المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مهارات تدريبية من الأخلاق الاسلامية(1)



علا عبد الفتاح
13-05-2010, 01:50 PM
المداراة:
الشخص المستفز،
الشخص العنيد المتكبر،
السوداويون
المنفسنين !
كيف تتعامل مع هؤلاء في موقف تدريبي؟
مع بعض أو فرادي؟
بدون خسائر ...في الأرواح ولا في العلاقات
بدون شئون قانونية
بدون ما يمارس ملاك الشمال عمله مضطرا؟
صعب!
معك حق.. ولكنه ليس مستحيلا اذا كنت تمتلك خلقا اسلاميا دقيقا وعميقا ، هو المداراة!
تعال معي نطالع هذا الدرس الشيق للامام النابلسي( هذا الرجل الهاديء المفكر النبيل)، وسنتعلم معا " المداراة"
:38:

علا عبد الفتاح
13-05-2010, 02:00 PM
يقول الشيخ حفظه الله:
فالمداراة خُلق وموقف دقيق جداً ، بينها وبين المداهنة خيط رفيع ، لخطأ طفيف تنقلب المداراة إلى مداهنة ، المداراة مندوبة ، والمداهنة محرمة ، بشكل مختصر المداراة بذل الدنيا من أجل الدين ، بينما المداهنة بذل الدين من أجل الدنيا ، وفرق كبير بينهما .
أولاً : من تعريفات المداراة أنها الملاينة والملاطفة ، وفي تعريف آخر هي خفض الجناح للناس ، ولين الكلام لهم ، وترك الإغلاظ لهم في القول ، والمداراة الدفع برفق ، والمداراة يحتاجها المؤمن ، لكنه في عصر من العصور تشتد الحاجة إليها ، وفي عصر آخر تقل الحاجة إليها ، نحن في عصر تشتد الحاجة فيه إلى المداراة .

علا عبد الفتاح
13-05-2010, 02:01 PM
ويقول:
]ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [ ، هناك موعظة حسنة ، أما إذا جادلته بالتي هي أحسن فلفرق بينهما ، استخدم كلمة حسنة في الوعظ والإرشاد ، أما إذا كان الجدال فالجدال من شأنه أن المجادل يربط كرامته بأفكاره ، فإذا كان هناك جدال فالقضية حساسة جداً ، لا ينبغي أن تختار الكلمة الحسنة ، ينبغي أن تختار الكلمة الأحسن ، هذا معنى قوله تعالى :] ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِيـنَ [.
من الأحاديث الشريفة المتعلقة بالمدارة أن النبي e يقول : (( مداراة الناس صدقة )) .

علا عبد الفتاح
13-05-2010, 02:02 PM
إذاً المداراة نصف العقل ، والمداراة من صفات الأذكياء ، والمداراة من صفات المؤمنين الموفقين ، إنسان شرير مخيف إذا جاملته في أفكاره ، وأقررتها فهذه مداهنة ، أما إذا قدمت له ثوباً تتقي به شره فهذه مداراة ، إذا قدمت له هدية تتقي بها شره فهذه مداراة ، أما إذا أقررته على فجوره أو على فسقه ، أو أقررته على عقيدته الزائغة فهذه مداهنة .

علا عبد الفتاح
13-05-2010, 02:04 PM
وسيدنا معاوية يقول : " لو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت قيل : وكيف ؟ قال : إن مدوها أخليتها ، وإن خلو مددتها " .
خلِّ خيطًا بينك وبين أخيك ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أُرَاهُ رَفَعَهُ قَالَ : ((أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْمًا )) .


