المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المرأة الحكيمة التي ترتقي بنفسها عن أن تكون مجرد سلعة



مستر أحمد خليل
17-04-2010, 06:16 PM
في إطار معاركه الفكرية المستمرة مع العلمانيين والمتغربين لم يفتأ يؤكد الأستاذ محمد إبراهيم مبروك الكاتب والمفكر الإسلامي أن الموقف من الإسلام كان أحد ابرز ما ميز الإسلام عن غيره من الأيدلوجيات الأخرى حيث كان تعامل الإسلام ومنذ انطلاقته الأولى مع المرأة باعتبارها إنسان يتساوى في أصله مع الرجل وبالتالي فقد رفض أن تكون المرأة مجرد أحد أدوات استمتاع الرجل.
وأكد الأستاذ مبروك في حواره مع موقع (وفاء لحقوق المرأة) أن المرأة الواعية والحكيمة هي التي ترتقي بنفسها عن أن تكون مجرد نوع من أنواع الطعام فالدنيويون من الرجال الوضعاء إذا نالوا من جمال المرأة الخارجي واعتادوا ذلك هان عليهم ومالوا إلى غيره ينشدون فيه بغيتهم التي لا تقف عند نوع واحد من الجمال مهما بلغت مكانته ولذلك فالمرأة الحكيمة حتى من الناحية الدنيوية البحتة يجب أن تنأى بنفسها وتترفع عن التعامل مع هؤلاء الدنيويين الوضعاء. وهذا هو نص الحوار.
*بشكل مباشر حاولت بعض الفلسفات القديمة أن تروج لعدم إنسانية المرأة وهو ما حاولت أن تقدمه بعض الفلسفات الحديثة بشكل غير مباشر وذلك بالتعامل مع المرأة كسلعة.. ما تعليقكم على هذا؟
**إن مثل هذه الأفكار لا يمكن التعامل معها إلا باعتبارها خرافات وأساطير لا علاقة لها بالواقع الذي هو أصل خلقة المرأة التي وبحسب القرآن الكريم مساوية للرجل في كونها إنسان عاقل ومكلف.. يقول الله تبارك وتعالى "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا" فالرجل والمرأة من حيث الإنسانية سواء فأصلهما واحد.
كذلك فإن المرأة ليست طبقا من اللحم الشهي تأكله فتشعر بالشبع والنشوة وليست طبقا يشتهى تتفاوت الرغبة إليها بقدر جمالها كما تتفاوت الرغبة بحسب نوعه وجودته لكن المرأة مخلوق إنساني قبل أي شئ آخر بل إن تعلق المرأة وإنشغالها بكل ما هو إنساني أكبر من تعلق الرجل فما ينوء به كاهل الرجل من مسئوليات وهموم يجعل من الصعب عليه بمكان أن ينشغل بالأمور الإنسانية بنفس القدر الذي من الممكن أن تنشغل به المرأة التي يتمحور اهتمامها على مثل هذه الأمور.
ولذلك يلاحظ عادة تفوق المرأة على الرجل في المجالات الاجتماعية والعاطفية وانتصارها الحاسم عليه في أي صراع يدور بينهما في تلك المجالات.
وكيان المرأة الحقيقي في تلك الروح التي تحتويها والتي تنعكس على كل حركة من حركاتها وكل سكنة من سكناتها وجمال المرأة الحقيقي هو فيما تحمله تلك الروح من جمال داخلي.
وقد يحبوها الله مع ذلك جمالا خارجيا فيكون بمثابة مرآة ساطعة الضوء تعكس بشدة الجمال الداخلي ببريق مبهر .
وقد لا يمنحها الله إلا جمالا متواضعا ومن ثم لا يدرك أحد مدى جمالها الداخلي إلا بالاقتراب منها.
*لكن هذه الأفكار كان لها تأثيرها على الكثيرين الذين ينظرون للمرأة نظرة مادية بحته؟
**بالفعل هناك من يتعاملون مع المرأة على أنها طبق من اللحم الشهي وبذلك يفضلون امرأة على أخرى بحسب جمالها فقط كما يفضلون طبقا من اللحم على طبق آخر بحسب نوع اللحم وجودته بل قد يستبدلون الذي أدنى بالذي هو خير من باب التغيير وطرح الملل وبتلك الوضاعة قد يتركون الجميلة ولو كانت حلالا ويلهون وراء الخبائث من النساء.
ولا عجب في ذلك فما دامت المسألة مسألة أطعمة شهية فقط فمهما كان الطعام شهيا وجذابا فإن النفس إذا اعتادته فإنها تمله وتعافه عما هو أدنى منه.
*ما الذي يمكن أن تفعله المرأة إذا في مثل هذه الحالة؟
**المرأة الواعية الحكيمة هي التي ترتقي بنفسها عن أن تكون مجرد نوع من أنواع الطعام وهنا يتضح لدى من خبر بتجارب الحياة وعمل فيها فكره التطابق بين الحقيقة الدينية والحقيقة الواقعية إذ أن ارتقاء النفس أمر ديني لا شك فيه ولكن حتى من المنظور الدنيوي البحت فإن المرأة التي تبغي الاحتفاظ بقوتها والاستبقاء على جاذبيتها وإشعاع بريقها فلابد أن تكتنز بقدر استطاعتها هذا الجمال الداخلي ولا تفرط في شئ منه لأنه المعين الذي تستطيع أن ترتكز ، حتى آخر لحظة من عمرها ، على القوة المستمدة منه.
والدنيويون من الرجال لا يجتذبهم كثيرا هذا الجمال الداخلي ولكنهم قد تردعهم قوته ويتضاءلون أمام عظمته ولذلك كثيرا ما يتجنبونه.
أما جمالها الخارجي فمهما بلغ الغاية في مداه فإنهم إذا نالوا منه واعتادوا ذلك هان عليهم ومالوا إلى غيره ينشدون فيه بغيتهم التي لا تقف عند نوع واحد من الجمال مهما بلغت مكانته.
ولذلك فالمرأة الحكيمة حتى من الناحية الدنيوية البحتة يجب أن تنأى بنفسها وتترفع عن التعامل مع هؤلاء الدنيويين.
ويوفر علينا الإسلام التماس كل هذه العبر من تجارب ندفع ثمنها الباهظ من أعمارنا وتثقلنا آلامها لسنوات طويلة هذا لو سرنا على هداه المستقيم وعملنا بأحكامه والتزمنا أوامره ونواهيه وتعاليمه.
فالإسلام هو الذي جعل قيمة المرأة في إيمانها بالله وما ينطوي علي ذلك من الرفعة والسمو والنقاء والطهارة والاعتزاز والترفع بالنفس عن كل وضيع من الأمور وبهذا الإيمان وما يقتضيه من التزام بأوامر الله وتعاليمه يهب الإسلام المرأة وجودها الحقيقي ويحفظه من أي عبث.
*هل تعتقدون إذا أن الأزمة التي تعيشها المرأة هي السبب وراء ارتداء الكثير من المسلمات لرداء الأحزان؟
**ما أراه هو أن في كل نفس فينا جانب يميل إلى الحزن فالحزن جزء لا يتجزأ من كينونة الإنسان وهو أحد المنافذ التي يخترق بها الإنسان غيوم النفس إلى البصيرة فوجود الحزن يرتبط ارتباطا وثيقا بتوزان الإنسان ووعيه وإتساقه الداخلي.
لكن البعض قد يتمادي به الأمر في الاتكاء على الحزن إلى درجة مغالى فيها ويستمرئ ذلك وقد يكون في ذلك تدميره.
وتعد المرأة نموذجا على هذا البعض إذ أنني أعرف زهورا من النساء يتركن أعمارهن تتسربل في الهموم والأحزان اتقاء لانتقاد اجتماعي باطل أو إحراز لمجد اجتماعي مزعوم أو استسلاما للشعور بالإنكسار والقنوط واليأس.
ولهؤلاء أقول إن الاختلال بالتوازن النفسي للإنسان بالاتكاء على الحزن يجعل منه منفذا إلى الوهم لا إلى البصيرة بل وكثيرا ما يصنع الحزن ذاته تلك الغيوم التي تحجب بصيرة الإنسان ويضع أمام تطلعات النفس عوائق ومصاعب لا وجود لها بل ويكبل هذه التطلعات ذاتها بالعجز والإحباط فالتمادي في الحزن والمبالغة فيه يصيب النفس في النهاية بالشلل والعجز عن التطلع إلى أي رغبة من الرغبات الحيوية في الحياة ويسقطها في مستنقع الياس والفتور يقول الله تعالى " قل يا عبادي الذين أسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم".
فإذا كنت أيتها المسلمة ممن ابتليت فيما مضى من أعمارها بمكابدة الآلام والارتحال في المحن فلا تنظرين إلى الوراء أبدا ولا تحتفظين في نفسك بشئ يتعلق به إلا العظات والعبر المستمدة منه.
كذلك فإن العقيدة الإسلامية تعلمنا خصوصا فيما يتعلق بالاعتقاد بالقضاء والقدر وكذلك الاعتقاد باليوم الآخر أنه مهما طالت السنون القاتمة السواد فلابد أن فجرا ما سيأتي بإذن الله والتي تؤمن بهذه العقيدة لا يحق لها أن يتملكها الحزن لخطب أصابها أو لداهية ألمت بها.

صفيه سعداوى
18-04-2010, 01:30 AM
الاستاذ /احمد خليل
مشكور يا استاذنا الفاضل على تلك الكلمات الهادفه
بارك الله فيك