المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عواقب الغضب



مجتبى سعيد
22-06-2010, 06:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم ،
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى ءاله وصحابته الغر الميامين.
وبعد ،
يقول الله تعالى: {ولَمَن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني قال { لا تغضب} رواه البخاري.

أحباب رسول الله.. إن الغضب للنفس صفة مذمومة،
وقد يخرج به الإنسان من اعتدال حاله ويتكلم بالباطل ويفعل القبيح،
وينوي الحقد والبغضاء وغير ذلك من الصفات المذمومة والقبائح المحرمة،
أعاذنا الله وإياكم من الغضب وشروره.

فقد جاء في الحديث " أن الغضب من الشيطان " وجاء أيضاً " أن رجلين كانا يستبان وأحدهما قد احمر وجهه وانتفخت أوداجه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ذهب عنه ما يجده}.
أجل فإن الشيطان يا أخي المسلم هو الذي يزين للإنسان الغضب وكل ما لا تحمد عاقبته فيغويه ويبعده عن كل ما يرضي الله عز وجل،
يقول الله تعالى: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} .
إن الغضب لغير الله عواقبه وخيمة،
فكم من جريمة قتل سببها الغضب..
وكم من إنسان عرض نفسه للقتل على يد حاكم أو إنسان عادي بسبب الغضب
وكم من المنازعات والخلافات واشتعال نار الأحقاد سببها عدم كف النفس عن الغضب،
وكم سبّب الغضب يا أخي القارئ بين الرجال المتزوجين طلاق زوجاتهم وخراب بيوتهم وتشريد أولادهم وما جرى من الهلاك !!!
وكم من قطيعة رحم بين الاخوة والأقارب سببها الغضب،
وقد يغضب الرجل غضباً شديداً ولا يتمالك نفسه، فيطلق زوجته بالثلاث ثم يندم على ما قد فعل،
وقد تستصعب نفسه بعد تطليقها بالثلاث أن يتزوجها رجل ءاخر حتى يراجعها،
فيستفتي أهل الجهل فيفتونه خلاف شرع الله،
كأن يقولوا له لتذهب فتغتسل بالبحر ويمر عليها ثلاث موجات ثم تراجعها،
فيراجعها بالحرام ويعاشرها معاشرة الأزواج بالحرام ويكون في ذلك هلاكه وخسارته في الدنيا والآخرة.

وإن أخطر ما يقع فيه الإنسان فيه حالة الغضب هو الكفر والعياذ بالله،
كهؤلاء الذين لا يتورّعون عند الغضب عن شتم الله وعن شتم القرءان أو النبي أو الملائكة أو دين الإسلام أو غير ذلك من ألفاظ الكفر… لمجرد غيظ نفوسهم واتباع هوى شيطانهم، فيكفرون والعياذ بالله ويخرجون من دين الإسلام وإذا ماتوا على ذلك خسروا الدنيا والآخرة.
يقول الله تعالى: {ومَن يَرتدِد منكم عن دِينه فيَمُت وهو كافر فأولـْئك حبطت أعمالُهم فى الدنيا والآخرة وأولـْئك أصحاب النار هم فيها خالدون} .

وأسوق لحضراتكم أخوة الإيمان والإسلام هذه الحادثة التي حصلت في الجزيرة العربية والتي تبين لنا عواقب الغضب الوخيمة، وما تسببه من دمار وخراب وخسارة وهلاك في الدنيا والآخرة علّنا نأخذ منها الحكم والعبر.

فقد كان من العرب القدماء رجل اسمه حمار بن مالك يسكن في الجزيرة العربية في وادي يسمى الجوف،
وكانت هذه المنطقة ذات خضرة وخصب واسع ونماء،
وقد عاش هذا الرجل في الإسلام أربعين سنة،
وكان له أبناء يحبهم،
وقد ابتلاه الله بمصيبة في أولاده حيث جاءت صاعقة ونزلت على أولاده فهلكوا وماتوا،
فما كان من هذا الرجل إلا أن غضب غضباً شديداً،
واتبع شيطانه وكفر كفراً شنيعاً،
ولم يصبر على مصيبته بل كفر وقال مخاطباً ربه "لا أعبدك"
ولم يكتف بكفره هذا بل صار كلما صادف إنساناً يأمره بالكفر،
فإن أطاعه تركه وإلا قتله،
فأخرج الله من ذلك الوادي ناراً عظيمة أحرقت هذا الكافر الخبيث وأهلكته،
وأحرقت ذلك الوادي الأخضر الخصب حتى صار أسوداً يابساً بعد أن كان ذا أنهار واخضرار..
وصار يُضرب بهذا الكافر المثل للاعتبار،
فصار يسمى حمار الجوف.
تلك هي يا أخي المسلم عواقب الغضب وشروره فإياك أن تغضب لنفسك وهواك بل اجعل غضبك لله وحده كما كان عليه الصلاة والسلام فقد قالت السيدة الجليلة عائشة رضي الله عنها: "وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله في شيء فينتقم بها له"..

