أمر ظاهر جلي {قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ} أي قال فرعون لمن حوله من أشراف قومه على سبيل التهكم والاستهزاء: ألا تسمعون جوابه وتعجبون من أمره ؟ أسأله عن حقيقة الله فيجيبني عن صفاته، فأجاب موسى وزاد في البيان والحجة {قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمْ الأَوَّلِينَ} أي هو خالقكم وخالق آبائكم الذين كانوا قبلكم، فوجودكم دليل على وجود القادر الحكيم، عدلَ عن التعريف العام إلى التعريف الخاص لأنَّ دليل الأنفس أقرب من دليل الآفاق، وأوضح عند التأمل {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} فعند ذلك غضب فرعون ونسب موسى إلى الجنون {قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} سمَّاه رسولاً استهزاءً وأضافه إلى المخاطبين استنكافاً من نسبته له أي إن هذا الرسول لمجنون لا عقل له، أسأله عن شيء فيجيبني عن شيء، فلم يحفل موسى بسخرية فرعون وعاد إلى تأكيد الحجة بتعريفٍ أوضح من الثاني {قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} أي هو تعالى الذي يطلع الشمس من المشرق ويجعلها تغرب من المغرب، وهذا مشاهد كل يوم يبصره العاقل والجاهل ولهذا قال {إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} أي إن كان لكم عقول أدركتم أن هذا لا يقدر عليه إلا ربُّ العالمين، وهذا من أبلغ الحجج التي تقصم ظهر الباطل كقول إبراهيم في مناظرة النمرود {قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} ولما انقطع فرعون وأُبلس في الحجة رجع إِلى الاستعلاء متوعداَ بالبطش والعنف {قَالَ لَئِنْ اتَّخَذْتَ إِلَهًَا غَيْرِي لاجْعَلَنَّكَ مِنْ الْمَسْجُونِينَ} أي لئن اتخذت رباً غيري لألقينك في غياهب السجن قال المفسرون: وكان سجنه شديداً يحبس الشخص في مكان تحت الأرض وحده لا يبصر ولا يسمع فيه أحداً حتى يموت ولهذا لم يقل "لأسجننَّك" وإنما قال لأجعلنك من المسجونين لأن سجنه كان أشدَّ من القتل قال ابن جزي: لما أظهر فرعونُ الجهل بالله فقال {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} أجابه موسى بقوله { رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} فقال { أَلا تَسْتَمِعُونَ}؟ تعجباً من جوابه، فزاد موسى في إقامة الحجة بقوله {رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمْ الأَوَّلِينَ} لأن وجود الإِنسان وآبائه أظهرُ الأدلة عند العقلاء، وأعظم البراهين، فإِن أنفسهم أقرب الأشياء إليهم فيستدلون بها على وجود خالقهم، فلما ظهرت هذه الحجة حاد فرعون عنها ونسب موسى إلى الجنون مغالطةً منه، وأيّده بالازدراء والتهكم في قوله {إِنَّ رَسُولَكُمْ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} فزاد موسى في إقامة الحجة بقوله {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} لأن طلوع الشمس وغروبها آية ظاهرة لا يمكن لأحدٍ جحدها ولا أن يدعيها لغير الله، فلما انقطع فرعون بالحجة رجع إلى الاستعلاء والتغلب فهدَّده بالسجن، فأقام موسى عليه الحجة بالمعجزة وذكرها له بتلطف طمعاً في إِيمانه {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ} أي أتسجنني ولو جئتك بأمرٍ ظاهرٍ، وبرهان قاطع تعرف به صدقي؟ {قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ} أي فائت بما تقول إن كنت صادقاً في دعواك.
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:52 PM
{فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ(32)وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ(33)قَالَ لِلْمَلإ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ(34)يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ(35)قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ(36)يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ(37)}.
{فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ} أي رمى موسى عصاه فإِذا هي حية عظيمة في غاية الجلاء والوضوح، ذات قوائم وفم كبير وشكل هائل مزعج {وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ} أي وأخرج يده من جيبه فإِذا هي تتلألأ كالشمس الساطعة، لها شعاع يكادُ يعشي الأبصار ويسدُّ الأفق {قَالَ لِلْمَلإ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ} أي قال فرعون لأشراف قومه الذين كانوا حوله : إن هذا لساحرٌ عظيم بارعٌ في فنِّ السحر .. أراد أن يُعمِّي على قومه تلك المعجزة برميه بالسحر خشية أن يتأثروا بما رأوا {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ} أي يريد أن يستولي على بلادكم بسحره العظيم {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} أي فبأي شيء تأمروني وبمَ تشيرون عليَّ أن أصنع به ؟ لما رأى فرعون تلك الآيات الباهرة خاف على قومه أن يتبعوه، فتنزَّل إلى مشاورتهم بعد أن كان مستبداً بالرأي والتدبير {قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ} أي أخِّرْ أمرهما {وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ} أي وأرسل في أطراف مملكتك من يجمع لك السحرة من كل مكان {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ} أي يجيئوك بكل ساحر ماهر، عليم بضروب السحر قال ابن كثير: وكان هذا من تسخير الله تعالى ليجتمع الناس في صعيد واحد، وتظهر آيات الله وحججه وبراهينه على الناس في النهار جهرة.
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:52 PM
{فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ(38)وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ(39)لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمْ الْغَالِبِينَ(40)فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لأجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ(41)قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ(42)قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ(43)فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ(44)فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ(45)فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ(46)قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ(47)رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ(48)قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلأصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ(49)قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ(50)إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ(51)}.
{فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} أي فاجتمع السحرة للموعد المحدَّد وهو وقت الضحى من يوم الزينة، وهو الوقت الذي حدَّده موسى، ليظهر الحق ويزهق الباطل على رؤوس الأشهاد كما قال تعالى {قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى} {وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمْ الْغَالِبِينَ} أي قيل للناس: بادروا إلى الاجتماع لكي نتبع السحرة في دينهم إن غلبوا موسى {فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لأجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ} أي إن غلبنا بسحرنا موسى فهل تكرمنا بالمال والأجر الجزيل ؟ {قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ} أي قال لهم فرعون: نعم أعطيكم ما تريدون وأجعلكم من المقربين عندي ومن خاصة جلسائي {قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ} في الكلام إيجاز دلَّ عليه السياق تقديره: فقالوا لموسى عن ذلك إمَّا أن تُلقي وإِما أن نكون الملقين كما ذكر في الأعراف فأجابهم موسى بقوله {أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ} أي ابدءوا بإِلقاء ما تريدون فأنا لا أخشاكم، قاله ثقةً بنصرة الله له وتوسلاً لإِظهار الحقِّ {فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ} أي فألقوا ما بأيديهم من الحبال والعصي وقالوا عند الإِلقاء نقسم بعظمة فرعون وسلطانه إنّا نحن الغالبون لموسى {فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} أي فألقى موسى العصا فانقلبت حية عظيمة فإِذا هي تبتلع وتزدرد الحبال والعصي التي اختلقوها باسم السحر حيث خيلوها للناس حياتٍ تسعى، وسمّى تلك الأشياء إفكاً مبالغةً {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} أي سجدوا للهِ رب العالمين، بعدما شاهدوا البرهان الساطع، والمعجزة الباهرة {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ *رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} أي وقالوا عند سجودهم آمنا بالله العزيز الكبير الذي يدعونا إليه موسى وهارون قال الطبري: لما تبيّن للسحرة أن الذي جاءهم به موسى حقٌّ لا سحر، وأنه مما لا يقدر عليه غيرُ الله الذي فطر السماوات والأرض، خرّوا لوجوههم سجداً لله مذعنين له بالطاعة قائلين: آمنا برب العالمين الذي دعانا موسى لعبادته، دون فرعون وملئه {قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ } أي قال فرعون للسحرة: آمنتم لموسى قبل أن تستأذنوني ؟ {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْرَ} أي إنه رئيسكم الذي تعلمتم منه السحر وتواطأتم معه ليظهر أمره، أراد فرعون بهذا الكلام التلبيس على قومه لئلا يعتقدوا أن السحرة آمنوا عن بصيرة وظهور حق قال ابن كثير: وهذه مكابرة يعلم كل أحدٍ بطلانها، فإِنهم لم يجتمعوا بموسى قبل ذلك اليوم، فكيف يكون كبيرهم الذي أفادهم صناعة السحر ؟ هذا لا يقوله عاقل، ثم توعَّدهم بقوله {فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} أي سوف تعلمون عند عقابي وبال ما صنعتم من الإِيمان به {لأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ} أي لأقطعنَّ يد كل واحد منكم اليمنى ورجله اليسرى {وَلأصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} أي ولأصلبنَّ كل واحد منكم على جذع شجرة وأتركه حتى الموت {قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون} أي لا ضرر علينا في وقوع ما أوعدتنا به، ولا نبالي به لأننا نرجع إلى ربنا مؤملين غفرانه {إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا} أي إنا نرجو أن يغفر لنا الله ذنوبنا التي سلفت منا قبل إيماننا به فلا يعاقبنا بها {أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ} أي بسبب أن بادرنا قومنا إلى الإِيمان وكنا أول من آمن بموسى.
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:53 PM
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ(52)فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ(53)إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ(54)وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ(55)وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ(56)فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ(57)وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ(58)كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ(59)فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ(60)فَلَمَّا تَرَاءَ الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ(61)قَالَ كَلا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ(63)وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ(64)وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ(65)ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ(66)إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ(67)وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(68)}.
