المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفيفا يحارب «العنصرية» بإلغاء المباريات ويصمت على إرهاب وبلطجة الجزائريين



كريم ماضي
01-12-2009, 09:53 AM
كيف يشدد الاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيفا» على ضرورة إلغاء نتائج مباريات كرة القدم التى توجه فيها هتافات عنصرية للاعبين على أرض الملعب من قبل الجماهير فى المدرجات، ولا يبادر بإلغاء نتائج مباريات تمارس فيها الجماهير التشجيع فى المدرجات بالسكاكين والمطاوى والسنج والأسلحة البيضاء؟
تساؤل مطروح بقوة فى الوقت الذى سيعلن فيه الفيفا خلال أيام عن قراره حيال الملف الذى قدمته مصر لإطلاعه على الظروف المؤسفة والأجواء المرعبة التى عاشها منتخب مصر والجماهير المصرية المصاحبة له فى المباراة الفاصلة التى جرت بين مصر والجزائر فى السودان يوم ١٨ نوفمبر الحالى فى إطار التصفيات المؤهلة لمونديال جنوب أفريقيا ٢٠١٠.
فمن يتابع التأييد القوى للفيفا للإجراءات العقابية الصارمة التى اتخذها الاتحاد الأوروبى لكرة القدم «يويفا» برئاسة الفرنسى ميشيل بلاتينى بحق الأندية الأوروبية التى رددت جماهيرها هتافات عنصرية ضد لاعبين أفارقة وأجانب لابد أن يتوقع أن يبدى الفيفا تأييداً مماثلاً لموقف مصر التى عانى لاعبوها وجماهيرها من أجواء إرهابية لا تقل فظاعة عن العبارات العنصرية، بل تزيد شدة وخطورة على مستقبل كرة القدم لو توجهت جماهير الأندية والمنتخبات إلى ملاعب كرة القدم وهى مسلحة بالأسلحة البيضاء بمختلف أنواعها.
وقد جاءت المساندة القوية التى أبداها رئيس الفيفا جوزيف بلاتر للشعار الذى رفعته النقابة الدولية للاعبين المحترفين خلال بطولة كأس القارات بجنوب أفريقيا فى يونيو الماضى بعنوان «البطاقة الحمراء ضد العنصرية» ليؤكد أن الفيفا يرفض أى شكل من أشكال العنصرية والعنف فى الملاعب العالمية.
وذكرت مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية المتخصصة فى كرة القدم أن جوزيف بلاتر أكد خلال حضوره تدشين شعار البطاقة الحمراء ضد العنصرية أن البطاقة الحمراء لا تكفى مثلما لا تكفى العقوبات المالية لردع من يطلقون عبارات وشعارات عنصرية فى ملاعب كرة القدم، وينشرون الحقد والكراهية والعنف بين مختلف أجناس البشر،
ولفت بلاتر فى حضور مجموعة من اللاعبين المحترفين مثل الفرنسى تييرى هنرى والكاميرونى صامويل إيتو والإيفوارى ديدييه دروجبا إلى أن الفيفا ستتخذ اعتباراً من شهر يونيو ٢٠٠٩ عقوبات صارمة على الأندية التى تطلق جماهيرها شعارات عنصرية ومعادية للأجانب تصل إلى حد خصم النقاط من الرصيد وإلغاء النتائج والاستبعاد من البطولات، سواء كانت هذه البطولات محلية أو إقليمية أو دولية، وشدد بلاتر على ضرورة أن تكون ملاعب كرة القدم خالية تماماً من أى شكل من أشكال العنصرية أو العنف من منطلق أن الرياضة هى وسيلة للارتقاء بالأخلاق والتقارب بين الأجناس والشعوب.
وقد جاء موقف الفيفا المتشدد فى مواجهة العنصرية وكراهية الأجانب فى ملاعب كرة القدم فى أعقاب قضية اللاعب الدولى المغربى عبدالسلام وادو لاعب نادى فالينسيان الفرنسى الذى كان قد تعرض فى مباراة فريقه أمام نادى ميتز على ملعب هذا الأخير فى دورى الدرجة الأولى الفرنسى لموسم ٢٠٠٨ لسباب عنصرى استهدف لونه الأسود من قبل أحد مشجعى النادى المنافس،
وكان أحد مشجعى نادى ميتز ويدعى كريستوف إيتش قد ظل يوجه طوال المباراة سباباً عنصرياً لعبدالسلام وادو منها «أيها القرد القذر» و«أيها الزنجى الوضيع» وهى بذاءات لم يتحملها عبدالسلام وادو الذى فضل السيطرة على أعصابه ليترك أرض الملعب من دون إذن حكم المباراة صاعداً المدرجات فى محاولة للوصول للمشجع العنصرى لمعرفة الأسباب التى تجعله يوجه إليه هذه العبارات الكريهة، غير أن الأمن حال دون وصول عبدالسلام وادو إليه حفاظاً على سلامته.