(الترمذي)
خلِّ خيطًا ، خلِّ علاقة ، خلِّ السلام ، أنصح الأخوة الكرام ألا يبتروا خصومهم ، دع بينك وبينهم خيطاً من مودة ، دع سلاماً ، سؤالا عن صحته ، دخل رمضان هنئه ، هناك مشكلة ؟ لك خصم ، وبينكما خلافات مستحكمة ، لكن دخل رمضان أرسل له رسالة تهنئة ، يذهب حر صدره .
المداراة : ألا تبذل من الدين شيئاً ، لا من عقيدتك ، ولا من فرائضك ، ولا من واجباتك ، ولكن تتقرب إلى إنسان ترجو له الهداية عن طريق مودته .
يروى أن الحسن بن علي رضي الله عنهما أعطى شاعراً فقيل له : لمَ تعطِ من يقول البهتان ، ويعصي الرحمن ؟ كيف ؟ فقال : إن خير ما بذلت من مالك ما وقيت به من عرضك .
إنسان سفيه ، كلامه قاسٍ جداً ، كلامه منتشر بين الناس ، فإذا داريته بهدية ملكته ، فصار معك أفضل ألف مرة من أن تثيره عليك ، ويشيع بين الناس ما لا ينبغي أن يقال .
وقد ورد أيضاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ذبّوا عن أعراضكم بأموالكم)) .
إنسان سفيه قال عنه مرةً النبي : من يقطع لسانه ؟ هناك من فهم هذا الكلام أن تأتي بمقص وتقص له لسانه ، لا ، من يقطع لسانه بالإحسان إليه .
الإحسان مسكت ، يكون على أعلى درجة من العداوة تجده تحجّم ، أضرب مثلاً :
يروى أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه جاءته رسالة من مواطن ، كان خليفة المسلمين ، هذه الرسالة يقول قائلها : أما بعد فيا معاوية ـ هكذا لا يا أمير المؤمنين ، ولا أيّ لقب ، أما بعد ؛ فيا معاوية إن رجالك قد دخلوا أرضي ، فانههم عن ذلك ، وإلا كان لي ولك شأن ، والسلام ، عنده ابنه يزيد ، قال : يا يزيد اقرأ ، ماذا نفعل ؟ قال : أرى أن ترسل له جيشاً أوله عنده وآخره عندك ليأتوك برأسه ـ هذا الموقف العنيف القمع ـ سيدنا معاوية قال : لا يا بني خير ذلك أفضل ، أمر الكاتب أن يكتب : أما بعد فقد وقفت على كتابي ولدي حواري رسول الله ولقد ساءني ما ساءه ، والدنيا كلها هينة جنب رضاه ، لقد نزلت له عن الأرض ومن فيها ـ هو عبد الله بن الزبير ـ فجاء الجواب : أما بعد ، فيا أمير المؤمنين ـ أول كتاب فيا معاوية الكتاب الثاني يا أمير المؤمنين ـ أطال الله بقاءك ، ولا أعدمك الرأي الذي أحلك من قومك هذا المحل ، فجاء بابنه يزيد ، ماذا كنت تريد ؟ أن نرسل له جيش أوله عنده وآخره عندك ليأتوك برأسه ، قال له يا بني من عفا ساد ، ومن حلم عظم ، ومن تجاوز استمال إليه القلوب .
المداراة : قمة الذكاء .
والمداراة : قمة توفير الجهد والوقت والطاقة
والمداراة : أن تصل إلى أهدافك بأقل تكلفة .

علا عبد الفتاح
13-05-2010, 02:06 PM
قال له يا بني من عفا ساد ، ومن حلم عظم ، ومن تجاوز استمال إليه القلوب .
جميلة جدا
يا رب علمنيها

أبوبكر أحمد العملة
13-05-2010, 03:36 PM
اهلا بعطائك المتميز معنا فسيادتك شخصية متميزة

بارك الله في وقتك وصحتك ...اللهم آمين

ببوابة التعليم المصرى

وجزاكم الله خيراً

الخدمة الجيدة ....تحتاج الى التسويق الأجود




مع خالص تقديرى لشخصكم الكريم
ابوبكر احمد العملة
عضو فريق مجتمع المعرفة بالمنتدى الكريم

محمد عبد المنعم زهران
14-05-2010, 04:38 PM
قال له يا بني من عفا ساد ، ومن حلم عظم ، ومن تجاوز استمال إليه القلوب .
جميلة جدا
يا رب علمنيها

الأخت الكريمة علا
تحية تقدير واعتزاز
تذكرينا دائما أن الحياة التى أرادها الله لنا ترتبط بالأخلاق ارتباط الوجود .. لذا فالأخلاق تجد أصلها فى أعماق الدين .. وفى صلب الإيمان ..
وتربطين كل هذا بمواقفنا الحياتية الآن .. لندخل فى مازق تساؤلات : ما الذى يحدث لنا؟ وكيف .. ولماذا انحدرنا ..
تساؤلات تصلح لكل المستويات : الدين / الأخلاق / التعليم / الرضا ،......
شكرا جزيلا لك
وتقبل الله منك