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي} أي أمرنا موسى بطريق الوحي أن يسير ليلاً إلى جهة البحر ببني إسرائيل قال القرطبي: أمر الله موسى أن يخرج ببني إسرائيل ليلاً، وسمّاهم عباده لأنهم آمنوا بموسى {إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ} أي يتبعكم فرعون وقومه ليردُّوكم إلى أرض مصر ويقتلوكم {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ} أي أرسل فرعون في طلبهم حين أخبر بمصيرهم وأمر أن يُجمع له الجيش من كل المُدُن قائلاً لهم {إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} أي طائفة قليلة قال الطبري: كان بنو إسرائيل ستمائة وسبعين ألفاً ولكنه قلَّلهم بالنسبة إلى كثرة جيشه {وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ} أي وإِنهم يفعلون أفعالاً تغيظنا وتضيق صدورنا {وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ} أي ونحن قوم متيقظون منتبهون، من عادتنا التيقظ والحذر، واستعمالُ الحزم في الأمور قال الزمخشري: وهذه معاذير اعتذر بها إلى قومه لئلا يُظنَّ به ما يكسر من قهره وسلطانه، قال تعالى {فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} أي أخرجنا فرعون وقومه من بساتين كانت لهم وأنهار جارية {وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} أي وأخرجناهم من الأموال التي كنزوها من الذهب والفضة، ومن المنازل الحسنة والمجالس البهية {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} أي مثل ذلك الإِخراج الذي وضعناه فعلنا بهم، وأورثنا بني إسرائيل ديارهم وأموالهم بعد إغراق فرعون وقومه {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} أي فلحقوهم وقت شروق الشمس {فَلَمَّا تَرَاء الْجَمْعَانِ} أي فلما رأى كلٌّ منهما الآخر، والمراد جمعُ موسى وجمع فرعون {قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} أي مُلحقون يلحقنا فرعون وجنوده فيقتلوننا، قالوا ذلك حين رأوا فرعون الجبار وجنوده وراءهم، والبحر أمامهم، وساءت ظنُونهُم {قَالَ كَلا} أي قال موسى كلاَّ لن يدركوكم فارتدعوا عن مثل هذا الكلام وانزجروا {إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ} إنَّ ربي معي بالحفظ والنصرة، وسيهديني إلى طريق النجاة والخلاص قال الرازي: قوَّى نفوسهم بأمرين: أحدهما بأن ربه معه وهذا دلالة على النصرة والتكفل بالمعونة، والثاني قوله {سَيَهْدِينِ} أي إلى طريق النجاة والخلاص، وإِذا دلَّه على طريق نجاته وهلاك أعدائه فقد بلغ النهاية في النصرة {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ} أي أمرنا موسى بطريق الوحي أن يضرب البحر بعصاه {فَانفَلَقَ} أي فضربه فانشق وانفلق {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} أي فكان كل جزء منه كالجبل الشامخ الثابت قال ابن عباس : صار فيه اثنا عشر طريقاً لكل سبطٍ منهم طريق {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ} أي وقربنا هناك فرعون وجماعته حتى دخلوا البحر على إثر دخول بني إسرائيل {وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ} أي أنجينا موسى والمؤمنين معه جميعاً {ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ} أي أغرقنا فرعون وقومه قال المفسرون: لما انفلق البحر جعله الله يبَساً لموسى وقومه، وصار فيه اثنا عشر طريقاً ووقف الماء بينها كالطود العظيم، فلما خرج أصحاب موسى وتكامل دخول أصحاب فرعون أمر الله البحر أن يطبق عليهم فغرقوا فيه، فقال بعض أصحاب موسى: ما غرق فرعون ! فنبذ على ساحل البحر حتى نظروا إليه {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً} أي إنَّ في إغراق فرعون وقومه لعبرة عظيمة على إِنجاء الله لأوليائه، وإِهلاكه لأعدائه {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} أي ومع مشاهدة هذه الآية العظمى لم يؤمن أكثر البشر، وفيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ووعيدٌ لمن عصاه {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} أي المنتقم من أعدائه الرحيم بأوليائه.
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:54 PM
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ(69)إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ(70)قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ(71)قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ(72)أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ(73)قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ(74)قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ(75)أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ الأَقْدَمُونَ(76)فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ(77)الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ(78)وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ(79)وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ(80)وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ(81)وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ(82)}.
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ} هذه بداية قصة إبراهيم أي اقصص عليهم يا محمد خبر إبراهيم وشأنه العظيم {إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ} أي حين قال لأبيه وعشيرته أيَّ شيءٍ تعبدون؟ سألهم مع علمه بأنهم يعبدون الأصنام ليبيّن لهم سفاهة عقولهم في عبادة ما لا ينفع، ويقيم عليهم الحجة {قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ} أي نعبد أصناماً فنبقى مقيمين على عبادتها لا نتركها، قالوا ذلك على سبيل الابتهاج والافتخار، وكان يكفيهم أن يقولوا: نعبد الأصنام ولكنهم زادوا في الوصف كالمفتخر بما يصنع {قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ} أي قال لهم إبراهيم على سبيل التبكيت والتوبيخ: هل يسمعون دعاءكم حين تلجأون إليهم بالدعاء؟ {أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ} أي وهل يبذلون لكم منفعة، أو يدفعون عنكم مضرة؟ {قَالُوا بَلْ وَجَدْنا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} أي وجدنا آباءنا يعبدونهم ففعلنا مثلهم قال أبو السعود: اعترفوا بأنها لا تنفع ولا تضر بالمرَّة، واضطروا إلى إظهار الحقيقة وهي أنه لا سند لهم سوى التقليد، وهذا من علامات انقطاع الحجة {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ الأَقْدَمُونَ} أي قال إبراهيم: أفرأيتم هذه الأصنام التي عبدتموها من دون الله أنتم وآباؤكم الأولون؟ {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ} أي فإِن هذه الأصنام أعداء لي لا أعبدهم، ولكن أعبد الله ربَّ العالمين فهو وليي في الدنيا والآخرة، أسند العداوة لنفسه تعريضاً بهم وهو أبلغ في النصيحة من التصريح {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} أي اللهُ الذي خلقني هو الذي يهديني إلى طريق الرشاد لا هذه الأصنام {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} أي هو تعالى الذي يرزقني الطعام والشراب فهو الخالق الرازق الذي ساق المُزْن، وأنزل المطر، وأخرج به أنواع الثمرات رزقاً للعباد {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} أي وإِذا أصابني المرض فإِنه لا يقدر على شفائي أحدٌ غيره، وأسند الشفاء إلى الله رعايةً للأدب، وإلاّ فالمرض والشفاء من الله جل وعلا فاستعمل في كلامه حسن الأدب {وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} أي وهو تعالى المحيي المميت لا يقدر على ذلك أحد سواه، يميتني إذا شاء ثم يحييني إذا أراد بعد مماتي {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} أي أرجو من واسع رحمته أن يغفر لي ذنبي يوم الحساب والجزاء حيث يُجازي العباد بأعمالهم، وفيه تعليم للأمة أن يستغفروا من ذنوبهم ويقرُّوا بخطاياهم
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:54 PM
{رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ(83)وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ(84)وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ(85)وَاغْفِرْ لأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ(86)وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ(87)يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ(88)إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ(89)}.
{رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} أي هب لي الفهم والعلم وألحقني في زمرة عبادك الصالحين {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ} أي اجعل لي ذكراً حسناً وثناءً عاطراً {فِي الآخِرِينَ} أي فيمن يأتي بعدي إلى يوم القيامة، أُذكر به ويُقتدى بي قال ابن عباس: هو اجتماعُ الأمم عليه، فكلُّ أمةٍ تتمسك به وتُعظّمه {وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ} أي من السعداء في الآخرة الذين يستحقون ميراث جنات الخُلد {وَاغْفِرْ لأَبِي} أي اصفح عنه واهده إلى الإِيمان {إِنَّهُ كَانَ مِنْ الضَّالِّينَ} أي ممن ضلَّ عن سبيل الهدى قال الصاوي: وقد أجابه الله تعالى في جميع دعواته سوى الدعاء بالغفران لأبيه وقال القرطبي: كان أبوه وعده أن يؤمن به فلذلك استغفر له، فلما بان له أنه لا يفي تبرأ منه {وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ} أي لا تُذلَّني ولا تُهِنِّي يومَ تبعث الخلائق للحساب، وهذا تواضعٌ منه أمام عظمة الله وجلاله وإلا فقد أثنى الله عليه بقوله {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} الآية {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ} أي في ذلك اليوم العصيب لا ينفع أحداً فيه مالٌ ولا ولد {إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ} أي إلا من جاء ربَّه في الآخرة {بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} أي بقلب نقيٍّ طاهر، سليم من الشرك والنفاق، والحسد والبغضاء، وإِلى هنا تنتهي دعوات الخليل إبراهيم ثم قال تعالى.
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:55 PM
{وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ(90)وَبُرِّزَتْ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ(91)وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ(92)مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ(93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ(94)وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ(95)قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ(96)تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ(97)إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ(98)وَمَا أَضَلَّنَا إِلا الْمُجْرِمُونَ(99)فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ(100)وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ(101)فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(102)إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ(103)وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(104)}.
{وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} أي قُرِّبت الجنةُ للمتقين لربهم ليدخلوها قال الطبري: وهم الذين اتقوا عقابَ الله بطاعتهم إيّاه في الدنيا {وَبُرِّزَتْ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ} أي وأُظهرت النارُ للمجرمين الضالين حتى رأوها بارزة أمامهم مكشوفة للعيان، فالمؤمنين يرون الجنة فتحصل لهم البهجة والسرور، والغاوون يرون جهنم فتحصل لهم المساءة والأحزان {وَقِيلَ لَهُمْ} أي قيل للمجرمين على سبيل التقريع والتوبيخ {أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ *مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي أين آلهتكم الذي عبدتموهم من الأصنام والأنداد ؟ {هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ} أي هل ينقذونكم من عذاب الله، أو يستطيعون أن يدفعوه عن أنفسهم؟ وهذا كله توبيخ {فَكُبْكِبُوا فِيهَا} أي أُلقوا على رءوسهم في جهنم قال مجاهد: دُهوروا في جهنم وقال الطبري: رُمي بعضُهم على بعض، وطُرح بعضُهم على بعض منكبين على وجوههم {هُمْ وَالْغَاوُونَ} أي الأصنامُ والمشركون والعابدون والمعبودون كقوله {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} {وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ} أي وأتباعُ إبليس قاطبة من الإِنس والجن {قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ} أي قال العابدون لمعبوديهم وهم في الجحيم يتنازعون ويتخاصمون {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} أي نقسم بالله لقد كنا في ضلالٍ واضح وبعدٍ عن الحق ظاهر {إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} أي حين عبدناكم مع ربّ العالمين وجعلناكم مثله في استحقاق العبادة {وَمَا أَضَلَّنَا إِلا الْمُجْرِمُونَ} أي وما أضلنا عن الهدى إلاّ الرؤساء والكبراء الذين زينوا لنا الكفر والمعاصي {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ} أي ليس لنا من يشفع لنا من هول هذا اليوم {وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} أي ولا صديقٍ خالص الود ينقذنا من عذاب الله {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً} أي لو أن رجعنا إلى الدنيا {فَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ} أي فنؤمن بالله ونحسن عملنا ونطيع ربنا {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً} أي إن فيما ذكر من نبأ إبراهيم وقومه لعبرةً يعتبر بها أولو الأبصار {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} أي وما كان أكثر هؤلاء المشركين الذين تدعوهم إلى الإِسلام بمؤمنين {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} أي المنتقم من أعدائه، الرحيم بأوليائه.
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:56 PM
{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ(105)إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ(106)إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ(107)فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(108)وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ(109)فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(110)قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ(111)قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(112)إِنْ حِسَابُهُمْ إِلا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ(113)وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ(114)إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ(115) قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ(116)قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ(117)فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(118)فَأَنجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ(119)ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ(120)إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ(121)وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(122)}.
المنَاسَبَة:
لما قصَّ تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم خبر موسى وإِبراهيم أتبعه بذكر قصة نوح، وهود، وصالح، ولوط، وشعيب، وكلُّ ذلك تسليةٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يلقاه من قومه، وبيانٌ لسنة الله في عقاب المكذبين.
{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} أي كذَّب قوم نوح رسولهم نوحاً، وإِنما قال {الْمُرْسَلِينَ} لأن من كذَّب رسولاً فقد كذب الرسل {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ} أي أخوهم في النسب لا في الدين لأنه كان منهم قال الزمخشري: وهذا من قول العرب: يا أخا بني تميم يريدون واحداً منهم ومنه بيت الحماسة "لا يسألون أخاهم حين يندبهم" {أَلا تَتَّقُونَ} أي ألا تخافون عقاب الله في عبادة الأصنام ؟ {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ} أي إني لكم ناصح، أمينٌ في نصحي لا أخون ولا أكذب {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} أي خافوا عذابالله وأطيعوا أمري {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} أي لا أطلب منكم جزاءً على نصحي لكم {إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} أي ما أطلب ثوابي وأجري إلا من الله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} كرره تأكيداً وتنبيهاً على أهمية الأمر الذي دعاهم إليه {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ} أي أنصدّقك يا نوح فيما تقول {وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ} أي والحال أن أتباعك هم السفلة والفقراء والضعفاء ؟ قال البيضاوي: وهذا من سخافة عقلهم وقصور رأيهم، فقد قصروا الأمر على حطام الدنيا حتى جعلوا اتّباع الفقراء له مانعاً عن اتباعهم وإِيمانهم بدعوة نوح {قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أي ليس عليَّ أن أبحث عن خفايا ضمائرهم، وأن أُنقّب عن أعمالهم هل اتبعوني إخلاصاً أو طمعاً؟ قال القرطبي: كأنهم قالوا: إِنما اتبعك هؤلاء الضعفاء طمعاً في العزة والمال فقال في جوابهم: إني لم أقف على باطن أمرهم وإِنما لي ظاهرهم {إِنْ حِسَابُهُمْ إِلا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ} أي ما حسابهم وجزاؤهم إلا على الله فإِنه المطّلع على السرائر والضمائر لو تعلمون ذلك {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ} أي لست بمبعد هؤلاء المؤمنين الضعفاء عني، ولا بطاردهم عن مجلسي قال أبو حيان: وهذا مشعرٌ بأنهم طلبوا منه ذلك كما طلب رؤساء قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرد من آمن من الضعفاء {إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ} أي ما أنا إلا نذير لكم من عذاب الله، أخوفكم بأسه وسطوته فمن أطاعني نجا سواءً كان شريفاً أو ضيعاً، أو جليلاً أو حقيراً {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنْ الْمَرْجُومِينَ} أي لئن لم تنته عن دعوى الرسالة وتقبيح ما نحن عليه لتكوننَّ من المرجومين بالحجارة، خوفوه بالقتل بالحجارة فعند ذلك حصل اليأس لنوحٍ من فلاحهم فدعا عليهم {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ} أي قال نوح يا رب إن قومي كذبوني ولم يؤمنوا بي {فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا} أي فاحكم بيني وبينهم بما تشاء، واقض بيننا بحكمك العادل {وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِي مِنْ الْمُؤْمِنِينَ} أي أنقذني والمؤمنين معي من مكرهم وكيدهم {فَأَنجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} أي فأنجينا نوحاً ومن معه من المؤمنين في السفينة المملوءة بالرجال والنساء والحيوان {ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ} أي أغرقنا بعد إنجائهم الباقين من قومه {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً} أي لعبرة عظيمة لمن تفكر وتدبَّر {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} أي وما أكثر الناس بمؤمنين {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} أي وإِن ربك يا محمد لهو الغالب الذي لا يُقهر، الرحيم بالعباد حيث لا يعاجلهم بالعقوبة.
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:56 PM
{كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ(123)إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ(124)إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ(125)فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(126)وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ(127)أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ(128)وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ(129)وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ(130)فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(131)وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ(132)أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ(133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ(134)إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ(135)قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ(136)إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأَوَّلِينَ(137)وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ(138)فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ(139)وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(140)}.
ثم شرع تعالى في ذكر قصة "هود" فقال {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ} أي كذبت قبيلة عاد رسولهم هوداً، ومن كذَّب رسولاً فقد كذب جميع المرسلين {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ} أي ألا تخافون عذاب الله وانتقامه في عبادتكم لغيره ! {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ} أي أمينٌ على الوحي ناصح لكم في الدين {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} أي فخافوا عذاب الله وأطيعوا أمري {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} أي لا أطلب منكم على تبليغ الدعوة شيئاً من المال إِنما أطلب أجري من الله، كررت الآيات للتنبيه إلى أنَّ دعوةَ الرسل واحدة {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} ؟ استفهامٌ إنكاري أي أتبنون بكل موضع مرتفع من الطريق بناءً شامخاً كالعَلَم لمجرد اللهو والعبث ؟ قال ابن كثير: الريعْ المكان المرتفع كانوا يبنون عند الطرق المشهورة بنياناً محكماً هائلاً باهراً لمجرد اللهو واللعب وإِظهار القوة، ولهذا أنكر عليهم نبيُهم عليه السلام ذلك لأنه تضييعٌ للزمان، وإِتعابٌ للأبدان، واشتغالُ بما لا يُجدي في الدنيا ولا في الآخرة {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} أي وتتخذون قصوراً مشيَّدة محكمة ترجون الخلود في الدنيا كأنكم لا تموتون ؟ {وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} أي وإِذا اعتديتم على أحد فعلتم فعل الجبارين من البطش دون رأفةٍ أو رحمة، وإِنما أنكر عليهم ذلك لأنه صادر عن ظلم عادة الجبابرة المتسلطين قال الفخر الرازي: وصفهم بثلاثة أمور: اتخاذ الأبنية العالية وهو يدل على السرف وحب العلو، واتخاذ المصانع - القصور المشيَّدة والحصون - وهو يدل على حب البقاء والخلود، والجبارية وهي تدل على حب التفرد بالعلو، وكلُّ ذلك يشير على أن حبَّ الدنيا قد استولى عليهم بحيث استغرقوا فيه حتى خرجوا عن حد العبودية، وحاموا حول ادعاء الربوبية، وحبُّ الدنيا رأسُ كل خطيئة {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} أي خافوا الله واتركوا هذه الأفعال وأطيعوا أمري، ثم شرع يذكّرهم بنعم الله فقال {وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ} أي أنعم عليكم بأنواع النعم والخيرات {أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} أي أعطاكم أصول الخيرات من المواشي، والبنين، والبساتين، والأنهار، وأغدق عليكم النعم فهو الذي يجب أن يُعْبد ويُشْكر ولا يُكفر {إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} أي أخشى عليكم إن لم تشكروا هذه النعم وأشركتم وكفرتم عذاب يومٍ هائل تشيب لهوله الولدان .. دعاهم إلى الله بالترغيب والترهيب، وبلغ في دعائهم بالوعظِ والتخويفِ النهاية القصوى في البيان فكان جوابهم {قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْوَاعِظِينَ} أي يستوي عندنا تذكيرك لنا وعدُمه، فلا نبالي بما تقول، ولا نرعوي عمّا نحن عليه قال أبو حيان: جعلوا قوله وعْظاً على سبيل الاستخفاف وعدم المبالاة بما خوَّفهم به إذ لم يعتقدوا صحة ما جاء به، وأنه كاذبٌ فيما ادَّعاه {إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأَوَّلِينَ} أي ما هذا الذي جئتنا به إلا كذبُ وخرافاتُ الأولين {وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} أي لا بعث ولا جزاء ولا حساب ولا عذاب {فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ} أي فكذبوا رسولهم هوداً فأهلكناهم بريحٍ صرصرٍ عاتية قال ابن كثير: وكان إهلاكهم بالريح الشديدة الهبوب، ذات البرد الشديد وهي الريح الصرصر العاتية، وكان سبب إهلاكهم من جنسهم، فإِنهم كانوا أعتى شيءٍ وأجبره، فسلَّط الله عليهم ما هو أعتى منهم وأشدَّ، فحصبت الريح كل شيء حتى كانت تأتي الرجل منهم فتقتلعه، وترفعه في الهواء ثم تنكّسه على أم رأسه، فتشدخ رأسه ودماغه {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً} أي إن في إهلاكهم لعظة وعبرة {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} أي وما آمن أكثر الناس مع رؤيتهم للآيات الباهرة {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} أي وإِن ربك يا محمد لهو العزيزُ في انتقامه من أعدائه، الرحيمُ بعبادة المؤمنين.