تخلّق يا أخا الإسلام بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم :
فقد كان يعفو عمن ظلمه،
ويصل من قطعه من رحِمه
ويحسن إلى من أساء إليه،
يقول الله تعالى: {لقد كان لكم في رسولِ الله أُسوة حسنة لِمَن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً}

فإذا واجهتك يا أخي المسلم مصيبة أو مشكلة في بيتك وعملك أو مع الناس فإياك أن تغضب لنفسك وتتبع شيطانك،
بل صن لسانك واحفظه عن ألفاظ الكفر والضلال، وعن بذيء الكلام، وتمالك نفسك،
وتذكر قول النبي صلوات الله وسلامه عليه: «ليس الشديد من غلب الناس ولكن الشديد من غلب نفسه».واصبر أيها المسلم على المصائب والبلايا وعلى أذى الناس واكظم غيظك عند الغضب،
فإذا ما سابك أحد أو نال منك فكن متسامحاً كثير العفو والصفح وإياك والكفر فإن الكفر هو أكبر الذنوب عند الله.

اكظم غيظك أيها المسلم واحفظ لسانك عند الغضب وتذكر أن الله مدح في كتابه الكريم الكاظمين لغيظهم عند الغضب والعافّين عن الناس،
فقال جل من قائل: { والكاظِمين الغيظ والعافين عن الناس والله يُحب المُحسنين}
تذكر قول نبيك المصطفى: «من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله سبحانه على رءوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور ما شاء».رحم الله زين العابدين علي بن الحسين الذي كان يلقب بالسجاد لأنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة،
لقد كان يوماً مع أصحابه في المسجد،
فجاءه رجل سفيه وصار يفتري عليه أمام أصحابه،
وعلي رضي الله عنه ساكت،
فلما انصرف هذا الرجل السفيه من عنده جاءه علي بن الحسين ليلاً إلى منـزله
فقرع الباب،
فخرج إليه ذلك الرجل،
فقال له سيدنا علي: يا أخي إن كنت صادقاً فيما قلت فغفر الله لي وإن كنت كاذباً فغفر الله لك والسلام عليكم…
وولّى علي بن الحسين من عنده
فاتبعه هذا الرجل من خلفه
وصار يبكي حتى رثى له
ثم قال: لا جرم لا عدت في أمر تكرهه
فقال له علي رضي الله عنه وأنت في حل مما قلت لي وسامحه.

ومرة كان عند زين العابدين علي بن الحسين ضيوف،
فطلب سيدنا زين العابدين من عبده وخادمه أن يأتيه بالمشوي من اللحم الذي كان على النار،
فأقبل الخادم مسرعاً وسقطت الحديدة التي يشوي عليها اللحم من يده على ابن صغير لعلي بن الحسين زين العابدين
فأصابت رأسه فقتلته،
فما كان من سيدنا زين العابدين إلا أن كظم غيظه
بل زاد على ذلك وقال لعبده "أنت حر" وأخذ في جهاز ابنه.

احفظ لسانك أيها الإنســــــان *** ليلدغنـّك إنه ثعــبـــــان
كم في المقابر من قتيل لسانه *** كانت تهاب لقاءه الشجعان

جعلنا الله وإياكم من الذين يكظمون غيظهم عند الغضب وجنبنا الكفر والشرور عند الغضب وثبتنا على كامل الإيمان والإسلام.
يقول عليه الصلاة والسلام: «من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلل منها قبل أن لا يكون دينار ولا درهم».
والله أعلم.

أبوبكر أحمد العملة
22-06-2010, 07:00 PM
عطاء متميز من شخصية متميزة

بارك الله في وقتك وصحتك ...اللهم آمين

ببوابة التعليم المصرى

وجزاكم الله خيراً

الخدمة الجيدة ....تحتاج الى التسويق الأجود

مع خالص تقديرى لشخصكم الكريم
ابوبكر احمد العملة
عضو فريق مجتمع المعرفة بالمنتدى الكريم

جمال سراج
27-06-2010, 12:21 PM
بارك الله لكم
ابداع وتميز كبير
شكرا جزيلا لحضرتك
خالص الود
You can see links before reply (You can see links before reply)

محمد فؤاد محمود
28-06-2010, 12:28 AM
بارك الله لكم
ابداع وتميز كبير
شكرا جزيلا لحضرتك
خالص الود
You can see links before reply (You can see links before reply)

بارك الله فيك
وجعله فى ميزان حسناتك

زهره المدائن
28-06-2010, 02:23 AM
جزاك الله خيرا أخي الفاضل


مجتبـــــــــــي

وجعله الرحمن في ميزان حسناتك


منورنا ديما في الركن الديني


في انتظار المزيد من مشاركاتك


العطرة العامرة بذكر الله

You can see links before reply