المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بحث عن يثرب



كريم ماضي
08-03-2010, 02:03 AM
تقع يثرب (You can see links before reply) - وهو الاسم القديم للمدينة المنورة - في شمالي جزيرة العرب بعد مكة، وهي حرة سبخة الأرض، واحة خصبة التربة كثيرة المياه، تحيط بها الحرات من جميع جهاتها الأربع.
وأهمها: حرة واقم من الشرق وحرة الوبرة في الغرب وحرة واقم أكثر خصوبة وعمرانا من حرة الوبرة، وفي شمالها يقع جبل "أحد" الشهير على بعد أحد عشر كيلو متراً، وفي جنوبها الغربي جبل "عير"، وفيها عدة وديان أشهرها وادي بطحان ومزينيب ومهزور، والعقيق، وهي منحدرة من الجنوب إلى الشمال حيث تلتقي عند مجتمع الأسيال من روما.
وقد ورد اسم يثرب (You can see links before reply) في الكتابات المعينية بما يدل على قدمها، بالرغم من قلة الدراسات الأثرية عنها.
تختلف الآراء والدراسات حول أصول وهجرة اليهود إلى يثرب (You can see links before reply) والحجاز عامة، ويميل أقواها إلى أن بداية النزوح كانت في القرنين الأول والثاني الميلاديين من بلاد الشام، هروباً من الرومان.
وبعد فشل التمرد اليهودي الذي أخمده الإمبراطور "تيتوس" سنة سبعين للميلاد، وأعقبه نزوح آخر زمن الإمبراطور "أدريان" سنة اثنتين وثلاثين ومئة للميلاد.
واستقروا في يثرب (You can see links before reply) لبعدها عن يد الدولة الرومانية ولخصبها، وأهمية موقعها التجاري على طرق القوافل إلى الشام.
استقر يهود بني النضير وقريظة في حرة واقم شرقي يثرب، وهي أخصب بقاعها، وعرف من أسماء القبائل اليهودية قبل الهجرة: بنو قينقاع الذين تختلف الآراء في أنهم عرب تهودوا ثم نزحوا مع النازحين إلى الحجاز.
لم تذكر المصادر عدد يهود يثرب (You can see links before reply) إلا أن كتب السيرة ذكرت أعداد المقاتلين من كل قبيلة، فقد بلغ مجمل المقاتلين من الشباب أكثر من ألفي مقاتل، هذا سوى بقية بطون اليهود التي ذكرها السمهودي على أنها تزيد على العشرين بطنًا، وهي بطون بني عكرمة وبني محمر وبني زعورة وبني الشطيبة وبني جشم، وبني بهدل، وبني عوف، وبني ثعلبة، وبني القصيص، وغيرهم.
لقد خضع المجتمع في يثرب (You can see links before reply) لسيطرة اليهود، لأنهم سيطروا على الاقتصاد والسياسة والفكر، وتأثروا قليلاً بطبائع بعض القبائل العربية.
ونقل اليهود من بلاد الشام طُرُزَ العمارة في الحصون والقصور، وكانت حصونهم تنوف على تسع وخمسين حصناً، ونقلوا إلى يثرب (You can see links before reply) شيئاً من حضارة بلاد الشام، في الزراعة والصناعة مما أثر على ازدهار بساتين يثرب (You can see links before reply) حيث النخيل والأعناب والرمان، وبعض الحبوب.
وظهر الاهتمام بتربية الدواجن والماشية، وبرزت صناعة النسيج إلى جانب الأواني المنزلية، وبعض الأدوات اللازمة للمجتمع الزراعي.
وتأثر اليهود بمن حولهم من العرب، فظهرت عليهم طوابع الحياة القبلية، بما فيها من عصبية وكرم واهتمام بالشعر وتدريب على السلاح.
وكان على رأس الاقتصاد التعامل بالربا، الذي يتقنه اليهود في أرجاء العالم، وكان معروفاً في مجتمع مكة التجاري.
سكنت في يثرب (You can see links before reply) قبيلتا الأوس والخزرج اللتان تنتميان إلى قبيلة الأزد اليمنية الكبيرة، التي خرجت من اليمن إلى الشمال، وخاصة حين هاجرت خزاعة إلى مكة، وكان انهيار سد مأرب السبب في تلك الهجرة.
سكن الأوس منطقة العوالي وبجوراهم قريظة والنضير، وسكن الخزرج سافلة المدينة حيث جاوروا بني قينقاع ولم يهتم العربي بحياة الحضر وما يرافقها من استقرار في الزراعة، وتقديم ما تتطلبه المدنية.
وإنما كان جلُّ اهتمامه الغزو والقنص والصيد والتجارة، وهذا ما جعل اليهود يسيطرون على حياة يثرب.
وأفلح اليهود في إثارة الشقاق بينهم وإذكاء نار العداوة وقيام الحروب بين الأوس والخزرج، وآخرها يوم بُعاث قبل الهجرة بخمس سنين، حيث هزم الأوس الخزرج الذين طالما غلبوهم؛ لتحالفهم مع يهود النضير وقريظة، وأدرك العرب لعبة اليهود، فسعوا للصلح فيما بينهم حتى لا يتمكن اليهود من السيطرة على يثرب.
وسعوا إلى ترشيح عبد الله بن أبي بن سلول الذي وقف على الحياد يوم بعاث وهو من الخزرج ليكون ملكاً على يثرب.
إن وقائع الحرب بين الأوس والخزرج ولدت شعوراً بالمرارة عند الطرفين ورغبة قوية في العيش بسلام.
قالت السيدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: (كان يوم بعاث يوماً قدمه الله لرسوله -صلى الله عليه وسلم- فقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد افترق ملأهم، وقُتلت ثرواتهم وجُرحوا، قدمه الله لرسوله -صلى الله عليه وسلم- في دخولهم الإسلام).
كانت الاتصالات الأولى بالأنصار في مواسم الحج والعمرة، وقد التقى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بوفد من الخزرج عند عقبة منى، وقال لهم: (أفلا تجلسون أكلمكم)، قالوا: بلى، فجلسوا معه، فدعاهم إلى الله -عز وجل- وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن، فأسلموا وعادوا إلى يثرب.
وفي العام التالي حضر اثنا عشر رجلاً عشرة من الخزرج واثنان من الأوس، وكان ذلك بداية الائتلاف بين القبيلتين بعد بعاث.
يقول عبادة بن الصامت الخزرجي وهو شاهد عيان: (كنت فيمن حضر العقبة الأولى، وكنا اثني عشر رجلاً، فبايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على بيعة النساء، وذلك قبل أن يفترض علينا الحرب، على ألا نشرك بالله شيئاً ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف، فإن وفيتم فلكم الجنة, وإن غشيتم من ذلك شيئًا، فأمركم إلى الله -عز وجل- أن شاء غفر وإن شاء عذب).
عاد الأنصار إلى المدينة بعد البيعة، وبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معهم مصعب بن عمير، وأمره أن يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام، ويفقههم في الدين، فكان المعلم الأول في المدينة، أنجز مهمته وعاد إلى مكة قبل بيعة العقبة الثانية.

بيعة العقبة الثانية
انتشر الإسلام في المدينة وهاجر المسلمون إليها، واطمأنوا، و رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلاقي ما يلاقي من أذى قريش في مكة.
يقول كعب بن مالك الأنصاري وهو أحد المبايعين وشاهد عيان في العقبة الثانية: (خرجنا في حجاج قومنا من المشركين، وقد صلينا، وفُقِّهنَا، ثم خرجنا إلى الحج، وواعدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العقبةَ من أوسط أيام التشريق، وكنا نكتم من معنا من المشركين أمرنا، فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا، حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نتسلل تسلل القطا مستخفين.
حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة، ونحن ثلاثة وسبعون رجلاً، ومعنا امرأتان من نسائنا - نسيبة بنت كعب، وأسماء بنت عمرو- فاجتمعنا في الشعب ننتظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى جاءنا ومعه العباس بن عبد المطلب وهو يومئذ على دين قومه، إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه، ويتوثق له.
فلما جلس كان أولَ متكلم العباسُ بن عبد المطلب، فبين أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في منعة من قومه بني هاشم، ولكن يريد الهجرة إلى المدينة، ولذلك فإن العباس يريد التأكد من حماية الأنصار له، وإلا فليدعوه فطلب الأنصار أن يتكلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيأخذ لنفسه ولربه ما يحب من الشروط.
فتكلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتلا القرآن ودعا إلى الله ورغب في الإسلام ثم قال: (أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم) فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال: نعم، والذي بعثك بالحق لنمنعكم مما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أهل الحرب وأهل الحلقة، ورثناها كابرًا عن كابر، فقاطعه أبو الهيثم ابن التيهان متسائلاً: يا رسول الله إن بيننا وبين القوم حبالاً وإنا قاطعوها يعني اليهود، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا.
فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: (بل الدم بالدم، والهدم بالهدم، أنا منكم وأنتم مني، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم)، ثم قال: (أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيباً ليكونوا على قومهم بما فيهم) فأخرجهم منهم اثني عشر نقيباً، تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس.
وطلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الانصراف إلى رحالهم، وقد سمعوا الشيطان يصرخ منذراً قريشاً، فقال العباس بن عبادة بن نضلة: والله الذي بعثك بالحق إن شئت لنميلنَّ أهل منى غداً بأسيافنا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لم نؤمر بذلك، ولكن ارجعوا إلى رحالكم).
فرجعوا إلى رحالهم، وفي الصباح جاءهم جمع من كبار قريش يسألوهم عما بلغهم من بيعتهم النبي ودعوتهم له للهجرة، فحلف المشركون من الخزرج والأوس بأنهم لم يفعلوا، والمسلمون ينظرون إلى بعضهم.
وعاد الأنصار إلى المدينة ينتظرون بلهفة قدومَ النبي -صلى الله عليه وسلم-.
الهجرة إلى المدينة:
لم يكن اختيار يثرب (You can see links before reply) داراً للهجرة إلا بوحي من الله -سبحانه وتعالى- تقول أم المؤمنين السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر، فإذا هي المدينة يثرب).
يقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: كان مشركو أهل مكة يؤذون أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيقول لهم: (اصبروا فإني لم أؤمر بالقتال) حتى هاجر -صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله هذه الآية: ? أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ? [الحج: 39].
أوائل المهاجرين:
كان مصعب بن عمير وعبد الله بن مكتوم من أوائل الذين هاجروا معلمين مقرئين، وهاجر أبو سلمة بن عبد الأسد فرارًا بدينه خشيةَ الفتنة والتعذيب، وهاجر صهيب الرومي ومنعه زعماء قريش فترك لهم ماله حتى خلو سبيله.
? وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ ? [البقرة: 207]، ويروي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خبر هجرته، حين اتَّعد مع عياش بن ربيعة وهشام بن العاص السهمي على الالتقاء في صرف على أميال عن مكة، وحبس هشام عنهما، وفُتن فافتتن، ونزل أغلب المهاجرين في بني عمرو بن عوف بقباء، في موضع يدعى العصبة قبل مقدم النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وكانوا يجتمعون للصلاة في مسجد قباء يؤمهم سالم بن معقل مولى أبي حذيفة -رضي الله عنهما- لأنه أكثر المهاجرين قرآنًا.
هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم-:
?إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ? [التوبة: 40].
تآمرت قريش على حياة الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن علمتم بما تم بينه وبين أهل يثرب (You can see links before reply) وبعدما رأت المسلمين يهاجرون إلى يثرب (You can see links before reply) جماعات ووحدانًا.
وقد أرخ الزهري لهجرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فقال: مكث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد الحج بقية ذي الحجة والمحرم وصفر، ثم إن المشركين اجتمعوا بعد ما شعروا بخطورة أنصاره وهم بالمدينة لا سلطان لهم عليهم.

اجتمع المشركون من قريش في دار الندوة، واجتمع رأيهم على أن يؤخذ من كل قبيلة فتى شاب صاحب جلادة ونسب فيقتلوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويضربوه ضربة رجل واحد وبذلك يتفرق دمه في القبائل جميعاً، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعًا، واجتمع القوم على بابه، وهم متهيئون للوثوب.
وخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأخذ حَفنَة من تراب في يده، وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه فلا يرونه، فجعل ينثر التراب على رءوسهم وهو يتلو: ?وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ? [يس: 9].
وأتاهم من قال: ما تنتظرون ههنا؟
قالوا: محمدًا، قال: خيبك الله، قد والله خرج وانطلق لحاجته، وتتطلعوا فرأوا عليا نائماً على الفراش فلم يشكوا في أنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما أصبحوا قام علي -رضي الله عنه- عن الفراش فخجلوا وانقلبوا خائبين.
قال تعالى: ? وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ? [الأنفال: 30].
جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أبي بكر فقال له: (إن الله قد أذن لي في الخروج) فقال أبو بكر: الصحبةَ يا رسول الله، قال: الصحبة.وقدم أبو بكر راحلتين كان قد أعدهما للسفر، واستأجر عبد الله بن أريقط، ليدلهما على الطريق.
وكانت قريش رغم عدائها للنبي -صلى الله عليه وسلم- عظيمة الثقة بأمانته وصدقته وفتوته، فليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا أودعه عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لثقته به.
فكان عنده الشيء الكثير من هذه الودائع، فأمر عليًّا -رضي الله عنه- بأن يتخلف بمكة حتى يؤديها عنه، وصدق الله العظيم: ? قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ ? [الأنعام: 33].
خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة وفارق وطنه حين تنكر له، ووقف على رابية ونظر إلى الحرم وقال: (ما أطيبك من بلد، وأحبك إليّ، ولولا أن قومكِ أخرجوني منكِ ما خرجت).
قال تعالى: ? يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ? [العنكبوت: 56]، وغادر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر مكة مستخفين، وأمر أبو بكر ابنه عبد الله أن يتسمع لهما ما يقوله الناس، وأمر عامر بن فهيرة مولاه، أن يرعى غنمه نهاراً ليضيع آثارهما، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام، وكان أبو بكر -رضي الله عنه- يمشي ساعة بين يديه، وساعة خلفه، ليحميه من المكاره.
ولما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر: مكانَك يا رسول الله حتى استكشف لك ما في داخل الغار، فلما رآه آمنة نزل، ودخلا الغار وبعث الله العنكبوت فنسجت ما بين الغار والشجرة التي كانت على وجه الغار، وأقبلت حمامتان فاتخذت باب الغار مسكناً ووضعت بيضها، ولله جنود السماوات والأرض.
واقتفى المشركون أثر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووقفوا على باب الغار ورأوا نسيج العنكبوت فتحولوا عنه وأنزل الله سكينته عليه.
ووقف أحد المشركين على باب الغار، فقال أبو بكر: يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدمه لرآنا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) ? ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا ? [التوبة: 40].
وأعلنت قريش جائزة ضخمة لمن يأتيها برسول الله -صلى الله عليه وسلم- مئةَ ناقة، وسمع بذلك سراقة بن مالك فطمع في المكافأة وركب فرسه يعدو باحثاً عن محمد -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه.
واستطاع سراقة أن يصل إلى هدفه، إلا أن فرسه عثر به ثلاث مرات، وسقط عنه وتبعه دخان كالإعصار، فأدرك أن الهدف صعب المنال، وهو في حماية الله تعالى، فنادى قائلاً: أنا سراقة بن مالك انظروني أكلمكم فوالله لا يأتيكم مني شيء تكرهونه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر: (قل له: وما تبتغي منا؟). فقال سراقة: تكتب لي كتاباً يكون آية بيني وبينك.
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى)، وعرض سراقة على النبي -صلى الله عليه وسلم- الزاد والمتاع، فلم يقبله الرسول ولم يزد أن قال: (أخفِ عنا).
وتمر الأيام وفي زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- تفتح بلاد فارس ويدعو عمر سراقة ويُلبسه تاج كسرى.
تابع الركب الرحلة إلى المدينة ومر بأم معبد الخزاعية، وكانت عندها شاة خلفها الجهد عن الغنم، فمسح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ضرعها، وسمى الله، ودعا فدرت فسقاها وسقى أصحابه حتى رووا، ثم شرب وحلب فيه ثانياً حتى ملأ الإناء، فلما رجع أبو معبد سأل عن القصة فقالت: لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك ووصفته وصفاً جميلاً. فقال: والله إني لأراه صاحب قريش الذي تطلبه.
وسار الركب يسلك بهما الدليل عبد الله بن أريقط وكانا لما خرجا من أسفل مكة مضى بهما على الساحل، حتى عارض الطريق أسفل من عُسفان، ثم سلك بهما على أسفل أمج، ثم استجاز بهما من مكانه ذلك فسلك بهما الخرار، ثم سلك ثنية المُرة، ثم سلك بهما لقفًا، ثم أجاز بهما مدلجة لقف، ثم استبطن بهما مدلجة محاج ثم سلك بهما مرجح محاج، ثم تبطن بهما مرجح من ذي الغضوين ثم من ذي كشر، ثم أخذ بهما على الجداجد، ثم على الأجرد، ثم سلك بهما ذا سلم من بطن أعداء مدلجة تعن، ثم على العبابيد ثم أجاز بهما الفاجة.
قال ابن هشام: ثم هبط بهما العرج، وقد أبطأ عليهما بعضُ ظهرهم، ثم خرج بهما دليلهما من العرج، فسلك بهما ثنية العائر، عن يمين ركوبة، حتى هبط بهما بطن رئم، ثم قدم بهما قباء، على بني عمرو بن عوف لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، يوم الاثنين حين اشتد الضحاء، وكادت الشمس تعتدل.

منقووول للامانه

أبوبكر أحمد العملة
09-06-2010, 04:28 AM
بارك الله لك.... في كل لحظة وثانية ودقيقة وساعة ويوم وشهر وسنة

ببوابة التعليم المصرى

وجزاكم الله خيراً

الخدمة الجيدة ....تحتاج الى التسويق الأجود


مع خالص تقديرى لشخصكم الكريم
ابوبكر احمد العملة
عضو فريق مجتمع المعرفة بالمنتدى الكريم