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:57 PM
{كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ(141)إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ(142)إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ(143)فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(144)وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ(145)أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ(146)فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ(147)وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ(148)وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ(149)فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(150)وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ(151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ(152)قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ(153)مَا أَنْتَ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ(154)قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ(155)وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ(156)فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ(157)فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ(158)وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(159)}.
ثم شرع تعالى في ذكر قصة "صالح" فقال {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ} أي كذبت قبيلة ثمود نبيَّهم "صالحاً" ومن كذَّب رسولاً فقد كذب جميع المرسلين {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ} ؟ ألا تخافون عذاب الله وانتقامه في عبادتكم غيره ! {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ* وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} كررت الآيات للتنبيه على أن دعوة الرسل واحدة، فكل رسولٍ يذكِّر قومه بالغاية من بعثته ورسالته، وأنها لصالح البشر{أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ} أي أيترككم ربكم في هذه الدنيا آمنين، مخلَّدين في النعيم، كأنكم باقون في الدنيا بلا موت ؟ قال ابن عباس: كانوا معمَّرين لا يقى البنيان مع أعمارهم، قال القرطبي: ودل على هذا قولُه تعالى {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} فقرَّعهم صالح ووبَّخهم وقال: أتظنون أنكم باقون في الدنيا بلا موت {فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} أي في بساتين وأنهار جاريات {وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ} أي وسهولٍ فسيحة فيها من أنواع الزروع والنخيل والرطب اللين ؟ أتتركون في كل ذلك النعيم دون حساب ولا جزاء قال المفسرون: كانت أرض ثمود كثيرة البساتين والماء والنخل فذكَّرهم صالحٌ بنعم الله الجليلة من إنبات البساتين والجنات، وتفجير العيون الجاريات، وإِخراج الزروع والثمرات، ومعنى "الهضيم" اللطيف الدقيق وهو قول عكرمة، وقال ابن عباس معناه: اليانع النضيج {وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ} أي وتبنون بيوتاً في الجبال أشرين بطرين من غير حاجةٍ لسكناها قال الرازي: وظاهر هذه الآيات يدل على أنَّ الغالب على قوم "هود" هو اللذاتُ الخيالية وهي الاستعلاء، والبقاء، والتجبر، والغالب على قوم "صالح" هو اللذاتُ الحسية وهي طلب المأكول، والمشروب، والمساكن الطيبة وقال الصاوي: كانت أعمارهم طويلة فإِن السقوف والأبنية كانت تبلى قبل فناء أعمارهم، لأن الواحد منهم كان يعيش ثلاثمائة سنة إلى ألف {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} أي فاتقوا عقاب الله وأطيعوني في نصيحتي لكم {وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ} أي ولا تطيعوا أمر الكبراء المجرمين {الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ} أي الذين عادتهم الفساد في الأرض لا الإِصلاح قال الطبري: وهم الرهط التسعة الذين وصفهم الله بقوله {وكان في المدينة تسعةُ رهطٍ يُفسدون في الأرض ولا يُصلحون} {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ} أي من المسحورين سُحرت حتى غُلب على عقلك قال المفسرون: والمُسحَّر مبالغةٌ من المسحور {مَا أَنْتَ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا} أي لستَ يا صالح إلا رجلاً مثلنا، فكيف تزعم أنك رسول الله ؟ {فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ} أي فائتنا بمعجزة تدل على صدقك {قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ} أي هذه معجزتي إليكم وهي الناقة التي تخرج من الصخر الأصم بقدرة الله قال المفسرون: روي أنهم اقترحوا عليه ناقة عُشراء - حامل - تخرج من صخرة معينة وتلد أمامهم، فقعد صالح عليه السلام يتفكر فجاءه جبريل فقال: صلِّ ركعتين وسلْ ربك الناقة ففعل، فخرجت الناقة وولدت أمامهم وبركت بين أيديهم فقال لهم هذه ناقة يا قوم {لَهَا شِرْبٌ وَلَكمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} أي تشرب ماءكم يوماً، ويوماً تشربون أنتم الماء قال قتادة: إذا كان يوم شربها شربت ماءهم كلَّه، وشربهُم في اليوم الذي لا تشرب هي فيه، وتلك آيةٌ أخرى {وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ} أي لا تنالوها بأيِّ ضرر بالعقر أو بالضرب {فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ} أي فيصيبكم عذاب من الله هائل لا يكاد يوصف قال ابن كثير: حذَّرهم نقمة الله إن أصابوها بسوء، فمكثت الناقة بين أظهرهم حيناً من الدهر، تردُ الماء وتأكل الورق والمرعى، وينتفعون بلبنها يحلبون منها ما يكفيهم شرباً وريَّاً، فلما طال عليهم الأمد وحضر أشقاهم تمالؤوا على قتلها وعقرها {فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ} أي فقتلوها رمياً بالسهام، رماها أشقاهم - قُدار بن سالف - بأمرهم ورضاهم فأصبحوا نادمين على قتلها خوف العذاب قال الفخر الرازي: لم يكن ندمهم ندم التائبين، لكن ندم الخائفين من العذاب العاجل {فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ} أي العذاب الموعود، وكان صيحةً خمدت لها أبدانهم، وانشقت لها قلوبهم، وزُلزلت الأرض تحتهم زلزالاً شديداً، وصُبَّت عليهم حجارة من السماء فماتوا عن آخرهم {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً} أي لعظةً وعبرة لمن عقل وتدبَّر {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} تقدم تفسيرها فيما سبق.
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:58 PM
{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ(160)إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ(161)إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ(162)فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(163)وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ(164)أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ(165)وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ(166)قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ(167)قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ(168)رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ(169)فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ(170)إِلا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ(171)ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخَرِينَ(172)وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ(173)إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ(174)وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(175)}.
ثم شرع تعالى في ذكر قصة "لوط" فقال {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ} أي كذبوا رسولهم لوطاً {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ} أي ألا تخافون عقاب الله وانتقامه في عبادتكم غيره ! {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ* وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} نفسُ الكلمات والألفاظ التي قالها من قبلُ صالحٌ، وهودٌ، ونوح مما يؤكد أن دعوة الرسل واحدة، وغايتها واحدة، وأن منشأها هو الوحي السماوي، ثم قال لهم لوط {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنْ الْعَالَمِينَ} استفهامُ إِنكارٍ وتوبيخٍ وتقريعٍ أي أَتنْكحون الذكور في أدبارهم، وتنفردون بهذا الفعل الشنيع من بين سائر الخلق ؟ {وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} أي وتتركون ما أباح لكم ربكم من الاستمتاع بالإِناث؟ قال مجاهد: تركتم فروج النساء إلى أدبار الرجال {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} أي بل أنتم قوم مجاوزون الحدَّ في الإِجرام والفساد، وبَّخهم على إتيانهم الذكور، ثم أضرب عنه إلى ما هو أبلغ في التوبيخ كأنه يقول خرجتم عن حدود الإِنسانية إلى مرتبة البهيمية بعدوانكم وارتكابكم هذه الجريمة الشنيعة، فالذكر من الحيوان يأنف عن إتيان الذكر، وأنتم فعلتم ما يتورع عنه الحيوان {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنْ الْمُخْرَجِينَ} أي لئن لم تترك تقبيح ما نحن عليه لنخرجنك من بين أظهرنا وننفيك من بلدنا كما فعلنا بمن قبلك، توعدوه بالنفي والطرد {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنْ الْقَالِينَ} أي إني لعملكم القبيح من المبغضين غاية البغض وأنا بريء منكم {رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ} أي نجني من العذاب الذي يستحقونه بعملهم القبيح أنا وأهلي قال تعالى {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} أي نجيناه مع أهله جميعاً إلا امرأته كانت من الهالكين، الباقين في العذاب قال ابن كثير: والمراد بالعجوز امرأته فقد كانت عجوز سوء، بقيت فهلكت مع من بقي من قومها حين أمره الله أن يسريَ بأهله إلا امرأته {ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخَرِينَ} أي أهلكناهم أشد إهلاكٍ وأفظعه بالخسف والحَصْب {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا} أي أمطرنا عليهم حجارة من السماء كالمطر الزاخر {فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ} أي بئس هذا المطر مطر القوم المُنْذرين الذين أنذرهم نبيهم فكذبوه {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً} أي إنَّ في ذلك لعبرة وعظة لأولي البصائر {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ *وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} تقدم تفسيره.