علا عبد الفتاح
14-05-2010, 09:11 PM
أخي الكريم / محمد زهران
أذكر مقولة كان يرددها دوما الاستاذ الدكتور هانيء عبد الستار فرج أستاذ أصول التربية ( اسكندرية) وهي: "ضلام العقل يقوي القلب"
الذي لا يفهم يندفع ،( ياللا...هي كيميا)
أما الفقهاء، فيتأملون،ويتفكرون:لندخل فى مازق تساؤلات : ما الذى يحدث لنا؟ وكيف .. ولماذا انحدرنا ..
تساؤلات تصلح لكل المستويات : الدين / الأخلاق / التعليم / الرضا
أشكر لك المرور
أشكر لك الفهم.
مع خالص تقديري

علا عبد الفتاح
14-05-2010, 10:02 PM
(2)المعاتبة
يقول العزبي في أحد مواويله: لو كان بيتعاتب كنا عتبناه، لكن ما يتعاتب الا الأصيل الحر!
كلنا ذو خطأ، ولقد أخطأ في حقي من أحب، من أحترم ، من أرجو،
ماذا أفعل؟
أسيبه؟
المركب اللي تودي؟
ولا أعيط وأبوس الأيادي؟
( ايه التصرفات البايخة دي؟؟؟)
الخلق الاسلامي العظيم..المعاتبة،
مع الذي أحب، والذي أحترم ، والذي أرجو منه الخير،

يعلمنا الشيخ راتب:
عتبت عليه أي وجدت عليه ، وجدت عليه أي غضبت منه ، أعتبني أي ترك ما كنت أجد عليه ، ورجع إلى مسرتي ، أنا عتبت على أخي ، أي غضبت منه ، أخي أعتبني ، أي أرضاني ، يقول الإمام علي رضي الله عليه : " لا أصرم أخاً قبل أن أعاتبه " ، المودة والحب بين المؤمنين من خصائص المؤمنين ، لو أنه بلغك عن أخيك خبر سيئ إذا نزّهته عن هذا الخبر ، وأنت موقن أنه لا يفعل هذا ليس عليك ألا تعاتبه ، لكن إذا تأثرت ، و وجدت عليه في نفسك ينبغي أن تسأله ، وينبغي أن تعاتبه ، وينبغي أن تستوضح الخبر ، فقد يكون الخبر كاذباً ، وقد يكون صحيحاً ، وقدم لك الأسباب الموجبة التي حملته على هذا ، وقد يكون صحيحاً ، وقد اعتذر عن خطئه ، وقد يكون صحيحاً ، وعاهد الله ألا يعود إليه ، فعادت بينكما المودة والرحمة .

إذاً المعاتبة من فضائل الأخلاق ، لكن العلماء يقولون : لابد من التوسط في المعاتبة ، إذا كثرت آلت إلى القطيعة ، وإن لم تكن معنى ذلك أنه ليس هناك مبالاة بالعلاقة بينك وبين أخيك ، عدم العتاب دليل الجفاء ، وكثرة العتاب تودي إلى القطيعة ، فلابد من الحكمة في العتاب ، أي من حين إلى آخر إن رأيت من أخيك شيئاً أقلقك ينبغي أن تعاتبه ، لكن أكبر عقاب من الله عز وجل للكافر قال تعالى :

You can see links before reply

( سورة النحل : الآية 84)
الكافر لا يستعتب ، لكن المؤمن يستعتب ، المؤمن مستعتب ، بالتعبير الحديث برسالة من فعل الله ، يسوق له بعض الشدة ، يسوق له بعض التعسير ، يصيبه بصحته ، بأهله ، بماله ، بدخله ، هذه معاتبة من الله عز وجل ، وكلما ارتقى الإنسان فهم على الله معاتبته ، وأدرك حكمة الله فيما ساقه إليه ، الكافر لا يستعتب لأنه خارج العناية الإلهية ،

أما المؤمن فيستعتب ، فإذا عاتبك الله لشدة ساقها إليك فاحمد الله على هذه المعاتبة ، فيك خير ، وأنت ضمن العناية الإلهية ، عَنْ أُمَيَّةَ أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ وَعَنْ قَوْلِهِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ فَقَالَتْ مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ مُنْذُ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ((هَذِهِ مُعَاتَبَةُ اللَّهِ الْعَبْدَ فِيمَا يُصِيبُهُ مِنْ الْحُمَّى وَالنَّكْبَةِ حَتَّى الْبِضَاعَةُ يَضَعُهَا فِي كُمِّ قَمِيصِهِ فَيَفْقِدُهَا فَيَفْزَعُ لَهَا حَتَّى إِنَّ الْعَبْدَ لَيَخْرُجُ مِنْ ذُنُوبِهِ كَمَا يَخْرُجُ التِّبْرُ الْأَحْمَرُ مِنْ الْكِيرِ )) .