وكانت مباراة ميتز وفالينسيان قد انتهت بفوز ميتز بهدفين لهدف واحد ليفوز ميتز بنقاط المباراة الثلاث، غير أن الاتحاد الفرنسى لكرة القدم بادر بإلغاء نتيجة المباراة، واعتبر نادى ميتز مهزوماً بهدفين للاشىء ليهبط إلى دورى الدرجة الثانية بعد أن كانت النقاط الثلاث التى حصل عليها بالفوز على فالينسيان كفيلة بالمساهمة فى تدعيم كفاحه من أجل البقاء فى دورى الدرجة الأولى الفرنسى، وقد أيد ميشيل بلاتينى رئيس يويفا بقوة قرار الاتحاد الفرنسى لكرة القدم مطالباً الحكام الأوروبيين بالمبادرة على الفور بإيقاف أى مباراة تطلق فيها هتافات عنصرية أو أحداث عنف واتخاذ قرارات بإلغائها على الفور،
وأكد بلاتينى أن الاتحاد الأوروبى قرر عدم التسامح مع أى أعمال عنصرية أو أعمال عنف فى الملاعب الأوروبية، مشيراً إلى أنه أطلق على مبادرته شعار «التسامح صفر» (توليرانس زيرو) أى رفض التسامح فى مواجهة العنصرية ولو بنسبة صفر فى المائة.
ومن جانبه، أعرب رئيس نادى فالينسيان فرانسيس دو كوريير عن أمله بأن يتم إعادة مباراة ناديه مع ميتز بدون مشجعين عنصريين أمام أطفال مدارس المدينتين حتى يتعلم الأطفال منذ نعومة أظافرهم أن مباريات كرة القدم يمكن أن تلعب فى ظروف جيدة وليس وسط أجواء من العنف والعنصرية والكراهية.
وكان المشجع العنصرى قد مثل أمام القضاء الفرنسى، الذى قرر اتخاذ أقصى عقوبة مقررة فى مثل هذه الحالات فى القانون الفرنسى، وهى منعه من مشاهدة مباريات كرة القدم فى الملاعب لمدة ٣ أشهر مع منح اللاعب المغربى الدولى عبدالسلام وادو حق طلب التعويض غير المحدود.
ومن جانبه، رفض حكم مباراة كرة القدم بين فريقى باستيا وليبورن فى الدورى الفرنسى للدرجة الثانية للموسم ٢٠٠٨/٢٠٠٩ بدء مباراة الفريقين إلا بعد أن أزيلت من المدرجات لافتة عنصرية استهدفت لاعب ليبورن وبوركينا فاسو (سوليتار كيبيه) وقد بادرت لجنة العقوبات بالاتحاد الفرنسى لكرة القدم بخصم نقطة من رصيد نادى باستيا حتى يردع جماهيره عن رفع شعارات عنصرية فى المدرجات.
وفى الوقت نفسه، بادر كل من رئيس الفيفا جوزيف بلاتر ورئيس اليويفا ميشيل بلاتينى بتأييد قرار لجنة العقوبات بالاتحاد الفرنسى من أجل الحفاظ على الأخلاق فى كرة القدم.
وكان ميشيل بلاتينى، رئيس الاتحاد الأوروبى لكرة القدم، قد عتب على حكم مباراة اليوفنتوس وإنتر ميلان فى الدورى الإيطالى لكرة القدم فى موسم ٢٠٠٨/٢٠٠٩ عدم إنهاء مباراة الفريقين بعد أن تعرض اللاعب السويدى زالاتان إبراهيموفيتش لاعب إنتر ميلان لهتافات معادية للأجانب رغم أنه أبيض اللون.
وقد بادر أيضاً رئيس الفيفا جوزيف بلاتر بانتقاد ما تعرض له إبراهيموفيتش الذى يلعب حالياً لنادى برشلونة الإسبانى مطالباً الحكام بسرعة إيقاف المباريات فى حال حدوث أى تجاوزات من الجماهير فى المدرجات حيال اللاعبين أو الجماهير المضادة بسبب مسائل تتعلق باللون أو الدين أو العرق أو العنف.
وقد ساهمت هذه الإجراءات الفاعلة التى اتخذت فى البطولتين الفرنسية والإيطالية وبعض البطولات الأوروبية الأخرى إلى تراجع الأعمال العنصرية فى الملاعب الأوروبية بشكل كبير بعد أن أبدى الاتحادان الدولى والأوروبى مواقف متشددة لاستئصال العنصرية من جذورها بتحميل الأندية مسؤولية تجاوزات جماهيرها فى المدرجات.
ويؤكد المصرى محمد الدرديرى -وهو أحد الناجين من إرهاب الجزائريين بالسودان- أنه لو كانت إسرائيل قد واجهت الجزائر فى نفس الأجواء الإرهابية التى واجهت فيها مصر الجزائر خاصة قيام الجماهير الجزائرية بالتلويح للجماهير المصرية وللاعبين المصريين بالسكاكين والسنج والأسلحة البيضاء لبادر الفيفا على الفور بإلغاء نتيجة المباراة ولمنعت الجزائر من التأهل لكأس العالم بتهمة «معاداة السامية».
ويتساءل مشجع مصرى آخر رافق المنتخب المصرى إلى السودان ونال قدراً من الضرب على يد المشجعين الجزائريين «لماذا لم تثر وسائل الإعلام الغربية ضد اتهامات الجزائريين الباطلة لمصر بالتواطؤ ضد حماس خلال العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة فى الشتاء الماضى وهى التى اعتادت على ألا تغفل شيئاً قد ينزل الضرر من قريب أو بعيد بإسرائيل؟،
ويجيب مشجع آخر عن هذا السؤال المحير قائلاً: «إنها يا أخى المصالح بالمليارات فقنوات التليفزيون الفرنسية التى أنفقت ما يقرب من ٤٥٠ مليون يورو «٤ مليارات جنيه تقريباً» للحصول على حقوق بث مباريات مونديال ٢٠١٠ بجنوب أفريقيا تضغط بقوة للحفاظ على مصالحها فجماهير الجزائر والجزائريون فى فرنسا لا يشاهدون القنوات العربية التى تذيع المونديال مثل الشعب المصرى بل يشاهدون القنوات الفرنسية المشفرة التى حصلت على حقوق البث التليفزيونى لكأس العالم مثل «قنال بلوس» و«إم ٦» و«تى إف ١»، وفى الواقع فإن هذه القنوات تأمل فى أن تحقق أرباحاً تصل إلى ١٢ مليار جنيه أى ثلاثة أضعاف ما أنفقته..
ولن يتأتى لها ذلك بكل تأكيد إلا بمشاركة المنتخب الفرنسى والمنتخب الجزائرى، ويذكر أن الفيفا كان قد اتخذ قراراً بعدم إعادة مباراة فرنسا وأيرلندا فى التصفيات المؤهلة لمونديال ٢٠١٠ عن قارة أوروبا رغم أن تييرى هنرى مهاجم فرنسا اعترف بتعمد لمس الكرة بيده لكى يستطيع تمريرها إلى زميله جالاس الذى أحرز هدف التعادل لتتأهل فرنسا بدون وجه حق بعد أن كانت قد فازت فى مباراة الذهاب فى أيرلندا بهدف للاشىء.
والغريب فى الأمر أن الفيفا بادر باتخاذ قرار عدم إعادة مباراة فرنسا وأيرلندا بعد مرور أقل من ١٣ ساعة فقط من انتهاء المباراة ضارباً عرض الحائط باحتجاجات أيرلندا تلك الدولة الصغيرة التى تجرأت على الحصول على الاستقلال عن بريطانيا العظمى.
ومن جانبه، يتساءل أيمن يونس عضو الاتحاد المصرى لكرة القدم عن كيفية «قيام الفيفا باتخاذ مواقف حازمة فى مواجهة العنصرية وكراهية الأجانب ولا يتخذ مواقف مماثلة فى مواجهة ترويع لاعبى الفريق المنافس وجماهيره بالتشجيع بالأسلحة البيضاء».
وأضاف أيمن يونس أن من يحمل سكيناً ومطواة وخنجراً لا يقل خطورة عمن يحمل لسانا عنصرياً بذيئاً، مشدداً على ضرورة اتخاذ إجراءات عقابية فى مواجهة المنتخب الجزائرى لكرة القدم، على أن تتساوى هذه العقوبات مع العقوبات التى اتخذت من قبل بحق أندية أوروبية مارس مشجعوها فى المدرجات الهتافات العنصرية.
ويحذر أيمن يونس من أنه لو لم يتخذ الفيفا قراراً بإلغاء نتيجة مباراة مصر والجزائر فى الخرطوم وفقاً للدلائل التى تضمنها الملف الذى قدمته مصر، فإن ذلك سيكون من شأنه تحويل ملاعب ومدرجات كرة القدم إلى ساحة للقتال بين الأندية والمنتخبات، وتساءل أيمن يونس كيف تتصرف مصر لو تقابلت مع الجزائر فى أحد الأدوار المتقدمة فى بطولة كأس الأمم الأفريقية التى ستجرى فى يناير القادم فى أنجولا فى ظل الظروف الرهيبة التى جرت فيها مباراة المنتخبين فى أم درمان بالسودان،
ولفت إلى أنه لن يكون أمام المنتخب المصرى وجماهيره فى هذه الحالة إلا حلان لا ثالث لهما إما أن تنسحب مصر من المباراة وتعتبر مهزومة ٢/صفر وفقاً للوائح.. وإما أن تصطحب معها جماهير من نوعية معينة يتم تسليحها بالسنج والجنازير والسكاكين والمطاوى لمواجهة الجماهير المنافسة المدججة بالأسلحة البيضاء.
ويتفق مجدى عبدالغنى عضو الاتحاد المصرى لكرة القدم مع رأي زميله أيمن يونس محذراً من أن من يتسامح مع جماهير تلوح بالسكاكين والمطاوى فى مدرجات كرة القدم يعرض مستقبل كرة القدم فى العالم لمخاطر لا تقل خطورة بل تزيد على التلويح بشعارات عنصرية وأخرى كارهة للأجانب.
ويتساءل مجدى عبدالغنى: كيف يمكن أن يتجاهل الفيفا كارثة تشجيع الجماهير الجزائرية لفريقها بالأسلحة البيضاء؟ أكان هذا تشجيعاً أم ترويعاً وإرهاباً؟ وأكد أن الاتحاد المصرى لكرة القدم سلح ملفه المقرر تقديمه إلى الفيفا فيما يتعلق بظروف أحداث مباراة مصر والجزائر بمشاهد تليفزيونية حية تظهر الجماهير الجزائرية وهى تلوح باتجاه المصريين بالسكاكين والمطاوى والخناجر ويذكر أن الفيفا اعتاد ألا يلغى نتائج مباريات كرة القدم إلا إذا كانت الأحداث قد جرت خلال التسعين دقيقة سواء فى أرض الملعب أو فى المدرجات.
وأكد عبدالغنى أن تلويح الجزائريين بالأسلحة البيضاء للجماهير المصرية وللاعبى منتخب مصر خلال مباراة مصر والجزائر الأخيرة بالسودان كان فى إطار المباراة وليس خارجها.
كما تساءل عبدالغنى عما كان يمكن أن يحدث لو كانت مصر قد فازت بالمباراة فى حضور جماهير مسلحة، وأخرى مسالمة يتكون غالبيتها من فنانين وصحفيين وشخصيات عامة فى مواجهة جماهير تم اختيارها بدقة وفقاً لقوتها البدنية.
وكانت بعض الجماهير الجزائرية قد أكدت على شبكة الإنترنت أنها أصبحت أكثر تحمساً لمنتخبها بعد فوزه على مصر فى مباراة أم درمان وتأهله لكأس العالم، وأن جماهير من نوعية أشد مما كانت فى أم درمان ستتجه إلى أنجولا لمؤازرة منتخبها فى كأس الأمم الأفريقية القادمة.
ويبقى السؤال المهم، وهو على ماذا سيقع اختيار مصر فى حال تغاضى الفيفا عن اتخاذ إجراءات عقابية صارمة فيما جرى من أحداث مؤسفة فى استاد أم درمان.. هل ستختار الانسحاب فى حال تقابلت مع الجزائر فى دور متقدم فى إطار منافسات بطولة كأس الأمم الأفريقية القادمة بأنجولا لتعتبر منسحبة ومهزومة بهدفين للاشىء، أم ستسلح نفسها بجماهير من نوعية خاصة تنقلهم الطائرات العسكرية وتكون قادرة على رد هجوم المشجعين بهجوم مماثل. إجابة هذا التساؤل يمكن العثور عليها فى قرار الفيفا المقرر صدوره غداً «الأربعاء» بعد أن تقدمت كل من مصر والجزائر بملفيهما إليه.