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:58 PM
{كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ(176)إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ(177)إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ(178)فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ(179)وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ(180)أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ(181)وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ(182)وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ(183)وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الأَوَّلِينَ(184) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ(185)وَمَا أَنْتَ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ(186)فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ(187)قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ(188)فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ(189)إِنَّ فِي ذَلِكَ لايَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ(190)وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(191)}.
ثم شرع تعالى في ذكر قصة "شعيب" فقال: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ} أي كذَّب أصحاب مدين نبيهم شعيباً قال الطبري: والأيكةُ: الشجرُ الملتف وهم أهل مدين {إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} سبق تفسيره {أَوْفُوا الْكَيْلَ} أي أوفوا الناس حقوقهم في الكيل والوزن {وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُخْسِرِينَ} أي من المُنْقِصين المُطَفِّفين في المكيال والميزان {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} أي زنوا بالميزان العدل السويّ {وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} أي لا تثنقصوا حقوق الناس بأي طريق كان بالهضم أو الغبن أو الغصب ونحو ذلك {وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} أي ولا تُفسدوا في الأرض بأنواع الفساد من قطع الطريق، والغارة، والسلب والنهب {وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الأَوَّلِينَ} أي خافوا الله الذي خلقكم وخلق الخليقة المتقدمين قال مجاهد: الجِبِلَّة: الخليقة ويعني بها الأمم السابقين {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ} أي ما أنت إلا من المسحورين، سُحِرت كثيراً حتى غُلب على عقلك {وَمَا أَنْتَ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا} أي أنت إنسانٌ مثلنا ولست برسول {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ} أي ما نظنك يا شعيب إلاّ كاذباً، تكذب علينا فتقول أنا رسول الله {فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنْ السَّمَاءِ} أي أنزلْ علينا العذاب قِطَعاً من السماء، وهو مبالغة في التكذيب {إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ} أي إن كنت صادقاً فيما تقول قال الرازي: وإِنما طلبوا ذلك لاستبعادهم وقوعه، فظنوا أنه إذا لم يقع ظهرَ كذبه فعندها أجابهم شعيب {قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} أي الله أعلم بأعمالكم، فإِن كنتم تستحقون ذلك جازاكم به وهو غير ظالم لكم، وإن كنتم تستحقون عقاباً آخر فإِليه الحكم والمشيئة، قال تعالى {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} أي فكذبوا شعيباً فأخذهم ذلك العذاب الرهيب عذابُ يوم الظُلَّة وهي السحابة التي أظلتهم قال المفسرون: بعث الله عليهم حراً شديداً فأخذ بأنفاسهم، فخرجوا من البيوت هرباً إلى البرية، بعث الله عليهم سحابةً أظلَّتهم من الشمس، فوجدوا لها برداً ونادى بعضهم بعضاً حتى إذا اجتمعوا تحتها أرسل الله عليهم ناراً فاحترقوا جميعاً، وكان ذلك من أعظم العذاب ولهذا قال {إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} أي كان عذاب يوم هائل، عظيم في الشدة والهَول {إِنَّ فِي ذَلِكَ لايَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ *وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} وإِلى هنا ينتهي آخر القصص السبع التي أوحيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لصرفه عن الحرص على إسلام قومه، وقطع رجائه ودفع تحسره عليهم كما قال في أول السورة {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} ففيها تسلية لرسول الله وتخفيفٌ عن أحزانه وآلامه، وإنما كرر في نهاية كل قصة قوله {إِنَّ فِي ذَلِكَ لايَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ *وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} ليكون ذلك أبلغ في الاعتبار، وأشدَّ تنبيهاً لذوي القلوب والأبصار.
محمد حسن ضبعون
07-07-2010, 11:59 PM
{وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ(192)نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ(193)عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ(194)بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ(195)وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ(196)أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ(197)وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأَعْجَمِينَ(198)فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ(199)كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ(200)لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ(201) فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ(202)فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ(203)أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ(204)أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ(205)ثُمَّ جَاءهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ(206)مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ(207)وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلا لَهَا مُنذِرُونَ(208)ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ(209)وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ(210)وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ(211)إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ(212)}
سبب النزول:
نزول الآية (205):
{أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ... } أخرج ابن أبي حاتم عن أبي جهضم قال : "رئي النبي صلى الله عليه وسلم، كأنه متحير، فسألوه عن ذلك، فقال: ولِمَ، ورأيت عدوي يكون من أمتي بعد ؟ فنزلت: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ* ثُمَّ جَاءهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ* مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} فطابت نفسه".
{وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أي وإِن هذا القرآن المعجز لتنزيلُ ربّ الأرباب {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ} أي نزل به أمين السماء جبريل عليه السلام {عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ} أي أنزله على قلبك يا محمد لتحفظه وتُنذر بآياته المكذبين {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} أي بلسانٍ عربي فصيح هو لسان قريش، لئلا يبقى لهم عذر فيقولوا : ما فائدة كلامٍ لا نفهمه ؟ قال ابن كثير: أنزلناه باللسان العربي الفصيح، الكامل الشامل، ليكون بيناً واضحاً، قاطعاً للعذر مقيماً للحجة، دليلاً إلى المحجة {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ} أي وإِن ذكر القرآن وخبره لموجودٌ في كتب الأنبياء السابقين {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً} الاستفهام للتوبيخ والتقريع أي أولم يكن لكفار مكة علامة على صحة القرآن {أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} أي أن يعلم ذلك علماء بني إسرائيل الذين يجدون ذكر هذا القرآن في كتبهم كعبد الله بن سلام وأمثاله {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأَعْجَمِينَ} أي لو نزلنا هذا القرآن بنظمه الرائق المعجز على بعض الأعجمين الذين لا يقدرون على التكلم بالعربية {فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ} أي فقرأه على كفار مكة قراءة صحيحة فصيحة، وانضم إعجاز القراءة إلى إعجاز المقروء ما آمنوا بالقرآن لفرط عنادهم واستكبارهم {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} أي كذلك أدخلنا القرآن في قلوب المجرمين، فسمعوا به وفهموه، وعرفوا فصاحته وبلاغته، وتحققوا من إعجازه ثم لم يؤمنوا به وجحدوه {لا يُؤْمِنُونَ بِهِ} أي لا يصدّقون بالقرآن مع ظهور إعجازه {حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ} أي حتى يشاهدوا عذاب الله المؤلم فيؤمنوا حيث لا ينفع الإِيمان {فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} أي فيأتيهم عذاب الله فجأة {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} أي وهم لا يعلمون بمجيئه ولا يدرون {فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ} أي فيقولوا حين يفجأهم العذاب - تحسراً على ما فاتهم من الإِيمان وتمنياً للإِمهال - هل نحن مؤخرون لنؤمن ونصدّق {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ} إِنكارٌ وتوبيخ أي كيف يستعجل العذاب هؤلاء المشركون ويقولون {ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}؟ وحاُلهم عند نزول العذاب أنهم يطلبون الإِمهال والنظرة؟ {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ} أي أخبرني يا محمد إن متعناهم سنين طويلة، مع وفور الصحة ورغد العيش {ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ} أي ثم جاءهم العذاب الذي وُعدوا به {مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ}؟ أي ماذا ينفعهم حينئذٍ ما مضى من طول أعمارهم، وطيب معاشهم؟ هل ينفعهم ذلك النعيم في تخفيف الحزن، أو دفع العذاب؟ {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ} أي وما أهلكنا أهل قرية من القرى، ولا أُمةً من الأمم {إِلا لَهَا مُنذِرُونَ} أي إلاّ بعدما ألزمناهم الحجة بإِرسال الرسل مبشرين ومنذرين {ذِكْرَى} أي ليكون إهلاكهم تذكرةً وعبرة لغيرهم فلا يعصوا مثل عصيانهم {وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ} أي وما كنا ظالمين في تعذيبهم، لأننا أقمنا الحجة عليهم وأعذرنا إليهم .. ثم إنه تعالى بعد أن نبّه على إعجاز القرآن وصدق نبوة محمد عليه السلام ردَّ على قول من زعم من الكفار أن القرآن من إلقاء الجن والشياطين كسائر ما ينزل على الكهنة فقال {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ} أي وما تنزَّلت بهذا القرآن الشياطين، بل نزل به الروح الأمين {وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} أي وما يصح ولا يستقيم أن يتنزل بهذا القرآن الشياطين، ولا يستطيعون ذلك أصلاً {إِنَّهُمْ عَنْ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} أي لأنهم منعوا من استراق السمع منذ بعث محمد عليه السلام، وحيل بينهم وبين السمع بالملائكة والشهب، فكيف يستطيعون أن يتنزلوا به ؟ قال ابن كثير: ذكر تعالى أنه يمتنع ذلك عليهم من ثلاثة أوجه: أحدها أنه ما ينبغي لهم لأن سجاياهم الفساد، وإضلال العباد، وهذا فيه نورٌ وهدى وبرهان عظيم، الثاني: أنه لو انبغى لهم لما استطاعوا ذلك، وهذا من حفظ الله لكتابه وتأييده لشرعه الثالث: أنه لو انبغى لهم واستطاعوا حمله وتأديته لما وصلوا إلى ذلك لأنهم بمعزلٍ عن استماع القرآن، لأن السماء مُلئت حرساً شديداً وشهباً، فلم يخلص أحد من الشياطين لاستماع حرفٍ واحد منه لئلا يشتبه الأمر.