(الترمذي ، أحمد)
ضاع منك شيء ، سيقت إليك شدة ، تعسر عليك أمراً ، نشأت مشكلة ، لاح لك شبح مصيبة ، هذه معاتبة الله لك ، والدليل فيك خير ، والدليل مرغوب فيك ، والدليل ضمن العناية الإلهية ، فهذه معاتبة الله ، لذلك المصائب رسائل من الله ، أنا مرة سمعت في الأخبار أن هجوماً أصاب مؤسسة ، فجاء صاحب المؤسسة ، ورأى آثار الهجوم ، فقال كلمة رائعة ، قال: وصلتني الرسالة .
إذا أصيب الإنسان بشيء فهي رسالة من الله ، فليتفحصها ، ليتأمل فيها ، ليتدبر ، النبي عليه الصلاة و السلام حينما وزع الفيء عقب معركة حنين أعطى المؤلفة قلوبهم ، ولم يعط الأنصار ، فجاء سيد الأنصار إلى النبي ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : ((لَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْطَى مِنْ تِلْكَ الْعَطَايَا فِي قُرَيْشٍ وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ وَجَدَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى كَثُرَتْ فِيهِمْ الْقَالَةُ حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الْحَيَّ قَدْ وَجَدُوا عَلَيْكَ فِي أَنْفُسِهِمْ لِمَا صَنَعْتَ فِي هَذَا الْفَيْءِ الَّذِي أَصَبْتَ قَسَمْتَ فِي قَوْمِكَ وَأَعْطَيْتَ عَطَايَا عِظَامًا فِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنْ الْأَنْصَارِ شَيْءٌ قَالَ فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ يَا سَعْدُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَنَا إِلَّا امْرُؤٌ مِنْ قَوْمِي ...
لا يوجد كذب : وَمَا أَنَا قَالَ فَاجْمَعْ لِي قَوْمَكَ فِي هَذِهِ الْحَظِيرَةِ ...
والشيء الذي لا يصدق أن النبي في ذلك الوقت دانت له الجزيرة من أقصاها إلى أقصاها ، بمنطق الطغاة بإمكانه أن يلغي وجودهم نهائياً ، بإمكانه أن يهدر كرامتهم ، بإمكانه أن يهملهم ، بإمكانه أن يلومهم ، ولكنه جمعهم ، وذكرهم بفضلهم عليه فقال : ((...أَمَا وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَلَصَدَقْتُمْ وَصُدِّقْتُمْ أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ وَعَائِلًا فَأَغْنَيْنَاكَ أَوَجَدْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي لُعَاعَةٍ مِنْ الدُّنْيَا تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلَامِكُمْ أَفَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِحَالِكُمْ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا وَسَلَكَتْ الْأَنْصَارُ شِعْبًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْأَنْصَارَ وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ قَالَ فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ وَقَالُوا رَضِينَا بِرَسُولِ اللَّهِ قِسْمًا وَحَظًّا ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَفَرَّقْنَا)) .
( أحمد ، الدارمي )


عاتب أخاك بشكل مستمر لئلا تخسره ، أما إذا أحصيت عليه أخطاءه ، وتراكمت... حقدت عليه ، وقطعته ، إذاً المعاتبة من مكارم الأخلاق ، وسيدنا علي يقول : " لا أصرم أخاً قبل أن أعاتبه " .

هناك رواية ثانية لهذه القصة ، عن عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِمَالٍ أَوْ سَبْيٍ فَقَسَمَهُ فَأَعْطَى رِجَالًا وَتَرَكَ رِجَالًا فَبَلَغَهُ أَنَّ الَّذِينَ تَرَكَ عَتَبُوا فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَأَدَعُ الرَّجُلَ وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ الَّذِي أُعْطِي ...)) .
( البخاري ، أحمد )

أي الذي لا أعطيه أحب إلي من الذي أعطيه ، هذه قسها على الله عز وجل ، قد يعطي الدنيا لمن لا يحب ، وقد يزويها عمن يحب ، وإن الله ليحمي صفيه من الدنيا كما يحمي أحدكم مريضه من الطعام ، و إن الله ليحمي عبده المؤمن من الدنيا كما يحرم الراعي الشفيق غنمه من مراتع الهلاك ، فأحياناً المنع هو عطاء ، لو تأملت عميقاً لوجدت المنع عين العطاء ، وإذا علمت أسباب المنع انقلب المنع إلى عطاء ، ربما أعطاك فحرمك ، وربما منعك فأعطاك ، يمنعك فيعطيك ، ويعطيك فيحرمك :
((...وَلَكِنْ أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا أَرَى فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْغِنَى وَالْخَيْرِ )) .
هكذا قال عليه الصلاة و السلام .
قَالَتْ عَائِشَةُ : ((صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَرَخَّصَ فِيهِ فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ ...)) .
( البخاري ، مسلم ، أحمد )

والخلق موجود في كل عصر ، أي أورع منك ، وأقوى إيمانًا منك ، وأقرب إلى الله منك ، في الشدة يفطر ، مرة في الجهاد في رمضان كان الحر شديدًا جداً ، والجهد بالغًا ، فأمسك النبي إناء ماء وشرب أمام أصحابه جميعاً ، أي أن أفطروا ، بلغه أن بعضهم لم يفطر ، فقال عليه الصلاة و السلام : ((أولئك العصاة)) .
بكل عصر يوجد أناس يزايدون على النبي e ، أي يفعل شيئاً لم يفعله النبي ، هو أورع، قال : ((...فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنْ الشَّيْءِ أَصْنَعُهُ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً )).
ولم يكن عليه الصلاة والسلام سباباً ولا فحاشاً ولا لعاناً ، كان يقول لأحدنا عند المعتبة : ((ماله تربت جبينه )) ، حتى العتاب يحتاج إلى لطف ، إلى رقة ، إلى كلمة لطيفة ، على كلمة منتقاة حتى في العتاب ، يقول أبو الدرداء رضي الله عنه : " معاتبة الأخ خير من فقده " ، إن لم تعاتبه تراكمت الأخطاء وقطعته ، معاتبة الأخ خير من فقده ، وقيل : "العتاب خير من الحقد " ، ولا يكون العتاب إلا على زلة ، و قد مدح العتاب فقيل فيه : هو حدائق المتحابين ، هو دليل على بقاء المودة .
من فوائد العتاب أنه يزيل صدأ البغض والكراهية من القلوب ، ويزيد المحبة والألفة ، ويذهب نزغ الشيطان ، وينقي النفوس ويطهرها من ظنون الإثم ، ويقوي أواصر الود والتفاهم في المجتمع .
لذلك آخر كلمة : لك أخ تحبه جداً ، وتقدره ، بلغك عنه شيء ، لو أن هذا الشيء لم يؤثر إطلاقاً في حسن ظنك به ما صدقته أبداً ، لك ألا تعاتبه في هذه الحالة ، أما إن وجدت في نفسك عليه شيئًا غير مكانته عندك ، نزل مقامه ، شعرت أن هذا ليس بأخ ، يجب أن تعاتبه لعل الخبر كاذب ، أو لعل هذا الخبر له تفسير ، لو كنت مكانه لفعلت مثله ، أو لعله تاب من هذا الذنب ، فإن وجدت عليه فينبغي أن تعاتبه ، وإن لم تجد عليه فلك ألا تعاتبه ، والعتاب دليل محبة ، ودليل مودة ، ودليل حب ، فلا أصرم أخاً قبل أن أعاتبه ، ومعاتبة الأخ خير من فقده .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي ، وعلى آله وصحبه وسلم .

و الحمد لله رب العالمين

تامر السمهودى
16-05-2010, 03:25 PM
good
good
good
good

طارق عبد المجيد
11-08-2010, 11:17 AM
كل عام وأنتم بخير

طارق عبد المجيد
11-08-2010, 11:19 AM
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووووووووووووووووووووووووووووووور

كران
14-10-2010, 05:44 PM
الله يبارك فيك على هذا الموضوع

mhmd.gamal
27-10-2010, 09:10 AM
الله يعطيك العافية

thequeen6676
25-10-2012, 09:22 AM
:22::22: