المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أوباما لا يختلف عن بوش..إلا في لغة الخطاب!



مستر أحمد خليل
02-01-2010, 06:59 PM
في حديثه عن المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة "ديترويت" ركز الرئيس الأمريكي باراك أوباما علي ان هذه المحاولة تؤكد من جديد ان الحرب علي الارهاب لابد أن تتواصل وتستمر حتي يتم القضاء علي الارهابيين الذين يهددون الجميع وانه يتعين علي الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في كل مكان أن يتعاونوا وأن يستخدموا كل ما لديهم من امكانيات لانجاز هذه المهمة التي يجب أن تتصدر كافة قوائم الأولويات علي مستوي العالم أجمع!!
رأي كثير من المراقبين عن كثب للسياسات الأمريكية سواء الداخلية أو الخارجية ان هذه التصريحات تعني بوضوح ان موضوع محاربة الارهاب عاد ليتصدر قائمة الأولويات الأمريكية بعدما تراجع خلال العام الماضي عمر إدارة أوباما حتي الآن وبالغ بعضهم فشبه المحاولة الفاشلة لتفجير الطائرات بأحداث 11 سبتمبر التي اعتبرت في حينها نقطة تحول لافي السياسات الأمريكية وحدها بل في تاريخ العالم كله!!
والحقيقة ان هذه الحادثة وما تبعها من تصريحات سواء من اوباما أو غيره من المسئولين الأمريكان لا يمكن اعتبارها نقطة تحول في السياسات الأمريكية خاصة الخارجية منها واتجاهها ناحية اليمين كما يقولون لسبب بسيط جدا هو ان سياسات إدارة اوباما لم تكن قد تحولت عما كانت عليه في عهد إدارة بوش علي الأقل من ناحية المضمون حتي يتسني لأحد القول بأنها تتحول الآن من جديد ناحية اليمين وكأنها كانت قد تحولت في عهد اوباما ناحية اليسار!!
الذي يمكن قوله بالتحديد ودون أدني مبالغة ان الحادثة الجديدة قد تكون نقطة انطلاق اعلامي لا غير للاعلان عن سياسات قديمة لم تتغير ولكن تم التعبير عنها بلغة جديدة هي لغة باراك أوباما التي صورت للكثيرين اننا في عهد جديد يختلف عما سبق كان الناس في شوق لسماعها مما جعلهم يحملونها ما لا تحتمل ومن ثم بنوا كثيرا من القصور الشامخة علي رمال نفس الشاطيء الذي ظنوا ان طبيعته الرملية المخادعة قد تحولت بعصا اوباما السحرية إلي أرض أخري يمكنهم البناء عليها.
ويؤكد ذلك ان أحداث 11 سبتمبر ذاتها لم تكن نقطة تحول في السياسات الأمريكية ولكنها كانت دون شك نقطة تحول في الاعلان والتصرف علي اساس سياسات مبيتة بليل قبل ذلك التاريخ بشهور طويلة كما اعترف الأمريكان وحلفاؤهم وخاصة من البريطانيين فيما بعد وعلي المتشكك أن يتابع التحقيقات البريطانية الحالية.
ويؤكد ذلك ايضا موقف إدارة اوباما من جميع القضايا التي ورثتها عن إدارة بوش حيث لم يتغير شيء اللهم إلا لغة الخطاب كما أشرنا. أما المضمون الذي يحويه هذا الخطاب الجديد نسبيا فهو المضمون القديم ذاته دون تغيير.
تعالوا معا نستعرض عددا من القضايا الاقليمية والدولية التي تهم الجميع لنري هل تغير موقف اوباما عن موقف بوش؟!
بالنسبة للقضية الفلسطينية مثلا نجد إدارة أوباما متمسكة بما يسمي حل الدولتين وهو الشعار الذي طرحه أصلا بوش فهل بذلت إدارة أوباما أو هل هي علي استعداد لبذل مجهود حقيقي لتحويل هذا الشعار إلي حقيقة حتي يقال انها مختلفة عن إدارة بوش وان الأولي طرحت الشعار والثانية نفذت أو ساعدت علي التنفيذ؟!
المشاهد انها لاتزال تطرح الشعار بينما ربيبتها اسرائيل تبتلع ما تبقي من الأرض التي يفترض أن تقام عليها دولة فلسطين تقول أمريكا بملء الفم انها لا تستطيع ممارسة أي ضغوط علي اسرائيل فقط لتوقف سياستها الاستيطانية فضلا عن إعادة الأراضي المحتلة للفلسطينيين ليقيموا دولتهم "المنتظرة" عليها.
والأدهي من ذلك انها الإدارة الأمريكية تري ان ما تفعله اسرائيل بما في ذلك القتل والتدمير والطرد والتشريد والاغلاق والحصار وسيلة للدفاع عن نفسها ولذلك وقفت ضد كل محاولات الإدانة الكلامية لما تفعله اسرائيل كما حدث مع تقرير جولدستون.
فأين هو التغيير بينما لا تزال أمريكا تمد اسرائيل بكل ما تحتاجه علي جميع المستويات وبالأخص الأسلحة والمعدات التي تقتل بها الفلسطينيين وتدمر بها ما تبقي من ممتلكات؟!
وفي العراق لاتزال أمريكا تدعم الحكومة التي جاءت بها من خلال انتخابات صورية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية كترسيخ الطائفية والمذهبية والعرقية أي تقسيم العراق تحت مسمي الفيدرالية وربما عن طريق انتخابات جديدة كسابقتها. فأين التغيير؟!
وفي السودان لاتزال أمريكا تعمل علي تقسيمها وتبذل اقصي جهدها لإنشاء دولة جنوب السودان وربما دولة دارفور بعدها. فأين التغيير؟!
وفي أفغانستان تخصص نحو 30 ألف جندي جديد لدعم حكومة "كارازي" التي جاءت بها علي أسنة الرماح ضد رغبة الشعب الافغاني رغم علمها واعترافها بفساده وضعفه فأين التغيير؟!
وفيما يتعلق بعدم انتشار الأسلحة النووية ها هي أمريكا مصرة علي حرمان ايران من برنامجها النووي بينما تسكت سكوت الأموات تجاه اسرائيل التي تملك بالفعل اسلحة نووية بل ها هي تطور علاقاتها مع باكستان والهند إلي حد الشراكة الاستراتيجية وهي كذلك تحتفظ بترسانتها التي تعد الأولي في العالم بينما يتحدث اوباما عن عالم خال من السلاح النووي.. فأين التغيير؟!
وبخصوص الاحتباس الحراري ورغم انها أكبر دولة مسئولة عن هذه الكارثة نجدها تصر في كوبنهاجن علي أن تتحمل الدول الصغيرة والفقيرة التي لا ناقة لها ولا جمل في الموضوع مثل ما تتحمله.. فأين التغيير؟!
وبالنسبة لحرية التجارة نجدها ذاتها تتخذ داخليا اجراءات حمائية وأخري اشتراكية محضة لمواجهة الأزمة المالية التي تسببت فيها بينما تدفع الدول الصغيرة إلي اتخاذ أقصي ما يمكن لتطبيق مبدأ حرية التجارة مهما كان ذلك ضد مصالح هذه الدول. فأين التغيير؟!
ان سياسات أمريكا المتجلية في مواقفها هي نفس السياسات السابقة والفرق الوحيد هو لغة الخطاب أي الكلام وحسب..!!
ان الإدارة الأمريكية الحالية يمينية أصلا وليست في حاجة إلي الميل يمينا الآن كما يقولون مهما انتحلوا لها من أعذار خائبة مثل محاولة فاشلة لتفجير طائرة!