محمد حسن ضبعون
08-07-2010, 12:00 AM
{فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ(213)وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ(214)وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنْ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(215)فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ(216)وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ(217)الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ(218)وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ(219)إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(220)}.
{فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والمراد غيره أي لا تعبد يا محمد مع الله معبوداً آخر {فَتَكُونَ مِنْ الْمُعَذَّبِينَ} أي فيعذبك الله بنار جهنم قال ابن عباس: يُحذّر به غيره يقول: أنتَ أكرمُ الخلق عليَّ، ولو اتخذت من دوني إلهاً لعذبتك، ثم أمر تعالى رسوله بتبليغ الرسالة فقال {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} أي خوِّف أقاربك الأقرب منهم فالأقرب من عذاب الله إن لم يؤمنوا، روي أنه صلى الله عليه وسلم قام حين نزلت عليه {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} فقال: "يا معشر قريشٍ اشتروا أنفسكم من اللهِ لا أُغني عنكم من الله شيئاً، يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا عباسُ بن عبدِ المطلب لا أغني عنك من الله شيئاً، يا صفيةُ عمةَ رسول الله لا أُغني عنك من الله شيئاً، يا فاطمةُ بنتَ محمد سليني ما شئتِ لا أُغني عنك من الله شيئاً" قال المفسرون: وإِنما أُمر صلى الله عليه وسلم بإِنذار أقاربه أولاً لئلا يظن أحدٌ به المحاباة واللطف معهم فإِذا تشدَّد على نفسه وعلى أقاربه كان قوله أنفع، وكلامه أنجع {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ} أي تواضعْ وأَلِنْ جانبك لأتباعك المؤمنين {فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ} أي فإِن لم يطيعوك وخالفوا أمرك فتبرأ منهم ومن أعمالهم قال أبو حيان: لما كان الإِنذار يترتب عليه الطاعة أو العصيان جاء التقسيم عليهما فكأن المعنى: من اتبعك مؤمناً فتواضع له، ومن عصاك فتبرأ منهم ومن أعمالهم {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} أي فوّض جميع أمورك إلى الله العزيز، الذي يقهر أعداءك بعزته، وينصرك عليهم برحمته {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ} أي يراك حين تكون وحدك تقوم من فراشك أو مجلسك وقال ابن عباس: حين تقوم إلى الصلاة {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} أي ويرى تقلُّبك مع المصلين في الركوع والسجود والقيام، والمعنى يراك وحدك ويراك في الجماعة {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} أي إنه تعالى السميع لما تقوله، العليم بما تخفيه.
محمد حسن ضبعون
08-07-2010, 12:01 AM
{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ(221)تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ(222)يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ(223)وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ(224)أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ(225)وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ(226)إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ(227)}.
سبب النزول:
نزول الآية (224) وما بعدها:
{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمْ الْغَاوُونَ}: أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : تهاجى رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحدهما من الأنصار، والآخر من قوم آخرين، وكان مع كل واحد منهما غواة من قومه، وهم السفهاء، فأنزل الله: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمْ الْغَاوُونَ} الآيات
وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة قال: لما نزلت {وَالشُّعَرَاءُ} إلى قوله: {مَا لا يَفْعَلُونَ} قال عبد الله بن رَواحة: قد علم الله أني منهم، فأنزل الله: {إِلا الَّذِينَ آمَنُوا} إلخ السورة.
وأخرج ابن جرير والحاكم عن أبي حسن البرّاد قال: لما نزلت {وَالشُّعَرَاءُ} الآية، جاء عبد الله بن رواحة، كَعْب بن مالك، وحسان بن ثابت، فقالوا: يا رسول الله، والله لقد أنزل الله هذه الآية، وهو يعلم أنا شعراء، هلكنا، فأنزل الله: {إِلا الَّذِينَ آمَنُوا} الآية، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلاها عليهم.
{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ} ؟ أي قل يا محمد لكفار مكة: هل أخبركم، على من تتنزَّل الشياطين؟ وهذا ردٌّ عليهم حين قالوا إنما يأتيه بالقرآن الشياطين {تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} أي تتنزَّل على كل كذَّابٍ فاجر، مبالغٍ في الكذب والعدوان، لا على سيّد ولد عدنان {يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ} أي تُلقي الشياطين ما استرقوه من السمع إلى أوليائهم الكهنة، وأكثرهم يكذبون فيما يوحون به إليهم وفي الحديث (تلك الكلمةُ من الحقِّ يخطفها الجنيُّ فيقرقرها - أي يلقيها - في أُذن وليّه كقرقرة الدجاج، فيخلطون معها أكثر من مائة كذبة) قال الزمخشري: {يُلْقُونَ السَّمْعَ} هم الشياطين كانوا قبل أن يُحجبوا بالرجم يسمّعون إلى الملأ الأعلى، فيختطفون بعض ما يتكلمون به مما اطلعوا عليه من الغيوب، ثم يوحون به إلى أوليائهم من الكهنة والمتنبئة {وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ} فيما يوحون به إليهم، لأنهم يُسمعونهم ما لم يسمعوا، ثم ردَّ تعالى على من زعم أن محمداً شاعر فقال {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} أي يتبعهم الضالون لا أهل البصيرة والرشاد {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} أي ألم تر أيها السامع العاقل أنهم يسلكون في المديح والهجاء كل طريق، يمدحون الشيء بعد أن ذمّوه، ويعظّمون الشخص بعد أن احتقروه قال الطبري: وهذا مثلٌ ضربه الله لهم في افتتانهم في الوجوه التي يُفتنون فيها بغير حق، فيمدحون بالباطل قوماً ويهجون آخرين {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ} أي يكذبون فينسبون لأنفسهم ما لم يعملوه قال أبو حيان: أخبر تعالى عن الشعراء بالأحوال التي تخالف حال النبوة، إذْ أمرهُم كما ذُكر من اتّباع الغُواة لهم، وسلوكهم أفانين الكلام من مدح الشيء وذمّه، ونسبة ما لا يقع منهم إليهم، وهذا مخالف لحال النبوة فإِنها طريقة واحدة لا يتبعها إلا الراشدون، ثم استثنى تعالى فقال {إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } أي صدقوا في إيمانهم وأخلصوا في أعمالهم {وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} أي لم يشغلهم الشعرُ عن ذكر الله ولم يجعلوه همَّهم ودينهم {وَانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} أي هجوا المشركين دفاعاً عن الحق ونصرةً للإِسلام {وَسيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا} وعيدٌ عام في كل ظالم، تتفتت له القلوب وتتصدع لهوله الأكباد أي وسيعلم الظالمون المعادون لدعوة الله ومعهم الشعراء الغاوون {أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}؟ أي أيَّ مرجع يرجعون إليه، وأي مصيرٍ يصيرون إليه؟ فإِنَّ مرجعهم إلى العقاب وهو شرُّ مرجع، ومصيرهم إلى النار وهو أقبح مصير.
محمد صلاح الحفناوي
13-07-2010, 02:43 PM
صديقي العزيز الأستاذ / محمد ضبعون
موضوع أكثر من رائع
القرأن مليئ بالمعجزات التي يقف الإنسان أمامها بعلمه وتقدمه عاجزاً أن يصل إليها
قصة سيدنا موسي خاصة تحظي باهتمام أهل مصر بشكل خاص باعتبار إنها المكان الذي وقعت فيه الأحداث وهذا تكريم من الله .
شئ أخر أثار اهتمامي في هذا الموضوع
الباحث الذي اهتم وسافر وخاطر بحياته ليس فقط هو بل حياة أسرته
باحث أجنبي
!!!!!!!!!
أنا لا أرفض هذا ، فعلي الأقل حدوث هذا كان سبباً في إسلامه
ولكن
أين العلماء والباحثين المسلمين ؟
العلماء تركوا الموضوعات الهامة واختلفوا في أمور تصل لحد التفاهة ولا يتقبلها عقل ، والحديث فيها ضرر كبيير ، ومثيري هذه الموضوعات لا يريدون إل أن يروا ما يحدث الأن ...
محمد حسن ضبعون
15-07-2010, 02:17 PM
صديقي العزيز الأستاذ / محمد ضبعون
موضوع أكثر من رائع
القرأن مليئ بالمعجزات التي يقف الإنسان أمامها بعلمه وتقدمه عاجزاً أن يصل إليها
قصة سيدنا موسي خاصة تحظي باهتمام أهل مصر بشكل خاص باعتبار إنها المكان الذي وقعت فيه الأحداث وهذا تكريم من الله .
شئ أخر أثار اهتمامي في هذا الموضوع
الباحث الذي اهتم وسافر وخاطر بحياته ليس فقط هو بل حياة أسرته
باحث أجنبي
!!!!!!!!!
أنا لا أرفض هذا ، فعلي الأقل حدوث هذا كان سبباً في إسلامه
ولكن
أين العلماء والباحثين المسلمين ؟
العلماء تركوا الموضوعات الهامة واختلفوا في أمور تصل لحد التفاهة ولا يتقبلها عقل ، والحديث فيها ضرر كبيير ، ومثيري هذه الموضوعات لا يريدون إل أن يروا ما يحدث الأن ...
أخى ورفيق دربى
الأستاذ / محمد صلاح
استفسارك فى محله أين علمائنا
مرور كريم بارك الله فيك
مملكة الاحلام
08-10-2010, 11:59 AM
You can see links before reply
محمد حسن ضبعون
25-11-2010, 09:24 PM
You can see links before reply=43 (You can see links before reply=43)
هذا هو موقع الفيديو الذي هز العالم
الحقيقة الصارخة محمد (You can see links before reply)صلى الله عليه وسلم مذكور في التوراة (You can see links before reply)والإنجيل فيديو
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول الله تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًابِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًابَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ وقال الله تعالى في محكم تنزيله : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ويقول ايضا تعالى: الّذِينَ ءَاتَيْنَهُمُ الْكِتَب يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ
ويقول ايضا (((أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل
ويقول: محَمّدٌ رّسولُ اللّهِ وَ الّذِينَ مَعَهُ أَشِدّاءُ عَلى الْكُفّارِ رُحَمَاءُ بَيْنهُمْ تَرَاهُمْ رُكّعاً سجّداً يَبْتَغُونَ فَضلاً مِّنَ اللّهِ وَ رِضوَناً سِيمَاهُمْ فى وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السجُودِ ذَلِك مَثَلُهُمْ فى التّوْرَاةِ وَ مَثَلُهُمْ فى الانجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شطئَهُ فَئَازَرَهُ فَاستَغْلَظ فَاستَوَى عَلى سوقِهِ يُعْجِب الزّرّاعَ لِيَغِيظ بهِمُ الْكُفّارَ وَعَدَ اللّهُ الّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصلِحَتِ مِنهُم مّغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيمَا صحيح البخاري - كتاب البيوع
باب كراهية السخب في السوق - حديث : 20365497
حدثنا محمد (You can see links before reply)بن سنان ، حدثنا فليح ، حدثنا هلال ، عن عطاء بن يسار ، قال : لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، قلت : أخبرني عن صفة رسول الله في التوراة (You can see links before reply)؟ قال : " أجل ، والله إنه لموصوف في التوراة (You can see links before reply)ببعض صفته في القرآن : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ، وحرزا للأميين ، أنت عبدي ورسولي ، سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ، ولا سخاب في الأسواق ، ولا يدفع بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويغفر ، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء ، بأن يقولوا : لا إله إلا الله ، ويفتح بها أعينا عميا ، وآذانا صما ، وقلوبا غلفا
هذه صفات رسول الله في التوراة
قاتلهم الله كيف يحرفون ويطمسون الحقيقة
اخوتي منذ أيام رايت فيديو رائع لذا قررت أن أنقله كتابيا, وبالفيديو بالصوت والصورة وهو
الحقيقة الصارخة محمد (You can see links before reply)مذكور في التوراة (You can see links before reply)والإنجيل وهو من انتاج الحقيقة سوف تسود ونصه كالاتى
(يقولون:
" ان الأعداد المزعوم على أنها تشير الى نبوة محمد (You can see links before reply)في الانجيل لا تمت له بأية صلة و لا تتكلم عن قدومه".
" محمد (You can see links before reply)غير مذكور في العهد القديم, محمد (You can see links before reply)غير مذكور في أي مكان من سفر التكوين و حتى سفر الرؤيا"
"ان كان محمد (You can see links before reply)هذا رسول من عند الله فهي مزحة"
فنقول كاذبون... اليكم الحقيقة الصارخة حول أن محمد (You can see links before reply)مذكور بالاسم في كتبهم.
قال تعالى: انا أوحينا اليك كما أوحينا الى نوح و النبيين من بعده و أوحينا الى ابراهيم و اسماعيل و اسحاق و يعقوب و الأسباط و عيسى و أيوب و يونس و هارون و سليمان و آتينا داود زبورا النساء 163
في
هذه الآية يخبر الله العالم (You can see links before reply)أجمع بأن محمد (You can see links before reply)قد جاءه الوحي تماما كابراهيم و نوح و باقي الأنبياء,
لكن اليهود و النصارى اليوم لا يؤمنون بأن محمد (You can see links before reply)كان نبي.
و بما أن القرآن ليس كتاب ذو سلطة بالنسبة اليهم فسنريهم بأن الكتاب الذي (You can see links before reply)يحملونه بين أيديهم يحتوي على اسم خاتم الأنبياء محمد (You can see links before reply)صلى الله عليه و سلم.
من المعلوم أن العهد القديم تم حفظه باللغة العبرية القديمة , في الأصحاح الخامس من سفر " شيرها شيرين" الذي (You can see links before reply)هو أحد الكتب المقدسة الخمسة الموجودة في الانجيل العبري, أو كما يعرف باسم " نشيد شليمان" كما يسمونه النصارى اليوم....
هذا الأصحاح يتحدث عن أحد الأشخاص : يقول اليهود بأن هذا الشخص هو سليمان, في حين أن النصارى يقولون بأنه عيسى و بما أن عنوان السفر يحمل اسم سليمان فيبدو من المنطق القول بأنه يتحدث عنه, لكن يبدو أن التي تصف هي امرأة لذا فمن المحتمل أن تكون احدى زوجات سليمان هي من تصف زوجها .
لكن النصارى على يقين تام بأنه عيسى لأن الأصحاح يتحدث عن رجل لم يكن قد ولد بعد: أي أنها نبوءة.
في هذه الآية بالذات ذكر اسم محمد (You can see links before reply)لولا اضافة حروف العلة (أو التحريف) الى النسخة العبرية في القرن 8 ميلادي
اليكم الترجمة الانجليزية:
" his mouth is sweetness it self he is altogether lovely. this is my lover this is my friend o daughters of jerusalem"
الترجمة العربية:
" حلقه حلاوة و كله مشتهيات. هذا حبيبي , و هذا خليلي, يا بنات أورشليم"
الكلمات المسطرة هي في الأصل و قبل التحريف اسم محمد (You can see links before reply)لكن الاسم يظهر جليا (מחמד)(mem - chet ( het) - mem - dalet)
الآن عند قراءة هذه الكلمة بصيغتها الأصلية و بدون أحرف العلة, يمكن قراءتها ك" مُحَمد" "mahammed" الذي (You can see links before reply)هو نبي المسلمين, أو " مَحْمد" "mahmed" التي هي كلمة عبرية عشوائية
لكي نستطيع التأكد من اللفظ قام منجز هذا الفيديو (You can see links before reply)باعطاء العدد الأصلي لحاخام يهودي (لكن بدون علمه من الهدف) و سأله " من فضلك اقرأ"
أقسم لكم أني سمعت القراءة و نطقها " مُحَمد" نبي الله
عند القراءة أضاف اليهود حرف ميم في آخر الكلمة كالتالي(mem - chet ( het) - mem - dalet
يرجى الانتباه ان حرف " م" بعد الاسم هو جمع احترام في اللغة العبرية)
يقول منجز الفيديو:
تستطيعون استعمال أداة "SDL" ( SDL/FREETRANSLATION.COM)المجاني ة الشهيرة للترجمة و التي تتضمن ترجمة بشرية احترافية بالاضافة الى ترجمة مباشرة على الخط:
قوموا بنسخ الكلمة العبرية من نشيد الأنشاد من هذا الموقع العبري مباشرة.
( انه الموقع ذاته حيث يمكنك من خلاله الاستماع الى قراءات الحاخامات و خصوصا اسم محمد( song of songs chapter 5)
اذا, قوموا بنسخ الكلمة و لصقها و من ثم نسأل " رجاءا قم بالترجمة"
هل سيقومون بترجمة معني اسم ذلك الشخص كما فعل مترجمو الانجيل و جعلوه altogether lovely؟
أم أنهم سيبقون على الاسم كما هو؟
حسنا اليكم المفاجئة: النتيجة :muhammed
و عند المترجم الشهير " world lingo" free online language translationالترجمة نفسها
وانا العبد الفقير فعلت ذلك بنفسى فى الموقع هذا والمفاجاة وجدت ما كتب بالحرف ( محمد)(muhammed)
يقول السيد " ديدات" أحد أشهر علماء الانجيل المسلمين:
لا تملكون الحق بترجمة أسماء الناس, و لكنهم فعلوا ذلك " محمد'م" ترجموها " كله مشتهيات" و بالرغم من تحريفهم بقي الاسم موجود في النص الأصلي العبري محفوظ رغما عنهم
Mr:M.Kamal
08-01-2011, 09:42 PM
يالله ما هذا المجهود الرائع والجميل لا ادرى ماذا اقول لك سيدى الفاضل
بارك الله فيك والى الامام دائما وفى انتظار المزيد
لاادرى كيف ولى لاارى مثل هذا الموضوع منذ فترة!!!!
محمد حسن ضبعون
09-01-2011, 05:14 PM
مرور كريم
شكرا جزيلا
نورا حسن على
15-07-2011, 02:58 PM
ثااااااااااانكس
Asmaa Saleh
01-04-2012, 06:50 PM
سبحان الله
Sjujgb
15-08-2023, 05:36 PM
tricor 200mg pills buy fenofibrate 160mg pills (You can see links before reply) buy cheap generic fenofibrate
Dapehv
20-08-2023, 03:22 AM
buy ketotifen without a prescription buy zaditor online cheap (You can see links before reply) imipramine 75mg price
Jjtzjq
23-08-2023, 01:06 AM
buy acarbose pills purchase precose online cheap (You can see links before reply) buy generic fulvicin
Yfmcyd
27-08-2023, 04:28 PM
order dipyridamole 25mg pill pravastatin 20mg without prescription (You can see links before reply) order pravastatin pills
Vzmfyr
28-08-2023, 07:17 PM
melatonin 3 mg over the counter norethindrone 5mg without prescription (You can see links before reply) cheap danocrine 100mg
Jigsrq
31-08-2023, 09:54 AM
duphaston buy online purchase sitagliptin online (You can see links before reply) jardiance 25mg pills
Iglnhl
04-09-2023, 12:28 PM
buy generic etodolac 600mg order mebeverine 135 mg for sale (You can see links before reply) how to get cilostazol without a prescription
Ffgfaj
12-09-2023, 10:04 PM
betahistine over the counter purchase zovirax generic (You can see links before reply) buy benemid pills
Upjkax
23-09-2023, 10:33 PM
buy generic accutane isotretinoin 10mg tablet (You can see links before reply) oral azithromycin
Xdwtge
29-09-2023, 09:50 PM
free slots poker online for money (You can see links before reply) brand albuterol
Qhpqsr
02-10-2023, 12:38 AM
symmetrel uk amantadine price (You can see links before reply) purchase dapsone generic
Akkjfs
03-10-2023, 06:17 AM
best online poker sites for real money order augmentin 625mg online cheap (You can see links before reply) synthroid without prescription
Mkblzt
04-10-2023, 08:41 PM
buy clomiphene online order isosorbide 40mg online (You can see links before reply) order imuran 50mg for sale
Zlfqnn
04-10-2023, 11:45 PM
buy methylprednisolone tablets buy cheap generic aristocort (You can see links before reply) buy aristocort 4mg without prescription
Goqsht
06-10-2023, 10:42 AM
order levitra 20mg generic purchase vardenafil generic (You can see links before reply) cost zanaflex
Gfjetu
10-10-2023, 02:27 PM
order generic lioresal order baclofen pill (You can see links before reply) oral ketorolac
Ifpbwt
14-10-2023, 05:28 PM
fosamax pills furadantin drug (You can see links before reply) purchase furadantin online cheap
Aweuvh
31-10-2023, 06:48 AM
buspar 5mg tablet purchase ezetimibe pills (You can see links before reply) cordarone cheap
Jnzubh
02-11-2023, 10:19 PM
flomax 0.2mg price cheap simvastatin 20mg (You can see links before reply) order simvastatin 20mg pills
Afkkge
04-11-2023, 12:26 PM
professional paper writers editing essays (You can see links before reply) help writing a paper
Klxdgc
04-11-2023, 03:56 PM
aldactone 25mg ca spironolactone pills (You can see links before reply) propecia 1mg oral
Lncydc
06-11-2023, 11:46 AM
diflucan 100mg price baycip canada (You can see links before reply) baycip online order
Uecihj
06-11-2023, 11:55 AM
sildenafil 50mg tablet buy cheap estradiol (You can see links before reply) order estrace 2mg
Hydjnp
08-11-2023, 07:06 AM
cheap flagyl 400mg order flagyl 400mg online (You can see links before reply) buy cephalexin sale
Dkgcts
08-11-2023, 11:03 AM
order lamotrigine online cheap lamotrigine oral (You can see links before reply) vermox 100mg canada
Ddsnkx
10-11-2023, 02:07 AM
brand clindamycin purchase sildenafil sale (You can see links before reply) order fildena 100mg online
Dnzpsf
10-11-2023, 09:59 AM
oral retin gel buy tretinoin generic (You can see links before reply) avanafil 100mg canada
Euinjl
11-11-2023, 07:51 PM
buy tamoxifen 10mg without prescription symbicort online order (You can see links before reply) budesonide online
Wzeodq
12-11-2023, 10:44 AM
tadacip 10mg us order tadalafil 20mg online cheap (You can see links before reply) order indocin without prescription
Cyvdve
13-11-2023, 03:13 PM
order cefuroxime 500mg without prescription robaxin 500mg pills (You can see links before reply) methocarbamol 500mg for sale
Yxoujw
15-11-2023, 07:12 PM
purchase desyrel generic purchase clindac a (You can see links before reply) buy clindac a generic
Lqymrd
16-11-2023, 01:42 AM
terbinafine 250mg tablet buy cheap terbinafine (You can see links before reply) online casino for real cash
Ccmagv
17-11-2023, 11:36 AM
aspirin cheap gamble with real money online (You can see links before reply) play roulette
Igoaqo
18-11-2023, 03:24 AM
buy an essay online college essay quizlet (You can see links before reply) suprax 200mg uk
Vcbcfx
20-11-2023, 05:04 AM
order amoxicillin 250mg pills generic macrobid (You can see links before reply) macrobid without prescription
Kolbex
21-11-2023, 07:03 AM
calcitriol 0.25 mg cost order labetalol pills (You can see links before reply) order tricor 200mg
Kkrfpo
22-11-2023, 04:44 AM
order catapres 0.1mg order meclizine 25mg without prescription (You can see links before reply) tiotropium bromide order
Akfsaz
23-11-2023, 01:13 AM
best dermatologist treatment for acne strong acne medication prescription (You can see links before reply) buy oxcarbazepine 600mg sale
Qkkzsh
24-11-2023, 02:22 AM
buy minocin online cheap cheap ropinirole 1mg (You can see links before reply) requip us
Irlpna
24-11-2023, 06:36 PM
buy alfuzosin online prescription strength allergy meds (You can see links before reply) vomiting after taking medicine liability
Cgogrv
26-11-2023, 05:00 AM
letrozole 2.5 mg cheap aripiprazole 20mg brand (You can see links before reply) cost abilify 20mg
Jnzppk
26-11-2023, 12:17 PM
best prescription sleep aids alopecia treatment over the counter (You can see links before reply) online prescriptions for weight loss
Wlmxcn
28-11-2023, 03:08 AM
cost provera 10mg hydrochlorothiazide 25mg brand (You can see links before reply) hydrochlorothiazide 25 mg cheap
Dljyif
28-11-2023, 06:56 AM
non prescription smoking cessation products uk list of standard painkillers (You can see links before reply) legal online pain medication prescriptions
Qwckcm
01-12-2023, 02:54 AM
buy antifungal pills online medication for herpes simplex 2 (You can see links before reply) alpha 1 adrenergic agonists
Zhmolz
01-12-2023, 05:04 AM
buy duloxetine sale provigil 100mg oral (You can see links before reply) purchase modafinil pill
Xdabel
02-12-2023, 07:22 PM
how to cure erosive gastritis prescription meds for ulcers (You can see links before reply) over the counter treatment for uti in women
Eddmpn
03-12-2023, 12:07 AM
phenergan usa buy promethazine generic (You can see links before reply) ivermectin 3mg otc
Ksrjqh
04-12-2023, 10:52 AM
birth control commercial grocery store online treatment for prostatitis (You can see links before reply) mega load pills
Szpfvi
04-12-2023, 06:45 PM
prednisone 20mg cost deltasone 5mg pill (You can see links before reply) amoxicillin 500mg uk
Iawpjn
06-12-2023, 08:31 AM
chest pain after taking vitamins can you take ibuprofen with penicillin (You can see links before reply) prescription medication to treat flatulence
Wqqpkc
06-12-2023, 07:59 PM
zithromax 500mg for sale buy neurontin 600mg generic (You can see links before reply) order neurontin 800mg for sale
Ajryyx
08-12-2023, 08:30 AM
actigall tablet order urso online (You can see links before reply) purchase cetirizine without prescription
Hcvhjs
10-12-2023, 05:10 AM
order strattera purchase strattera online (You can see links before reply) buy sertraline 100mg pills
Kdfrft
11-12-2023, 03:09 AM
furosemide 40mg oral ventolin inhalator price (You can see links before reply) buy albuterol online
Oatdtc
11-12-2023, 10:11 PM
lexapro 20mg without prescription revia 50 mg generic (You can see links before reply) revia 50mg oral
Yyppbo
13-12-2023, 12:52 AM
augmentin 625mg oral order generic clomiphene (You can see links before reply) order clomid 100mg without prescription
Pkrcai
13-12-2023, 09:51 PM
buy combivent without a prescription combivent uk (You can see links before reply) buy linezolid 600 mg generic
Gihhro
16-12-2023, 05:37 AM
brand starlix 120mg purchase captopril pill (You can see links before reply) order atacand 16mg pill
Xkwgll
16-12-2023, 11:35 AM
buy vardenafil generic purchase vardenafil pills (You can see links before reply) buy plaquenil online
Qliqwf
20-12-2023, 06:10 AM
buy lipitor pills for sale zestril order (You can see links before reply) buy zestril 10mg pills
Kihufd
20-12-2023, 02:54 PM
order cefadroxil 500mg online order ascorbic acid 500mg generic (You can see links before reply) oral combivir
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir